لخّصلي

رابعاً: الإطلاقات
الإطلاقات في اللغة جمع إطلاق وهو التخلية والحل وعدم التقييد والإرسال
وأطلقت البينة إذا شهدت
فيقال: أطلقت الأسير: إذا حللت إساره وخليت عنه.
من غير تقييد بتاريخ، وأطلقت القول إذا أرسلته (۱)
عنه.
والإطلاق في الاصطلاح تخلية يد الشخص في شيء لم يكن له التصرف في
قبل العقد). فالأصل أن الإنسان يتصرف عن نفسه، ولا يجوز له أن يتصرف عن
غيره، فهو مقيد مكفوف اليد مغلول السلطة في حق غيره، لا يستطيع أن يتصرف
لأن كل إنسان له قواه العقلية وفيه نوازعه ورغباته وغرائزه وله صلاحيته
وأهليته فهو يتصرف عن نفسه لا عن غيره. ولكن كثيراً من الأحيان يحتاج الإنسان
أن يمد يد العون إلى غيره فيتصرف عنه. ويسمى ذلك إطلاقاً لما فيه من إطلاق يد
الشخص في شيء لم يكن له حق التصرف فيه قبل العقد، وإنما كانت يده مقيدة.
وكان ممنوعاً عن التصرف فيه(۳).
ومع أن هذه التسمية غريبة عن أسماعنا إلا أنها قريبة في مسماها وتطبيقاتها
العملية، ولا نستغني عنها في حياتنا، ففيها فسحة وسعة على الإنسان، وتكمل ما
يحتاج إليه الإنسان في حياته العملية، فهو يحتاج أن يوكل غيره في بعض الأمور كما
يحتاج إلى الإيصاء، فالوكيل والوصي قبل أن تثبت لهم هذه الصفة كانوا ممنوعين
من التصرف فيما أطلقت يدهم فيه لحاجة الموكل والموصى عليه لذلك (٤)
ويدخل تحت هذا النوع من المعاملات بالإضافة إلى الوكالة الإيصاء الإمارة
والقضاء لأن كلاً من الأمير والقاضي يتصرف عن الناس في حدود ولايته كما يدخل فيه الإذن للصبي المميز بالتجارة، وكذلك الطلاق والعتاق؛ لأن المطلقة
والرقيق قد أطلقت يدهما وأصبح لكل منهما الحرية فيما كان مقيداً فيه. وإن كان
في نفس الوقت يمكن اعتبارهما من الإسقاطات (۱).
خامساً: التقييدات:
التقييدات في اللغة: جمع تقييد، وهو من قيَّد الفرس تقييداً جعل القيد في رجله
لئلا ينطلق
(۳)
(۲)
والتقييد في الاصطلاح منع الشخص غيره من تصرف كانت يده قد أطلقت
فيه . سميت بذلك لما فيها من تقييد الشخص غيره ومنعه من التصرف.
والتقييدات تقابل الإطلاقات وتضادها، وهما مترابطتان، فإذا وجدت
إحداهما ظلت إلى أن تأتى الأخرى فتزيلها فإذا وجدت الوكالة، وهي إقامة (٤)
الغير مقام نفسه في تصرف جائز فإنها تبقى إلى حين تقييدها بعزل الوكيل، فتنتهي
بذلك العزل بعد الإطلاق. وإذا وجد الحجر بسبب من الأسباب كالجنون، والحجر
المنع من التصرف، وهو تقييد، فإنه يبقى إلى حين إطلاق يده بالإفاقة من الجنون.
والتقييدات تهدف إلى حماية المال وصيانته عن التصرفات غير المسؤولة؛ لأن
المال به قوام الأمة وحياتها وهو عصب الحياة، كما تهدف إلى احترام إرادة
الإنسان، فهو وحده الذي يملك إطلاق يد الغير في التصرف بماله، وهو وحده
القادر على إزالة ذلك الإطلاق.
التقصيرات
①
ومما يدخل تحت هذا النوع من المعاملات عزل الوكيل عن الوكالة أو فسخ
الوكالة، فهما تقييد للوكالة فيمنع الوكيل من التصرف بمجرد العزل أو الفسخ سابعاً:
التوثيقات في اللغة جمع توثيق وهو من وثق الشيء قوي وثبت فيقال: وثقت
أثق ثقة ووثوقاً !
