خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
باب فضل التعفف يتناول فضيلة التعفف عن المعاصي والفواحش، ورغبة الإنسان في نيل رضا خالقه، وعدم عصيانه لما أمر به ونهى عنه. يُحذر النص من غلبة الشهوات على العقل والدين، داعيًا إلى بناء حصن من العدل لنفس الإنسان، وتذكيرها بعقاب الله ومراقبته. يُشدد على يوم الحساب والوقوف بين يدي الله، مستشهدًا بآيات قرآنية تصف هول القيامة وعاقبة الظلم، وتُوَعد الجنة للمتقين. يُبرز النص قصصًا واقعية لشبابٍ ونساءٍ واجهوا فتنة الشهوة، منهم من غلب عقله شهوته، وآخرون سقطوا فيها، مبينًا أن التعفف إما بطبعٍ مائلٍ للخير، ومعرفةٍ بفضل الله، وإما بصيرةٍ حضرت في وقت الفتنة. يُذكر قصة الإمام عبد الرحمن بن الحكم وابنه محمد، وكيف حفظ الله ابنه من المعصية رغم وجود فتى حسن الوجه معه. يُشير إلى حديث عن النبي ﷺ يُخبر عن سبعة يظلهم الله في ظله يوم القيامة، من بينهم من دعته امرأة ذات جمال وحسب فقال: إني أخاف الله. يُذكر قصيدة تُعبّر عن صراع النفس بين الشهوة والتقوى، ويُؤكد على ضرورة شكر الله على نعمه، وترك اللذات الفانية. يُحذر النص من التمادي في المعاصي، داعيًا إلى التوبة والرجوع إلى الله. يُورد النص أحاديث نبوية تحذر من الظن، وتحث على قول الخير أو الصمت، ويُذكر أدب الله ورسوله وأمير المؤمنين في التعامل مع الناس، ثم ينتهي النص بذكر أحوال الشاعر ومشاعره في غربته، وتغيّر أحواله، مع التأكيد على توحيد الله وحده، وشكر نعمه.
باب فضل التعفف
ومن أفضل ما يأتيه الإنسان في حبه التعفف وترك ركوب المعصية والفاحشة، وألا يرغب عن مجازاة خالقه له بالنعيم في دار المقامة، وألا يعصي مولاه المتفضل عليه الذي جعله مكانا وأهلا لأمره ونهيه، وأرسل إليه رسله، وجعل كلامه ثابتا لديه، عناية منه بنا وإحسانًا إلينا. وإن من هام قلبه وشغل باله واشتد شوقه وعظم وجده، ثم ظفر فرام هواه أن يغلب عقله وشهوته، وأن يقهر دينه.
ثم أقام العدل لنفسه حصنًا، وعلم أنها النفس الأمارة بالسوء، وذكرها بعقاب الله تعالى، وفكر في اجترائه على خالقه وهو يراه، وحذرها من يوم المعاد والوقوف بين يدي الملك العزيز الشديد العقاب الرحمن الرحيم الذي لا يحتاج إلى بينة، ونظر بعين ضميره إلى انفراده عن كل مدافع بحضرة علام الغيوب يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبِ سَلِيمٍ، يَوْمَ تُبَدِّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ، يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا. يوم وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّوم وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا، يوم وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا، يوم الطامة الكبرى، يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى * وَبُرْزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى * فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى. واليوم الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَكُلَّ إِنسَانِ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا. عندها يقول العاصي يا ويلتى مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا فكيف
طوق الحمامة في الألفة والألاف
بمن طوي قلبه على أحر من جمر الغضى، وطوي كشخه على أحد من السيف، وتجرع غصصًا أمر من الحنظل، وصرف نفسه كرها عما طمعت فيه، وتيقنت ببلوغه وتهيأت له ولم يحل دونها حائل، لحري أن يُسر غدًا يوم البعث، ويكون من المقربين في دار الجزاء وعالم الخلود، وأن يأمن روعات القيامة وهول المطلع، وأن يعوضه الله من هذه القرحة الأمن يوم الحشر.
حدثني أبو موسى هارون بن موسى الطبيب قال: رأيت شابا حسن الوجه من أهل قرطبة قد تعبد ورفض الدنيا، وكان له أخ في الله قد سقطت بينهما مئونة التحفظ، فزاره ذات ليلة وعزم على المبيت عنده، فعرضت لصاحب المنزل حاجة إلى بعض معارفه بالبعد عن منزله، فنهض لها على أن ينصرف مسرعًا، ونزل الشاب في داره مع امرأته، وكانت غاية في الحسن وتربا للضيف في الصبا، فأطال رب المنزل المقام إلى أن مشى العسس ولم يمكنه الانصراف إلى منزله، فلما علمت المرأة بفوات الوقت، وأن زوجها لا يمكنه المجيء تلك الليلة، تاقت نفسها إلى ذلك الفتى، فبرزت إليه ودعته إلى نفسها، ولا ثالث لهما إلا الله عز وجل، فهم بها ثم ثاب إليه عقله وفكر في الله عز وجل، فوضع إصبعه على السراج فتفقع، ثم قال: يا نفس ذوقي هذا، وأين هذا من نار جهنم؟ فهال المرأة ما رأت، ثم عاودته فعاودته الشهوة المركبة في الإنسان، فعاد إلى الفعلة الأولى، فاتبلج الصباح وسبابته قد اصطلمتها النار.
