لخّصلي

كانت السيدة ريتشيل ليند تعتبر من أهالي قرية أفونليا الهادئة، حيث يسكنها الناس الطيبون والعطرين بالتاريخ والحكايات. وكانت تعيش في منزلها الصغير الذي يطل على الغور الصغير، حيث يجري الجدول المائي الهادئ بين الأعشاب الخضراء والأشجار القديمة. كانت ريتشيل تعشق الجلوس قرب النافذة ومتابعة حياة القرية من خلالها، فتراقب الأطفال والحيوانات وكل ما يجري حولها بعين حادة وفضول لا ينضب. وإذا مرت بحادثة غريبة أو ظاهرة غير مفهومة، لم تكن تشعر بالراحة حتى تكتشف أسرارها وتكشف عن أسبابها المحتملة. هناك سيدة قوية تدعى ريتشيل ليند تدير منزلها ببراعة وتساهم في العمل الخيري، وتقضي وقتًا طويلاً في حياكة اللحف القطينة. بما أن أفونليا كانت شبه جزيرة صغيرة مثلثة على خليج سانت لورانس، كان من الضروري للقادمين أو المغادرين أن يسلكوا الطريق المؤدي إلى الهضبة ويمروا بجوار نوافذ السيدة ريتشيل. جلست السيدة ريتشيل أمام النافذة وشاهدت بستان الغور المحتفل بعرس براعمه البيضاء، وزوجها توماس الذي يدعى بالقرية افونليا الرجل المتواضع كان يبذر بذور الموسم الأخير. من المفترض أن يشارك ماثيو كثبيرات أيضًا في الزراعة، وهذا كان معروفًا لريتشيل بعد سماعها الخطة في المخزن. في الساعة الثالثة والنصف من عصر يوم حافل بالعمل، يقود ماثيو كثبيرت عربته برباطة جأش نحو التلة، مرتدياً ياقة بيضاء وأحسن بزة. ماثيو كثبيرت نادرا ما يغادر المنزل، لكن ذهب لسبب طارئ. كان خجولا وينفر من الغرباء والحديث. ريتشيل لم تفهم سبب ذهابه، وتأثرت بمظهره. أخيرا، قررت المرأة زيارة المرتفعات الخضراء بعد تناول الشاي لمعرفة سبب رحيل ماثيو. أثناء تفكيرها، تعتقد أنه ربما يواجه مشكلة طارئة. ما قررته السيدة ريتشيل يدفعها نحو المرتفعات الخضراء بعد تناول الشاي. المنزل الكبير الذي يقطنه آل كثبيرت يبعد ربع ميل صعودًا من غور ليند. والد ماثيو كثبيرت شيد دارة المرتفعات الخضراء بعيدًا عن الناس. “سيدة تتحدث عن ماثيو وماريلا العزلة وراحتهما في الطبيعة، معتبرة أنهما راضيان عن حياتهما رغم عزلتهما. “بفكرتها، تخطت السيدة ريتشيل الطريق نحو فناء دارة المرتفعات الخلفي، الذي يتميز بالخضرة والنظافة والترتيب. تزين الفناء أشجار الصفصاف والحور، بدون أي شيء يمكن أن يشوهه، بفضل جهود ماريلا كثبيرت في تنظيفه. ريتشيل تزور مطبخًا مزعجًا ومبهجًا في المرتفعات الخضراء، مع نوافذ تطل على الشرق والغرب، تشرف على بستان الكرز والبتولا. ماريلا، الجالسة عند النافذة، تحيك بينما تستعد الطاولة للعشاء. قبل غلق السيدة ريتشيل الباب، لاحظت تواجد ثلاثة أطباق على الطاولة تدل على حضور زائر مع ماثيو. لكن الأطباق كانت بسيطة، مما يشير إلى عدم أهمية الزائر المتوقع. وجود ياقة بيضاء وفرس بنية أثارا فضولها بالغموض في البيئة الخضراء."ماريلا ترحب بريتشيل وتسأل عن أحوال عائلتها في أمسية جميلة. “هذه إحدى صداقات ماريلا كثيبرت والسيدة ريتشيل التي تميزت بالتباين والوجود المستمر. كانت ماريلا امرأة طويلة نحيلة تحمل شيباً في شعرها الغامق، تظهر كأميرة محدودة المشاعر مع تعبير مبهم حول فمها الذي يشير إلى روح مرحة. "جميعنا بخير"، قالت ريتشيل بخوف عند رؤية ماثيو يغادر، مشكوكة في حالته، متسائلة عما إذا كان سيزور الطبيب. فهم ماريلا لسبب زيارة السيدة ريتشيل كانت على خلاف