لخّصلي

يعتبر الأمن هو الدافع الرئيس، بلا منازع ، لحيازة الأسلحة النووية بالنسبة إلى معظم الدول ، فالأمن يعتبر أحد الدوافع القوية التي تتحكم في تصرفات المجتمعات البشرية ، وعليه تقوم الأمم وتتماسك وترتفي ، كما يتوقف جانب كبير من اعتراف المجتمع الدولي بوجود الدولة ذاتها ، ويعتبر مصطلح الأمن من أكثر المصطلحات غموضاً ، وهو يستخدم في كثير من المجالات والمواقف بدءاً من الإجراءات الخاصة بتأمين المواطنين داخل الدولة ضد الأخطار المحتملة التي تمس أنفسهم وأموالهم ، ووضع القوانين والتشريعات التي تكفل هذه الحماية وما يتضمنه ذلك من وجود السلطات القائمة على تنفيذ القانون ، وهذا هو الأمن بمفهومه الضيق (1) حتى تمتد هذه الإجراءات لتشمل - علاوة على ما سبق - الإجراءات المتعلقة بتأمين الدولة في مواجهة غيرها من الدول ، وهذا هو الأمن بمفهومه الواسع الذي يستوعب في نطاقه معان متعددة تتدرج من مجرد قيام الدولة بإجراءات وقائية الحماية نفسها من الأخطار الخارجية ، بوضع القواعد المناسبة لحراسة حدودها وسواحلها وأجوائها والمحافظة على أسرارها وتشكيل القوات المسلحة وعمل الأحلاف العسكرية ، إلى حد قيام الدولة بإجراءات ايجابية لتحقيق أمنها (٥٢).

فعبارة الأمن بمفهومها الواسع تمتد لتشمل كل ما يحقق الاستقلال السياسي للدولة وسلامة أراضيها ، لأن أمن الدولة هو سلامة أراضيها واستقلالها السياسي ، ولذا يمسه أي إجراء أو تدبير من شأنه أن يؤثر بطريق مباشر أو غير مباشر على كيان الدولة وهذا يعني أن مفهوم الأمن لا يمكن أن ينحصر معناه في مجرد التحرر من التهديد العسكري الخارجي كما لا يمكن تحديد كيانه بسلامة الوطن وأراضيه أو بسيادته فقط ، وإنما يمتد هذا المفهوم إلى آفاق أوسع لتشمل معاني الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي حيث أن الأمن متعلق بالاستقرار الداخلي بقدر

ما هو مرتبط بالعدوان الخارجي (٥٣).

إن الأمن هو الدافع الرئيسي وبلا منازع لحيازة الأسلحة النووية ، فهنالك دول كثيرة تسعى لحيازة السلاح النووي للحصول على الأمن ، ذلك أن هذا السلاح يستعمل كرادع يحمل معاني التأثير والاقتناع إلى أطراف أخرى متفوقة نووياً ، من أن هذه الدولة تملك أو سوف تملك ، أو تستطيع أن تحوز أسلحة نووية خاصة وأن الردع ، لم يعد قاصراً على معاني التهديد والتدمير فحسب، بل تجاوزها إلى معاني الدفاع ، وهنا تبدو حيازة السلاح النووي ، كمظلة، أو رسالة مؤثرة في الغير، ويمكن التحرك تحتها أو من خلالها وإثارة أي مطالب أو مطامح إقليمية ، وحمل الطرف أو

الأطراف الأخرى ، للاقتناع بالعواقب الوخيمة لأية مواجهة نووية محتملة (1).

وهناك من يضع الدوافع الإسرائيلية للحصول على السلاح النووي في هذا الحقل بحجة الرغبة في الحصول على التفوق والحماية المطلقتين في ظل الشعور

بمحدودية المعطيات السكانية والجغرافية والاستراتيجية ، مع التقدير بحتمية

المواجهة مع البلدان العربية (0). غير أن تلك الدوافع الإسرائيلية لا صحة لها ذلك أن (إسرائيل) متفوقة عسكرياً على الدول العربية فالمنطقة تشهد علاقات قوة نووية تسير في اتجاه واحد ، فهناك

دولة واحدة هي (إسرائيل) تنفرد بحيازة السلاح النووي في مواجهة دول لا تحوز أي منها هذه الأسلحة ، فالمنطقة تشهد حالة احتكار نووي (٥٦). وعلى العكس مما تقدم فأن سعي البلدان العربية للحصول على السلاح النووي

المعادلة السلاح النووي الإسرائيلي سيكون دافعاً واقعياً لضمان أمنها العسكري أمام طرف متفوق نووياً ينفرد بحيازة ما بين ۱۰۰ إلى ۲۰۰ رأس نووي (٥)، حيث تمثل تلك الأسلحة مصدراً لتهديد أمن دول منطقة الشرق الأوسط بنطاقها الواسع الذي يضم شمال أفريقيا ، ذلك أن تأثير الانفجاريات النووية لن يقف عند الحدود السياسية للدول في حالة استخدام (إسرائيل) أسلحتها النووية ضد دولة أو أخرى من دول المنطقة خاصة في ظل حيازة (إسرائيل) نوعيات متعددة ذات مديات مختلفة من وسائل توصيل الرؤوس النووية ، وبالتالي فأن كل دولة هي هدف محتمل الأسلحة إسرائيل النووية ، وهكذا نرى بأن الأمن هو القاسم المشترك بين الدول كافة التي تقرر السير في الطريق النووي ، فحيازة الدولة للسلاح النووي يعطيها القدرة على ردع الدول الأخرى من التفكير في شن أي عدوان عليها ، فالسلاح النووي يعد وسيلة فعالة لردع أي هجوم من طرف أي دولة معادية ، وتدعيماً لأمن الدولة التي

تحوزه.