Lakhasly

الفصل الأول
تعريف الحق وبيان أنواعه وتقسيماته المبحث الأول
تعريف الحق: اختلفت تعريفات الحق باختلاف الزوايا المنظور اليه منها ،فمنهم من نظر إليه من ناحية صاحبه (الاتجاه الشخصي)، ومنهم من نظر إليه من جانب موضوعه والغرض منه(المذهب الموضوعي)، ومنهم من نظر إليه من الجانبين معا (الإتجاه المختلط).
وإلى جانب هذه الاتجاهات الثلاث ظهر اتجاه في الفقه الحديث يتزعمه الفقيه البلجيكي جون دابان عرف الحق من خلال بيان عناصره وخصائصه.
المطلب الأول
الاتجاه الشخصي1
يرى أنصار هذا الاتجاه أن إرادة صاحب الحق هي العنصر الجوهري الذي يميز
الحق.
ويعرف الحق بأنه: "قدرة أو سلطة إرادية يخولها القانون لشخص من الأشخاص، يكون له بمقتضاها أن يقوم بعمل معين في حدود القانون."
أو هو "القدرة أو السلطة الإدارية التي يخولها القانون لشخص من الأشخاص في نطاق معلوم."
فالقانون هو الذي يزود الشخص هذه القدرة،وهو صاحب حق متى كانت إرادته في حدود القانون، فالحق إذ لا يوجد إلا إذا أراده الشخص في حدود القانون.
وما يمكن ملاحظته على هذا المذهب ارتباطه بالمذهب الفردي ومبدأ سلطان الإرادة، اللذين في ظلهما تتمتع الإرادة بسلطة انشاء الحقوق أو تعديلها أو إلغائها.
غير أن ما يؤخذ على هذا المذهب ما يلي:

• أنه يربط بين الحق والإرادة،فيرى أن الحق قدرة أو سلطة إرادية، مع أن الحق يثبت للشخص حتى ولو لم تكن له إرادة، بل وأكثر من ذلك فهو يثبت للشخص دون علمه أو دون تدخل من إرادته.


• يخلط بين وجود الحق ومباشرته، فالحق يوجد ولو دون تدخل من الإرادة، أما المباشرة أو الإستعمال، فلا تكون إلا من طريق الإرادة، فالمجنون مثلا تثبت له حقوق ولكنه لا يستطيع
  1 ظهر هذا الاتجاه في ألمانيا في القرن التاسع عشر (19)، وتزعمه كل من فيند شايد وسافيني ويسمى بمذهب الإرادة.
  نظـــرية الحــــق | أ/ع. عبد السلام
  2
  مباشرتها، والذي يباشرها عنه هو من ينوب عنه، ولو سلمنا بأن الحق قدرة أو سلطة إرادية، فمعنى ذلك أنه لا حق للمجنون أو المعتوه أو الصبي مثلا، وإنما الحق يثبت لمن ينوب عنه وهذا ما لم يسلم ولم يقل به أحد.
  ومنه ننتهي إلى أن هذا الاتجاه لا يعرف فكرة الحق في حد ذاتها وإنما ينصرف تعريفه إلى مباشرة الحق واستعماله، وهذه المباشرة هي نتيجة لوجود الحق، ولما كان هذ التعريف لا ينصب على الحق ذاته وإنما على أمر لاحق على وجوده وهو الاستعمال، فلا يمكن اعتماده والانحياز له فضلا عن ذلك أن ربط الحق بالإرادة يحول والاعتراف للأشخاص الاعتبارية بالحق لأنها ليست لها إرادة حقيقية، مع أن المستقر عليه فقها وقانونا وقضاء أن الاشخاص
  الاعتبارية تثبت لها الحقوق كما تثبت للأشخاص الطبيعيين.
  المطلب الثاني الإتجاه الموضوعي1 (نظرية المصلحة)
  عرف الحق بأنه: "مصلحة يحميها القانون".
  وعليه فجوهر الحق ليس في الإرادة وإنما في المصلحة أو الفائدة التي تعود على
  الشخص، وبهذا يكون اهرنج قد جعل للمصلحة عنصرين، عنصر يتعلق بالغاية العملية من الحق، وهي الفائدة أو المنفعة أو العائد الذي يعود من الحق، وعنصر يتعلق بالحماية الذي لا
  بد منه لحماية المصلحة المبتغى تحقيقها عن طريق الدعوى. فالمصلحة إذا هي جوهر الحق، وهي كما قد تكون مادية2 قد تكون أدبية3.
  يؤخذ على هذا الاتجاه ما يلي:
  أنه عرف الحق بغايته وهي المصلحة، ووسيلة حمايته وهي الدعوى. وهما أمران
  خارجان لا يصلحان لتعريف الحق، ومن الخطأ تعريف الحق بغايته (المصلحة) لأن هذا لا يعد تعريفا له.
  فالغاية من الحق هي المصلحة، وهذا يستلزم أن يكون الحق شيئا آخر غير الغاية منه. فالحق يعرف بالنظر إلى ذاته بغض النظر عن غايته، كما أن تعريف الحق بوسيلة حمايته الدعوى هو الآخر فيه مجانبة للصواب، لأن الدعوى لا تظهر إ ّلا بعد أن يظهر الحق فهي
  خارجة عنه.