أفتظن بلغ هذا من نفسه هذا المبلغ إلا لفرط شهوة قد كلبت عليه؟ أو ترى أن الله تعالى يضيع له المقام؟ كلا، إنه لأكرم من ذلك وأعلم.
ولقد حدثتني امرأة أثق بها أنها علقها فتى مثلها في الحسن وعلقته، وشاع القول عليهما، فاجتمعا يوما خاليين، فقال: هلمي نحقق ما يقال فينا، فقالت: لا والله، لا كان هذا أبدا. وأنا أقرأ قول الله: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ. قالت: فما مضى قليل حتى اجتمعا في حلال.
ولقد حدثني ثقة من إخواني أنه خلا يوما بجارية كانت له مفاركة في الصباء فتعرضت لبعض تلك المعاني، فقال لها: كلا، إن من شكر نعمة الله فيما منحني من وصالك الذي كان أقصى آمالي أن أجتنب هواي لأمره. ولعمري، إن هذا الغريب فيما خلا من الأزمان، فكيف في مثل هذا الزمان الذي قد ذهب خيره وأتى شره
وما أقدر في هذه الأخبار - وهي صحيحة - إلا أحد وجهين لا شك فيهما: إما طبع قد مال إلى غير هذا الشأن، واستحكمت معرفته بفضل سواه عليه؛ فهو لا يجيب
باب فضل التعفف
دواعي الغزل في كلمة ولا كلمتين، ولا في يوم ولا يومين، ولو طال على هؤلاء الممتحنين ما امتحنوا به لجادت طباعهم، وأجابوا هاتف الفتنة، ولكن الله عصمهم بانقطاع السبب المحرك: نظرًا لهم وعلما بما في ضمائرهم من الاستعاذة به من القبائح، واستدعاء الرشد.
لا إله إلا هو.
وإما بصيرة حضرت في ذلك الوقت، وخاطر تجرد انقمعت به طوالع الشهوة في ذلك الحين، لخير أراد الله عز وجل لصاحبه جعلنا الله ممن يخافه ويرجوه. آمين.
وحدثني أبو عبد الله محمد بن عمرو بن مضاء، عن رجال من بني مروان ثقات يسندون الحديث إلى أبي العباس الوليد بن غانم، أنه ذكر أن الإمام عبد الرحمن بن الحكم غاب في بعض غزواته شهورًا، وثقف القصر بابنه محمد الذي ولي الخلافة بعده. ورتبه في السطح، وجعل مبيته ليلا وقعوده نهارًا فيه، ولم يأذن له في الخروج البتة. ورتب معه في كل ليلة وزيرا من الوزراء وفتى من أكابر الفتيان يبيتان معه في السطح. قال أبو العباس: فأقام على ذلك مدة طويلة، وبعد عهده بأهله وهو في سن العشرين أو نحوها، إلى أن وافق مبيتي في ليلتي نوبة فتى من أكابر الفتيان، وكان صغيرا في سنه وغاية في حسن وجهه. قال أبو العباس: فقلت في نفسي: إني أخشى الليلة على محمد بن عبد الرحمن الهلاك بمواقعة المعصية، وتزيين إبليس وأتباعه له. قال: ثم أخذت مضجعي في السطح الخارج ومحمد في السطح الداخل المطل على حرم أمير المؤمنين. والفتى في الطرف الثاني القريب من المطلع، فظللت أرقبه ولا أغفل، وهو يظن أني قد نمت ولا يشعر باطلاعي عليه. قال: فلما مضى هزيع من الليل رأيته قد قام واستوى قاعدا ساعة لطيفة، ثم تعوذ من الشيطان ورجع إلى منامه، ثم قام بعد حين ولبس قميصه واستوفز، ثم نزعه عن نفسه وعاد إلى منامه، ثم قام الثالثة ولبس قميصه ودلى رجليه من السرير، وبقي كذلك ساعة، ثم نادى الفتى باسمه فأجابه، فقال له: انزل عن السطح وابق في الفصيل الذي تحته. فقام الفتى مؤتمرا له، فلما نزل قام محمد وأغلق الباب من داخله وعاد إلى سريره. قال أبو العباس: فعلمت من ذلك الوقت أن الله فيه مراد خير.
حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، عن أحمد بن مطرف عن عبيد الله بن يحيى. عن أبيه، عن مالك عن حبيب بن عبد الرحمن الأنصاري، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى
١٦٩
طوق الحمامة في الألفة والألاف
يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق صدقة فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه...
