ما لبث التحالف المبرم بين البيزنطيين والصليبيين أن تصدع، وكشف كل فريق عن عدائه للآخر سنة ٥٣٨ هـ / ١١٤٣، وانتهز عماد الدين زنكي هذه الفرصة فاستأنف جهاده ضد الصليبيين في الشام، فسار إلى ديار بكر وعليها الأراتقة ففتح منها عدة بلاد وحصون، واستولى على بعض حصون ماردين مما كان بيد جوسلين الثاني أمير الرها، وكان غرض عماد الدين زنكي أن يوهم الصليبيين أنه غير متفرغ لقصدهم في الرها، واطمأن الصليبيون عندما رأوه ملازماً لحرب الأراتقة وظنوا أنه غير قادر على الحركة والمسير إليهم ، فخرج جوسلين من الرها وعبر الفرات إلى الشام، وبلغت أخباره عماد الدين زنكي، فأسرع بالمسير إلى الرها، وأخذ يقاتل من فيها ثمانية وعشرين يوماً إلى أن سقطت في يده عنوة سنة ٥٣٩ هـ / ديسمبر ١١٤٤م ، فكانت أول إمارة يؤسسها الصليبيون في الأراضي المقدسة، وأول إمارة يستردها المسلمون من أيديهم، بعد أن مكثت في حوزة الصليبيين قرابة نصف قرن.