• أنه جعل من الحماية (الدعوى) عنصرا من عناصر الحق في حين أن الحماية لا يمكن اعتبارها كذلك، وإنما هي وسيلة لحمايته تتقرر بعد وجوده.
  1 يتزعم هذا الاتجاه الفقيه الألماني اهرنج. 2 المصلحة المادية كحق الملكية. 3 المصلحة الأدبية كحق الحرية والشرف.
  نظـــرية الحــــق | أ/ع. عبد السلام
  3
  المطلب الثالث المذهب المختلط1
  حاول هذا المذهب وتجنبا منه الانتقادات التي طالت الاتجاهين السابقين أن يجمع بين
  الارادة والمصلحة فعرف الحق بالقول:" أن الحق وإن كان سلطة إرادية فهو في الوقت ذاته مصلحة محمية."
  ما يلاحظ على هذا المذهب جمعه بين المذهب الإرادي والمذهب الموضوعي ومنه فالانتقادات التي وجهت للمذهبين السابقين وجهت لهذا المذهب.
  فالحق ليس بإرادة، لأنه يثبت للشخص ولو لم تكن له إرادة، وليس بمصلحة لأن
  المصلحة ليست جوهر الحق وإنما هي الغاية منه. ولعل هذا ما جعل البعض الآخر يسلك مسلكا آخر في تعريف الحق، مسلكا تم من خلاله الكشف عن جوهر الحق وخصائصه الذاتية
  التي يتميز بها.
  المطلب الرابع
  تعريف الحق في النظرية الحديثة
  عرف دايان الحق بأنه :" ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطرق قانونية،
  وبمقتضاها يتصرف الشخص متسلطا على مال معترف له به بصفته مالكا أو مستحقا له."
  يتضح من هذا التعريف أن صاحبه حاول من خلاله الكشف عن الخصائص المميزة للحق وهي الاستئثار والتسلط، وتعدد الأشخاص واحترامهم للحق والحماية القانونية.
  *الاستئثار:
  والاستئثار هو: اختصاص شخص بقيمة معينة أو بمال معين على سبيل الإنفراد.
  وهذا لا يعني حتما أن يكون للشخص الانتفاع بالشيء أو القيمة، فقد تكون المنفعة أو المصلحة المقصودة من الحق لغير صاحبه، كما يثبت الاختصاص أو الاستئثار لصاحب الحق ولو لم تكن له إرادة.
  *التسلط يراد به القدرة على التصرف، وهو عنصر ملازم لعنصر الاستئثار. *تعدد الأشخاص واحترام الغير للحق.
  1 من أبرز فقهاء هذ المذهب جلينيك (ألماني) ميشود وسالت (فرنسيان) 4
  نظـــرية الحــــق | أ/ع. عبد السلام
  
