لخّصلي

أولا: مفهوم الزهد لغة واصطلاحا وزهد ضد رغبة، وتزهد تعبد والزهيد القليل، والزهد الإعراض عن الشيء احتقارا له [1] وزهد فيه وعنه زهدا وزهادة أعرض عنه وتركه لاحتقاره أو لتخرجه منه لقلته، ويقال زهد في الدنيا : أي ترك حلالها مخافة حسابه، وترك حرامها مخافة عقابه (2) والزهد اصطلاحا: هو حلو القلب من التعلق بغير الرب، أو برودة الدنيا من القلب وعزوف النفس عنها، فرهد العامة ترك فضل على الحاجة في كل شيء، وقد نشأ كصيغة عمل وأسلوب في بدايته الأولى [4] وإنما معنى يتحقق به الإنسان يجعله صاحب نظرة خاصة للحياة الدنيا يعمل فيها وبكد، ولكن لا يجعل لها سلطانا على قلبه، ولا يدعها تصرفه عن طاعة ربه (5). وقد اعتبره الإمام الهروي رحمه الله: إسقاط الرغبة عن الشيء بالكلية، وقوله: عن الشيء يعني عن القلب، وقوله بالكلية: أي مع ترك التشوف إليه، ومن خلال ما سبق يتضح لنا أن الزهد عبارة عن انصراف الرغبة في الشيء إلى ما هو خير منه أي إيثار الحياة الآخرة الباقية على الدنيا الزائلة وليس معناه ترك الكسب والاكتساب، ولا ترك الأسباب وعدم الأخذ بها؛ لأن الإسلام يعتني بحياة الفرد اعتناء دقيقا، فبحث المسلم على الأخذ بنصيبه من الدنيا كما في قوله تعالى: "وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا " [7] . هكذا يمكن اعتبار الزهد منهج قوامه التقلل من ملذات الحياة والانصراف إلى ما هو أسمى منها، فأساسه مستمد ثانيا: الزهد والتزكية عند الصحابة رضوان الله عليهم ( نماذج ) حياة الصحابة، وأقوالهم، وقد كانوا في ذلك مقتدين بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأحواله، وقد امتدحهم القرآن في قول الله تعالى: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) [8]، كما أشار الرسول - صلى الله عليه وسلم إلى علو منزلتهم في قوله: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم [9]، ومن هنا نظر السالكون إلى الصحابة على أنهم قدوة في جميع أحوالهم الظاهرة والباطنة [10] وفيما يأتي نماذج من أحوالهم على سبيل المثال فحسب أ أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكان أبو بكر الصديق السابق إلى التصديق الملقب بالعتيق المؤيد من الله بالتوفيق، ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار) أسورة التوبة 190، كان رقيق القلب غزير الدمع عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم . مرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَتَاهُ بلال بودنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل، قلت: لما مرض النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: مروا أبا بكر فليصل قُلتُ: إن أنا بكرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِنْ يَقُمَ مَقَامَكَ يبكي، فلا يقدر على القراءة اسحيح البخاري (143/0) بط السلطانية)) ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الزنان "، فقال أبو بكر وأرجو أن تكون منهم (موطا مالك - رواية يحيى: (2/ 400 من عبد الباقي) ثم إن الصديق رضي الله عنه كان زاهدا حتى رووا عنه أنه كان يطوى شدة الجوع) سنة أيام؟، وكان لا يزيد على ثوب واحد، وكان يقول: "إذا دخل العبد العجب بشيء من زينة الدنيا مقته الله حتى يفارق تلك الزينة ([11])، وقد وجد في حديث أبي بكر الصديق كثير من الأحوال [13] والمقامات [14]: كالتقوى واليقين والتواضع. ب عمر الفاروق رضي الله عنه ويذكر الطوسي فيما روي عن أبي عثمان الهدي أنه قال: "رأيت على عمر رضي الله عنه قميصا فيه اثنا عشر رقعة. فإن الخير كله في الرضاء فإن استطعت أن ترضى، وإلا فاصبر"، وعن التواضع في قوله: "رحم الله امرءا أهدى إلى عيوبي [15]. إن ليله صلاة، وإن بهاره صيام، وإنه في حاجات الناس [16]. لولا أن أحمل على جهاد الخير في سبيل الله، ومكابدة الليل، ومجالسة أقوام يلتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر [17]، قول يعقوب: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله [18]، هذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ بحيث كان الإنفاق أحب إليه من الإمساك، فهو الذي جهز جيش العسرة، واشترى بار رومة، وفي موضع استشهاد عثمان رضي الله عنه حال التمكين [20] فرغم معرفته بأنه سيقتل، كان إذا قام يجهز لنفسه الماء ولا يكلف عبيده أن يقوموا ليسخنوه له فله منزلة رفيعة في التركية، فكان نور المطيعين، وولي المتقين، وأوفرهم علما، وأقومهم قضية، كان مثلا بارزا في الزهد والتقشف والدعوة إليهما ومن ذلك ما يروى عنه من قوله لعمر ابن الخطاب إذا أردت أن تلقى صاحبك، فرقع قميصك، وقصر أملك، قال: لا أعفيك. قال: أما إذ لا يد؛ فإنه كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله عزير العبرة، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا: لا تكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القنوي في باطله،

