لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

الجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٢
المبحث الأول: حالة ُ ال َف ْقر في العهد النبوي
وفيه ثلاثةُ َمطالب:
الم َط ْل َب الأول: ماهية الفقر في الإسلام
وسائر ما لا بد منه لنفسه، ولايجدإلاأربعةًأوثلاثةًأوريالين، تعريفه على أقوال، وذكر بعضهم أن
َْ َََُ
وهذا له ح ظ ِمن النظر لو ورد لْف ُظ المسكين في سياٍق منفردا عن ًًََُِِ
الفقير، أما لو اجتمع لف ُظ المسكين والفقير فلا بد من التفريق بينهما في المعنى، وقد اختلف العلماءُ حول الفقير والمسكين اختلافًا كث ًيرا؛ واب ُن القاسم ِمن أصحابمالكإلىأما ِصْنٌفواحٌد، والمسكين: المحتاج
َ ََُُُ
السائل ؛ كماقالتعالىفيشأناليهود:􏰀 ́μ¶ ̧􏰁 . محمد بن أحمد بن َعَرفَة الدُسوقي المالكي، الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ، )٣٠٥/١٤(. ٣( سورة البقرة: ٦١. والمِسكين من قدر على ماٍل أوكس ٍب حلاٍل لائٍق )يقع موقعا ِمنكِفايته(، )ولا ي ْكفيه(، وإن ملك نصابا أو ًًًًَََََِِِْ
غني! ولا يمنع المسكنة المس َكن، والمعتمد أ ن المراد بالكفاية هنا كفاية العمر الغالب، نظير ما ِ ُُ َ ََُُْ ََُْ ََْ 
أو عقار يكفيه دخلُه- َغني، والأغنياء غالبهم
كذلك فضلا عن الملوك، فلا يلزم ما ذكر ، وقد علم من ذلك أن المسكين أحسن حالا من ًِِ ََُُ ًَُْ)٢(
الفقير، حيث سمى مالكيها مساكين؛  ًََْ
َ َََ َََْْْ
محتاج ُُْ ََِْ َََْْ ٌٌََْ ٌُ
ولا يكلف بيعه لينفق منه، مسكٌين، فيما يظهر، أو له مسك ٌن: هل
اللائق ا، وكذا كتب العلم التي ٍُُِ ًٍُ
يحتاج إليها ولو نادًرا كمرة في السنة، كالفقه، والتفسير، يعرف ُْ ََُ ُْ
بداماد أفندي )المتوفى: ١٠٧٨هـ(، دار الفكر، كالطب لمن كان من أهله، َِْًًِ
وكذا آلا ُت الحْرفة، كما لا يخرجه عن
ا ل ف ق ر و ا لم س ك ن ة م ا ل ُ ه ا ل ذ ي لا ي ـ ْ ق ِد ر ع ل ى ا لا ن ت ف ا ع ب ه ، أو تضعه تحت الحراسة، وما شابه ذلك. ومثل ذلك ديونه المؤجلة، لأنه الآن معسر، إلى أن ََُ ُُُ َ ٌُْ
يح ل الأَ َج ُل)١(. الم َط ْل َب الثاني: أسباب الفقر في العهد النبوي
ولقد استمر عطاؤعم طيلةَ حياة النبي 􏰄، حتى جاء الخيرُ وَعم في أواخرها، وشهد االله سبحانه بكرمهم وإيثارهم قال تعالى: 􏰀 ̧o1 ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄41⁄21⁄4» ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉ
فيحاملفيصيبالمد. ( ، ُ ُ َ
١( المرجع السابق )١٥٢/٦(. مسند أحمد )٣٧/ ٣٤( حديث )٢٢٣٤٦(. )٤( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال؛ صالح احمد الشامي، دمشق ١٤١٢هـ، ولم يكن الضي ُق ناتجًا عن تقص ٍير أو
وإنما هي ظروف اقتضتها طبيعة هذه المرحلة ِمن حركة الدعوة)١(، عن مخرمة بن سليمان الوالبي، عن أبي هريرة: »أن النبي 􏰄 ََْ َْ
وقوم يـْلزمونه ََُُْ ُ ََُْ ٌََُ
فلما فتح االله ٍ ُُُ ًً
َخْيبـر اتسع الناس بع َض الاتساع، فيها، وغير سعد بن عبادة من الأنصار ِ ُُُُ
ي ْكثرون، والبلاد ضيقةٌ، وربما أصاب َنخلَهم القشام٣، ُ ْ ُ ُ ُ ُ َُ
وزراعته تقوم على النخيل بالدرجة الأولى، وإن المزاِرع تسقى ََُ ُَ
بالماء الذي َيحملُه الرجال على أكتافهم أو َتحملُه الإبل، وهو أمر صعب؛ ٌٌْْ
البصري البغدادي، المعروف
الطبعة الأولى، ١٩٦٨ م، )٤٠٩/١(. 
وإذا أصاب القشام الثمرة فقد ذهب موسم ذلك
والميداُنالزراعيمجالُهَمحدوٌد، خاصةوأنالزراعة
أمرين تا م ْين: السكن له ولأسرته، وتأمين َم ْورد رزق له، وكمثال
لكثْرة أعداد القادمين وعدم قُدرة المدينة على استيعام ومثال ذلك قصةُ وفْد مزيـنَةَ؛ فقد كان ِ ِ َُْ
أول من وفَد على رسول االله 􏰄 من م َضر أربعمائة من مزيـنَةَ، الأولى هي النخيل، حيث كنتم فارجعوا إلى )٢( َ ُِ
منأْجِلالدفاع عن المدينة، وما ذاك إلا لأنه رأى عدم القدرة الاستيعابية للمدينة على تقبل تلك الأعداد الكبيرة دفعةً واحدةً للظروف الاقتِصادية القائمة)٣(. ٣- أ ن المهاجرين- وغالبيتُهم ِمن قريش- لا يتقنون غير التجارة عملاً، ريثما يتعرفون
والحر ُب تُنهك الاقتصاد، ١( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، مرجع سابق، )ص: ٦١(. مرجع سابق، )١/ ٢٩١(. )٣( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٧ وت ْذ ِهب بالثروات، َُُُُ للوصول إلى أرض المعركة؛ كما قال تعالى: 􏰀}~¡¢£¤¥
́32±° ̄¬«a ̈§¦ . ِِ
٦- الهجرةُ من مكة إلى المدينة بحد ذاا، إما لعدم استِطاعة حملها كلها، للهجرة، ومن ذلك الحدي ُث الذي رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: »قال رسول االله 􏰄 للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأمواَل والأولاَد وخرجوا إليكم؛ فقالوا: أموالنا بيننا قطائع؛ قال رسول االله: أوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول االله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، وتقاسموم التمر؛ الم َط ْل َب الثالث: الحالة الاقتصادية للمسلمين في اتمع الم َدني
تظهر ُكتب السيرة أن الحالة الاقتِصادية العامة في المدينةكان فيها ِمن ضيِق العيش الشيء ُُِ ُ
الكثيرُ، ويتضح ذلك مما يلي:
أحمد أحمد غلوش، والتوزيع، الطبعة الأولى ١٤٢٤هـ- ٢٠٠٤م، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي )المتوفى: ٧٧٤هـ(، ١٤١٨ هـ-
١٩٩٧ م، )٤/ ٥٦٥(. وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٨ أولا: حديث جابر بن عبد االله 􏰅 قال: )مكث النبي 􏰄 وأصحابه يحفرون الخندق
ثلاثًا ما ذاقوا طعاًما؛ إن ها هناِ ُك ْديَةً منِ الجبل، فقال رسوُل االله 􏰄:
»رشوا عليها الماء« فرشوها؛ ثم قال: »بسم االله«، فصارت كثيبا يهال، قال جابر: فحانت مني الْتِفاتة، َشد على بطنه حجًرا(! وفي لف ٍظ آخَر: )لما حفر الن بي وأصحابه الخندق أصاب النبي والمسلمين جه ٌد شدي ٌد، فَمكثوا ثلاثًا لا يجدون طعاًما؛ حتى
ربط النبي 􏰄 على بطنه صخرة ِمن الجوع، فقال: »فانْطَلِق فهيئ ما عندك
َُُْَُ
فجاء رسوُل االله 􏰄 والجي ُش جميًعا؛ فقل ُت: يا
رسول االله، بَق ْصعٍة«، فأتيتُه بَق ْصَعٍة؛ ثم قال: »ائِدْم فيها«، ثم قال: »بسم االله«، فإذا طعِموا وشبِعوا خرجوا، حتى ًََُُُُُْْ
أبو عبد االله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني )المتوفى: ٢٤١هـ(، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرين، الطبعة الأولى، ١٤٢١ هـ- ٢٠٠١ م، وقال في الحاشية ما نصه: إسناده صحيح على
رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيمن المكي والد عبد الواحد، فمن رجال البخاري. وأبو عوانة )٣٥٤/٤-٣٥٥، والبيهقي في »دلائل النبوة« )٤٢٢/٣(. 
