لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

تحد ُّ ي تغير المناخ
مخاوف كبيرة وأطلق صرخات يأس من كثير من أنصار حماية البيئة.
سعى بعض الأشخاص من كلا الجانبين إلى إعادة تأطير الجدل الدائر،
خطاب جديد من شأنه اجتذاب الدعم من الجانب الآخر.
يمكن وصف بعض جهود إعادة التأطير بأنها تراجع تخطيطي أو إدراك من
السياسيين الواقعيين لما يلزم للحصول على أصوات كافية.
َ الشيوخ جون كيري وباربرا بوكسر — بناءًعلى نصيحة استطلاعات الرأي — استخدام
ُّ مصطلحات الاحترار العالمي أو تغير َّ المناخ في مشروع القانون الأخير الذي تقد َما به،
ً ووصفاه بدلا من ذلك بأنه محاولة »إعادة سيطرة أمريكا مرة أخرى على مستقبل الطاقة
ً أيضا »بإجراءات حدودية قوية« ضد الدول التي لا تلتزم بخفض انبعاثات غازات الدفيئة،
وبينما يَ ِع ُد ٍّ مشروع القانون بحد أدنى من الخفض يصل إلى ٪٢٠في مستوى الانبعاثات
أعاد العضوان تأطيرَ النقاش بلغة الأمن القومي،
القانون على أنماط الحياة أو مستويات المعيشة.
ً حاول أيض ُّ ا المشككون في تغير ُ المناخ أو م ِّ نكروه أو »الواقعيون« )كما يفضلون أن
يُ َ طل َ ق عليهم الآن( إعادة تأطير النقاش،
كما ذكرنا سابقا.
َّ يشير إلى أن مناصري حماية البيئة »لا يمتلكون أي أدلة على الإطلاق.
ً فإن كثيرين من مجموعة المشككين لا يواصلون إنكار أدلة الاحترار،
يؤكدون على أن محاولة التعامل معه من خلال تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون
ٍّ السائدة في كل ً من البلدان المتقدمة والنامية.
الوقود الكربوني لعقود قادمة،
ً اللازم لتصبح بديلا مجديًا،
الوقود الأرخص بالنسبة للصين والهند والكثير من البلدان النامية الأخرى.
ً لا شك في أن التعامل مع تغير المناخ سوف يكون مكلف ٍّ ا جدا،
زيادة الإنفاق على البحث والتطوير في مجال مصادر الطاقة المتجددة زيادة ضخمة وفي
وبسبب الشكوك المتعددة حول المستقبل،
فإن معظم تقديرات التكاليف في أحسن الأحوال تقديرات تقريبية مبدئية.
برغم أن الأرقام تبدو ضخمة،
فإن تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة من تلوث الهواء وحده تصل إلى حوالي
للكربون معتمدة على تحديد وتداول الانبعاثات،
لتجنُّب ما يمكن أن يكون سلسلة مترابطة من الكوارث المناخية.
إن خوف فقدان الوظائف والدخل والمنازل على المدى القصير قد سيطر على أمل
الحصول على فوائد طويلة المدى من إنشاء اقتصاد طاقة جديد،
الظروف تجنُّب الخلوص إلى أنه على الأقل في هذه الحالة كانت الغلبة لإعادة التأطير
ِّ العلمية في مناظرة سياسية-أيديولوجية تركز كثيرًا على الوقت الراهن مع وجود جمهور
لا يزال تقريبً ٍ ا غير مبال ً — أو جاهلا — بالمخاطر الطويلة المدى.
ُ أو عشرين سنة ربما يوفر اقتصاد ٍ طاقة ٌ جديد َ فوائد اقتصادية ضخمة وزيادة في أمن
البعض وظائفهم أو تنتقل الوظائف إلى أماكن أخرى،
ُ الاقتصادية في المستقبل القريب،
الفوائد المحتملة على المدى الطويل،
وثمة شكوك كبيرة حول أفضل سبيل للمضي قدما.
241ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
ً أيضا في عصر الأزمات المرتبطة المتعددة الأبعاد التي يمكن أن يتغذَّى بعضها على بعض
وتستهلك الموارد الشحيحة.
يؤكد على هذه المجموعة المعقدة للغاية من الظروف: ما يمكن وما لا يمكن القيام به على
كل بلد — لا سيما على كبرى البلدان المسبِّبة للتلوث الآن وفي العقود القليلة القادمة —
تطوير عملية سياساتية تبدأ في وضع سياسات فاعلة بأسرع وقت ممكن؛
ً أن تكون أساسا للتعاون الدولي إن كان ذلك ممكنً ِّ ا،
ولكنه خطوة أولى ضرورية.
سوف تكون الاقتراحات حول كيفية التعامل مع الاحترار العالمي فيما بعد كوبنهاجن
َّ أسهل بكثير إذا ما تمكنَّا من فهم مجموعة من الاتجاهات أو التطورات التي تشير لاتجاه
فاعلة تتناول الاحترار العالمي: السياسات الدولية الصينية،
ِ القيود السياسية في الولايات المتحدة،
والتطورات الأخرى التي تحدث — أو قد يُ َ نظر إليها على أنها تحدث — في الساحة
كوبنهاجن الإيجابية وغير الإيجابية،
في المقام الأول من القائمة أن تكون بمنزلة إطار أو خلفية للمناقشة السياسية التالية.
) (3الأخبار الجيدة والأخبار السيئة
من الواضح أن فشل كوبنهاجن هو التطور السلبي الأبرز،
ِ أن آثاره تخففت من خلال الوعي قبل المؤتمر بوقت طويل بأن التوصل لاتفاق ملزم
حول أهداف وجداول زمنية لن يكون ممكنًا.
والعامة الصامتة للغاية نحو الفشل منذرة بسوء أكبر؛
ِّ حيال الاحترار العالمي منخفض للغاية من دون ضغوط من القاعدة.
الشعبي المحدود لسياسات الطاقة والسياسات البيئية أمر بالغ الأهمية بحيث سنعود إليه
كانت الصين الفائز على المدى القصير في كوبنهاجن،
لأنها تعاني أيضا بشدة من التدهور البيئي،
لاتخاذ إجراءات قوية لتفادي النتائج الأسوأ أو للتعاون من أجل التوصل إلى اتفاق دولي
ً إذ إنها ارتقت بسرعة في التسلسل الهرمي للدول.
المركنتيلية: السعي لتحقيق المصالح الوطنية المحدودة،
ُّ التي تحد َّ من إجراءاتها على المستوى الوطني.
ِّ إذا فرضت سياسات الصين على الآخرين أن يحذوا حذوها،
ببعض المكاسب القصيرة المدى من أجل نشر الأمن والرخاء في الدول الأضعف.
ً ستواصل الدول — وينبغي عليها — السعي لتحقيق المصالح الوطنية،
تجنُّ ِّ ب السياسات التي تهدد الاستقرار والرخاء الدوليين.
السلوك ما فعلتْه الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية،
َ والتجارية لليابان وألمانيا المهزومتين؛
أنها تعمل فقط من أجل تحقيق مصالحها قصيرة المدى.
ِ في ظل غياب التوصل لاتفاق ملزم في كوبنهاجن لبدء خفض الانبعاثات بسرعة،
ً تقرير صدر مؤخرا عن الوكالة الدولية للطاقة في باريس ً 24ارتفاع ً ا شديدا في استهلاك
الطاقة في العقود القليلة القادمة؛
َّ ٣درجات مئوية ) ٥٫٤درجات فهرنهايت.
ً بنسبة ٪٣في الانبعاثات هذا العام،
بحلول عام ) ٢٠٣٠نصف هذه الزيادة من الصين وحدها،
( وزيادة بنسبة ٪٧٦في الطلب على الكهرباء في الفترة نفسها،
والتي سيَنتج جزء كبير منها من حرق الفحم.
ِ في التوصل إلى اتفاق ملزم سيتطلب في نهاية المطاف ٥٠٠مليار دولار إضافية سنويٍّا
243ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
شركات النفط الكبرى وغيرها في مجال الطاقة المتجددة.
مدى توافر إمدادات النفط والغاز على المدى المتوسط واحتمالات حلول مصادر الطاقة
ستكون أكثر ترددا حيال التغيير،
ِّ ذلك — يعزز الجهود التنافسية للسيطرة على الإمدادات )كما هي حال الصين،
على انخفاض الاستعداد للتعاون أو وضع المصالح المشتركة الطويلة المدى بعين الاعتبار.
ً عند مستو ً ى أقل من درجتين مئويتين ) ٣٫٦درجات فهرنهايت( هدف ٍّ ا شاقا؛
ٌ التخفيضات المطلوبة في نصيب الفرد من الانبعاثات صعبة للغاية.
من الانبعاثات الكلية للفرد إلى حوالي طنَّ ْين،
ِّ أطنان وتزداد بسرعة.
ٌ السنوات ٢٠–١٠القادمة — صعب ً للغاية،
ِ والدول النامية الأخرى في رفض قبول التخفيضات الملزمة.
تحقيق هذه التخفيضات — القوانين الحكومية وتسعير الكربون وأساليب الدعم المختلفة
— غير مؤكدة الآثار حتى الآن،
ً درجة الحرارة عند مستوى أقل من درجتين مئويتين تتطلب ما يقرب من تريليون دولار
مهما كانت دقة تقديرات التكلفة أو تقديرات آثار ارتفاع درجة الحرارة فوق درجتين
التكاليف الشديدة قد يؤدي إلى الركون إلى القدرية أو اللامبالاة أو الإنكار،
َّ المخاوف بشأن التبعات الاقتصادية السلبية.
هذه الأهداف بحوالي ٪١من الناتج المحلي الإجمالي سنويٍّ ً ا،
معقولة من الناحية الاقتصادية أو الفنية،
السياسية والاقتصادية الراهنة في الولايات المتحدة وفي كثير من البلدان الأخرى،
ٍّ حتى تتغير وجهة نظر كل ُّ من الرأي العام والكونجرس حيال تغير المناخ.
ٌّ إن الفشل في إقناع الدول النامية بأن موقعها التفاوضي مختل؛
ً هي الأكثر عرضة لآثاره،
البلدان المتقدمة لتتفادى الأضرار الكارثية إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع.
تُ ُّصر ً أيض ٍّ ا على أن الانبعاثات للفرد الواحد — والتي من الواضح أنها منخفضة جدا في
البلدان الفقيرة — هي المعيار الصحيح،
َّ إن الحجج التي قدمتها البلدان النامية والتي تستمر في تقديمها قوية عاطفيٍّا
