لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

خليل مطران (شاعر القطرين)  كاتب كبير وشاعر ملهم يعد إمام المجددين في الشعر العربي الحديث والشاعر الوحيد البارز الذي قدم من بلاد الشام إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر. وقد أصاب حظاً عظيماً بدراسته على يد إبراهيم اليازجي وخليل اليازجي إذ يبدو أثر هذين المعلمين واضحاً في ثقافة خليل مطران لا سيما في عنايته باللغة العربية. كان صاحب فكر تحرري ناهض الاستبداد العثماني المتمثل بالسلطان عبد الحميد واضطر إلى الهروب من بلاده إلى فرنسا عام 1890 بسبب إحدى قصائده. أقام مدة من الزمن في باريس يدرس الأدب ويطالع التاريخ فأعجب بالشعراء الفرنسيين ولا سيما "ألفريد دي موسيه" ، اتصل برجال الحركة الوطنية التركية في باريس وانضم إلى حزب تركيا الفتاة المعارض فتابعت الحكومة التركية تضييقها عليه من خلال قنصليتها في باريس و وجهت له السلطات الفرنسية إنذاراً لوقف نشاطه فغادر فرنسا قاصداً مصر عام 1892. وفي مصر عمل محرراً في جريدة الأهرام لسنوات عدة ثم أنشأ المجلة المصرية وكانت أول مجلة اختصت بالشؤون الأدبية في الشرق. دخل بعد ذلك إلى عالم الاقتصاد وأصبح مورده الوحيد ولكنه أصيب بخسارة كبيرة أفقدته كل ما يملك فنظم قصيدة المشهورة (الأسد الباكي) عام 1912 صور فيها حالته النفسية المتعبة. توفي خليل مطران عام 1949 وترك إرثاً أدبياً مميزاً سماه ديوان الخليل ، كما عمل في ترجمة أهم الأعمال الأدبية لشكسبير ، مظاهر التجديد في شعر مطران  اتفق أكثر الباحثين على أن مرحلة التجديد الشعري تبدأ بدعوة خليل مطران التي أعلنها عام 1905 في مجلته: المجلة المصرية ، تطعيم الشعر العربي بمذاهب الشعر الغربي  تحرير الشعر من قيود ذوي السلطة والجاه ، والتكرار في الموضوع القديم وكل ما هو زائف في الشعر وقد وضح منهجه في التجديد في مقدمة ديوانه بقوله: (هذا الشعر ناظمه ليس بعبده ولا تحمله ضرورات الوزن على غير قصده يقال فيه المعنى الصحيح باللفظ الصحيح ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته و موضعه وإلى جملة القصيدة في تركيبها وتناسق معانيها وتوافقها مع ندور التصور وغرابة الموضوع ومطابقة كل ذلك للحقيقة وشفوفه عن الشعور الحي وتحري دقة الوصف واستيفائه فيه على قدر). ومن ملامح التجديد في شعر الخليل أنه استطاع أن يدخل القصة إلى الشعر مع عنايته الفائقة بكل تفاصيل القصة ومقومات الفن فيها ولكن أبرز ملامح التجديد تجلى بـ "ظهور تباشير المذهب الرومانسي في شعره" ويعد كثير من النقاد والباحثين خليل مطران مؤسس المدرسة الرومانسية في الشعر العربي فقد كان شاعراً موهوباً استوعب جيداً النزعة الرومانسية في الأدب الفرنسي وأعاد صياغتها وتقديمها للمتلقي العربي بلغته وأسلوبه الخاص لذلك استطاع أن يطور هذه النزعة في الشعر أكثر من جميع الشعراء الصغار الذين ينقلون مباشرة عن مصدر أجنبي وقد حمل شعره بذور الرومانسية العربية وتمثلت إرهاصات هذا المذهب في شعر مطران بما يلي:  عنايته بالخيال الشعري المجنح والتصوير الدقيق لعوالم النفس  تلون شعره بألوان الحزن والكآبة  صور نفسه في كثير من شعره فرداً وحيداً كئيباً سلبياً مستسلماً  