Lakhasly

ليسهناك سؤال يجيشمشاعري وال يشعل كل خاليامخيبقدرالسؤال الذي يتساءل عن أهميةبعض النتائج العلمية،
”العلماء صرفوا

ويأتي مثل هذا السؤال على عدةأشكال ولكن بمضمون واحد،فمثال من املمكن أن يكون السؤال كالتالي:
املليارات علىاملصادم الهدروني الكبير،فما الفائدة؟“ أو ”ما الفائدة من إنزال مركبة على املريخ، أليس من األفضل التر كيز
على حال البشر علىاألرض بدال منصرفاملليارات علىش يء ال فائدةمنه؟“ أو كالسؤال الذي وصلني على التويتربعد أن
طرحصديقي املعلومةالتيتقول أن الشمس تستطيعاستيعابمليون و٣٠٠ ألفكوكببحجم كوكباألرض حتىتمتلئ
”ماذا نستفيد من

الشمس ثم ألحقها بعددالنجوم فيدرباللبانة،وهي 2٠٠ مليار نجم، فسأله أحد األصدقاء هذه السؤال:
هكذا معلومات؟؟ قضينا وقتا بإحصائها وماذا بعد؟“ أنا أشكر السائل من كل قلبي ألن السؤال مهم جدا، ومن املهم اإلجابة
عليه حتى تتضح أهمية العلم.

قد تتصور أن مثل هذه األسئلة تطرح بين عامة الناس، ولكن الحقيقة أنها تطرح حتى على املستوى السياسيين املتخذي
للقرار والعلماء، وهي تؤثر على مزانيات صرف الدول على األبحاث العلمية، وقبل أيام بقليل قام العالم الشهير في الفيزياء
الفلكية تايسون نيل ديجراس ) (Degrasse Neil Tysonبالشهادة أمام مجلس الشيوخ عن أهمية زيادة الصرف على ناسا،
وذلكالنقاش هذافتح بسببالوضعاإلقتصادي العاملي،فتحدث كعادتهبفصاحة علميةرائعة،وبدأ بالجملةالتيذكرتها في
البداية،وبين أهميةوكالةناسا،وببالغتهبين أهميةالعلم ككل فيرفعمستوى األمم.

عبد هللا الزعبي

156
مشكلةالصرف امللياراتتصرفسنويا علىالعلم،قم بجولة صغيرة علىاألخبارالعلمية سواءمن أمريكا أومن الدول األوروبيةأومن اليابان
أو غيرها، وستعرف حجم امليزنيات املوجهة للعلم، تايسون نيل دي جراس يقول أن لكل دوالر من الضريبة األمريكية نصف باملئة تصرف على
ناسا، رقم مهول وإن كان يطالب الحكومةاألمريكيةفي أن ترفع هذه امليزايةبقدر 1 املئة، فعلى سبيل املثال كانت ميزانيةناسا لعام 2٠11 هي 18
ملياردوالر،وللعلم يعتبرذلك انخفاضامنذ سنة 199٣ ،حيث كان الصرفيشكل 1 %من الدوالر،ولكن وصل إلى النصف باملئةمن الدوالرقبل
سنوات،وفي هذهالسنةأصبح أقل من النصف.
هناكمن يتساءل ملاذا نصرفمبالغ طائلةلكي نرسل مركبةفضائيةإلىالقمر أواملريخ،وملاذا نصرفامللياراتعلىاملصادم الهادروني الكبيرالذي
هدفه هو الكشف عن أسرارملكاوناتصغيرة جدا ال أثر لها على حياتنا الشخصية،وملاذا يقوم العلماء بإحصاء الكواكبوالنجوم واملجرات، لنقل
أننا علمنا أن فيمجرتنا هناك 2٠٠ مليار نجمة،وأن هناك مليارات من النجوم فيكل مجرة،وهناك مليارات من املجرات، أوأن هناك أكثرمن 1٠
مليارات كوكب شبيهةباألرض يمكن للحياة العيش عليها، لو علمنا أن الشمس بحجمها الكبيريمكنها استيعاب ٠٠٠,٣٠٠,1 كرة أرضية،وأن هناك
نجم اسمهفي واي كينس ماجوريس يستطيعأن يستوعب 7 مليارات شمس مثل شمسنا لكبر حجمه، ما الفائدة إذا علمنا هذه املعلومات، ماذا
بعد؟نحن بعيدون عن هذه املجرات إلىدرجةأنه ال يمكن الوصول لها بأي وسيلةصاروخيةنعرفها اليوم،ويبدوأننا نصرفعلىما ال يعود علينا
بالنفع، مشاكل األرض كثيرة، بدال من أن تصرف هذه املبالغ على الفضاء اصرفها على الفقراء، إصرفها على عالج القضايا اإلقتصادية الحالية،
أصرفها علىإطعام البشر،وهكذا القائمة ال تنتهي.
ماقد ال تحس به هو أن من خالل صرفالدول لهذه الكميات الهائلةمن املبالغ – سواء علىناسا أو علىاملصادم الهدروني الكبيرأو علىأي مشروع ال
تشعر بقيمته – قاموا بإطعام البشر وبعالجهم من األمراض وبتحسين اإلقتصاد، وبشكل عام رفع العلماء الكثير من املعاناة من البشر وبذلك ازدهرت
الحياة على األض، ولكن املشكلة أن البشر بطبيعته يستعجل، ويريد الحلول املباشرة التي يراها أمام عينية، يريد إشباع لحظي، واملشكلة األخرى أن
ّ البشر ال يضع أي تقدير للمميزات التي يلمسها يوميا في حياته التي تسبب العلماء فيها، ألنه ببساطة د