ثانيًا: حديث أنس بن مالك 􏰅 الذي جاء فيه: أ ن أبو طَْل َحة قال لأُم ُسلَْي ٍم: لقد
فهل عندك من شيٍء؟ قال ْت: نعم، فأخرَج ْت أقرا ًصا ِمن شعير، ثم أخرج ْت ِخماًرا لها، فلفت الخبَز ببعضه، قال: فذهبت به، فوجدت رسول االله 􏰄 في َْْ َُُ
ومعه الناس، فقم ُت عليهم، فقال لي رسوُل االله 􏰄: »أأرسلك أبو طَْل َحة« فقل ُت: نعم، قال: »بطعام«، فانطلق وانطلق ُت بين أيديهم، حتى جئت أبا طَْلحة فأخبرته، قد جاء رسوُل االله
وليس عندنا ما نطعمهم؟ فقالت: االله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طَْلحة حتى لقي ََُْ
رسول االله 􏰄، فقال رسول االله 􏰄: »هلمي يا أُم سلي ٍم، ً ُ َُْ  ْ ّ َُ َُْ فأْدَمْتهُ، ثم قال رسوُل االله 􏰄 فيه ما شاء االله أن يقول، ثم قال: »ائَذْن لعشرة« فأِذَن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: »ائذ ْن ل َع َشرة« فأ ِذ َن لهم، لا يأوون على ً ََُْ
أهل ولا مال، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، محمد بن إسماعيل أبو عبداالله البخاري الجعفي، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، رقم الحديث ٣٥٧٨. 
وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٠
فسألتُه عن آيٍة ِمنكتاب االله، ما أسأله إلا ليَ ْستتبعني، ودخل منزله فاستأذن ُت فأذن لي، فقال رسوُل االله 􏰄: »أبا هريـرة« قلت: لبيك، وهم أضيا ُف أهل الإسلام، ذلك، فسيأمرني أن أُديَره عليهم، فما
وطاعة رسوله، خذ ِ ََُْ ُ
فأخذت القَدح، فجعلت أُناوله الرجل، ثم يرده فأناوله ُُُ
وقد روى القوم كلهم، فأخذ رسول االله 􏰄 القدح، فوضعه على يديه ثم رفع رأسه فتبسم، فشربت ثم قال: »اشرب«، فلمأَزلأشرب، حتىقلُت:والذيبـعثََكبالحقماأجدلهمسلًكا، فأخذ ََ َْ
والحديث حسن صحيح)١(. ١( سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن َسْورة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى )المتوفى: ٢٧٩هـ(، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر، )٤/ ٦٤٨(، رقم الحديث: ٢٤٧٧، وقال في الحاشية: حكم الألباني صحيح. وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١١ المبحث الثاني: وسائل معال َجة الفقر في العهد النبوي
وفيه ستةُ َمطالب:
الأولى: بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة
فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين الزبير وابن مسعود، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عُبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، الم َط ْل َب الأول: الم ُؤاخاة
وبين سعيد بن زيد وطَْل َحة بن عبيد االله، وبين علي ونفسه 􏰄)١(. َِ ُ
􏰄 وعلي، فإن من العلماء من ينكر ذلك، ويمنع من صحته، ومستنده في ذلك أن هذه
معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا مهاجري لمهاجري، كما ذكره من مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة، ومعاذ فيه نظَر، ًٌَ
إيثارهم لإخوام المهاجرين ومواخام لهم، فقال: 􏰀 ̧o1»1⁄41⁄2 )١( عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، ابن سيد الناس، اليـعمري الربعي، أبو الفتح، فتح الدين )المتوفى: ٧٣٤هـ(، دار القلم- َُْ
الطبعة: الأولى، ١٩٩٣/١٤١٤، )٢٣٠/١(. )٢( السيرة النبوية لابنكثير )٣٢٦/٢(. َُ
وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٢
ÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄4
وروى البخار ي في
صحيحه عن أبي هريـرة قال: »قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل؟ قال: لا؛ قالوا: ََُْ ْ )٢( َ
أفتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا« ، قال رسول االله: أَوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول االله؟ قال: هم
قوم لا يعرفون العلم، فتكفوم وتقاسموم التمر، وذكر ابن عبد البـر في قوله تعالى: 􏰀ÇÆÅÄÃÂÁ َ )٤(
فتكون هذه الآية ناسخة آية )بعضهم أولياء بعض(، اقتضْته مرحلة ما بعد الهجرة، ويتضح بذلك أن هذا النموذج
كان ف عالاً في القضاء على الفقر في تلك المرحلة. فيقال: زكا الزرع: إذا نما وطال، وأما في الشرع: فهي التعبد الله تعالى، بإخراج قدر واج ٍب شرًعا
١( سورة الحشر: ٩. باب إذا قال: اكفني مؤونة النخل وغيره، وتُشركني في الثمر )٣/
)٥( نظم الدرر في تنا ُسب الآيات والسَور، المتوفى: ٨٨٥هـ(، القاهرة، )٣٤٩/٨(. 
وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٣
في أموال مخصوصة لطائفة أو جهة مخصوصة)١(. والعلاقةُ بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي: أن الزكاة وإنكان ظاهُرها النق َص- نْقصكمية
المال- لكن آثارها زيادة المال، فإ ن الإنسان قد يفتح االله له من أبواب الرزق ما لا يخطُر على باله إذا قام بما أوجب االله عليه في ماله؛ قال االله تعالى: ° ̄¬«a ̈§¦¥¤£¢¡~}|􏰀 32± ́􏰁)٢(، وهذا أمٌر ُمشاَهٌد، فإن الموفقين لأداء ما
وربما يفتح االله لهم أبواب رزٍق يشاهدوا رأي العين، ُ ولهذا كانت الزكاة في الشرع ُملاقية للزكاة في اللغة؛ ثم إ ن في الزكاة أي ًضا زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها، والأعماُل الصالحة تزيد في إيمان الرجل؛ وهي أيضا تزيد
والسخاء لا شك أنه ُخلٌُق فاضلكريم، ونور القلب
في صحيحه - باب ذكر نماء المال بالصدقة منه، وإعطاء الرب - عز وجل - المتصدق الخلف )٢/ ََُ
١١٦٨(، حديث )٢٤٣٨(، وغيرهما من حديث أَِبي هريـرة رضي االله عنه، إلا ِعزا، َََُْ َ َ ُ َََُُ ٌََََ  ًََ
٢( الروم: ٣٩. محمد بن صالح بن محمد العثيمين )المتوفى: ١٤٢١هـ(، الشيخ محمد بن صالح العثمين الخيرية، 
وراحته، ولاِسيما فيما إذاكان الإنفاُق واجبًا مؤكًداكالزكاة، لأن المال محبوب إلى النفوس، المحبوب لا يمكن أن يكو َن إلا من أجل محبوب يؤمن به الإنسا ُن وبحصوله، ويكون هذا المحبوب
أ ي ًض ا أ ح ب مم ا ب َ ذ ل َ ه ُ ) ١ ( . ُ وَمصالح الزكاة وزيادةُ الإيمان ا وزيادة الأعمال وغير ذلك- أمٌر َمعلوم، يح ُصل بالتأمل
فيه أكثر مما ذَكْرنا، وآثاُرها على اتمع وعلى الاقتصاد الإسلامي ظاهرةٌ أي ًضا؛ فإن فيها من
مواساة الفقراء والقيام بمصالح العامة ما هو معلوم ظاهٌر ِمن َمصارف هذه الزكاة، فإ ن االله
وهؤلاِء الأصنا ُف الثمانية منهم َمن يأخذها لدفع حاجته، إليه، فالفقراءُ والمساكين والغارمون لأنفسهم هؤلاء يأخذون لحاجتهم، والرقاب، كالغارم لإصلاح ذات البـْين، وااهدين في سبيل االله. عَرفنا مدى نفعها للمجتمع، وفي الاقتصاد تتوزع الثروات بين الأغنياء والفقراء؛ بحيث يؤخذ من أموال الأغنياء هذا الق ْدر ليصر َف إلى الفقراء، حتى لا يحد َث التض خم من جانب، والبؤس والفقر من جانب آخر)٣(. فإن الفقراء إذا رأوا ِمن الأغنياء أم
١( المرجع السابق )ص: ١٨٥(. 
ويتصدقون عليهم ذه الزكاة التي لا يجدون فيها ِمنة عليهم، الإنفاق والب ْذل، وَبخلوا ا، واستأثروا بالمال، وذا يتضح دورها الفعال في معا َلجة مشكلة الفقر في العهد النبوي، ا. تعريف الصدقة:
جاء في ُمختار ال صحاح: المتصدق الذي يعطي الصدقة، الفقراء)٢(. وقد وردت في القرآن الكريم آيا ٌت كثيرة في الح ث على الإنفاق التطوعي، ََ
من ذلك قوله تعالى: 􏰀wvutsrqponm . ٣)􏰁fedcba`_~}|{zyx
وقوله تعالى: 􏰀NMLKJIHGFEDCBA (٤)􏰁\[ZYXWVUTSRQPO
وقوله تعالى: 􏰀zyxw{|}~¡
٦٦٦هـ(، المكتبة العصرية- الدار النموذجية، بيروت- صيدا، ١٤٢٠هـ/ ١٩٩٩م، ٣( البقرة: ٢٦١. )٤( النساء ١١٤. 
وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٦ ¢£¤¥¦§ ̈􏰁)١(
ووردت أدلةكثيرة عن النبي 􏰄 تـبـين فضل صدقة التطوع وَتح ث عليها. ُِََُ ْ
١ ـ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول االله 􏰄: )إن الصدقة لتُطْفئ غ َضب الر ّب، وتدفع عن ميتة ال سوء()٢(. ٢ ـ عن أبي هريـرة 􏰅 أن النبي 􏰄 قال: )ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان يْنزلان،  ََُْ ِ ُ ِ )٣(
وأحب الأعمال إلى االله عز وج ل سرور تُ ْد ِخلُه على مسلم، أو تقضي
أو تطُرد عنه جوًعا، ولأ ْن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إ لي من أن أعتك َف
شهًرا، وَمن كف غضبه ستر االله عورته، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت االله تعالى قدمه يوم
وقد ورد ِمن سيرة الصحابة رضوان االله عليهم أروع الأمثلة في الاستجابة لهذه الآيات، َ
ومن ذلك صدقة أبي بكر 􏰅؛ فعن عمر بن الخطاب قال: أمرنا رسول االله 􏰄 أن نتص دق، فوافق ذلك عندي مالاً، فقل ُت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوًما، فقال: يا أبا بكر، ما أبقي َت لأهلك؟ قال:
١( التغابن: ١٦. باب ما جاء في فضل الصدقة )٢/ ٤٥(، رقم الحديث:
)ص: ٤٤١(، برقم )٣٢٦(، والطبراني في المعجم الأوسط )١/ ٢٥٩(
برقم )٨٥٠(، وح سنه الألباني، 
وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٧
قلت: واالله لا أسبقه إلى شيٍء أبًدا()١(، وهذا ِمن طُرق
تخفيف آلام الفقر، لقد دعا الإسلام في البداية إلى ك ْسب المال بالجهد والعمل؛ فقد قال تعالى: 􏰀X fedcba`_^]\[ZY `_^]\[ZYXWVUT􏰀 :٢(، وقال تعالى)􏰁g
. َُ ُ ِ ِ ْ ِ ِ ِ
أطيب ما أكل الرجل منكْسبه، عن رسول االله 􏰄 قال: »ما كسب الرجل كسبًا أطيب من عمل يده، وفي الحديث: »ما أكل أحد طعاًما قط خير من أن يأك َل ِمن عمل يده، برقم: ٣٦٧٥، وحسنهالألبانيفيمشكاةالمصابيح)١٦٩٩/٣(رقم الحديث: ٦٠٣٠. ٢( سورة الجمعة: ١٠. سنن ابن ماجه )٣/ ٢٦٩(، حديث
رقم ٢١٣٧، وهذا إسناد اختلف فيه على إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي. كتاب: التجارات، سنن ابن ماجه )٣/ ٢٦٩(، حديث رقم ٢١٣٨. حديث رقم: ٢٠٧٢، وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٨
وعن أنس 􏰅، أن رجلاً ِمن الأنصار أتى النبي 􏰄، يسأله، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، قال: آتني ما، فقال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثًا؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياها، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال: اش ِتر بأحدهما طعاًما، واشتر بالآخر قدوًما فأتني به، ثم قال له: اذهب فاحتطب وب ْع، وبعضها طعاًما، إًذا ح ث الرسول الكريم 􏰄 على العمل وعلى عدم سؤال الناس- فيه دلالةٌ واضحةٌ على
وغرس مفهوم الإنتاجية والاعتماد على النفس بدًلا
الم َط ْل َب الخامس: الوقف
لغة: الحبس، وقد حبب االله للإنسان فعل الخير، وندب إلى ذلك، ومن ذلك الوقف بأنواعه؛ ومن الأدلة على مشروعية الوقف:
عن أبي هريـرة 􏰅 قال: قال 􏰄: »إذا مات الإنسا ُن انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا ََُْ
١( السنن لأبي داود السجستاني، أبواب التجارات، باب بيع المزايدة )٣/ ٣١٦(، رقم الحديث: ٢١٩٨. ٢( لسان العرب، مادة: وقف. )٣( المغني، لابن قدامة المقدسي، )٥/ ٥٩٧(. 
