خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
لا شكّ أنّ الكتاب الذي أصدره "توماس سامويل كون" ( Samuel Thomas سنة 1962 بعنوان "بنية الثورات العلمية" ( scientific of structure The 1 Kuhn( قد أحدث ثورة في مختلف العلوم واĐالات. في هذا الصدد، يقول الباحث الانجليزي في علم الاجتماع "إيان كريب" ( Ian Craib(: » إنّ من المفارقات أنّ أحد أهم الكتب المؤثر ة في علم الاجتماع منذ ثلاثين سنة الماضية، بل في تاريخ العلوم الطبيعية، أقصد كتاب توماس كون " بنية 3 الثورات العلمية"». يقدّم "كون" نظرة مختلفة لتاريخ تطور العلوم، ويتيح لنا إعادة التفكير في كيفية تراكم المعرفة العلمية. واستخدم في شرح أفكاره مجموعة من المصطلحات أبرزها البراديغم أو الأنموذج الإرشادي، هذا المصطلح يعد بمثابة الكلمة المفتاحية لفهم أفكار "كون"، بحثي. خصوصا في مجال علوم الإعلام والاتصال. إنّ الإشكاليات والقضايا والمواضيع الكثيرة التي يتيحها البحث في مجال علوم الإعلام والاتصال، والتحديات التي يفرضها. المنهجية التي ينبغي أن Ĕتم đا بمقدار اهتمامنا بموضوع الدراسة نفسه. حيث أنّ الباحث الذي يسعى لتحقيق أهداف محدّدة من خلال دراسة موضوع معين، من هذا المنطلق سنحاول أن نبينّ أهمية البراديغم باعتباره مرشدا وموجّ ها وتعني "مثالا" أو "نموذجا" (Pattern، "المثال" أو "النموذج. " والبراديغم يعني "المثال" أو "النمط"، نوع، جميع الأشكال المستخرجة من كلمة واحدة، (على سبيل المثال، اشتقاق اسم أو تصريف فعل). اللسانيات البنيوية، اختيار ومنهجية البحت في الميادين العلمية على وجه الخصوص، 5 أصبح براديغم العلم الناجح». العرب، بين من يستخدم مصطلحات الأنموذج، النموذج، النموذج – الموجه، واختلاف التأويل. 2-1 اصطلاحا: إنّ البراديغم أو النموذج العلمي الموجه، هو تلك الانجازات العلمية، والتي تُقبل في زمن معينّ ، وتشكّل أساسا قويّ ا لطرح المشكلات العلمية ولطرائق حلّها. وهو كذلك مجموعة القيم التي نموذجا علميا موجها واحدا، وغير مكتملة وبذلك فهو تقليد علمي خاص ومنسجم. يقول "كون": «لا يظهر الاكتشاف، إلا عندما تُصاغ التجربة 7 والنظرية المؤقتة معا صياغة تجعلهما متفقتين». إنّ الأشخاص الذين يقوم بحثهم على براديغمات مشتركة، يكونون ملتزمين بقواعد ومعايير الممارسة العلمية نفسها. وذلك الالتزام وما ينجم عنه من هما الشرطان الضروريان للعلم العادي، أي لنشوء واستمرار تقليد خاص من تقاليد بمعنى أنّ الانتقال من نظرية علمية إلى أخرى، يتم بالضرورة عند اكتشاف معطيات يقوم على فعالية منطقية ومتعالية غير خاضعة للمؤثرات السوسيولوجية والثقافية والمؤسسية. في حين ينطلق "كون" من تصور مخالف، تضع الشروط التي تشتغل فيها الجماعة العلمية، والقيود التي تنظم عمليات الاستدلال والبرهنة، من حيث أدوات التجريب، وإجراءات القياس، وطريقة استعمال الآلات، إلخ. 10 تراكمي كبير، الذي هو توسيع مدى المعرفة العلمية ودقّتها. فهو من هذه النواحي ينسجم انسجاما دقيقا مع الصورة العادية للعمل العلمي. ولا على مستوى النظرية، غير أنّ البحث العلمي طالما رفع الغطاء عن ظواهر جديدة وغير متوقعة. 11 فعالة لإحداث تغيير في البراديغم. والأدوات المرتبطة بنظرية علمية والمسترشدة đا، والتي بواسطتها يمارس الباحثون عملهم، ويعرض "كون" أربعة خصائص للبراديغم: 13 وكلما كثر عددها، كان العلم أكثر قوة. يتضمّ ن نماذج ميتافيزيقية واعتقادات (Beliefs (معينة، من قبيل تماسك النظرية العلمية، انسجامها مع الواقع. والقيم تشمل أيضا المواقف المشتركة للعلماء تجاه أزمات العلم، وتجاه النظريات اĐدّدة. - يتضمن نماذج (Exemples (في شكل معارف ضمنية، تُكتسب عن طريق ممارسة العلم. في الأخير، F Alan( Chalmers، وهو يعرض الخطوط الكبرى لإبستمولوجية "كون"، حين لاحظ أنّ مفهوم البراديغم يتفلّت أثناء محاولة تعريفه: « إنّنا لن نفهمه إلاّ من خلال وظيفته كموجّ ه يوجه الباحثين، يشتغلون في إطار "العلم السائد"». هو ما يقرّ بنا من تحليل "كون" القائل بأنّ النشاط العلمي لا يمكن أن يتطوّ ر إلاّ داخل براديغم معتمد من طرف أعضاء مجموعة علمية، وهم -2 السياق التاريخي لظهور البراديغم: لفهم السياق التاريخي لظهور فكرة البراديغم في البحث العلمي، التي أسّ ست لمفهوم البراديغم وأهميته في البحث العلمي، والتي تختلف في طريقة الملاحظة، والتحليل، والابستمولوجيا في أبسط تعريفاēا هي دراسة العلم من المنظور الفلسفي، وأهميتها بالنسبة للعلم. تقدّم المدارس الابستمولوجية الأساسية منظورات مختلفة حول الموضوع العلمي، فكل منها تزكي طريقتها في ملاحظة وتحليل وتفسير الواقع. وفيما يلي عرض مختصر لهذه المدارس وخصائصها: تؤمن بفكرة أنّ المعرفة تُكتسب عن طريق الممارسة، معطيات إمبريقية قابلة للملاحظة عن طريق الحواس الإنسانية. تتبنىّ أسلوب الاستدلال الاستقرائي. 