تعو على وجودها حوله، فأصبحت كالرائحة
الجملية التي اعتاد على اسنتشاقها فلم تعد تؤثر، ولذا سأبين أهمية العلم وأهمية النظر في السماء سواء على مستوى عد النجوم أو على مستوى
الصرفعلىاملصادم الهدروني الكبيرامللياري أوما شابه.

عبد هللا الزعبي

157

ناسا والنجوم

ناسا دائما تتحفنا بمعلومات كثيرة، وذكرت بعضها، يبدو وكأن ناسا أصبحت أداة لدغدغة املشاعر ال أكثر فما الفائدة من
مؤسسةتصرفاملليارات للتسلية؟لإلجابة على هذا السؤال تحتاج ألن تتوجهملوقعناسا لترى بعضالنتائج إلختراعاتالتي
،ولها مجلة تعرض فيها الفوائد (Spinoffs Nasaحسنتمن وضعالبشر علىاألرض،وتسمى هذه بكلمة”ناسا سبين أوفز“ )
التي تعود بها ناسا على املجتمع من خالل أبحاثها الفضائية، سأذكر بعض هذه الفوائد، منها ما ساهمت به ناسا مباشرة، و منها
ما طورته،ومنهاما تعمل عليهاآلن لتعم الفائدة فياملستقبل، لنبدأ:

الثيرمومترالذي يعتمد على األشعة التحت الحمراء، البد أنك تعرف هذا النوع من الثيرمومتر، ألنه موجود في كل مستشفى وفي
كلصيدليةوهو يستخدم للكشفعن حرارةاملريضمليارات املرات سنويا، هو النوع الذي يوضعفياألذن وهو يعمل بنفس
الطريقةالتيتستخدمها ناسا لقياسحرارةالنجوم فيالفضاء، حينما يسأل أحدهم ما الفائدةمن معرفة حرارةالنجوم
البعيدة فيالسماء؟ البد أن يفهم أن لقياسدرجة حرارةالنجوم احتاجتناسا أن تطور طريقةلقياسها عن بعد،واعتمدت
على األشعة التحت حمراء، ومنها قامت بتطوير الثيرمومتر، وبهذا الثيرمومتيرأصبحتقياسدرجات الحرارةمن أسهل ما
يكون،وخصوصا لألطفال، حاول أن تقيسدرجة حرارةالطفل باألدواتالتقليديةلتعرفحجم املعاناة، إذن، بالنظر إلى
النجوم ملعرفةدرجات حرارتها تمكن العلماءمن تطوير الثيرمومتر.