وإني أذكر أني دعيت إلى مجلس فيه بعض من تستحسن الأبصار صورته، وتألف القلوب أخلاقه للحديث والمجالسة دون منكر ولا مكروه، فسارعت إليه، وكان هذا سحرًا. فبعد أن صليت الصبح وأخذت زبي طرقني فكر فسنحت لي أبيات، ومعي رجل من إخواني فقال لي: ما هذا الإطراق ؟ فلم أجبه حتى أكملتها، ثم كتبتها ودفعتها إليه وأمسكت عن المسير حيث كنت نويت. ومن الأبيات
أَرَاقَكَ حُسْنٌ غَيْبُهُ لَكَ تَأْرِيقُ
وَتَبْرِيدُ وَصْلٍ سِرُّهُ فِيكَ تَحْرِيقُ
وَقُرْب مَزَارٍ يَقْتَضِي لَكَ فُرْقَةً
وَشِيئًا وَلَوْلَا الْقُرْبُ لَمْ يَكُ تَفْرِيقُ
وَلَذَّةٌ طَعْمٍ مُعْقِبٍ لَكَ عَلْقَمَا
وَصَابًا وَفَسْحٌ فِي تَضَاعِيفِهِ ضِيق
ولو لم يكن جزاء ولا عقاب ولا ثواب لوجب علينا إفناء الأعمار، وإتعاب الأبدان وإجهاد الطاقة، واستنفاد الوسع واستفراغ القوة في شكر الخالق الذي ابتدأنا بالنعم قبل استنهالها، وامتن علينا بالعقل الذي به عرفناه، ووهبنا الحواس والعلم والمعرفة ودقائق الصناعات وصرف لنا السموات جارية بمنافعها، وديرنا التدبير الذي لو ملكنا خلقنا لم نهتد إليه، ولا نظرنا لأنفسنا نظره لنا، وفضلنا على أكثر المخلوقات، وجعلنا مستودع كلامه ومستقر دينه وخلق لنا الجنة دون أن نستحقها، ثم لم يرض لعباده أن يدخلوها إلا بأعمالهم لتكون واجبة لهم، قال الله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). ورشدنا إلى سبيلها، وبصرنا وجه ظلها، وجعل غاية إحسانه إلينا وامتنانه علينا حقا من حقوقنا قبله، ودينا لازما له، وشكرنا على ما أعطانا من الطاعة التي رزقنا قواها،
وأثابنا بفضله على تفضله.
هذا كرم لا تهتدي إليه العقول، ولا يمكن أن تكيفه الألباب. ومن عرف ربه ومقدار رضاه وسخطه هانت عنده اللذات الذاهبة والحطام الفاني، فكيف وقد أتى من وعيده ما تقشعر لسماعه الأجساد، وتذوب له النفوس، وأورد علينا من عذابه ما لم ينته إليه أمل فأين المذهب عن طاعة هذا الملك الكريم وما الرغبة في لذة ذاهبة لا تذهب الندامة عنها، ولا تفنى التباعة منها، ولا يزول الخزي عن راكبها وإلى كم هذا التمادي وقد
باب فضل التعفف
أسمعنا المنادي، وكأن قد حذا بنا الحادي إلى دار القرار، فإما إلى جنة وإما إلى نارا ألا إن التثبط في هذا المكان لهو الضلال المبين. وفي ذلك أقول:
أَقْصَرَ عَنْ لَهْوِهِ وَعَنْ طَرَبِهِ فَلَيْسَ شُرْبُ المُدَامِ هِمْتَهُ قد أن القلب أَنْ يُفِيقَ وَأَنْ أَلْهَاهُ عَمَّا عَهِدْتُ يُعْجِبُه يَا نَفْسٌ جِدِّي وَشَمْرِي وَدَعِي وسارعي في النَّجَاةِ وَاجْتَهِدِي عَلَى أَحْطَى بِالقَوْزِ فِيهِ وَأَنْ يَا أَيُّهَا اللاعب المجد به الله كَفاكَ مِنْ كُلِّ مَا وُعِظْتَ بِهِ دَعْ عَنْكَ دَارًا تَفْنَى غَضَارَتُهَا لمْ يَضْطَرِبْ فِي مَحَلَّهَا أَحَدٌ مَنْ عَرَفَ الله حَقَّ مَعْرِفَةٍ ما منقضي المُلْكِ مِثْل خَالِدِهِ ولا تقيُّ الوَرَى كَفَاسِقِهِمْ فَلَوْ أَمِنا وَلَمْ نَخَفْ نَارَهُ الَّتِي خُلِقَتْ لكَانَ فَرْضًا لزُومُ طَاعَتِهِ وَصِحَّةُ الزُّهْدِ فِي البَقَاءِ وَأَنْ فَقَدْ رَأَيْنَا فِعْلَ الزَّمَانِ بِأَهُ كم مُتَّعِب في الإلهِ مُهْجَتَهُ وطالب باجتهادِهِ زَهْرَ ومُدْرِكِ مَا ابْتَغَاهُ ذِي جَدَل وباحث جاهِدٍ لِبُغْيَتِهِ بَيْنَا تَرَى الْمَرْءَ سَامِيًا مَلِكًا كالزرع للرجل فَوْقَهُ عَمَلٌ من العِقَابِ وَلَمْ