المشاكل الحادة التي سببها الاحترار العالمي والتي لا يزال يواصل التسبب فيها،
المعضلة التي نواجهها الآن هي أن التعويضات عن أخطاء الماضي — سواء كانت مبررة
َّ أم لا — تلهي عم َّ ا يجب القيام به؛
َّ في هذا الموقف أو عمن من المتوقع أن يبقينا فيه.
ُ وانبعاثات ٌ البلدان النامية آخذة ٍّ في الارتفاع على نحو حاد وسوف تشكل الغالبية العظمى
تحويل الموارد الضخمة — مع أنها قد تكون مفيدة للطرفين — ما لم تكن البلدان النامية
ً أيضا على استعداد لاتخاذ إجراءات جدية قابلة للمراقبة لكبح جماح انبعاثاتها.
ً نظرا لفشل الكثير من مشاريع المساعدات في الماضي،
تحويلات الموارد الكبيرة إلا إذا أظهرت البلدان النامية أنها جادة في تنفيذ سياسات الحد
الكثير من المساعدات تذهب للفاسدين،
ُ النامية كانت راغبة أو قادرة على إعادة التفكير في المواقف المتأصلة والم ْرضية عاطفيٍّا
245ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
ِّ والمتساهلة من ناحية التغييرات السياساتية.
َ تواجهها الاهتمام على الإجراءات العملية الفورية،
الحالات من جانب حكومات ضعيفة وعديمة الكفاءة يميل لإبقاء التركيز على البقاء في
ً ندرك جميعا أن السياسة الداخلية قد تكون العقبة الأصعب في التغلب عليها إذا كنَّا
بصدد وضع عملية سياساتية فاعلة للاحترار العالمي،
في كوبنهاجن مخيِّبً ٍ ا لآمال كثير ً من الناشطين في مجال البيئة،
َ على موقف إدارة بوش.
ٍ بشدة ِ أكبر بعد انتخابات التجديد النصفي لعام ٢٠١٠؛
»ربما تجتمع دفعة محافظة ضد جدول الأعمال الطموح للرئيس،
الذي أصبح مميِّ ًزا للجدل السياسي في الولايات المتحدة أن السياسات ستُ َ ناقش وتُ َ دعم أو
ِّ الواضح أن هذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل التشريعات البيئية واحتمالات النجاح في
ً ولإعادة التوازن للوضع،
ُ تتسم بالفاعلية والكفاءة،
التي كان يتعذَّ ً ر الوصول إليها سابقا من الغاز الطبيعي من الصخر الزيتي،
ِ أن تزيد احتياطيات العالم من أنظف وقود حفري زيادة كبيرة.
أكبر ابتكار في مجال الطاقة في هذا العقد«.
ً المزيد من هذا الغاز واستبداله بالفحم،
ٍّ حاد ً ا،
روسيا وفنزويلا — وهو مكسب سياسي واقتصادي كبير لأوروبا والمستوردين الآخرين.
ينبغي التأكيد على أنه ستوجد حاجة إلى استثمارات ضخمة مقدما،
أنها ستطغى على الاحتياجات الاستثمارية الأخرى،
ً قبل أن تصبح هذه الإمدادات الجديدة متاحة على نطاق واسع.
َ ثمة تطور واعد آخر هو ظهور المنافسة بين منتجي الطاقة،
حديثًا بين منتجي الغاز الطبيعي ومنتجي النفط وصناعة الفحم.
خلافات داخلية حول استخدام الفحم أو طاقة الرياح،
ِّ المتجددة عن ميزة تذلل لها التفوق على كل مصادر الطاقة الأخرى.
ً من الأهمية بمكان أن عددا من الشركات القوية في الولايات المتحدة — مثل جنرال إلكتريك
ً وباسيفك جاز — انسحبت من غرفة التجارة؛
تشريعات قوية لمكافحة الاحترار العالمي.
ومعدلات النمو الاقتصادي.
َ وقبيل مؤتمر كوبنهاجن مباشر ًة،
ِّ الدفيئة تشك ً ل خطرا على صحة الإنسان والبيئة؛
ِّ على الانبعاثات من خلال إجراءات تنظيمية حكومية،
اعتمادا على حجم وتشكيل التصويت على مثل هذا الإجراء،
ً من المتوقع أن يبدو أكثر شرعية ُّ وأقل تحزبًا.
أُ ِضيف إلى الدور الحكومي في جدل تغير المناخ.
محكمتا استئناف فدراليتان في الولايات المتحدة بأنه يمكن المضي في الدعاوى القضائية
َّ ضد منتجي الطاقة مد ِع َّ ين أنهم تضرروا جراء الاحترار العالمي،
بالدعاوى الأولى ضد شركات التبغ والأسبستوس.
247ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
المحاكم كما فعلت دعاوى التبغ والأسبستوس الأولى،
ً أكثر فاعلية في خلق تغيير من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية.
ً وقد لاحظنا بالفعل عدد ً ا قليلا من التطورات الإيجابية الأخرى مثل الاتفاق )المؤقت(
بشأن إزالة الغابات في كوبنهاجن،
ً الاحترار العالمي ببساطة أو تتجاهل ضرورة التعاون أو تعتقد أنه يمكنها المضي قدما
يمكن أن يحصل في الكونجرس في فترة مشحونة للغاية.
لا بد من الاعتراف عند تقييم قائمة الاتجاهات والتطورات الجيدة أو السيئة المحتملة
ُ تلك أنه في الوقت الحالي السلبيات ٍ تفوق بشدة الإيجابيات،
الاستجابة للاحترار العالمي في الوقت المناسب.
ِ ومؤقتة بشكل أكبر،
وظلت الولايات المتحدة مقيدة من قبَل الكونجرس،
فإذا حدثت أسوأ التوقعات،
يمكن أن يصبح النظام الدولي فوضويٍّا وغير مستقر على نحو خطير،
ً سنة لتفادي الأسوأ.
شيء ثابت: مصير هذا الكوكب ومصير الدول ومصير المواطنين أغنياءَوفقراء.
ْ الكبرى هي سرعة الاستجابة؛
للتحديات المعقدة والمتعددة الأبعاد واللانهائية.
ُم ِ قن َعة مثل غيرها من التهديدات المكلفة،
لتبرير التقاعس عن اتخاذ إجراء.
) (٣عدم القدرة على الحصول على تأييد الرأي العام والكونجرس لسياسات قوية في
بدأت الصين الاستثمار بكثافة في مجال تكنولوجيا الطاقة الجديدة في أوائل هذا القرن
تكنولوجيا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وهو ما يساوي ميزانيتها العسكرية،
ُ تعليمات الرئيس هو جينتاو بأنه »يجب على الصين اغتنام ف َرص الأسبقية في الجولة
الجديدة من ثورة الطاقة العالمية«.
ً الشمسية وطاقة الرياح زيادة ً كبيرة بحلول عام .
من الواضح أن القيادة الصينية — التي تتضمن الكثير من الأفراد ذوي التدريب
الفني — تأخذ الاحترار العالمي على محمل الجد،
ْ كوبنهاجن هي رف َض قبول الأهداف والجداول الزمنية الملزمة قانونًا للحد من الانبعاثات،
ً بل إنها منعت أيض َ ا الموافقة على هذه الأهداف والجداول الزمنية من الدول الأخرى.
المركزة على النمو السريع بتوجهات مركنتيلية قوية،
ِّ بظلالها على أي ْ ميول نحو التعاون الدولي.
ُّ — إذا كان يوجد أي شيء — لتغيير السلوك الصيني؛
ً أحد المداخل إلى هذا الموضوع هو أن نسأل أولا ما هي نقاط ضعف الصين إذا ما
ُّ استمرت في مسارها الحالي.
التي ستَتَ َ فاقم عندما تؤدي زيادة حرق الوقود الحفري إلى تغير المناخ.
َ حركة ٍ انتقال ً حادة للسكان من الريف إلى المناطق الحضرية،
الطلب على الطاقة والاعتماد على إمدادات النفط الأجنبية والمشاكل المصاحبة لأمن الطاقة،
وقد يكون من المتوقع أن يروا تلوثً ً ا للهواء وتآكلا ً للتربة ومزيجا من الفيضانات في بعض
ٍ هذه الأحداث على أقل تقدير زيادات ً كبيرة في النفقات الصحية والعلاجية،
َ في نهاية المطاف ارتفاع مستويات المعارضة الداخلية وعدم الاستقرار.
لما كانت الصين قوة ناشئة في العالم،
249ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
من جانب واحد دون أدنى اهتمام بالرأي العالمي.
المتاحة في نظام تجاري دولي مفتوح،
ِ يستف ْد ً شركاؤها التجاريون أيضا،
ٌّ الإجراءات التشريعية التي اتخذتها كل من الولايات المتحدة وفرنسا لفرض رسوم جمركية
ِ على صادرات البلدان التي لا تقبل التعهدات الملزمة بخفض الانبعاثات،
ً باتخاذ إجراءات أكثر شدة ً ضد الصين بسبب »سرقة« الوظائف ظلما.
توجد شكاوى متزايدة في بعض البلدان النامية من أن الصين تستولي على مواردها بثمن
وتجلب الموظفين الصينيين بدلا من الاعتماد على عمال البلاد الأصليين؛
ً علامات تحذيرية أيض َ ا على أن التركيز الضيِّ َق َ أكثر من اللازم على المصلحة الذاتية ربما
َّ يتحول إلى إفشال للذات.
تحتاج القيادة الصينية إلى الاقتناع بأنه من مصلحتها إعادة النظر في مواقفها؛
تَ ُع ِد ْ الصين تتمتع برفاهية وضع سياساتها بمعزل عن بقية العالم؛
ٍّ التحديد هو أنها قوية جدا،
بَ ِ الغة بحلفائها المزعومين في العالم النامي.
ٍ الحفاظ على عملة رخيصة على نحو ً مصطنع وتجميعها رصيد ً ا ضخما يزيد عن تريليونَ ْي
َ الطبيعية من البلدان النامية.
تشجيع المعارضة الداخلية المتزايدة من مواطنين أصبحوا أفضل على المستوى التعليمي
وزادت متطلباتهم على الصعيد السياسي.
سياساتها تحتاج للتغيير من أجل تجنُّب مواجهة مجتمع دولي متزايد العداء ومواطنين
يكمن الأمل في أن الصين ربما تصبح في المستقبل القريب مستعدة لقبول »صفقة
ُ أن توافق الصين على قبول أهداف وجداول زمنية ملزمة قانونً ِّ ا للحد من انبعاثات غازات
قصيرة نسبيٍّ ً ا — خمس سنوات مثلا — قبل فرض تخفيضات أكثر حدة في الانبعاثات،