عبد هللا الزعبي

158

بسببالعمل علىالروبوتاتوالعضالت الصناعيةللروبوتاتاستطاعتناسامن تطوير أطرافصناعيةللمبتورة أعضاؤهم،
وطورتهذه األطرافلتكون مناسبةمن حيثاملظهر للذي يلبسها،فتبدووكأنها طبيعية،وهيتقلل أيضامن االحتكاك بين
الجسد والطرف الصناعي حتى ال يتضايق املستخدم.
بسبب املركبة الفضائية الفايكنج التي نزلت على املريخ احتاج العلماء ملظلة قوية إلنزال املركبة، باملساعدة من شركة جود يير
ورتاملظلةباستخدام موادليفيةكانتأقوى من الفوالذبخمسمرات،واليوم
ُ
التيتصنعالعجالت وبعقول من ناسا ط
تستخدم شركة جوديير هذه املوادلعجالت السيارات بحيثتستطيعأن تسير علىالشارع ملسافاتأطول قبل تآكلها.
حينما أرسل التليسكوب هبل إلىالسماء سنة 199٠ – ذلك التليسكوب الذي أتى بصورمذهلة،وأرانا أن بعض تلك النقاط
في السماء إنما هي مجرات – ذلكالتليسكوب بدأمسيرتهبخطأ فيالعدسة،فحينما أرسل إلىالسماءوبدأ بتصوير الفضاء،
اكتشف العلماء أن الصورلم تكن واضحةبسببخلل فياملرآةالرئيسية،فما الفائدةمن إرسال تليسكوب قيمته 2 مليار
دوالروال يمكنهأن يصورصوردقيقة؟صورالعلماء الفضاءالخارجيوملدة ٣ سنوات إلى أن أبدلوا العدسات في الفضاء
الخارجي،ولكن لم يرموا الصورفيالقمامة خالل تلك السنواتالثالث،فطورا برمجيات تخففعدم الوضوح فيالصورة
وتعوض خلل تأثيراملرآة بحيثيمكن االستفادةمن هذه الصور. ثم اكتشف الحقا أن نفس هذه املشكلة )مشكلة عدم
الوضوح فيالصور( كانتموجودةأيضا فيصوراألشعة ألمراض سرطان الثدي،فتعاونتناسامع علماءآخرين لتطوير برامج
يمكنها توضيحصوراألشعةوبالتاليتمكن العلماءمعتشخيصمرض السرطان بشكل أفضل،واليوم أنقذت ناسا الكثير من
النساءمن حول العالم بسببمحاوالتها لرؤيةالنجوم،وللعلم عملية عددالنجوم هيإحصائية،وواحدةمن األدوات في
تقدير عدد النجوم واملجرات كانت تعتمد على التليسكوب هبل.

عبد هللا الزعبي

159

بينتفيالحلقةالسابقةأن ناسا تطوراآلن كبسوالت لغرسها في جسم رائد الفضاء،فإذا انطلق رائد الفضاء إلىاملريخ وأصابه
املرض ولم يكن مع طبيبفال يمكن عالجه، البديل هو أن تكون الكبسولة هيالطبيباملشخصوالعالج، حيثستستشعر
الكبسولةاملرض،وتتفتتوتنتشر فيالدم،وتعالجالجسم مباشرة، صحيح أن هذه األفكاربإمكان تطبيقها علىروادالفضاء،
ولكن باإلمكان تطبيقها علىمرض ى السكري، إذن حينما يفكر اإلنسان فيالسفر فيالفضاء البد أن يفكر في عالج مشاكل
السفر، ومن خالل محاولة العالج أثناء السفر، يمكن معالجة الناس في الحضر.
أضف لذلك املرايات الجديدة التي تعمل عليها ناسا، التليسكوبات تستخدم عدسات، وتواجه ناسا مشكلة في صناعة عدسات
دقيقة جدا،وعادةما تكون هذه العدساتمشوهة حينما ينظر لها بامليكروسكوب،وذلك يؤثر علىالضوءالذي يأتي من
نقاطبعيدة جدا فيالكون مما يجعل من الصعبتمييز هذه النقاطالصغيرة،وبما أن من الصعبتقليل التشوه فيالعدسة
قامتناسا بتطوير طريقةأخرى،وهيمرايات يمكن التحكم بسطحها، بحيثيتم رفعوخفض نقاطمختلفةمن املرايات
لتتناسب مع تشوه العدسة فتعوض التشوه الناتج، مثل هذه التكنولوجيا البد أن يوما ما ستنتقل إلى الكاميرات التي
تستخدمهاشخصيا،وال أحد ينكر أهميةالتصوير فيالكاميرا،فالكل أصبح صحفيا يحمل الكاميراويصوراألحداث من حوله،
فأصبح من الصعبعلىالحكومات إخفاء جرائمها،والثورات العربيةأصبحتأكثر شفافية.

