لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

(تلخيص بواسطة الذكاء الاصطناعي)

يتناول الفصل الثاني المذاهب القانونية الاجتماعية الموضوعية، التي تدرس القانون كظاهرة اجتماعية، مُركزًة على العوامل المؤثرة في تكوين وتطوير قواعده باعتبارها منظم لعلاقات اجتماعية. تتفق هذه المذاهب على ضرورة وجود ضوابط اجتماعية، لكنها تختلف حول جوهر القانون: فالمدرسة المثالية (القانون الطبيعي) ترى أن جوهره يكمن في المثل الأعلى للعدل، بينما المدرسة الواقعية ترى أنه يكمن في الواقع الملموس.

يتعمق الفصل في مدرسة القانون الطبيعي، مُعرّفاً إياه كمُثل عليا أزلية تُكشف بواسطة العقل البشري، مُميّزاً إياه عن القانون الوضعي. يُناقش الفصل تطور مفهوم القانون الطبيعي عبر مراحل فلسفية، قانونية، دينية، وسياسية، مُستعرضاً آراء أرسطو والفلاسفة المسيحيين، وكيفية خضوع القانون الوضعي للقانون الطبيعي. كما يُناقش الفصل مفهوم القانون الطبيعي من منظور "العقد الاجتماعي" عند أفلاطون، هوبز، لوك، وروسو، مُقيّماً مزايا وعيوب هذه النظرية. أخيراً، يُعرض الفصل الاتجاه الحديث للقانون الطبيعي عند كانط، وعودة الفقهاء إلى الفكرة التقليدية مع تضييق نطاقها، و تطبيقاته في الأنظمة القانونية اللاتينية والانجليزية، مُسلّطاً الضوء على تطور الأنظمة القانونية في العالم الغربي من خلال اندماج الحضارة الرومانية والجرمانية، ونظرية الإنصاف في النظام القانوني الإنجليزي.


النص الأصلي

الفصل الثاني


المذاهب القانونية الاجتماعية الموضوعية


Les doctrines socio-objectivisme juridique


مفهوم و محاور هذه المذاهب


تدرس هذه المذاهب القانون كظاهرة اجتماعية، وتكشف عن العوامل الاجتماعية التي تؤثر في تكوين وتطوير القواعد القانونية أي تبحث عن المادة الأولية التي تتكون منها قواعد القانون باعتبارها تنظم علاقات اجتماعية ) وبذلك فهي اجتماعية لأنها تربط القانون بالمجتمع، وموضوعية لأنها تهتم فقط بجوهر القاعدة القانونية، أي ماهيتها و مضمونها).


وتتفق هذه المذاهب أن طبيعة الحياة الاجتماعية والعيش في الجماعة البشرية تستلزم طبيعيا وجود ضوابط تحكم تلك الجماعة وتنظم حياتها.


غير أن أنصار هذه المذاهب و إن اتفقوا فيما بينهم من حيث اعتبار القانون مظهرا اجتماعيا طبيعيا في حياة الجماعة و من ثم الاهتمام بجوهره دون الشكل، إلا أنهم قد اختلفوا حول مضمون هذا الجوهر وتفسير طبيعته، و هذا أدى إلى ظهور مدرستين في هذا الشأن:


العقل. و ترى الأولى أن جوهر القانون يكمن في المثل الأعلى للعدل الذي يستخلصه




  • المدرسة المثالية: (نظرية القانون الطبيعي).




  • المدرسة الواقعية .




أما الثانية فترى بأن جوهر القانون هو الواقع الملموس الذي تثبته الملاحظة و تؤيده التجربة . و قد كانت مدرسة القانون الطبيعي هي السائدة حتى بداية القرن 19، حيث ظهرت فلسفة جديدة تعتمد على حقائق الحياة الواقعية الملموسة مما أدى إلى قيام المدرسة الواقعية وما زالت هاتان المدرستان تتنازعان طبيعة القانون و أساسه حتى وقتنا الحاضر، رغم ظهور محاولات أخرى للجمع بينهما، و هي المذاهب المختلطة التي سنتعرض لها في الفصل الثالث.


