Lakhasly

ثالثا : مبادئ الإدارة الإسلامية :
إن المتأمل للإدارة من منظور إسلامي يجدها بطبيعة الحال تستند في كل الأحوال
وكما سبق التوضيح إلى المرجعية الإسلامية وأهمها كتاب الله الكريم وسنة نبيه
المصطفی ة ، ثم التراث الإسلامي الغني بما أنتجه المسلمون ، ومن كل ذلك يمكن -
ونحن نتحدث عن الإدارة - أن نتبين بعض المبادئ التي تعمل في إطارها الإدارة التربوية
من المنظور الإسلامي كما يلي:
1- مبدأ الشوری :
وهو مبدأ أساسي في الإدارة من المنظور الإسلامي بمختلف مستوياتها ، وقد نص
القرآن الكريم عليها وأمرهم شوري بينهم "الشورى آية ۳۷ وشاورهم في الأمر " آل عمران آية ۱۵۸ ، و قد أكدت الأحاديث النبوية هذا المبدأ فمن قوله : " إن ربي تبارك
وتعالى استشارني في أمتي "
الرسول و أيضا" وإذا استشار أحدكم أخاه فليشر علیه بن ماجة أدب المعجم ولم يكن هذا كلاما يقال بل إنه عليه الصلاة والسلام التزم في ممارساته مبدأ
الشورى ، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: ما رأيت أحدا قط أكثر شوري لأصحابه رسول الله.
من هذا كان حال الرسول وسيرته العطرة فقد شاور عليه السلام في بدر وشاور
في أحد وأقلع عن اتفاقية كاد أن يبرمها في يوم غزوة الخندق بناء على مشورة أصحابه .

۲ - المشاركة في المسئولية
فالإدارة من منظور إسلامي لا تؤمن بأن ينفرد أحد بالسلطة ورغم وجود
القيادة فالكل مسئول يشاركه المسئولية، يقول عليه الصلاة والسلام " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها ، و الخادم راع في مال سیده ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته "

٣- التنظيم وتقسيم العمل:
فقد استعمل الرسول ل علي بن أبي طالب كاتبا للعهود إذا عاهد أحدة كما
كتب له آخرون وكان صاحب سره حذيفة بن اليمان ، وأمين الأختام الحارث بن عوف ، ومن بن الربيع بن صيفي الذي عرف باسم الكاتب لأنه كان خليفة كل كاتب من كتاب النبي يغيب عن عمله. وكان معیقب بن أبي فاطمة يكتب مغانم الرسول ، وكان عبد الله بن الأرقم يجيب الملوك عن الرسول ﷺ ، والزبير بن العوام وجهيم بن الصلت يكتبان أموال الصدقات والمغيرة بن شعبة
والحصين بن نمير يكتبان المعاملات.
وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه برزت الجوانب التطبيقية لمبادئ الإسلام
من حيث الجانب التنظيمي فلقد نشأت في عهده فكرة فصل الجباية عن الجانب القضائي أو التنفيذي ، فقد كان الجباة يعينون مستقلين عن الولاة وكذا عن القضاة وقواد الجيش ويتولى هؤلاء العمال الصرف على الجند والمصاريف الأخرى التي يأمر بها الخلفاء ثم يرسلون الباقي إلى دار الخليفة ليضم إلى بيت مال المسلمين. وهكذا فتقسيم العمل وعدم

ربط الجباة بالقضاء أو الولاة أو قواد الجيش يحقق العدالة والرقابة الداخلية بحيث لايخضع جابي الأموال لرغبات الوالي أو الأمير..وتشير الأدبيات الحديثة في الإدارة إلى أهمية تقسيم العمل وتحديد المسئوليات
والمهام والاختصاصات ، لما لذلك من دور في تسهيل العمل في الوقت المحدد وبالجودةالمطلوبة.

