Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

ماتت زوجته منذ أعوام وخلفت له ابنا وحيدا , وكان شابا جميل التكوين , تلمع عيناه ذكاء ونشاطا , علمت أن الابن مات قتيلا تحت عجلات القطار. وقدم لي كالمعتاد فنجانا من قهوته الريفية ولكنه كان يعمل كالألة الميكانيكية بلا روح , وكنت أحس وهو يتكلم كأنه يفتش عن الموضوعات في حيرة , ذلك الذى كان لا يعوزه طلاقة ولا بيان , وكانت تعتريه نوبات صمت ووجوم , ولما إنتهت زيارتي هززت يده طويلا في صمت هزة العطف والاخلاص , وكنت دائما أسأل عن الشيخ عساف , فيخبرونني أنه قليل الخروج من منزله , فاذهب اليه بدافع خفي , فازداد وجهه شحوبا وتجهما وقل حديثه وأصبح جافا مقتضبا . ورأيت منسجه غارقا في صمته ووحدته وانقباضه , وبعد تناول القهوة رفع رأسه وسالني قائلا : ألا تستطيع أن تخبرني ياسيدى بما يحس به الشخص الذي يموت قتيلا تحت عجلات القطار , ولكن قلت له : أظن أنه لا يحس بشىء . أنها ميتة سريعة ! فجهر بصوته وقال في تاكيد : إنه يتالم أشد الالآم. وأحمرة عيناه المربدتان , وظل هكذا في صمته ثم هدا تدرجيا , ومرت الأيام أيضا وتكررت زياراتي للضيعة و الشيخ عساف ينحدر من سيىء الى السوأ حتى صار كالهيكل , وكان اذا سار قليلا ظهرت عليه بوادر الاعياء . ومكثت مرة في الضيعة أسبوعا رأيت في خلاله الشيخ عساف مرة واحدة . وكنت في الحديقة بمفردي تاركا نفسي تسبح في خمولها بعد يوم كله كد وتعب , وكان السكون الفظيع يخيم على المكان . حياني الشيخ وجلس أمامي وهو ينهج من المسير , وبعد أن استراح قليلا بادرني بقوله : قصدتك في حاجة . ؟
كم تطلب ؟
اتسمح لي بمرافقتك غدا ؟
وابتسم ابتسامة خفيفة وقال : أريد أن أرى الدنيا . ان أتفرج على خلق الله وعلى المدينة الكبيرة التي لم أرها الا مرة في حياتي . هل في طلبي هذا ما يثير العجب ؟
وكان يتكلم بلهجة متزنة رقيقة , وقد بدأ وجهه يشرق اشراقه القديم , وأمسك يدي وجعل يلاطفها في الحاح وهو يقول : الا تجيبني الى طلبي . ؟
فلمعت عيناه وقال : يسرني جدا . ولم يطل مكوثه معي إذ حل عليه الوخم سريعا فاعفيته من جلسته وقام وهو يشكرني , ويكرر لي عزمه على مرافقتي . وكان في يمينه عصا طويلة لينة يستعملها { كرباج } وصعدت الى العربة أنا وناظر الزراعة وانتظرنا مجىء الشيخ عساف . ولما طال بنا الانتظار قال لي الناظر : أن الرجل لن ياتي على ما اظن , وما كادت العربة تتحرك حتى سمعنا صوتا متقطع الأنفاس ينادينا , فالتفت فاذا بـــالشيخ عساف يجري صوبنا ـ حسبما تساعده قوته ـ وهو يشير علينا بأن نتوقف . فأمرت الحوذى بأن يقف وجاء الشيخ عساف , وسرنا وبدأ الشيخ يستعيد قوته , وبذل ما فى وسعه ليسامرنا ولكنه أخفق , إذ كانت موضوعاته مشوشة مبتورة , وكان ينسى نفسه فيستغرق في وجوم عجيب وتصيبه الرعدة في بعض الأحيان كأنه مقرور أو محموم . وجلسنا ننتظر القطار , ولاحظت عليه شيئا من امتقاع اللون , وأخرجت ساعتي وقلت : لم يبق على وصول القطار إلا خمس دقائق .