استعمل الوقت استعمالاً مجازياً قصد بها التعبير عن خلجات نفسه بمفردات عذبة سلسة بسيطة  وقصيدته (المساء) تعد أنموذجاً عالياً من نماذج الشعر الرومانسي العربي ؛ داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي           مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي  يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا          فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ  قَلْبٌ أَصابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى          وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاءِ  إِنِّي أَقَمْتُ عَلى التَّعِلَّةِ بِالمُنَى         فِي غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي  شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي     فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ  ثاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لِي          قَلْباً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ  يا لَلْغُرُوبِ وَمَا بِهِ مِنْ عِبْرَةٍ              للِمْسْتَهَامِ وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي  وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي        كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائِي  فَكَأَنَّ آخِرَ دَمْعَةٍ لِلْكَوْنِ قَدْ              مُزِجَتْ بِآخِرِ أَدْمُعِي لِرِثَائِي  وَكأَنَّنِي آنَسْتُ يَوْمِيَ زَائِلاً            فَرَأَيْتُ فِي المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي  ومع قدرة مطران على التحليق في آفاق شعرية جديدة إلا أنه لم ينسلخ عن الأصالة العربية في بناء القصيدة وقوة نظمها والتزام البحور العروضية في ضبط موسيقاها الخارجية وهو في التزامه هذا بين حيوية الشعر العربي وقدرته على مواكبة التغيرات الطبيعية والنفسية للإنسان. لذا يجمع أكثر الدارسين أن التجديد في الشعر العربي انطلق من ديوان الخليل فبعد إرهاصات الرومانسية العربية التي أشرقت من شعره نجد اكتمال عناصر القصة الشعرية في قصائد عدة منها: مقتل بزر جمهر ، وكان استحداث الشعر القصصي من أهم إسهامات خليل مطران في تجديد الشعر العربي الحديث وقد لجأ مطران إلى هذا النوع ليعبر عن أفكاره الخاصة ؛ يَا يَوْمَ قَتْل بُزَرْجُمَهْرَ وَقَدْ أَتَوْا          فِيهِ يُلَبُّونَ النِّدَاءَ عِجَالاَ  مُتَأَلِّبِينَ لِيَشْهَدُوا مَوْتَ الَّذِي            أَحْيَا البِلاَدَ عَدَالَةُ وَنَوَالاَ  يُبْدُونَ بِشْراً وَالنَّفوسُ كَظِيمَةٌ         يُجْفِلْنَ بَيْنَ ضُلُوعِهِمْ إِجْفَالاَ  وَيَلُوحُ كِسْرَى مُشْرِفاً مِنْ قَصْرِهِ     شَمْساً تُضِيءُ مَهَابَةً وَجَلاَلا  هُمْ حَكَّمُوهُ فَاسْتَبَدَّ تَحَكُّماً             وَهُمُ أَرَادُوا أَنْ يَصُولَ فَصَالاَ  وَإِذَا الوَزِيرُ بُزَرْجُمُهْرُ يَقوده            جَلاَّدهُ مُتَهَادياً مُخْتالا  وَتَرُوحُ حَولَهُمَا الْجُمُوعُ وَتَغْتَدِي       كَالمَوْجِ وَهْوَ مُدَافَعٌ يَتَتَالَى  سَخِطَ المَلِيكُ عَلَيْهِ إِثْرَ نَصِيحَةٍ       فَاقْتَصَّ مِنْهُ غَوَايَةً وَضَلاَلاَ  نَادَاهُمُ الْجَلاَّدُ هَلْ مِنْ شَافِعٍ           لِبُزَرْجُمهْرَ فَقالَ كُلٌّ لاَ لاَ  وَأَدَارَ كِسْرَى فِي الجَمَاعَةِ طَرْفهُ     فرَأَى فَتَاةً كَالصَّبَاحِ جَمَالاَ  تَسْبِي مَحَاسِنُهَا الْقُلُوبِ وَتَنْثَنِي        عَنْهَا عُيُونُ النَّاظِرِينَ كَلاَلاَ  فَأَشَارَ كِسْرَى أَن يُرَى فِي أَمْرِهَا    فَمَضَى الرَّسُولُ إِلى الفَتَاةِ وَقَالا  مَوْلاَي يَعْجَبُ كَيْفَ لَمْ تَتَقَنَّعِي            قَالَتْ لَهُ أَتَعَجُّباً وَسُؤَالاَ  فَارْجِعْ إِلَى المَلِكِ الْعَظِيمِ وَقُلْ لَه      مَاتَ النَّصِيحُ وَعِشْتَ أَنْعَمَ بَالاَ  أُنْظُرْ وَقَدْ قُتِلْ الحَكِيمُ فَهَلُ تَرَى          إِلاَّ رُسُوماً حَوْلَهُ وَظِلاَلاَ  مَا كَانِتِ الْحَسْنَاءُ تَرْفَعُ سِتْرَهَا         لَوْ أَنَّ فِي هَذِي الجُمُوعِ رجَالاَ  يبدو جلياً في هذه الأبيات أن خليل مطران تأثر بالأدبين الفرنسي والإنكليزي تأثراً كبيراً في استحداثه الشعر القصصي الأمر الذي تؤكده عودته إلى التراث الإنساني واستلهام ما فيه من سير الملوك والممالك وإسقاط ما فيها من عبر على الواقع الذي يعيشه مجتمعه في محاولة لبث الوعي بين الجماهير وحضها على رفض الواقع السيئ ، 1- الزمان: يوم قتل الوزير بزر جمهر  2- المكان: ساحة عامة في مملكة كسرى تطل عليها شرفة قصره  الشخصيات الفرعية: الجماهير ، وما تهادى الجلاد مختالاً بسوق الوزير الحكيم إلا تمثيل حسي لنفسه الوضيعة التي تتباهى بقوة الظلم والطغيان وأما الفتاة الحسناء فكان سفورها دليلاً على شخصية رافضة للظلم مؤمنة بقوة الحق. 4- الحبكة القصصية (العقدة والحل):  استطاع مطران أن يحكم حبكته القصصية على بساطتها ويمنحها وحدة عضوية تتلاحق فيها الأحداث حتى تبلغ الذروة ثم تنحدر إلى الحل . و وصف جموع الجماهير و وصف الملك الظالم والحديث عن سبب هذا الحدث الجلل (سخط المليك عليه إثر النصيحة) و يصف جبن هذه الجماهير و خذلانها ، مع أنها تفور غيظاً وحنقاً على ظلم كسرى وجبروته ولكنها تؤكد تبرؤها من الوزير الحكيم (فقال كل: لا , يرى كسرى فتاة سافرة رائعة الجمال تثير انتباهه لا بجمالها فقط بل بسفورها وتركها للعادات السائدة في لبس النساء ، ما كانت الحسناء ترفع سترها              لو أن في هذي الجموع رجالا  عمد مطران إلى سرد أحداث القصة سرداً مباشراً بصوته متخذاً دور الراوي دون أن يغفل صوت الحوار في صناعة الحدث وكشف معالم الشخصيات ، جاء الحوار على لسان الجلاد قصيراً مختزلاً تطغى عليه لغة الوعيد والطغيان (هل من شافع لبزر جمهر ، لا)  وما غايته إلا الكشف عن عجز الناس وجبنهم وتقاعسهم عن الدفاع عن وزيرهم المصلح. وأما حوار الرسول مع الفتاة كان حواراً وظيفياً ينم على شخصية لا قيمة لها في سير الحدث بينما أتى حوار الحسناء طويلاً متمكناً مشحوناً بالغضب والقهر والحزن واليأس. وقد أبدع مطران في الفن التصويري الوصفي واستطاع خلق دلالة محورية في ربطه بين الأمر المادي (سفور الفتاة) وبين الأمور النفسية (الجبن ، استطاع خليل مطران صنع جسر معنوي ربط بين الماضي والحاضر قارب بين لغة القصيدة والعربية وشكلها وأساليبها ولكنه منحها روحاً جديدة تعبر عن معاناة الإنسان العربي وطموحاته ،