عبد هللا الزعبي

160
هذا جزء بسيط مما قدمته ناسا للبشريةمن خالل محاولتهالفهم النجوم فيالكون ،وعلى عجالةأذكر ماذكرهتايسون نيل دي جراس في كتابه
”وقائع الفضاء“ ) (Frontier Ultimate the Facing: Chronicles Spaceمن مخرجات أو مساهمات ناسا: جهاز غسيل الكلى، جراحة الليزك، جي بي
إس، أصباغ مقاومةللتآكل للجسوروالتماثيل، أنظمةالزارعةاملائية، أنظمةتفادي التصادم فيالطائرات، التصوير الرقمي، الكاميرات التحت
الحمراءاملحمولة، أحذيةرياضية، عدساتشمسية غيرقابلةللخدش، الفوم الذي يتذكر )) (foam Memoryاملستخدم في املخاد
والفرش(، فالتر املاء، أجهزة اتصال بعيدة املدى، وعصير تانج. هذه نتجت من ناسا أو من خالل التالقح العلمي بين ناسا وبين مؤسسات
وشركات خارجية.
عدد الكواكب والنجوم ليست إال نتيجة من النتائج والتي تترتب عليها نتائج وليست هي الغاية النهائية، من صلب السماء تكتشف قوانين رياضية
وفيزيائية وهذه القوانين تطبق في كل نواحي حياتك، فقوانين نيوتون وقوانين آينشتين وكل القوانين الفلكية هذه تجد لها تطبيقا مباشرا في حياتك.
املصادم الهدروني الكبير
في مناقشتي للنظر في النجوم اخترت ناسا، ألنها هي أكثر املؤسسات الفضائية وضوحا، ولكن ال يعني ذلك أن املؤسسات األ خرى أقل شأنامنها،
وهناكأيضامؤسساتعلمية ال تنظر للنجوم، إنما تنظر إلىما بداخل الذرة، الكل يعرفعن املصادم الهدروني الكبير،وهو املعجل للجسيمات
املوجودبين فرنساوسويسرا،صرفعلى هذا املعجل ملياراتالدوالرات وقام علىإنشائهآالفاملهندسين والعلماء،وقضوا عليه وقت طويل إلى
أن اشتغل وبعد فشل اشتغل املصادم الهدروني الكبير،قدرالطاقةالذي يستهلكهاملصادم الهدروني الكبير هو 12٠ ميغا واط، ويعادل ذلك
٠٠٠,2٠٠,1 ملبة تستهلك 1٠٠ واط، كل ذلك لتعجيل الجسيمات الصغيرة والكتشاف ما بداخلها، أليس من األفضل تحويل هذه الكهرباء للفقراء
وإضاءةبيوتهم فيها، أولتشغيلسخان بدال من أن يموت من البرد؟ما الفائدةمن معرفةمكونات الكون الصغيرة؟
أتذكر كنت أستمع للبودكاست الساينس فرايدي، فسأل مقدم البرنامج آيرافليتو سؤاال ألحد العلماءمن سيرن )الذين يعملون فياملصادم
الهدروني الكبير( عن فائدة النتائج التي ستأتي بها هذه التصادمات، فأجاب بأنه ال فائدة منها، أي ال فائدة مباشرة نستفيد منها اليوم أبدا، فعال،
منطق اإلشباع اللحظي أو النتائج املباشرة يناسب كل من لديه ضيق أفق ونظرة قريبة املدى.

