على الرغم من أن الربيع العربي قد أثار ضجة كبيرة في المجتمع الدولي والرأي العام العالمي برمته، إلا أنه يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بما سيحدث في المستقبل. إذا كانت الأنظمة العربية غير قادرة على الاستجابة بشكل مرض لتطلعات الناس، الذين وصلوا إلى مستوى متزايد من التعليم، فإنه يبدو لا مفر من أنها ستواجه عدم استقرار بشكل متزايد. فإن تراجع الغرب، ومشكلة شرعية الأنظمة في المنطقة سوف يتبعان اتجاهاً متزايداً. وأوضح مثال على ذلك هو النظام السوري الذي يسحق مطالب الشعب بقبضة من حديد وبلا رحمة. ورغم أن المعارضة تمكنت حتى الآن من الاتفاق على تلبية الحد الأدنى من توقعاتها، فإن نظام الأسد يقتل مواطنيه بلا رحمة من خلال جر الأزمة إلى حرب أهلية. حيث تهيمن البيروقراطية العسكرية المدعومة من النظام، يصعب على المعارضة الاستيلاء على السلطة، وكسر البنية المتحجرة في عملية إعادة تشكيل السلطة، لتضييق مجال مناورة الدوائر النشطة التي استفادت من النظام القديم ودافعت عن الوضع الراهن، وكل هذه الأمور هي في الواقع قريبة من المستحيل جمع مجموعات المعارضة مع توقعات مختلفة وربما متضاربة، وفي النضال من أجل جعل الديمقراطية مهيمنة، وستكون هناك مناقشات وصراعات طويلة الأمد في بناء الهيكل السياسي الجديد. فإن إمكانية جعل الديمقراطية مهيمنة تبدو ضئيلة إلى حد ما. وبالنظر إلى هذه القضية على المستوى الدولي الأوسع، هناك أيضاً احتمال أن تشكل الدول العربية في المنطقة كتلة صلبة ضد العالم الغربي. فعندما ننظر إلى الربيع العربي من حيث عملية التنمية حتى الآن، يمكن النظر إليه باعتباره مرحلة بداية لماراثون طويل للغاية، فإن هذه الحركة الاجتماعية، سوف تكون ناجحة إلى الحد الذي تتمكن فيه من خلق هوية عربية ديمقراطية جديدة تستوعب حكم القانون وتنفتح على التعددية الثقافية.