Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

النص المسرحي بين الكتابة الدرامية والكتابة الأدبية
تختلف الكتابة المسرحية عن غيرها من الأنواع والأجناس الأدبية الأخرى، وتعدّ الكتابة المسرحية في الجزائر نوعا من السفر / البحث عن الدراما، فهو يبحث عن الدراما ولا يجد نفسه في مركزها، وهذا ما قد يعيق الكتابة المسرحية ويصنع محدوديتها في عدد من النصوص المسرحية من جهة وفي عدد الكتاب المسرحيين المتعاطين لهذا النوع من الكتابة من جهة ثانية. والذي لا يعني البتة انتفاء النص مطلقا، وإنما يعني قلة النصوص المسرحية التي تتميز بالمضمون الإنساني الرفيع والجمال الفني البديع وما دام أن المسرح الجزائري لا يمكنه أن يخطو أي خطوة نحو التطور الفني دون نص جيد، نص متكامل وخاضع لشمولية الذات الإنسانية بعيدا عن خصوصية الربقة الأيديولوجية. تلفزيوني، إذاعي) وإلى كتابات أدبية (كالقصة أو الرواية وغيرهما. كما تختلف من حيث الشكل الأخير الذي تقدم به سواء للمخرج أو للمطالع إلا أنها تشترك في أنها تحمل رسائل إنسانية ولها غايات ترفيهية لمستهلكيها أي للمتلقي بصفة عامة سواء كان قارئا أو مشاهدا. ولكن هذا لا يعني أن أنواع الكتابات الدرامية المختلفة لا تختلف فيما بينها بالعكس فإن كل نوع درامي للكتابة يتميز عن الآخر مثله مثل جميع الكتابات الأدبية التي تختلف فيما بينها وينفرد كل نوع بشكله الخاص سواء من ناحية التركيبة الداخلية وما تتضمنها أو قواعد الكتابة الظاهرية، أما إن أردنا أن ندرس الفروقات بين الكتابة الدرامية والأدبية فإن النص المسرحي أفضل نوع يمكننا من خلاله التمييز بين كل نوع كتابة وآخر باعتبار أن النص المسرحي هو أول وأقدم كتابة عرفتها البشرية فهو أساس تشكل الكتابات الفنية الأخرى من جهة، ومن جهة أخرى فإن النص المسرحي في الشكل الذي يبنى عليه النص المسرحي يمكّن أي متلقي من قراءته واستيعابه مثله مثل الكتابات الأدبية. فالنص المسرحي هو نوع من أنواع الكتابة الدرامية، ويكتب هذا النوع من الكتابات خصيصا للمشاهدة، ويسير على أصول الدراما لأنه يتكون من مجموعة من العناصر الدرامية تتمثل في مجموعة الأحداث الدرامية التي تدور حول فكرة معينة بحيث يقوم بتحريك هاته الأحداث مجموعة من الشخصيات الدرامية لتشكل تسلسلا دراميا له أمكنة متعددة وفق أزمنة معينة أيضا موافقة لها ما يعرف بوحدة الزمان والمكان، تتفاعل الشخصيات فيما بينها لتنتج طرفين متضادين أغلبها بين الخير والشر ينتج عن هذا التفاعل ما يعرف بالصراع الدرامي الذي يتأزم بشكل تدريجي ليصل إلى الذروة والمسمات بالحبكة الدرامية أو العقدة ثم تكمل الأحداث الدرامية تسلسلها بطريقة مستقيمة نحو حل الصراع بشكل تدريجي لتصل إلى نهاية الصراع أين يتم حل العقدة وبالتالي الوصول إلى نهاية المسرحية، بمثابة المركز المتين الذي تنتظم حوله العناصر الأخرى" ، فالنص هو الجزء الأساسي للمسرحية ولا يعتبر فقط خطوة أولى نحو انتاج عمل فني بل هو أساس وجود المسرحية بذاتها. 1. الفكرة:
وهي الموضوع الذي تدور حوله قصة المسرحية ككل والفكرة التي ينسجها المؤلف في مخيلته ويعمل على ايصالها إلى المتلقيين من أجل خدمة المجتمع، ف "الموضوع هو الفكرة وهو الذي جعل من المسرحية سلاحا في الدفاع عن الإنسان، هو الذي ساهم في اكتساب الإنسان لا معارفه فحسب بل وانتصاراته الروحية والاجتماعية" ، فالهدف الأسمى للفن هو إفادة المجتمع بما يحسن حاله ويغيره للأفضل. أما الأفكار التداولية في عصرنا الحالي فأغلبها إما سياسية أو اجتماعية:
كان يطبع الإنتاج المسرحي قصد توجيه الشعب وتنمية وعيه الوطني" ، الأفكار الاجتماعية : يقول المسرحي الفرنسي فولتير عن المسرح، إنه مدرسة دائمة في تعليم الفضيلة، فللمسرح دور كبير في تربية المجتمع وتوجيهه إلى السبل الصحيحة من خلال توعيته بعرض المشاكل الاجتماعية التي يواجهها صوب عينه حتى يتأملها وينظر فيها، كالمشاكل التي تؤدي إلى الطلاق، مشاكل الآفات الاجتماعية، أسباب تفشي الجهل وغيرها من المشاكل التي تعتبر سببا أساسيا في دمار المجتمعات، فالهدف الأسمى هو الإصلاح الاجتماعي سواء تشكلت المعالجة بإثارة الضحك عن طريق الكوميديا أو بإثارة شجون المشاهدين واستدرار دموعهم في عمل مأساوي أو تراجيدي" ، أي الأساطير والآلهة الإغريقية، فالتزمت المسيحية بمحاربة هذا الفن ثم سرعان ما عادت إلى استغلاله كوسيلة لنشر المسيحية عندما اكتشفت أن المسرح يؤثر في نفسية المتلقي بطريقة ناجحة فأصبحت تستغله في نشر المسيحية، وحياة مريم العذراء" وغيرها من المسرحيات التي تخدم الدين. ولو رجعنا إلى العصور الوسطى فإن المسرح كان حكرا فقط على الطبقة البرجوازية وذلك خوفا من أن يؤثر في عقول الفقراء الطبقة الكادحة ويصبح أداة تحريض وتوعية للمجتمعات المقهورة من جهة ومن جهة أخرى فهي كانت تفضل أن يكون شعبها جاهلا حتى تتمكن من السيطرة عليه لهذا فقد كانت الكتابات تخصص للعرض أمام الطبقة البرجوازية فقط. فالفكرة هي لب العمل المسرحي ككل والنقطة المسؤولة على التأثير في نفسية المشاهد، فوجوب كونها ايجابية وتحمل كل ما تسنى له من الفضيلة أمر موضوع على عاتق الكاتب، كما يجب أن تتوفر في كتاباته المواضيع التي تخص ذلك العصر وتعبر عن ذلك المجتمع الذي ستعرض له ولا يؤثر سلبا إن لم يعاصر الديكور المجتمع، لذلك فمهما كانت النصوص المسرحية قديمة قدم المسرح إلا أنها لا تزال تعرض ليومنا هذا مادامت تحتوي على الأفكار التي تخدم المجتمع، فيقوم الكاتب بالاحتفاظ بهيكل المسرحية فقط وإعادة كتابة النص من جديد، مثل الكثير من النصوص العربية التي استمدت مادتها من النصوص الغربية، وموليير اعتمد على فنون السيرك والكوميديا المرتجلة الإيطالية " ، والكثير من المخرجين يعتمدون على النصوص المقتبسة وذلك لقلة الكتابة المسرحية وكتابها. 2. الحبكة الدرامية:
إذ "تستعمل في الكلام العادي لتدل على تتابع الحوادث في المسرحية بشكل مجرد بعيدا قدر الإمكان عن دلالات تلك الحوادث" ، فقفز بفن الدراما قفزة كبيرة خلَّصتها من كثير من شوائبها" ، لأن هاته العناصر هي المسؤولة على تحقيق الترفيه للمشاهد والتي تحافظ على انتباهه طيلة العرض. إضافة إلى أن المخرجين المعاصرين اليوم يتعاملون مع النصوص الطويلة بطريقة مختصرة إذ يقومون باستخلاص الهدف وفكرة المسرحية وتجسيدها بدون إضافات أو تمهيدات وذلك خوفا من الوقوع في الملل. 3. الصراع :
و "جميع أنواع الصراع الداخلة في الصراع الأكبر الرئيسي في المسرحية يجب أن تأخذ صورة محددة في المقدمة المنطقية أي أن تتبلور فيها في غير لبس ولا ايهام" ، إلا أنه يستمد من جوهر الإنسان فكان العنصر الأول الذي يتيح لك أن تقول إن المسرح محاكاة للحياة، ويحق لك بعد ذلك أن تفهم المحاكاة على أي شكل تحدث به المؤرخون والناقدون من أيام أرسطو حتى اليوم" ، فالصراع يرتبط بالهدف الأعلى للمسرحية ووجوده يعد إجباريا لأنه يساهم في إعطاء الحقيقة التي نعيشها من خلال إظهار الجانب المظلم والمشرق في حياتنا ويساعد على توجيه الناس على كيفية التعامل مع مشاكلهم بإعطائهم حلول أو بتوجيههم نحو طرق التعامل مع مشاكلهم بطريقة إيجابية ذكية عندما تطرح قضية قد تتشابه إلى حد ما مع ما يصادفونه من مشاكلهم الحقيقية في الحياة. فالمشاهد ينحاز بشدة لهذا النوع من الشخصيات والتي يستعملها الكاتب من أجل أن يضفي روحا جديدة وسط المسرحية لتجنب الوقوع في الملل كما يفضل المشاهد المسرحيات التي ينتهي صراعها بانتصار الحق على الباطل فهي بالنسبة له منصفة وهي النهاية التي سترضيه. وينقسم الصراع إلى نوعين:
الصراع الداخلي: وهو الصراع الذي يكون فيه داخل الشخصية الواحدة مع نفسها مع العاطفة والعقل أو بين فكرتين تختلج عقل الشخصية الواحدة، وهذا النوع من الصراع لا يظهر للعامة إلا على مستوى الشخصية الواحدة ومهما كان عميقا وكبيرا ويعبر عن مكبوتات هيجاء إلا أنه يظهر على خشبة المسرح ويتجسد في المونولوجات الداخلية. وهو يتجسد خارجيا عند تقاطع الأبعاد المادية والنفسية والاجتماعية للطرفين المتصارعين، كثيرا ما يكون هذا الأخير أحد الدوافع التي ينتج عنها الصراع خارجي. الشخصية :
