لخّصلي

يوفر الاتفاق السعودي–الإيراني خارطة طريق لإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية خلال شهرين. وإذا سارت الأمور على ما يرام، يمكن أن يقلص العداء العميق الذي وجد بين البلدين لما يقارب عقد من الزمن. حتى الآن، يبدو أن تنفيذ الاتفاق يسير بسرعة؛ إذ دعا الملك السعودي سلمان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الرياض، والتقى وزيرا خارجية البلدين في بكين في 6 نيسان/أبريل. مسؤول سعودي رفيع قال لمجموعة الأزمات إن الرياض “تريد البناء على الزخم الذي ولّده نجاح محادثات بكين“، في حين أشار وزير المالية السعودي إلى أن البلاد مستعدة للشروع في الاستثمار في إيران “بسرعة كبيرة“. وأرسل كلا البلدين وفوداً تقنية استعداداً لإعادة فتح سفارتيهما، ما يشير إلى أن الجدول الزمني المكون من شهرين يسير على السكة الصحيحة.

إضافة إلى تحسين العلاقات الثنائية، يمكن للاتفاق أن يساعد أيضاً في تخفيف حدة التوترات في منطقة الخليج الأوسع. أشاد المسؤولون في الإمارات العربية المتحدة، والكويت وعمان جميعهم بالاتفاق على أنه تحرك نحو الاستقرار والرخاء الذي سيعود بالفائدة على جميع الأطراف. مسؤول قطري رفيع قال لمجموعة الأزمات إن الاتفاق شكل “خطوة أولى إيجابية“، لكن السعودية ستكون بحاجة للوقت لاستعادة درجة من الثقة بالنوايا الإيرانية بعد سنوات من العداء. حتى البحرين – المعروفة بقلقها من الانخراط مع إيران – أصدرت بياناً ترحب فيه بالاتفاق وتعبر عن الأمل في تسوية الصراعات من خلال الحوار والدبلوماسية.

كانت العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران قد تحسنت بشكل كبير على مدى السنتين الماضيتين. ويمكن تتبع الجفوة بين إيران وهذه الدول إلى كانون الثاني/يناير 2016، عندما اقتحم متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في طهران بعد أن أمرت الرياض بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، وهو معارض بارز في المملكة. في ذلك الحين، خفضت جميع دول الخليج العربية (باستثناء عُمان) علاقاتها أو قطعتها مع إيران. وفي السنوات التالية، استمرت عُمان، وقطر وأحياناً الكويت في الانخراط مع طهران، حتى مع بقاء التوترات مرتفعة. على العكس من ذلك، فإن السعودية، والإمارات العربية المتحدة والبحرين دعمت حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فرض “أقصى الضغوط“، التي شملت أكثر من 1,500 عقوبة جديدة وخطاب عدائي، وجميعها تستهدف عزل وإضعاف إيران. اليوم، استعادت جميع دول الخليج العربية، باستثناء البحرين، العلاقات الدبلوماسية الكاملة، أو تخطط لفعل ذلك، مع إيران. حتى المنامة، التي طالما اتهمت طهران بتغذية الاضطرابات في أوساط الأغلبية الشيعية في البلاد، ذكر أنها أجرت محادثات ثنائية مع إيران في الشهور الأخيرة. وبعد إعلان الاتفاق السعودي–الإيراني بوقت قصير، اجتمع أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شامخاني، بكبار المسؤولين الأمنيين والاقتصاديين في الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي يشير إلى تسارع واتساع العلاقات الإماراتية–الإيرانية.