المبحث الأول: تعريف اكتساب اللغة عند الطفل المطلب الأول: تعريف اللغة والاكتساب والطفل أولا: مفهوم اللغة أ-لغة: "يأتي معنى اللغة ضمن مادة (لغو) واللغو كما ذكر "ابن فارس" يدل على اللهج بالشيء ومنه قولهم: َلِغي بالأمر، أي َيْلَهج صاحبها بها". ب-اصطلاحا: أ-لغة: أو كسب: أصاب، وفلان طيب الَمْكسِب والَمْكِسب والَمكسَبِة". ب-اصطلاحا: ويقول تشومسكي: هو عبارة عن استخدام تفاصيل مختلفة داخل بيئة فطرية ثابتة6" ، وأيضا: "الاكتساب خاصية تميز لغة الإنسان عن لغة علة الحيوان التي تبدو وكأنها تنتقل بالمورثات (الجينات)، فالأطفال لا لغة لهم عند الولادة، ولكنهم يكتسبونها تدريجيا عن طريق السماع المستمر للناطقين بها ومحاولة استنباط معناها من المقام، وبعدها يصبحون قادرين على إنتاج جمل لم يسمعوها من قبل". 2014، ص31. 2-عبد الرحمان أحمد البوريني، 1419/1998، ط1 ، 1429/2005، ص1414. ت، ص227. 2003، اللغة بين الاكتساب والتعلم نماذج من رياض ومدارس الأطفال بمنطقة الرويبة، أ-لغة: والجمع: أطفال والطفل والطفلة: الصغيران، والطفل والصغير من كل شيء". ب-اصطلاحا: "الطفولة أو الصغر: هي وصف يلحق الإنسان من مولده إلى حين بلوغه الحلم، وفي معجم لغة الفقهاء "الطفل بكسر السكون، الصبي من حين الولادة إلى البلوغ فالطفولة تبدأ بعد الولادة وتنتهي بالبلوغ كما ورد في التعريف الاصطلاحي". وقد أخذ مصطلح "وظيفة" عدة تفسيرات منذ ذلك الوقت. يوجد للغة عدة وظائف منها: 1الوظيفة النفعية: تسمح للمستخدم منذ سن الطفولة بالتعبير عن حاجاته ورغباته وما يريد من محيطه، وأيضا "هي التي تتعامل مع البيئة لتؤدي إلى أحداث معينة، مثل "تقترح اللجنة منح هذا الطالب درجة الماجستير" أو "لا تلمس الموقد" أو "على رسلك" فكل ذلك أحداث اتصالية تؤدي إلى وجود ظروف معينة". 2.الوظيفة الاجتماعية: "فاللغة هي نتاج اجتماعي لملكة اللسان" 4، 1419/1998، حقوق الطفل في الأسرة والمجتمع، ت، ص364. أسس تعلم اللغة وتعليمها، 2004، إن اللغة هي الطريق الوحيد التي تنتقل عبره العادات والتقاليد فهي "مرآة الأمة، وهي سبيل الحضارة بما توفر للأجيال اللاحقة من تراث تؤسس عليه التكامل الحضارة وتتواصل فتتطور" 1 4الوظيفة الرجعية: "تتمحور هذه الوظيفة حول المرجع أو السياق، وتجد هذه الأخيرة حضورا قويا في اللغة العادية، وأسماء الأعلام، وأزمنة الأفعال". 5الوظيفة التعبيرية: وهي تعتبر أيضا وظيفة انفعالية، "تسمح للمرسل التعبير عن موقفه". 3والوظيفة الانفعالية بتركيزها على المرسل فإنها تنزع إلى التعبير عن عواطف المرسل ومواقفه إزاء الموضوع الذي يعبر فيه، لأن الأول يستعمل آليتين اثنتين لتكون أولهما فيزيولوجية في النبر والتفخيم والترقيق، والجهر والهمس، وارتفاع الصوت والمحاورة، بينما تكون الثانية دلالية صرفية تدركها من المسننات المتعارف عليها في المجتمع المتخاطب مثل صيغة التعجب والاستغاثة والندبة. لأن الجانب الفيزيولوجي للدوال يدمر عندما يتحول الخطاب من صيغته المنطوقة إلى صورته المكتوبة خطيا، الوظيفة الفكرية: 2012، العدد1، الشلف الجزائر، الجزائر، ط1 ، 1428/2007، عمان، ط1 ، 1432/2011، ص211. 7.