ولذلك ندرس مدرسة القانون الطبيعي في المبحث الأول.


و المدرسة الواقعية في المبحث الثاني.المبحث الأول


مذاهب القانون الطبيعي


Les doctrines du droit naturel - theory of natural Law


ندرس الفقرات التالية:


تمهيد مفهوم فكرة القانون الطبيعي وتطورها.


المطلب الأول: المفهوم التقليدي لفكرة القانون الطبيعي.


المطلب الثاني: المفهوم السياسي لفكرة القانون الطبيعي.


المطلب الثالث: المفهوم الحديث لفكرة القانون الطبيعي.


وفي الخاتمة نصل إلى تطبيقات فكرة القانون الطبيعي في الأنظمة القانونية الحالية.



  • مفهوم فكرة القانون الطبيعي يمكن القول أن القانون الطبيعي يتضمن تلك المثل العليا الأزلية والخالدة في الزمان والمكان و التي تهيمن على نظام الكون كله، و هذا القانون ليس من صنع البشر وإنما يقتصر العقل البشري على الكشف عن قيم قواعده، فهو قانون عالمي يلزم جميع الناس لأنه يقوم على وحدة الطبيعة الإنسانية Human nature ولذلك يحقق العدالة المنشودة على أكمل وجه.


وقد فرق البعض بين القانون الطبيعي ) natural Law) والقانون الوضعي positive) Law ) ، فالقانون الوضعي هو الذي تعمل به الجماعة فعلا وتسير وفقا له في الحياة العملية، أما القانون الطبيعي فهو المثل الأعلى الذي يمثل الكمال ويكشف عنه العقل البشري ليصوغ القانون الوضعي على نهجه فيستوحي المشرع من تلك المثل العليا قواعد قانونية لتنظيم الجماعة. ومن ثم يعتبر القانون عادلا إذا كان متفقا مع مبادئ القانون الطبيعي، ويعتبر ظالما إذا كان مخالفا لها.



  • علمانية فكرة القانون الطبيعي


فرق الرومان بين القانون الطبيعي و كل من القانون المدني civil Law وقانون الشعوب Law of nations الذي يسري على الأجانب، ويتميز بالبساطة و هو مستمد من المبادئ المشتركة بين الشعوب المختلفة، و التي تعبر عن الحاجات الأولية المشتركة بين الناس في كل مكان.


وهذا ما أدى بالبعض إلى اعتبار قانون الشعوب الصورة العملية الأكثر قربا من القانون الطبيعي، و لكنه يظل قانونا وضعيا.



  • تعريف جر تيوس و بهذا الصدد تجدر الإشارة إلى الفقيه الهولندي GROTIUS باعتباره أول من أبرز فكرة القانون الطبيعي في العصر الحديث متحررة من الصفة الدينية و الشوائب التي اصطبغت بها في القرون الوسطى، حيث عرف القانون الطبيعي
    بأنه القاعدة التي يوصي بها العقل القويم، والتي يحكم بمقتضاها على أن عملا ما يعتبر ظلما أو عدلا وفقا لمخالفته أو موافقته للمعقول raisonable، و قد دعا إلى إقامة العلاقات الدولية على أساس القانون الطبيعي في السلم و الحرب. ولا يتسع المجال هنا للتعرض إلى نتائج نمو فكرة القانون الطبيعي على يد جروتيوس و غيره من الفقهاء خاصة بعد ظهور المذهب الفردي، و لكن يمكن القول بأنه الاتجاه في تحديد قواعد القانون الطبيعي لتوضيح ما يجب أن يقوم عليه النظام الاجتماعي عن طريق البحث عن الحقوق الفطرية.


غير أن فكرة القانون الطبيعي لم تحتفظ بمضمون ثابت على مر العصور، حيث مرت بمراحل مختلفة تغير مضمونها فيها تبعا لاختلاف الغايات و الأهداف التي اتخذت فكرة القانون الطبيعي كوسيلة لتحقيقها، لكنها احتفظت بالأساس الذي قامت عليه في صورتها التقليدية باعتبارها المثل العليا التي يجب أن يستمد منها القانون الوضعي.