4 - تفويض السلطة في الإسلام
يقصد بتفويض السلطة،هو أن يعهد صاحب السلطة ببعض اختصاصاته إلى عضو إداري آخر أو إلى أحد مرؤوسيه ليمارسها دون الرجوع إليه مع بقاء مسؤوليته عن تلك الاختصاصات المفوضة، والتفویض نظام فرضته تطورات الحياة التي نمت وتتم ممارسة تلك الاختصاص من غير صاحبه الأصلي تحقيقا لمبدأ سير الإدارة العامة
ولمواجهة حالة غياب الأصيل المتوقعة، لذا لابد للرؤساء أن يفوضوا بعضا من سلطاتهم إلى مرؤوسيهم وذلك بقدر مسؤوليات هؤلاء المرؤوسين حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم التي حددها لهم الرؤساء. وأن المفوض مسئول عن حسن اختيار من فوضت إليه السلطة
أدائه وحسن وكان ؟ يتولى أمر ما يليه بنفسه، ويولي فيما بعد عنه ، فولى على مكة عتاب بن سعید بن العاص، وبعث عليا ومعاذ بن حبل، وأبا موسى الأشعري إلى اليمن، وفي غزوة الإيواء استخلف سعد بن عبادة وفي غزوة بواط استخلف سعد معاذ واستخلف عثمان عفان في غزوتي غطفان وذات الرقاع.
ولم يضع عليه السلام قاعدة لاختيار من سيخلفه فقد استخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى إحدى عشرة مرة.
وقد قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوزيع الأعمال على أرباب الكفاءات والتخصص ومن ذلك قوله ( أيها الناس من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت إلى ابن
کعب ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل ومن أراد أن يسأل عن الفرائضفليأت زید بن ثابت ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله جعلني له

5- طاعة ولي الأمر
وهو مبدأ رئيسي من مبادئ الإدارة لا يمكن بدونه أن تستقيم أمور الجماعات والمنظمات وفي ذلك يقول الله جلت قدرته و أطيعوا الله وأطيعوا الرشول وأولى الأتي
منگن ) سورة النساء آية 59 ، والطاعة هنا لأولي الأمر منكم مشروطة بشرط جوهري طاعة أولي الأمر الله ورسوله أولا ، فهي ليست طاعة مطلقة بلا حدود، وينبثق
من هذا أن طاعة الحكومة التزام من أهم التزامات الرعية نحو الدولة ، وهذا مبدأ أساسي اعترفت وعملت به المجتمعات القديمة والحديثة على أن هذه الطاعة تظل التزاما ما دامت الحكومة لا تبيح لنفسها ما حرمته الشريعة ولا تحرم ما الا وهو ما حللته

6- مبدأ الحوافز في محيط العمل
فالعاملون وإن كانوا سواسية بحسب خلقهم. إلا أنهم يتفاوتون فيما بينهم على أساس تفاوتهم في الكفاية والعلم والأعمال والأخلاق، ولذلك أوجب الإسلام إعطاء
كل عامل حقه حسب كفاءته وما يقدمه من عمل وجهد. وهدف الإسلام من كل هذا هو دفع الناس إلى العمل الجاد ، ومضاعفة الجهد لتحقيق الرخاء والكسب والرضا
وحفزهم على التفوق والطموح بإعطاء كل مجتهد جزاء اجتهاده من تراث الحياة خالد خليل الطاهر: نظام الإدارة وتنظيم النشاط الإنساني في الإسلام، دار المعراج الدولية للنشر ، وهي نوعان. حسنة هي من ذلك

۷- مبدأ القدوة الحسنة
ويقصد بالقدوة السير والاتباع على طريق المقتدي به
وسيئة.
فالقدوة الحسنةالاقتداء بالنبي تو بالصالحين وبأهل الخير والفضل والصلاح في كل ما يتعلق بمعالي الأمور وفضائلها من القوة والحق والعدل ، وقدوة
المسلمين الأولى ،هي صاحب الخلق الأكمل والمنهج الأعظم رسولنا محمد ، وفي ذلك يقول الله -عز وجل - ( لقد كان لكم في شول آلله أسوة كس من كان يزجوا الله
واليوم الأخير وذكر الله كيرا 4 سورة الأحزاب الآية ۱
۲ . والأسوة السيئة: وتعني السير في المسالك المذمومة واتباع أهل السوء والاقتداء من غير حجة أو برهان.
وبتطبيق ذلك المبدأ على الإدارة ستتضح الفائدة التي يمكن أن نجنيها ولنا أن نتصور مدير مدرسة يعمل دون أن يراعي أن هناك من يتابعه وأن سلوكه مرصود
من مرؤوسيه وتجده يأتي متأخرا ...؟ وقد يفسر ذلك المثال وما يرمز إليه لماذا نجح المصطفی ة في قيادة الأمة ، وكان نجاحه غير مسبوق نموذج إداري متطور.
۸- سياسة الباب المفتوح
وهو مبدأ إسلامي رصين ، حيث يتاح لكل فرد أن يقابل أولي الأمر ليعرض رأيه
أو يطرح مشكلته ، وبحيث تكون المباشرة ووضوح الرؤيا للجميع هي الأساس في تسيير
العمل، ولا نجد هناك من يحجر على رأي أو يمنع من وصول المشاكل والاقتراحات
الأولي الأمر ، وبالطبع سيؤدي ذلك إلى عدم الانفراد بالرأي من قبل أولي الأمر بل وسيتيح هذا المبدأ بيانات ومعلومات قلما يوفرها مصدر آخر.