النص الأصلي

مدرسة التجديد (الرومانسية) 
خليل مطران (شاعر القطرين) 
كاتب كبير وشاعر ملهم يعد إمام المجددين في الشعر العربي الحديث والشاعر الوحيد البارز الذي قدم من بلاد الشام إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر. مثل شعره فترة انتقالية في تطور الشعر العربي جمع فيها بين الأصالة والتجديد. 
ولد خليل عبده في مدينة بعلبك عام 1872 ، لأسرة عريقة تمتد جذورها إلى الغساسنة. 
تلقى مبادئ القراءة وأصول الحساب في مدرسة ابتدائية في مدينة زحلة ، ثم أرسله والده إلى بيروت فدرس في الكلية البطركية ، وقد أصاب حظاً عظيماً بدراسته على يد إبراهيم اليازجي وخليل اليازجي إذ يبدو أثر هذين المعلمين واضحاً في ثقافة خليل مطران لا سيما في عنايته باللغة العربية. تعلم اللغة الفرنسية وظهر تأثره بالثقافة الغربية في أولى محاولاته الشعرية. 
كان صاحب فكر تحرري ناهض الاستبداد العثماني المتمثل بالسلطان عبد الحميد واضطر إلى الهروب من بلاده إلى فرنسا عام 1890 بسبب إحدى قصائده. 
أقام مدة من الزمن في باريس يدرس الأدب ويطالع التاريخ فأعجب بالشعراء الفرنسيين ولا سيما "ألفريد دي موسيه" ، وراقه الأدب الإنكليزي ولا سيما أدب " شكسبير" . 
اتصل برجال الحركة الوطنية التركية في باريس وانضم إلى حزب تركيا الفتاة المعارض فتابعت الحكومة التركية تضييقها عليه من خلال قنصليتها في باريس و وجهت له السلطات الفرنسية إنذاراً لوقف نشاطه فغادر فرنسا قاصداً مصر عام 1892. 
وفي مصر عمل محرراً في جريدة الأهرام لسنوات عدة ثم أنشأ المجلة المصرية وكانت أول مجلة اختصت بالشؤون الأدبية في الشرق. 
دخل بعد ذلك إلى عالم الاقتصاد وأصبح مورده الوحيد ولكنه أصيب بخسارة كبيرة أفقدته كل ما يملك فنظم قصيدة المشهورة (الأسد الباكي) عام 1912 صور فيها حالته النفسية المتعبة. 
وفي عام 1947 أقامت الحكومة المصرية مهرجاناً اشترك فيه رجالات الوطن العربي وعلمائه و أدبائه ، ولقب في هذا المهرجان بشاعر القطرين أو شاعر الأقطار العربية . 
توفي خليل مطران عام 1949 وترك إرثاً أدبياً مميزاً سماه ديوان الخليل ، في أربعة أجزاء ، ومن أشهر قصائده: ملحمة نيرون ، الأسد الباكي ، المساء ، آثار بعلبك. كما عمل في ترجمة أهم الأعمال الأدبية لشكسبير ، منها: مكبث ، هاملت ، عُطيل ، تاجر البندقية ، يوليوس قيصر. 
مظاهر التجديد في شعر مطران 
اتفق أكثر الباحثين على أن مرحلة التجديد الشعري تبدأ بدعوة خليل مطران التي أعلنها عام 1905 في مجلته: المجلة المصرية ، دعا فيها إلى تحرير الشعر من قيوده ، ثم طبق دعوته في ديوانه الذي ظهر عام 1908 ، وقد دعا مطران إلى: 
وحدة القصيدة 
التجديد في المضمون 
تطعيم الشعر العربي بمذاهب الشعر الغربي 
تحرير الشعر من قيود ذوي السلطة والجاه ، وإنكار شعر المناسبات. 