ما كانت تتوقعه، وكانت تتوقع رؤية ماثيو وهو يرحل بدون تفسير مسبق، مما جعلها تشعر بالفضول الشديد. "ماريلا على ما يبدو بصحة جيدة على الرغم من تعرضها لصداع البارحة. ماثيو ذهب إلى بلدة برايت ريفر لتبني صبي من ملجأ الأيتام في نوفا سكوتيا، وسيعود بالقطار الليلة." إذا قالت ماريلا إن ماثيو ذهب إلى بلدة برايت ريفر ليلا، فإن دهشة السيدة ريتشيل كانت كبيرة، واضطرت للافتراض بسبب سخرية ماريلا. "قالت ماريلا بجدية عندما سُئِلت إذا كانت جادة فيما تقوله، وكانت تبني الأطفال من الملجأ، وهذا كان جزءًا من أعمالها الروتينية في المزرعة. “شعرت السيدة ريتشيل بالارتباك عند سماعها عن ماريلا تبني صبي من ملجأ الأيتام، مما جعلها تعتقد أن العالم تغير تمامًا. “سألت السيدة ريتشيل باستهجان عن سبب الفكرة دون استشارتها. “لقد قامت ماريلا بالتفكير في تبني صبي من ملجأ في مدينة هوب تاون بعد زيارتها لابنة عمها هناك. بعد مناقشة الموضوع مع ماثيو، قررا تبني صبي بسن العاشرة أو الحادية عشرة. قد وصلت رسالة تؤكد وصول الصبي مع السيدة سبنسر على قطار الساعة ٥:٣٠ مساء. تعبر السيدة ريتشيل عن دهشتها وتحرجها في البوح عن خواطرها بعد تكييفها مع الخبر المدهش. بكل صراحة أقول لك إنك على وشك ارتكاب خطأ جسيم، بل هو حقا أمر محفوف بالمخاطر، إنك تجلبين صبيًا غريبًا إلى عقر دارك وأنت لا تعرفين أدنى شيء عنه، ولم كل هذا العناء؟ في الأسبوع الماضي فقط قرأت في الجريدة كيف أن صبيًا، قام بإشعال النار في المنزل ليلا. أشعلها عامدًا يا ماريلا. بل وأعرف قضية أخرى عن صبي اعتاد على مص البيض النيء، الأمر الذي لم تفعليه يا ماريلا. لطلبت منك بدافع من الخوف عليك ألا تقدمي على هذا التصرف مهما كلف الأمر. » استمرت ماريلا تحيك ما بيدها بهدوء، «لا أنكر أن هناك مغزى فيما تقولينه يا ريتشيل، فقد سبق وأن عانيت أنا نفسي من بعض الشكوك، جدا أن يصمم ماثيو على أمر ما، أما بالنسبة إلى المخاطرة، فإن هناك مخاطرة في أي شيء يمكن أن يقوم به المرء في هذا العالم، فهم لا يصبحون دائمًا كما هو مرجو منهم أن يكونوا . قالت السيدة ريتشيل بلهجة نمت بوضوح عن شكوكها الجمة. وكانت النتيجة أن ماتت جميع العائلة بعد عذاب رهيب، كما لو أن دس السم في الآبار كان عملًا أنثويا خالصًا، ولا يمكن أن يكون مدعاة للقلق إذا تعلق الأمر بصبي. ولكن بالنسبة إليها وفي حال راقتها الفكرة، فإنها لن تتقاعس عن رعاية ملجأ أيتام بأكمله.» وقت السيدة ريتشيل لو أنها كانت تستطيع البقاء إلى أن يعود ماثيو مع يتيمه المستورد، وخمنت بأن هناك ساعتين كاملتين على أقل تقدير قبل أن يحين موعد قدومه، قررت أن تغادر وتسلك الطريق المؤدية إلى منزل آل روبرت بيل لتطلعهم على الأخبار، التي ستكون حتمًا حدثًا مثيرا فريدًا، وهكذا تحاملت على نفسها وغادرت مزيحة برواحها شيئًا من الثقل عن صدر ماريلا التي أثار تشاؤم السيدة ريتشيل الثقيل مخاوفها وشكوكها. عجبًا من كل الأمور التي كانت أو التي ستكون» هتفت السيدة ريتشيل عندما اختلت بنفسها في طريق عودتها. «يبدو الأمر كما لو أني أعيش حلمًا. أرثي لذلك الصغير. إن ماثيو وماريلا لا يعرفان شيئًا عن الأطفال، الأمر الذي يصعب تصديقه عندما ينظر المرء إليهما. وإني بكل صراحة أشفق عليه.» هكذا أفضت السيدة ريتشيل لأجمات الأزهار حولها بما كان يعتلج في أعماق قلبها.