لخّصلي

ومع ذلك ، إذا كانت هناك استعارة مكانية مناسبة لتصور طوبولوجيا الإنترنت ، فقد يتم العثور عليها ، ليس في الثقافة الغربية ، ولكن في الثقافة الشرقية.
وفقا ل Mitsuo Inoue ، تختلف مفاهيم الفضاء اليابانية اختلافا جوهريا عن المفاهيم الغربية على جميع مستويات التصميم المعماري والحضري. ويجادل بأن الفضاء المعماري الياباني "موجه نحو الحركة" ، في حين أن الفضاء المعماري الغربي ، جنبا إلى جنب مع العمارة الصينية الكلاسيكية ، يغلب عليه الطابع الهندسي. كأمثلة متطرفة على هذا الأخير ، يقدم كلا من التخطيط المتعامد أو المستقيم للمدينة المحرمة في بكين ، والقصر والمدينة المخططة شعاعيا في كارلسروه في القرن الثامن عشر. سواء كانت تستند إلى إحداثيات متعامدة ، كما هو الحال مع المدينة المحرمة ، أو الإحداثيات القطبية ، كما هو الحال مع كارلسروه ، فمن خصائص الفضاء الهندسي أن يتم تحديد موقع كل عنصر داخل الخطة من خلال علاقته بالمحور المركزي أو القطب.
وبالمثل ، يكمن مفتاح تجربة التصميم الهندسي في علاقة المراقب بنفس المحور أو القطب المركزي ، والذي يجب أن يكون قادرا على تحديد موقعه من أجل استيعاب بقية التكوين. تم فتح آفاق طويلة عبر المنطقة ، وأحيانا من خلال الهياكل الفردية ، وبالتالي ضمان أن الشخص الذي يقف في النقاط والمنعطفات الرئيسية قد يفهم الكل بسهولة. ومن هنا جاء الدور السائد في العمارة الباروكية والتخطيط الحضري ، كما هو الحال في القصور والمدن الصينية الكلاسيكية ، من خلال الآفاق المفتوحة والطرق الطويلة المستقيمة والساحات الكبيرة. يحكم نفس الانضباط علاقة المساحات الداخلية ببعضها البعض في القصور الصينية ويستشهد إينوي صراحة ب enfilade الباروكي كمثال مميز لتنظيم مماثل للفضاء.
على النقيض من ذلك ، فإن علاقة المراقب بعناصر التصميم الياباني ذات طبيعة مختلفة تماما. في حين تأثرت العمارة والتصميم الحضري المبكر للقصر بشدة بالتخطيط الهندسي الصيني الكلاسيكي ، فقد طورت العمارة اليابانية وتصميم المناظر الطبيعية في القرن السابع عشر أنظمة التخطيط والنظام المكاني المتميزين تماما. بالمقارنة مع الأمثلة المذكورة أعلاه ، فإن المخطط غير المنتظم للغاية لمجمع قصر هومارو في قلعة إيدو لا يظهر أي ترتيب مرئي على الإطلاق. ليس لها مركز أو محور واحد ، ولا أي مساحة أو عنصر موحد واضح آخر ، باستثناء الجدران الحدودية الضخمة ، التي لها تكوين مختلف ، تشكله التضاريس.
ومع ذلك، يوضح إينوي أن عدم انتظام الخطة وعدم تحديدها في إيدو ليس من قبيل الصدفة، ولكنه ينشأ من تسلسل معقد للغاية ومصمم بوعي للمساحات عبر القصر، كما يرى من خلال عين مراقب متحرك. ضد هدف المصمم الباروكي المتمثل في فتح أكبر قدر ممكن من المبنى أو المدينة لمراقب ثابت يقف في نقطة مركزية ما ، يخفي المصمم الياباني عن قصد ومهارة طبيعة عنصر أو مساحة مجاورة عن العين - غالبا ما يقدم لمحة جزئية ومحيرة عما سيأتي بعد ذلك - بحيث فقط من خلال التحرك واستكشاف كل مساحة شخصيا بدوره ، هل يمكن فهم المبنى بأكمله أو المجمع بشكل صحيح.
لتوضيح السمات الأساسية لمساحة الحركة ، يقدم Inoue مخططين بسيطين ولكنهما معبران. يظهر الأول عددا من العقد الموسومة بترتيب أبجدي تمثل الوحدات المكانية المتصلة بخطوط مفردة في نمط متعامد ، بينما يظهر الثاني نفس العقد المتصلة بنمط غير منتظم. يطلب منا إينوي التفكير في هذه الوحدات، التي قد تكون غرفا أو مساحات خارجية أو كليهما، بمعزل عن أي مساحات أخرى أو سياق محيط. يقترح أن الشخص الذي يقف في إحدى العقد في التسلسل المنتظم الأول سيقف في نفس العلاقة تماما مع العقد المكانية الأخرى مثل الشخص الذي يقف في نفس النقطة في التسلسل الثاني غير المنتظم:
في ظل هذه الظروف ، فإن الزاوية النسبية ل A-B أو B-C أو طول الموصل وكيف يمكن أن يلتوي أو يدور يكاد يكون غير ذي صلة تماما بشخص يعيش في الداخل حيث لا يمكن التعرف على هذه الحقائق إلا فيما يتعلق بالعالم الخارجي.