أولا: مفهوم الزهد لغة واصطلاحا

الزهد لغة من زهد يزهد زهدا وزهادة رغب عنه، وزهد ضد رغبة، وتزهد تعبد والزهيد القليل، والزهد الإعراض عن الشيء احتقارا له [1] وزهد فيه وعنه زهدا وزهادة أعرض عنه وتركه لاحتقاره أو لتخرجه منه لقلته، ويقال زهد في

الدنيا : أي ترك حلالها مخافة حسابه، وترك حرامها مخافة عقابه (2)

والزهد اصطلاحا: هو حلو القلب من التعلق بغير الرب، أو برودة الدنيا من القلب وعزوف النفس عنها، فرهد العامة ترك فضل على الحاجة في كل شيء، وزهد الخاصة ترك النظر إلى ما سوى الله من جميع الأوقات (3)، وقد نشأ كصيغة

عمل وأسلوب في بدايته الأولى [4]

وليس الزهد في الإسلام انقطاع عن الدنيا، وإنما معنى يتحقق به الإنسان يجعله صاحب نظرة خاصة للحياة الدنيا يعمل فيها وبكد، ولكن لا يجعل لها سلطانا على قلبه، ولا يدعها تصرفه عن طاعة ربه (5). وقد اعتبره الإمام الهروي

رحمه الله: إسقاط الرغبة عن الشيء بالكلية، وقوله: عن الشيء يعني عن القلب، وقوله بالكلية: أي مع ترك التشوف إليه، وعدم الالتفات فإن ذلك شاهد بالإعراض عن الدنيا حقيقة [16

ومن خلال ما سبق يتضح لنا أن الزهد عبارة عن انصراف الرغبة في الشيء إلى ما هو خير منه أي إيثار الحياة الآخرة الباقية على الدنيا الزائلة وليس معناه ترك الكسب والاكتساب، ولا ترك الأسباب وعدم الأخذ بها؛ لأن الإسلام يعتني بحياة الفرد اعتناء دقيقا، فبحث المسلم على الأخذ بنصيبه من الدنيا كما في قوله تعالى: "وابتغ فيما أتاك الله

الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا " [7] . هكذا يمكن اعتبار الزهد منهج قوامه التقلل من ملذات الحياة والانصراف إلى ما هو أسمى منها، فأساسه مستمد

من آداب القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم - وسيرة صحابته رضوان الله عليم

ثانيا: الزهد والتزكية عند الصحابة رضوان الله عليهم ( نماذج )

حياة الصحابة، وأقوالهم، مليئة بكثير من معاني الزهد والورع والتقشف والإقبال على الله عز وجل، وقد كانوا في ذلك مقتدين بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأحواله، وقد امتدحهم القرآن في قول الله تعالى: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) [8]، كما أشار الرسول - صلى الله عليه وسلم إلى علو منزلتهم في قوله: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم [9]، ومن هنا نظر السالكون إلى الصحابة على أنهم قدوة في جميع أحوالهم الظاهرة