الوظيفة التأكدية (الانتباهية): 1-حسن بدوح، المحاورة مقاربة تداولية، المرجع السابق، ص5 المبحث الثاني: عوامل وآليات ومراحل اكتساب اللغة والنظريات المفسرة للاكتساب اللغة المطلب الأول: عوامل وآليات اكتساب اللغة أ-العوامل: أولا: عوامل عضوية ووراثية الجنس: " وجدت بعض الدراسات أن النمو اللغوي عند البنات أسرع مما هو عليه عند البنين ولا سيما في السنوات الأولى من العمر، في حين أظهرت دراسات أخرى عدم وجود فروق بين البنين والبنات، ويبدو من النتائج التي خرجت بها أغلب الدراسات وعلى وجه العموم، أن البنات يبدأن المناغاة قبل البنين، وأن قدرتهن على تنويع الأصوات أثناء المناغاة تفوق قدرة الذكور ويستمر تفوق البنات على البنين خلال مرحلة الرضاعة وفي كل جوانب اللغة". 1 وبعد سن الخامسة نجد أن الإناث يتساويان مع الذكور في المفردات، ولا يوجد فرق بينهم في النمو اللغوي. مستوى الذكاء: توجد علاقة إيجابية بين النمو اللغوي والذكاء، وتظهر في جوانب عديدة منها بدأ الكلام، كما أن هناك علاقة واضحة بين الذكاء والقدرة اللغوية، وفهم المعنى وإدراك الفروق التي بين المعاني المختلفة، وهذه كلها عوامل تساعد على النمو اللغوي. أما الأغبياء وضعاف العقول يتأخرون في النطق، ويكون النمو اللغوي عندهم بطيء، وقد دلت الباحثة (Mead) أن الكلمة الأولى تبدأ في الظهور عند الطفل الموهوب في وعند الطفل المتوسط الذكاء في عمر 15شهرا، النمو اللغوي والمعرفي للطفل، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع، ص 53. عويدات للنشر والطباعة، بيروت لبنان، د. ت، ص57. 3-أديب عبد الله النوايسة-إيمان طه طايع القطاونه، النمو اللغوي والمعرفي للطفل، مرجع سابق، ص54. ثانيا : عوامل بيئية و ثقافية المستوى الاقتصادي و الاجتماعي: ان الاطفال الذين ينشؤون في البيئات ذات المستويات الاجتماعية و الاقتصادية المرتفعة يتكلمون أفضل و أسرع و أدق من أطفال البيئات ذات المستويات الدنيا ذلك لأنهم ينشؤون في بيئة مجهزة بوسائل الترفيه كما أن تفاعلاتهم مع محيطهم البيئي أثرى و أوسع. المحيط الاسري: تعد الاسرة العامل الاكثر أهمية في نمو لغة الطفل فالعلاقة الطبيعية بين الام أو من يقوم مقامها والطفل وتشجيعه واثابته على اصدار الاصوات واعادة ما يسمع أو التلفظ ببعض الكلمات والأصوات كل هذا يشجعه على تعلم اللغة بشكل جيد. وعكس ذلك يحدث عند غياب الام عن طفلها، اذ ان غياب الام يعوق نمو الطفل وقد يفقد موهبة الكلام التي اكتسبها حديثا عند غياب الام عنه لفترة طويلة. أما التعاون بين الوالدين فيخلق جوا هادئا ينشأ فيه الطفل بشكل متزن وهذا الاتزان العائلي يترتب عليه غالبا اعطاء الطفل الثقة في نفسه، مشكلات الطفولة والمراهقة، 2-سناء الخولي، الأسرة والحياة العائلية، د. ط، دار النهضة العربية، بيروت، ص ص57-58. ب-آليات اكتساب اللغة: 1القدرة على الكلام: ويقصد به سلامة الجهاز العصبي والمخ والحواس المسؤولة على نقل الرسالة الحسية وفك الترميز اللغوي، وذلك يكون عن طريق إدراك جميع المعاني مع الحركية بصفة عامة. فمن معاشه يستخلص المعاني، والمعرفة التي يكتسبها عن نفسه أولا ثم عن الأشخاص والعالم المحيط به، 1-بلقاسم جياب، آليات اكتساب اللغة وتعلمها، جامعة محمد بوضياف، المسيلة، العدد2 ، 2015، وهي مرحلة تمهيدية