ومن هنا كانت دعوته ثورة ضد التصنع وجمود اللغة والتعبير، والتكرار في الموضوع القديم وكل ما هو زائف في الشعر وقد وضح منهجه في التجديد في مقدمة ديوانه بقوله: (هذا الشعر ناظمه ليس بعبده ولا تحمله ضرورات الوزن على غير قصده يقال فيه المعنى الصحيح باللفظ الصحيح ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته و موضعه وإلى جملة القصيدة في تركيبها وتناسق معانيها وتوافقها مع ندور التصور وغرابة الموضوع ومطابقة كل ذلك للحقيقة وشفوفه عن الشعور الحي وتحري دقة الوصف واستيفائه فيه على قدر). 
ومن ملامح التجديد في شعر الخليل أنه استطاع أن يدخل القصة إلى الشعر مع عنايته الفائقة بكل تفاصيل القصة ومقومات الفن فيها ولكن أبرز ملامح التجديد تجلى بـ "ظهور تباشير المذهب الرومانسي في شعره" ويعد كثير من النقاد والباحثين خليل مطران مؤسس المدرسة الرومانسية في الشعر العربي فقد كان شاعراً موهوباً استوعب جيداً النزعة الرومانسية في الأدب الفرنسي وأعاد صياغتها وتقديمها للمتلقي العربي بلغته وأسلوبه الخاص لذلك استطاع أن يطور هذه النزعة في الشعر أكثر من جميع الشعراء الصغار الذين ينقلون مباشرة عن مصدر أجنبي وقد حمل شعره بذور الرومانسية العربية وتمثلت إرهاصات هذا المذهب في شعر مطران بما يلي: 
اهتمامه الكبير بالطبيعة 
عنايته بالخيال الشعري المجنح والتصوير الدقيق لعوالم النفس 
تلون شعره بألوان الحزن والكآبة 
صور نفسه في كثير من شعره فرداً وحيداً كئيباً سلبياً مستسلماً 
استعمل الوقت استعمالاً مجازياً قصد بها التعبير عن خلجات نفسه بمفردات عذبة سلسة بسيطة 
وقصيدته (المساء) تعد أنموذجاً عالياً من نماذج الشعر الرومانسي العربي ؛ بل إنها المعيار الحقيقي لمعرفة سمات الشعر الرومانسي ومن تلك القصيدة انتقينا هذه الأبيات: 
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي           مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي 
يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا          فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ 
قَلْبٌ أَصابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى          وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاءِ 
إِنِّي أَقَمْتُ عَلى التَّعِلَّةِ بِالمُنَى         فِي غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي 
شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي     فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ 
ثاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لِي          قَلْباً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ 
يا لَلْغُرُوبِ وَمَا بِهِ مِنْ عِبْرَةٍ              للِمْسْتَهَامِ وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي 
وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي        كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائِي 
فَكَأَنَّ آخِرَ دَمْعَةٍ لِلْكَوْنِ قَدْ              مُزِجَتْ بِآخِرِ أَدْمُعِي لِرِثَائِي 