Original text

وسيم الطلعة , وقور حلو الحديث , له لحية مقصوصة يخطلط بياض شعره بسواده , ماتت زوجته منذ أعوام وخلفت له ابنا وحيدا , وهو كل عائلته , عكف على تربيته وتعليمه صناعة النسيج حتى برع فيها , وأصبح ساعده الأيمن .
وكان شابا جميل التكوين , قوي البنية , تلمع عيناه ذكاء ونشاطا , ويحبه أبوه حبا عظيما , ويكثر من التحدث عنه في المجالس , معددا فضائله بفخر وإعجاب .
ذهبت مرة الى الضيعة كعادتي فبوغت بخبر فضيع كان له اسوأ وقع فى قلبي , علمت أن الابن مات قتيلا تحت عجلات القطار........ ! وقصدت من فوري الشيخ عساف في داره لاعزيه في نكبته , فاكرم وفادتى , وقدم لي كالمعتاد فنجانا من قهوته الريفية ولكنه كان يعمل كالألة الميكانيكية بلا روح , ولاحظت عليه شحوبا وامتقاعا في اللون, وكنت أحس وهو يتكلم كأنه يفتش عن الموضوعات في حيرة , ذلك الذى كان لا يعوزه طلاقة ولا بيان , وكانت تعتريه نوبات صمت ووجوم , وقد عزيته بكلمة صغيرة اجتهدت أن أضمنها حقيقة شعوري نحوه فأجابني برد ساذج عادي .
ولما إنتهت زيارتي هززت يده طويلا في صمت هزة العطف والاخلاص ,ومرت الأيام , وتكررت زيارتي للضيعة , وكنت دائما أسأل عن الشيخ عساف , فيخبرونني أنه قليل الخروج من منزله , فاذهب اليه بدافع خفي , وأقضي معه بعض الوقت , وكان الرجل يتهدم يوما عن يوم , فازداد وجهه شحوبا وتجهما وقل حديثه وأصبح جافا مقتضبا .
ورأيت منسجه غارقا في صمته ووحدته وانقباضه , ومنزله خرابا , لايتنفس عن الحياة , يخيم عليه الاهمال والصمت , وهو أشبه بقبر مهدم قديم غير صالح حتى ولا للاموات.
وجاء مرة , وبعد تناول القهوة رفع رأسه وسالني قائلا : ألا تستطيع أن تخبرني ياسيدى بما يحس به الشخص الذي يموت قتيلا تحت عجلات القطار , وما مبلغ ألمه ؟
فبغت , وحاولت عبثا إخفاء ارتباكي . ولكن قلت له : أظن أنه لا يحس بشىء . أنها ميتة سريعة ! فجهر بصوته وقال في تاكيد : إنه يتالم أشد الالآم....... !واحتقن وجهه وغارت تجاعيده اكثر من الاول , وأحمرة عيناه المربدتان , ونفرت عروق رقبته , واختل تنفسه فاحترمت ألمه ولم أجب , وظل هكذا في صمته ثم هدا تدرجيا , وعاد الى خموله الاول .
ومرت الأيام أيضا وتكررت زياراتي للضيعة و الشيخ عساف ينحدر من سيىء الى السوأ حتى صار كالهيكل , وكان اذا سار قليلا ظهرت عليه بوادر الاعياء . وكان دائما مستغرقا في صمته . ومكثت مرة في الضيعة أسبوعا رأيت في خلاله الشيخ عساف مرة واحدة . جاءني عشية سفري , وكنت في الحديقة بمفردي تاركا نفسي تسبح في خمولها بعد يوم كله كد وتعب , وكان السكون الفظيع يخيم على المكان .
حياني الشيخ وجلس أمامي وهو ينهج من المسير , وبعد أن استراح قليلا بادرني بقوله : قصدتك في حاجة .....فهل انت قاضيها لي ....؟
فقلت وقد تحققت أن الرجل في ضيق مالي : طلبك مجاب يا شيخ عساف . كم تطلب ؟
فنظر الي مستغربا وقال : لا أطلب نقودا ياسيدي .
ـ اذن ماذا ؟..... اتسمح لي بمرافقتك غدا ؟
فنظرت إليه في دهشة ولم أجب , وابتسم ابتسامة خفيفة وقال : أريد أن أرى الدنيا ... أو أتفسح قليلا ... ان أتفرج على خلق الله وعلى المدينة الكبيرة التي لم أرها الا مرة في حياتي ... هل في طلبي هذا ما يثير العجب ؟
وكان يتكلم بلهجة متزنة رقيقة , وقد بدأ وجهه يشرق اشراقه القديم , وأمسك يدي وجعل يلاطفها في الحاح وهو يقول : الا تجيبني الى طلبي ....؟
فقلت وأنا مازلت متحيرا : أجيبك اليه إذا كان هذا يسرك ... فلمعت عيناه وقال : يسرني جدا .
ولم يطل مكوثه معي إذ حل عليه الوخم سريعا فاعفيته من جلسته وقام وهو يشكرني , ويكرر لي عزمه على مرافقتي .
وفي صباح الغد أعدوا لنا العربة ذات البغلين المهدمتين وأعتلى مقعد القيادة رجل فلاح بلبدة وجلباب , وكان في يمينه عصا طويلة لينة يستعملها { كرباج } وصعدت الى العربة أنا وناظر الزراعة وانتظرنا مجىء الشيخ عساف .
ولما طال بنا الانتظار قال لي الناظر : أن الرجل لن ياتي على ما اظن , وأخشى أن يفوتنا القطار ... فأجبته قائلا : وهذا رأيي .
وما كادت العربة تتحرك حتى سمعنا صوتا متقطع الأنفاس ينادينا , فالتفت فاذا بـــالشيخ عساف يجري صوبنا ـ حسبما تساعده قوته ـ وهو يشير علينا بأن نتوقف .
فأمرت الحوذى بأن يقف وجاء الشيخ عساف , وصعد الى العربة وتهالك على المقعد فى حالة تشبه الاغماء وهو يتمتم قائلا : لقد كادت تفوتني هذه الفرصة ....
وسرنا وبدأ الشيخ يستعيد قوته , وبذل ما فى وسعه ليسامرنا ولكنه أخفق , إذ كانت موضوعاته مشوشة مبتورة , ولهجته مضطربة مختلة , وكان ينسى نفسه فيستغرق في وجوم عجيب وتصيبه الرعدة في بعض الأحيان كأنه مقرور أو محموم .
اخيرا وصلنا ونزلنا من العربة , واتجهنا صوب المحطة , وجلسنا ننتظر القطار , ولاحظت عليه شيئا من امتقاع اللون , وكانت شفتاه ترتعشان من وقت لآخر . وأخرجت ساعتي وقلت : لم يبق على وصول القطار إلا خمس دقائق ... فرفع الشيخ عساف رأسه وقال وهو يستعد للقيام : هلم ......
وقمنا الى الرصيف . وبعد قليل سمعنا هدير القطار ثم رأيناه يهجم على المحطة هجوم الغازى المنتصر .
وبينما كنت مهتما مع الناظر والحمال باعداد الحقائب سمعت صياحا عاليا تبعته جلبة وهرج ثم شاهدت ازدحاما على جهة de