والباطنة [10]

وفيما يأتي نماذج من أحوالهم على سبيل المثال فحسب

أ أبو بكر الصديق رضي الله عنه

فكان أبو بكر الصديق السابق إلى التصديق الملقب بالعتيق المؤيد من الله بالتوفيق، ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار) أسورة التوبة 190، كان رقيق القلب غزير الدمع عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم . مرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَتَاهُ بلال بودنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل، قلت: لما مرض النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مرضة الذي مات فيه أناه بودنه بالصَّلاةِ، فقال: مروا أبا بكر فليصل قُلتُ: إن أنا بكرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِنْ يَقُمَ مَقَامَكَ يبكي، فلا يقدر على القراءة اسحيح البخاري (143/0) بط السلطانية))

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الْجَنَّةِ يا عبد الله هذا خَيْرٌ فَمَن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دعِي مِنْ بَاب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الزنان "، فقال أبو بكر

الصديق: يَا رَسُولَ الله مَا عَلَى مَنْ يُدعى من هذه الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من هذهِ الأَبْوَابِ كُلها؟ قال: نعم.

وأرجو أن تكون منهم (موطا مالك - رواية يحيى: (2/ 400 من عبد الباقي)

ثم إن الصديق رضي الله عنه كان زاهدا حتى رووا عنه أنه كان يطوى شدة الجوع) سنة أيام؟، وكان لا يزيد على ثوب واحد، وكان يقول: "إذا دخل العبد العجب بشيء من زينة الدنيا مقته الله حتى يفارق تلك الزينة ([11])، وهو بهذا قدوة السالكين يقول أبو بكر الواسطي الصوفي المشهور: "إن أول لسان الصوفية ظهرت في هذه الأمة على لسان أبي بكر إشارة حين خرج من جميع ملكه وزهد في ماله قال له النبي الأعظم: "أيش خلفت العمالك ؟ قال أبو بكر: الله ورسول [12]، وقد وجد في حديث أبي بكر الصديق كثير من الأحوال [13] والمقامات [14]: كالتقوى واليقين والتواضع....

ب عمر الفاروق رضي الله عنه

ويذكر الطوسي فيما روي عن أبي عثمان الهدي أنه قال: "رأيت على عمر رضي الله عنه قميصا فيه اثنا عشر رقعة.

وهو يخطب وقال رضي الله عنه في كتاب وجهه إلى أبي موسى الأشعري: "أما بعد، فإن الخير كله في الرضاء فإن استطعت أن ترضى، وإلا فاصبر"، وعن التواضع في قوله: "رحم الله امرءا أهدى إلى عيوبي [15].

قال العباس بن عبد المطلب كنت جازا لعمر بن الخطاب فما رأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر، إن ليله

صلاة، وإن بهاره صيام، وإنه في حاجات الناس [16]. وعن الفاروق قال: "لولا ثلاث لما أحببت البقاء، لولا أن أحمل على

جهاد الخير في سبيل الله، ومكابدة الليل، ومجالسة أقوام يلتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر [17]، قرأ مرة

قول يعقوب: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله [18]، تسمع نشيجه من وراء الصفوف (19): فعن علقمة بن وقاص قال: كان

عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقرأ في العتمة بسورة يوسف، وأنا في مؤخر الصفوف حَتَّى إِذَا جَاءَ ذكر يوسف سمعت شيخة في مؤخر الصف وعن عبد الله بن حنطب أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى أبا بَكْرٍ وَعُمَر فقال:

هذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ

ج عثمان بن عفان رضي الله عنه:

أما عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكان هو أيضا قدوة في التركية والزهد، فرغم وفرة ماله إلا انه كان زاهداء مجاهدا، بحيث كان الإنفاق أحب إليه من الإمساك، فهو الذي جهز جيش العسرة، واشترى بار رومة، وعرف عنه كثرة تعبده وتلاوته القرآن، وسمو أخلاقه كالحياء والجود والزهد والتواضع والشفقة وحسن الصحبة للناس، وفي موضع استشهاد عثمان رضي الله عنه حال التمكين [20] فرغم معرفته بأنه سيقتل، لم يبرح موضعه، ولم يضع المصحف إلى أن قتل (21) ووقع الدم على موضع الآية: فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (22) قالت امرأة عثمان حين قتل: "لقد قتلتموه وإنه ليحيي الليل بالقرآن" قال ابن كثير: "ولهذا روينا عن ابن عمر أنه قال في قوله تعالى: أمن هو قالت أناء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمَا يَحْذَرُ الآخِرَة وَيَرْجُو رَحْمة ربه [23]: قال: "هو عثمان بن

عمان (24)، كان إذا قام يجهز لنفسه الماء ولا يكلف عبيده أن يقوموا ليسخنوه له
قال حسان بن ثابت (25)

ضحوا بأشغط عنوان السجود به ... يقطع الليل تسبيحا وقرأنا

وقد روي عن عثمان رضي الله عنه أقوال لها دلالة روحانية عالية منها قوله: "وجدت الخير مجموعا في أربعة أولها التحبب إلى الله تعالى، والثاني الصبر على أحكام الله تعالى، والثالث الرضا بتقدير الله عز وجل، والرابع الحياء من ]26[ الله

د علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه

وفيما يخص عليا ابن أبي طالب كرم الله وجهه، فله منزلة رفيعة في التركية، فكان نور المطيعين، وولي المتقين، وإمام العابدين من أسرع الصحابة إجابة، وأعظمهم حلما، وأوفرهم علما، وأقومهم قضية، كان مثلا بارزا في الزهد والتقشف والدعوة إليهما ومن ذلك ما يروى عنه من قوله لعمر ابن الخطاب إذا أردت أن تلقى صاحبك، فرقع قميصك، واخصف تعلك، وقصر أملك، وكل دون الشبع، وعندما سئل كرم الله وجهه عن الإيمان قال: "الإيمان على أربع دعائم الصبر واليقين والعدل والجهاد (27) دخل ضرار بن ضمرة الكتاني على معاوية، فقال له: صف لي عليا، فقال أو تعفيني يا أمير المؤمنين، قال: لا أعفيك. قال: أما إذ لا يد؛ فإنه كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله عزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا: لا تكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القنوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه يميل في محرابه قابضا على لحيته يتعلمل تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه ثم يقول للدنيا: إلى تغرزت إلى تشوفت هيهات هيهات غربي غيري، قد بنتك ثلاثا، فعمرك قصير ومجلسك حقير، وخطرك بسير، أه أه من قلة الزاد، وبعد الشفر، ووحشة الطريق فوكفت. دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال كذا كان أبو الحسن - رحمه الله .. ثم قال: كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبخ واحدها في حجرها لا تزقاً دمعتها، وَلَا يَسْكُنُ حُزنها - ثُمَّ

قام فخرج أحلية الأولماء وطلقات الأصفياء عن السعادة (11/05).

وفي الجملة تعتبر حياة الخلفاء الراشدين منارة للسالكين بعدهم وفي هذا يقول الطوسي: "من ترك الدنيا كلها وخرج من جميع ما يملك وجلس على بساط الفقر والتجريد بلا علاقة، فإمامه فيها أبو بكر، ومن أخرج بعضها وترك البعض لعياله ولصلة الرحم، وأداء الحقوق فإمامه فيها عمر بن الخطاب، ومن جمع الله، وأعطى الله، وأنفق الله، فإمامه

فيها عثمان، ومن لا يحوم حول الدنيا، فرفضها وهرب منها، فإمامه في ذلك علي بن أبي طالب (28)، وقد كانوا رضوان

الله عليهم في غاية الاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام.

ه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

أبو عبيدة الأمين الرشيد والقائد الشديد اختاره عمر وهو يتمنى ملء مكانه رجالا كأبي عبيدة فعن أنس بن مالك

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن لكل أمة أمينا، وإن أميلنا أَيَّتُهَا الْأُمَّةَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَاحِ دخل عمر بن الخطاب على أبي عبيدة بن الجراح، فإذا هو مضطجع على طنفسة رحله متوسدا الحقيبة،