وَكأَنَّنِي آنَسْتُ يَوْمِيَ زَائِلاً            فَرَأَيْتُ فِي المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي 
في نظرة سريعة إلى معاني قصيدة المساء نلحظ أنها جمعت كل سمات الرومانسية العربية ، فكانت جوهرة العقد في تمثيلها للمذهب الرومانسي العربي من شعر خليل مطران ، وفي هذه القصيدة تطالعنا تلك المفردات السهلة البسيطة التي تنفذ بانسيابية إلى قلب المتلقي ، فيتأثر بخلجات نفس الشاعر ويشعر بانكساره وخيبة أمله بل يسمع أنين ألمه وآهات قلبه . ومع قدرة مطران على التحليق في آفاق شعرية جديدة إلا أنه لم ينسلخ عن الأصالة العربية في بناء القصيدة وقوة نظمها والتزام البحور العروضية في ضبط موسيقاها الخارجية وهو في التزامه هذا بين حيوية الشعر العربي وقدرته على مواكبة التغيرات الطبيعية والنفسية للإنسان. 
وفي زاوية ثانية من ديوان الخليل نجد تلك العبقرية الشعرية في ضم مكونات القصة إلى الشعر العربي ، لذا يجمع أكثر الدارسين أن التجديد في الشعر العربي انطلق من ديوان الخليل فبعد إرهاصات الرومانسية العربية التي أشرقت من شعره نجد اكتمال عناصر القصة الشعرية في قصائد عدة منها: مقتل بزر جمهر ، والعقاب ، والجنين الشهيد ، وفنجان قهوة ، وفتاة الجبل الأسود. وكان استحداث الشعر القصصي من أهم إسهامات خليل مطران في تجديد الشعر العربي الحديث وقد لجأ مطران إلى هذا النوع ليعبر عن أفكاره الخاصة ؛ عن المجتمع والحرية والظلم، ... وكان شعره القصصي يضج بالمعاني الاجتماعية والسياسية ذات الطبيعة الثورية ، كما في قصيدته (مقتل بزر جمهر) التي يقول فيها: 
يَا يَوْمَ قَتْل بُزَرْجُمَهْرَ وَقَدْ أَتَوْا          فِيهِ يُلَبُّونَ النِّدَاءَ عِجَالاَ 
مُتَأَلِّبِينَ لِيَشْهَدُوا مَوْتَ الَّذِي            أَحْيَا البِلاَدَ عَدَالَةُ وَنَوَالاَ 
يُبْدُونَ بِشْراً وَالنَّفوسُ كَظِيمَةٌ         يُجْفِلْنَ بَيْنَ ضُلُوعِهِمْ إِجْفَالاَ 
وَيَلُوحُ كِسْرَى مُشْرِفاً مِنْ قَصْرِهِ     شَمْساً تُضِيءُ مَهَابَةً وَجَلاَلا 
هُمْ حَكَّمُوهُ فَاسْتَبَدَّ تَحَكُّماً             وَهُمُ أَرَادُوا أَنْ يَصُولَ فَصَالاَ 
وَإِذَا الوَزِيرُ بُزَرْجُمُهْرُ يَقوده            جَلاَّدهُ مُتَهَادياً مُخْتالا 
وَتَرُوحُ حَولَهُمَا الْجُمُوعُ وَتَغْتَدِي       كَالمَوْجِ وَهْوَ مُدَافَعٌ يَتَتَالَى 
سَخِطَ المَلِيكُ عَلَيْهِ إِثْرَ نَصِيحَةٍ       فَاقْتَصَّ مِنْهُ غَوَايَةً وَضَلاَلاَ 
نَادَاهُمُ الْجَلاَّدُ هَلْ مِنْ شَافِعٍ           لِبُزَرْجُمهْرَ فَقالَ كُلٌّ لاَ لاَ 
وَأَدَارَ كِسْرَى فِي الجَمَاعَةِ طَرْفهُ     فرَأَى فَتَاةً كَالصَّبَاحِ جَمَالاَ 
تَسْبِي مَحَاسِنُهَا الْقُلُوبِ وَتَنْثَنِي        عَنْهَا عُيُونُ النَّاظِرِينَ كَلاَلاَ 
فَأَشَارَ كِسْرَى أَن يُرَى فِي أَمْرِهَا    فَمَضَى الرَّسُولُ إِلى الفَتَاةِ وَقَالا 
مَوْلاَي يَعْجَبُ كَيْفَ لَمْ تَتَقَنَّعِي            قَالَتْ لَهُ أَتَعَجُّباً وَسُؤَالاَ 