رابعا : خصائص ( سمات الإدارة التربوية من المنظور الإسلامي :
لقد تناولنا أسس الإدارة من منظور إسلامي في الجزء السابق ، وهنا نؤكد أن
هذه الأسس هي التي تشكل الإدارة من المنظور الإسلامي، وبصفة عامة يمكن رصد عدد
من الخصائص التي تتميز بها الإدارة من المنظور الإسلامي كالتالي:
دعم تعاون مجالس الآباء والمعلمين في تنمية العملية الإدارية : وذلك المصداقا لقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى 4 سورة المائدة آية ، فليس من شك أن نجاح هذا التعاون من شأنه النهوض بالعملية التعليمية والإدارية والوصول إلى رؤية تربوية واضحة المعالم متكاملة الأهداف إزاء بعض القوانين والتشريعات التعليمية القائمة ورفعها إلى المسئولين والمنفذين كما أن هذا التعاون يدحض الزعم القائل أن تطوير العملية الإدارية من شأن الصفوة والقلة ، والتمسك به يعني توثيق العلاقة والرابطة بين الاختصاصين التربويين من المعلمين وأولياء الأمور وصولا إلى القصد والغاية من هذا التطوير المستهدف .
الأخذ بروح العلم وأساليبه، فقد أكدت الشريعة الإسلامية في العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ضرورة الأخذ بالعلم وأساليبه وذلك مصداقا
القوله تعالى ( إنما تخشى الله من عباده القلموا ) سورة فاطر آیة ۲۸ وقوله اقل يستوي الذين يعاون والذين لا يعلمون ) سورة الزمر آية۹ ، وفي مجال الإدارة التربوية يجب الأخذ بتكنولوجيا الإدارة كتحليل النظم ونظام المعالجة للمعلومات للنهوض بالعملية الإدارية.
٢-الامور هيالعزوف عن التوبة:
وهذه الخاصية تمثل نموذجا حيا لمراجعة الذات لنفسها وهي تتضمن ثلاثة الخطأ والندم على إتيانه والعزم والإرادة على عدم الرجوع إليه مرة أخرى مصداقا لقوله تعالى ( وتوبوا إلى الله جميعا أية المؤيئون لعلك تفلحون النور ۳۱) وقول رسول الله : ( التائب حبیب الله والتائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وعلى هذا الضوء فإن على المدير أن يراجع سلوكياته وأن يقيمها باستمرار
وصولا إلى المستهدف من النهوض بالعملية التعليمية.

٣- المسئولية: فكل مسلم أيا كانت طبيعة عمله سواء في الإدارة التربوية أو غيرها هو المسئول عن أعماله أمام الله تعالى ثم أمام ولي الأمر ثم أمام نفسه مصداقا
لقوله تعالى و كل نفس بما كسبت رهييئه 4 سورة المدثر آیة۳۸ وهذه المسئولية تؤكد أهمية الوازع الديني والخلقي للفرد ومحاسبة نفسه بنفسه في حياته المهنية والعادية وهذه الخاصية ترتكز على محورين رئيسين أولهما التكليف والمطالبة قبل العمل
وثانيهما الاستجواب والمحاسبة بعد العمل.

٤-الشرعية الإسلامية، ويقصد بهذه الخاصية الالتزام المهني بالتشريع الإسلامي مصداقا لقوله تعالى ( ومن أن تحكم بما أنزل الله فأوليك هم الظليمون
( المائدة : 45 ) ومن ثم يجب أن تكون جميع القرارات والقوانين والمعاملات الإدارية منبثقة من هدي الشريعة الإسلامية .

٥-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذه الخاصية تلزم المديرين والعاملين معهم الالتزام بالقيم والمثل الإسلامية من خلال العلاقات الإنسانية الطيبة وحسن المعاملة والتوجيه والتبصير بأية انحرافات عن الطريق السوي ودعم كل ما يحقق الود والتعاون والتكافل والمحبة والتكامل بين العاملين في المؤسسة التعليمية الواحدة .

٦- تسلسل الرئاسة : حيث التسلسل القيادي فقد كان الرسول على أعلى السلم الإداري يساعده كبار الصحابة والرسول قال لا يحل لثلاثة يكونون في الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم " والجيوش خير مثال حيث لكل جيش أمير وخليفة للأمير وهكذا في تسلسا إداري غير مسبوق ، علما بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق