لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

صعدت كورالاین سلالم المبنى الخارجية إلى شقة الطابق العلوي، حيث - في عالمها - يُقيم الرجل العجوز المجنون. لم ترغب في أن تتقدم خطوة واحدة أخرى إلى داخل الشقة. قالت كورالاين بصوت عال: أنا مستكشفة. طرقت الباب المطلي بالأخضر، لنا عيون ولنا أعصاب لنا ذيول لنا أسنان ستنالون كلكم ما تستحقون حين ننهض من تحت التراب سمعت دستة أو أكثر من الأصوات الصغيرة تهمس بهذه الكلمات، في تلك الشقة المظلمة ذات السقف المنخفض للغاية حيث يلاقي الجدران، لدرجة أن كورالاين تكاد تستطيع أن تمد يدها إلى أعلى وتلمسه. وأسرعت أقدام وردية صغيرة تبتعد مع دنوها، وانسلت ظلال أدكن عبر الظلال الكامنة على حافة الأشياء. الرائحة هنا أسوأ كثيراً من رائحة شقة العجوز المجنون الحقيقي. قال صوت مخشخش في غرفة بعيدة: «أيتها الصغيرة». ردت كورالاین: «نعم»، وقالت لنفسها: لست مرعوبة، وإذ فكرت في هذا علمت أنه صحيح. لا شيء هنا من شأنه أن يُرعبها، فهذه الأشياء حتى الشيء في القبو - ليست إلا أوهاماً، أشياء صنعتها الأم الأخرى في محاكاة ساخرة مريعة للناس الحقيقيين والأشياء الحقيقية على الجانب الآخر من الرواق استقر رأي کورالاين على أن الأم الأخرى لا يُمكنها أن تصنع شيئاً حقاً، بل تستطيع فقط أن تمسخ وتنسخ وتشوه ما هو موجود بالفعل. ثم وجدت نفسها تتساءل لماذا وضعت الأم الأخرى كرة ثلج على رف المدفأة في غرفة الاستقبال، في حين أن رف المدفأة في عالم كورالاين عار تماماً. وما إن سألت نفسها هذا السؤال حتى أدركت أن له إجابة لكن الصوت عاد يتكلم، وانقطع حبل أفكارها. إنني أعرف ما تريدين أيتها الصغيرة». كان الصوت جافاً خشناً فيه خشخشة، وقد حدا بكور الاين إلى التفكير في حشرة ضخمة ميتة ما، فكيف يُمكن أن يكون لشيء ميت - لا سيما حشرة ميتة - صوت ؟ دخلت عدَّة غُرف ذات سقوف واطئة مائلة، حتى بلغت الغرفة الأخيرة كانت غرفة نوم، وقد جلس العجوز المجنون الآخر في طرفها القصي في الظلام شبه الدامس، يرتدي معطفه ويعتمر قبعته. وإذ دخلت كورالاين بدأ يتكلم قائلاً بصوت كالذي تحدثه أوراق الشجر الجافة والهواء يدفعها على الرصيف: «لا شيء تغير
أيتها الصغيرة. وستشعرين بالملل، لا أحد سيُصغي إليكِ، يُصغي إليكِ فعلاً. أنتِ أذكى وأهدأ من أن يفهموك. إنهم لا ينطقون اسمكِ نُطقاً صحيحاً حتى». وتابع صوت الشيء الجالس في ركن الغرفة: «ابقي هنا معنا. سنصغي إليكِ ونلعب معك ونضحك معك. ستبني أمك الأخرى لك عوالم كاملة تستكشفينها، وتهدمها كل ليلة حين تفرغين. كل يوم سيكون أفضل وأبهى من سابقه. أتذكرين صندوق اللعب؟ من قلب الظلال أجاب الرجل : إطلاقاً». ألن يكون أفضل كثيراً أن يُبنى عالم كامل مثله من أجلكِ فقط ؟». سألت كورالاين: وهل ستحل أيام غائمة مطيرة لا أدري ماذا أفعل خلالها، ويمضي اليوم ثقيلاً للأبد؟». سألت كورالاين: وهل ستكون هناك وجبات شنيعة مطهوة بوصفات فيها الثوم والطرخون والفول الأخضر؟». همس الصوت من تحت قبعة العجوز: «كل وجبة ستكون مثار بهجة. لا شيء سيدخل من بين شفتيك دون أن يسرك كلية». سألت كورالاين: وهل يمكنني أن أحظى بقفازين من نوع داي جلو وحذاء مطاط أصفر طويل العنق على شكل ضفدعة؟». أياً كان ما تشتهين. سيبني العالم من جديد لك كل صباح. تنهدت كورالاين، وقالت: «أنت لا تفهم حقاً، لا أحد يريد هذا حقاً. وماذا بعد؟». قال الصوت الهامس: «لست أفهم». ردت رافعة الحجر المثقوب إلى عينها: «بالطبع لست تفهم. إنك مجرد نسخة رديئة صنعتها هي من ساكن الطابق العلوي المجنون». قال الصوت الهامس الميت: «لم أعد ذلك حتى». من معطف المطر الذي يرتديه الرجل يأتي وهج من على ارتفاع الصدر تقريباً، وعبر الثقب في الحجر يلتمع يتلألأ بالأبيض المزرق كما النجوم. تمنت كورالاين لو أن معها عصا أو ما شابة تخزه بها، فهي لا ترغب على الإطلاق في الدنو أكثر من الرجل المحفوف بالظلال في ركن الغرفة. تقدمت كورالاين خطوة من الرجل فتهاوى، عشرون جرذاً أو أكثر، تلتمع أعينها الحمر في الظلام. صرت الجرذان إذ فرت، واهتز المعطف وسقط أرضاً بصوت ثقيل، وتدحرجت القبعة إلى أحد أركان الغرفة. لكنها وجدته خالياً وإن كان له ملمس دهني، ولا أثر للكرية الزجاج الأخيرة. جاست ببصرها في الغرفة وقد ضيقت عينها لترى عبر الثقب في الحجر، ولمحت شيئاً متقداً يتلألأ كنجمة على الأرض عند المدخل، وقد حمله بكفيه الأماميتين أكبر الجرذان السود حجماً، وبينما نظرت انسل الجرذ مبتعداً. وراقبتها الجرذان الأخرى من أركان الغرف إذ اندفعت تطارده. خصوصاً في المسافات القصيرة، لكن جرذاً أسود كبيراً يحمل كرية من الزجاج بكفيه الأماميتين ليس نداً لفتاة عاقدة العزم تركض وراءه (حتى إذا كانت صغيرة الحجم بالنسبة إلى سنها). راحت الجرذان السود الأصغر تجري جيئة وذهاباً في طريقها محاولة تشتيت انتباهها، لكنها تجاهلتها جميعاً وركزت ناظريها على الجرذ حامل الكرية، وبلغا سلالم المبني الخارجية. وجدت كور الاين وقتاً يكفي أن تلحظ أن المنزل نفسه مستمر في التبدل، وقد أضحى أقل وضوحاً وما زال يتسطح وهي تهرع نازلة السلالم، والآن يُذكرها المنظر بصورة لمنزل وليس المنزل نفسه. وفي اللحظة التالية كانت - فقط - تعدو بطيش على السلالم مطاردة الجرذ، دون مساحة في عقلها لأي شيء آخر، كانت تعدو بسرعة . بسرعة شديدة جداً كما اكتشفت عندما بلغت قاعدة مجموعة درجات، وزلت قدمها والتوت لتسقط مرتطمة بالبسطة الإسمنتية وجدت ركبتها اليسرى مكشوطة مسحوجة، وإن علمت أنه سرعان ما سيتضاعف. التقطت حبيبات الإسمنت من راحة يدها ونهضت وبأقصى سرعتها، على الرغم من معرفتها أنها خسرت وفات الأوان بالفعل، نزلت مجموعة الدرجات الأخيرة إلى الأرض. لكنه اختفى ومعه الكرية. أحست بنخز في يدها حيث انكشط الجلد، ورأت الدم يقطر على ساق منامتها الممزقة من جرح ركبتها، مع فرق أن حينها، جنباً إلى جنب مع كل الجروح والكشوط (وعلى ركبتي كورالاين جلب فوق جلب)، لأنها كانت تتعلم شيئاً، تفعل شيئاً لم تكن تعرف كيف تفعله قبلها . فشلت في كل شيء. ثم إنها سمعت سعلة. فتحت عينيها ورأت الجرذ منطرحاً على الممر القرميدي عند قاعدة السلالم، وعلى وجهه نظرة مندهشة . وجهه الذي يبعد عدة بوصات الآن عن بقية جسمه شواربه متيبسة، وأسنانه ظاهرة وصفر وحادة، وبعنقه يُحيط طوق لامع من الدماء الطازجة. إلى جوار الجرذ مقطوع الرأس، وقف القط الأسود، وقد أراح كفه على كرية الزجاج الرمادية. قال القط : «أظن أنني ذكرت ذات مرة أني لا أحب الجرذان في الأوقات الطيبة، ولكن بدا لي أنك في حاجة إلى هذا الجرذ. آمل أنكِ لا تمانعين تدخلي . ردت كورالاين محاولة التقاط أنفاسها: «أظن. فتدحرجت في اتجاه كورالاين التي التقطتها . إنها لن تتخلى عنك، لن تتخلى عن أي منا أبداً مثلما لن تغير طبيعتها أبداً». انتصبت الشعيرات على مؤخرة عنق كورالاين، وعلمت أن صوت الفتاة يقول الحقيقة. إن معها الكريات الثلاث الآن. وما عليها إلا أن تعثر على أبويها . وأدركت كورالاين مندهشةً أن هذا الجزء سهل. إنها تعرف مكان أبويها بالضبط ، ولو توقفت لتفكر لعرفت أين هما من البداية. ولا يُمكنها إلا أن تُحوّل وتشوه وتغير. رف المدفأة في غرفة الاستقبال في بيتها خال تماماً، لكن معرفتها هذه صاحبتها معرفة أخرى. لن تدعنا نرحل». كما قلتُ، لا شيء يضمن أن تلعب بالعدل»، «انظري وراءك». ولم يعد يبدو كصورة، بل هو أقرب إلى رسم خربشة بسيطة بالفحم لمنزل على ورقة رمادية. قالت كور الاين: أياً كان ما يجري فشكراً لك على مساعدتك مع الجرذ. أظن أنني على وشك بلوغ النهاية، وأنا . كان شعر القط منتصباً عن آخره، وذيله منفوشاً كفرشاة تنظيف المدخنة. سألته كور الاين: «ما الخطب؟». «أهذا سي؟». خفض القط ذيله محركاً إياه من جانب إلى جانب بغضب، وأصدر زمجرة خفيضةً من مؤخّرة حلقه، ثم دار في حلقة حتى أصبح ظهره لكورالاين، وبدأ يمشي إلى الخلف بجمود خُطوة خطوة، إلى أن التصق بساق كورالاين، فأنزلت يدها تملس عليه وشعرت بضربات قلبه العنيفة وبجسمه يرتجف كورقة شجر ميتة في مهب عاصفة. ولم ينبس القط ببنت شفة. إلا أن القط لبث في مكانه وقد بدا عليه البؤس، والغريب أن حجمه بدا أصغر كثيراً. إذا كان طريق الخروج الوحيد يمر بها فهذا هو الطريق الذي سنسلكه»، وإنما راح يرتجف فقط. حملت كورالاین مؤخرته بيدها وأراحت قائمتيه الأماميتين على كتفها، وقد وجدت وزنه ثقيلاً وإن لم يكن أثقل من أن تحمله، ولعق القط راحة يدها حيث ينبع الدم من جرحها. صعدت كورالاين السلالم خُطوة تلو الأخرى متجهة إلى شقتها، تعي أن الكريات الثلاث يخبط بعضها بعضاً في جيبها، وتعي أن القط يضم نفسه إليها بقوة.


النص الأصلي

صعدت كورالاین سلالم المبنى الخارجية إلى شقة الطابق العلوي، حيث - في عالمها - يُقيم الرجل العجوز المجنون.لم ترغب في أن تتقدم خطوة واحدة أخرى إلى داخل الشقة. قالت كورالاين بصوت عال: أنا مستكشفة.
طرقت الباب المطلي بالأخضر، فانفتح ودخلت. لنا عيون ولنا أعصاب لنا ذيول لنا أسنان ستنالون كلكم ما تستحقون حين ننهض من تحت التراب سمعت دستة أو أكثر من الأصوات الصغيرة تهمس بهذه الكلمات، في تلك الشقة المظلمة ذات السقف المنخفض للغاية حيث يلاقي الجدران، لدرجة أن كورالاين تكاد تستطيع أن تمد يدها إلى أعلى وتلمسه. حدقت إليها أعين حمر، وأسرعت أقدام وردية صغيرة تبتعد مع دنوها، وانسلت ظلال أدكن عبر الظلال الكامنة على حافة الأشياء. الرائحة هنا أسوأ كثيراً من رائحة شقة العجوز المجنون الحقيقي. قال صوت مخشخش في غرفة بعيدة: «أيتها الصغيرة». ردت كورالاین: «نعم»، وقالت لنفسها: لست مرعوبة، وإذ فكرت في هذا علمت أنه صحيح. لا شيء هنا من شأنه أن يُرعبها،
فهذه الأشياء حتى الشيء في القبو - ليست إلا أوهاماً، أشياء صنعتها الأم الأخرى في محاكاة ساخرة مريعة للناس الحقيقيين والأشياء الحقيقية على الجانب الآخر من الرواق استقر رأي کورالاين على أن الأم الأخرى لا يُمكنها أن تصنع شيئاً حقاً، بل تستطيع فقط أن تمسخ وتنسخ وتشوه ما هو موجود بالفعل. ثم وجدت نفسها تتساءل لماذا وضعت الأم الأخرى كرة ثلج على رف المدفأة في غرفة الاستقبال، في حين أن رف المدفأة في عالم كورالاين عار تماماً. فعلية. وما إن سألت نفسها هذا السؤال حتى أدركت أن له إجابة لكن الصوت عاد يتكلم، وانقطع حبل أفكارها. تعالي أيتها الصغيرة. إنني أعرف ما تريدين أيتها الصغيرة». كان الصوت جافاً خشناً فيه خشخشة، وقد حدا بكور الاين إلى التفكير في حشرة ضخمة ميتة ما، وهو ما تُدرك سخفه، فكيف يُمكن أن يكون لشيء ميت - لا سيما حشرة ميتة - صوت ؟ دخلت عدَّة غُرف ذات سقوف واطئة مائلة، حتى بلغت الغرفة الأخيرة كانت غرفة نوم، وقد جلس العجوز المجنون الآخر في طرفها القصي في الظلام شبه الدامس، يرتدي معطفه ويعتمر قبعته. وإذ دخلت كورالاين بدأ يتكلم قائلاً بصوت كالذي تحدثه أوراق الشجر الجافة والهواء يدفعها على الرصيف: «لا شيء تغير


أيتها الصغيرة. وماذا لو فعلت كل ما وعدت بفعله؟ ماذا إذن؟ لا شيء تغير. ستعودين إلى بيتك، وستشعرين بالملل، وستتعرضين إلى التجاهل. لا أحد سيُصغي إليكِ، يُصغي إليكِ فعلاً. أنتِ أذكى وأهدأ من أن يفهموك. إنهم لا ينطقون اسمكِ نُطقاً صحيحاً حتى». وتابع صوت الشيء الجالس في ركن الغرفة: «ابقي هنا معنا. سنصغي إليكِ ونلعب معك ونضحك معك. ستبني أمك الأخرى لك عوالم كاملة تستكشفينها، وتهدمها كل ليلة حين تفرغين. كل يوم سيكون أفضل وأبهى من سابقه. أتذكرين صندوق اللعب؟ من قلب الظلال أجاب الرجل : إطلاقاً». ألن يكون أفضل كثيراً أن يُبنى عالم كامل مثله من أجلكِ فقط ؟». سألت كورالاين: وهل ستحل أيام غائمة مطيرة لا أدري ماذا أفعل خلالها، وليس هناك ما أقرأه أو أشاهده ولا مكان أذهب إليه، ويمضي اليوم ثقيلاً للأبد؟». سألت كورالاين: وهل ستكون هناك وجبات شنيعة مطهوة بوصفات فيها الثوم والطرخون والفول الأخضر؟». همس الصوت من تحت قبعة العجوز: «كل وجبة ستكون مثار بهجة. لا شيء سيدخل من بين شفتيك دون أن يسرك كلية». سألت كورالاين: وهل يمكنني أن أحظى بقفازين من نوع داي جلو وحذاء مطاط أصفر طويل العنق على شكل ضفدعة؟». ضفدعة وبطة وخرتيت وأخطبوط ... أياً كان ما تشتهين.
سيبني العالم من جديد لك كل صباح. إذا بقيت هنا فستحظي بكل ما تشائين. تنهدت كورالاين، وقالت: «أنت لا تفهم حقاً، أليس كذلك؟ إنني لا أريد أن أحظى بكل ما أشاء. لا أحد يريد هذا حقاً. ما المتعة في أن أنال كل شيء أرغب فيه ؟ أناله بمنتهى البساطة لكنه لا يعني شيئاً، وماذا بعد؟». قال الصوت الهامس: «لست أفهم». ردت رافعة الحجر المثقوب إلى عينها: «بالطبع لست تفهم. إنك مجرد نسخة رديئة صنعتها هي من ساكن الطابق العلوي المجنون». قال الصوت الهامس الميت: «لم أعد ذلك حتى». من معطف المطر الذي يرتديه الرجل يأتي وهج من على ارتفاع الصدر تقريباً، وعبر الثقب في الحجر يلتمع يتلألأ بالأبيض المزرق كما النجوم. تمنت كورالاين لو أن معها عصا أو ما شابة تخزه بها، فهي لا ترغب على الإطلاق في الدنو أكثر من الرجل المحفوف بالظلال في ركن الغرفة. تقدمت كورالاين خطوة من الرجل فتهاوى، وقفزت جرذان سود من الكمين ومن تحت المعطف والقبعة، عشرون جرذاً أو أكثر، تلتمع أعينها الحمر في الظلام. صرت الجرذان إذ فرت، واهتز المعطف وسقط أرضاً بصوت ثقيل، وتدحرجت القبعة إلى أحد أركان الغرفة. مدت كورالاين يدها وفتحت المعطف، لكنها وجدته خالياً وإن كان له ملمس دهني، ولا أثر للكرية الزجاج الأخيرة. جاست ببصرها في الغرفة وقد ضيقت عينها لترى عبر الثقب في الحجر، ولمحت شيئاً متقداً يتلألأ كنجمة على الأرض عند المدخل، وقد حمله بكفيه الأماميتين أكبر الجرذان السود حجماً، وبينما نظرت انسل الجرذ مبتعداً. وراقبتها الجرذان الأخرى من أركان الغرف إذ اندفعت تطارده. من المعروف أن الجرذان أسرع من البشر في الركض، خصوصاً في المسافات القصيرة، لكن جرذاً أسود كبيراً يحمل كرية من الزجاج بكفيه الأماميتين ليس نداً لفتاة عاقدة العزم تركض وراءه (حتى إذا كانت صغيرة الحجم بالنسبة إلى سنها). راحت الجرذان السود الأصغر تجري جيئة وذهاباً في طريقها محاولة تشتيت انتباهها، لكنها تجاهلتها جميعاً وركزت ناظريها على الجرذ حامل الكرية، الذي انطلق صوب الباب الأمامي ليخرج من الشقة. وبلغا سلالم المبني الخارجية. وجدت كور الاين وقتاً يكفي أن تلحظ أن المنزل نفسه مستمر في التبدل، وقد أضحى أقل وضوحاً وما زال يتسطح وهي تهرع نازلة السلالم، والآن يُذكرها المنظر بصورة لمنزل وليس المنزل نفسه. وفي اللحظة التالية كانت - فقط - تعدو بطيش على السلالم مطاردة الجرذ، دون مساحة في عقلها لأي شيء آخر، واثقة بأنها تدنو منه. كانت تعدو بسرعة ... بسرعة شديدة جداً كما اكتشفت عندما بلغت قاعدة مجموعة درجات، وزلت قدمها والتوت لتسقط مرتطمة بالبسطة الإسمنتية وجدت ركبتها اليسرى مكشوطة مسحوجة، وراحة اليد التي رفعتها أمامها لتوقف نفسها فوضى من الجلد المكشوط وحبيبات الإسمنت. أحست بشيء من الألم، وإن علمت أنه سرعان ما سيتضاعف. التقطت حبيبات الإسمنت من راحة يدها ونهضت وبأقصى سرعتها، على الرغم من معرفتها أنها خسرت وفات الأوان بالفعل، نزلت مجموعة الدرجات الأخيرة إلى الأرض. وتلفتت حولها باحثة عن الجرذ، لكنه اختفى ومعه الكرية. أحست بنخز في يدها حيث انكشط الجلد، ورأت الدم يقطر على ساق منامتها الممزقة من جرح ركبتها، الذي تعده بمثل سوء الجرح الذي أصيبت به في ذلك الصيف الذي خلعت فيه أمها عجلتي التدريب عن دراجتها، مع فرق أن حينها، جنباً إلى جنب مع كل الجروح والكشوط (وعلى ركبتي كورالاين جلب فوق جلب)، كان هناك شعور بالإنجاز، لأنها كانت تتعلم شيئاً، تفعل شيئاً لم تكن تعرف كيف تفعله قبلها . أما الآن فلا تَشغُر إلَّا بخسارة باردة. لقد خذلت الأطفال الأشباح، خذلت والديها، خذلت نفسها، فشلت في كل شيء. أغلقت عينيها وتمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها. ثم إنها سمعت سعلة. فتحت عينيها ورأت الجرذ منطرحاً على الممر القرميدي عند قاعدة السلالم، وعلى وجهه نظرة مندهشة ... وجهه الذي يبعد عدة بوصات الآن عن بقية جسمه شواربه متيبسة، وعيناه مفتوحتان عن آخرهما، وأسنانه ظاهرة وصفر وحادة، وبعنقه يُحيط طوق لامع من الدماء الطازجة. إلى جوار الجرذ مقطوع الرأس، وبتعبير متعجرف على وجهه، وقف القط الأسود، وقد أراح كفه على كرية الزجاج الرمادية. قال القط : «أظن أنني ذكرت ذات مرة أني لا أحب الجرذان في الأوقات الطيبة، ولكن بدا لي أنك في حاجة إلى هذا الجرذ. آمل أنكِ لا تمانعين تدخلي . ردت كورالاين محاولة التقاط أنفاسها: «أظن... أظن أنك قلت شيئاً شبيهاً». رفع القط كفه عن الكرية، فتدحرجت في اتجاه كورالاين التي التقطتها . وفي عقلها همس صوت أخير بلهجة ملحة: «لقد كذبت عليك. إنها لن تتخلى عنك، لن تتخلى عن أي منا أبداً