واستعدادية، يصدر الطفل أصواتا لا إرادية وغير مفهومة، والأم هنا تلعب دورا رئيسيا حيث أثبتت الأبحاث المختلفة أن بداية تواصل الأم مع طفلها منذ أن يكون جنينا في رحمها حيث يستقبل صوتها، وقد تمكن الباحثون من تجسيد هذه العملية داخل المخبر. وتتجسد هذه العلاقة بين الأم وطفلها من خلال التصرفات العاطفية مثل ضمه إلى صدرها ومداعبته، وتضم هذه المرحلة ثلاثة فترات، وهي: تبدأ هذه الفترة بالصرخة الأولى في ولادته، وهو أول سلوك صوتي يقوم به الطفل، وهي ردة فعل فيزيولوجي آلي "فوظيفة الصرخة الأولى بعد الميلاد هي التنفس وتجهيز الدم بذلك بقدر من الأكسجين، ويضل الصراخ بعد هذا مصاحبا للتنفس والكحة والبلع وغير ذلك من العمليات المماثلة". 2.فترة المناغاة: عند بلوغ الطفل شهرين يتطور الصراخ إلى المناغاة التي تقوم على التلفظ الإرادي ببعض المقاطع الصوتية و يتخذها الطفل غاية في حد ذاتها فلا يعبر بها عن شيء و إنما يكررها و كأنه يلهو بترددها، وهناك فروقات تميز لنا بين الصراخ والمناغاة، اللغة عند الطفل من الميلاد إلى السادسة، دار المعارف، مصر، 1955، 2-صالح الشماع، المرجع نفسه، ص ص61-62. وأثبتت الدراسات أنه تظهر المناغاة بشكل جيد في الشهر السادس وتصل إلى القمة في الشهر الثامن ثم تبدأ بالتقهقر إلى أن تنعدم في مرحلة الكلام في الشهر الخامس عشر، ففي الشهر الخامس الى السادس يفتخ الطفل فمه لتخرج منه أصوات مثل (أغ_ أغ) ونتيجة دخول الهواء الى التجويف الفمي دون اي عائق يبدا في نطق الحروف الحنجرية مثل (أ) وبعده تظهر الحروف الشفهية (م، ب، و) في هذه المرحلة يجب على الام ان تناغي مع طفلها لان المناغاة هي الطريقة المثلى لتعليم اللغة في هذه الفترة يحاول الطفل التقليد للأصوات التي يسمعها من حوله وخاصة ما كان صوتا بشريا، وهو إذ يفعل ذلك إنما يخترع كلمات من صنعه هو وعلى الراشد أن ينتبه لها وأن يخاطبه بها لكي يتفاهم معه. وهذا الانتقال من المناغاة إلى التقليد لا يكون فجائيا لان الأطوار اللغوية في الواقع هي متداخلة ولا يمكن أن نحدد لكل منها زمنا معين، على انه يمكن القول ان الطفل لا يكاد يبلغ السنة حتى تظهر على سلوكه اللفظي بوادر التقليد فيصبح قادرا على اعادة لفظة يتلفظها الكبار و في السنة الثانية يظل يردد الكلمات و كانه يريد ان يجعلها راسخة في ذهنه . ويطلق على هذه المرحلة بمرحلة الكلام حيث يتمكن الطفل في هذه المرحلة من استعمال اللغة لأنه تمكن في هذه الفترة من اكتساب سلوك اجتماعية من ضمنها اللغة وهذه الأخيرة أداة للتواصل. وتتكون هذه المرحلة من مراحل وهي: 1مرحلة الكلمة الواحدة: تأتي هذه المرحلة بعد التقليد اللغوي فالكلمات لها دور في تطور وارتقاء اللغة عند الطفل. ويرى الباحثون أن أول الحروف ظهورا عند الطفل هي الحروف الساكنة "فتبدأ الحروف الساكنة في الظهور عندما تأخذ الحركة الانقباضية أو الانكماشية في أعضاء الجهاز الكلامي شكلا أكثر تحديدا ويرجع ذلك إلى النضج الجسمي للطفل، وأول الحروف الساكنة ظهورا هي الحروف الأمامية وتنقسم إلى قسمين حروف شفهية (نسبة إلى الشفاه) مثل الحرف "ب" وحروف سنية (نسبة إلى الأسنان) مثل الحرف "د" و "ت" وبعد ذلك يبدأ بنطق الحروف الحلقية (نسبة إلى الحلق) مثل "أ" وترجع أسبقية ظهور تلك الحروف إلى أن الطفل حين يستعد للقيام بما يتوقعه من الرضاعة، تكون الأصوات التي يصدرها قريبة من الشفتين أو الأسنان". 