  نظـــرية الحــــق | أ/ع. عبد السلام
  الحق يستلزم وجود شخص أو أكثر يسري في مواجهتهم. *الحماية القانونية الحق لا يكتمل إ ّلا إذا تكفل القانون بحمايته، والطريق القانوني لحماية الحق هو الدعوى. ذلك أن صاحب الحق لا يستطيع حماية حقه بنفسه، وإنما لا بد من تدخل السلطة العامة
  لحمايته.
  المبحث الثاني أنواع الحق وتقسيماته1
  ينقسم الحق إلى حق سياسي وحق مدني، وينقسم الحق المدني إلى حق أو حقوق عامة وخاصة وتنقسم الأخيرة إلى حقوق الأسرة والحقوق المالية.
  المطلب الأول الحقوق السياسية
  هي الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية معينة كحق الترشح والانتخاب وتولي الوظائف العامة.
  ويختلف هذا النوع من الحقوق عن الحقوق الأخرى بما يلي:


• أنه لا يخول ميزات أو حقوق خالصة للمواطن، بل هو من قبيل الوظائف السياسية. - أنه ضمانة للتمتع بالحقوق المدنية. - أنه يتعلق بالسلطة السياسية وكيفية تكوينها. - أنه يثبت للمواطن فحسب ولا يثبت للأجنبي إلا استثناء - أنه سيتلزم وجوب توافر شروط معية في ممارسته.
  المطلب الثاني الحقوق غير السياسية (الحقوق المدنية)
  هي التي تثبت للفرد في نشاطه العادي مع الجماعة من غير أن يكون لها صبغة سياسية.
  الفرع الأول الحقوق العامة
  1 هناك من يقسم هذه الحقوق إلى حقوق مالية وأخرى غير مالية، ويقسم الحقوق غير المالية إلى حقوق سياسية، حقوق لصيغة بالشخصية وحقوق الأسرة. وحقوق مالية وهي: الحقوق العينية والحقوق الشخصية . وإلى جانب الحقوق غير مالية والمالية يضيف الحقوق الذهنية.
  5
  هي التي تثبت للفرد لمجرد وجوده، أي لمجرد انسانيته وهي حقوق تقرر للمحافظة على الذات الآدمية.
  هذه الحقوق منها ما يرمي إلى حماية الكيان المادي للإنسان، ومنها ما يرمي إلى حماية الكيان المعنوي له ، ومنها ما يتعلق بنشاط الشخصية.
  وهي عديدة متعددة من الصعب حصرها.
  الفرع الثاني الحقوق الخاصة
  وتنقسم إلى حقوق الأسرة والحقوق المالية.
  أولا حقوق الأسرة
  وهي الحقوق الذي تثبت للشخص بصفته عضوا في أسرة معينة.
  هذا النوع من الحقوق لا يقوم بالمال، ولذلك هو خارج عن دائرة التعامل فلا يجوز
  التنازل عنه أو التصرف فيه.
  ثانيا: الحقوق المالية
  وتسمى بحقوق الذمة المالية لأن موضوع الحق فيها يقوم بالمال وهي: الحقوق العينية، والحقوق الشخصية والحقوق الذهنية
  أ- الحقوق العينية
  الحق العيني هو استئثار يتقرر للشخص على شيء معين أو على قيمة مالية معينة،
  وتنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية.
  1- الحقوق العينية الأصلية:
  هي الحقوق التي تخول صاحبها سلطة مباشرة على شيء تمكنه من استعماله واستغلاله
  والتصرف فيه. وتنقسم بدورها إلى حق الملكية والحقوق المتفرعة عن الملكية وهي: حق الانتفاع (انظر المواد 844 ، 847، 849، 852، 853، 854، ق.م.ج) وحق الاستعمال والسكنى (انظر المواد 855، 856، 857، ق.م.ج) وحق ال ِحكر(انظر المادتين 4 ،26 مكرر من القانون 07/01 المعدل والمتمم للقانون 10/91 المتعلق بالأوقاف) وحق الارتفاق(انظر
  المواد 867، 868، 869، 878 ،889 ق.م.ج). 2- الحقوق العينية التبعية:
  وهي الحقوق التي تخول للشخص سلطة مباشرة على شيء معين بالذات، وتتنوع هذه الحقوق بحسب مصدرها فمنها ما يتقرر بموجب عقد وهذا هو الرهن بنوعيه الرسمي
  نظـــرية الحــــق | أ/ع. عبد السلام
  6
  والحيازي(انظر المادتين 882 و 948 ق.م.ج)، ومنها ما يتحقق بموجب حكم قضائي وهذا هو حق التخصيص (انظر المادة 937 ق.م.ج) ومنها ما يتحقق بحكم القانون وهذا هو الامتياز(انظر المادة 982 ق.م.ج).
  ب- الحقوق الشخصية
  الحق الشخصي هو: استئثار غير مباشر بأداء معين يتقرر لشخص يسمى الدائن قبل
  شخص آخر يسمى المدين، بمقتضاه يلتزم المدين قبل الدائن بأداء معين أي بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل.
  ويختلف الحق العيني عن الحق الشخصي من عدة أوجه يمكن إجمالها فيما يلي: - الحق العيني استئثار مباشر أما الحق الشخصي فهو استئثار غير مباشر.