أو علم ينتفع به، ََُْ  ِ
وولًدا صالحًا تركه، ومصحًفا ورثه، جاء في المغنى بشأن الوقف ما يأتي: )الأصل فيه ما روى عبد االله بن عمر 􏰅 قال: »أصاب عمر أر ًضا بخيبر فأتى النبي 􏰄
فقال لرسول االله 􏰄: إني أصبت أر ًضا بخيبر لم أص ْب قط ماًلا أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت ا، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث في الفقراء والُقربى والرقاب وفي سبيل االله والضيف وابن السبيل، أو يطعم صديًقا غير متمول فيه«)٣(. وأكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف؛ وانتشر ذلك فلم ينكره أحد فكان إجما ًعا()٤(، عوامل القضاء على الفقر في الَعْهد النبَوي. الم َط ْل َب السادس: نموذج أهل الصف َّة
وهو مح ل دراستنا هذه، مسند أبي هريرة رضي االله عنه )١٤/ ٤٣٩( رقم الحديث: ٨٨٤٥، )١/ ٨٨( رقم الحديث: ٢٤٢، ومسلم في الوصية )٧٤/٥( برقم )٣٠٨٥(. 
اللحاق بالرسول 􏰄، لم يستوع ْب نموذج المُؤاخاة كل تلك الأعداد؛ فعمل رسول االله 􏰄 نموذج ال صفة لاستيعاب من لم يسعه نموذج المُؤاخاة، وتفيد الروايات أم كانوا في
وقد يزيدون على ذلك أو يقلون بحسب تب دل أحوالهم من زواج، وأكثر من مائة رجل)٢(، أو يسافر، المائة)٣(. في هذا العدد، وإلا فمجموعهم أضعاف ذلك«)٤(. بل منهم من يتأهل أو ينتقل إلى مكان آخر يتيسر له، ويجيء ناس بعد ناس فكانوا تارة يقلون، فتارة يكونون عشرة أو أقل، وتارة يكونون عشرين وثلاثين وأكثر، وتارة يكونون ستين وسبعين،


النص الأصلي

الجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٢
المبحث الأول: حالة ُ ال َف ْقر في العهد النبوي
وفيه ثلاثةُ َمطالب:
الم َط ْل َب الأول: ماهية الفقر في الإسلام
الفقيرُ هو: َمن ليس له ماٌل ولا َك ْس ٌب لائق به، يَقع َمْوقًِعا ِمنكفايته؛ ِمن َمطَْعٍم وَم ْشَرٍب،
ومْلب ٍس ومس َك ٍن، وسائر ما لا بد منه لنفسه، وما تـْلزمه نـفقته ِمن غير إسرا ٍف ولا تـقت ٍير،كمن يحتاج ََ َْ ُ َََََُُ َْ َ
إلىعشرةريالاتكليوم،ولايجدإلاأربعةًأوثلاثةًأوريالين،أماالمسكُينفقداختلفالعلماءُفي
ٍِِِ
تعريفه على أقوال، ومن أشهرها: أنه الذي يملك قوت يومه، ولكن لا ي ْكفيه، وذكر بعضهم أن
َْ َََُ
المسكين والفقير بمعنى واحٍد، وهذا له ح ظ ِمن النظر لو ورد لْف ُظ المسكين في سياٍق منفردا عن ًًََُِِ
الفقير، أما لو اجتمع لف ُظ المسكين والفقير فلا بد من التفريق بينهما في المعنى، وقد اختلف العلماءُ حول الفقير والمسكين اختلافًا كث ًيرا؛ فذهب أبو يوسف صاح ُب أبي َحنِيَفةَ، واب ُن القاسم ِمن أصحابمالكإلىأما ِصْنٌفواحٌد،وخالََفهماالجمهور)١(.
ُ
ِ
وذََكر الطبر ي في تفسيره أن المراد بالفقير: المحتاج المتـعفف عن المسألة، والمسكين: المحتاج
َ ََُُُ
)٢( ُ )٣(
السائل ؛كماقالتعالىفيشأناليهود:􏰀 ́μ¶ ̧􏰁 . وذكر "شيخي زاده" فيكتابه مجمع الأَنـهر أن الفقير والمسكين عند الحنِفية والشافِعِية هو
 ََ َ َ ُْ ََْ ََْ َ
)١( حاشية الدُسوقي على الشرح الكبير؛ محمد بن أحمد بن َعَرفَة الدُسوقي المالكي، دار الفكر، )٤٩٢/١(.
)٢( جامع البيان في تأويل القرآن؛ محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ، )٣٠٥/١٤(.
)٣( سورة البقرة: ٦١.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٣ من يملِك شيئا دون النصا ِب الشرعي في الزكاة)١(.