وَعَفَّ فِي حُبِّهِ وَفِي عُرَبِه وَلَا اقْتِنَاصُ الظَّبَاءِ مِنْ أَرَبه يُزيل مَا قَدْ عَلَاهُ مِنْ حُجبه خِيفَةُ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ بِه عَنْكِ اتَّبَاعَ الهَوَى عَلَى لَغَبِهِ سَاعِيَةً فِي الخَلاصِ مِنْ كُربه أَنْجُوَ مِنْ ضِيقِهِ وَمِنْ لَهَبِهِ هُرُ أَمَا تَتَّقِي شَبَا نكبه مَا قَدْ أَرَاكَ الزَّمَانُ مِنْ عَجَبِهِ وَمَكْسبًا لَاعِبًا بِمُكْتَسبه إِلَّا نَيَا حَدُّهَا بِمُضْطَربه لَوَى وَحَلَّ الفُؤَادِ فِي رَهَبِهِ وَلَا صَحِيحُ التَّقَى كَمُؤْتَشِبه وَلَيْسَ صِدْقُ الكَلَامِ مِنْ كَذِبِهِ نَخْشَ مِنَ مُتَّقَى غَضَبه لِكُلِّ جَانِي الكَلَامِ مُحْتَقبِه وَرَدُّ وَقَدِ الهَوَى عَلَى عَقِبِهِ يَلْحَقَ تَقْنِيدُنَا بِمُرْتَقيه له كفعل الشواظ في خطبه رَاحَتُهُ فِي الكريه من تعبه الدُّنْيَا عَدَاهُ المَنُونُ عَنْ طَلَبه حَلَّ بِهِ مَا يَخَافُ مِنْ سَبَبِهِ فَإِنَّمَا يَحْثُهُ عَلَى عَطبه صار إلَى السُّفْلِ مِنْ ذُرَى رُتَبِهِ أَنْ يَنم حُسن النُّمُو فِي قَصَبِه
۱۷۱
طوق الحمامة في الألفة والألاف
كمْ قَاطِع نَفْسَهُ أَسَى وَشَجًا أَلَيْسَ فِي ذَاكَ زَاجِرٌ عَجِبٌ فَكَيْفَ وَالنَّارُ لِلْمُسِيءِ إِذَا وَيَوْمَ عَرْضِ الحِسَابِ يَفْضَحُهُ الله مَنْ قَدْ حَبَاهُ الإِلَهُ رَحْمَتَه فَصَارَ مِنْ جَهْلِهِ يُصَرِّفُهَا أَلَيْسَ هَذَا أَحْرَى العِبَادِ غَدًا شُكْرًا لِرَبِّ لَطِيفُ قُدْرَتِهِ رَازِقِ أَهل الزَّمَانِ أَجْمَعِهِمْ والحَمْدُ لله فِي تَفَضْلِهِ أَخْدَمَنَا الأَرْضَ وَالسَّمَاءَ وَمَنْ فَاسْمَعْ وَدَعْ مَنْ عَصَاهُ نَاحِيَةً
فِي إِثْرِ جِد يَجِدُّ فِي هَرَبِهِ يَزِيدُ ذَا اللَّبْ فِي حُلَى أَدَبِهِ عَاجَ عَنِ المُسْتَقِيمِ مِنْ عَقِبِهِ وَيُبْدِي الخفي من ريبه مَوْصُولَة بِالمَزِيدِ مِنْ نَشَبِه فِيمَا نَهَى اللهُ عَنْهُ فِي كُتُبِهِ بالوقع فِي وَيْلِهِ وَفِي حَرَبِهِ؟ فِينَا كَحَبْلِ الوَرِيدِ في كتبه مَنْ كَانَ مِنْ عُجْمِهِ وَمِنْ عَرَبِهِ وَقِمْعِهِ لِلزَّمَانِ في نوبه فِي الْجَوْ مِنْ مَائِهِ وَمِنْ شُهُبِهِ لَا يَحْمِلُ الحِمْلَ غَيْرُ مُحْتَطبه
وأقول أيضا:
أَعَارَتْكَ دُنْيَا مُسْتَرَدُّ مُعَارُهَا وَهَلْ يَتَمَنَّى المُحْكُمُ الرَّأْي عِيشَةً وَكَيْفَ تَلدُّ العَيْنُ هَجْعَة سَاعَةِ وَكَيْفَ تَقَرُّ النَّفْسُ فِي دَارِ نُقْلَةٍ وَأَنَّى لَهَا فِي الْأَرْضِ خَاطِرٌ فِكْرَةٍ أَلَيْسَ لَهَا في السعي لِلْفَوْزِ شَاغِلٌ فَخَابَتْ نُفُوسٌ قَادَهَا لَهُو سَاعَةٍ لَهَا سَائِقٌ حَادٍ حَدِيثُ مُبَادِرٌ تُرَادُ لِأَمْرِ وَهُيَ تَطْلُبُ غَيْرَهُ امسْرِعَة فِيمَا يَسُوءُ قِيَامُهَا تُعَطَّلُ مَفْرُوضًا وَتُعْنَى بِفَضْلَةٍ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ البَلاءُ سُكُونُهَا وتُعْرِضُ . عَنْ رَبِّ دَعَاهَا لِرُشْدِهَا
