تمهيد: نظرا للدور الفعال الذي تلعبه الاستثمارات في دفع الاقتصاد الوطني، فقد عالج المشرع الجزائري قانون الاستثمار من خلال عدة نصوص قانونية أبرزها القانون الجديد المتعلق بالاستثمار رقم 22/18 حيث تناول فيه المشرع الأنظمة التحفيزية الممنوحة للمستثمر من اجل جذب وتشجيع الاستثمارات في الجزائر وشروط الاستفادة من هذه المزايا والتحفيزات. هذا ماسنقوم بمعالجته في هذا الفصل إذ سنقوم بدراسة الأنظمة التحفيزية الثلاثة التي جاء بها القانون الجديد كمبحث أول، ثم الامتيازات والضمانات الممنوحة للمستثمر مع تبيان شروط الاستفادة من هذه التحفيزات كمبحث ثاني . المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للأنظمة التحفيزية الخاصة المطلب الأول: نظام القطاعات يقصد المشرع الجزائري حسب نص المادة 26 من قانون 22/18 بنظام القطاعات أو ما يعرف بالنظام التحفيزي للقطاعات ذات الأولوية الاستثمارات المنجزة في النشاطات الآتية: - الصناعة الغذائية والصناعة الصيدلانية والبيتروكيميائية. - الخدمات السياحية. - الطاقات الجديدة والطاقات المتجددة. - اقتصاد المعرفة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال. الفرع الأول: النشاطات ذات الأولوية أولا: المناجم والمحاجر يشمل النشاط المنجمي أساسا مجموعة من الأشغال التي تتخذ صور متعددة تتضمن في مجملها الأشغال التحضيرية التي من شانها أن تظهر المواقع التي تتركز فيها المواد المعدنية أو المتحجرة والتي تؤدي بدورها إلى فتح المجال إلى الأشغال المتعلقة بعملية استخراج مختلف هذه المواد أو ما يعرف بالنشاط الاستغلال المنجمي. 1_ الطبيعة القانونية للنشاط المنجمي: يندرج النشاط المنجمي ضمن الأعمال التجارية ولا يجوز ممارسته إلا من قبل الأشخاص الطبيعية أو المعنوية الخاضعة للقانون الخاص وذلك بموجب إذن مسبق يتمثل في الإلزامية الحصول على رخصة أو ترخيص أو امتياز حسب نوع النشاط، التي تسلم من طرف السلطات المؤهلة لهذا الغرض. بشرط أن يخضع المتعامل لجميع القوانين و الأحكام وكذا الالتزامات الخاصة والعامة التي تسطيرها الدولة للقيام بأي نشاط منجمي. وتنص المادة 07 من القانون 01-10 على انه: إلا أن المادة 11من قانون 14-05 المتعلق بالمناجم قد أعطت هذه المادة توضيحا مناسبا ليكتسب الاستغلال المنجمي صفة العمل التجاري وذلك باعتبار الاستغلال يشمل عملية استخراج وتثمين المواد المعدنية. أو المتحجرة المكتشفة منها وغير مكتشفة. ويشمل إقليم الدولة البري ما يفوق الأرض من معالم طبيعية وما تحتها من مناجم وثروات طبيعية بمختلف أنواعه. ب- المنجم البحري: يقصد به المنجم المتواجد في الإقليم أو المجال البحري للدولة ويشمل كل من المياه الداخلية، والمناطق الصناعية. ويتقسم إلى قسمين الإنتاج الزراعي والإنتاج الحيواني، حيث يعتمد الإنتاج الزراعي أساسا على إنتاج الحبوب، الخضر، الأشجار المثمرة والتمور، كما يتركز الإنتاج الحيواني على تربية الماشية، تربية الدواجن، الصيد البحري وتربية المائيات. 1-تعريف التنمية الفلاحية: العملية التي يتم من خلالها تحقيق أقصى ناتج زراعي ممكن أو هي إعادة ربط الموارد الاقتصادية بحيث يتحقق أقصى ناتج زراعي ممكن . إذا التنمية الفلاحية هي: عملية إدارة معدلات النمو حيث تهدف إلى زيادة متوسط الدخل الفردي الحقيقي على المدى الطويل في المناطق الريفية، إما من خلال زيادة رقعة الأراضي المزروعة، أو من خلال تكثيف رأس المال وضخ جرعات من التقدم التكنولوجي. ويتفق مفهوم التنمية الفلاحية مع المفهوم العام للتنمية الاقتصادية حيث يتركز على الجانب المادي، وتكوين رأس المال من اجل التنمية الاقتصادية وذلك على حساب الجانب الاجتماعي . 