وأثار تحديد سيادة الدولة على البحر الإقليمي خلافا فقهيا دوليا طويلا ، وظهرت أول محاولة لرسم حدود البحر الإقليمي في القرن الرابع عشر ، حيث حدد البحر الإقليمي بأقصى مدى الأبصار في يوم مشرق ، وأقترح الفقيه الهولندي ) بنكر شكوك في القرن الثامن عشر امتداد البحر الإقليمي إلى المدى الذي تستطيع فيه الدولة حمايته بواسطة المدافع التي تقيمها على شواطئها ، وكان أقصى مدى للمدافع آنذاك (۳) أميال بحرية ، وتبنت العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية هذا التحديد ، ومن بينها معاهدة القسطنطينية الخاصة بقناة السويس سنة ۱۸۸۸ ، والمعاهدة التي أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان سنة ۱۹۲۹ . إلا أن هذا التحديد لم يكن ملزما للدول ، بسبب عدم الاتفاق عليه بموجب معاهدة أو اتفاقية عامة ، من هنا تباينت مواقف الدول في تحديد مدى بحرها الإقليمي ، فحددته السويد بأربع أميال بحرية ، وحددته يوغسلافيا السابقة بعشر أميال بحرية ، وحددته غالبية الدول العربية باثني عشر ميلا بحريا ، وظل موقف الدول بشأن هذه المسألة مشوبا بالتردد وعدم الوضوح حتى عام ۱۹۸۲ ، حيث حدد في هذه السنة بموجب اتفاقية جاميكا عرض البحر الإقليمي بمدى لا يتجاوز (۱۲) ميلا بحريا ، فقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقية على أن ( لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز ۱۲ ميلا بحريا مقيسة من خطوط الأساس المقررة وفقا لهذه الاتفاقية ). -:Contigue) القوانين الضريبية ، الجمركية ، الهجرة ، الصحة ) ولا يترتب على امتداد سلطة الدولة إلى تلك المنطقة أن تصبح خاضعة لسيادتها بل تبقى محتفظة بوصفها الأصلي . وكانت المادة (۲۳) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ۱۹۸۲ ، قد نصت على 1- للدولة الساحلية في منطقة متاخمة لبحرها الإقليمي تعرف بالمنطقة المتاخمة أن تمارس السلطة اللازمة لـ : منع خرق قوانينها وأنظمتها الجمركية أو الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة داخل إقليمها أو بحرها الإقليمي . المعاقبة على أي خرق للقوانين والأنظمة المذكورة أعلاه حصل داخل إقليمها أو بحرها الإقليمي . خامسا - المنطقة الاقتصادية الإستئثارية La Zone Economique ) -:Exclusive) منطقة تمتد من البحر الإقليمي والمنطقة المجاورة إلى مسافة (۲۰۰) ميل بحري ، ورغم أن المنطقة الاقتصادية لا تدخل أصلا في إقليم ۱ - د. محمد سامي عبد الحميد أصول القانون الدولي العام ٣- الحياة الدولية منشأة المعارف الإسكندرية 0 من ٢٩٧ الدولة ، إلا إن المجتمع الدولي أتفق على منح الدولة الساحلية مسافة أخرى في عمق البحر بعد المياه الإقليمية والمنطقة المجاورة تمارس عليها الحقوق السيادية التالية :- 1- استكشاف واستغلال الموارد الحية وغير الحية للمياه التي تعلو قاع البحر وباقي الأرض وحفظ هذه الموارد وإدارتها . ٢- إقامة واستعمال الجزر الصناعية والمنشآت والتركيبات البحث العلمي البحري . حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها . الفرع الثالث الإقليم الجوي يمثل الإقليم الجوي العنصر الثالث من عناصر إقليم الدولة ، ويمتد الإقليم الجوي ليشمل الفضاء الخارجي الذي يعلو الإقليمين البري والمائي . من حيث استغلاله وسيادة الدولة عليه ، وتأثر هذا التنظيم بمدى التطور الذي وصل إليه الاستغلال الجوي ، وترك الفضاء الجوي حرا للاستغلال من قبل مختلف الدول قياسا على حرية الملاحة في أعالي البحار وبهذا الرأي أخذ معهد القانون الدولي سنة ۱۹۰٦ ، وأستند أصحاب هذاالاتجاه فيما ذهبوا إليه على أساس إن الدولة غير قادرة على السيطرة على قضائها الجوي . وواجه هذا الرأي انتقادات شديدة ، كونه يعرض أمن الدولة وسيادتها للخطر، ويبدو هذا الخطر أكثر وضوحا على الدول الصغيرة منها على الدول الكبيرة . وإزاء الانتقادات التي وجهت لأنصار الاتجاه السابق ، تبنى الفقه رأي آخر يقضي بامتداد سيادة الدولة إلى ما يعلو إقليمها من فضاء جوي يمتد في حده الأقصى إلى (۳۰۰) م ، ويمثل هذا الارتفاع أعلى عمود لاسلكي ، ويجد هذا الرأي أساسه ، في تقسيم البحر إلى بحر إقليمي خاضع السيادة الدولة ، وبحر عام مفتوح للملاحة الحرة لجميع الدول . وفي تطور لاحق ، 1- منطقة حرة وهي منطقة تصلح للملاحة الحديثة ، ۲ - منطقة الجو الإقليمي : وتمتد إلى (۳۰۰) ميل فوق سطح البحر وتمارس الدولة السيادة عليها مع عدم الإخلال بحق المرور البريء ، وأطلق على هذه المنطقة الفضاء المجاور . منطقة الجو الحر : هي المنطقة التي تعلو (۳۰۰) ميل فوق سطح البحر ، ويكون فيها الفضاء الجوي حرا ، ولكن ما يلاحظ على هذا التقسيم أنه نظري أكثر منه واقعي إذ لا يمكن تحديد الارتفاع الذي تحلق فيه الطائرة أو المركبة الفضائية . وإزاء ذلك ظهر اتجاه يدعو إلى سيادة الدولة المطلقة على جميع طبقات الهواء التي تعلو إقليمها ، وقاس أصحاب هذا الاتجاه ما ذهبوا إليه على القاعدة المتداولة في القانون المدني والتي تقضي بان ملكية الأرض تشمل السفلي والعلوي ، وما يؤخذ على هذا الرأي أنه يحقق للدولة أمنها ويضمن سلامتها ، وتيسيرا للملاحة الجوية اتجهت الدول إلى إبرام الاتفاقيات الثنائية والجماعية ،