هي تبلور مجموعة الدوافع الداخلية والمكبوتات وسلوكيات المعاملة للشكل الخارجي للمظهر فيما بينها على مستوى الإنسان الفرد الواحد لتشكل شخصيته التي تميزه عن غيره، يعتبر الشكل الأكثر وضوحا في المسرحية ككل، فيتم من خلاله تحريك الأحداث الدرامية لما يحتويه من معلومات ماضية وآنية ومقبلة، وهو "ما يشمل جملة المنطوق بين الشخصيات خلال المسرحية" ، بجانب أنه وسيلة الكاتب للتعبير عن فكرته بشكل واضح وصريح، كما يساعد المتلقي على تمييز البعد النفسي والاجتماعي للشخصية الدرامية. ويعتبر الحوار المسرحي القوي هو الحوار الذي يكشف عن أحداث المسرحية بطريقة دقيقة وغير مفتعلة ولهذا فهناك ما يميز الحوار المسرحي على الحوارات العادية التي نمارسها في حياتنا، فالحوار المسرحي يرتبط بفكرة واحدة هو موضوع المسرحية وحتى إن خالف ذلك بعض الشيء إلا أنه من المهم أن يقوم بالتمهيد للتحدث حول الفكرة الأساسية أو بموضوع يتعلق بها، وقد زعم الدوريون (وهم مجموعة عرقية يشكلون جزءا من الشعب اليوناني القديم) أن أصل الكلمة يعود إليهم إذ أنها "ترجع إلى كلمة دوران وهي كلمة dran وهذه الكلمة تعني في اللهجة الدورية بصفة خاصة "عملا يؤدى" ، ثم تحولت إلى شكلها الحالي drama " ، بلغة ذات لواحق ممتعة، في شكل درامي لا قصصي، وفي أحداث تثير الإشفاق والخوف فتبلغ بواسطتها إلى تطهرها من تلك المشاعر" ، في مشاهد غير سردية بل درامية تجسد أحداثا تحاكي الواقع، ومن هذا التعريف فإننا نجزم على أن ما يستلزم وجوده في المسرح ينطبق على ما يتوفر في الفن السينمائي، وبهذا فالسينما جاءت وليدة للدراما مثلها مثل العرض المسرحي، غير أن المسرح يتميز عليها بكونه أقدم منها وسابقا لها بقرون وسنين وأن التنظير الدرامي الأول كان من نصيبه. وبما أن الدراما ليست متعلقة بالمسرح فقط فمصطلح النص الدرامي إذا لا يتعلق بالكتابة المسرحية فقط إذ أنه يختلف عن مفهوم النص المسرحي، ف "النص المسرحي يعد المرحلة الثانية من النص الدرامي الذي يمثل الجانب النظري في العملية المسرحية " ، وذلك لأن النص الدرامي ليس إلا نصا أدبيا يمكن قراءته مثله مثل الكتابات الأدبية الأخرى، أما النص المسرحي فيختلف عنه بأنه النص الذي قد أصبح في قيد إنجاز عمل مسرحي على خشبة المسرح على يد المخرج مصاحبا لمجموعة من الارشادات التي ستتخذ من أجل تجسيده في العرض، وبما أن الكتابة الدرامية لا تتوقف على النص المسرحي فقط بل ترتبط مع السيناريو كذلك لأنه نوع من الكتابات الدرامية والذي ينقسم بنفسه إلى نصوص سينمائية أو تلفزيونية أو إذاعية، ويرجع تعدد هاته الأنواع لتعدد الاختلافات بينها، وبما أن هاته الكتابات الدرامية تعتمد على نفس عناصر البناء الدرامي. السيناريو: هو اشتقاق لكلمة سينا scena وهي كلمة ايطالية تعني المنظر، والسيناريو هو نص مكتوب لفيلم أو مسلسل أو لنص إذاعي و "هو قصة تروى بالصور" وهي درامية لها بداية ووسط ونهاية إذ تكون مقسمة بطريقة تسلسلية إلى مشاهد وكل مشهد يصف مجموعة من اللقطات التي تصف مكان الحدث وتحدد زمانه وتحدد الشخصيات مع إظهار مميزاتها من أبعاد نفسية ومادية واجتماعية في الوصف أو من خلال ما يتوفره الحوار، ولا يختلف السيناريو من حيث البناء الدرامي على المسرح فهو في الأخير جاء وليدا له وأخذ أهم عناصره الدرامية وأدواته كالحكاية والحبكة والصراع والشخصيات الدرامية وغيرها من العناصر الأساسية التي إن لم يأخذ منها شكلها الكامل سيستعير بعض الأجزاء، منها بحيث إنه إذا ما قارنا وجهة الشبه بين الكتابات الدرامية و فالسيناريو أقربها إلى المسرح على الإطلاق فمن السهل أن نحول بعض النصوص المسرحية إلى سيناريوهات دون تغيير شيء، كما أنه في بدايات السينما اعتمدت السينما على المسرح واشتركت معه في المؤلفين والمخرجين مثل هيتشكوك، وغيرهم واستعانت بأبطال المسارح وجعلت منهم أبطالا سينمائيين لخبرتهم في الأداء ولاستغلال شهرتهم، كما استعانت بصالات المسرح لعرض أفلامها على شاشات ضخمة، ولم تقف إلى هذا الحد بل قد كانت هناك مسرحيات يتم تصويرها بالكاميرا لبثها على شاشات السينما وهذا ما جعل النص المسرحي يأخذ منحا آخر لأن ظهور السينما كان بمثابة نهاية لعصره لقدرة السينما على تصوير الواقع كما هو عكس المسرح الذي يجسد الواقع على خشبة المسرح كل هذا ما دفع بالمسرح بالولوج إلى أفكار جديدة وتطوير حديث للعمل المسرحي نتج عنه ظهور تيارات واتجاهات جديدة غيرت من شكل البناء الدرامي بعد قرون وعصور طويلة من نشأته. ولم يقف هذا الاختلاف على خشبة المسرح والشاشة فقط بل على مستوى النص المسرحي والسيناريو قبل كل شيء سنذكر أهم هاته الاختلافات:
كاتب النص المسرحي والسيناريست: من الشائع في المسرح أن كاتب النص هو المسؤول عن كتابة نصه وحواره وتقريبا عمله لا يتعدى كتابة النص المسرحي أما في السيناريو فيختلف الأمر إذ أنه بإمكان الكاتب أن يتخصص بين السيناريو أو الحوار فيقوم كاتب السيناريو بالاستعانة بكاتب حوار، كما أنه من الشائع في السينما يقوم الكثير من المخرجين الكبار بكتابة السيناريوهات بأنفسهم وإخراجها و ذلك لأن كاتب السيناريو عليه أن يكون ملما بكل العملية المسرحية ليس بالسيناريو فقط وهذا ما سيساعده على وصف المشهد بالدقة ثم إخراجه بطريقة مماثلة لما تخيله عند الكتابة خصوصا أن السينما تعتمد على الصورة والصمت أكثر من الحوار فتجسيد تلك اللقطة الصامتة تحتاج إلى شخص ملم بتقنيات التصوير حتى يسهل عليه تصويرها. المشهد في النص المسرحي والسيناريو: ينقسم النص المسرحي إلى فصول وينقسم كل فصل إلى عدة مشاهد بينما السيناريو ينقسم إلى مشاهد والمشاهد إلى مجموعة من اللقطات إذ إن المشاهد في السيناريو أقصر بكثير من المشاهد المسرحية و "القصة في السيناريو هي التي تفرض طول المشهد أو قصره" أما المسرح فليس بقدرته أن يغير المشاهد وينتقل إلى الأماكن بسهولة لذلك وحتى يتم تجنب الملل من الحوارات الطويلة يتم الفصل بين مواضيع الحوارات في المشهد الواحد في المسرحية بدخول شخصية وخروج شخصية أخرى على سبيل المثال، وهذه من أهم المميزات التي تتمتع بها السينما ويفتقد لها المسرح بالرغم من وجود عدة أشكال للخشبة المسرحية وبالرغم من كل التقنيات المتطورة التي توصل إليها المسرح إلا أنه "مقيد بالنسبة للزمان والمكان عكس السينما تماما التي يمكنها أن تصور أي حدث في أي زمان أو مكان وأن تتعدد المناظر إلى أي حد ممكن" التي تتمتع بها السينما ويفتقدها المسرح هي إمكانية تصوير الأحداث في أي زمان ومكان، بينما السيناريست فبإمكانه وصف المشهد من أي زاوية يريدها. الشخصيات و التعبير الدرامي في النص المسرحي و السينمائي: لا تختلف الشخصيات السينمائية عن الشخصيات المسرحية من حيث أبعادها النفسية والاجتماعية والفيزيائية لكن غالبا في المسرح تكون هناك فئة قليلة من الشخصيات المسرحية حتى يمكن المشاهد من الاعتياد عليها وتمييزها من جهة ومن جهة أخرى فان المسرح يركز على أهم الأحداث التي جاءت في القصة ولذلك فانه يركز على أهم الشخصيات التي تدور حولها الأحداث، أما في السينما فبقدرة المؤلف أن يستخدم كما هائلا من الممثلين الأبطال والممثلين الرئيسيين ثم الثانويين، كما أنه في المسرح تعتمد الشخصيات على التعبير عن انفعالاتها عاطفتها و أحاسيسها عن طريق الحوار، لأن وجه الممثل المسرحي قد لا يظهر لآخر متفرج يجلس في صالة العرض، ولهذا يتحتم على الممثل أن يعبر قدر الإمكان عن مشاعره، لذلك يعتبر الحوار من أهم العناصر التعبيرية في المسرح، لطالما اعتبر النص المسرحي كتابة درامية لاعتماده على العناصر الدرامية التي تصف المشهد من أجل تجسيده ومشاهدته منذ بدايته إلا أنه حديثا أصبح يعد نوعا أدبيا ودراميا بنفس الوقت، و "رغم تاريخ المسرح العريق الذي يصنفه كفن درامي ، وبالرغم من هذه الحقيقة التاريخية إلا أن عددا من نقاد المسرح وكتابه نظروا إلى هذا الفن الوافد على أدبنا وحضارتنا نظرة مغايرة، فاعتبروه نصا أدبيا في المقام الأول وليس عرضا فنيا أو تمثيليا فربطوه بالأدب وألحقوه بأجناسه" ، فأصبحت الكثير من المسرحيات تكتب لتقرئ أكثر من تخصيصها للمشاهدة وأخص بذكر ذلك المسرح العربي بشدة ويعود سبب ذلك إلى أن الفن المسرحي جاء حديثا عند العرب فهم لم يعرفوا ويمارسوا غير أنواع الكتابات الأدبية المخصصة للقراءة فقط كالقصة والشعر والرواية، وهذا ما جعلهم يضمون الكتابة المسرحية كنوع أدبي إلى باقي الكتابات الأدبية، فقد "كان توفيق الحكيم أول من أسس المسرحية النثرية في الأدب العربي وأمام المسرحيين العرب أبرز الأسماء التي حاولت الفصل بين المسرح والتمثيل" هذا التقارب بين النص المسرحي والكتابات الأدبية يفرض على النص المسرحي أن يتوافق مع النصوص الأدبية الأخرى في نقط تشابه مشتركة غير العناصر البناء الدرامي التي تتوفر في جميع الكتابات الدرامية أو الأدبية. الرواية أقرب كتابة أدبية للمسرح:
تتنوع الكتابات الأدبية بما فيها القصة والرواية والشعر والنص المسرحي حديثا وتختلف كل واحدة عن الأخرى بمميزاتها الخاصة التي تميزها على الأنواع الأخرى ولكنها تتفق جميعا من حيث أنها خصصت للقراءة، وإذا ما قارنا النص المسرحي بالكتابات الأخرى تكون الرواية أقرب إلى المسرحية لما تتوفره من عناصر البناء الدرامي من حبكة وصراع وحكاية إضافة إلى وجود الحوار غير أنها تختلف عن النص المسرحي فبجانب أن وصف المشاهد يكون بلغة الماضي عكس المسرح الذي يعتمد في الوصف على الزمن الآني، هناك سببان يجعلان الرواية تختلف عن المسرحية وهما:
أولا: أن الرواية عمل يعتمد على كاتب واحد يقوم بتأليفها من بدايتها لنهايتها وينتهي العمل الروائي عند وصول الكاتب إلى نهاية الرواية وإتمامها وتصبح جاهزة للقراءة أما النص المسرحي فكاتبه يأخذ نفس طريقة كاتب الرواية لكن عند انتهائه من الكتابة فإنه بذلك قد جهز نصا مسرحيا سيتم تجسيده على خشبة المسرح ويكون بذلك الكاتب المسرحي قد قام بأول خطوة في العملية المسرحية.