والمِسكين من قدر على ماٍل أوكس ٍب حلاٍل لائٍق )يقع موقعا ِمنكِفايته(، وكفايِة ممونِه َُِ ًَ َْ َََِِْْ
من مطْع ٍم وغ ِيره، )ولا ي ْكفيه(، كمن يحتاج عشرة فيجد سبعة أو ثمانية، وإن ملك نصابا أو ًًًًَََََِِِْ
أنصباء، ومن َثم قال في الإحياء: قد يملك ألفا وهو فقير! وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا وهو ًَْ ٌ َْ ًًَْ
غني! ولا يمنع المسكنة المس َكن، والمعتمد أ ن المراد بالكفاية هنا كفاية العمر الغالب، نظير ما ِ ُُ َ ََُُْ ََُْ ََْ 
يأتي في الإعطاء، وإن فـرق بينهما فلا يقال: يـْلزم على ذلك أخُذ أكثر الأغنياء بل الملوك من ِ ْ ََ ََ
ِِ الزكاة! لأنا نقول: من معه ماٌل ي ْكفيه رْبحه، أو عقار يكفيه دخلُه- َغني، والأغنياء غالبهم
ُُِٌََُِِِِْ َ
كذلك فضلا عن الملوك، فلا يلزم ما ذكر ، وقد علم من ذلك أن المسكين أحسن حالا من ًِِ ََُُ ًَُْ)٢(
الفقير، خلافًا ل َم ْن ع َكس، واحتجوا بقوله تعالى: 􏰀􏰁f e d c ؛ حيث سمى مالكيها مساكين؛ فدل على أن المِسكين من يملِك ما لا ي ْكفيه)٣(.
 ًََْ
َ َََ َََْْْ
ولا يخِرج الفقير أو المِسكين عن فـقِره ومس َكنتِه أن يكون له مس َكن لائق به، محتاج ُُْ ََِْ َََْْ ٌٌََْ ٌُ
إليه، ولا يكلف بيعه لينفق منه، ومن له عقار يـنـقص دخله عن كفايته فهو فقير أو ٌَََََُُُِْْ ٌِ
مسكٌين،نعملوكاننفيًسابحي ُثلوباعهاستطاعأنيشترَيبهمايَْكفيهَدْخلَه-لَزَمهُبيعُه
فيما يظهر، وِمثْل المسك ِن فإ ِن اعتاد السك َن بالأُجرة ومعه ثم ُن مسك ٍن، أو له مسك ٌن: هل
يخرج عن الفقر بما معه؟ أجاب في اية المحتاج بالإيجاب، وخالفه غيره، وكذلك حلي المرأة َُِْ َُ ُ ُّ
اللائق ا، المحتاجة للتزين به عادة، لا يخرجها عن الفقر والمسكنة، وكذا كتب العلم التي ٍُُِ ًٍُ
يحتاج إليها ولو نادًرا كمرة في السنة، سواء أكان ْت كت َب عْلم شرع ي؛ كالفقه، والتفسير،
)١( مجمع الأَنـهر في شرح مْلتـقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده، يعرف ُْ ََُ ُْ
بداماد أفندي )المتوفى: ١٠٧٨هـ(، دار إحياء التراث العربي، )١/ ٢٢٠(. )٢( الكهف: ٧٩. )٣( اية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي
)المتوفى: ١٠٠٤هـ(، دار الفكر، بيروت، الطبعة ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م، كتاب الصدقات )١٥٥/٦(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٤
ِِ
والحديث، واللغة، والأدب، أو علما دنيويا نافعا؛ كالطب لمن كان من أهله، ونحو ذلك،
َِْًًِ
وكذا آلا ُت الحْرفة، وأدوات الصنعة، التي يحتاج إلى استعمالها في َصْنعته، كما لا يخرجه عن
ا ل ف ق ر و ا لم س ك ن ة م ا ل ُ ه ا ل ذ ي لا ي ـ ْ ق ِد ر ع ل ى ا لا ن ت ف ا ع ب ه ، ك أ ن ي ك و َن في ب ل ٍد ب ع ي ٍد ، لا ي ت م ك ن ِ م ن
َِِ
الحصول عليه. أو يكون حاضرا ولكن حيل بينه وبينه، كالذي َتحجزه الحكومات المستب دةُ،
ً َ ْ َُُْ
أو تضعه تحت الحراسة، وما شابه ذلك. ومثل ذلك ديونه المؤجلة، لأنه الآن معسر، إلى أن ََُ ُُُ َ ٌُْ
يح ل الأَ َج ُل)١(. ُ
الم َط ْل َب الثاني: أسباب الفقر في العهد النبوي
إن القارئ لُكتُب السيرة يعلم أن الأنصاَر قدمواكل ما يستطيعون لإخوام المهاجرين ومن ذلك مؤاخام لهم في الأهل والمال ، ولقد استمر عطاؤعم طيلةَ حياة النبي 􏰄، حتى جاء الخيرُ وَعم في أواخرها، وشهد االله سبحانه بكرمهم وإيثارهم قال تعالى: 􏰀 ̧o1 ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄41⁄21⁄4» ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉ
×􏰁)٢(􏰂 ولقد أسهم القادرون من المهاجرين- ِمن أمثال: أبي بكٍر وعَُمر وعثمان وعبدالرحمن بن
عوف- وب َذلُوا، وق دموا الشيء الكثير، مما هو م ْذكور في ُكتُب السيرة، بل قد أسهم ك ل قاد ٍر ٌَََ
حتى ولوكان الشيء الذي يـَقدمه قليلاً؛ فكان النبي 􏰄 عندما َيح ض على الصدقة- كما (٣) ُ  ُُ
يقولابنمسعود-:))ينطلقأحُدناإلىالسوق،فيحاملفيصيبالمد...(( ،ثميأتيليتبـرع به)٤(. ُ ُ َ
)١( المرجع السابق )١٥٢/٦(.
)٢(الحشر:٩. ِِ ِ ِ
)٣( أخرجه ابن ماجه في سننه، باب معيشة أصحاب النِبي صلى الله علَيه وسلم )٥/ ٢٦٠( حديث ََََُْ َ ََُ
)٤١٥٥(، مسند أحمد )٣٧/ ٣٤( حديث )٢٢٣٤٦(. )٤( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال؛ صالح احمد الشامي، دار القلم، دمشق ١٤١٢هـ، )ص: ٥٩(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٥ وعليه، فقد ق دم ك ل قادر على العطاء ما يستطيع، ولم يكن الضي ُق ناتجًا عن تقص ٍير أو
كسٍل أو بخٍل، وإنما هي ظروف اقتضتها طبيعة هذه المرحلة ِمن حركة الدعوة)١(، وِمن ذلك ما ُْ ٌََُْ
أخرجه محمد بن سعد، عن مخرمة بن سليمان الوالبي، أخبرني الأَعرج، عن أبي هريرة: »أن النبي 􏰄 ََْ َْ
كان يجوع، قلت لأبي هريـرة: وكيف ذلك الجوع؟ قال: »لكثرة من يـْغشاه وأضيافه، وقوم يـْلزمونه ََُُْ ُ ََُْ ٌََُ
لذلك، فلا يأكل طعاما أبدا إلا ومعه أصحابه، وأهل الحاجة يتتبـعون من المسجد، فلما فتح االله ٍ ُُُ ًً
َخْيبـر اتسع الناس بع َض الاتساع، وفي الأمر بعُد ضيٌق، والمعا ُش شديٌد فهي بلاُد ظلَف لا زرع ََ ُِ ٢ٍ
فيها، إنما طعام أهلها التمر، وعلى ذلك أقاموا، قال مخرمة بن سليمان: وكانت جفنة سعد تدور ُ ُ َََُْ ُ َ ََُْ َُ
على رسول االله 􏰄 منذ يوم نزل المدينة في الهجرة إلى يوم تـوفي، وغير سعد بن عبادة من الأنصار ِ ُُُُ
يـْفعلُون ذلك، فكان أصحاب رسول االله 􏰄كثيرا يتواسون، ولكن الحقوق ت ْكثر، والقدام للمدينة ًٍٍََََُُُُِ
ي ْكثرون، والبلاد ضيقةٌ، ليس فيها معاش إنما تخرج َثمرُم من ماء ثمر يحملُه الرجاُل على أكتافهم أو ٌََُُِ
على الإبل،، وربما أصاب َنخلَهم القشام٣، فيذهب َثمرتـهم تلك السنة«)٤(. ُ ْ ُ ُ ُ ُ َُ
فإ ن هذا الن ص لَي ِصف أسباب ال ش دة، ويؤكد عدم التقصير في الب ْذل والعطاء، ومن
١- أن المدينة بلد زراعي، وزراعته تقوم على النخيل بالدرجة الأولى، وإن المزاِرع تسقى ََُ ُَ
َِِِ
بالماء الذي َيحملُه الرجال على أكتافهم أو َتحملُه الإبل، وهو أمر صعب؛ فليس هناك من أار
ٌٌْْ
ََُ
الأسباب ما يلي:
)١( المرجع السابق، ص ٥٩ ٢ الجفنة قيل : بمعنى القصعة الكبيرة ، وقيل وعاءٌ يصنع عادًة من الخزف ويستعمل للتبخير أَو لتسخين
المواّد ، ونرجح بأا وعاء يستعمل لحفظ الطعام والإبقاء على مادته وخصائصه أطول فترة ممكنة.