مثلما لن تغير طبيعتها أبداً». انتصبت الشعيرات على مؤخرة عنق كورالاين، وعلمت أن صوت الفتاة يقول الحقيقة. وضعت الكرية في جيب معطفها المنزلي مع الأخريين. إن معها الكريات الثلاث الآن. وما عليها إلا أن تعثر على أبويها . وأدركت كورالاين مندهشةً أن هذا الجزء سهل. إنها تعرف مكان أبويها بالضبط ، ولو توقفت لتفكر لعرفت أين هما من البداية. الأم الأخرى لا تستطيع أن تخلق شيئاً، ولا يُمكنها إلا أن تُحوّل وتشوه وتغير. رف المدفأة في غرفة الاستقبال في بيتها خال تماماً، لكن معرفتها هذه صاحبتها معرفة أخرى. قالت كورالاين: «الأم الأخرى تنوي أن تخلف وعدها، لن تدعنا نرحل». رد القط: لن يُدهشني هذا. كما قلتُ، لا شيء يضمن أن تلعب بالعدل»، ثم إنه رفع رأسه قائلاً: «مهلاً ... هل رأيت هذا؟». ماذا؟». «انظري وراءك». كان المنزل قد تسطح أكثر فأكثر، ولم يعد يبدو كصورة، بل هو أقرب إلى رسم خربشة بسيطة بالفحم لمنزل على ورقة رمادية. قالت كور الاين: أياً كان ما يجري فشكراً لك على مساعدتك مع الجرذ. أظن أنني على وشك بلوغ النهاية، أليس كذلك؟ فاذهب إذن وسط الضباب أو أينما تذهب، وأنا ... آمل أن أراك في البيت إذا سمحت لي بالعودة إلى البيت. كان شعر القط منتصباً عن آخره، وذيله منفوشاً كفرشاة تنظيف المدخنة. سألته كور الاين: «ما الخطب؟». أجابها القط: «لقد اختفت، لم تعد موجودة، الطرق من وإلى هذا المكان، تسطحت تماماً». «أهذا سي؟». خفض القط ذيله محركاً إياه من جانب إلى جانب بغضب، وأصدر زمجرة خفيضةً من مؤخّرة حلقه، ثم دار في حلقة حتى أصبح ظهره لكورالاين، وبدأ يمشي إلى الخلف بجمود خُطوة خطوة، إلى أن التصق بساق كورالاين، فأنزلت يدها تملس عليه وشعرت بضربات قلبه العنيفة وبجسمه يرتجف كورقة شجر ميتة في مهب عاصفة. قالت له كورالاين: ستكون بخير. كل شيء سيكون بخير. سأخذك إلى البيت. ولم ينبس القط ببنت شفة. قالت كورالاين: «هلم أيها القط»، وتراجعت خُطوة نحو السلالم، إلا أن القط لبث في مكانه وقد بدا عليه البؤس، والغريب أن حجمه بدا أصغر كثيراً. إذا كان طريق الخروج الوحيد يمر بها فهذا هو الطريق الذي سنسلكه»، قالتها كور الاين وعادت إلى القط وانحنت ورفعته، فلم يقاومها، وإنما راح يرتجف فقط. حملت كورالاین مؤخرته بيدها وأراحت قائمتيه الأماميتين على كتفها، وقد وجدت وزنه ثقيلاً وإن لم يكن أثقل من أن تحمله، ولعق القط راحة يدها حيث ينبع الدم من جرحها. صعدت كورالاين السلالم خُطوة تلو الأخرى متجهة إلى شقتها، تعي أن الكريات الثلاث يخبط بعضها بعضاً في جيبها، وتعي وجود الحجر المثقوب، وتعي أن القط يضم نفسه إليها بقوة. وصلت إلى باب شقتها الأمامي - الذي صار الآن شخبطة طفل صغير لباب - ودفعته وهي تكاد تتوقع أن تمزقه يدها فتكشف أن وراءه لا شيء إلا سواد ونجوم متناثرة. لكن الباب انفتح، ودخلت كورالاين.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Both hydrogen a...