النص الأصلي

تحد ُّ ي تغير المناخ
َّ المحبط تكتنفه الشكوك، ولكنه لم يزعج الكثيرين في مجموعة المنكرين، بينما ولد بالتأكيد
مخاوف كبيرة وأطلق صرخات يأس من كثير من أنصار حماية البيئة. ونتيجة لذلك،
سعى بعض الأشخاص من كلا الجانبين إلى إعادة تأطير الجدل الدائر، وذلك بصياغة
خطاب جديد من شأنه اجتذاب الدعم من الجانب الآخر.
يمكن وصف بعض جهود إعادة التأطير بأنها تراجع تخطيطي أو إدراك من
السياسيين الواقعيين لما يلزم للحصول على أصوات كافية. ومن ثَ َ م رفض عضوا مجلس
َ الشيوخ جون كيري وباربرا بوكسر — بناءًعلى نصيحة استطلاعات الرأي — استخدام
ُّ مصطلحات الاحترار العالمي أو تغير َّ المناخ في مشروع القانون الأخير الذي تقد َما به،
ً ووصفاه بدلا من ذلك بأنه محاولة »إعادة سيطرة أمريكا مرة أخرى على مستقبل الطاقة
لدينا، والتأكيد على الريادة الاقتصادية الأمريكية وقدرتها على المنافسة، وحماية عائلاتنا
من التلوث، وضمان أمننا القومي«. 16ويَ ِع ُد مشروع القانون — الذي لم يُ َ صد ُ ر بعد —
ً أيضا »بإجراءات حدودية قوية« ضد الدول التي لا تلتزم بخفض انبعاثات غازات الدفيئة،
وبينما يَ ِع ُد ٍّ مشروع القانون بحد أدنى من الخفض يصل إلى ٪٢٠في مستوى الانبعاثات
َّ في عام ،٢٠٠٥فإن كيري وبوكسر أك َدا على أن أقل من ٪٢من الشركات الأمريكية فحسب
سوف تتأثر بهذا الخفض. باختصار، أعاد العضوان تأطيرَ النقاش بلغة الأمن القومي،
وبخلق فرص العمل، والحماية من المنافسة المحتملة غير العادلة؛ والآثار الضئيلة لمشروع
القانون على أنماط الحياة أو مستويات المعيشة.
ً حاول أيض ُّ ا المشككون في تغير ُ المناخ أو م ِّ نكروه أو »الواقعيون« )كما يفضلون أن
يُ َ طل َ ق عليهم الآن( إعادة تأطير النقاش، وهم مجموعة متنوعة للغاية ذوو مواقف متنوعة
ٍّ جد ً ا، كما ذكرنا سابقا. أحد المواقف المتطرفة — يمثله البروفيسور إس فريد سنجر —
َّ يشير إلى أن مناصري حماية البيئة »لا يمتلكون أي أدلة على الإطلاق.« 17ومع ذلك،
ً فإن كثيرين من مجموعة المشككين لا يواصلون إنكار أدلة الاحترار، ولكن بدلا من ذلك
يؤكدون على أن محاولة التعامل معه من خلال تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون
ستكون مكلفة للغاية، وسوف تزيد بالفعل من إفقار البلدان النامية )بما في ذلك الصين
والهند.( 18وهذا بطبيعة الحال تخطيط ذكي لإعادة التأطير بسبب المخاوف الاقتصادية
ٍّ السائدة في كل ً من البلدان المتقدمة والنامية. وصحيح أيضا أننا سوف نظل معتمدين على
الوقود الكربوني لعقود قادمة، وأن مصادر الطاقة المتجددة قد لا تتلقى التمويل الضخم
ً اللازم لتصبح بديلا مجديًا، وأن الفحم سيواصل — والمتوقع أن يواصل — كونه خيار
الوقود الأرخص بالنسبة للصين والهند والكثير من البلدان النامية الأخرى.
240آفاق ما بعد كوبنهاجن
ً لا شك في أن التعامل مع تغير المناخ سوف يكون مكلف ٍّ ا جدا، لدرجة أنه سيلزم
زيادة الإنفاق على البحث والتطوير في مجال مصادر الطاقة المتجددة زيادة ضخمة وفي
وقت قريب، وأن التكيف مع مستويات الاحترار العالمي القائمة يتخطى قدرات البلدان
النامية دون وجود تحويلات كبيرة من الموارد. وبسبب الشكوك المتعددة حول المستقبل،
فإن معظم تقديرات التكاليف في أحسن الأحوال تقديرات تقريبية مبدئية. 19ومع ذلك،
برغم أن الأرقام تبدو ضخمة، فإنها جزء صغير ويمكن التحكم فيه من الناتج الاقتصادي
ِّ العالمي. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذا الإنفاق يقد ً م أيض ً ا مجموعة متنوعة من الفوائد
ً من حيث فرص العمل وجودة الحياة وأمن الطاقة. ووفقا للأكاديمية الوطنية للعلوم،20
فإن تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة من تلوث الهواء وحده تصل إلى حوالي
١٢٠مليار دولار سنويٍّا، وعند ضرب هذا الرقم في حوالي ٢٠٠بلد، فإن التكاليف يمكن
ً أن تكون صاعقة. ومن الواضح أن البلدان الفقيرة ستستفيد أيضا إذا أنشئت سوق
للكربون معتمدة على تحديد وتداول الانبعاثات، مع أن استثمار القطاع الخاص سوف
يظل ضروريٍّا. 21وأخيرً ً ا، يجب أيض َ ا مقار ُ نة التكاليف الاقتصادية مع التكاليف الأكبر
بكثير لعدم الإنفاق؛ لتجنُّب ما يمكن أن يكون سلسلة مترابطة من الكوارث المناخية.22
إن خوف فقدان الوظائف والدخل والمنازل على المدى القصير قد سيطر على أمل
الحصول على فوائد طويلة المدى من إنشاء اقتصاد طاقة جديد، ومن الصعب في هذه
الظروف تجنُّب الخلوص إلى أنه على الأقل في هذه الحالة كانت الغلبة لإعادة التأطير
ِ السلبية. ربما كان العلماء في المجتمع البيئي ساذجين للغاية بشأن مدى فاعلية الأدلة
ِّ العلمية في مناظرة سياسية-أيديولوجية تركز كثيرًا على الوقت الراهن مع وجود جمهور
لا يزال تقريبً ٍ ا غير مبال ً — أو جاهلا — بالمخاطر الطويلة المدى. ففي غضون عشر
ُ أو عشرين سنة ربما يوفر اقتصاد ٍ طاقة ٌ جديد َ فوائد اقتصادية ضخمة وزيادة في أمن
الطاقة، ولكن في السنوات القليلة المقبلة قد تكون التكاليف الانتقالية مرتفعة، وربما يفقد
البعض وظائفهم أو تنتقل الوظائف إلى أماكن أخرى، وربما يحدث مزيد من الاضطرابات
ُ الاقتصادية في المستقبل القريب، وربما يستمر الاعتماد على م ِّ وردي النفط الاستبداديين
َّ غير الجديرين بالثقة. وسيتفو ً ق دائم ُ ا الخوف من الخسارة على المدى القصير على وعود
الفوائد المحتملة على المدى الطويل، لا سيما إذا أضعفت تلك المخاوف نفسها الالتزام
بالعدالة بين الأجيال.
ً مجددا، إعادة التأطير ضرورية، ولكن إحدى الصعوبات الواضحة تكمن في أننا في
ِ حقبة ً ما بعد كوبنهاجن، وثمة شكوك كبيرة حول أفضل سبيل للمضي قدما. ونحن
241ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
ً أيضا في عصر الأزمات المرتبطة المتعددة الأبعاد التي يمكن أن يتغذَّى بعضها على بعض
وتستهلك الموارد الشحيحة. ومن ثَ ِّ م، لكي يكون لأي إطار جديد فرصة للنجاح يجب أن
يؤكد على هذه المجموعة المعقدة للغاية من الظروف: ما يمكن وما لا يمكن القيام به على
الصعيد الدولي، وما يمكن وما لا يمكن للبلدان الأخرى القيام به محليٍّا، ومن المحتم على