2-2 المدرسة الوضعية: أبرز روادها "أوغست كونت" (Comte Auguste) (-1857 1798)، تقوم على التفكير الاستنباطي. وهي مدرسة تطبيق الملاحظة المنهجية المنتظمة، إنّ ملاحظة الظواهر تجعل استخراج القوانين التي تحكم العالم، أمرا ممكنا. 3-2 المدرسة التطورية: أبرز روادها "تشارلز داروين" (Darwin Charles) (-1882 فسّ ر التطوّ ر البيولوجي عن طريق ما أسماه بالانتخاب الطبيعي، وبناء على أسس تُقسّ م اĐتمعات إلى متخلّفة، وأخرى متقدّمة. تقوم المدرسة التطوّ رية على استنباط المعرفة من المقارنة بين مراحل تطور مختلف الحضارات، وبذلك يمكن الوضعية، وتزويد المشتغلين بالعلوم بمسلّمات ونظريات. في حين أنّ المدرسة الثوري ة مقاربة حديثة للابستمولوجيا، بل على تعطي هذه المقاربة التاريخية نظرة جديدة حول تطور المعرفة العلمية عبر القرون. من الأفكار الأساسية في فلسفة "كون"، وفي تصوره الابستمولوجي لتاريخ العلم. فتاريخ العلم عند "كون" ينطلق من مرحلة ما قبل نضج العلم، حيث تتميّز بتضارب الآراء، واختلافها، وتتجلّى في مدارس أو اتجاهات تعبرّ كل واحدة منها عن 15 وجهة نظر تخصّ ها. تمرّ العلوم خلال مراحل تطورها بفترات أزمات، هذه الأزمات تولّد "ثورات هذه الثورات تؤدي إلى ما يسميه "كون": البراديغمات، والبراديغم هو نظرة سوية ومشروعة للعالم. يحدّد هذا المفهوم 16 المشترك ترتيب الاهتم فمثلا قبل أن تكون الفيزياء الأرسطية نموذجا موجّ ها لكل الأبحاث الفيزيائية، أساسا في العصر الوسيط، كانت هناك آراء مختلفة وأسطور ية ينتجها سابقوه حول هذه الظواهر الفيزيائية. لكن حينما يتشكل البراديغم يصبح " العلم – المطابق"، أي العلم العادي، يشتغل وفقه وعلى أساسه. ويتجلّى ذلك من خلال مختلف عمليات تكوين العالم. أو من خلال الكتب المدرسية المتخصّصة. فتبنيّ هذه الجماعة العلمية لبراديغم، عن طريق ما نسميه بـ "العلم المطابق"، يواجه بصعوبات ومشاكل، يحاول هؤلاء حلها وتجاوزها بتوسيع البراديغم، ودمجها في وحدة متكاملة، وإذا لم يتم التغلّب على تلك الصعوبات، تنشأ أزمة. وحينما تنمو وتتطوّ ر، تجد حلّها في براديغم جديد، وهذا التحوّ ل والانتقال من براديغم إلى آخر 17 جديد، هو ما يسمّ ى بالثورة. 18 والنموذج التالي يوضح هذه الفكرة: ماقبل علم- ناضج براديغم علم مطابق أزمة تمثّل أعمال "كوبرنيكس" (Copernics (، " نيوتن" (Newton (، و"أينشتاين" كل واحدة من هذه الثورات، تستلزم إلغاء نظرية علمية كانت سائدة ومكرّ سة في وقتها، واستبدالها بنظرية أخرى معارضة لها. ويؤدّي هذا ومن هذه المشكلات الجديدة، تنبع مقاييس، أو ما يمكن اعتباره حلا إنّ النظرية الجديدة التي تنبثق عن هذا التغيير الثوري، لم تكن أبدا مجرّ د نمو طبيعي لما كان معروفا، إنمّا تتطلّب من أجل استيعاđا إعادة بناء النظرية السابقة، بل ربما تركها كلية، وإعادة تقييم ولا يتمّ ذلك بين يوم وليلة. نفهم لماذا يجد المؤرّخون صعوبة في تحديد تواريخ دقيقة لهذه العملية الطويلة، لأنّ طريقتهم لإدراك التطور العلمي، 20 عن طريق "التراكم"، تفرض عليهم اعتبار هذه الثورات حوادث معزولة. -3الأهمية المنهجية لاستخدام البراديغم في البحوث العلمية: يرى "كون" أنّ البراديغمات تكتسب مرتبتها لأĔّا أكثر نجاحا من منافساēا في حل مشكلات قليلة انتهت مجموعة من المشتغلين إلى الإقرار بكوĔا حادّة. 21 من سواه، ليس معنى ذلك أن يحقّق نجاحا بارزا في حل عدد أكبر من المشكلات. بتركيز الانتباه على مجال من المشكلات الخاصّ ة نسبيا، وللعلم العادي آلية في بنيته تخفف قساوة الحدود التي تحصر البحث، وذلك عندما يتوقف البراديغم الذي استمدّت منه عن العمل بكفاءة، حينئذ يبدأ العلماء بالسلوك على نحو مختلف، كما تتغيرّ طبيعة مشكلات بحثهم. في الوقت نفسه، تكون المهنة قد حلّت مشكلات قلّما خطرت في بال العاملين فيها، على الأقل، أثبت 22 قدرته على البقاء. إنّ البراديغم يقدّم الأسئلة والحلول في نفس الوقت، مظلّ ته التي تقتضي جعل النظرية والتجربة في توافق محدّد سلفا، فالعالمِ لا يدرك العالمَ إلا من خلال البرادبغم. لهذا يعمل هذا الأخير على إقصاء كل الوقائع التي لا تنسجم من ثمّة يتخلّى عنها الباحث. ولا يهتم إلاّ بما يسمح به البراديغم. يكون البراديغم المطوّ ر من أجل مجموعة من الظواهر غامضا في تطبيقه على ظواهر قريبة جدا. بمعنى أنّه تأويل للعالم. هذا التأويل يضع شروطا محدّدة لتأويله هو أيضا. هذه الشروط هي حدود البراديغم الذي يفترض التأويل، تأويل المعطيات، بالرغم من المشاكل التي قد تُطرح بخصوص الاختلافات بين العلماء في درجة تطبيقهم للقيم المشتركة كمحدّد أساسي للبراديغم، حيث كتب "كون": « يمكن أن تخدم الفروق 23 الفردية في تطبيق القيم المشتركة وظائف أساسية بالنسبة للعلم». ينشئ البراديغم قياسا أو تسوية جديدة في علم ما، ذلك بأن يضيف إليه العناصر المعترف đا في البحث العلمي. وتتمثل هذه العناصر أساسا في: قانون، نظرية، وهي تتهيكل إنّ البراديغم إنجاز 24 مشكلة نماذج يحُ تذى đا لتتولّد عنها تقاليد خاصة ومنسجمة من البحث العلمي. قادر على أن يكون دليلا لأبحاث اĐموعة برمّ تها. وفـق "ميلفـين ديفلـر" (Defleur Melvin (و"سـاندرا بـول روكيـتش" Sandra( Rokeach-Ball، فـإنّ الافتراضــات الــتي تشــكّل الــبراديغم، تعــد بالفعــل مــن الأمــور المســلّم đــا، بمعـنى أنّ الافتراضـات تتـيح نقطـة انطـلاق لاسـتخلاص تفسـيرات نظريـة لجوانـب أكثـر دقـة مـن الظـاهرة الاجتماعيــة والنفســية. هــذه المســلمات في حــد ذاēــا ليســت عرضــة للاختبــار والتمحــيص، فلــيس مــن الممكـن جمـع المعطيـات والمـادة التجريبيـة الـتي يمكـن الاسـتناد إليهـا في قبـول أو رفـض الافتراضـات المسـلم đـا. لـيس بمعـنى أن ي ُ نظـر إليهـا كحقـائق خالـدة، ولكـن فقــط كافتراضــات. بمعـنى آخــر، يختارهـا المـرء لاعتبـار شـيء مـا صـحيحا وحقيقيـا، đـدف دعـم حجتـه، وتقويـة رأيـه، أو đـدف رؤيـة مـا ستقود إليه من الناحية المنطقية. والتسليم بصحة علاقة معينة، أو ظرف ما هو مثل أن نقول افـترض أنـه 25 صحيح أن العلاقة أو الظروف تصف الحقيقة بدقة. في حين يرى "رولان أومنيس" (Omnis Roland (مؤلف كتاب "فلسفة الكوانتم" 26 البراديغم بأنّه: «إنجاز علمي مميّز، أصبح أنموذجا جديرا بالمحاكاة من جانب باحثين آخرين». -4 نماذج من البراديغمات السائدة في علوم الإعلام والاتصال: ارتبطت نشأة وتطور بحوث ودراسات الإعلام في العشرينات من القرن الماضي بالنموذجين الوضعي والسلوكي (paradigm behaviourist and positivist (، فقد استمدّ التخصّص ركّزت بحوث الإعلام - وما تزال -على تأثير وسائل الإعلام في الجمهور، اعتمادا على ما ي ُعرف بدراسات الجمهور، وأهملت إلى حدّ كبير دراسة مضمون وشكل الرسالة الإعلامية، التي ي ُفترض أĔّا تحدث التأثير المطلوب أو المرغوب من وجهة نظر المرسِ ل أو القائم بالاتصال، سواء كان شخصا أو 27 مؤسسة إعلامية. رغـم حداثـة تخصـص الإعـلام والاتصـال، إلا أنّـه مجـال حيـوي أنـتج البـاحثون فيـه الكثـير مـن الدراسات الإعلامية المتميّزة، تـدريجيا بـدأت تظهـر محـاولات لبلـورة نظريـات في هـذا اĐـال لتـأطير مختلـف الأبحـاث والدراســات. وحســب "عبـد الــرحمن عــزي"، فالمقصـود بنظريــات الإعــلام والاتصـال هــي تلــك النظريـات الـتي تتنـاول علاقـة وسـائل الإعـلام بظـاهرة مـا (الإعـلام)، أو علاقـة أفـراد اĐتمـع مـع بعضـهم 28 البعض (الاتصال). إنّ أهـم البراديغمـات المتاحـة لعلمـاء الاتصـال تشـمل فئـة مسـتمدة أصـلا مـن علـم الاجتمـاع، وعلـمالـنفس، وعلـم الـنفس الاجتمـاعي، هنـاك فئـات عديـدة مـن المسـلّمات التي تشكّلت فيما يتعلق بطبيعة اĐتمع والطبيعة الإنسانية. بالنسبة لعلم الاجتماع، نجـد أنّ الافتراضـات الثلاثـة الـتي أعطـت أهميـة قصـوى لدراسـة العلاقـات بـين وسـائل الإعـلام واĐتمـع وعمليـة الإعـلام، - العمليات التي يحافظ đا اĐتمع على الاستقرار الاجتماعي. - العمليات التي يتغير đا اĐتمع بمرور الزمن. - طبيعة ومغزى الصراع الاجتماعي. والتي يتم من خلالها مشاركة المعاني.
لا شكّ أنّ الكتاب الذي أصدره "توماس سامويل كون" ( Samuel Thomas
سنة 1962 بعنوان "بنية الثورات العلمية" ( scientific of structure The 1 Kuhn(
(revolutions 2
، قد أحدث ثورة في مختلف العلوم واĐالات. سيما في العلوم الإنسانية
والاجتماعية. في هذا الصدد، يقول الباحث الانجليزي في علم الاجتماع "إيان كريب" ( Ian
Craib(: » إنّ من المفارقات أنّ أحد أهم الكتب المؤثر ة في علم الاجتماع منذ ثلاثين سنة الماضية،
لم يكن في علم الاجتماع على الإطلاق، بل في تاريخ العلوم الطبيعية، أقصد كتاب توماس كون " بنية
3 الثورات العلمية"».
يقدّم "كون" نظرة مختلفة لتاريخ تطور العلوم، ويتيح لنا إعادة التفكير في كيفية تراكم المعرفة
العلمية. واستخدم في شرح أفكاره مجموعة من المصطلحات أبرزها البراديغم أو الأنموذج الإرشادي، هذا
المصطلح يعد بمثابة الكلمة المفتاحية لفهم أفكار "كون"، ومن ثمّ لفهم أهمية البراديغم في أي مجال
بحثي. خصوصا في مجال علوم الإعلام والاتصال.
إنّ الإشكاليات والقضايا والمواضيع الكثيرة التي يتيحها البحث في مجال علوم الإعلام
والاتصال، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي الهائل، والتحديات التي يفرضها. تستوقفنا عند الأطر
المنهجية التي ينبغي أن Ĕتم đا بمقدار اهتمامنا بموضوع الدراسة نفسه. حيث أنّ الباحث الذي يسعى
لتحقيق أهداف محدّدة من خلال دراسة موضوع معين، لا بدّ من أن يسلك منهجا سليما منذ البداية
حتى لا تتشتّت جهوده. من هذا المنطلق سنحاول أن نبينّ أهمية البراديغم باعتباره مرشدا وموجّ ها
للباحث في مجال الإعلام والاتصال.
-1تعريف البراديغم:
1-1 لغة: البراديغم (Paradigm (كلمة يعود أصلها إلى الكلمة اللاتينية (Paradigma(،
والإغريقية مأخوذة من الأصل اليوناني (Paradeïgma(، وتعني "مثالا" أو "نموذجا" (Pattern،
و(Paradeïgma (يرجع بدوره إلى الفعل (Paradeiknunaï (الذي يعني "قارن".
تتركّب كلمة (Paradeïgma (من عنصرين (Para (التي تفيد الشمول، و(deïgma (التي تعني
"المثال" أو "النموذج." والبراديغم يعني "المثال" أو "النمط"، وهو أسلوب أو طريقة، طراز، نوع،
صنف.
ورد في معجم "لاروس" (Rousse La(:» البراديغم في قواعد اللغة التقليدية، جميع الأشكال
المستخرجة من كلمة واحدة، إنّه النموذج. (على سبيل المثال، اشتقاق اسم أو تصريف فعل). في
اللسانيات البنيوية، جميع الوحدات القابلة للاستبدال في سياق معين. وفي النظرية الاقتصادية، اختيار
4 المشاكل التيستُدرس والتقنيات الخاصة بدراستها»
.
وفي معجم أوكسفورد (Oxford(:» البراديغم هو وجهة نظر العالم التي تقوم عليها
النظريات، ومنهجية البحت في الميادين العلمية على وجه الخصوص، مثلا اكتشاف الجاذبية الكونية،
5 أصبح براديغم العلم الناجح».
وتتعدّد ترجمات مصطلح براديغم بمعناه الاصطلاحي الذي جاء به "كون"، عند الباحثين
العرب، بين من يستخدم مصطلحات الأنموذج، النموذج، الأنموذج الإرشادي، النموذج – الموجه،
النموذج العلمي الموجه، وبين من يستخدم كلمة براديغم كما هي دون ترجمة تفاديا لتعدد الترجمات،
واختلاف التأويل.
2-1 اصطلاحا: إنّ البراديغم أو النموذج العلمي الموجه، هو تلك الانجازات العلمية، والتي تُقبل في
زمن معينّ ، وتشكّل أساسا قويّ ا لطرح المشكلات العلمية ولطرائق حلّها. وهو كذلك مجموعة القيم التي
يشترك الباحثون في قبولها والتمسّ ك đا. وتتمثّل هذه القيم في المناهج والمعايير التي تتحدّد وفقا له. لأنّ
نموذجا علميا موجها واحدا، يكون منطلقا لاكتشافات عديدة. من خلال أمثلة منتقاة، وغير مكتملة
6 أيضا، وبذلك فهو تقليد علمي خاص ومنسجم.
يقول "كون": «لا يظهر الاكتشاف، ولا تصير النظرية براديغما، إلا عندما تُصاغ التجربة
7 والنظرية المؤقتة معا صياغة تجعلهما متفقتين».
إنّ الأشخاص الذين يقوم بحثهم على براديغمات
مشتركة، يكونون ملتزمين بقواعد ومعايير الممارسة العلمية نفسها. وذلك الالتزام وما ينجم عنه من
اتفاق ظاهري، هما الشرطان الضروريان للعلم العادي، أي لنشوء واستمرار تقليد خاص من تقاليد
البحث.
و العلم العادي ذلك البحث المؤسَّس بصورة راسخة على واحد أو أكثر من الإنجازات
9 العلمية السابقة، والتي يعتبرها متّحد علمي ما، الأساس لممارسته العلمية اللاحقة.
لقد كان مفهوم التطوّ ر في العلوم الطبيعية خاضعا لتصور آخر قائم على "الضرورة
العقلانية"، بمعنى أنّ الانتقال من نظرية علمية إلى أخرى، يتم بالضرورة عند اكتشاف معطيات
جديدة. والتطوّ ر العلمي من منظور هذا الاتجاه، يقوم على فعالية منطقية ومتعالية غير خاضعة
للمؤثرات السوسيولوجية والثقافية والمؤسسية. في حين ينطلق "كون" من تصور مخالف، ينظر إلى العلم
كفاعلية لأفراد مؤطّرين ضمن "مؤسسة علمية"، خاضعة لالتزامات مذهبية وقوانين مؤسسية، تضع
الشروط التي تشتغل فيها الجماعة العلمية، والقيود التي تنظم عمليات الاستدلال والبرهنة، من حيث
أدوات التجريب، وإجراءات القياس، وطريقة استعمال الآلات، وآليات المراقبة، وتنظيم النتائج...إلخ.
10
يقول "كون": «إنّ العلم العادي، هذا النشاط المنصب على حل الأحجيات، هو مشروع
تراكمي كبير، حقّق نجاحا بارزا في إصابة هدفه، الذي هو توسيع مدى المعرفة العلمية ودقّتها. فهو من
هذه النواحي ينسجم انسجاما دقيقا مع الصورة العادية للعمل العلمي..،صحيح أنّ العلم العادي لا
يهدف إلى الكشف عن جديد، لا على مستوى الوقائع، ولا على مستوى النظرية، حتى في حال
نجاحه. غير أنّ البحث العلمي طالما رفع الغطاء عن ظواهر جديدة وغير متوقعة. وأنّ العلماء ابتكروا
نظريات جديدة جذرية في خضمّ ه. والنتيجة هي أنّ البحث في ظل براديغم لا بدّ أن يكون طريقة
11 فعالة لإحداث تغيير في البراديغم. وهذا هو بالضبط ما يفعله جديد الوقائع والنظريات».
خلاصة القول أن "كون" يعني بالبراديغم مجموعة القوانين والتقنيات، والأدوات المرتبطة
بنظرية علمية والمسترشدة đا، والتي بواسطتها يمارس الباحثون عملهم، ويديرون نشاطهم، وحالما
12 تتأسس تتخذ اسم العلم العادي.
ويعرض "كون" أربعة خصائص للبراديغم:
13
-2 السياق التاريخي لظهور البراديغم:
لفهم السياق التاريخي لظهور فكرة البراديغم في البحث العلمي، لا بد من الوقوف عند المدارس
الابستمولوجية الأساسية التي سبقت ظهور المدرسة الثورية، التي أسّ ست لمفهوم البراديغم وأهميته في
البحث العلمي، والتي تختلف في طريقة الملاحظة، والتحليل، وتأويل الواقع. والابستمولوجيا في أبسط
تعريفاēا هي دراسة العلم من المنظور الفلسفي، أي دراسة نقدية للعلوم من حيث الأسس والمسلّمات،
وأهميتها بالنسبة للعلم.
تقدّم المدارس الابستمولوجية الأساسية منظورات مختلفة حول الموضوع العلمي، فكل منها تزكي
طريقتها في ملاحظة وتحليل وتفسير الواقع. وفيما يلي عرض مختصر لهذه المدارس وخصائصها:
1-2 المدرسة التجريبية: أبرز روادها "دافيد هيوم" (Hume David) (1776-1711م)،
تؤمن بفكرة أنّ المعرفة تُكتسب عن طريق الممارسة، والدليل يكون مقبولا فقط إذا اعتمد على
معطيات إمبريقية قابلة للملاحظة عن طريق الحواس الإنسانية. تتبنىّ أسلوب الاستدلال
الاستقرائي.
2-2 المدرسة الوضعية: أبرز روادها "أوغست كونت" (Comte Auguste) (-1857
1798)، تقوم على التفكير الاستنباطي. وهي مدرسة تطبيق الملاحظة المنهجية المنتظمة،
والنظرية المحدّدة للوقائع القابلة للدرس. إنّ ملاحظة الظواهر تجعل استخراج القوانين التي
تحكم العالم، وتسمح بتقدّمه الاجتماعي، أمرا ممكنا.
3-2 المدرسة التطورية: أبرز روادها "تشارلز داروين" (Darwin Charles) (-1882
1809) ، فسّ ر التطوّ ر البيولوجي عن طريق ما أسماه بالانتخاب الطبيعي، وبناء على أسس
التطور الثقافي والاجتماعي، تُقسّ م اĐتمعات إلى متخلّفة، وأخرى متقدّمة. تقوم المدرسة
التطوّ رية على استنباط المعرفة من المقارنة بين مراحل تطور مختلف الحضارات، وبذلك يمكن
استنتاج قوانين التحوّ ل.
أتاحت المدارس الثلاث: التجريبية، الوضعية، والتطورية تقديم ثلاث رؤى أو مقاربات
منهجية ونظرية في النظرة إلى العلم، وتزويد المشتغلين بالعلوم بمسلّمات ونظريات. في حين أنّ المدرسة
الثوري ة مقاربة حديثة للابستمولوجيا، كما أĔّا لا تعمل على التحقّق من صلاحية علم بعينه، بل على
نقد تاريخ العلوم. تعطي هذه المقاربة التاريخية نظرة جديدة حول تطور المعرفة العلمية عبر القرون.
تعتبر فكرة البراديغم أو "النموذج - الموجه"، من الأفكار الأساسية في فلسفة "كون"، وفي
تصوره الابستمولوجي لتاريخ العلم. وقد استثمرت هذه الفكرة في مجالات متعدّدة ومتباينة، نظرا
لأهمّيتها وقدرēا على التفسير والفهم. فتاريخ العلم عند "كون" ينطلق من مرحلة ما قبل نضج العلم،
حيث تتميّز بتضارب الآراء، واختلافها، وتتجلّى في مدارس أو اتجاهات تعبرّ كل واحدة منها عن
15 وجهة نظر تخصّ ها.
وفق "كون"، تمرّ العلوم خلال مراحل تطورها بفترات أزمات، هذه الأزمات تولّد "ثورات
علمية"، والتي بدورها تكرس مجموعة جديدة من النظريات عن طريق الغليان الفكري. هذه الثورات
تؤدي إلى ما يسميه "كون": البراديغمات، والبراديغم هو نظرة سوية ومشروعة للعالم. يحدّد هذا المفهوم
16 المشترك ترتيب الاهتم
فمثلا قبل أن تكون الفيزياء الأرسطية نموذجا موجّ ها لكل الأبحاث الفيزيائية، أساسا في
العصر الوسيط، كانت هناك آراء مختلفة وأسطور ية ينتجها سابقوه حول هذه الظواهر الفيزيائية. لكن
حينما يتشكل البراديغم يصبح " العلم – المطابق"، أي العلم العادي، يشتغل وفقه وعلى أساسه.
ويتجلّى ذلك من خلال مختلف عمليات تكوين العالم. سواء داخل المختبرات، أو من خلال الكتب
المدرسية المتخصّصة. حيث يقوم البراديغم بتقديم مختلف أدوات البحث والحساب والتقويم، إذ يتكون
من فرضيات، ومن قوانين وتقنيات ضرورية لتطبيقه من طرف أعضاء جماعة علمية معينة. فتبنيّ هذه
الجماعة العلمية لبراديغم، عن طريق ما نسميه بـ "العلم المطابق"، يواجه بصعوبات ومشاكل، يحاول
هؤلاء حلها وتجاوزها بتوسيع البراديغم، والكشف عن بعض العناصر الأخرى، ودمجها في وحدة
متكاملة، وإذا لم يتم التغلّب على تلك الصعوبات، تنشأ أزمة. وحينما تنمو وتتطوّ ر، تجد حلّها في
براديغم جديد، ينبثق ويحظى بقبول وإجماع العلماء. وهذا التحوّ ل والانتقال من براديغم إلى آخر
17 جديد، هو ما يسمّ ى بالثورة.
18 والنموذج التالي يوضح هذه الفكرة:
ماقبل علم- ناضج براديغم علم مطابق أزمة
ثورة براديغم جديد علم مطابق جديد
تاريخ العلم عند كون
تمثّل أعمال "كوبرنيكس" (Copernics (،" نيوتن" (Newton (، و"أينشتاين"
(Einstein (ثورات علمية كبرى في تاريخ العلوم الفيزيائية. كل واحدة من هذه الثورات، تستلزم
إلغاء نظرية علمية كانت سائدة ومكرّ سة في وقتها، واستبدالها بنظرية أخرى معارضة لها. ويؤدّي هذا
الاستبدال إلى تحوّ ل في المشكلات التي تشغل بال الباحثين العلميين. ومن هذه المشكلات الجديدة،
تنبع مقاييس، من خلالها، يقرّ ر العلماء ما يمكن اعتباره مشكلة مقبولة، أو ما يمكن اعتباره حلا
مشروعا. تُغيرّ هذه الثورات العلم إلى درجة تغيير النظرة إلى العالم الذي تجري فيه هذه الأعمال العلمية
إنّ النظرية الجديدة التي تنبثق عن هذا التغيير الثوري، لم تكن أبدا مجرّ د نمو طبيعي لما كان
معروفا، إنمّا تتطلّب من أجل استيعاđا إعادة بناء النظرية السابقة، بل ربما تركها كلية، وإعادة تقييم
الوقائع والظواهر السابقة التي كانت مفسّ رة طبقا لمقولات النظرية السابقة. ويجب أن نفهم أنّ هذه
العملية الثورية لا تُنجز من طرف عالم واحد إلاّ نادرا. ولا يتمّ ذلك بين يوم وليلة. من هنا، نفهم لماذا
يجد المؤرّخون صعوبة في تحديد تواريخ دقيقة لهذه العملية الطويلة، لأنّ طريقتهم لإدراك التطور العلمي،
20 عن طريق "التراكم"، تفرض عليهم اعتبار هذه الثورات حوادث معزولة.
-3الأهمية المنهجية لاستخدام البراديغم في البحوث العلمية:
يرى "كون" أنّ البراديغمات تكتسب مرتبتها لأĔّا أكثر نجاحا من منافساēا في حل
مشكلات قليلة انتهت مجموعة من المشتغلين إلى الإقرار بكوĔا حادّة. وأن يكون البراديغم أكثر نجاحا
21 من سواه، ليس معنى ذلك أن يحقّق نجاحا بارزا في حل عدد أكبر من المشكلات.
بتركيز الانتباه على مجال من المشكلات الخاصّ ة نسبيا، ي ُ لزم البراديغم العلماء بدرس جانب
من جوانب الطبيعة بتفصيل وعمق لم يكن تصور حصولهما بغيره، وللعلم العادي آلية في بنيته تخفف
قساوة الحدود التي تحصر البحث، وذلك عندما يتوقف البراديغم الذي استمدّت منه عن العمل
بكفاءة، حينئذ يبدأ العلماء بالسلوك على نحو مختلف، كما تتغيرّ طبيعة مشكلات بحثهم. في الوقت
نفسه، وخلال فترة نجاح البراديغم، تكون المهنة قد حلّت مشكلات قلّما خطرت في بال العاملين فيها،
وما كانوا لينجزوها إطلاقا، من دون الالتزام بالبراديغم. وإنّ جزء من ذلك الإنجاز، على الأقل، أثبت
22 قدرته على البقاء.
إنّ البراديغم يقدّم الأسئلة والحلول في نفس الوقت، وهذا يعني أنّ العلماء يشتغلون تحت
مظلّ ته التي تقتضي جعل النظرية والتجربة في توافق محدّد سلفا، بفضل الجهاز المفهومي المتمثّل أساسا
في المسلّمات والإجراءات التي ينخرط في استيعاđا وكشفها العالمِ أثناء ممارسته لنشاطه العلمي، فالعالمِ
لا يدرك العالمَ إلا من خلال البرادبغم. لهذا يعمل هذا الأخير على إقصاء كل الوقائع التي لا تنسجم
مع طبيعته. من ثمّة يتخلّى عنها الباحث. ولا يهتم إلاّ بما يسمح به البراديغم. يقول "كون": «عادة
يكون البراديغم المطوّ ر من أجل مجموعة من الظواهر غامضا في تطبيقه على ظواهر قريبة جدا. عند
ذلك تكون التجارب ضرورية للاختيار بين الطر ائق البديلة لتطبيق الراديغم في اĐال موضوع الاهتمام».
يحدّد البراديغم العالمَ عند "كون" الذي يجب على العالمِ استكشافه. بمعنى أنّه تأويل للعالم.
هذا التأويل يضع شروطا محدّدة لتأويله هو أيضا. هذه الشروط هي حدود البراديغم الذي يفترض
التأويل، تأويل المعطيات،بالرغم من المشاكل التي قد تُطرح بخصوص الاختلافات بين العلماء في درجة
تطبيقهم للقيم المشتركة كمحدّد أساسي للبراديغم، حيث كتب "كون": « يمكن أن تخدم الفروق
23 الفردية في تطبيق القيم المشتركة وظائف أساسية بالنسبة للعلم».
ينشئ البراديغم قياسا أو تسوية جديدة في علم ما، ذلك بأن يضيف إليه العناصر المعترف
đا في البحث العلمي. وتتمثل هذه العناصر أساسا في: قانون، نظرية، وأدوات تجريبية، وهي تتهيكل
إنّ البراديغم إنجاز 24 مشكلة نماذج يحُ تذى đا لتتولّد عنها تقاليد خاصة ومنسجمة من البحث العلمي.
قادر على أن يكون دليلا لأبحاث اĐموعة برمّ تها.
وفـق "ميلفـين ديفلـر" (Defleur Melvin (و"سـاندرا بـول روكيـتش" Sandra(
(Rokeach-Ball، فـإنّ الافتراضــات الــتي تشــكّل الــبراديغم، تعــد بالفعــل مــن الأمــور المســلّم đــا،
بمعـنى أنّ الافتراضـات تتـيح نقطـة انطـلاق لاسـتخلاص تفسـيرات نظريـة لجوانـب أكثـر دقـة مـن الظـاهرة
الاجتماعيــة والنفســية. هــذه المســلمات في حــد ذاēــا ليســت عرضــة للاختبــار والتمحــيص، فلــيس مــن
الممكـن جمـع المعطيـات والمـادة التجريبيـة الـتي يمكـن الاسـتناد إليهـا في قبـول أو رفـض الافتراضـات المسـلم
đـا. وبـدلا مـن ذلـك، فـإن هـذه المسـلّمات تؤخـذ كمـا هـي. لـيس بمعـنى أن ي ُ نظـر إليهـا كحقـائق خالـدة،
ولكـن فقــط كافتراضــات. بمعـنى آخــر، فــإنّ المســلمات هـي بيانــات تحــدّد العلاقـات والظــروف الــتي قــد
يختارهـا المـرء لاعتبـار شـيء مـا صـحيحا وحقيقيـا، đـدف دعـم حجتـه، وتقويـة رأيـه، أو đـدف رؤيـة مـا
ستقود إليه من الناحية المنطقية. والتسليم بصحة علاقة معينة، أو ظرف ما هو مثل أن نقول افـترض أنـه
25 صحيح أن العلاقة أو الظروف تصف الحقيقة بدقة.
في حين يرى "رولان أومنيس" (Omnis Roland (مؤلف كتاب "فلسفة الكوانتم"
26 البراديغم بأنّه: «إنجاز علمي مميّز، أصبح أنموذجا جديرا بالمحاكاة من جانب باحثين آخرين».
-4 نماذج من البراديغمات السائدة في علوم الإعلام والاتصال:
ارتبطت نشأة وتطور بحوث ودراسات الإعلام في العشرينات من القرن الماضي بالنموذجين
الوضعي والسلوكي (paradigm behaviourist and positivist (، فقد استمدّ التخصّص
الجديد الكثير من منطلقاته، ومفاهيمه، وأطره النظرية والمنهجية من هذين النموذجين. في هذا الإطار،
ركّزت بحوث الإعلام - وما تزال -على تأثير وسائل الإعلام في الجمهور، اعتمادا على ما ي ُعرف
بدراسات الجمهور، وأهملت إلى حدّ كبير دراسة مضمون وشكل الرسالة الإعلامية، التي ي ُفترض أĔّا
تحدث التأثير المطلوب أو المرغوب من وجهة نظر المرسِ ل أو القائم بالاتصال، سواء كان شخصا أو
27 مؤسسة إعلامية.
رغـم حداثـة تخصـص الإعـلام والاتصـال، إلا أنّـه مجـال حيـوي أنـتج البـاحثون فيـه الكثـير مـن
الدراسات الإعلامية المتميّزة، تـدريجيا بـدأت تظهـر محـاولات لبلـورة نظريـات في هـذا اĐـال لتـأطير مختلـف
الأبحـاث والدراســات. وحســب "عبـد الــرحمن عــزي"، فالمقصـود بنظريــات الإعــلام والاتصـال هــي تلــك
النظريـات الـتي تتنـاول علاقـة وسـائل الإعـلام بظـاهرة مـا (الإعـلام)، أو علاقـة أفـراد اĐتمـع مـع بعضـهم
28 البعض (الاتصال).
إنّ أهـم البراديغمـات المتاحـة لعلمـاء الاتصـال تشـمل فئـة مسـتمدة أصـلا مـن علـم الاجتمـاع،
وعلـمالـنفس، وعلـم الـنفس الاجتمـاعي، وفي داخـل هـذه اĐـالات، هنـاك فئـات عديـدة مـن المسـلّمات
التي تشكّلت فيما يتعلق بطبيعة اĐتمع والطبيعة الإنسانية. بالنسبة لعلم الاجتماع، نجـد أنّ الافتراضـات
الثلاثـة الـتي أعطـت أهميـة قصـوى لدراسـة العلاقـات بـين وسـائل الإعـلام واĐتمـع وعمليـة الإعـلام، هـي
29 نفسها التي تعطي دورا محوريا لكل من:
خضــعت هــذه الدراســات للتطــوير فيمــا بعــد مــن خــلال جهــود علمــاء الــنفس وعلــم الــنفس
الاجتمــاعي. وأصــبحت تعــرف بنظريــات المثــير والاســتجابة أو نظريــات الــتعلم، ēــتم جميعهــا بالســلوك
31 الفردي في علاقته بالمثيرات الخارجية والتركيز على أنّ هذا السلوك هو عصبي متعلَّم في البداية
تزامن ظهور هذه الدراسات ببروز نظرية اĐتمع الجماهيري التي تفترض:
إنّ بحـوث الإعـلام الـتي ظهـرت في تلـك الفـترة، والمتـأثرة بنظريـة الـتعلم في علـم الـنفس، ونظريـة
اĐتمــع الجمــاهيري في علــم الاجتمــاع، وكــذا نظريــة الرصاصــة الســحرية في الإعــلام، ركّــزت في دراســة
اسـتجابات جمهـور وسـائل الإعـلام علـى الخصـائص الموروثـة مثـل النـوع، وتـأثير الخـبرات المكتسـبة بفضـل
السن والتعلم والحالة الاقتصادية. وأصبحت هذه الخصائص هي القاسم المشترك في تصنيف الجمهـور في
علاقتـه بـالتعرض لوســائل الإعـلام أو تـأثّره đــا. هـذه الخصــائص والسـمات الـتي يطلــق عليهـا الســمات
الأوليـة أو السـكانية أو العامـة، يـرى البـاحثون أĔّـا تسـهم، مـع غيرهـا مـن السـمات، في تشـكيل خـبرات
وقد شـهدت بحـوث الإعـلام اهتمامً ـا 34 الفرد ومواقفه، وتؤثر في كل من بناء الشخصية ونماذج السلوك.
كبيرً ا đذه السـمات العامـة في علاقتهـا بأنمـاط السـلوك مـع وسـائل الإعـلام ومحتواهـا، نتيجـة لكـون هـذه
السمات تساعد على تفسير التباين في استخدامها، وبالتالي معرفة أنو اع الجمهور الـذي يميـل إلى وسـيلة
معينـة و إلى محتـوى معـين، في أوقـات مختلفـة و في وضـعيات اتصـالية مختلفـة، ممّـا سمـح أيضً ـا بتطـور
35 دراسات جمهور وسائل.
2-4 البراديغم السيبرنيطيقي:
إنّ مفهوم السيبرنطيقا (Cybernetics (يعني التحكم والضبط، استنادا إلى المعنى اللغوي
اللاتيني للمصطلح، والذي يعود إلى (kubernetike(، وهو المصطلح الذي أطلقه "أفلاطون" على
موجّ ه السفينة، والسيبرنطيقا تقوم على التغذية المرتدّة من خلال متابعة وضع ما خلال فترات زمنية
36 معينة لتحديد الوضع اللاحق، أي أĔّا تقوم أساسا على المعلومة.
أحدث ظهور السيبرنطيقا ثورة علمية خاصة في ميدان التكنولوجية، ويعود الفضل في وضع
أسس السيبرنيطيقا إلى عالم الرياضيات الأمريكي "نوربرت وينر" (Wiener Norbert (
(1964-1894)، لحل ّ مشكلة عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.
37
نشر "وينر" كتابه "السيبرنيطيقا أو التحكم والاتصال عند الحيوان والآلة"، خلال
الأربعينيات من القرن الماضي، وقد ضمّ نه رؤيته لمسألة التنظيم داخل اĐتمع المستقبلي، القائمة على
مادة أولية جيدة ستظهر قريبا وتتمثل، حسب رأيه، في "المعلومة". وبالرغم من أنه دعا إلى أخلقة هذا
النموذج الأعلى لـ "مجتمع المعلومات"، إلا أنه حذر في نفس الوقت من مخاطر الانحرافات التي قد
يحملها. يقول "وينر": «إنّ مجموع المعلومات في نظام ما، هو مقياس درجة تنظيمه، والتدهور هو
38 مقياس درجة فوضويته،
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
النص: الجار الجديد عادَ السَّيِّدُ أَحْمَدُ مِنْ عَمَلِهِ ، فَوَجَدَ أَبَاهُ المَريضَ يُعاني مِنْ ...
المبحث الأول: مفاهيم عامة حول الاستهلاك يتم تقسيم هذا المبحث إلى المطالب التالية المطلب الأول: مفه...
Koch’s postulates are a set of four criteria established in the 19th century by the German physician...
لا يقتصر التكافل الإسلامي في المجتمع على الوفاء بالحاجات المادية بل إن دائرة التكافل الذي يعد حقا لل...
Summarize the main idea in your own words: Introduction Morocco is a multilingualcountry where the o...
An output device is a computer hardware that receives data , translates it into another form, such a...
رحلة استكشافية إلى تاريخ عمان الزراعي عبر نظرة رحالة أوروبي مقدمة تعتبر عمان، بفضل موقعها الجغرافي...
وبعد مرور 1000 عام في رؤية وايزمان،لم يبق سوى عدد قليل من الهياكل التي صنعها الإنسان. لقد انهارت معظ...
Decision-Making Process in Perspective of Sustainability The decision-making process involves sever...
ومن الجدير بالذكر أن علم الاجتماع الصناعي من العلوم الاجتماعية الحديثة، وقد مر بمراحل متعددة، وتعددت...
_Les causes du paludisme sont bactériennes. En cause, les parasites de la famille des Plasmodiums. C...
Menthe maceree: Harcher les feuilles et les Mette dans de l'huile laissr macereer une ou deux semain...