2.مرحلة الكلام الحقيقي: وتسمى بمرحلة الكلمة الجملة، حيث يستطيع الطفل على النطق بكلمة مكونة من عدة مقاطع قصيرة، وتنمو لغته الاستقبالية والتعبيرية فيستطيع الإجابة على تساؤلات الآخرين، ويستطيع اختيار الكلام المناسب للمواقف المختلفة، ويقلد الأصوات ويكمل الجمل الناقصة وغير ذلك". بحيث تزداد ثراء وخصوبة سواء من حيث المعجم أو معاني الأسماء، الأدوات، الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، مظاهر اللغة عمر الطفل بدأ الاستجابة لبعض الكلمات التي يسمعها 9أشهر 12شهرا النطق بخمسة كلمات او أكثر، فهم الاسئلة البسيطة، الاشارة الى تسمية بعض الاجسام المألوفة، تميز بعض حروف الجر. 24شهرا تسمية ثلاثة اشياء مألوفة في الصورة المعروضة عليه، حكاية قصة قصيرة 3سنوات استعمال كلمة وصفية مع صورة، تعريف الكلمات بما تستعمل فيه مثل السكين للقطع، كرسي نجلس عليه، فهم ثلاث كلمات أو أكثر من القائمة المعطاة له فهم بعض كلمات المزاج، خلو الكلام من أصوات الطفولة اللاهي 4سنوات المطلب الثالث: أهم النظريات المفسرة لاكتساب اللغة: "لقد ظهرت العديد من النظريات التي تفسر اكتساب اللغة وكان من أبرزها:" 1النظرية السلوكية: تعتبر النظرية السلوكية من أقدم النظريات التي قدمت قواعد وقوانين للتعلم البشري استنادا إلى تجارب ميدانية على الحيوانات . يكتسـبه الطفـل منـذ ولادته عن طريق المحاكاة والتقليد والتكرار فيترسخ هذا السلوك شيئا فشيئا ليتحول إلى عـادة لغويـة كسـائر العـادات السلوكية الأخرى المكتسبة، وهو ما بينه واطسون (1919) Watson حينما قال "أن الكلام ما هو إلا حركة في الرئتين والحنجرة وباقي أعضاء الأجهزة النطقية وخاضع أصلا للقوانين التي تتحكم بالحركة جميعا . ودعمه في ذلـك بلومفيلد " Blomfieldفي كتابه" اللغة عام (1933) معتبرا اللغة ما هي إلا مجموعة ردود الأفعال المشـروطة. الترابط والاقتران: يعني أن اللفظ حسب أوزقود (1957) Osgod يكتسب عن طريق عملية الاقتران بين اللفظ وبين المثير أي الشيء الدال على اللفظ، البيت، الحضانة، ورياض الأطفال مكتبة الفلاح، الإمارات العربية المتحدة، 2005، ص. 53 2-الحمداني، موفق اللغة وعلم النفس، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1982، ص189. -المحاكاة و التقليد :بما أن الطفل يعيش في محيط اجتماعي فإنه يسمع إلى كلمات ومفردات وجمل مختلفة وهو الأمـر الذي يدفعه إلى محاولات محاكاة وتقليد لغة وكلام ونطق الكبار في مواقف وسياقات متعددة. - الإشراط :يعني اكتساب المفردات يستند أيضا إلى مفهوم الاشراط الكلاسيكي ، فعند منعنا الطفل من القيام بعمل ما بقولنا له "لا تفعل ذلك " مع ضربنا لليد، تصبح الضربة مثيرا غير شرطيا لسحب اليد، و كلمة "لا " تكون مثيرا شرطيا. - التعزيز: فالطفل حينما يطلب شيئا فليكن خبزا أو حليبا أو شيئا آخر فيستجاب له بتقديمه إياه ، تصبح تلك الاستجابة نوعا من التعزيز للفظ المنطوق . وقد أضاف ثروندايك ثلاث قوانين أخرى للنظرية السلوكية تفسر عملية الاكتساب: * قانون المحاولة والخطأ: حيث أن الطفل في