• أورد المشرع الحقوق العينية على سبيل الحصر، أما الحقوق الشخصية فهي غير محصورة وللأفراد إن شاء منها ما شاؤوا على شرط أن لا تكون مخالفة للنظام العام والآداب.


• يحتج بالحق العيني وينتج أثره في مواجهة الكافة أما الحق الشخصي فلا يحتج به إ ّلا في مواجهة شخص أو أشخاص معينين.


• يخول الحق العيني صاحبه حق التقدم والتتبع أما الحق الشخصي فلا يخول شيئا من ذلك.


• الحق العيني يجوز التنازل عنه بالإرادة المنفردة أما الحق الشخصي فلا يجوز التنازل عنه إ ّلا بالاتفاق مع المدين أو على الأقل بعلمه.
  ج- الحقوق الذهنية:
  هي نوع من الحقوق يرد على أشياء معنوية غير محسوسة من خلق الذهن ونتاج الفكر. فيثبت لصاحب الحق الذهني أو الفكر أبوة هذا الخلق ونسبته إليه وحده، ويعطيه احتكار استغلاله استغلالا ماليا يكفل له الحصول على ثمراته.
  وتنقسم هذه الحقوق إلى حقوق الملكية الصناعية وحقوق الملكية الأدبية والفنية.
  1- حقوق الملكية الصناعية:
  يتعلق هذا النوع من الحقوق بالميدان الصناعي والتجاري الذي يوفر للصانع أو التاجر ولمصلحته حق الاحتفاظ بعملائه ، وله بموجب ذلك إما احتكار استغلال وبيع منتجات معينة وإما بالانفراد بحق بيعها في قالب أو شكل معين ومن أهم تطبيقات هذه الحقوق، حقوق براءة
  الاختراع والعلامات التجارية والتصميمات والنماذج الصناعية.
  2- حقوق الملكية الأدبية والفنية
  ويقصد به حق الفرد على منتوجه الذهني المبتكر المتعلق بميدان العلم والفن والأدب.
  ومن هذه الحقوق حق المؤلف، فمن المؤلف؟
  نظـــرية الحــــق | أ/ع. عبد السلام
  7
  هو كل من له إنتاجا ذهنيا، أيا كان نوعه وأيا كانت طريقة التعبير عنه مادام ينطوي هذا الإنتاج على قدر معين من الابتكار.
  فكل من ثبت له وصف المؤلف كان جديرا بالحماية القانونية وقد أشارت إلى ذلك المادة 12 من الأمر 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بقولها:" يعتبر مؤلف مصنف أدبي أو في مفهوم هذا الأمر الشخص الطبيعي الذي أبدعه"1
  والمصنف هو كل انتاج ذهني أيا كان مظهر التعبير عنه سواء بالكتابة أم الصوت أم الرسم أم التصوير أم الحركة.
  والمصنف قد يكون فرديا فيحمل اسم صاحبه، وقد يكون مشتركا كما قد يكون جماعيا.
  والمصنف المشترك هو الذي يشترك فيه أكثر من شخص واحد فيكون لهم الحق الذهني عليه جميعا.
  والمصنف الجماعي هو الذي يشترك فيه أكثر من شخص واحد ولكن بتوجيه من شخص طبيعي أو معنوي يتكفل بنشره تحت ادارته وباسمه.
  وفي الأخير نشير إلى أن الحق الذهني من طبيعة مزدوجة يجمع بين حقين هما الحق المعنوي والحق المالي.
  الفصل الثاني أركان الحق
  للحق ركنين أشخ