لخّصلي

نزل سامح ليلعب مع أصدقائه في الحديقة الفسيحة، التي قام أهل الحي بإنشائها وتنسيقها لتكون متن ّزها
ومتنفّسا لهم.
وعندما وصل إلى الحديقة، وجد أصدقاءه ملتفّين حول عصفور صغير، ربطوا رجله بخيط طويل، وأطلقوه
بالحريّة وه َّم ليطير . فما أن شعر العصفور بأن يطير ويرجع إلى أ ِّّمه في عشها حتى سارع األوالد وجذبوا
الخيط ، فسقط العصفور على األرض ثانية ، ضحك األوالد مسرورين وراحوا يكّررون اللعبة المرة بعد
المرة .
غضب حسام من تص ُّرف أصدقائه، فخطف العصفور من
أيديهم وأطلق سراحه . وقال لهم م وب خا: ما هذا العبث ؟ كيف
سمحت لكم أنفسكم أن تعذبوا هذا الطائر الصغير الضعيف، الذي
ال يستطيع أن يدافع عن نفسه، وله روح ويح ُس ويتألم؟ ألم تعلموا
أن هللا سبحانه وتعالى أوصانا بالرفق بالحيوان، وأن نحسن
معاملته؟
راح األوالد ينظر بعضهم إلى بعض في خزيٍ وخجل، وقد أحسوا بفظاعة الجرم الذي ارتكبوه. وقال أحمد :
كنا ننتظر حضورك يا حسام، عندما سقط هذا العصفور من ع ّشه، فأردنا أن نتسلى به بعض الوقت ، وقد
عرفنا اآلن خطأنا ولن نفعل ذلك مرة أخرى.
قال ياسر : نعم، وقد كان تصرفنا مشينا غير الئق، ونرجو أن يغفر لنا هللا ويسامحنا على تعذيبنا هذا الكائن
الضعيف.
، أشهَر صلى الله عليه وسلم ولكن هل تعرفون لماذا ُسِّّمي قال سامح : كلنا نعرف أبا هريرة من روى الحديث عن رسول هللا
بهذا االسم؟
قال أحمد : وهل تعرف أنت يا سامح؟ قل لنا لماذا.
قال سامح : كان ألبي هريرة قطة صغيرة يرعا ها ويعطف عليها ويطعمها بنفسه،
وكانت ال تفارقه أبدا، فأطلق الناس عليه )أبا هريرة( .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يناديه بأبي هريرة تحبب ا وتقرب ا، ولذلك كان أبو هريرة يؤثر هذا
اللقب ويفضله، حتى اشتُهر به.
ومنذ أن أسلم أبو هريرة الزم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه إال في أثناء نومه، فقد كان عازبا لم يتزوج بعد ، فلزم
المسجد وتبع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى حفظ عنه الكثير، وأصبح بعد أربع سنوات فقط – وهي السنوات التي عاصر
أكثر الصحابة حف ، وأعلمهم به . ظ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه – ا للحديث
وتساءل بعض الصحابة: كيف تك ون أحفظنا للحديث يا أبا هريرة وقد سبقناك لإلسالم وصاحبنا الرسول صلى الله عليه وسلم
مدة أطول منك؟ فرد عليهم بقوله: إن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق، وإن أصحابي
ُ من األنصار كانت تشغلهم أرضهم
، وإني كنت أكثر من مجالسة الرسول صلى الله عليه وسلم فأحضر إذا غابوا وأحفظ إذا
ن َسوا .
َس
ولم ين أبو هريرة فضل الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ودعاءه له بالعلم، فقد كان ذات يوم في المسجد يدعو هو
وبعض رفاقه، ودخل عليهم الرسول وأ ّمن على دعائهم، وأضاف أبو هريرة على دعاء رفاقه: " وأسألك علما
ال ينسى "، فأ ّمن عليه. وعندما أراد الرفاق أن يبلغوا نفس المرتبة وينالوا نفس الشرف قال لهم " سبقكم بها
الغالم الدوس ّي . "
عندئذ قال أحمد : وأنا يا ربي أسألك علما ال ينسى، حتى ال أضيع في االمتحان . فضحك الجميع .
سأل ياسر ا رواها عن الرسول
: أتعرف يا سامح كم حديث صلى الله عليه وسلم؟
قال سامح : روى أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ال يق ّل عن ألف وستمائة وتسعة من األحاديث.
قال أحمد : نشكرك يا سامح على قصتك المفيدة، ونشكر العصفور الذي سقط من الشجرة ، وكان سببا في
روايتها لنا .
قال سامح : واآلن، هيا إلى اللعب .
قال ياسر : لنتفق أوال قبل أن نلعب أن يقرأ ك ٌّل منا قصة ك َّل يوم، ويقصها على
رفاقه قبل أن نذهب للعب .
قال أحمد : هذه فكرة رائعة، وأنا على استعداد ألن أكون الراوي غد ا إن شاء
هللا.