كل بلد — لا سيما على كبرى البلدان المسبِّبة للتلوث الآن وفي العقود القليلة القادمة —
تطوير عملية سياساتية تبدأ في وضع سياسات فاعلة بأسرع وقت ممكن؛ سياسات يمكن
ً أن تكون أساسا للتعاون الدولي إن كان ذلك ممكنً ِّ ا، وتوفر درجة معينة من الحماية إذا
استمر التعاون في التعثُّر. الإجراء الوطني لا يستطيع وحده التعامل مع الاحترار العالمي،
ولكنه خطوة أولى ضرورية.
سوف تكون الاقتراحات حول كيفية التعامل مع الاحترار العالمي فيما بعد كوبنهاجن
َّ أسهل بكثير إذا ما تمكنَّا من فهم مجموعة من الاتجاهات أو التطورات التي تشير لاتجاه
واضح. فنريد في الجزء التالي مناقشة بعض العقبات الرئيسية أمام وضع سياسات
فاعلة تتناول الاحترار العالمي: السياسات الدولية الصينية، والرأي العام وغيرها من
ِ القيود السياسية في الولايات المتحدة، والمواقف والسياسات المعتمدة من قبَل معظم البلدان
النامية. فمع ذلك، ليس من الممكن أو المعقول مناقشة هذه الأمور بمعزل عن الاتجاهات
والتطورات الأخرى التي تحدث — أو قد يُ َ نظر إليها على أنها تحدث — في الساحة
ُ الدولية. ببساطة، لا ينبغي للصين أو الولايات المتحدة أو البلدان النامية وضع السياسات
بمعزل عن الآخرين. وما يلي ذلك يعرض قائمة موجزة باتجاهات وتطورات ما بعد
كوبنهاجن الإيجابية وغير الإيجابية، مع ميزة قوية بإمكانية عكس بعض هذه الاتجاهات
أو التطورات بسرعة، إذا تعافى الاقتصاد العالمي من الركود، على سبيل المثال. والمقصود
في المقام الأول من القائمة أن تكون بمنزلة إطار أو خلفية للمناقشة السياسية التالية.
) (3الأخبار الجيدة والأخبار السيئة
ً أولا: الأخبار السيئة. من الواضح أن فشل كوبنهاجن هو التطور السلبي الأبرز، مع
ِ أن آثاره تخففت من خلال الوعي قبل المؤتمر بوقت طويل بأن التوصل لاتفاق ملزم
حول أهداف وجداول زمنية لن يكون ممكنًا. ومع ذلك، ربما تكون الاستجابة السياسية
والعامة الصامتة للغاية نحو الفشل منذرة بسوء أكبر؛ فاحتمال وجود استجابات قوية
ِّ حيال الاحترار العالمي منخفض للغاية من دون ضغوط من القاعدة. وعلى أي حال، الدعم
242آفاق ما بعد كوبنهاجن
الشعبي المحدود لسياسات الطاقة والسياسات البيئية أمر بالغ الأهمية بحيث سنعود إليه
مرة أخرى.
كانت الصين الفائز على المدى القصير في كوبنهاجن، ولكن استراتيجيتها على المدى
ً الطويل غامضة؛ لأنها تعاني أيضا بشدة من التدهور البيئي، ولكن لا تبدو على استعداد
لاتخاذ إجراءات قوية لتفادي النتائج الأسوأ أو للتعاون من أجل التوصل إلى اتفاق دولي
ِ ملزم. كان مخيِّبً ً ا للآمال أن الصين لم تعدل من سياستها وأنها لم تتخذ دورا قياديٍّا؛
ً إذ إنها ارتقت بسرعة في التسلسل الهرمي للدول. فسياساتها أساسا تشبه كثيرًا إحياء
المركنتيلية: السعي لتحقيق المصالح الوطنية المحدودة، والاستيلاء على الموارد الخارجية
مة
ِ الطبيعية، ومحاولة كسب أسواق التصدير بأي تكاليف، ورفض قبول التعهدات الملز
ُّ التي تحد َّ من إجراءاتها على المستوى الوطني. ويمكن أن يتهدم استقرار النظام الدولي
ِّ إذا فرضت سياسات الصين على الآخرين أن يحذوا حذوها، مما يولد دائرة خطيرة من
الصراع. فالنظم الدولية تعمل على نحو سيئ إذا لم يكن القادة على استعداد للتضحية
ببعض المكاسب القصيرة المدى من أجل نشر الأمن والرخاء في الدول الأضعف. في الواقع،
ً ستواصل الدول — وينبغي عليها — السعي لتحقيق المصالح الوطنية، ولكن ينبغي أيضا
تجنُّ ِّ ب السياسات التي تهدد الاستقرار والرخاء الدوليين. ومن الأمثلة المعروفة لمثل هذا
السلوك ما فعلتْه الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، عندما دعمت النظم المالية
َ والتجارية لليابان وألمانيا المهزومتين؛ بحيث يمكن أن تصبحا بسرعة حليفين قويين ضد
الاتحاد السوفييتي. وللأسف، لا ترى الصين حتى الآن مسئولياتها في هذا السياق؛ فيبدو
أنها تعمل فقط من أجل تحقيق مصالحها قصيرة المدى.23
ِ في ظل غياب التوصل لاتفاق ملزم في كوبنهاجن لبدء خفض الانبعاثات بسرعة، تَ َّ وقع
ً تقرير صدر مؤخرا عن الوكالة الدولية للطاقة في باريس ً 24ارتفاع ً ا شديدا في استهلاك
الطاقة في العقود القليلة القادمة؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع كارثي في درجة الحرارة يصل إلى
َّ ٣درجات مئوية ) ٥٫٤درجات فهرنهايت.( وبينما يسر الركود الحالي تحقيق انخفاض
ً بنسبة ٪٣في الانبعاثات هذا العام، فإن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع ارتفاعا بنسبة ٪٤٠
بحلول عام ) ٢٠٣٠نصف هذه الزيادة من الصين وحدها، وكثير من النسبة المتبقية من
البلدان النامية الأخرى،( وزيادة بنسبة ٪٧٦في الطلب على الكهرباء في الفترة نفسها،
والتي سيَنتج جزء كبير منها من حرق الفحم. وخلص التقرير إلى أن كل عام من التأخير
ِ في التوصل إلى اتفاق ملزم سيتطلب في نهاية المطاف ٥٠٠مليار دولار إضافية سنويٍّا
243ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
لخفض الانبعاثات. وتماديً ً ا في الاتجاه الخاطئ، حدث أيض ٌّ ا انخفاض حاد في استثمارات
شركات النفط الكبرى وغيرها في مجال الطاقة المتجددة. 25والبلدان التي تحاول تقييم
مدى توافر إمدادات النفط والغاز على المدى المتوسط واحتمالات حلول مصادر الطاقة
ً المتجددة محلها، بعدما ترى ذلك، ستكون أكثر ترددا حيال التغيير، وهذا — بناءًعلى
ِّ ذلك — يعزز الجهود التنافسية للسيطرة على الإمدادات )كما هي حال الصين،( ويشجع
على انخفاض الاستعداد للتعاون أو وضع المصالح المشتركة الطويلة المدى بعين الاعتبار.
مع ذلك، يوجد عامل سلبي محتمل آخر. طالما بَ َدا الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة
ً عند مستو ً ى أقل من درجتين مئويتين ) ٣٫٦درجات فهرنهايت( هدف ٍّ ا شاقا؛ بسبب أن
ٌ التخفيضات المطلوبة في نصيب الفرد من الانبعاثات صعبة للغاية. فذلك يتطلب الحد
من الانبعاثات الكلية للفرد إلى حوالي طنَّ ْين، ولكن المستويات الحالية في الولايات المتحدة
حوالي ٢٤–٢٠طنٍّا للفرد الواحد، وفي أوروبا نحو ١٠آلاف طن، وفي الصين حوالي ٥