فَارْجِعْ إِلَى المَلِكِ الْعَظِيمِ وَقُلْ لَه      مَاتَ النَّصِيحُ وَعِشْتَ أَنْعَمَ بَالاَ 
أُنْظُرْ وَقَدْ قُتِلْ الحَكِيمُ فَهَلُ تَرَى          إِلاَّ رُسُوماً حَوْلَهُ وَظِلاَلاَ 
مَا كَانِتِ الْحَسْنَاءُ تَرْفَعُ سِتْرَهَا         لَوْ أَنَّ فِي هَذِي الجُمُوعِ رجَالاَ 
في قراءة النص: 
يبدو جلياً في هذه الأبيات أن خليل مطران تأثر بالأدبين الفرنسي والإنكليزي تأثراً كبيراً في استحداثه الشعر القصصي الأمر الذي تؤكده عودته إلى التراث الإنساني واستلهام ما فيه من سير الملوك والممالك وإسقاط ما فيها من عبر على الواقع الذي يعيشه مجتمعه في محاولة لبث الوعي بين الجماهير وحضها على رفض الواقع السيئ ، ولعل المتأمل في قصيدة (مقتل بزر جمهر) يلحظ بسهولة حضور مقومات الفن القصصي جميعها, و هي : 
1- الزمان: يوم قتل الوزير بزر جمهر 
2- المكان: ساحة عامة في مملكة كسرى تطل عليها شرفة قصره 
3- الشخصيات: 
الشخصيات الرئيسية: كسرى ، الوزير بزر جمهر ، ابنة الوزير الحسناء 
الشخصيات الفرعية: الجماهير ، الجلاد ، الرسول 
وقد اعتنى خليل مطران برسم هذه الشخصيات (الرئيسية والثانوية) وتصويرها فكانت هيئاتها الخارجية وسلوكها انعكاساً لعوالمها الداخلية ؛ فما تدافع الجماهير وهياجها في الساحة إلا تمثيل حسي لما ينتابها من تضارب في المشاعر بين إشفاق وغضب وخوف وجبن وإذعان ، وما إطلالة كسرى من شرفته على ساحة الإعدام إلا تمثيل حسي لكبره وتعاليه على الشعب ، وما تهادى الجلاد مختالاً بسوق الوزير الحكيم إلا تمثيل حسي لنفسه الوضيعة التي تتباهى بقوة الظلم والطغيان وأما الفتاة الحسناء فكان سفورها دليلاً على شخصية رافضة للظلم مؤمنة بقوة الحق. 
4- الحبكة القصصية (العقدة والحل): 
استطاع مطران أن يحكم حبكته القصصية على بساطتها ويمنحها وحدة عضوية تتلاحق فيها الأحداث حتى تبلغ الذروة ثم تنحدر إلى الحل . ومنذ بداية السرد القصصي في قصيدته يشدنا ببراعة في وصف الزمان والمكان ، و وصف جموع الجماهير و وصف الملك الظالم والحديث عن سبب هذا الحدث الجلل (سخط المليك عليه إثر النصيحة) و يصف جبن هذه الجماهير و خذلانها ، مع أنها تفور غيظاً وحنقاً على ظلم كسرى وجبروته ولكنها تؤكد تبرؤها من الوزير الحكيم (فقال كل: لا , لا) ثم يصل مطران إلى ذروة الحبكة القصصية و هو في خضم وصفه لهذا اليوم المزدحم بالأحداث والمشاعر ، يرى كسرى فتاة سافرة رائعة الجمال تثير انتباهه لا بجمالها فقط بل بسفورها وتركها للعادات السائدة في لبس النساء ، وهنا يكمن حل العقدة وهنا بؤرة توهج القصة: إن اليوم لا يوجد رجال للاستتار منهم ، بعد أن تخلوا عن وزيرهم الحكيم وقتله الملك الظالم ، إنها تواجه الملك والشعب معاً: 
ما كانت الحسناء ترفع سترها              لو أن في هذي الجموع رجالا 
5- السرد والحوار 