غَضَارَةَ عَيْشٍ سَوْفَ يَذْوِي اخْضِرَارُهَا وَقَدْ حَانَ مِنْ دُهم المَنَايَا مَزَارُهَا وَقَدْ طَالَ فِيمَا عَايَنَتْهُ اعْتِبَارُهَا قَدِ اسْتَيْقَنَتْ أَنْ لَيْسَ فِيهَا قَرَارُهَا وَلَمْ تَدْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْنَ مَحَارُهَا أَمَا فِي تَوَقِّيهَا العَذَابَ ازْدِجَارُهَا إِلَى حَرِّ نَارِ لَيْسَ يُطْفَى أَوَارُهَا إِلَى غَيْرِ مَا أَضْحَى إِلَيْهِ مَدَارُهَا وَتَقْصِدُ وَجْهَا فِي سِوَاهُ سِفَارُهَا وَقَدْ أَيْقَنَتْ أَنَّ العَذَابَ قُصَارُهَا لَقَدْ شَفهَا طُغْيَانُهَا وَاغْتِرَارُهَا وَعَمَّا لَهَا مِنْهُ النَّجَاحُ نِفَارُهَا وَتَتْبَعُ دُنْيَا جَدَّ عَنْهَا فَرَارُهَا
باب فضل التعفف
فيَا أَيُّهَا المَغْرُورُ بَادِرُ بِرَجْعَةٍ وَلَا تَتَخَيَّرُ فَانِيًا دُونَ خَالِدٍ أتعْلَمُ أَنَّ الحَقِّ فِيمَا تَرَكْتَهُ وَتَتْرُكُ بَيْضَاءَ المَناهج ضلَّةٌ تسرُّ بِلَهُو مُعْقِبِ بِنَدَامَةٍ وَتُفْنَى اللَّيَالِي وَالمَسَرَّاتُ كُلُّهَا فَهَلْ أَنْتَ يَا مَغْبُونُ مُسْتَيْقِظُ فَقَدْ فَعَجِّلْ إِلَى رِضْوَانِ رَبِّكَ وَاجْتَنِبُ يَجِدُ مُرُورُ الدَّهْرِ عَنْكِ بِلاعِبِ فكَمْ أُمَّةٍ قَدْ غَرَّهَا الدَّهْرُ قَبْلَنَا تَذَكَّرْ عَلَى مَا قَدْ مَضَى وَاعْتَبِرْ بِهِ تَحَامَى ذِرَاهَا كُل بَاغِ وَطَالِبِ تَوَافَتْ بِبَطْنِ الْأَرْضِ وَانْشَتْ شَمْلُهَا وَكَمْ رَاقِدٍ فِي غَفْلَةٍ عَنْ مَنِيَّةٍ وَمَظْلَمَةٍ قَدْ نَالَهَا مُتَسَلِّطٌ أَرَاكَ إِذَا حَاوَلْتَ دُنْيَاكَ سَاعِيًا وَفِي طَاعَةِ الرَّحْمَنِ يُقْعِدُكَ الوَنَى تُحَاذِرِ إِخْوَانًا سَتَفْنَى وَتَنْقَضِي كَأَنِّي أَرَى مِنْكَ التَّبَرُّمَ ظَاهِرًا هُنَاكَ يَقُولُ المَرْءُ مَنْ لِي بِأَعْصُرٍ تَنَبَّة لِيَوْمٍ قَدْ أَظَلَّكَ وِرُدُهُ تَبَرَّأَ فِيهِ مِنْكَ كُلُّ مُخَالِطٍ فَأَوْدِعَتَ فِي ظُلْمَاءَ ضَنْكٌ مَقَرُّهَا تنادي فَلَا تَدْرِي المُنَادِي مُفْرَدًا تنادي إِلَى يَوْمِ شَدِيدٍ مُفَزِّعٍ إِذَا حُشِرَتْ فِيهِ الْوُحُوشُ وَجُمُعَتْ وَزُيِّنَتِ الجَنَّاتُ فِيهِ وَأُزْلِفَتْ
فلله دار لَيْسَ تَحْمِدُ نَارُهَا دَلِيلٌ عَلَى مَحْضِ العُقُولِ اخْتِيَارُهَا وَتَسْلِكُ سُبلًا لَيْسَ يَخْفَى عَوَارُهَا لِبَهْمَاءَ يُؤْذِي الرَّجُلَ فِيهَا عَثَارُهَا إِذَا مَا انْقَضَى لَا يَنْقَضِي مُسْتَثَارُهَا وَتَبْقَى تِبَاعَاتُ الذُّنُوبِ وَعَارُهَا تَبَيَّنَ مِنْ سَرَّ الخُطُوبِ اسْتِتَارُهَا نَوَاهِيَهِ إِذْ قَدْ تَجَلَّى مَنَارُهَا وَتُغْرَى بِدُنْيَا سَاءَ فِيكَ سِرَارُهَا وَهَاتِيكَ مِنْهَا مُقْفِرَاتِ دِيَارُهَا فَإِنَّ المُذَكِّي لِلْعُقُولِ اعْتِبَارُهَا وَكَانَ ضَمَانًا فِي الْأَعَادِي انْتِصَارُهَا وَعَادَ إِلَى ذِي مَلْكِهِ مُسْتَعَارُهَا مُشَمِّرَةٍ فِي القَصْدِ وَهُوَ شِعَارُهَا مُدِلُّ بَأَيْدٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ ثَارُهَا عَلَى أَنَّهَا بَادٍ إِلَيْكَ ازْورَارُهَا وَتُبْدِي أَنَاةً لَا يَصِحُ اعْتِذَارُهَا وَتَنْسَى الَّتِي فَرْضٌ عَلَيْكَ حِذَارُهَا مُبِينًا إِذَا الْأَقْدَارُ حَلَّ اضْطِرَارُهَا مَضَتْ كَانَ مِلْكًا فِي يَدَيَّ خَيَارُهَا عَصِيبٍ يُوَافِي النَّفْسَ فِيهِ احْتِضَارُهَا وَإِنَّ مِنَ الآمَالِ فِيهِ انهيارها يَلُوحُ عَلَيْهَا لِلْعُيُونِ اغْبِرَارُهَا وَقَدْ حُطَّ عَنْ وَجْهِ الحَيَاةِ حِمَارُهَا وَسَاعَةَ حَشْرٍ لَيْسَ يَحْفَى اشْتِهَارُهَا صَحَائِفُنَا وَانْثَالَ فِينَا انْتِشَارُهَا وَأُذْكِيَ مِنْ نَارِ الجَحِيمِ اسْتِعَارُهَا