ِّ أطنان وتزداد بسرعة. وتخفيض هذه الأرقام في أي فترة قصيرة المدى نسبيٍّ ً ا — مثلا
ٌ السنوات ٢٠–١٠القادمة — صعب ً للغاية، وربما يكون مستحيلا إذا استمرت الصين
ِ والدول النامية الأخرى في رفض قبول التخفيضات الملزمة. وعلاوة على ذلك، فإن وسائل
تحقيق هذه التخفيضات — القوانين الحكومية وتسعير الكربون وأساليب الدعم المختلفة
— غير مؤكدة الآثار حتى الآن، والتكاليف المتوقعة للعمل من أجل الحفاظ على ارتفاع
ً درجة الحرارة عند مستوى أقل من درجتين مئويتين تتطلب ما يقرب من تريليون دولار
26
سنويٍّا لفترة طويلة، وسينفق حوالي نصف هذا المبلغ في البلدان النامية.
مهما كانت دقة تقديرات التكلفة أو تقديرات آثار ارتفاع درجة الحرارة فوق درجتين
مئويتين، فإن المشكلة هي أن وضع مثل هذه الأهداف الصعبة على المدى القصير بهذه
التكاليف الشديدة قد يؤدي إلى الركون إلى القدرية أو اللامبالاة أو الإنكار، ناهيك عن
َّ المخاوف بشأن التبعات الاقتصادية السلبية. وقد قدر نيكولاس ستيرن تكاليف تحقيق
هذه الأهداف بحوالي ٪١من الناتج المحلي الإجمالي سنويٍّ ً ا، ولكن نظر ُ ا لأوجه عدم الكفاءة
في العملية السياساتية، فإن هذا قد يكون أقل من الواقع. 27ليست المبالغ المالية غير
معقولة من الناحية الاقتصادية أو الفنية، لكنها ربما تكون غير مجدية سياسيٍّا في البيئة
السياسية والاقتصادية الراهنة في الولايات المتحدة وفي كثير من البلدان الأخرى، على الأقل
ٍّ حتى تتغير وجهة نظر كل ُّ من الرأي العام والكونجرس حيال تغير المناخ.
ٌّ إن الفشل في إقناع الدول النامية بأن موقعها التفاوضي مختل؛ يمثِّ ً ل عاملا سلبيٍّا
َ آخر. فركزت هذه البلدان على الحجج القائلة بأنها لم تسبب مشكلة الاحترار العالمي، وأنها
244آفاق ما بعد كوبنهاجن
ً هي الأكثر عرضة لآثاره، وأنها تستحق تعويضا كبيرًا عن أخطاء الماضي التي وقعت فيها
البلدان المتقدمة لتتفادى الأضرار الكارثية إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع. كما
تُ ُّصر ً أيض ٍّ ا على أن الانبعاثات للفرد الواحد — والتي من الواضح أنها منخفضة جدا في
البلدان الفقيرة — هي المعيار الصحيح، وليس الكميات المطلقة التي بدأت تزداد في بلدان
ِّ كثيرة. بعض هذه الحجج صحيح، وتوجد في أي ِ حال أسباب أخلاقية وعملية لتقديم أكبر
ٍ قدر ممكن من المساعدة للبلدان النامية، بغض النظر عن كيفية توزيع التهم.
َّ إن الحجج التي قدمتها البلدان النامية والتي تستمر في تقديمها قوية عاطفيٍّا
ً وتعكس شعور ً ا شديدا بالظلم، ولكنها لا علاقة لها بالأمر تقريبًا؛ فأيٍّا كان المتسبب في
المشاكل الحادة التي سببها الاحترار العالمي والتي لا يزال يواصل التسبب فيها، فإن
المعضلة التي نواجهها الآن هي أن التعويضات عن أخطاء الماضي — سواء كانت مبررة
َّ أم لا — تلهي عم َّ ا يجب القيام به؛ فينبغي لكل دولة التحرك بغض النظر عمن تسبَّب
َّ في هذا الموقف أو عمن من المتوقع أن يبقينا فيه. وهنا ينطبق القول الشائع: إذا لم
ٍّ نتعلق بعضنا ببعض، فإن كلا منا سيُ َّ عل َ ق على حدة. فالاحترار العالمي يتجاهل الحدود،
ُ وانبعاثات ٌ البلدان النامية آخذة ٍّ في الارتفاع على نحو حاد وسوف تشكل الغالبية العظمى
من الانبعاثات في المستقبل. إن الزعم بأن احتياجات التنمية سوف يكون لها الأولوية
ً على حساب الاحتياجات النظامية، بل يجب أن تكون كذلك، ربما يمثل حججا مثيرة على
ً المستوى السياسي والاقتصادي والعاطفي، ولكنها أيضا حجج خطيرة. وستفشل مناشدات
تحويل الموارد الضخمة — مع أنها قد تكون مفيدة للطرفين — ما لم تكن البلدان النامية
ً أيضا على استعداد لاتخاذ إجراءات جدية قابلة للمراقبة لكبح جماح انبعاثاتها. إن الجميع
ِّ أطراف أصيلة في المشكلة، ولا يمكن الاستغناء عن أي طرف في الحل، والانتفاع بالمجان
لن يكون كافيًا.
ً نظرا لفشل الكثير من مشاريع المساعدات في الماضي، فمن غير المتوقع زيادة
تحويلات الموارد الكبيرة إلا إذا أظهرت البلدان النامية أنها جادة في تنفيذ سياسات الحد
من الانبعاثات، وليس إذا رفضت اتخاذ إجراءات حتى حصولها على تعويضات. إضافة إلى
ِّ ذلك، فإن مطالبها بتلق ِ ي المساعدات دون شروط الشفافية والمساءلة تبعث على الشك في أن
الكثير من المساعدات تذهب للفاسدين، أو ستتحول نحو احتياجات أخرى لا تتعلق بالحد
من الاحترار العالمي. وللأسف لم تتواجد تقريبً ُّ ا أي علامة في كوبنهاجن على أن البلدان
ُ النامية كانت راغبة أو قادرة على إعادة التفكير في المواقف المتأصلة والم ْرضية عاطفيٍّا
245ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
ِّ والمتساهلة من ناحية التغييرات السياساتية. ويجب أن ترك ُ ز نقاط الضعف الحادة التي
َ تواجهها الاهتمام على الإجراءات العملية الفورية، ولكن استمرار الهيمنة في الكثير من
الحالات من جانب حكومات ضعيفة وعديمة الكفاءة يميل لإبقاء التركيز على البقاء في
السلطة، وليس الاستثمار بكثافة في مشروعات للتكيف مع التهديدات الحالية والناشئة.
ً ندرك جميعا أن السياسة الداخلية قد تكون العقبة الأصعب في التغلب عليها إذا كنَّا
بصدد وضع عملية سياساتية فاعلة للاحترار العالمي، وربما يكون أداء الرئيس أوباما
في كوبنهاجن مخيِّبً ٍ ا لآمال كثير ً من الناشطين في مجال البيئة، ولكنه كان متفوقا كثيرًا
َ على موقف إدارة بوش. فيبدو أنه ف َع َل َّ كل ما باستطاعته دون بدء صراع داخلي مع
الكونجرس. وتشير الأحداث السياسية الأخيرة إلى أن الرئيس أوباما ربما يكون مقيَّ ًدا
ٍ بشدة ِ أكبر بعد انتخابات التجديد النصفي لعام ٢٠١٠؛ فقرار التقاعد من قبَل العديد من
الديمقراطيين البارزين من أعراض المشاكل المحتملة الأعمق. وكما كتب زيليني وناجورني،
»ربما تجتمع دفعة محافظة ضد جدول الأعمال الطموح للرئيس، مع انتعاش بطيء من
الركود العميق، مع تفشي الشعبوية بغضب« لتؤدي لمكاسب كبيرة للجمهوريين في سباق
انتخابات الكونجرس هذا العام. 28وعلاوة على ذلك، يعني الاستقطاب الحاد والبغيض
الذي أصبح مميِّ ًزا للجدل السياسي في الولايات المتحدة أن السياسات ستُ َ ناقش وتُ َ دعم أو
تُ َ رف ٍ ض ليس لمزاياها أو لعيوبها، ولكن ببساطة ِ على أساس َمن يدعمها أو يتبنَّاها. ومن