Original text

النص المسرحي بين الكتابة الدرامية والكتابة الأدبية
تختلف الكتابة المسرحية عن غيرها من الأنواع والأجناس الأدبية الأخرى، باعتبارها مؤسسة على العقلية الدرامية وعلى الخلاص من النبرة الواحدة إلى فضاء حوار النوازع والرؤى عبر الشخوص المجسّدة للمنحى الدرامي للمسرحية؛ فهي كتابة تعددية يتوقف نجاحها على العرض الركحي.
وتعدّ الكتابة المسرحية في الجزائر نوعا من السفر / البحث عن الدراما، باعتبار أن الكاتب المسرحي يفتقد لموروث نصي وبصري، كالذي يملكه نظيره الغربي أو حتى المشرقي، فهو يبحث عن الدراما ولا يجد نفسه في مركزها، وهذا ما قد يعيق الكتابة المسرحية ويصنع محدوديتها في عدد من النصوص المسرحية من جهة وفي عدد الكتاب المسرحيين المتعاطين لهذا النوع من الكتابة من جهة ثانية.
وفي ظل الحديث عن أزمة النص المسرحي عندنا، والذي لا يعني البتة انتفاء النص مطلقا، وإنما يعني قلة النصوص المسرحية التي تتميز بالمضمون الإنساني الرفيع والجمال الفني البديع وما دام أن المسرح الجزائري لا يمكنه أن يخطو أي خطوة نحو التطور الفني دون نص جيد، بالإضافة إلى الرؤية الإخراجية الواعية، نص متكامل وخاضع لشمولية الذات الإنسانية بعيدا عن خصوصية الربقة الأيديولوجية.
إذ تختلف أنواع الكتابات وتتعدد إلى كتابات درامية (نص مسرحي أو سيناريو سينمائي، تلفزيوني، إذاعي) وإلى كتابات أدبية (كالقصة أو الرواية وغيرهما...)، وتتميز فيما بينها حسب البنية الداخلية التي تقوم عليها والقواعد الكتابية والتقنيات التي تتبعها، كما تختلف من حيث الشكل الأخير الذي تقدم به سواء للمخرج أو للمطالع إلا أنها تشترك في أنها تحمل رسائل إنسانية ولها غايات ترفيهية لمستهلكيها أي للمتلقي بصفة عامة سواء كان قارئا أو مشاهدا.
وللتمييز والتفريق بين هاته الأشكال الكتابية علينا أن نميز كل نوع بخصائصه من أجل أن يسهل علينا التفريق بينها، فالكتابات الدرامية هدفها المشاهدة، والتي تعتبر أول خطوة نحو إنتاج عمل درامي استعراضي محاكيا للواقع يقدم على خشبة المسرح أو على الشاشة، أما الكتابات الأدبية ونخص بذكر الكتابات الأدبية الإبداعية فهي مجموعة الكتابات التي تعتمد على ذاتية الكاتب من خلال ترجمة مشاعره وأحاسيسه الخاصة الداخلية وإبراز مخيلته وانفعالاته ونزعته الخاصة بأسلوب إبداعي لغوي رفيع يتحتم فيه توفر التعابير الإنشائية والمحسنات البديعية والعبارات المنتقاة بغرض التأثير في نفوس القارئين عند قراءتها ومن هاته الأنواع الأدبية الرواية، القصيدة الشعرية، المذكرات الشخصية، الكتابة حول العظماء .
ولكن هذا لا يعني أن أنواع الكتابات الدرامية المختلفة لا تختلف فيما بينها بالعكس فإن كل نوع درامي للكتابة يتميز عن الآخر مثله مثل جميع الكتابات الأدبية التي تختلف فيما بينها وينفرد كل نوع بشكله الخاص سواء من ناحية التركيبة الداخلية وما تتضمنها أو قواعد الكتابة الظاهرية، أما إن أردنا أن ندرس الفروقات بين الكتابة الدرامية والأدبية فإن النص المسرحي أفضل نوع يمكننا من خلاله التمييز بين كل نوع كتابة وآخر باعتبار أن النص المسرحي هو أول وأقدم كتابة عرفتها البشرية فهو أساس تشكل الكتابات الفنية الأخرى من جهة، ومن جهة أخرى فإن النص المسرحي في الشكل الذي يبنى عليه النص المسرحي يمكّن أي متلقي من قراءته واستيعابه مثله مثل الكتابات الأدبية.
فالنص المسرحي هو نوع من أنواع الكتابة الدرامية، ف "هو النص الذي يحاول أن يسير على أصول الدراما وقواعد التأليف المسرحي من تقيد بالحكاية وبناء للشخصية والصراع المسرحي وما يقتضيه ذلك من ربط لهذه العناصر بما يسمى بقواعد التأليف بالحبكة " أي أنه النص القصصي الذي يعتمد على الحوار، يصاحبه وصف للمشهد من ديكور وإضاءة وبعض المؤثرات الصوتية وبعض الملاحظات التي تصف تعابير وجه الشخصيات، ويكتب هذا النوع من الكتابات خصيصا للمشاهدة، فهو يعتبر الخطوة الأولى لإنتاج عرض مسرحي، ويسير على أصول الدراما لأنه يتكون من مجموعة من العناصر الدرامية تتمثل في مجموعة الأحداث الدرامية التي تدور حول فكرة معينة بحيث يقوم بتحريك هاته الأحداث مجموعة من الشخصيات الدرامية لتشكل تسلسلا دراميا له أمكنة متعددة وفق أزمنة معينة أيضا موافقة لها ما يعرف بوحدة الزمان والمكان، تتفاعل الشخصيات فيما بينها لتنتج طرفين متضادين أغلبها بين الخير والشر ينتج عن هذا التفاعل ما يعرف بالصراع الدرامي الذي يتأزم بشكل تدريجي ليصل إلى الذروة والمسمات بالحبكة الدرامية أو العقدة ثم تكمل الأحداث الدرامية تسلسلها بطريقة مستقيمة نحو حل الصراع بشكل تدريجي لتصل إلى نهاية الصراع أين يتم حل العقدة وبالتالي الوصول إلى نهاية المسرحية، فالنص كما يقول المخرج المسرحي الفرنسي الشهير جايتوني باتي "هو بالنسبة للمسرحية بمثابة النواة في الثمرة، بمثابة المركز المتين الذي تنتظم حوله العناصر الأخرى" ، فالنص هو الجزء الأساسي للمسرحية ولا يعتبر فقط خطوة أولى نحو انتاج عمل فني بل هو أساس وجود المسرحية بذاتها.
فعناصر بناء النص هي ما يسمى بعناصر البناء الدرامي، وهي مجموعة العناصر التي يجب أن تتوفر في أي كتابة ابداعية لها قصة، وقد كان المسرح أول من ألم بها منذ نشأته على يد أرسطو الذي قام بوضع قوانينه الدرامية في المسرح مع التنظير لها، ولعل هاته العناصر هي أهم ما يربط المسرح بالكتابات الأخرى سواء الدرامية أو الأدبية.