فقد بدأت فكرة القانون الطبيعي لدى فلاسفة اليونان فكرة فلسفية، ثم أصبحت لدى فقهاء الرومان فكرة قانونية، ثم صارت لدى رجال الكنيسة في العصور الوسطى فكرة دينية، ثم تحولت لدى مفكري العصر الحديث إلى فكرة سياسية.


إن أساس فكرة القانون الطبيعي الأصلي و التقليدي يتجسد في فلسفة أرسطو و من أتبعه فيما بعد إلى أن تبنتها التشريعات الحديثة.


ولهذا نتعرض لفكرة القانون الطبيعي عند أرسطو ضمن الفقرات التالية:


أولا: مفهوم القانون الطبيعي عند أرسطو


أ- العلاقة بين القانون الطبيعي و الوضعي عند أرسطو


خضوع القانون الوضعي للقانون الطبيعي


ثانيا: مبدأ سيادة القانون ( العدل العام و العدل الخاص.


با


ثالثا: فكرة القانون الطبيعي عند الفلاسفة المسيحيين ( القديس توماس الأكويني)


أولا - مفهوم القانون الطبيعي عند أرسطو 2.


قد أتمم أرسطو دراسته الإجتماعية للقانون باتجاهه الفلسفي وبمنهجيته العلمية التي تبحث عن - المقاصد النهائية للسلوك الفردي والجماعي ووسائل الوصول إليها.


ولكنه نجح مع ذلك في تكوين فكرة عامة تؤكد أن حقيقة القانون لا يمكن أن تثبت إلا في محيط اجتماعي. و الواقع أن أرسطو كان من أسبق المفكرين الذين طرحوا بشكل مباشر مشكلة الواقع الإجتماعي للقانون.فهو يرى بأن القانون هو العقل مجردا عن الهوى، ويتجسد في صياغة عقلانية


المتطلبات المعايير الإجتماعية و التكيف مع النظام الإجتماعي.


أما مفهوم القانون الطبيعي عند أرسطو فهو العدل في ذاته المتمثل في المثل الأعلى الذي يهدف إلى الكمال ، و الذي يجب أن توضع على أساسه القوانين الوضعية ) الصادرة عن إرادة المشرع لأن العدل هو الأساس الذي تستمد منه هذه القوانين قوتها الملزمة للأفراد.


أ- أساس القانون الوضعي وعلاقته بالقانون الطبيعي


فالعدل يقضي بطاعة القوانين التي تسنها الدولة باعتبارها تهدف لتحقيق الغاية من قيام الدولة، وهي الخير العام للجميع و الخير الخاص لكل فرد ( فالعدل يجعلنا نحترم القوانين والمساواة).


-1- أساس القانون الوضعي


إذن فالقانون الوضعي يستمد قوته الملزمة وأسباب وجوده من العدل الذي هو القانون الطبيعي.


وهذا يعني أن العدل باعتباره فضيلة الفضائل وأساس قيام الدولة، فإنه يفرض على كل فرد أن يطيع القانون الذي يصدره المشرع، وأن يخضع لإرادته ( أي إرادة المشرع وهذا ليس لمجرد حرمان الفرد من حريته المطلقة، وإنما لتأكيد الأساس الذي


تقوم عليه الدولة، وهو تحقيق الرفاهية لمجموع الأفراد في هذه الدولة.


إذن فالفرد يضحي بحريته من أجل قيمة أسمى وهي العدل أو الأخلاق أو الفضيلة وهي مترادفات تعبر عما ينبغي أن تقوم على أساسه الدولة لتحقيق وجود الأفراد أنفسهم


وتحقيق السعادة للجميع)



  • ذاته الذي هو القانون الطبيعي، وبين العدل داخل المجتمع، وهو القانون الوضعي. لذلك يقول أرسطو أن القانون الوضعي قد يخالف القانون الطبيعي بحيث يصبح محققا للظلم وليس للعدل. ولكن تظل العلاقة بينهما تنحصر في أمرين أولهما: أن القانون الطبيعي يقضي على الأفراد بطاعة القانون الوضعي أيا كان العدل الذي يحققه، ونظرا لأن القانون الوضعي ليس واحدا في كل الدول فإن العدالة تكون بالضرورة مختلفة في كل واحدة منها.