2- أهداف التنمية الاقتصادية: هناك العديد من الأهداف التي تتعلق بالتنمية الفلاحية نذكر منها : - زيادة الدخل الوطني الإجمالي، ورفع متوسط نصيب الفرد إلى أقصى مستوى ممكن بتحقيق التراكم الرأسمالي، وذلك يتم عن طريق زيادة النمو سواء في الناتج أو الإنتاجية فهناك حاجة إلى إنتاج إضافي لتلبية الطلب المتزايد من الجانب السكاني، والى خلق وظائف جديدة وتلبية مطالب القطاعات الأخرى، والى توليد المزيد من الإرادات. - الاستقرار الاقتصادي أي تحقيق العمالة الكاملة دون تضخيم، وتحقيق أعلى مستويات استغلال للموارد المتاحة والتشغيل الكامل للعمالة بهدف المحافظة على قيمة النقود. وللاستقرار أهمية خاصة بالنسبة للزراعة حيث تسعى إلى تحسين فترات الازدهار والانكماش في الدورة التجارية مع الأخذ في الحسبان ما يتسم الإنتاج الفلاحي من عدم الاستقرار بسبب تقلبات المناخ والمؤثرات البيولوجية وعدم الخضوع التام للسيطرة التنظيمية. فيجب توسيع الاستثمار في المجالات المختلفة كاستصلاح، إقامة مشاريع الري والتوسيع في زراعة المحاصيل، الفرع الثاني: الصناعات والطاقات المتجددة ذات الأولوية أولا: الصناعات ذات الأولوية: إن التركيز على القطاع الصناعي كقطاع ذات أولوية في قانون الاستثمار رقم22-18 يدخل في إطار اهتمام الدولة بنوع خاص من الاستثمارات المعروفة من الناحية الاقتصادية وهو الاستثمار الصناعي. وذلك سيكون له لا محالة آثار كبرى على قدرة الدولة الإنتاجية وتحقيق اكتفائها الذاتي بالقضاء على التبعية نحو الخارج من الناحية الاقتصادية وتقليص فاتورة الاستيراد والتوجه نحو التصدير ناهيك عن توفير مناصب شغل للتقليص من البطالة. وهي لا تستنفذ الموارد الطبيعية ولا تلوث البيئة، وتحتاج إلى تقنيات خاصة لتحويلها من طاقة طبيعية إلى أخرى يسهل استخدامها أي أنها كل طاقة يتم الحصول عليها بواسطة تيارات الطاقة المتكرر وجودها في الطبيعة، ويمكن استخدام مصادر هذه الطاقة من الحصول على طاقة كهربائية، أو حرارية، أو ميكانيكية. وهي بذلك نقيض للطاقة التقليدية غير المتجددة والموجودة بالأرض والتي لا يمكن استغلالها إلا بتدخل الإنسان باستخراجها. من أهم الطاقات المتجددة: الطاقة الشمسية طاقة الرياح، طاقة المياه، طاقة الأمواج. المطلب الثاني: نظام المناطق الفرع الأول: المقصود بنظام المناطق يقصد بنظام المناطق أو المواقع التابعة للمناطق التي توليها الدولة أهمية خاصة البلديات: - التابعة للهضاب العليا والجنوب و الجنوب الكبير. - المناطق التي تتطلب تنميتها مرافقة خاصة من الدولة. - المناطق التي تمتلك إمكانيات من الموارد الطبيعية القابلة للتثمين. لاعتبارات معينة تتعلق بالفجوة القائمة بين أجزاء أو الرقع الجغرافية في الجزائر من ناحية التنمية الوطنية، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، ولقد تم توجيه الاستثمار لهذه المناطق باعتبارها مهمشة وبعيدة عن التنمية فاغلبها يعاني من غبن اقتصادي نتيجة عدم استفادتها من برامج الإنعاش الاقتصادي ولا حتى ثرواتها لسنوات طويلة، وكذلك من اجل تقليص الفوارق بين مناطق البلاد وتحقيق تنمية متوازنة بين مختلف المدن سواء في الشمال والجنوب، الخ. غرداية، النعامة، سعيدة، تبسه، تيارت. 4_وبخصوص المواقع التي تتطلب مرافقة خاصة من طرف الدولة تم تحديد قائمة البلديات الموزعة على 27 ولاية وهي :شلف، أم البواقي، بجاية، البليدة، البويرة، تلمسان، تيزي وزو، بومرداس، طارف، تيسمسيلت، سوق اهراس، تيبازة، ميلة، عين الدفلى، عين تموشنت، غيليزان. 5- المناطق التي تمتلك موارد معدنية توجد في عدة بلديات موزعة على معظم ولايات البلاد. المطلب الثالث: الاستثمارات المهيكلة ونظام الرقمنة سنتطرق إلى الاستثمارات المهيكلة في الفرع الأول أما نظام الرقمنة سنحاول شرحه في الفرع الثاني. الفرع الأول: الاستثمارات المهيكلة يقصد بالاستثمارات المهيكلة بمفهوم القانون رقم 22/18، الاستثمارات ذات القدرة العالية لخلق الثروة واستحداث مناصب الشغل والتي من شانها الرفع من جاذبية الإقليم وتكون قوة دافعة للنشاط الاقتصادي من اجل تنمية المستدامة، اقتصادية واجتماعية وإقليمية. فالغرض من هذا النوع من الاستثمارات والذي قصده المشرع الجزائري هو توفير الأموال للدولة خارج المحروقات بالتركيز على الاستثمارات المنتجة وتلك الاستثمارات التي من شانها مساعدة الدولة على الإنقاص من مشكلة البطالة كأولوية وطنية ثم محاولة خلق التنمية في مختلف المناطق في الجزائر خاصة تلك