  1. الفكرة:
    وهي الموضوع الذي تدور حوله قصة المسرحية ككل والفكرة التي ينسجها المؤلف في مخيلته ويعمل على ايصالها إلى المتلقيين من أجل خدمة المجتمع، ف "الموضوع هو الفكرة وهو الذي جعل من المسرحية سلاحا في الدفاع عن الإنسان، هو الذي ساهم في اكتساب الإنسان لا معارفه فحسب بل وانتصاراته الروحية والاجتماعية" ، فالهدف الأسمى للفن هو إفادة المجتمع بما يحسن حاله ويغيره للأفضل.
    إذ تختلف الأفكار المسرحية عن بعضها حسب نوع المسرحية والمجتمع الذي تعرض له حسب احتياجاته الفكرية، كما أن المواضيع كانت تتغير مع تغير العصور، أما الأفكار التداولية في عصرنا الحالي فأغلبها إما سياسية أو اجتماعية:
    الأفكار السياسية : والتي تكون موجهة غالبا الى الطبقة الكادحة مثلا أفكار حول الحروب و التي تقوم بتوعية المجتمع المستعمر حول وجوب الدفاع عن حريته أو عن وقف أشكال الاضطهاد الطبقي أو الفكري أو السياسي، أو أفكار سياسية حول نظام الحكم التي تدعو إلى وجوب التغيير بالإطاحة بالنظام، ويعتبر بيسكاتور أول من انحاز لهذا المسرح السياسي، إذ كان "نابعا عن قناعاته السياسية وإيمانه بأنها الطبقة التي يعول عليها بثورة تهدم مجتمع الاستغلال، وتبني المجتمع العادل " ، ورغم أن مشروعه لم ينجز لاحتياجه لأموال كبيرة لتحقيقها إلا أنه قد توصل إلى كسب مجموعة كبيرة من كبار رواد المسرح إلى صفه "وانظم إليه عدد من كبار المؤلفين من أمثال "بريخت" و"جون هارتفيلد " وقدم نصوصا لتولستوى وليولانيا وهاتشيك" ، وتعتبر هاته النوعية من المسرحيات الأكثر شيوعا والأكثر رقابة لما تحدثه من ضجيج حول جرأتها ولأنها تعتبر غير قانونية وانتهكت حدود الديمقراطية بما أنها تدعوا إلى مخالفة النظام ومصالحه وتمس بأمن الأنظمة السياسية ولأنها في الغالب تحرض الطبقة الفقيرة على الحروب ضد النظام الحاكم، ولا عجب من ذلك لأن هذا الاتجاه السياسي سرعان ما تطور وتشكل وغزت نظرياته العالم خاصة في دول العالم الثالث التي عانت الاستعمار بشدة، وتعتبر الجزائر أحد هاته المدن التي تأثرت بالمسرح السياسي تأليفا وإخراجا في أواخر القرن الماضي، "يقول علي سلالي المعروف بعلالو، عن تلك البدايات الأولى للمسرح الجزائري : مهما تكن المواضيع والأشكال والطرق المتبناة آنذاك، فإن الطابع التلميحي السياسي، كان يطبع الإنتاج المسرحي قصد توجيه الشعب وتنمية وعيه الوطني" ، وهذا ما أعطى المسرح مكانة كبيرة لدي مثقفي المجتمع الذين يسعون إلى التحرر.
    الأفكار الاجتماعية : يقول المسرحي الفرنسي فولتير عن المسرح، إنه مدرسة دائمة في تعليم الفضيلة، فللمسرح دور كبير في تربية المجتمع وتوجيهه إلى السبل الصحيحة من خلال توعيته بعرض المشاكل الاجتماعية التي يواجهها صوب عينه حتى يتأملها وينظر فيها، كالمشاكل التي تؤدي إلى الطلاق، مشاكل الآفات الاجتماعية، أسباب تفشي الجهل وغيرها من المشاكل التي تعتبر سببا أساسيا في دمار المجتمعات، ويعتبر هذا النوع من الكتابات أصدق نوع لأن مؤلفها يستلهمها من الواقع الذي يعيشه لهذا فهي تنال تشجيعا و قبولا كبيرا من طرف الجمهور لأنها كثيرا ما تصف وتجسد لهم حياتهم الحقيقية على الركح ،ولأنها "تحرك أنبل الدوافع وأسمى الأحاسيس، فالهدف الأسمى هو الإصلاح الاجتماعي سواء تشكلت المعالجة بإثارة الضحك عن طريق الكوميديا أو بإثارة شجون المشاهدين واستدرار دموعهم في عمل مأساوي أو تراجيدي" ، فالمهم أنها تبني بذلك مبادئا وقيما في روح المتلقي الفرد وهذا ما يساهم في خلق مجتمع مثقف وواعي كما يقول المؤلف العالمي ويليام شكسبير "اعطني مسرحا وخبزا أعطيك شعبا مثقفا ".
    ولا عجب أنه في القرون الأولى الميلادية وخاصة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، قد منع على الناس ممارسة المسرح وذلك لما يحمله من أفكار وعقائد دينية مخالفة للمسيحية، أي الأساطير والآلهة الإغريقية، فالتزمت المسيحية بمحاربة هذا الفن ثم سرعان ما عادت إلى استغلاله كوسيلة لنشر المسيحية عندما اكتشفت أن المسرح يؤثر في نفسية المتلقي بطريقة ناجحة فأصبحت تستغله في نشر المسيحية، فقد " أخذ المسرحيون يستمدون موضوعاتهم من الكتاب المقدس وحياة المسيح، وحياة مريم العذراء" وغيرها من المسرحيات التي تخدم الدين.
    ولو رجعنا إلى العصور الوسطى فإن المسرح كان حكرا فقط على الطبقة البرجوازية وذلك خوفا من أن يؤثر في عقول الفقراء الطبقة الكادحة ويصبح أداة تحريض وتوعية للمجتمعات المقهورة من جهة ومن جهة أخرى فهي كانت تفضل أن يكون شعبها جاهلا حتى تتمكن من السيطرة عليه لهذا فقد كانت الكتابات تخصص للعرض أمام الطبقة البرجوازية فقط.
    فالفكرة هي لب العمل المسرحي ككل والنقطة المسؤولة على التأثير في نفسية المشاهد، فوجوب كونها ايجابية وتحمل كل ما تسنى له من الفضيلة أمر موضوع على عاتق الكاتب، كما يجب أن تتوفر في كتاباته المواضيع التي تخص ذلك العصر وتعبر عن ذلك المجتمع الذي ستعرض له ولا يؤثر سلبا إن لم يعاصر الديكور المجتمع، مادامت الفكرة تحمل هدفا نبيلا للمجتمع، لذلك فمهما كانت النصوص المسرحية قديمة قدم المسرح إلا أنها لا تزال تعرض ليومنا هذا مادامت تحتوي على الأفكار التي تخدم المجتمع، ولا عجب في رجوع بعض المخرجين إلى إخراج مجموعة من النصوص المسرحية القديمة وغير المعاصرة وذلك لأنه رغم قدم النص إلا أنه يتضمن على فكرة تخدم مجتمعه الحالي وتشابه حالة يعيشها ذلك المجتمع، فيقوم الكاتب بالاحتفاظ بهيكل المسرحية فقط وإعادة كتابة النص من جديد، مثل الكثير من النصوص العربية التي استمدت مادتها من النصوص الغربية، والنصوص الغربية التي استمدت هي كذلك مادتها من النصوص القديمة على سبيل المثال الكاتب العالمي "شكسبير حينما جلس يكتب مسرحياته مستندا إلى فن الأقدمين من اليونان والرومان، كما استمد النبع الشعبي الكبير الذي تراكم في بلاده، وموليير اعتمد على فنون السيرك والكوميديا المرتجلة الإيطالية " ، وبجانب رغبة الكاتب المقتبس بالتذكير بالنصوص العالمية القديمة وإحيائها فهو يعتبر إعادة الاقتباس تحديا له من حيث أنه يستغل موضوعا مستهلكا ويعيد كتابته بطريقته الخاصة وإبداعه الخاص دون أن يغفل على التركيز على فكرة المسرحية المشتركة بين العصرين والتي من شأنها خدمة المجتمع الحالي، والكثير من المخرجين يعتمدون على النصوص المقتبسة وذلك لقلة الكتابة المسرحية وكتابها.

  2. الحبكة الدرامية:
    هي مجموعة الأحداث التي تترابط فيما بينها بطريقة تسلسلية إلى أن تصل إلى ذروتها في التأزم وتسمى كذلك العقدة، إذ "تستعمل في الكلام العادي لتدل على تتابع الحوادث في المسرحية بشكل مجرد بعيدا قدر الإمكان عن دلالات تلك الحوادث" ، وهذا التسلسل ما يصنع التشويق لمتابعة الأحداث وخصوصا عند وصولها للذروة التي تشكل تأزم الصراع لتتخذ بعد ذلك اتجاها مغايرا تجعل فيه المشاهد يتساءل (ماذا سيحدث بعد كل هذا؟) وكلما كانت الحبكة شديدة التأزم وكان حلها مستصعبا وذكيا نالت نجاحا أكبر لأنها بذلك ستعبر عن مدى نضج أفكار الكاتب وبراعته في التأليف، ف "الحبكة المتقنة الصنع استلمها العملاق النرويجي إبسن فامتلك ناصيتها وملأها بالفكر والتحليل والمعالجات الإنسانية، فقفز بفن الدراما قفزة كبيرة خلَّصتها من كثير من شوائبها" ، كما أن الحبكة تستوجب عنصر التشويق والغرابة وكثرة الشفرات الحلول الملتوية، لأن هاته العناصر هي المسؤولة على تحقيق الترفيه للمشاهد والتي تحافظ على انتباهه طيلة العرض.
    وقد عرفت المسرحيات وجود الحبكة في النصوص المسرحية منذ بداية المسرح غير أنه في مطلع القرن العشرين وعند ظهور مدارس إخراجية جديدة تمردت على القواعد الدرامية الكلاسيكية، وتمردت على البناء الدرامي لعناصر المسرحية، مثل المسرح الملحمي الذي تخلى عن الحبكة واحتفظ بوجوب اشتراك المشاهد أو الفصول على موضوع واحد.
    وقد اختلفت الكتابة اليوم عن الكتابات القديمة وذلك راجع إلى سببين أولهما أن الكتابات السابقة كانت تمهد للحبكة وتعتمد على المشاهد التفصيلية للأحداث التي تضفي الكثير من الواقعية، أما الكتابات المعاصرة فأصبحت لا تقوم بذلك، إضافة إلى أن المخرجين المعاصرين اليوم يتعاملون مع النصوص الطويلة بطريقة مختصرة إذ يقومون باستخلاص الهدف وفكرة المسرحية وتجسيدها بدون إضافات أو تمهيدات وذلك خوفا من الوقوع في الملل.