2- العلاقة بين القانون الطبيعي و الوضعي إلا أنه يجب عدم الخلط بين العدل في


ومع ذلك تنبغي طاعة القوانين الوضعية مهما اختلفت قدرتها في التعبير عن العدل


في ذاته.وأن الله لا يأمر بشيء إلا لأنه حسن بحسب العقل، ولا ينهي عن شيء إلا لأنه قبيح في نظر العقل. ) والخلاصة التي ينتهي إليها أنه لا طاعة للقانون الوضعي في معصية القانون الإلهي الذي يستمد منه القانون الطبيعي).


المطلب الثاني


المفهوم السياسي لفكرة القانون الطبيعي Du contrat social


تظهر فيما يسمى بنظرية العقد الاجتماعي التي مؤداها أن المجتمع السياسي المنظم هو المجتمع الذي يفقد فيه الفرد حريته و يصبح خاضعا لقوانين هذا المجتمع وذلك بمقتضى اتفاق بين أفراد هذا المجتمع أنفسهم و بين فريق منهم ليصبح فريقا حاكما يخول له وضع القوانين وتنظيم المجتمع.


وبمقتضى هذا الاتفاق فإن كل فرد يتنازل عن جزء من حريته مقابل أن يحافظ له الحاكم على الجزء الباقي من حريته.


وبذلك كان العقد ( أو الاتفاق هو أساس نشأة الدولة و أساس وجود المجتمع السياسي وبالتالي أساس خضوع الأفراد لحكم القانون وأن أنصار هذا المفهوم قد استعملوا العقد الاجتماعي كوسيلة للتعبير عن القانون الطبيعي. وأهم الفلاسفة القائلين بهذه الفكرة هم:


) les lois) Platon أفلاطون


T.Hobbes هو بز


John Locke جون لوك


du contrat العقد الإجتماعي ) Jean Jacques Rousseau روسو .(social


وهكذا فإن فكرة العقد الإجتماعي ليست سوى وسيلة لتقريب فكرة القانون الطبيعي للأذهان ومن ثم فهي ليست نظرية مستقلة عن نظرية القانون الطبيعي. لأن القانون الطبيعي هو الذي فرض إبرام هذا العقد وحدد شروطه، و لا دخل للإرادة فيه، وذلك لضرورة وجود المجتمع وعجزا لفرد عن الاكتفاء بذاته ومن ثم فلا بد من وجود الدولة لتنظيم المجتمع.


وهكذا فإن الضرورة الإجتماعية هي أساس القوة الملزمة لهذا العقد وللقانون، أما إرادة الأفراد فإنها تسعى لمصالحها الخاصة المتناقضة، ولذلك لا بد من إخضاعها لما هو أسمى منها وهو العدل أو العقل العادل)، وهذا الأساس هو في نفس الوقت المعيار الذي يحكم الإرادة ويحدد لها طريقها.ولبيان ذلك نعرض بعض أقول هؤلاء الفلاسفة : هوبز، لوك، وروسو


الفيلسوف الإنجليزي هو بز رأى أن العقد الإجتماعي تم بين أفراد المجتمع دون أن يكون الحاكم أو السلطان طرفا فيه، وبمقتضى هذا العقد تنازل الأفراد عن كل حرياتهم للسلطان لكي يعمل على إقامة النظام و حفظ الأمن بينهم، وهذا التنازل كامل غير مشروط ولا رجعة فيه لأن السلطان (الحاكم) ليس طرفا في العقد وأن الأفراد بتنازلهم عن حرياتهم له قد قبلوا مسبقا أن يعتبروا أن العدل هو ما يأمر به السلطان ، والظلم هو ما ينهي عنه، ومن ثم يجب عليهم احترام ما يشرعه لهم هذا السلطان مهما كان متعسفا أو مستبدا لأن استبداد الحاكم أفضل من الرجوع إلى عهد الفوضى و الأنانية و سيادة منطق القوة قانون الغاب).


وهكذا فإن العقد الإجتماعي عند هو بز مستمد من القانون الطبيعي الذي يلزم الأفراد احترام ما اتفقوا عليه في هذا العقد).