عبد هللا الزعبي

161

تعال واسأل هذا السؤال حينما أسس آينشتين للنظريةالنسبيةفي بدايةالـ 19٠٠،ولنسأل أينشتاين ما الفائدةمن نظريته
هذه؟نظريةتبين أن الوقت نسبي،وإن؟أتفق أن املعلومة شيقةوغريبة،ولكن ال نستفيد منهامباشرة،قصة جميلة، اركب
بمركبة فضائية وانطلق بسرعة قريبة جدا من سرعة الضوء، وارجع إلى األرض مرة أخرى بعد يوم، ستجد أن األرض
وسكانها تقدموا مليون سنة، فعال معلومة غريبةومثيرة،واآلن لنكمل حياتنا اليومية، انتظر... توقف، حياتك اليوميةتتأثر
بهذه املعلومات وبرياضياتها مباشرة، لوال النظرية النسبية ملا كان هناك ش يء اسمه جي بي إس )(GPS ،ولوال النظرية لكان
من املستحيل تحديد موقعك بدقة.
تعال واسأل بوروشرودنيجر وهايزنبيرج،ما الفائدة من امليكانيكيةالكمية؟وما الفائدة من معرفة غرابةالعالم املنتاقض؟
إلكترون يحتمل أن يكون في كل مكان، ولكن بعد القياس ينهار في مكان واحد، فوتون – في تجربةالشقين – يعبر من شق،
ويعبر من شقين، وال يعبر من أي من الشقين، كيف؟ املستقبل يؤثر على املاض ي بدال من أن يؤثر املاض ي على املستقبل،
معلومات في منتهى الغرابة، ولكن ما الداعي لها؟ وملاذا تقام عليها التجارب املليارية حتى تثبت صحتها؟ اصرف األموال على
إطعام الفقير.
لوال النظريات التي صدرت من هؤالء العلماء ملاكنت تحمل جهازإلكتروني واحد في يدك،ولكان هذا الهاتف النقال الذي في
يدك بحجم منزل كامل، ألن اإللكترونيات الدقيقة تحتاج إلى أجهزة دقيقة وترانزيستورات صغيرة، ولو النظريات التي
أسستها امليكانيكيةالكميةملا عرفالعلماءكيف تتحرك اإللكترونات والثغرات وال عرفالعلماء حدودتلك التروزيستورات،
بهاصنعتالكمبيوتراتالتي استخدمتلفهم األمراض ولتحليلها،وبها طورالعلماءامليكروسكوباتالدقيقةالتي استطاع بها
فهم تركيبةالخالياوبها استطاع أن يطور الغذاء ليغذي مليارات من البشر، أضف لذلك أن التناقضات التي عرفها العلماء
في عالم امليكانيكيا الكميةأسستملبادئ.