  3. الصراع :
    هو صورة من صور الخلاف والنزاع بين الشخصيات الدرامية المتواجدة في النص المسرحي، التي ينتج بعد أن تتوالى الأحداث المضطربة وتتأزم لتشكل مشكلة معقدة تسمى بالصراع، و "جميع أنواع الصراع الداخلة في الصراع الأكبر الرئيسي في المسرحية يجب أن تأخذ صورة محددة في المقدمة المنطقية أي أن تتبلور فيها في غير لبس ولا ايهام" ، وينتج في الصراع قوتين متضادتين بين الخير والشر ف "هو تعارض مرئي بين قوتين متعارضتين متكافئتين ينمو بمقتضى تصادمها بالفعل الدرامي" ومختلفين حول الفكرة التي تقوم عليها المسرحية، إذ يكون الصراع واضحا دراميا ويظهر ويفرق الطرفين ويفصل بينهما.
    إذ "إن لم يكن الصراع في المسرح أجمل عناصره ، وإن لم يكن أخطرها، إلا أنه يستمد من جوهر الإنسان فكان العنصر الأول الذي يتيح لك أن تقول إن المسرح محاكاة للحياة، ويحق لك بعد ذلك أن تفهم المحاكاة على أي شكل تحدث به المؤرخون والناقدون من أيام أرسطو حتى اليوم" ، فالصراع يرتبط بالهدف الأعلى للمسرحية ووجوده يعد إجباريا لأنه يساهم في إعطاء الحقيقة التي نعيشها من خلال إظهار الجانب المظلم والمشرق في حياتنا ويساعد على توجيه الناس على كيفية التعامل مع مشاكلهم بإعطائهم حلول أو بتوجيههم نحو طرق التعامل مع مشاكلهم بطريقة إيجابية ذكية عندما تطرح قضية قد تتشابه إلى حد ما مع ما يصادفونه من مشاكلهم الحقيقية في الحياة.
    إن الشيء الذي يعتبره المشاهد قمة في الترفيه والإثارة هو رأيته لأحد الشخصيات المسرحية التي تتغير أبعادها بسبب الصراع رغبة للوصول إلى الحل المناسب، وتصبح شخصية مركبة بعد أن كانت شخصية عادية لها أبعاد ثابتة، فالمشاهد ينحاز بشدة لهذا النوع من الشخصيات والتي يستعملها الكاتب من أجل أن يضفي روحا جديدة وسط المسرحية لتجنب الوقوع في الملل كما يفضل المشاهد المسرحيات التي ينتهي صراعها بانتصار الحق على الباطل فهي بالنسبة له منصفة وهي النهاية التي سترضيه.
    وقد تتواجد عدة صراعات ثانوية في النص المسرحي لكنها تترابط مع الصراع الأكبر أو تؤدي إليه، وهذا الأخير الذي يستلزم أن يكون فيه بطل المسرحية أحد أطرافه المتنازعة والذي يكون مضادا للبطل المعاق له ومواجها لتحقيق رغبته، وينقسم الصراع إلى نوعين:
    الصراع الداخلي: وهو الصراع الذي يكون فيه داخل الشخصية الواحدة مع نفسها مع العاطفة والعقل أو بين فكرتين تختلج عقل الشخصية الواحدة، وهذا النوع من الصراع لا يظهر للعامة إلا على مستوى الشخصية الواحدة ومهما كان عميقا وكبيرا ويعبر عن مكبوتات هيجاء إلا أنه يظهر على خشبة المسرح ويتجسد في المونولوجات الداخلية.
    الصراع الخارجي: هو الصراع الذي يسهل فيه اكتشاف الأطراف المتضادة من الشخصيات والتي تكون ظاهرة بشكل واضح للمشاهد، وهو يتجسد خارجيا عند تقاطع الأبعاد المادية والنفسية والاجتماعية للطرفين المتصارعين، وهذا النوع من الصراع يكون أكثر تأثيرا على المتلقي مهما كانت ثقافته وبيئته، لأنه يظهر بشكل قوي على خشبة المسرح أكثر من الصراع الداخلي، كثيرا ما يكون هذا الأخير أحد الدوافع التي ينتج عنها الصراع خارجي.
    4 . الشخصية :
    هي تبلور مجموعة الدوافع الداخلية والمكبوتات وسلوكيات المعاملة للشكل الخارجي للمظهر فيما بينها على مستوى الإنسان الفرد الواحد لتشكل شخصيته التي تميزه عن غيره، فهي "النماذج البشرية التي يرسمها المؤلف المسرحي بقلمه أو خياله في لحمة النص" ، ويمكن تمييز الشخصيات عن بعضها البعض من خلال الأبعاد الشخصية التالية:
    البعد الفيزيولوجي (المادي): وهو الخاص بشكل الشخصية من حيث الطول، الوزن، الجمال، القبح، الصغر، الكبر وغيرها من الواصفات التي تتعلق بالمظهر الخارجي الجسماني للشخصية.
    البعد السوسيولوجي (الاجتماعي): يرتبط بالطبقة الاجتماعية للشخصية وذلك من خلال تمييز مظهرها الذي يميز مكانتها الاجتماعية إن كانت فقيرة أو غنية مثلا أو تصرفاتها وسلوكياتها الظاهرية إن كانت لبقة أو ركيكة وطريقة حوارها ولغتها وما يتضمنها من مصطلحات التي تبين مستواها الاجتماعي الثقافي.
    البعد البسيكولوجي (النفساني): وهي تظهر كثيرا في المونولوجات خاصة عند الصراعات الداخلية كما تظهر من خلال التصرفات والسلوكيات التي تظهرها الشخصية اتجاه الشخصيات الأخرى.
    5 . الحوار:
    يعتبر الشكل الأكثر وضوحا في المسرحية ككل، فيتم من خلاله تحريك الأحداث الدرامية لما يحتويه من معلومات ماضية وآنية ومقبلة، وهو "ما يشمل جملة المنطوق بين الشخصيات خلال المسرحية" ، بجانب أنه وسيلة الكاتب للتعبير عن فكرته بشكل واضح وصريح، كما يساعد المتلقي على تمييز البعد النفسي والاجتماعي للشخصية الدرامية.
    ويعتبر الحوار المسرحي القوي هو الحوار الذي يكشف عن أحداث المسرحية بطريقة دقيقة وغير مفتعلة ولهذا فهناك ما يميز الحوار المسرحي على الحوارات العادية التي نمارسها في حياتنا، فالحوار المسرحي يرتبط بفكرة واحدة هو موضوع المسرحية وحتى إن خالف ذلك بعض الشيء إلا أنه من المهم أن يقوم بالتمهيد للتحدث حول الفكرة الأساسية أو بموضوع يتعلق بها، ولكن رغم ذلك فيفترض عدم الإطالة في الحوارات الثانوية حتى لا تطغى وتقلص من قيمة الحوارات المهمة التي يجب أن تعطى لها أهمية عكس الحوار العادي بين شخصين الذي ليس له هدف ظاهر تدور حوله المقابلة مما يمكن المتحدثين من تغيير الموضوع والانتقال إلى مواضيع أخرى بحرية، فهما غير مرغمين على التقيد في الحديث حول فكرة واحدة ولا التقيد بالزمان أو الأسلوب اللغوي المسرحي وذلك بطريقة واضحة ومتماسكة.
    الدراما بين النص المسرحي والسيناريو:
    يخلط الكثير في شرح مصطلح "الدراما" وربطه بالمسرح فقط سواء إن تعلق الأمر بالنص أو العرض وهذا راجع إلى قدم المصطلح وقدم الفن المسرحي بحد ذاته، وقد زعم الدوريون (وهم مجموعة عرقية يشكلون جزءا من الشعب اليوناني القديم) أن أصل الكلمة يعود إليهم إذ أنها "ترجع إلى كلمة دوران وهي كلمة dran وهذه الكلمة تعني في اللهجة الدورية بصفة خاصة "عملا يؤدى" ، ثم تحولت إلى شكلها الحالي drama " ، ولكن لا يوجد شيء يؤكد ذلك خاصة وأن "أرسطو لم يتدخل برأيه في هذه المزاعم الدائرة حول المواطن الأولى للتراجيديا والكوميديا، ولا يقدم تفسيرا لأصل مسميها اللغوي، لأنه مهتم بصفة خاصة بالأصول السيكولوجية للفن" ، وقد أطلق على فنون المسرح بشكل خاص لأنه في تلك الحقبة لم يعرف فن استعراضي آخر غير الفن المسرح، ولم يكن هناك لا أثر ولا ابتكار لما يسمى بالفن السينمائي، لكن إذا ما رجعنا إلى التعريف الاصطلاحي للدراما، وبعيدا عن مكان تأدية العرض سواء على خشبة المسرح أو الشاشة نرجع إلى تعريف أرسطو للدراما مركزا على مفهوم المأساة باعتبارها جنسا دراميا فيقول : "المأساة، إذن، محاكاة فعل يتصف بالجدية وكذلك لكونه ذا حجم، يتصف بالكمال في ذاته، بلغة ذات لواحق ممتعة، يؤتي بكل نوع منها منفردا في أجزاء العمل، في شكل درامي لا قصصي، وفي أحداث تثير الإشفاق والخوف فتبلغ بواسطتها إلى تطهرها من تلك المشاعر" ، ويفسر النقاد ذلك على أن الدراما هي كل ما يتم عرضه تبعا لنص درامي يحتوي على مجموعة من العناصر الدرامية ويقوم بأدائه مجموعة من الممثلين يجسدون الشخصيات المذكورة في النص الدرامي، في مشاهد غير سردية بل درامية تجسد أحداثا تحاكي الواقع، ومن هذا التعريف فإننا نجزم على أن ما يستلزم وجوده في المسرح ينطبق على ما يتوفر في الفن السينمائي، وبهذا فالسينما جاءت وليدة للدراما مثلها مثل العرض المسرحي، غير أن المسرح يتميز عليها بكونه أقدم منها وسابقا لها بقرون وسنين وأن التنظير الدرامي الأول كان من نصيبه.
    وبما أن الدراما ليست متعلقة بالمسرح فقط فمصطلح النص الدرامي إذا لا يتعلق بالكتابة المسرحية فقط إذ أنه يختلف عن مفهوم النص المسرحي، ف "النص المسرحي يعد المرحلة الثانية من النص الدرامي الذي يمثل الجانب النظري في العملية المسرحية " ، وذلك لأن النص الدرامي ليس إلا نصا أدبيا يمكن قراءته مثله مثل الكتابات الأدبية الأخرى، أما النص المسرحي فيختلف عنه بأنه النص الذي قد أصبح في قيد إنجاز عمل مسرحي على خشبة المسرح على يد المخرج مصاحبا لمجموعة من الارشادات التي ستتخذ من أجل تجسيده في العرض، وبعد أن كان نصا دراميا بالإمكان قراءته فقط أصبح نصا مسرحيا يستوجب مشاهدته.
    وبما أن الكتابة الدرامية لا تتوقف على النص المسرحي فقط بل ترتبط مع السيناريو كذلك لأنه نوع من الكتابات الدرامية والذي ينقسم بنفسه إلى نصوص سينمائية أو تلفزيونية أو إذاعية، ويرجع تعدد هاته الأنواع لتعدد الاختلافات بينها، وبما أن هاته الكتابات الدرامية تعتمد على نفس عناصر البناء الدرامي.
    السيناريو: هو اشتقاق لكلمة سينا scena وهي كلمة ايطالية تعني المنظر، والسيناريو هو نص مكتوب لفيلم أو مسلسل أو لنص إذاعي و "هو قصة تروى بالصور" وهي درامية لها بداية ووسط ونهاية إذ تكون مقسمة بطريقة تسلسلية إلى مشاهد وكل مشهد يصف مجموعة من اللقطات التي تصف مكان الحدث وتحدد زمانه وتحدد الشخصيات مع إظهار مميزاتها من أبعاد نفسية ومادية واجتماعية في الوصف أو من خلال ما يتوفره الحوار، وقد لا يحتوي المشهد على الحوار إنما على وصف بأدق تفاصيل المشهد.
    ولا يختلف السيناريو من حيث البناء الدرامي على المسرح فهو في الأخير جاء وليدا له وأخذ أهم عناصره الدرامية وأدواته كالحكاية والحبكة والصراع والشخصيات الدرامية وغيرها من العناصر الأساسية التي إن لم يأخذ منها شكلها الكامل سيستعير بعض الأجزاء، منها بحيث إنه إذا ما قارنا وجهة الشبه بين الكتابات الدرامية و فالسيناريو أقربها إلى المسرح على الإطلاق فمن السهل أن نحول بعض النصوص المسرحية إلى سيناريوهات دون تغيير شيء، كما أنه في بدايات السينما اعتمدت السينما على المسرح واشتركت معه في المؤلفين والمخرجين مثل هيتشكوك، وغيرهم واستعانت بأبطال المسارح وجعلت منهم أبطالا سينمائيين لخبرتهم في الأداء ولاستغلال شهرتهم، كما استعانت بصالات المسرح لعرض أفلامها على شاشات ضخمة، ولم تقف إلى هذا الحد بل قد كانت هناك مسرحيات يتم تصويرها بالكاميرا لبثها على شاشات السينما وهذا ما جعل النص المسرحي يأخذ منحا آخر لأن ظهور السينما كان بمثابة نهاية لعصره لقدرة السينما على تصوير الواقع كما هو عكس المسرح الذي يجسد الواقع على خشبة المسرح كل هذا ما دفع بالمسرح بالولوج إلى أفكار جديدة وتطوير حديث للعمل المسرحي نتج عنه ظهور تيارات واتجاهات جديدة غيرت من شكل البناء الدرامي بعد قرون وعصور طويلة من نشأته.
    ولم يقف هذا الاختلاف على خشبة المسرح والشاشة فقط بل على مستوى النص المسرحي والسيناريو قبل كل شيء سنذكر أهم هاته الاختلافات:
    كاتب النص المسرحي والسيناريست: من الشائع في المسرح أن كاتب النص هو المسؤول عن كتابة نصه وحواره وتقريبا عمله لا يتعدى كتابة النص المسرحي أما في السيناريو فيختلف الأمر إذ أنه بإمكان الكاتب أن يتخصص بين السيناريو أو الحوار فيقوم كاتب السيناريو بالاستعانة بكاتب حوار، كما أنه من الشائع في السينما يقوم الكثير من المخرجين الكبار بكتابة السيناريوهات بأنفسهم وإخراجها و ذلك لأن كاتب السيناريو عليه أن يكون ملما بكل العملية المسرحية ليس بالسيناريو فقط وهذا ما سيساعده على وصف المشهد بالدقة ثم إخراجه بطريقة مماثلة لما تخيله عند الكتابة خصوصا أن السينما تعتمد على الصورة والصمت أكثر من الحوار فتجسيد تلك اللقطة الصامتة تحتاج إلى شخص ملم بتقنيات التصوير حتى يسهل عليه تصويرها.
    المشهد في النص المسرحي والسيناريو: ينقسم النص المسرحي إلى فصول وينقسم كل فصل إلى عدة مشاهد بينما السيناريو ينقسم إلى مشاهد والمشاهد إلى مجموعة من اللقطات إذ إن المشاهد في السيناريو أقصر بكثير من المشاهد المسرحية و "القصة في السيناريو هي التي تفرض طول المشهد أو قصره" أما المسرح فليس بقدرته أن يغير المشاهد وينتقل إلى الأماكن بسهولة لذلك وحتى يتم تجنب الملل من الحوارات الطويلة يتم الفصل بين مواضيع الحوارات في المشهد الواحد في المسرحية بدخول شخصية وخروج شخصية أخرى على سبيل المثال، وهاته الملاحظات تكتب في النص المسرحي وتكون تابعة للأحداث الدرامية وجزءا من قصة المسرحية ، بينما في السيناريو فيتم الفصل بين الأحداث بالانتقال من مشهد إلى مشهد آخر بسهولة دون مراعاة المكان والزمان مالم يؤثر ذلك سلبا على تتالي الأحداث الدرامية، وهذه من أهم المميزات التي تتمتع بها السينما ويفتقد لها المسرح بالرغم من وجود عدة أشكال للخشبة المسرحية وبالرغم من كل التقنيات المتطورة التي توصل إليها المسرح إلا أنه "مقيد بالنسبة للزمان والمكان عكس السينما تماما التي يمكنها أن تصور أي حدث في أي زمان أو مكان وأن تتعدد المناظر إلى أي حد ممكن" التي تتمتع بها السينما ويفتقدها المسرح هي إمكانية تصوير الأحداث في أي زمان ومكان، لأن عمل السيناريست هو تصوير الواقع قدر الإمكان وباستطاعته التنقل بين الأماكن داخليا أو خارجيا والرجوع إليها بطريقة سهلة، عكس المسرح الذي يحدد المشاهد في بضعة أماكن لصعوبة تغيير الديكور أو الاستعانة بديكورات ضخمة وعديدة كما تحدد المشاهد على خشبة واحدة فيقوم بوصف المشهد من زاوية واحدة وهي زاوية رؤية الجمهور للعرض، بينما السيناريست فبإمكانه وصف المشهد من أي زاوية يريدها.
    الشخصيات و التعبير الدرامي في النص المسرحي و السينمائي: لا تختلف الشخصيات السينمائية عن الشخصيات المسرحية من حيث أبعادها النفسية والاجتماعية والفيزيائية لكن غالبا في المسرح تكون هناك فئة قليلة من الشخصيات المسرحية حتى يمكن المشاهد من الاعتياد عليها وتمييزها من جهة ومن جهة أخرى فان المسرح يركز على أهم الأحداث التي جاءت في القصة ولذلك فانه يركز على أهم الشخصيات التي تدور حولها الأحداث، أما في السينما فبقدرة المؤلف أن يستخدم كما هائلا من الممثلين الأبطال والممثلين الرئيسيين ثم الثانويين، وغيرهم من الشخصيات التي تضفي الكثير من الواقعية للمشهد كمشهد السوق مثلا فانه يتطلب وجود كم من الممثلين حتى يجسد صورة السوق الحقيقية، كما أنه في المسرح تعتمد الشخصيات على التعبير عن انفعالاتها عاطفتها و أحاسيسها عن طريق الحوار، لأن وجه الممثل المسرحي قد لا يظهر لآخر متفرج يجلس في صالة العرض، ولهذا يتحتم على الممثل أن يعبر قدر الإمكان عن مشاعره، لذلك يعتبر الحوار من أهم العناصر التعبيرية في المسرح، بينما في السينما يختلف الأمر فالحوار لا يعتبر عنصرا مهما بقدر ما يتطلب من السيناريست وصفا دقيقا لملامح الشخصية عند تعبيرها عن حالة عاطفية أو حسية تعيشها، لأنه يكفي على المخرج السينمائي على التركيز على ملامح الوجه بلقطة تفصيلية أو مقربة لإظهار تعابير وجهها بدقة.
    النص المسرحي كتابة أدبية للقراءة:
    لطالما اعتبر النص المسرحي كتابة درامية لاعتماده على العناصر الدرامية التي تصف المشهد من أجل تجسيده ومشاهدته منذ بدايته إلا أنه حديثا أصبح يعد نوعا أدبيا ودراميا بنفس الوقت، و "رغم تاريخ المسرح العريق الذي يصنفه كفن درامي ، وبالرغم من هذه الحقيقة التاريخية إلا أن عددا من نقاد المسرح وكتابه نظروا إلى هذا الفن الوافد على أدبنا وحضارتنا نظرة مغايرة، فاعتبروه نصا أدبيا في المقام الأول وليس عرضا فنيا أو تمثيليا فربطوه بالأدب وألحقوه بأجناسه" ، فأصبحت الكثير من المسرحيات تكتب لتقرئ أكثر من تخصيصها للمشاهدة وأخص بذكر ذلك المسرح العربي بشدة ويعود سبب ذلك إلى أن الفن المسرحي جاء حديثا عند العرب فهم لم يعرفوا ويمارسوا غير أنواع الكتابات الأدبية المخصصة للقراءة فقط كالقصة والشعر والرواية، وهذا ما جعلهم يضمون الكتابة المسرحية كنوع أدبي إلى باقي الكتابات الأدبية، فقد "كان توفيق الحكيم أول من أسس المسرحية النثرية في الأدب العربي وأمام المسرحيين العرب أبرز الأسماء التي حاولت الفصل بين المسرح والتمثيل" هذا التقارب بين النص المسرحي والكتابات الأدبية يفرض على النص المسرحي أن يتوافق مع النصوص الأدبية الأخرى في نقط تشابه مشتركة غير العناصر البناء الدرامي التي تتوفر في جميع الكتابات الدرامية أو الأدبية.
    الرواية أقرب كتابة أدبية للمسرح:
    تتنوع الكتابات الأدبية بما فيها القصة والرواية والشعر والنص المسرحي حديثا وتختلف كل واحدة عن الأخرى بمميزاتها الخاصة التي تميزها على الأنواع الأخرى ولكنها تتفق جميعا من حيث أنها خصصت للقراءة، وإذا ما قارنا النص المسرحي بالكتابات الأخرى تكون الرواية أقرب إلى المسرحية لما تتوفره من عناصر البناء الدرامي من حبكة وصراع وحكاية إضافة إلى وجود الحوار غير أنها تختلف عن النص المسرحي فبجانب أن وصف المشاهد يكون بلغة الماضي عكس المسرح الذي يعتمد في الوصف على الزمن الآني، هناك سببان يجعلان الرواية تختلف عن المسرحية وهما:
    أولا: أن الرواية عمل يعتمد على كاتب واحد يقوم بتأليفها من بدايتها لنهايتها وينتهي العمل الروائي عند وصول الكاتب إلى نهاية الرواية وإتمامها وتصبح جاهزة للقراءة أما النص المسرحي فكاتبه يأخذ نفس طريقة كاتب الرواية لكن عند انتهائه من الكتابة فإنه بذلك قد جهز نصا مسرحيا سيتم تجسيده على خشبة المسرح ويكون بذلك الكاتب المسرحي قد قام بأول خطوة في العملية المسرحية.
    ثانيا: في الرواية يتم وصف المكان والأشخاص والعواطف حتى يسرح القارئ بمخيلته بينما في المسرح ليس على الكاتب أن يصف المكان بطريقة لغوية تعبيرية إبداعية فهو فقط يحتاج إلى إعلام المخرج على ما يتوفره المشهد وماذا يريد من الشخصية أن تقوم به ويصف له الأشياء التي قد تكون على غير عادتها في ذلك المشهد، فحتى لو وصف المشهد بكل ما اتيحت له من مشاعر لن يشكل ذلك فارقا.
    وفي ضوء ما تقدم حول المفارقات بين الكتابات الدرامية والأدبية فيمكننا القول إنه رغم ما تشهده الكتابات من اختلافات فيما بينها إلا أنها تتفق من جهتين الأولى بكونها تتوفر على نفس العناصر البنائية للقصة مهما اختلفت مضامين كل عنصر على آخر، وثانيا أنها تستلزم وجود فكرة ذات نزعة إنسانية تدعو إلى الفضيلة وهذا الهدف الأسمى للفن قبل أن يكون وسيلة ترفيهية.
    إن النص المسرحي رغم اختلافه الشكلي عن السيناريو أو الكتابات الأدبية كالرواية إلا أنه يعتبر وسيطا بين الأدب والدراما ويجتمع فيه أهم عناصر الكتابتين ورغم أن المسرح من أقدم الفنون إلا أنه لا يزال وسيظل الفن الذي تعتمد عليه جميع الكتابات الإبداعية الأدبية والدرامية وترتبط به وتأخذ منه قواعده التي بنيت له منذ القدم وهذا ما يبقي على أهميته رغم التطورات التقنية التي نشهدها، فلم يخطئ أبدا من قال إن المسرح هو أبو الفنون.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ظهرت اهتمامات ب...

ظهرت اهتمامات بمقارنة الاعمال الأدبية منذ العصور القديمة، ففي القرن 13 هجري ( 10 ميلادي) رأى الجاحظ ...

يمكن أن يتم است...

يمكن أن يتم استهداف هذه البيانات من قبل المتسللين للوصول إلى البيانات الحساسة المدفوعة بفرص الربح ال...

في الواقع، توجد...

في الواقع، توجد مثل هذه الدورات في بعض الأحيان. في بعض الحالات كان من الممكن إثبات مثل هذه التقلبات ...

تعد مصلحة المست...

تعد مصلحة المستخدمين المفتشية اإلقليمية للتجارة من الجهات الحكومية التي تلعب دو ًرا حيوًيا في تنظيم ...

الشعر وتطوّره 1...

الشعر وتطوّره 1 استمرار التقليد كان الشعر يجرى فى مصر فى أثناء النصف الأول من القرن التاسع عشر على ا...

ظلت حركة الاستش...

ظلت حركة الاستشراق على امتداد تاريخها الطويل ترتقي مع كل مرحلة من مراحلها واتخذت خلالها العديد من ال...

عرفه العيني: "أ...

عرفه العيني: "أن يطلب من الصانع أن يصنع له شيئاً بثمن معلوم". لأنه باع ما ليس عنده على غير وجه السلم...

أهمية التدريب :...

أهمية التدريب : تحسين الأداء الحاضر، والتأهيل المسؤوليات اكبر في المستقبل، كما انه هدم بالنسبة للأف...

المقالة نوع من ...

المقالة نوع من الأدب، هي قطعة إنشائية، ذات طول معتدل تُكتب نثراً، وتهتمُّ بالمظاهر الخارجية للموضوع ...

Hospital inform...

Hospital information systems (HIS) have been used for decades around the world. Many hospitals in Sa...

اختلفت ردود الأ...

اختلفت ردود الأفعال في العالم العربي والعالم الغربي، ففي العالم الغربي لم يعد أحد يريد أن يكتب عن ال...

الحرب الفيتنامي...

الحرب الفيتنامية موقف الولايات المتحدة الغارات الجوية على فيتنام الشمالية في فبراير عام ١٩٦٥ ، ...