ولكن هوبز قد انحرف بنظرية القانون الطبيعي مما يبرر طغيان القانون الوضعي كما أنه اتخذ من فكرة العقد الإجتماعي وسيلة لتبرير السلطة الاستبدادية للحكام، لأنه كان من أنصار النظام الملكي المطلق الذي كان يسيطر على انجلترا في ذلك الوقت.


أما جون لوك JOHN LOCKE فيرى أن العقد الاجتماعي قد أبرم بين الشعب والسلطان، وبمقتضاه لم يتنازل الأفراد للسلطان عن كافة حرياتهم الطبيعية، وإنما تنازلوا له عن جزء منها فقط بالقدر اللازم لإقامة النظام والأمن وتحقيق الصالح العام في المجتمع، كما يلتزم السلطان بالمحافظة على ما بقي للأفراد من حريات، وفي حالة إخلال السلطان بهذه الالتزامات جاز للشعب أن يفسخ العقد وأن يعزل السلطان و تصبح الثورة ضده مشروعة.


وبعد ذلك جاء جان جاك روسو JEAN JACQUES ROUSSEAU الذي نشر كتابا بعنوان ( العقد الاجتماعي ) - DU CONTRAT SOCIAL - ( 1762 ) ، ومع هذا الكتاب أخذت نظرية العقد الاجتماعي شكلها الأخير الذي لم تتطور بعده أبدا.


وقد قرر روسو أنه لا سلطان إلا للشعب فالعقد الاجتماعي أبرم بين أفراد الشعب جميعا وبمقتضاه تنازل الأفراد عن حرياتهم الطبيعية الفطرية للشعب نفسه، على أن يتمتعوا بحريات مدنية منظمة بدلا من تلك الحريات الفطرية المطلقة. وعلى هذا النحو فإن الشعب يكون هو صاحب السلطة والسيادة في المجتمع، ولكن من غير الممكن أن يمارس هذه السلطة جميع أفراد الشعب معا، فإنهم أنابوا عنهم وكيلا يقوم بها ( أي السلطة ويشرف على تنظيم الحريات ويعمل على ضمانها. وهذا الوكيل هو الحاكم أو السلطان، غير أن هذا الحاكم لا يملك السلطة و السيادة التي تظل للشعب ولذلك يستطيع الشعب دائما أن يعزل هذا الحاكم إذا أخل بالتزاماته.إلا أن روسو يرى أن العقد الإجتماعي يجب أن يتفق مع حكم العقل ومبادئ العدل كما يؤكد على ضرورة إلزام الأفراد على إخضاع إرادتهم لعقلهم، والقانون هو الذي يقوم بذلك، بشرط أن يكون هذا القانون معبرا عن حكم العقل العادل الذي مصدره القانون الطبيعي.


وهكذا اتخذ روسو من فكرة العقد الإجتماعي وسيلة يميلها العقل الإنساني للمحافظة على الحريات والحقوق الطبيعية، وأداة لإنكار حق الملوك والحكام في السيادة و جعلها للشعب وبذلك يستمد النظام السياسي في الدولة والقوانين الوضعية فيها شرعيتها من إرادة الشعب صاحب السلطة والسيادة.




  • تقييم فكرة العقد الاجتماعي




  • غير أن فكرة العقد الإجتماعي قد أخذ عليها بأنها تقوم على مجرد افتراض، فهي تفترض وجود اتفاق بين الأفراد بمقتضاه تم الانتقال من حياة الفطرة البدائية إلى حياة الجماعة المنظمة، وهو ما لم يؤيده التاريخ أو يثبته الواقع.




  • كما أنه لا يمكن أن يظل هذا الاتفاق ينتج آثاره على مر العصور وعبر الأجيال بحيث تتقيد به الإنسانية منذ نشوء الجماعة و إلى الأبد.




  • ولكن على الرغم من هذه الانتقادات فإن فكرة العقد الإجتماعي كانت لها مزايا هامة للمجتمع الإنساني حيث يرجع إليها الفضل في القضاء على الحكومات الاستبدادية و إبراز سيادة الشعب و إعلان كلمته، وتقرير الحقوق والحريات العامة، وإعلان الحرية والمساواة للجميع.