مراحل حياته الأولى عندما يبدأ في اكتساب اللغة الأولى يستعمل طريقـة المحاولة والخطأ مثل عملية المشي بمعنى يستعمل مفردات وصيغ لغوية وبعد تبين خطئها يصححها وهكذا. * قانون الأثر: الذي يبنى على أهمية تعزيز إجابات المتعلم من خلال مكافأته على الإجابات المتعددة وتصحيح الأخطاء. * قانون التدريب:أي أنه كلما تدرب ومارس اللغة وداوم على استعمال وتوظيف المفردات و الجمل كلما اكتسبها. انتشارًا ليس فقط في الجامعات الأمريكية إنما أيضا الجامعات الأوروبية والتي ترجع النمو اللغوي إلى العوامل العقلية الفطرية، يجب ألا تقتصر على النظر في ظاهر اللغة (الأداء)، وكذلك من إخضاع الجمل البسيطة إلى عدد من التحويلات، كما أنها تمنع تكوين جمل غير صحيحة لا يقبلها الناطقون بهذه اللغة. 1-خالد عبد السلام، دور اللغة الأم في تعلم اللغة العربية الفصحى في المرحلة الابتدائية بالمدرسة الجزائرية، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة سطيف، 201، ص ص 155-156. 2-هدى محمد قناوي، حسن مصطفى عبد المعطي، علم النفس النمو، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، 2001، ص407 مبادئها: أ. اللغة خاصية إنسانية: عندما يتكلم تشو مسكي عن قدرة الإنسان على إنتاج عدد غير متناه من الجمل، فهو يشير إلى المظهر الإبداعي الخاص باللغة الإنسانية، وبالتجدد عبر بناء جمل جديدة، ب. الميل الفطري لاكتساب اللغة: صرح تشومسكي أن اللغة لا تكتسب فقط بالتعلم، وصمم على أن الأطفال يولدون ولديهم ميل للارتقاء اللغوي مثلما يمتلكون القدرة الكامنة على المشي، كما يعتقد أنهم يرثون التركيب البيولوجي لأعمال السمات اللغوية العامة، وهذا التركيب يهيئه نضج الجهاز العصبي المركزي. ج. عملية اكتساب اللغة والبنى العقلية الفطرية: إن فضل تعّلم الطفل اللغة – حسب تشومسكي – يرجع إليه لا إلى بيئته إذ يؤكد على الجوانب التركيبية أو التشريحية العصبية والعضلية الموروثة والتي تسمح للطفل بتحليل المعلومات التي يتسلمها من بيئته، وتمكنه من استخلاص التركيبات القواعدية أو ابتكارها، وينظر إلى قدرة الطفل على اكتساب اللغة باعتبارها نضج بما هو بيولوجي موروث ومحدد، د. الكفاءة اللغوية/ الأداء:" الكفاءة اللغوية الموجودة في ذهن البشري ترجع إلي المعرفة اللغوية المتفق عليها بين المتكلم والمستمع؛ هذه الكفاءة غير مدركة بل ليست ملاحظة أيضا، أو يمكن قياسها ومعرفتها، فلكي يتمكن عالم اللسانيات البنيوي وصف هذه الكفاءة فان عليه أن يعتمد علي الأداء اللغوي الذي يرجع الى الاستعمال الحقيقي والفعلي للغة. والواقع أن الأداء اللغوي يعكس الكفاءة اللغوية التي هي الهدف الأول من التحليل اللساني الذي هو بطبيعته تحليل استقرائي تجريبي يعتمد علي التحقيق والدقة، والتثبث اللغوي؛ 3.النظرية المعرفية: لقد كان بياجيه Peaget من أبرز الباحثين الذين ربطوا نمو اللغة بالنمو المعرفي فعندما يكون الطفل مخططا معرفيًا فإنّه يستطيع تطبيق المدلول اللغوي عليه. والتكيّف مع الرسالة الذين يودون نقلها إليه حتى يضعوا في اعتبارهم ما الذي قد لا يعرفه الشخص الذي يتحدثون إليه. 4.