على الرغم من أن المخططين يبدوان مختلفين تماما ، إلا أنه فيما يتعلق بتجربة الشخص الفعلية لتسلسل المساحات ، إلا أنهما متماثلان تماما ، والتركيز المركز والمقيد على التسلسل الفوري نفسه بدلا من محاولة فهم الكل دفعة واحدة هو ما يميز الطبيعة الديناميكية للفضاء الياباني.
يمكن افتراض أن الرسوم البيانية نفسها توفر تمثيلا عمليا لطوبولوجيا الفضاء السيبراني ، ليتم وضعها مقابل الباروك والطوبولوجيا الهندسية الأخرى الموصوفة أعلاه. عندما نتحرك ، مجازيا ، عبر الفضاء الإلكتروني من موقع إلى آخر ، أو من عقدة إلى عقدة ، فإننا لا ندرك التضاريس الكاملة للمواقع التي أمامنا ، ولا علاقاتها ببعضها البعض ، كما نفعل إذا كان القياس الباروكي صحيحا. نحن فقط ندرك الإنترنت من داخل مسارنا المختار شخصيا ، ونرتبط بأبعاده الواسعة في خطوات صغيرة وتدريجية ومعزولة. كل ما تبقى ، يمتد إلى ما لا نهاية من الخيارات والاستجابات الممكنة ، لا يزال مخفيا عن الأنظار.
كما أن هذه التضاريس اللانهائية لم يتم تصورها مسبقا من قبل مهندس عظيم للفضاء الإلكتروني وفقا لبعض الخطط الكبرى. بل على العكس من ذلك، من المعروف أن الشبكة ليس لها مركز، ولكنها طورت نفسها أيضا من سلسلة لا حصر لها من الخطوات التدريجية، التكنولوجية والاجتماعية على حد سواء، خارج سيطرة أي فرد أو مؤسسة. والشبكة هي النظام النهائي ذاتي التنظيم: وهي النتيجة التي لا يمكن التنبؤ بها لعدد متزايد باستمرار من المدخلات والإبداعات الفردية، التي لا يمكن أبدا فهم هيكلها والغرض منها من أي نقطة في النظام.
كما هو الحال في فضاء الحركة ، ما ندركه أثناء تقدمنا من مكان إلى آخر في الفضاء الإلكتروني هو فقط ذكرى المكان الذي بدأنا فيه وما استخلصناه هناك ، والأماكن الأخرى التي توقفنا فيها بالفعل ، والمكان الذي نحن فيه في هذه اللحظة. يمكننا التمرير عبر قوائم الوجهات التالية المحتملة المتاحة على الموقع الحالي واكتساب بعض المعرفة الجزئية بالمكان الذي يمكننا الذهاب إليه بعد ذلك ، لكننا لن نحصل على الصورة الكاملة لما هو معروض حتى نصل إلى الموقع التالي. والأهم من ذلك، أننا لن نعرف إلى أين سنذهب بعد ذلك - ما لم يحين الوقت للإغلاق والخروج من الفضاء الإلكتروني تماما - حتى نصل بالفعل إلى الموقع التالي ونرى ما هي المعلومات والخيارات التي يقدمها بدوره.
كما هو الحال في مخططات إينوي ، في الفضاء الإلكتروني ، من وجهة النظر الداخلية للمستخدم ، لا يهم كيف يتم محاذاة الخطوط أو الاتصالات بين الأماكن أو العقد المختلفة مع بعضها البعض ، سواء كانت مستقيمة أو ملتوية أو حتى منحنية في منحنيات. فقط التسلسل بين العقد مهم ، جنبا إلى جنب مع ما يحدث - ما يرى على الشاشة والقرارات التي يتخذها رواد الإنترنت الفرديون فيما يتعلق بالمكان الذي يجب أن يذهبوا إليه بعد ذلك - في كل مكان. في حين أن الطوبولوجيا الباروكية للشبكة قد تعني ضمنا تضاريس مستقرة نسبيا رسمها مصمم أصلي واحد - ربما بيل جيتس من هندسة الفضاء السيبراني - فإن الطوبولوجيا الفعلية للفضاء السيبراني هي تكوين متغير باستمرار يتكون من قبل كل مستخدم أثناء تقدمه من خلاله.