۱۷۳
طوق الحمامة في الألفة والألاف
وَكُوِّرَتِ الشَّمْسُ المُنِيرَةُ بِالضُّحَى لَقَدْ جَلَّ أَمْرٌ كَانَ مِنْهُ انْتِظَامُهَا وَسُيِّرَتِ الأَجْبَالُ وَالأَرْضُ بُدِّلَتْ فَإِمَّا لِدَارٍ لَيْسَ يَفْنَى نَعِيمُهَا بِحَضْرَةِ جَبَّارٍ رَفِيقٍ مُعَاقِبِ وَيَنْدَمُ يَوْمَ البَعْثِ جَانِي صِغَارِهَا سَتُغْبَطُ أَجْسَادٌ وَ وَتُحْيَا نُفُوسُهَا إِذَا حَقَّهُمْ عَفْوُ الإِلَهِ وَفَضْلُهُ سَيَلْحَقُهُمْ أَهْلُ الفُسُوقٍ إِذَا اسْتَوَى يَفِرُّ بَنُو الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمُ الَّتِي هي الأُم خَيْرُ البِرَّ فِيهَا عُقُوقُهَا فَمَا نَالَ مِنْهَا الحَظِّ إِلَّا مُهينهَا تَهَافَتَ فِيهَا طَامِعُ بَعْدَ طَامِع تَطَامَن لِغَمْرِ الحَادِثاتِ وَلَا تَكُنْ وإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ مِنْهَا بِمَا تَرَى رَأَيْتُ مُلُوكَ الأَرْضِ يَبْغُونَ عُدَّةَ وَخَلُّوا طَرِيقَ القَصْدِ فِي مُبْتَغَاهُمُ وَإِنَّ الَّتِي يَبْغُونَ نَهْجَ بَقِيَّةٍ هل العز إِلَّا هِمَّةٌ صَحَ صَوْتُهَا وَهَلْ رَابِحٌ إِلَّا امْرُةٌ مُتَوَكَّلٌ وَيَلْقَى ولاة الملك خَوْفًا وَفِكْرَة عِيَانًا نَرَى هَذَا وَلَكِنَّ سَكْرَةً تَدَبَّرُ مَنِ البَانِي عَلَى الْأَرْضِ سَقْفَهَا وَمَنْ يُمْسِكُ الأَجْرَامَ وَالأَرْضَ أَمْرُهُ وَمَنْ قَدَّرَ التدبير فيها بِحِكْمَةٍ وَمَنْ فَتَقَ الأَمْوَاهَ فِي صُفْحٍ وَجْهِهَا وَمَنْ صَيْرَ الأَلْوَانَ فِي نُورِ نَبتِهَا
وَأَسْرَعَ مَنْ زُهْرِ النُّجُومِ انْكِدَارُهَا وَقَدْ حَلَّ أَمْرٌ كَانَ مِنْهُ انْتِثَارُهَا وَقَدْ عُطِّلَتْ مِنْ مَالِكِيهَا عِشَارُهَا وَإِمَّا لِدَارِ لَا يُفَكُ إِسَارُهَا فَتُحْصى المَعَاصِي كَيْرُهَا وَصِغَارُهَا وَتُهْلِكُ أَهْلِيهَا هُنَاكَ كِبَارُهَا إذا مَا اسْتَوَى إِسْرَارُهَا وَجَهَارُهَا وَأَسْكَنَهُمْ دَارًا حَلَالًا عُقَارُهَا بِحَلْبَة سَبقِ طَرْفُهَا وَحَمارُها يُظَنُّ عَلَى أَهْلِ الحُظُوظ اقْتِصَارُهَا وَلَيْسَ بِغَيْرِ البَدْلِ يُحْمَى ذِمَارُهَا وَمَا الهُلكَ إِلَّا قُرْبَهَا وَاعْتِمَارُهَا وَقَدْ بَانَ لِلبِّ الذَّكِيِّ اخْتِبَارُهَا لَهَا ذَا اعْتِمَارَ يَجْتَنِبُكَ عَمَارُهَا فَقَدْ صَح في العَقلِ الجَلِي عِبَارُهَا وَلَذَّةَ نَفْسٍ يُسْتَطَابُ اجْتِرَارُهَا المتبعه الصفار جَمَّ صَغَارُهَا مَكِينَ لِطَّلَّابِ الخَلَاصِ اخْتِصَارُهَا إِذَا صَانَ هَمَّاتِ الرِّجَالِ انْكِسَارُهَا قَنُوعٌ غَنِيُّ النَّفْسِ بَادٍ وَقَارُهَا تَضِيقُ بِهَا ذَرْعًا وَيَفْنَى اصْطَبَارُهَا أَحَاطَتْ بنَا مَا إِنْ يُفِيقَ خُمَارُهَا وَفِي عِلْمِهِ مَعْمُورُهَا وَقِفَارُهَا بِلَا عَمَدٍ يُبْنَى عَلَيْهِ قَرَارُهَا فَصَحُ لَدَيْهَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا فَمِنْهَا يُغَذِّى حَبُّهَا وَثِمَارُهَا فَأَشْرَقَ فِيهَا وَرْدُهَا وَبِهَارُهَا