النظرية الاجتماعية : إذ كان النمو اللغوي يتم حسب النظرية المعرفية بفضل القدرات المعرفية و هي نتاج الذكاء لإنتاج المفهوم السلوكي و أن اكتسابها و تطورها له علاقة بالوظيفة الاجتماعية التي يتزعمها فيجوتسكي كيفما كان ، كلاميا أو غير كلامي ، فإنه يمتاز بطابعه الاجتماعي التفاعلي. حيث يرى (Vygotsky) أن تدفق الأفكار لا يصاحبه ظهور متزامن للكلام فحسب رأيه أن العمليتان ليستا متماثلتان و لا يوجد تطابق بين وحدات التفكير وحدات الكلام فالتفكير لا يتم التعبير عنه في كلمات و لكنه يأتي إلى الوجود من خلال الكلمات و الكلام الداخلي الذي هو ليس مجرد النطق الصوتي للجمل و انما هو شكل خاص من أشكال الكلام تقع بين التفكير و الكلام المنطوق . ان عملية الاكتساب اللغوي و تطورها حسب فيجوتسكي تتم في إطار تفاعل اجتماعي و قد انصبت كل أفكار هذا المفكر حول الوظائف النفسية العليا كالذاكرة ، و التفكير الكلامي . حيث يرى Vygotskyان تطور هذه الوظائف انما هو نتيجة عملية اجتماعية تحدث في إطار التفاعلات. بمعنى ان مصدر اللغة هو ذلك التفاعل الاجتماعي الحاصل بين الطفل والراشد في نظام اجتماعي. 1-بوحدي هندة، مطبوعة مقياس النمو اللغوي سنة ثانية ليسانس أرطوفونيا، جامعة الجزائر2، الجزائر، 2020. المبحث الثالث: النمو اللغوي المطلب الأول: مفهوم النمو اللغوي و النمو اللغوي هو تطور ونماء للمفردات و نطقها و جمل و تركيبها و الدلالات و توظيفها و هذا ما يجعل التميز واضحا بين الفئة العمرية الواحدة كما أن النمو اللغوي هو قدرة الطفل على تتبع المخطط و التسلسل الطبيعي لمراحل اللغة، هذا يعني ان النمو اللغوي ليس سلوكا لفظيا فحسب بل يسبقه التسلسل الطبيعي أو المنطقي لاكتساب اللغة . يمر الطفل في مراحل نموه للغة بتطورات لغوية كبيرة فيؤثر بجملة من التفاعلات و الانفعالات الداخلية و الخارجية و يستقبل جملة من المؤثرات و الاستجابات البيئية التي من شانها ترك البصمات الاولى في تنفيذ قدراته اللغوية و تحديد طريقة اكتسابه للغة. المطلب الثاني: مظاهر النمو اللغوي اولا: النمو اللغوي في الطفولة المبكرة : ان مرحلة الطفولة المبكرة تغطي الفترة العمرية ما بين 3 الى 6 سنوات و يذهب بعض الباحثين الى أن هذه المرحلة تمتد ما بين سنتين الى 6سنوات ، وقد أجمع الباحثين على أهمية هذه المرحلة و احتلالها مكانة بارزة في تطور الطفل في مختلف جوانب النمو . يتميز النمو العقلي في هاته المرحلة العمرية بما يسمى بالتمركز حول الذات واللغة لديه من هده الزاوية هي وسيلة لقضاء أغراضه الذاتية، ويرى بياجيه أن الطفل يجعل من اللغة أداة وظيفية لتحقق اغراضه الذاتية. إن مرحلة الطفولة المبكرة هي مرحلة أسرع نمو لغوي تحصيلا وتعبيرا و فهما وللنمو اللغوي في هذه المرحلة قيمة كبيرة في التعبير عن النفس و التوافق الشخصي و الاجتماعي، و تزداد مفردات الطفل سريعا فيما بين سن الثانية والثالثة كما يزداد عدد الكلمات التي يمكن أن يركب منها جملة مفيدة واضحة. ففي العام الثالث تكون الجملة بسيطة تتكون من 3الى 4كلمات و تكون سليمة من الناحية الوظيفية ، أي أنها تؤدي المعنى رغم أنها لا تكون صحيحة من ناحية التركيب اللغوي ، و تسمى هذه المرحلة بمرحلة الجمل القصيرة أما مرحلة الجملة الكاملة تكون في العام الرابع نجد أن الجملة تتكون من 4الى 6 كلمات و تتميز بأنها جمل