Both hydrogen atoms at position 5 must be substituted for maximal activity due to susceptibility to ...

The 19th centur...

The 19th century Industrial Revolution drastically changed the lives of the peasants of England. Man...

دراسة شيخي غنية...

دراسة شيخي غنية، شيخي خديجة ) 2018 ( بعنوان:" دور تكامل نظم المعلومات في ترشيد مراحل عملية اتخاذ الق...

Much of what is...

Much of what is most important about management is interpersonal, how we deal with others. Awareness...

وتعتبر هذه السم...

وتعتبر هذه السمة هي أبرز سمات لغة الإعلام وأكثرها بروزاً، ويرجع ذلك إلى طبيعة وسائل الإعلام من ناحية...

At the time the...

At the time the Portuguese were present in the gulf there were three regional powers with which it h...

نسير في دروب ال...

نسير في دروب الحياة، نتعثر وننهض نضيء عتمة دروبنا بنور المعرفة، ونكتشف كنوزا دفينة في أعماق ذواتنا. ...

يتميز النموذج ا...

يتميز النموذج الخطي بأنه يمكن اختزانه على مساحة محدودة من الأسطوانة الصلبة، وهو ما يجعل سرعة تنفيذ ا...

الخطأ المعياري ...

الخطأ المعياري للقياس : ولتفسير تختلف الامتحان وهي لو فحصنا طالبا عدة مرات باختبار ما في جلسات متفرق...

Reaching a suit...

Reaching a suitable site: Although tissue specificity still remains one of the unsolved problems in...

Background Pro...

Background Processes can execute concurrently دحاو تقو يف تايلمعلا ذيفنت نكمي May be interrupted ...

Explaining the ...

Explaining the functions and tasks that the program must perform, we can say that they are “inputs,”...