به أثق ثقة: سكنت إليه واعتمدت عليه ويقال أو ثقته شددته ويقال وثقت به
انتمنته وهو وهي وهم وهن ثقة لأنه مصدر. وقد يجمع في الذكور
والإناث فيقال ثقات والوثاق والوثاق اسمان لما يوثق به الشيء
(1)
والتوثيق في اصطلاح الفقهاء ما يضمن الحق وأداءه لصاحبه وتعرف عقود
التوثيقات بأنها عقود يطمئن بها الدائن على دينه ويضمها إلى ذمة المدين لضمان
استيفاء حقه منه
(۲)
فإن الدائن بهذه العقود يؤكد حقه ويثبته، ويضمن استرداده.
کار من ومحولة والوكالة
ويطلق على التوثيقات الضمانات لأنها تضمن الحق، كما يطلق عليها
التأمينات لأنها تعمل على إبعاد خطر الضياع عن الحق.
وتهدف التوثيقات إلى صيانة الحقوق والأموال، إذ أمر الله تعالى بحفظها، ونهى
عن تضييعها فقال تعالى: ﴿ يَتأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم
بالبنطل إلا أن تكون تجرَةٌ عَن تَرَاضِ مِنكُمْ ﴾ [النساء: ٢٩] فإذا كانت الأنواع
السابقة للمعاملات المالية مقصودة لذاتها حيث إن فيها مبادلة على سبيل المعاوضة
أو كانت على سبيل التبرع أو فيها إسقاط للحق عن الغير، أو فيها إطلاق
للتصرف فإن هذا النوع من المعاملات ليس مقصوداً لذاته، وإنما مقصودة لغيرها
من المعاملات والحقوق، فهي نوع مساعد وتبعي؛ لأن الغرض منه توثيق التعامل
وإيجاد نوع من التأمين لسلامة عواقبه ونتائجه (۳).
وتنقسم التوثيقات إلى أقسام منها ما يكون تأميناً عينياً كالرهن وهو جعل عين وثيقة بدين
. ومنها ما يكون تأميناً شخصياً كالكفالة والحوالة. فالكفالة ضم ذمة
شخص إلى ذمة المدين في المطالبة بالدين ، وأما الحوالة فهي نقل الدين من ذمة
المدين إلى ذمة شخص آخر وهو المحال عليه )
الوديعة
ثامناً
الاستحفاظات في اللغة: جمع استحفاظ وهو من الحفظ، فيقال: حفظت المال
حفظاً إذا منعته من الضياع والتلف وحفظته صنته عن الابتذال. ويقال:
استحفظه الشيء: سأله أن يحفظه وقيل استودعه إياه ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا
أَنزَلْنَا التَّوْرَنَةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّنِتُونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَبٍ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ
(٤)
[المائدة: ٤٤] قال الأصفهاني: يستعمل الحفظ في كل تفقد وتعهد ورعاية
والاستحفاظ في اصطلاح الفقهاء يطلق على كل عقد يحدث بين الشخص
وغيره لمجرد إيداع شيء .
ء عنده وحفظه له.
وبعبارة أخرى التعاقد مع شخص على السهر على ماله وحراسته (٥)
وهو من عقود الأمانات؛ لأن المستحفظ يستأمن غيره على ماله.
(1)
الناس
والناس يحتاجون إلى هذا النوع من المعاملات، لأنه يتعذر على جميع
حفظ أموالهم بأنفسهم، فيلجؤون إلى غيرهم لحفظها لهم ويجب على المستحفظ
رد الأمانة إلى صاحبها عند الطلب. قال تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَنتِ إلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: ٥٨] وقال تعالى: ﴿ فَإن أمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْبُورِ الَّذِي اؤْتُمِنَ
آمَنَتَهُ ﴾ [البقرة: ۲۸۳] وقوله : «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تحن من
خانك» (۱)
(۲)
وروى عنه أنه كانت عنده ودائع؛ فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن
وأمر علياً أن يردها على أهلها ". الاتحافقات
ويدخل تحت هذا النوع من المعاملات الوديعة والحراسة. فالوديعة: أمانة
تركت عند الغير للحفظ قصداً
C
وأما الحراسة فهي وضع مال في شأنه نزاع، أو يكون الحق فيه غير ثابت
(٤)
ويتهدده خطر؛ في يد أمين يحفظه ويديره حتى يتجلى النزاع حوله (4) .