ومن نتائج ذلك الثورة الفرنسية وآثارها على أوربا و العالم.



  • ولذلك قيل بأن فكرة العقد الإجتماعي أكبر أكذوبة سياسية ناجحة).


المطلب الثالث


الاتجاه الحديث نحو الفكرة التقليدية للقانون الطبيعي


.)1804-1724( " Kant " أولا نظرية كانط


(أ) المبادئ التي تقوم عليها النظرية


ب العلاقة بين القانون الطبيعي و الوضعي و أساس التفرقة بينهما.


ثانيا - عودة فقهاء العصر الحديث إلى الفكرة التقليدية للقانون الطبيعي.


ثالثا- تطبيقات فكرة القانون الطبيعي في الأنظمة القانونية اللاتينية الفرنسية والانجلو سكسونية.أولا: نظرية كانط


۱) مبادئ نظرية كانط العقل الخالص و العقل العملي.


فالعقل الخالص هو مصدر القانون الطبيعي و العقل العملي مصدر القانون الوضعي.


فالقانون الطبيعي يتمثل في الأخلاق العالمية أو ما يسميه بالأمر المطلق الصادر عن سلطان الإرادة الموجودة في العالم العقلي، و هي الإرادة المشرعة للعالم كله، قانون عالمي).


ولذلك فإن إرادة الإنسان الموجودة في العالم الحسي يجب أن تخضع دائما للأمر الأخلاقي المطلق الذي مصدره العقل الخالص.


لأن إرادة الإنسان تتأثر برغباته الحسية و مصالحه الشخصية التي لا يستطيع أبدا أن يتنصل منها لأنه يعيش دوما في عالم حسي، و هكذا ينبغي أن تخضع إرادة الإنسان في العالم الحسي لإرادته في العالم العقلي، أو بتعبير آخر ينبغي أن تخضع الإرادة لحكم العقل و المبادئ الأخلاق الطبيعية العالمية. و هذا الخضوع يجب أن يتحقق في جميع التصرفات التي يقوم بها الناس، ( سواء في العقود التي يبرمونها أو القوانين التي تصدر عن إرادتهم).


و من ثم فإن إرادة المشرع أيضا ينبغي أن تخضع لمبادئ القانون الطبيعي.


ب أساس التفرقة بين القانون الطبيعي و الوضعي


ولكن مهما كان هذا الخضوع، فإن كانط يبرز دائما الفارق بين القانون الطبيعي و القانون الوضعي من حيث مصدر كل منهما، فبينما مصدر القانون الطبيعي هو العقل الخالص، فإن مصدر القانون الوضعي هو إرادة الإنسان و هذا حتى في فرض تطابقها في المضمون).


ثانيا- عودة الفقه الحديث إلى الفكرة التقليدية مع تحديدها:


ومن جهة أخرى فقد نادى فقهاء العصر الحديث بالعودة إلى الفكرة التقليدية للقانون الطبيعي، مع تضييق نطاقه، حيث يرى هؤلاء الفقهاء (planiol et josserand") أن القانون الطبيعي لا يتضمن مجموعة كاملة من القواعد، تضع الحلول اللازمة لجميع مشاكل الحياة الاجتماعية، و إنما يقتصر نطاقه على مجموعة قليلة من القواعد أو المبادئ المثالية الثابتة المبنية على العدالة، كمبدأ عدم الإضرار بالغير عن خطأ، و مبدأ إعطاء كل ذي حق حقه ومبدأ عدم الإثراء على حساب الغير دون سبب مشروع، و هي مبادئ عامة مشتركة بين جميع الأمم، لا تصلح بذاتها للتطبيق في الحياة العملية، و لكنها تعبر عن المواجهات المثالية للعدل وتعتبر أساسا و مثلا أعلى للتنظيم القانوني تستند إليه القوانين الوضعية في كل زمان ومكان. فالمثل الأعلى الذي انتهت إليه فكرة
القانون الطبيعي في صورته الحديثة أنه أمر ضروري لتوجيه المشرع عند وضع القواعد القانونية، كما أنه أمر ضروري لتوجيه القاضي عندما لا يجد في هذه القواعد الحل الذي ينشده لكي يقيم العدل بين الناس.