)٣( القشام : قيل بمعنى الموت وقيل اليبس ونرجح بأا : آفة تصيب البلح فتذهب به. )٤( الطبقات الكبرى، أبو عبد االله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري البغدادي، المعروف
بابن سعد )المتوفى: ٢٣٠هـ(، تحقيق )إحسان عباس(، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٦٨ م، )٤٠٩/١(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٦ تسقي المزارعكما في البلاد الزراعية الأخرى، وإذا أصاب القشام الثمرة فقد ذهب موسم ذلك
ََ َُُ العام،والميداُنالزراعيمجالُهَمحدوٌد،والأيديالعاملةُالتييستهلكهاقليلةٌ،خاصةوأنالزراعة
ُ
٢- كثرة الوافدين والقادمين؛ مما ينشأ عنه كثرةُ الحقوق والالْتِزامات، وك ل قادٍم يحتاج إلى
ٍٍِِِِِ
أمرين تا م ْين: السكن له ولأسرته، وتأمين َم ْورد رزق له، ولم يك ْن هذا بالأمر ِبال س ْهل، وكمثال
لكثْرة أعداد القادمين وعدم قُدرة المدينة على استيعام ومثال ذلك قصةُ وفْد مزيـنَةَ؛ فقد كان ِ ِ َُْ
أول من وفَد على رسول االله 􏰄 من م َضر أربعمائة من مزيـنَةَ، وذاك في رجب سنة خمس، َ ُ َُْ
الأولى هي النخيل، والعمل فيها مواس ُم محدودة)١(.
فجعل لهم رسوُل االله 􏰄 الهجرة في دارهم: »أنتم مهاجرون؛ حيث كنتم فارجعوا إلى )٢( َ ُِ
أموالكم« ،فقدردهمرسوُلاالله􏰄إلىبلادهموهوأْحَوُجمايكونلهم؛منأْجِلالدفاع عن المدينة، وما ذاك إلا لأنه رأى عدم القدرة الاستيعابية للمدينة على تقبل تلك الأعداد الكبيرة دفعةً واحدةً للظروف الاقتِصادية القائمة)٣(.
٣- أ ن المهاجرين- وغالبيتُهم ِمن قريش- لا يتقنون غير التجارة عملاً، ولم يكن فيهم من
ِ ٍُ َِ ُيحسن الصنعات المختلفة؛ وذلك لاحتقار العربي يومئذ للصنعة، وأنه يرى فيها عمل الأرقاء
َُْ والعبيد، وهذا يجعل من القادمين عاطلين عن العمل لفترة من الزمن على الأقل، ريثما يتعرفون
على أوضاع البلد، ومع هذا فالمدينة ليست البلد الكبير الذي يستوعب ذلك العدد ِمن الت جار)٤(.
٤- أن المدينةَ عاش ْت في أكثر أيام الرسول 􏰄 في حالة حرب، والحر ُب تُنهك الاقتصاد،
)١( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، مرجع سابق، )ص: ٦١(. )٢( الطبقات الكبرى، مرجع سابق، )١/ ٢٩١(. )٣( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، مرجع سابق )ص: ٦٢(. )٤( المرجع نفسه والصفحة نفسها.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٧ وت ْذ ِهب بالثروات، وفي كث ٍير ِمن الأحيان كان يتوفر وجود مقاتلين ولا يوجد المال الذي ُيج هزهم
َُُُُ للوصول إلى أرض المعركة؛كما قال تعالى: 􏰀}~¡¢£¤¥
́32±° ̄®¬«a© ̈§¦ .(١)􏰁μ
٥- كان للمدينِة مع مكةَ حركةٌ تجارية قبل الهجرة وتوقف ْت هذه الحركةُ بعد الهجرة،، مما أثـَر بَِدْوِره على النشاط الاقتصاد ي)٢(.
ِِ
٦- الهجرةُ من مكة إلى المدينة بحد ذاا، وتْرُك المهاجرين لأموالهم، أو غالب أموالهم في
مكة، إما لعدم استِطاعة حملها كلها، أو لمساومة كفار قريش على أموالهم ليخلوا سبيلهم َِ ََْ
للهجرة، ومن ذلك الحدي ُث الذي رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: »قال رسول االله 􏰄 للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأمواَل والأولاَد وخرجوا إليكم؛ فقالوا: أموالنا بيننا قطائع؛ قال رسول االله: أوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول االله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، فتكفوم
وتقاسموم التمر؛ قالوا: نعم«)٣(.
