الفصل الحادي عشرالعلاقات المالية والآليات النقدية على ضوء النظام النقدي الراهن حيث تستجيب هذه العلاقات والآليات كلها إلى النظرة الجديدة في تنظيم الاقتصاد التي تقوم على أساس دور الأسواق وأهميتها في عملية الضبط. وفي هذا الإطار، فقد تضمن إصلاح النظام البنكي تحولا هاما في مجال علاقات التمويل، حيث قام بإلغاء نظام التمويل التلقائي والمرور إلى نظام للتمويل يقوم بشكل أساسي على الدور الذي تلعبه الشروط البنكية في إطارتعاقدي بين البنوك وزبائنها من المتعاملين الاقتصاديين.المبحث الأولالإصلاح النقدي وبروز دور الأسواقلقد سمح الإصلاح النقدي الذي أدخل في بداية سنوات 1990 باستعادة الدور الفاعل للأسواق في ضبط التداول النقدي وحركة الأموال في الاقتصاد. وقد كان تأسيس السوق النقدية وسوق الصرف بين البنوك يشكل تحولا نوعيا في امال النقدي للبلاد.المطلب الأولالسوق النقديةيشكل تأسيس السوق النقدية في الجزائر تحولا نوعيا في النظام النقدي الجزائري على أساس أن ذلك يمثل تكريسا لدور الآليات النقدية في ضبط الاحتياجات1 تعريف السوق النقدية وهيكلتهاتشكل السوق النقدية الإطار الذي تتم فيه عمليات القرض قصيرة ومتوسطة الأجل بين مختلف الهيئات المالية المسموح لها بالدخول إلى هذه السوق. حيث يتم في هذه السوق قيام الهيئات المالية المتدخلة بتمويل عجزها أرصد ما السالبة باللجوء إلى هيئات مالية متدخلة أخرى تتمتع بفوائض مالية لديها أرصدة موجبة. إن ظهور أرصدة موجبة لدى بعض المتدخلين في السوق النقدية وأرصدة سالبة لدى البعض الآخر يعكس في الواقع خريطة المبادلات المالية في الاقتصاد بين جميع الأعوان الاقتصاديين تختزل صور ما في المبادلات المالية بين الهيئات المالية التي تتلقى أوامر الدفع من زبائنها في مختلف القطاعات الاقتصادية وبالتالي فإن المبادلات المالية بين مختلف الهيئات المالية في السوق النقدية تعبر في الواقع عن عملية إعادة تمويل للهيئات المالية التي ظهر لديها عجز باستعمال الفوائض المالية التي ظهرت لدى البعض الآخر من هذهالهيئات المالية.سوق نقدية بين البنوك، حيث يتمثل المتدخلون في هذا الجزء من السوق النقدية حصريا في البنوك التجارية ومؤسسات القرض الأخرى المؤسسات المالية بمفه والتي تشكل مجالا أوسعا للمعاملات سواء من زاوية الأدوات المستعملة أو من زاوية المتدخلين في هذه السوق. ونجد في هذا الجزء زء من السوق عادة ثلاثة أنواع الحقوق المتداولة بين مختلف المتدخلين. حيث نجد أولا سوق شهادات الودائع التي تصدرها البنوك لفترات قصيرة ومتوسطة لمدة تتراوح عادة بين 10 أيام و 7 سنوات) حيث يمكن لجميع الأعوان الاقتصاديين تبادل هذه الشهادات ضمن الشروط المحددة نجد في المقام الثاني سوق شهادات الخزينة التي تصدرها المؤسسات الاقتصادية لفترات تتراوح أيضا بين 10 أيام و7 سنوات) ويتم تبادلها بين مختلف الأعوان الاقتصاديين في السوق.مختلف الأعوان الاقتصاديين.2 المتدخلون في السوق النقدية في الجزائرفي الجزائر، تتمثل الهيئات المالية المخولة بالتدخل في السوق النقدية (نظام بنك الجزائر رقم 91-08 المؤرخ في 14 أوت 1991 المتضمن تنظيم السوق النقديةالنقد والقرض، ألا وهو سوق سندات الحقوق المتداولة. يمكن للمستثمرين المؤسسيين المتمثلين في صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي، وشركات التأمين والتعاضديات أن تتدخل في السوق النقدية بعد ترخيص صريح من مجلس النقد والقرض دون أن يكون تدخلها مع ذلك إلا في وضعية المقرض وعلى هذا الأساس لا يمكن لهؤلاء المستثمرين المؤسسيين أن يقوموا بإجراء عمليا م في السوق النقدية إلى بعد تموين حسام المفتوح لدى بنك الجزائر (جعله دائنا بالمبلغ الضروري الذي يغطي هذه العمليات تعليمة بنك الجزائر رقم 95/28 المؤرخة في 22 أفريل 1995 المتضمنة تنظيم السوق النقدية).