وبذلك يعتبر القانون الطبيعي أساسا للقوانين الوضعية سواء في تكوينها و إنشائها أو في تكميلية ما قد يظهر عند تطبيقها من نقص أو قصور.


وقد تنبهت كثير من الدول إلى هذا الدور الذي يقوم به القانون الطبيعي في توجيه القاضي في الحالات التي لا يجد فيها نصا تشريعيا يحكم بمقتضاه، فجعلته يستعلم الحل من المثل الأعلى للعدل أي القانون الطبيعي ( وهذا ما نصت عليه المادة الأولى من القانون المدني الجزائري التي تنص " يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو فحواها و إذا لم يوجد نص تشريعي، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإذا لم توجد فبمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ


القانون الطبيعي و قواعد العدالة".


المطلب الرابع


الأنظمة السائدة في العالم الغربي


إن الأنظمة القانونية السائدة في العالم الغربي المتحضر حاليا قد نتجت من اندماج الحضارة الرومانية في الحضارة الجرمانية بعد القرن الخامس).


فقد كانت الآراء القانونية للقبائل الجرمانية تختلف كثيرا عما كان سائداً لدى الرومان. فالقانون الروماني يتمثل في أوامر الدولة وما يصدره موظفوها ومن ثم فهو مكتوب.


بينما العرف الشعبي هو القانون عند الجرمان، ولهذا يختلف من قبيلة لأخرى وهو غير مكتوب في أغلب الحالات، ولكنه كان يتوارثه الخلف عن السلف في التقاليد الشعبية، كما يوجد أيضا في القرارات التي كانت تصدر بخصوص المجالات التي كانت موضع نزاع.


وقد نجم على اندماج الحضارتين وجود أنظمة قانونية مختلفة تتمثل في القوانين الرومانية والأعراف الجرمانية، إلى جانب القانون الكنسي والأوامر المحلية للإقطاعيات والطوائف.


ولكن بالتدريج قضت الطرق الرومانية على الاختلافات وأحلت القانون الروماني الموحد محل الأعراف الجرمانية. وقد تضافرت عدة عوامل لجعل السيطرة للنظام القانوني الروماني أهمها:


(1) انتشار اللغة اللاتينية في المحيط التعليمي والحكومي.(2) نفوذ الكنيسة الرومانية التي مكنها أشرافها على التعليم في العصور الوسطى من تخريج عدد كبير من العلماء الذين أصبحوا فيما بعد مستشارين للحكام، كما اهتم بعضهم بجمع القوانين وتنسيقها. وهكذا أصبحت روما القبس الذي يستضاء به في أوربا.


ويُعد قانون نابليون (1804) أهم مؤثر فعال مباشر في النظام القانوني السائد في أوربا ) ويتضمن هذا التقنين العرف الفرنسي القديم والأصول القانونية الرومانية والمبادئ والتشريعات التي تمخضت عنها الثورة الفرنسية بعد أن راجعتها و نسقتها لجنة ضمت أعظم فقهاء فرنسا في ذلك العصر. وقد انتشر هذا القانون في كثير من البلدان الخاضعة للنفوذ الفرنسي أو التي تأثرت بذلك.


أما انجلترا، فاستطاعت أن توجد لنفسها نظاما قانونيا موحدا مبنيا على العرف وهكذا تغير القانون الانجليزي مع ظروف العصر، ونما تدريجيا عن عرف الناس وعاداتهم.


وقد تم جمع عرف البلاد في قوانين مكتوبة أحياناً وذلك لتنفيذ رغبة بعض الملوك والحكام. ولهذا يسمى القانون الانجليزي الشريعة العامة Common Law ) وكان يظهر في أحكام محاكم التاج Crown courts التي كانت أعلى درجة التقاضي. ولها الفضل الكبير في توحيد أنواع العرف المختلفة التي أصبحت نظاما قانونيا موحدا يسري على جميع البلاد، وقد ساعد على توطيد دعائم هذا النظام أن عدداً من القضايا التي أصبحت أحكامها فيما بعد سوابق تهتدي بها المحاكم في كل مكان من أنحاء البلاد.