الم َط ْل َب الثالث: الحالة الاقتصادية للمسلمين في اتمع الم َدني
تظهر ُكتب السيرة أن الحالة الاقتِصادية العامة في المدينةكان فيها ِمن ضيِق العيش الشيء ُُِ ُ
الكثيرُ، ويتضح ذلك مما يلي:
)١( سورة التوبه: ٩٢. )٢( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، مرجع السايق )ص: ٦٣(. )٣( الحديث أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة )٢/ ٤٨٨(. وينظر: السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، أحمد أحمد غلوش، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر
والتوزيع، الطبعة الأولى ١٤٢٤هـ- ٢٠٠٤م، )ص: ١١٣(، وانظر كذلك: البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي )المتوفى: ٧٧٤هـ(، تحقيق: عبد االله بن عبد المحسن التركي، دار ه َجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، ١٤١٨ هـ-
١٩٩٧ م، )٤/ ٥٦٥(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٨ أولا: حديث جابر بن عبد االله 􏰅 قال: )مكث النبي 􏰄 وأصحابه يحفرون الخندق
ثلاثًا ما ذاقوا طعاًما؛ فقالوا: يا رسول االله، إن ها هناِ ُك ْديَةً منِ الجبل، فقال رسوُل االله 􏰄:
»رشوا عليها الماء« فرشوها؛ ثم جاء النبي 􏰄 فأخذ المْعَوَل أو الم ْسحاة، ثم قال: »بسم االله«،
ثم ضرب ثلاثًا، فصارت كثيبا يهال، قال جابر: فحانت مني الْتِفاتة، فرأيت رسوَل االله 􏰄 قد َََ ًُْ ْ ُ
َشد على بطنه حجًرا(! وفي لف ٍظ آخَر: )لما حفر الن بي وأصحابه الخندق أصاب النبي والمسلمين جه ٌد شدي ٌد،
فَمكثوا ثلاثًا لا يجدون طعاًما؛ حتى ربط الن بي على بطنه حجًرا من الجوع()١(.
وفي رواية الطَبراني قال: )لما حفر الن بي 􏰄 الخندق أصاب المسلمين جوعٌ شديٌد، حتى
ربط النبي 􏰄 على بطنه صخرة ِمن الجوع، فانطلقت إلى أهلي فقلت: قد رأيت في وجه رسوِل ًُُُِ
االله 􏰄 وأصحابه الجو َع، فذبح ُت َعناقًا لنا؛ وأمر ُت أهلي فخبزوا شيئًا من شعير كان عندهم، وطبخوا العنا َق، ثم دعوت النبي 􏰄 فأخبرته بالذي صنعت، فقال: »فانْطَلِق فهيئ ما عندك
َُُْَُ
حتى آتيك«، فذهب ُت فَهيأْ ُت ماكان عندنا، فجاء رسوُل االله 􏰄 والجي ُش جميًعا؛ فقل ُت: يا
رسول االله، إنما هي َعنا ٌق جعلتُها لك ولنفٍر ِمن أصحابك، فقال رسوُل االله 􏰄: »ائ ِت
بَق ْصعٍة«، فأتيتُه بَق ْصَعٍة؛ ثم قال: »ائِدْم فيها«، ثم دعا عليها بالبركة؛ ثم قال: »بسم االله«، ثم
قال: »أدِخل عشرة رجاٍل« ففعْلت، فإذا طعِموا وشبِعوا خرجوا، وأدخلت عشرة أخرى، حتى ًََُُُُُْْ
)١( مسند الإمام أحمد بن حنبل، أبو عبد االله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني )المتوفى: ٢٤١هـ(، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرين، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، ١٤٢١ هـ- ٢٠٠١ م، )٢٢/ ١٢٩( رقم الحديث: ١٤٢٢١، وقال في الحاشية ما نصه: إسناده صحيح على
شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيمن المكي والد عبد الواحد، فمن رجال البخاري. وهو في »زهد« وكيع )١٢٤(، ومن طريق وكيع أخرجه هناد في »الزهد« )٧٦٥(، وأبو عوانة )٣٥٤/٤-٣٥٥، والبيهقي في »دلائل النبوة« )٤٢٢/٣(.
ً

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٩
بلَغ الجي ُش جميًعا، والطعاُمكما هو()١(. ثانيًا: حديث أنس بن مالك 􏰅 الذي جاء فيه: أ ن أبو طَْل َحة قال لأُم ُسلَْي ٍم: لقد
سمع ُت صو َت رسول االله 􏰄 ضعيًفا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيٍء؟ قال ْت: نعم،
فأخرَج ْت أقرا ًصا ِمن شعير، ثم أخرج ْت ِخماًرا لها، فلفت الخبَز ببعضه، ثم د سْته تحت يدي
ولاثـتِني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول االله 􏰄، قال: فذهبت به، فوجدت رسول االله 􏰄 في َْْ َُُ
المسجد، ومعه الناس، فقم ُت عليهم، فقال لي رسوُل االله 􏰄: »أأرسلك أبو طَْل َحة« فقل ُت: نعم، قال: »بطعام«، فقلت: نعم، فقال رسول االله 􏰄 لمن معه: »قوموا«، فانطلق وانطلق ُت بين أيديهم، حتى جئت أبا طَْلحة فأخبرته، فقال أبو طَْلحة: يا أم سليم، قد جاء رسوُل االله
َُُ َ
􏰄 بالناس، وليس عندنا ما نطعمهم؟ فقالت: االله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طَْلحة حتى لقي ََُْ
رسول االله 􏰄، فأقبل رسوُل االله 􏰄 وأبو طَْل َحة معه، فقال رسول االله 􏰄: »هلمي يا أُم سلي ٍم، ما عندك« فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول االله 􏰄 فـفت، وعصرت أُم سلي ٍم ع كة
ً ُ َُْ  ْ ّ َُ َُْ فأْدَمْتهُ، ثم قال رسوُل االله 􏰄 فيه ما شاء االله أن يقول، ثم قال: »ائَذْن لعشرة« فأِذَن لهم،
فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: »ائذ ْن لعشرة« فأ ِذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: »ائذ ْن ل َع َشرة« فأ ِذ َن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: »ائ َذ ْن لعشرة« فأكل القوُمكلهم وشبعوا، والقوُم سبعون أو ثمانون رجلاً!«)٢(.
ثالثا: حديث أبي هريـرة 􏰅 قال: كان أهل ال صفة أضياف أهل الإسلام، لا يأوون على ً ََُْ
أهل ولا مال، واالله الذي لا إله إلا هو، إنكن ُت لأْعتَِمُد بَكبِدي على الأرض ِمن الجوع، وأشد الح َجر على بطني من الجوع، ولقد قعد ُت يوًما على طريقهم الذي يخرجون منه، فَمر بي
)١( المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني )المتوفى: ٣٦٠هـ(، تحقيق طارق بن عوض االله بن محمد وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، )٣/ ٣١٨(.