عمد مطران إلى سرد أحداث القصة سرداً مباشراً بصوته متخذاً دور الراوي دون أن يغفل صوت الحوار في صناعة الحدث وكشف معالم الشخصيات ، سبر أغوارها النفسية والاجتماعية بلسانها ، جاء الحوار على لسان الجلاد قصيراً مختزلاً تطغى عليه لغة الوعيد والطغيان (هل من شافع لبزر جمهر ، فقال كل لا ، لا)  وما غايته إلا الكشف عن عجز الناس وجبنهم وتقاعسهم عن الدفاع عن وزيرهم المصلح. 
وأما حوار الرسول مع الفتاة كان حواراً وظيفياً ينم على شخصية لا قيمة لها في سير الحدث بينما أتى حوار الحسناء طويلاً متمكناً مشحوناً بالغضب والقهر والحزن واليأس. وكأن صوتها صوت الضمير الذي مات في نفس كسرى وحاشيته ، وظل مكتوماً مخنوقاً في صدور الجماهير الخانعة. 
وقد أبدع مطران في الفن التصويري الوصفي واستطاع خلق دلالة محورية في ربطه بين الأمر المادي (سفور الفتاة) وبين الأمور النفسية (الجبن ، والظلم ، والخذلان) . 
برهن خليل مطران على أن الشعر العربي قادر على الولوج في حقول جديدة دون أن يفقد بريقه العتيق ، فكان الشعر قصة اعتنى بعناصرها مع الحفاظ على شكل القصيدة التقليدية ومتانة تراكيبها و وحدتها العضوية ونظم موسيقاها وفق النظام العروضي. 
وختاماً: 
استطاع خليل مطران صنع جسر معنوي ربط بين الماضي والحاضر قارب بين لغة القصيدة والعربية وشكلها وأساليبها ولكنه منحها روحاً جديدة تعبر عن معاناة الإنسان العربي وطموحاته ، لقد وهبت جرأة مطران التي تجلت في التجديد الشعر العربي حيوية استطاعت أن تواكب متغيرات العصر وبرهنت على أصالة هذا الشعر و تأصله في الإنسان العربي ، وحيويته التي تتبلور في أي زمان ومكان.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

يعتبر فول الصوي...

يعتبر فول الصويا من المحاصيل الغذائية والصناعية الهامة على المستوى العالمي نظراً لاحتواء بذوره على ن...

Traffic Padding...

Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...

السلام عليكم ور...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...

يجمع نظام التكا...

يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...

نطاق البحث يركز...

نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...

نفيد بموجب هذا ...

نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...

العدل والمساواة...

العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...

آملين تحقيق تطل...

آملين تحقيق تطلعاتهم التي يمكن تلخيصها بما يلي: -جإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر...

Network archite...

Network architects and administrators must be able to show what their networks will look like. They ...

السيد وزير التر...

السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يجيب عن أسئلة شفوية بمجلس النواب. قدم السيد مح...

حقق المعمل المر...

حقق المعمل المركزي للمناخ الزراعي إنجازات بارزة ومتنوعة. لقد طوّر المعمل نظامًا متكاملًا للتنبؤ بالظ...

رهف طفلة عمرها ...

رهف طفلة عمرها ١٢ سنة من حمص اصيبت بطلق بالرأس وطلقة في الفك وهي تلعب جانب باب البيت ، الاب عامل بسي...