باب فضل التعفف
فَمِنْهُنَّ مُخْضَرُ يَرُوقُ بَصِيصهُ وَمَنْ حَفَرَ الأَنْهَارَ دُونَ تَكَلَّفٍ وَمَنْ رَتَّبَ الشَّمْسَ المُنِيرَ ابْيضَاضُهَا وَمَنْ خَلَقَ الأَفْلَاكَ فَامْتَدَّ جَرْبُهَا وَمَنْ إِنْ أَلمَّتْ بِالعُقُولِ رَزِيَّةً تَجِدُ كُلَّ هَذَا رَاجِعًا نَحْوَ خَالِقٍ أَبَانَ لَنَا الآيَاتِ فِي أَنْبِيَائِهِ فَأَنْطَقَ أَفْوَاهَا بِأَلْفَاظِ حِكْمَةٍ وَأَبْرَزَ مِنْ صُمَّ الحِجَارَةِ نَاقَةُ ليُوقِنَ أَقْوَامٌ وَتَكْفُرَ عُصْبَةٌ وَشَقَّ لِمُوسَى البَحْرَ دُونَ تَكَلُّفٍ وَسَلَّمَ مِنْ نَارِ الأنوق خَلِيلَهُ وَنَجَّي مِنَ الطُّوفان نُوحًا وَقَدْ هَدَتْ وَمُكَنَ دَاوُدًا بِأَيْدٍ وَابْنَهُ وَذَلَّلَ جَبَّارَ البلاد الأمرِهِ وَفَضَّلَ بِالقُرْآنِ أُمَّةَ أَحْمَدٍ وَشَقُّ لَهُ بَدْرَ السَّمَاءِ وَخَصَّهُ وَأَنْقَذَنَا مِنْ كُفْرِ أَرْبَابِنَا بِهِ فَمَا بَالُنَا لَا تَتْرُكُ الجَهْلَ وَيْحَنَا
وَمِنْهُنَّ مَا يَغْشَى اللَّحَاظِ احْمَرَارُهَا فَثَارَ مِنَ الصُّمُ الصَّلَابِ انْفِجَارُهَا غُدُوًّا وَيَبْدُو بِالعَشِيِّ اصْفِرَارُهَا وَأَحْكَمَهَا حَتَّى اسْتَقَامَ مَدَارُهَا فَلَيْسَ إِلَى حَيَّ سِوَاهُ افْتِقَارُهَا؟ له ملكها مُنْقَادَةِ وَاشْتِمَارُهَا فَأَمْكَنَ بَعْدَ العَجْزِ فِيهَا اقْتِدَارُهَا وَمَا جَلَهَا إِثْغَارُهَا وَاتَّغَارُهَا وَأَسْمَعَهُمْ فِي الحِينِ مِنْهَا حُوَارُهَا أَتَاهَا بأَسْبَابِ الهَلَاكِ قِدَارُهَا وَبَانَ مِنَ الْأَمْوَاجِ فِيهِ انْحِسَارُهَا فَلَمْ يُؤْذِهِ إِحْرَاقُهَا وَاعْتِرَارُهَا بِهِ أُمَّةً أَبْدَى الفُسُوقَ شَرَارُهَا فَتَعْسِيرُهَا مُلْقَى لَهُ وَبَدَارها وَعُلْمَ مِنْ طَيْرِ السَّمَاءِ حِوَارِهَا وَمَكْنَ فِي أَقْصَى البِلَادِ مُغَارُهَا بِآيَاتِ حَقٌّ لَا يُخْلُ مُعَارُهَا وَكَانَ عَلَى قُطْبِ الهَلَاكِ مَنَارُهَا لِتَسْلَمَ مِنْ نَارٍ تَرَامَى شِرَارُهَا
هنا - أعزك الله - انتهى ما تذكرته إيجابا لك وتقمنا لمسرتك، ووقوفا عند أمرك، ولم أمتنع أن أورد لك في هذه الرسالة أشياء يذكرها الشعراء ويكثرون القول فيها، موفيات على وجوهها، ومفردات في أبوابها، ومنعمات التفسير، مثل الإفراط في صفة النحول، وتشبيه الدموع بالأمطار، وأنها تروي السفار، وعدم النوم البتة، وانقطاع الغذاء جملة، إلا أنها أشياء لا حقيقة لها، وكذب لا وجه له، ولكل شيء حد، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا، والنحول قد يعظم ولو صار حيث يصفونه لكان في قوام الذرة أو دونها. ولخرج عن حد المعقول، والسهر قد يتصل ليالي، ولكن لو عدم الغذاء أسبوعين لهلك. وإنما قلنا: الصبر عن النوم أقل من الصبر عن الطعام لأن النوم غذاء الروح، والطعام غذاء الجسد، وإن كانا يشتركان في كليهما، ولكنا حكينا على الأغلب. وأما الماء فقد رأيت
١٧٥
طوق الحمامة في الألفة والألاف
أن ميسورًا البناء جارنا بقرطبة يصبر عن الماء أسبوعين في حمارة القيظ، ويكتفي بما في غذائه من رطوبة.