التي تفتقر وبشكل شبه كلي للتنمية الاقتصادية في إطار إستراتيجية الدولة المتمثلة في القضاء على التفوق الاقتصادي أو الفجوة الاقتصادية القائمة بين بعض المناطق في الجزائر على حساب بعض المناطق الأخرى. وقد تم التفصيل في المعايير المعتمدة في تصنيف الاستثمارات التي تدخل في هذا المعنى المذكورة بموجب المرسوم التنفيذي 22/302 من حيث التأكيد وبشكل دقيق أن هذا النوع من الاستثمارات يجب أن تعمل على تكوين استثمارات منتجة من حيث: 1 التركيز على التوجه نحو الأسواق الدولية: فالمنتظر من الاستثمارات المهيكلة الواردة في القانون 22/18هو ضرورة ان تتبع نهج تركيز أهدافها على التوجه نحو الأسواق الدولية أي الاستثمارات الموجهة نحو التصدير والمسمى بالاستثمارات التجارية وفق المفاهيم المعتمدة في هذا الشأن على المستوى الدولي كأولية قصوى وبرنامج خاص بالنسبة للاقتصاد الجزائري. وتجسيد ذلك يكون من حيث ضرورة أن يقوم المستثمرين بالتركيز وبالأساس على التصدير وليس الاستيراد. ويتجلى ذلك من خلال اعتماد آليات التصدير الدولية المتمثلة في التسويق والترويج للمنتجات والبحث على الأسواق الموثوق فيها للتصدير وإتباع نظام للإعلام التجاري القوي والاستعانة بالهيئات المكلفة بالمساعدة على التصدير وإبرام عقود تجارية مع الشركات المعروفة في السوق. يضاف إلى إتباع إتباع نهج التمويل وضمان المرافق للتصدي، مع ضرورة احترام الأنظمة القانونية الخاصة بالجمركة للسلع المصدرة والقواعد المتعارف عليها على المستوى الدولي للتصدير والمكرسة في مختلف البلدان. 2-التركيز على استعمال التكنولوجيا العالية: هذا المعنى هو تكملة للمعنى السابق المتمثل في التوجه نحو الأسواق الدولية. حيث أن تحقيق استثمارات جيدة منتجة من الناحية التقنية والفنية ناهيك عن استعمال فنيين ومهندسين وعمال ذات كفاءة مهنية وقدرة عالية على التحكيم في المشاريع الاستثمارية عند تشغيلهم للمصانع والمؤسسات المستثمرة يضاف إليها اعتماد تكنولوجيا الإعلام والاتصال والرقمنة في التسيير. الفرع الثاني:نظام الرقمنة مفهوم الرقمنة في قانون الاستثمار 22/18 أولا: مفهوم المنصة الرقمية طبقا للمادة 27 التي تنص على انه "المنصة الرقمية هي الأداة الالكترونية لتوجيه الاستثمارات ومرافقتها ومتابعتها منذ تسجيلها وخلال فترة استغلالها، وهي تضمن إزالة الطابع المادي لجميع الإجراءات المتعلقة بالاستثمار عبر الانترنت وتسمح بتكييف الإجراءات الواجب إتباعها حسب نوع الاستثمار ونوع الطلب، وتكون مترابطة مع الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالهيئات والإدارات ذات العلاقة مع فعل الاستثمار 22/18. حيث تم إنشاء منصة رقمية للمستثمر يسند تسييرها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وتسمح المنصة بتوفير كل المعلومات اللازمة على الخصوص حول فرص الاستثمار في الجزائر والغرض العقاري والتحفيزات والمزايا المرتبطة بالاستثمار إضافة إلى الإجراءات ذات الصلة. فالمنصة الرقمية للمستثمر هي الأداة الالكترونية لتوجيه الاستثمارات ومرافقتها ومتابعتها منذ تسجيلها وخلال فترة استغلالها. وهي تضمن إزالة الطابع المادي لجميع الإجراءات المتعلقة بالاستثمار عبر الانترنت وتسمح بتكييف الإجراءات الواجب إتباعها حسب نوع الاستثمار ونوع الطلب. وتكون مترابطة مع الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالهيئات والإدارات ذات العلاقة مع فعل الاستثمار. فقد أصبحت الحاجة الملحة إلى تحسين مناخ الأعمال من كل الأوجه من خلال الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة، ورقمنة القطاعات المرتبطة بالاستثمار لاسيما القطاع البنكي، الضريبي، العقاري، الجمركي، التوثيق وغيرها . وكذلك من اجل التغيير من الطابع المادي الإجراءات وما يتطلبه من ضرورة تحمل عناء التنقل وحمل الملفات من كل مرة والانتظار إلى الطابع التكنولوجي الذي يعتمد على الإدارة الالكترونية عن بعد. أهداف المنصة الرقمية: تهدف المنصة الرقمية إلى ماياتي: -التكفل بعملية إنشاء الشركات والاستثمارات وتبسيطها وتسهيلها.