لا شك أن تقييد تدخل المستثمرين المؤسسين في السوق النقدية في وضعية دائنة فقط قد فرضته عوامل تنظيمية وعملية فالسوق النقدية بين البنوك كما يشير إلى ذلك اسمها هي سوق وجدت أساسا لتلبية حاجيات الخزينة المؤسسات القرض التقليدية البنوك التجارية والمؤسسات المالية بمفهوم قانون النقد والقرض نظرا لطابع نشاطها الخاصالتمويل اللازم في السوق النقدية وبالتالي الحد من تدخل بنك الجزائر الذي يبقى تموينه للسوق بالسيولة ذي طابع تضخمي.3 التنظيم الإجرائي لسير السوق النقدية يتم تبادل السيولة (القروض بين الهيئات المالية المتدخلة في السوق النقدية بين البنوك لفترات تمتد من 24 ساعة إلى سنتين. أن تتم المعاملات بين مختلف المتدخلين إما مقابل تسليم سندات" أو على "بياض". في الحالة الأولى، يتوقف تحويل السيولة من طرف المقرض إلى المقترض على استلام الأول من الثاني لسندات عامة أو خاصة تشكل ضمانا له مقابل القرض. أما في الحالة الثانية، فإن منح السيولة من طرف المقرض لا يوجد له أي مقابل في شكل سندات من طرف المقترض، ولذلك يقال أنه على "بياض"، وبشكل عام تتم المعاملات في السوق النقدية باستعمال الآليات التالية:شراء أو بيع الي لسندات عامة أو خاصة أو باستعمال أي أداة أخرى تلقى قبول مختلف الأطرافالتيلكس وتبليغهم بإشعار جعل حسام الجاري لديه مدينا أو دائنا حسب وضعية كل طرف في العملية إن كان مقرضا أو مقترضا عند تاريخ الاستحقاق ) ماية فترة القرض، تقوم الهيئة المقترضة بإصدار أمر بالتحويل المصلحة الهيئة المقرضة يتضمن مبلغ القرض الرئيسي مضافا إليه الفوائد ويوجه إلى بنك الجزائر الذي يتولى بدوره تسليم هذه الأخيرة إشعارا يجعل حسا ) الجاري دائنا بمجموع المبلغ.4 دور بنك الجزائريتدخل بنك الجزائر في السوق النقدية إما بصفته منظما لها أو بصفته مقرضا أخيرا من الزاوية التنظيمية، يسهر بنك الجزائر على سير السوق النقدية. ومن أجل ذلك، يتعين على كل هيئة مالية متدخلة بنك تجاري، مؤسسة مالية، مستثمر مؤسسي أن يفتح لديه حسابا جاريا له يستعمل في إنجاز العمليات المالية الخاصة بتبادل السيولة.وبما أن إجراء المعاملات بين مختلف المتدخلين تحتاج إلى عمليات تنظيم فإن وجود وسطاء يقومون ذه المهمة يعتبر ضروريا. ولكن بالنظر إلى حداثة التجربة الخاصة بالسوق النقدية في الجزائر وبالتالي عدم وجود وسطاء متخصصين في هذا المال من جهة وحرص بنك الجزائر على متابعة تطور السوق النقدية بشكل مباشر وتوظيف صفته كملجاً أخير للإقراض في ظل ظرف كان يتميز بشح كبير في السيولة البنكية من جهة أخرى، جعل بنك الجزائر يلعب دور الوسيط في السوق النقدية، وهو الدور الذي يضمن له التنسيق بين مختلف الهيئات المالية المتدخلة وبصفته وسيطا، يقوم بنك الجزائر بتلقي عروض مختلف المتدخلين سواء كانت في شكل عرض للسيولة أو طلب لها ويسهر على إجراء المفاوضات اللازمة بينهم ثم تبليغهم بنتائج هذه المفاوضات ويسهر على تنفيذها.ولكن تدخل بنك الجزائر في السوق النقدية لا يقتصر على صفته كوسيط في السوق بل يتدخل أيضا بصفة المقرض الأخير من جهة والسلطة النقدية من جهة أخرى.ذه الصفة، يتدخل بنك الجزائر في السوق النقدية باستعمال مجموعة متنوعة من الأدوات تتمثل أساسا في ما يلي:نظام مناقصات القروض عن طريق نداءات العروض وهو نظام مفتوح الفائدة البنوك والمؤسسات المالية تنظم هذه المناقصات لمدة لا يمكن أن تتجاوز ثلاثة (03) أشهر تكون القروض والفوائد المترتبة عنها مضمونة بسندات خاصة أو عمومية لا يزال على تاريخ استحقاقها أكثر من ثلاثة أشهر. وتعمل هذه الآلية بقيام بنك الجزائر بالإعلان عن معدل أدنى قبل أن تقوم البنوك بتقديم عروضها بشأن المعدلات المقترحة والمبالغ التي ترغب فيها. تجدر الإشارة إلى أن هذه الآلية جاءت لتشكل منذ تبنيها الأداة الرئيسية لتزويد البنوك التجارية بالسيولة.اتفاقية إعادة الشراء لمدة 24 ساعة و 7 أيام. لا يكون تدخل بنك الجزائر وفق هذه الطريقة آليا كما لا تكون تكلفته ثابتة.التدخل عن طريق عمليات التعديل الدقيق. يغطي استخدام هذه الآلية أساسا نوعين من العمليات (1) تدخل بنك الجزائر بواسطة عمليات تتم في وقتها لفترة 24 ساعة قصد امتصاص أو ضخ السيولة الضرورية التي تسمح بالتحكم في معدل الفائدة يوما بيوم (2) التدخل في السوق الثانوية لشراء أوراق عمومية تقل مدة استحقاقها المتبقية عن سنة (06)أشهر أو شراء أوراق خاصة مقبولة في إعادة الخصم أو في تقديم التسبيقات.تجدر الإشارة إلى أن تدخل بنك الجزائر في السوق بصفته سلطة نقدية، تتمثل مهمتها الأساسية في ضبط الوضع النقدي في الاقتصاد، لا يمكن تصوره مبدئيا إلا في حالة وجود اختلال بين عرض السيولة والطلب عليها بين الهيئات المالية المتدخلة. وفي هذا ا مال يعتبر تدخل البنك المركزي راجحا ويشكل إجراء أساسيا من زاوية التوازن النقدي.المطلب الثانيسوق الصرف هو المكان الذي يتم فيه تبادل العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية القابلة للتحويل.