وهذا رغم أن انجلترا كانت مستعمرة رومانية، ولكن الملوك كانوا يتهربون من نفوذ الكنيسة الرومانية، وذلك بتشجيع التملص من سيطرتها التي كانت تحد من سيطرتهم ، وهذا أعطى المحاكم الانجليزية فرصة للمحافظة على استقلالها في إصدار أحكامها، وساعدها في ذلك النبلاء وعامة الشعب والملوك أنفسهم.


أما الثغرات التي يحدثها التغير الاجتماعي وتطور الحياة فكانت تسد بواسطة القرارات التي يتخذها كبار الفقهاء من القضاة أنفسهم وممن كانوا يهتمون بالفقه.



  • نظرية الإنصاف


وقد تطور النظام الانجليزي نتيجة لكل ذلك وتوصل إلى إيجاد نظرية الإنصاف والتي تتمثل في الأساليب التي اتبعها وزراء العدل البريطانيين فيما مضى عند إدخالهم مبادئ الإنصاف في القانون الانجليزي ومؤدى ذلك أن الأمر الأساسي في تطبيق القانون هو إيجاد حل عادل ومعقول لكل خلاف على حده.


فالقاعدة القانونية سواء كانت تشريعية أم عرفية هي عبارة عن دليل يسترشد به القاضي من أجل الوصول إلى النتيجة العادلة. وهذا يعني أن القاضي يكون حراً في حل كل قضية. أي أن القاضي يتمتع بسلطة تقديرية في حل كل قضية بما يتطلبه تحقيقالعدل بين الخصوم، ومن أجل التوافق والانسجام مع منطق الأشخاص العاديين وحاستهم


الأخلاقية.


فتطبيق القانون ليس عملية آلية، وإنما ينطوي أيضا على إصدار أحكام أخلاقية على السلوك البشري في ظروف خاصة لا يمكن لها أن تتماثل تمام التماثل. فطالما أن أحكام المحاكم تصدر عن إدراك وفهم مبني على الخبرة، فإن هذا يقضي بوجوب تحقيق ملاءمة القاعدة القانونية للقضية المطروحة.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الملف التعريفي ...

الملف التعريفي هو بمثابة عرض تقديمي احترافي للشركة وأعمالها وأنشطتها وغالبًا ما يتضمن قصة مقنعة حول ...

هدفت هذه الدراس...

هدفت هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين السياحة والتنويع الاقتصادي وأثرهما المشترك على تحقيق النمو ال...

is a comprehens...

is a comprehensive document that outlines a business's goals, strategies, and operational structure....

شدد الفريق أول ...

شدد الفريق أول عبدالمجيد صقر، على أهمية التنسيق بين القوات المسلحة المصرية ونظيراتها الدولية من أجل ...

تواصل مليشيا ال...

تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية حملة ميدانية موسعة منذ أكثر من أسبوعين، استهدفت خلالها الباعة المتجولي...

"النمنم" حسب قص...

"النمنم" حسب قصص الجدات والأهل، شخصية الرعب الأخطر، وهو يظهر بين آونة وأخرى، آكل لحوم بشرية من طراز ...

لقد حقق قسم بحو...

لقد حقق قسم بحوث المكافحة المتكاملة إنجازات متعددة تعكس دوره الحيوي في تطوير الزراعة المستدامة. يتمث...

Introduction Gl...

Introduction Global warming is one of the most pressing environmental issues of our time. It refers ...

في إيطاليا، سبق...

في إيطاليا، سبق عصر النهضة الأصلي "نهضة ما قبل النهضة" الهامة في أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن...

لاحظات هامة: • ...

لاحظات هامة: • لا تنقضي شركة التوصية البسيطة بوفاة أحد الشركاء الموصين (غير المتضامنين) أو بالحجر عل...

يطلق مصطلح الفن...

يطلق مصطلح الفن الإسلامي على جميع الفنون التي تم إنتاجها في البلدان التي كان الإسلام فيها هو الدين ا...

This rule place...

This rule places minimum responsibility on the seller, who merely has to make the goods available, s...