شهرا. وحدثني القاضي أبو عبد الرحمن بن جحاف أنه كان يعرف من كان لا يشرب الماء
وإنما اقتصرت في رسالتي على الحقائق المعلومة التي لا يمكن وجود سواها أصلا، وعلى أني قد أوردت من هذه الوجوه المذكورة أشياء كثيرة يكتفى بها لئلا أخرج عن طريقة أهل الشعر ومذهبهم. وسيرى كثير من إخواننا أخبارًا لهم في هذه الرسالة مكنيا فيها من أسمائهم على ما شرطنا في ابتدائها. وأنا أستغفر الله تعالى مما يكتبه الملكان. ويحصيه الرقيبان من هذا وشبهه، استغفار من يعلم أن كلامه من عمله، ولكنه إن لم يكن من اللغو الذي لا يؤاخذ به المرء، فهو - إن شاء الله - من اللهم المعفو، وإلا فليس
من السيئات والفواحش التي يتوقع عليها العذاب. وعلى كل حال فليس من الكبائر التي ورد النص فيها.
وأنا أعلم أنه سينكر على بعض المتعصبين علي تأليفي لمثل هذا ويقول: إنه خالف طريقته، وتجافى عن وجهته، وما أحل لأحد أن يظن في غير ما قصدته، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.
وحدثني أحمد بن محمد بن الجسوري: ثنا ابن أبي دليم، ثنا ابن وضاح، عن يحيى بن مالك بن أنس، عن أبي الزبير المكي، عن أبي شريح الكعبي، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إياكم والظن فإنه أكذب الكذب.
وبه إلى مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.
وحدثني صاحبي أبو بكر محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن يوسف الأزدي، ثنا يحيى بن عائذ، ثنا أبو عدي عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن الفرج الإمام بمصر، ثنا أبو علي الحسن بن قاسم بن دحيم المصري، ثنا محمد بن زكريا الغلابي ثنا أبو العباس، ثنا أبو بكر عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال: وضع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للناس ثماني عشرة كلمة من الحكمة، منها: «ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك عليه، ولا تظن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم
شرا وأنت تجد لها في الخير محملا..
فهذا - أعزك الله - أدب الله وأدب رسوله وأدب أمير المؤمنين. وبالجملة فإني لا أقول بالمراياة، ولا أنسك نسكا أعجميا، ومن أدى الفرائض المأمور بها، واجتنب المحارم
باب فضل التعفف
المنهي عنها، ولم ينس الفضل فيما بينه وبين الناس، فقد وقع عليه اسم الإحسان، ودعني مما سوى ذلك، وحسبي الله.
والكلام في مثل هذا إنما هو مع خلاء الذرع وفراغ القلب، وإن حفظ شيء وبقاء رسم وتذكر فائت لمثل خاطري لعجب على ما مضى ودهمني؛ فأنت تعلم أن ذهني متقلب، وبالي مهصر بما نحن فيه من نبو الديار، والخلاء عن الأوطان، وتغير الزمان ونكبات السلطان، وتغير الإخوان، وفساد الأحوال، وتبدل الأيام، وذهاب الوفر، والخروج عن الطارف والتالد، واقتطاع مكاسب الآباء والأجداد والغربة في البلاد، وذهاب المال والجاه، والفكر في صيانة الأهل والولد، واليأس عن الرجوع إلى موضع الأهل، ومدافعة الدهر، وانتظار الأقدار. لا جعلنا الله من الشاكين إلا إليه، وأعادنا إلى أفضل ما عودنا. وإن الذي أبقى لأكثر مما أخذ، والذي ترك أعظم من الذي تحيف، ومواهبه المحيطة بنا ونعمه التي غمرتنا لا تُحد، ولا يُؤدَّى شُكرها، والكلُّ مِنَحه وعطاياه، ولا حكم لنا في أنفسنا ونحن منه، وإليه منقلبنا وكل عارية فراجعة إلى معيرها. وله الحمد أولا وآخرا، وعودًا وبدءًا، وأنا أقول:
جَعَلْتُ اليَأْسَ
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
أكد موقع " construction business news " في أحد تقاريره عزم الشركات اليابانية والصينية على استهداف ال...
This paragraph is a description about ... The relation).. I am ... (name of the person)....•• is thi...
عام. يمكن القول إن نظام المعلومات يعزز شفافية السوق من خلال توفير المعلومات اللازمة ويعزز تداولية ال...
In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...
في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...
أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...
تم في هذا المشروع تطبيق مكونات الواجهة الأمامية (Front-end) والواجهة الخلفية (Back-end) الشائعة لضما...
تُعد عدالة الأحداث من أهم القضايا التي تشغل الأنظمة القانونية والاجتماعية في مختلف دول العالم، نظرًا...
كان تحالف ديلوس في البداية قوة دفاعية ناجحة، لكنه تحول مع الوقت إلى أداة للسيطرة الأثينية، مما أدى إ...
--- ### **التعريف:** عوائق التعلم التنظيمي هي **عوائق إدراكية، أو ثقافية، أو هيكلية، أو شخصية** تم...
أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...
ث- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...