لخّصلي

كوم الشقاقة هو الاسم الذي أطلق إحياء للاسم اليوناني القديم لوفوس
كيراميكوس" وهذه المنطقة تمثل الحي الوطني من مدينة الإسكندرية منذ
إنشائها كما أنها تقع في المنطقة التي قامت فيها قرية راکودة اوراكوتيس
وهو الاسم الذي عرفت به عند الرومان أحياء للاسم الفرعوني
Ra

Qedit. وعلي بعد عشرة دقائق من السرابيوم بمحاذاة شارع كرموز
ثم شارع أبو مندور (حاليا) نصل إلى منطقة كوم الشقافة. (0) أن مقبرة كوم
الشقافة تعتبر من الجبانات الغربية الفريدة وهي من أشهر وأهم المقابر في
الإسكندرية وهي من نوع Cata Comb وهذا النوع من المقابر انتشر في
القرون الثلاث الأولى الميلادية في إيطاليا وبعض الجزر اليونانية.(۲) ونحن
نحني بكلمة Cata Comb الحفر في الصخر، كما أن ال Cata Comb
تكاد تقتصر علي دفن الموتى من المسيحيين ولكن جبانة كوم الشقافة ل
نجد بها أي أثر مسيحي للدلالة على أن المسيحيين قد استخدموها فهي
جبانة وثنية منذ إنشائها في أواخر القرن الأول الميلادي إلى أن بطل
استعمالها للدفن في القرن الرابع الميلادي. أما الدراسات فقد بدأت في
المنطقة منذ عام ۱۸۹۲ علي يد Botti إلا أنه لم يعثر علي المقبرة إلا
(۳)
في عام ۱۹۰۰ وكان ذلك بطريق الصدفة حيث سقطت عربة يجرها
حصان في حفرة وهذه الحفرة تقع خلف المقبرة الرئيسية.
ثم قام المهندس Ehrlich ) بإصلاح المنطقة وتم تحديد المدخل
وأذيل التل الترابي الذي كان يحيط بالمقبرة لحماية المكان من أي مؤثرات
خارجية، ثم وضعت طبقة من الإسفلت وبعد ذلك تم توصيل الكهرباء داخل
المقبرة.
قبل البدء في الحديث عن مقبرة كوم الشقافة لابد لنا أن نعطي فكرة عن
المقابر من نوع ال Cata Comb ، فمقابر ال Cata Comb تكاد
تقتصر علي دفن الموتى من المسيحيين إذ وجد فيها دعاة الدين الجديد
غايتهم، كما كانت تستخدم كملجا يجتمعون فيه من بطش الأباطرة والحكلم
الذين كانوا دائما يغتنمون الفرص للتنكيل بهم وتقديمهم طعاما للوحوش (۲)
ونجد مثالا واضحة لهذا النوع في المقابر تحت كاتدرائية سان سباس
ستیان
بروما.(۳)
ولما كانت ال Cata Comb قد حفرت في رهبة من الحكام فقد كان
طبيعية أن يجعل البناؤن مدخلها مختفية عن الأنظار كأن يكون مثلا، من
داخل مبني آخر، وكان هذا الأمر يتم على عجلة في الحفر حتى لا يكتشف
أمرهم وبعد أن شعر البناءوون بالأمان تحت الأرض اتسع لديهم الوقت
اللاهتمام بإتقان الحفر وزخرفة المقبرة المختلفة داخل ال Cata
Comb7.(1) أما جبانة كوم الشقافة نجدها تختلف عن مثيلاتها من الجبانات
في المظاهر الآتية:
1- لم يوجد بها أي أثر مسيحي للدلالة على أن المسيحيين استخدموها يوما
من الأيام، فهي وثنية المنشا و الاستخدام.
۲- هذه الجبانة لم تقم لفئة من الناس خالفوا الحكام أو انقلبوا على الدين
الرسمي للبلاد، لذلك لم يكن هناك ما يدعو مثلما في إيطاليا للتستر في
إنشائها أو العجلة في فتح مدخلها، ولكنه كان هناك متسع من الوقت
اللاهتمام بحفرها منذ البداية بل هناك رأي يقول أنه أقيم لها طابق رابع
فوق سطح الأرض اندثر أغلبه بفعل الزمن أو ربما يكون هذا الطابق
أصهاريج" للمياه كما سنري فيما بعد.
٣- كما اختلفت عن ال Cata Comb الأخرى في إنها كانت مقبرة
الأسرة واحدة ولو أنها استخدمت فيما بعد للعديد من الأسرات فنري
المشكاوات أو ال Loculi ونري الشواهد من الرخام أو الحجر
الجيري.

• كما أن من أهم ما يميزها عن غيرها طرز الفن المستخدمة، فنجد
  خليطا من الفنون لأن الفرصة قد أتيحت في مصر والإسكندرية لامتزاج
  الفن اليوناني والروماني بالفرعوني السائد في مصر وحدث هذا المزج
  في المناظر الدينية بين الدين الفرعوني والدين الروماني في الرسومات
  البارزة.
  5- وهي فريدة بالنسبة لل Cata Comb في أنها تنزل لعمق ثلاثة
  طوابق تحت الأرض وربما يرجع ذلك إلى التأثير الفرعوني حيث كانت
  المقبرة في طيبة تحفر تحت الأرض لمسافات طويلة جدا.