ِّ الواضح أن هذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل التشريعات البيئية واحتمالات النجاح في
مؤتمر مكسيكو سيتي في العام المقبل. ولكن مزاج الناخبين متقلب، والانتخابات لا تزال
على بُ ْع ُّ د أشهر، وتوق ً ع نتائج سلبية قد يكون سابقا لأوانه؛ ولم يَ ِض ْع كل شيء حتى الآن.
ً ولإعادة التوازن للوضع، توجد بعض الأخبار الجيدة أيضا على جبهتَي التكنولوجيا
والأعمال؛ حيث جرت بعض الأشياء التي ربما تزيد احتمالات حدوث استجابة سياساتية
ُ تتسم بالفاعلية والكفاءة، إذا آتى ثمارها أُ ُك َل ِّ ه قبل أن تقوض النزعات والتطورات السلبية
َّ أي محاولات للتعاون. وأحد هذه الأخبار هو أن التقنية الجديدة للاستفادة من الإمدادات
التي كان يتعذَّ ً ر الوصول إليها سابقا من الغاز الطبيعي من الصخر الزيتي، من المرتقب
ِ أن تزيد احتياطيات العالم من أنظف وقود حفري زيادة كبيرة. وتقديرات الإنتاج المستقبلي
هائلة؛ إذ ترتفع من الزيادة المتواضعة البالغة ٪٢٠من احتياطيات العالم المعروفة إلى
٪١٦٠؛ ما يبرر عبارة دانيال يرجين بأن هذه الطريقة الجديدة لاستخراج الغاز »هي
أكبر ابتكار في مجال الطاقة في هذا العقد«. 29توجد نقطتان مهمتان هنا: فعند إنتاج
246آفاق ما بعد كوبنهاجن
ً المزيد من هذا الغاز واستبداله بالفحم، فإن الاحترار العالمي يمكن أن ينخفض انخفاضا
ٍّ حاد ً ا، ويمكن أيض ِّ ا أن يقل ِ ل الاعتماد على منت َج ِ ي النفط والغاز غير الموثوق فيهما —
روسيا وفنزويلا — وهو مكسب سياسي واقتصادي كبير لأوروبا والمستوردين الآخرين.
ً ومع ذلك، ينبغي التأكيد على أنه ستوجد حاجة إلى استثمارات ضخمة مقدما، ويحتمل
أنها ستطغى على الاحتياجات الاستثمارية الأخرى، وأنه من المحتمل أن يمر أكثر من عقد
ً قبل أن تصبح هذه الإمدادات الجديدة متاحة على نطاق واسع.
َ ثمة تطور واعد آخر هو ظهور المنافسة بين منتجي الطاقة، وتوجد مصالح متشعبة
حديثًا بين منتجي الغاز الطبيعي ومنتجي النفط وصناعة الفحم. وتواجه مرافق الكهرباء
خلافات داخلية حول استخدام الفحم أو طاقة الرياح، وبالطبع تبحث صناعة الطاقة
ِّ المتجددة عن ميزة تذلل لها التفوق على كل مصادر الطاقة الأخرى. 30إضافة إلى ذلك، فإنه
ً من الأهمية بمكان أن عددا من الشركات القوية في الولايات المتحدة — مثل جنرال إلكتريك
ً وباسيفك جاز — انسحبت من غرفة التجارة؛ احتجاج َ ا على معارضة الغرفة فرض
تشريعات قوية لمكافحة الاحترار العالمي. أما التطورات الأخرى في هذا الاتجاه فتحيطها
الشكوك؛ إذ تعتمد بقوة على سعر النفط في المستقبل؛ ومن ثَم تأثيره على الاستثمارات في
مصادر الطاقة المتجددة، والعلاقات بين منتجي النفط، ومعدلات النمو الاقتصادي.
َ وقبيل مؤتمر كوبنهاجن مباشر ًة، أعلنت وكالة حماية البيئة الأمريكية أن غازات
ِّ الدفيئة تشك ً ل خطرا على صحة الإنسان والبيئة؛ ومن ثَ ً م يفتح هذا مجالا لإمكانية السيطرة
ِّ على الانبعاثات من خلال إجراءات تنظيمية حكومية، وبذلك يتم تخطي الحاجة لإجراءٍ
ِ ٍ مباشر من الكونجرس. 31َّ ومع ذلك، فإن الطريق المفضل لخفض الانبعاثات هو من خلال
ً العملية التشريعية؛ نظر ً ا لأن الإجراءات التشريعية بطبيعتها أكثر قوة ً وأكثر صعوبة في
ً التراجع عنها. وعلاوة على ذلك، اعتمادا على حجم وتشكيل التصويت على مثل هذا الإجراء،
ً من المتوقع أن يبدو أكثر شرعية ُّ وأقل تحزبًا. وينبغي الإشارة هنا إلى أن بُ ْع ًد ً ا جديدا
أُ ِضيف إلى الدور الحكومي في جدل تغير المناخ. وفي الدعاوى القضائية الأخيرة، قضت
محكمتا استئناف فدراليتان في الولايات المتحدة بأنه يمكن المضي في الدعاوى القضائية
الخاصة بتغير المناخ. 32وفي ألاسكا وكونيتيكت وميسيسيبي يقدم أصحاب الأملاك دعاوى
َّ ضد منتجي الطاقة مد ِع َّ ين أنهم تضرروا جراء الاحترار العالمي، ويسعون للحصول على
تعويضات. وطريقة التعامل مع هذه القضايا ليست واضحة، ولكن يقارنها البعض
بالدعاوى الأولى ضد شركات التبغ والأسبستوس. وفي الواقع، إذا تقدمت هذه الدعاوى في
247ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
المحاكم كما فعلت دعاوى التبغ والأسبستوس الأولى، فإنه ربما يتضح أن القضاء الأمريكي
ً أكثر فاعلية في خلق تغيير من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية.
ً وقد لاحظنا بالفعل عدد ً ا قليلا من التطورات الإيجابية الأخرى مثل الاتفاق )المؤقت(
بشأن إزالة الغابات في كوبنهاجن، ومثل ظهور إدارة جديدة في الولايات المتحدة لا تنكر
ً الاحترار العالمي ببساطة أو تتجاهل ضرورة التعاون أو تعتقد أنه يمكنها المضي قدما
ُ بمفردها. ولكن حتى حسن النية لدى إدارة أوباما لم يكن كافيًا؛ لأن الإدارة مقيَّدة بما
يمكن أن يحصل في الكونجرس في فترة مشحونة للغاية.
لا بد من الاعتراف عند تقييم قائمة الاتجاهات والتطورات الجيدة أو السيئة المحتملة
ُ تلك أنه في الوقت الحالي السلبيات ٍ تفوق بشدة الإيجابيات، ويمكن أن تمنع بالفعل
الاستجابة للاحترار العالمي في الوقت المناسب. الاتجاهات والتطورات الإيجابية أضعف
ِ ومؤقتة بشكل أكبر، وقد لا تمثل أهمية كبيرة إذا ظلت الصين مقاو ً مة لاتخاذ إجراء ملزم
قانونً ِ ا، وظلت الولايات المتحدة مقيدة من قبَل الكونجرس، مع غياب الدعم الشعبي.
من الواضح أن رهانات الجدل حول تغير المناخ ضخمة. فإذا حدثت أسوأ التوقعات،
يمكن أن يصبح النظام الدولي فوضويٍّا وغير مستقر على نحو خطير، ولكننا نعتقد
ً سنة لتفادي الأسوأ. وربما تظل التغييرات الأقل مسببة٢٠ أو١٠ أنه لا يزال لدينا
لمشاكل هائلة في التكيف والتعديل، لكنها يمكن أن تكون خاضعة للسيطرة، فلا يوجد
شيء ثابت: مصير هذا الكوكب ومصير الدول ومصير المواطنين أغنياءَوفقراء.َ المشكلة
ْ الكبرى هي سرعة الاستجابة؛ أي مدى جودة وسرعة استجابة الدول والمؤسسات الدولية
للتحديات المعقدة والمتعددة الأبعاد واللانهائية. ومع ذلك، لم تستجب الدول والمؤسسات
الدولية على نحو فاعل؛ بسبب أن تهديدات الاحترار العالمي لا تبدو فورية أو واضحة أو
ُم ِ قن َعة مثل غيرها من التهديدات المكلفة، ولأن المنكرين والمشككين أعادوا تأطير الجدل