مفيدة تامة الأجزاء و نجدها أكثر تعقيدا و دقة في التعبير. يتأثر النمو اللغوي في هذه المرحلة ببعض القدرات العقلية كالذكاء فنجد أن الطفل الذكي يتكلم مبكرا عن الغبي، كما تؤثر نوعية المؤثرات الاجتماعية حيث يؤثر الكبار بلهجتهم و طريقة نطقهم و مستواهم الثقافي على النمو اللغوي للطفل كما تؤثر الحكايات و القصص تأثير كبيرا خاصة مع التأكيد والتنويع في طريقة الإلقاء، وإشراك الطفل في الموقف. أما عن عدد الكلمات التي يكتسبها الطفل في هذه المرحلة فقد أفادت بعض الدارسات انها تصل الى 4118كلمة. و تمتد هذه المرحلة ما بين 6الى 9سنوات، يتميز النمو اللغوي في هذه المرحلة مع دخول الطفل الى المدرسة بقائمة مفردات تضم أكثر من 2500 كلمة و تزداد المفردات بحوالي % 50عن ذي قبل في هذه المرحلة ، و تعتبر هذه المرحلة مرحلة الجمل المركبة الطويلة و لا يقتصر الأمر على التعبير الشفوي بل يمتد إلى التعبير اللغوي التحريري مع مرور الزمن . و في هذه المرحلة يبدأ الأطفال بالاستمتاع الحقيقي بالكلمات ، و يتضح ذلك من خلال القصائد القصيرة التي يكتبونها و أسرار اللغة التي يبدعونها و الحكايات المسلية والمضحكة التي يميلون إلى روايتها، و هذا يجعل هذه المرحلة وقتا مناسبا لمساعدة الأطفال على زيادة حصيلتهم وثروتهم من المفردات اللغوية الأمر الذي يؤدي الى توفير أساس أكثر تفصيلا للتعبير عن الذات. و يصبح الأطفال خلال هذه المرحلة أكثر تحليلا و منطقية في معالجة المفردات و أقل تقيدا بالمدركات المرتبطة مباشرة بكلمات معينة ، و اذ أردنا أن نضرب مثالا على ذلك نقول : أن الطفل عندما يسأل عن أول كلمة تتبادر إلى ذهنه عندما يسمع كلمة "تفاحة" فمن المتوقع أن يقول طفل في مرحلة الطفولة المبكرة "ما قبل المدرسة" "حمراء" أو " دائرية" أو ربما يربط بفعل مثل : "يأكل" أو "يطبخ" ، أما الطفل في هذه المرحلة فربما يستجيب "فواكه" أو بأشياء أخرى تتعلق بسياق يرتبط هذا الأخير منطقيا بالكلمة مثل "موز". كما تشير الدراسات إلى أن الطفل في هذه المرحلة يكون متوسط عدد مفرداته حوالي 10000كلمة مما يساعده على التواصل مع الآخرين و كذا التعبير عن أفكاره و ما يختلج في نفسه من مشاعر و عواطف . إن النمو اللغوي في هذه المرحلة لا يقف عند الرصيد اللغوي الذي يمتلكه الطفل، و نجد أن الالفاظ التي يستعملها الطفل في هذه المرحلة تختلف نوعيا تبعا لاختلاف عمر الطفل، فنلاحظ أنه يستعمل في بداية الأمر الأسماء بكثرة، ثم يتطور مستواه إلى القدرة على معرفة العلاقات التي تصل بين المعاني المختلفة في التعبيرات اللغوية، و نتيجة لتطور و زيادة الثروة اللغوية و نمو العلاقة الاجتماعية لدى الطفل تنمو مهاراته الاتصالية. و في هذه المرحلة يكون الطفل أقل تمركزا حول ذاته و يتحول الى الذات الاجتماعية هذا ما يسميه Piagetباللغة الاجتماعية. ثالثا : النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المتأخرة: تمتد هذه المرحلة العمرية من السنة التاسعة إلى الثانية عشرة من عمر الطفل و نجد أن بعض الباحثين يطلقون عليها اسم مرحلة ما قبل المراهقة إذ يصبح سلوك الطفل في هذه المرحلة أكثر جدية . في هذه المرحلة العمرية يزداد الرصيد اللغوي لدى الطفل ، كما أنه يزداد فهمها،