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

الشعر وتطوّره 1...

الشعر وتطوّره 1 استمرار التقليد كان الشعر يجرى فى مصر فى أثناء النصف الأول من القرن التاسع عشر على ا...

Portfolio asses...

Portfolio assessment is a method of assessment often used in academic and professional fields, where...

معه الإدانة هي ...

معه الإدانة هي الأصل والبراءة هي الاستثناء، وهذا من شأنه أن يقلص في ضمانات حقوق الدفاع والإخلال بمبد...

. Portfolio ass...

. Portfolio assessment is a method of assessment often used in academic and professional fields, whe...

لا يزال العنف ض...

لا يزال العنف ضد المرأة يشكل حاجزا في سبيل تحقيق المساواة والتنمية والسلام، وكذلك استيفاء الحقوق الإ...

للإجابة عن السؤ...

للإجابة عن السؤال الثاني من أسئلة البحث وهو ما المعايير التي ينبغي توافرها في أهداف ومحتوى منهج الأح...

موضوعات الكتب م...

موضوعات الكتب مجموعات هنداوي السلاسل والأعمال الكاملة العلاقات الدولية: مقدمة قصيرة جدًّا ePub Logo ...

فإن مقاييس الرك...

فإن مقاييس الركود الثلاثة غير الممتصة تظهر آثارًا إيجابية وسلبية وغير منطقية، على التوالي. ويشير الع...

عندما أوشك نصف ...

عندما أوشك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا بمحاصرتهم من كل جانب ،أخد عكرمة ال...

حذف كان: يجوز ...

حذف كان: يجوز حذف كان إمَّا وحدها، وإمَّا مع اسمها، أما حذفها وحدها والتعويض عنها بما، فذلك بعد (أن...

The ethical dil...

The ethical dilemma for Engineer A is whether to prioritize cost-saving measures and expedite the co...

)1ينتهي المطاف ...

)1ينتهي المطاف بالعديد من المواد الكيميائية في البيئة عن طريق الإطلاق أو الانبعاث المتعمد أثناء الاس...