عبد هللا الزعبي

162

أسست ملبادئ الكمبيوتر الكميوالذي سترى نتائجهفي السنوات القريبةالقادمة،كمبيوترات لهاقدرة على حساب عمليات
رياضيةمعقدة،وبها يمكن فهم عاملنا بشكل أفضل،ومنهيمكن أن نفهم املناخ الذي يحتاج لكمبيوترات في منتهى السرعة،
ومنه يمكن تحليل الكثير من القضايا املستعصية على الكمبيوترات الحالية، ومنها إلى تحسين املستوى املعيش ي البشري.
أضف لذلك لوال هذا الفضول في أصغر األجسام ملا كانت هناك صناعة قائمة عليها، والصناعة توفر للبشر الوظائف،
وتساهم فياإلنتاج،وتقويةاإلقتصاد.
إذن، حينما يتساءل الناس عن عددالنجوم فيالسماءأو حركةاإللكتروناتفيالذرة، انتبه – ذلكيحتاج لتسخير عددكبير
من العلماء األذكياء القادرين على تطوير أجهزة في غاية التعقيد مثل التليسكوبات واألقمار االصطناعية و املركبات
الفضائية وأجهزة القياس والكبميوترات وكذلك يحتاج العلماء لتطوير قواعد الرياضيات والفيزياء وغير ها من األمور،
وبالتالي تفتح أبواب جديدة، وتنتج نتائج مباشرة تؤثر على حياة البشر، أفقد هذا السؤال، إفقد هذا الفضول، افقد هذا
الطموح وستفقد العلماءوستفقد كل هذه القوانين الرياضيةالفيزياء، إفقد هذه األسئلةإفقد حلم أمة، إفقد أمة،فتأمل.
األمل والطموح
ملاذا أنت تصلي وتصوم وتحج أو تقوم بعباداتك على حسب ديانتك أي كانت؟ ألن هناك وعد من هللا أن تدخل الجنة أو
هناك وعود أخرى تأمل أن تحوز عليها من خالل دينك، هذا الوعد لم تره ولم تلمسه ولم تشمه، وكما جاء في األحاديث
الشريفةأن الجنة ال يمكن لك حتى أن تتخيلها عوضا عن اإلحساس بها في الدنيا، تعزيز هذا النوع من األمل هو دافع هائل
في تحريك اإلنسان إلى درجة تصل إلى التضحية أو إلقاء النفس في التهلكة من أجل هذا األمل، وهذه هي خاصية إنسانية
وترتبط باملخمباشرة، هناكدراسةتبين كيف أن األمل هو الدافعللعمل.

عبد هللا الزعبي

163

أجريت هذه التجربة على القرود، التجربة كانت كالتالي، حينما يضغط القرد على مقبض يحصل على الجائزة )وفي حالة القرد الجائزة هي
الطعام(،وحينما يضغط القرد على املقبض بعددمن املرات يحصل علىالجائزة،قاس العلماء نسبةالدوبمين في املخ،فالحظوا أن النسبة
ترتفعقبل أن يبدأ القرد بالضغط على املقبض، وليس عند استالم الجائزة )وعلى عجالة، مادة الدوبامين لها عالقةبالسعادة، ولها عالقة
بالتعلم املدفوع بالجائزة، وهي مادة تفرز في املخ( الدوبمين ينطلق في املخبسبب توقعك في الحصول على السعادةوليس بعد حصولك على
السعادة، هنافارق مهم، التجربة على القردتبين أن حينما يتوقعأن يحصل على الجائزة تفرزمادة الدوبامين فيمخه،وليس حينما يستلم
الجائزة، أي أن السعادة تحصل حينما يكون هناكطموح للحصول علىالجائزة،وليسحين الحصول عليها.
قرر العلماء تغيير التجربة قليال، بدال من أن يعطوا القرد الجائزة في كل مرة يضغط فيها على املقبض، أعطوه الجائزة خمسين باملئة من
املرات التي يضغط بها على املقبض،وبشكل عشوائي، فال يدري القرد في أي املحاوالت للضغط سيحصل على الجائزة، اكتشف العلماء أن
كمية ضخالدوبمين فياملخترتفعبشكل أكبربكثيرمن السابق،وهيأكبرمما لو حصل القرد علىالجائزة فيكل مر ة، فيالتجربةاألولىالقرد
ضمن الجائزة، فيالتجربةالثانيةكانتنسبةالضمان 5٠.%
السبب في زيادة نسبةالدوبمين يعود ألن النتيجةأصبحت غير مضمونة، ربما تحدث ربما ال تحدث،وحسب ما يقول د. روبرت سابولسكي
، و هذا الش يء