لتبرير التقاعس عن اتخاذ إجراء. ويبدو أنه توجد ثلاثة أمور ستحدد إن كنَّا سننجح
أو سنفشل في استجاباتنا السياساتية: ) (١سياسات الصين. ) (٢موقف العالم الثالث.
) (٣عدم القدرة على الحصول على تأييد الرأي العام والكونجرس لسياسات قوية في
الولايات المتحدة. وهذه هي الموضوعات التي سنتناولها في الأجزاء التالية.
) (4مشكلة الصين
بدأت الصين الاستثمار بكثافة في مجال تكنولوجيا الطاقة الجديدة في أوائل هذا القرن
ُّ الجديد، ثم ضاعفت جهودها في عام ،٢٠٠٦مع التركيز القوي على التقد ً م سريعا في
248آفاق ما بعد كوبنهاجن
تكنولوجيا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. بدأت الصين في إنفاق نحو ١٠٠مليار دولار
سنويٍّا على التكنولوجيا الخضراء، وهو ما يساوي ميزانيتها العسكرية، وهذا يعكس
ُ تعليمات الرئيس هو جينتاو بأنه »يجب على الصين اغتنام ف َرص الأسبقية في الجولة
الجديدة من ثورة الطاقة العالمية«. 33واستهدفت حزمتها من تدابير التحفيز إنفاق
٪٣٨على التكنولوجيا الخضراء، كما أنها تهدف إلى زيادة توليد الطاقة من الطاقة
ً الشمسية وطاقة الرياح زيادة ً كبيرة بحلول عام .٢٠٢٠ونظرا لحماية الصين للصناعات
َ الجديدة، وتوفيرها للعمالة الرخيصة، والعدد الهائل من خريجي الهندسة الذي يتدفق
من جامعاتها، وسوقها المحلية المنغلقة؛ فإن الانتقال إلى الاستثمار بكثافة في تكنولوجيات
الطاقة المتجددة يَ ِعد بالهيمنة على أسواق التصدير، وربما كسب عوائد ضخمة ومتنامية.34
من الواضح أن القيادة الصينية — التي تتضمن الكثير من الأفراد ذوي التدريب
الفني — تأخذ الاحترار العالمي على محمل الجد، ولكن مع ذلك كانت استراتيجيتها في
ْ كوبنهاجن هي رف َض قبول الأهداف والجداول الزمنية الملزمة قانونًا للحد من الانبعاثات،
ً بل إنها منعت أيض َ ا الموافقة على هذه الأهداف والجداول الزمنية من الدول الأخرى. ويبدو
أن استراتيجية الصين الداخلية، المركزة على النمو السريع بتوجهات مركنتيلية قوية، تُ ِ لقي
ِّ بظلالها على أي ْ ميول نحو التعاون الدولي. ومن المناسب إذن َّ أن نسأل عما يمكن عمله
ُّ — إذا كان يوجد أي شيء — لتغيير السلوك الصيني؛ بحيث يُ ِ ولي ً اهتماما أكبر إلى نتائج
التعاون المفيدة لجميع الأطراف، وليس إلى الميزة التنافسية فحسب.35
ً أحد المداخل إلى هذا الموضوع هو أن نسأل أولا ما هي نقاط ضعف الصين إذا ما
ُّ استمرت في مسارها الحالي. أهم ِ هذه النقاط ربما يكون التهديدات َ البيئية الداخلية للصين
التي ستَتَ َ فاقم عندما تؤدي زيادة حرق الوقود الحفري إلى تغير المناخ. تشهد الصين
َ حركة ٍ انتقال ً حادة للسكان من الريف إلى المناطق الحضرية، وهو تغيير من شأنه أن يزيد
الطلب على الطاقة والاعتماد على إمدادات النفط الأجنبية والمشاكل المصاحبة لأمن الطاقة،
وقد يكون من المتوقع أن يروا تلوثً ً ا للهواء وتآكلا ً للتربة ومزيجا من الفيضانات في بعض
ُّ المناطق والجفاف في مناطق أخرى؛ عندما تبدأ أنماط هطول الأمطار في التغير. وستتطلب
ٍ هذه الأحداث على أقل تقدير زيادات ً كبيرة في النفقات الصحية والعلاجية، وربما تسبِّب
36
َ في نهاية المطاف ارتفاع مستويات المعارضة الداخلية وعدم الاستقرار.
َّ علاوة على ذلك، لما كانت الصين قوة ناشئة في العالم، فإنها تحتاج إلى موارد وأسواق
ً خارجية، وربما تجد صعوبة في الحصول على الاثنتين إذا ما بدا للعالم أنها تتصرف
249ِّ تحد ُّ ي تغير المناخ
من جانب واحد دون أدنى اهتمام بالرأي العالمي. تستفيد الصين كثيرًا من الفرص
المتاحة في نظام تجاري دولي مفتوح، ولكن النظام يمكن أن يبدأ في الانهيار إذا لم
ِ يستف ْد ً شركاؤها التجاريون أيضا، ويمكن للمرء أن يرى بالفعل بوادر المقاومة المتمثلة في
ٌّ الإجراءات التشريعية التي اتخذتها كل من الولايات المتحدة وفرنسا لفرض رسوم جمركية
ِ على صادرات البلدان التي لا تقبل التعهدات الملزمة بخفض الانبعاثات، والمطالبة الشعبية
ً باتخاذ إجراءات أكثر شدة ً ضد الصين بسبب »سرقة« الوظائف ظلما. علاوة على ذلك،
توجد شكاوى متزايدة في بعض البلدان النامية من أن الصين تستولي على مواردها بثمن
ٍّ بخس جد ً ا، وتجلب الموظفين الصينيين بدلا من الاعتماد على عمال البلاد الأصليين؛ وهي
ً علامات تحذيرية أيض َ ا على أن التركيز الضيِّ َق َ أكثر من اللازم على المصلحة الذاتية ربما
َّ يتحول إلى إفشال للذات.
تحتاج القيادة الصينية إلى الاقتناع بأنه من مصلحتها إعادة النظر في مواقفها؛ فلم
تَ ُع ِد ْ الصين تتمتع برفاهية وضع سياساتها بمعزل عن بقية العالم؛ والسبب على وجه
ٍّ التحديد هو أنها قوية جدا، وتظهر آثار إجراءاتها عبر النظم الاقتصادية والسياسية
الدولية؛ فعندما رفضت في كوبنهاجن قبول قيود على سلوكها، أَ ْل َح َق ُ الرفض ً أضرارا
بَ ِ الغة بحلفائها المزعومين في العالم النامي. َ 37ونشأ خلاف آخر بسبب سلوك الصين حيال
ٍ الحفاظ على عملة رخيصة على نحو ً مصطنع وتجميعها رصيد ً ا ضخما يزيد عن تريليونَ ْي
دولار من احتياطيات العملة، على الرغم من توقيع العديد من العقود للحصول على الموارد
َ الطبيعية من البلدان النامية. وخلال قيام الصين بما فعل ْت للحفاظ على معدلات نمو
مرتفعة للغاية، فإنها تلبي رغبات شعبها بارتفاع مستويات المعيشة، ولكن على حساب
تشجيع المعارضة الداخلية المتزايدة من مواطنين أصبحوا أفضل على المستوى التعليمي
وزادت متطلباتهم على الصعيد السياسي. باختصار، لا بد من اقتناع القيادة الصينية بأن
سياساتها تحتاج للتغيير من أجل تجنُّب مواجهة مجتمع دولي متزايد العداء ومواطنين
متزايدي السخط.
يكمن الأمل في أن الصين ربما تصبح في المستقبل القريب مستعدة لقبول »صفقة
ُ كبرى،« وقد ط ِرحت بعض البنود المقترحة للصفقة المحتملة. 38ولكي تتم الصفقة، يجب
ُ أن توافق الصين على قبول أهداف وجداول زمنية ملزمة قانونً ِّ ا للحد من انبعاثات غازات
الدفيئة، وأن تخضع هذه الخطوات للمراقبة. وسيلزم تنفيذ التزامات الصين خلال فترة
قصيرة نسبيٍّ ً ا — خمس سنوات مثلا — قبل فرض تخفيضات أكثر حدة في الانبعاثات،