ربما’ تسبب اإلدمان بشكل كبير“

ربما’ في املعادلة، وكلمة ‘

”أنت أدخلت كلمة ‘

) (Sapolsky Robertالعالم في علم األعصاب:
ينطبق على اإلنسان تماما حسب ما ذكر سابولسكي، ويقول أنه حينما تفصل بين الجائزة والعمل، وتجعل بينهم فارق زمني فإن مستويات
الدوبمين ترتفع عند اإلنسان، فيقول تخيل أنك تبدأ باملدرسة منذ الصغر ولديك طموح كبير في أن تصبح شيئا ما في املستقبل، فتذاكر
جيدا،وتقدم اختبارات جيدة،وتقدم على جامعات جيدة إلى أن تصل إلى غاياتك في العمل في مكان تحبه،فاإلنسان يستطيعأن يبقي على
مستويات الدوبامين في املخبشكل عالي جدا انتظارا للجائزة في املستقبل البعيد،وهذا اختالف من االختالفات بين اإلنسان والحيوان،وهو
االستعدادلالنتظار علىأمل أن يتحقق الش يء حتى لو كان الفارق الزمنيكبير.

عبد هللا الزعبي

164

ربما جردتأحاسيسالسعادةبطريقة علميةوجعلتهموادكيميائيةتفرزفياملخ،ولكن دعكعن الدوبمين، لنتحدثعن املشاعر التيتحس
فيها حينما ترى النجوم، النجوم بالذاتنظر لها اإلنسان وحاول أن يفهمها علىمر التاريخ،واإلنسان بطبيعتهيحباالكتشاف،ولذا ترى أنه
تحرك علىاألرض والبحر وسافر وقطعمسافات شاسعةبدايةباملش ي علىاألقدام ثم باستخدام الحيونات إلىالسيارات و الطائرات،وغاص
فيأعماق البحر ليشكفعن أسراره،وحطم الجسيماتالصغيرةمن أجل أن يكتشفما بداخلها،ونظر إلىالسماء في عمق الكون الكتشاف
أسراره، محاولة االكتشاف واألمل والطموح تشعره بالسعادة، وتجعله يعمل من أجل تحقيق هذه الطموحات العالية البعيدة املنال، إذن
األمل دافعللعمل.

ومن نتائج األمل والطموح واالكتشافانتفاع البشر،فترتفعمعاناتهم وتزدهر حياتهم،وهذه القصةمعروفة،وأنت تحس بها يومياوإن كنت
ال تقدر الجهد العظيم الذي بذلهالعلماء الفضوليون املكتشفون، القصة عرفت حينما اكتشف اإلنسان األرض،وال زلنا في بدايتها، القصة
ال تنتهي باكتشاف األرض والبحار التي فيه، القصة تتكامل حينما يكتشف اإلنسان النجوم والكواكب األخرى )ذلك البحث القديم(،
وسيكون لدينا يوما ما كريستوفر كولومبس آخر يرحل في الفضاء ويكشتف أماكن أخرى يمكن لإلنسان العيش فيها، وتدريجيا سيمتلك
اإلنسان املجرةوربما الكون كله(، هنا تنتهيالقصةوتكتمل.
قبل أيام غاص جيمس كاميرون إلى أعمق نقطةفي األرض،وهي موجودة في قاع البحر، وأتى من هناك ليخبرنا عن بعض التفاصيل ملا رآه في
القاع،وبكلمات بسيطةمرصعةبمشاعر إنسانيةاستطاع أن يرسل أمواج من األحساسيس حول العالم،وكماقرأت في أماكن مختلفة على
”إذاكنت تريد ّ اإلنترنت أن تلك األحاسيس بدأت ك

تحر العلماء من أجل استكشاف األعماق،وإذا ما عدنا للكلمةالتي بدأت بها البودكاست:

أن تبني سفينة، ال تحشد الرجال لجمع الحطب وال لتقسيم العمل وإصدار األوامر، بدال من ذلك علمهم االشتياق التساع و ال نهائية
، هكذا هو اإلنسان، حينما تريد منه أن يقوم بمهمة، فعليك بتحفيزه، عليك بإشعال خياله، كلما اتسعت عنده فسحة األمل كلما
البحر“
عمل أكثروأتى بنتائج أفضل، إذن حينما نتطلعإلىالنجوم فإما أن نصل لها أومادونها،وأتوقعأننا يوماما سنصل لها،و ما بعدها.