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

A long time ago...

A long time ago, many animals looked different from how they look today. The zebra had beautiful whi...

الاجتهاد الشرعي...

الاجتهاد الشرعي بين الدلالة الاصطلاحية والتقويم الاصطلاحي: الدلالة الاصطلاحية: تعني استخدام المفاهيم...

ترية غير متماسك...

ترية غير متماسكة يقصد بها الرمل والزلط ( البحص) أو خليطهما وهذه النوعية من التربة إذا ما تعرضت للأحم...

ما هي مكونات نظ...

ما هي مكونات نظام تكنولوجيا المعلومات؟ يُمكن الاطلاع على مكونات نظام تكنولوجيا المعلومات على النحو ا...

form of PN rese...

form of PN reserved exclusively for patients undergoing peritoneal dialysis is termed IPPN, or intra...

Hi, everyone! ...

Hi, everyone! Well, here I am at the scientific research station in Antarctica, the coldest, windie...

Searching for b...

Searching for business idea or creatively developing an idea is definitely a challenging task for ne...

‌ج- لَقد تَطوَّ...

‌ج- لَقد تَطوَّر هذَا الصِّرَاع مُنْذ بَدأَ هدفًا فِي مَشرُوع الصَّهْيونيَّة العالميَّة نِهاية القرْ...

التوازن الإقتصا...

التوازن الإقتصادى لميزان المدفوعات * تقسيم بنود المدفوعات بشكل أفقى لقسمين * البنود التى تسببت في حد...

II- أسباب الإعا...

II- أسباب الإعاقة الذهنية يمكن تقس ـيم أس ـباب الإعاقة الذهنية إلى قس ـمين أس ـاس ـين يتش ـكل أوله...

تعد الصحافة إحد...

تعد الصحافة إحدى وسائل الإعلام العريقة والمهمة التي لعبت دورا كبيرا في نقل الأحداث بكل تفاصيلها، وسا...

Angel Reese's C...

Angel Reese's Chicago Sky debut sends X wild with crazy streaming numbers. Reese and Kamilla Cardoso...