)٢( صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبداالله البخاري الجعفي، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، ١٤٢٢هـ، )٤/ ١٩٣(، رقم الحديث ٣٥٧٨.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٠
أبو بكر، فسألتُه عن آيٍة ِمنكتاب االله، ما أسأله إلا ليَ ْستتبعني، فَمر ولم يفع ْل، ثم َمر بي عمُر،
فسألتُه عن آية من كتاب االله ما أسأله إلا ليستتبعني، ف َمر ولم يفع ْل، ثم َمر أبو القاسم 􏰄
فتبسم حين رآني وقال: »أبا هريـرة«، قلت: لبيك يا رسول االله قال: »ا ْلحق«، ومضى فاتبعته، ُ َِْ ََُُِِْ ََ
ودخل منزله فاستأذن ُت فأذن لي، فوجد ق َد ًحا من لبن، فقال: »من أين هذا اللبن لكم«؟ قيل:
أهداه لنا فلان، فقال رسوُل االله 􏰄: »أبا هريـرة« قلت: لبيك، فقال: »ا ْلحق أهل ال صفة ََُْ ُ َْ
فاْدعُهم، وهم أضيا ُف أهل الإسلام، لا يأوون على أهل ومال«، إذا أتته صدقة بعث ا
إليهم، ولم يتناوْل منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، فأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني
ذلك، وقل ُت: ما هذا القدح بين أهل ال صفة وأنا رسوله إليهم، فسيأمرني أن أُديَره عليهم، فما
عسى أن يصيبني منه، وقدكنت أرجو أن أصيب منه ما يغنيني! ولم يكن بد ِمن طاعة االله ََُُُ
وطاعة رسوله، فأتيتهم فدعوم، فلما دخلوا عليه فأخذوا مجالسهم، فقال: »أبا هريـرة، خذ ِ ََُْ ُ
القدح وأعطهم«، فأخذت القَدح، فجعلت أُناوله الرجل، فيشرب حتى يروى، ثم يرده فأناوله ُُُ
الآخر حتى انتهي ُت به إلى رسول االله 􏰄، وقد روى القوم كلهم، فأخذ رسول االله 􏰄 القدح، فوضعه على يديه ثم رفع رأسه فتبسم، فقال: »أبا هريـرة، اشرب«، فشربت ثم قال: »اشرب«،
ََُْ ْ ُ ْ
فلمأَزلأشرب،ويقول:»اشرْب«،حتىقلُت:والذيبـعثََكبالحقماأجدلهمسلًكا،فأخذ ََ َْ
القدح فحمد االله وَسمى ثم شرب؛ والحديث حسن صحيح)١(.
)١( سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن َسْورة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى )المتوفى: ٢٧٩هـ(، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر، )٤/ ٦٤٨(، رقم الحديث: ٢٤٧٧، وقال في الحاشية: حكم الألباني صحيح.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١١ المبحث الثاني: وسائل معال َجة الفقر في العهد النبوي
وفيه ستةُ َمطالب:
ورد في ال سَير أن المواخاة كان ْت مرتين؛ الأولى: بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة
على الحق والمواساة، آخى بينهم الن بي 􏰄، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزبير وابن مسعود، وبين عُبيدة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عُبيدة وسالم مولى أبي حذيفة،
الم َط ْل َب الأول: الم ُؤاخاة
وبين سعيد بن زيد وطَْل َحة بن عبيد االله، وبين علي ونفسه 􏰄)١(. ومن العلماء من ينكر مواخاة المهاجرين لبعضهم، قال الحافظ ابن كثير: )أما مؤاخاة النبي
َِ ُ
􏰄 وعلي، فإن من العلماء من ينكر ذلك، ويمنع من صحته، ومستنده في ذلك أن هذه
َ
المُؤاخاة إنما ُشرع ْت لأجل ارتفاق بعضهم من بعض، وليتألف قلوب بعضهم على بعض، فلا
معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا مهاجري لمهاجري، كما ذكره من مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة، اللهم إلا أن النبي 􏰄 لم يجع ْل مصلحة عل ي إلى غيره، فإنه كان ممن ينفق عليه من صغره في حياة أبيه، وكذلك أن يكوَن حمزة التزم بمصالح مولاه زيد، وكذلك ِذْكره مؤاخاة جعفر
ومعاذ فيه نظَر، لأن جعفركان مهاجرا بالحبشة()٢(. ًٌَ
وقد مدح االله الأنصار في إيثارهم لإخوام المهاجرين، وأثنى عليهم بقرآٍن يتلى بسبب ُ
إيثارهم لإخوام المهاجرين ومواخام لهم، فقال: 􏰀 ̧o1»1⁄41⁄2 )١( عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، ابن سيد الناس،
اليـعمري الربعي، أبو الفتح، فتح الدين )المتوفى: ٧٣٤هـ(، تعليق إبراهيم محمد رمضان، دار القلم- َُْ
بيروت، الطبعة: الأولى، ١٩٩٣/١٤١٤، )٢٣٠/١(. )٢( السيرة النبوية لابنكثير )٣٢٦/٢(.
َُ

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٢
ÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄4
ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍ×􏰁)١(، وروى البخار ي في
صحيحه عن أبي هريـرة قال: »قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل؟ قال: لا؛ قالوا: ََُْ ْ )٢( َ
أفتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا« ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: »قال رسوُل االله 􏰄 للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم، فقالوا: أموالنا بيننا قطائع، قال رسول االله: أَوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول االله؟ قال: هم
قوم لا يعرفون العلم، فتكفوم وتقاسموم التمر، قالوا: نعم«)٣(.
وذكر ابن عبد البـر في قوله تعالى: 􏰀ÇÆÅÄÃÂÁ َ )٤(
ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈ×􏰁 أنبدًراقطعت المواخاة بين الصحابة رضي االله عنهم، فتكون هذه الآية ناسخة آية )بعضهم أولياء بعض(، وتكون تلك حينئ ٍذ ُمبينة أمر ما كان قبل غزوة بدر)٥(، وكما هو معلوٌم أن نموذج المواخاة نموذ ٌج اقتصاد ي لغرض إعادة توزيع الثروة، وأغراض التكافل الاجتماعي، اقتضْته مرحلة ما بعد الهجرة، فكان الأنصاري يقسم شطر ماله لأخيه من المهاجرين، ويتضح بذلك أن هذا النموذج
كان ف عالاً في القضاء على الفقر في تلك المرحلة.
الم َط ْل َب الثاني: الزكاة
الزكاة في اللغة: الزيادة والنماء، فكل شيء زاد عدًدا، أو نما حجًما؛ فإنه يقال: زكا، فيقال: زكا الزرع: إذا نما وطال، وأما في الشرع: فهي التعبد الله تعالى، بإخراج قدر واج ٍب شرًعا
)١( سورة الحشر: ٩. )٢( صحيح البخاري، كتاب: المزارعة، باب إذا قال: اكفني مؤونة النخل وغيره، وتُشركني في الثمر )٣/
١٠٤(، حديث رقم )٢٣٢٥(. )٣( سبق تخريجه )ص: ٧(. )٤( الأنفال: ٧٥. )٥( نظم الدرر في تنا ُسب الآيات والسَور، إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي
)المتوفى: ٨٨٥هـ(، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، )٣٤٩/٨(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٣
في أموال مخصوصة لطائفة أو جهة مخصوصة)١(. والعلاقةُ بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي: أن الزكاة وإنكان ظاهُرها النق َص- نْقصكمية
المال- لكن آثارها زيادة المال، زيادة المال بركة، وزيادة المال كمية، فإ ن الإنسان قد يفتح االله له من أبواب الرزق ما لا يخطُر على باله إذا قام بما أوجب االله عليه في ماله؛ قال االله تعالى: ° ̄®¬«a© ̈§¦¥¤£¢¡~}|􏰀 32± ́􏰁)٢(، وقال تعالى: 􏰀ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ
×􏰁)٣(، يخلِفه: أي يأتي بخلفه وبدله. ُْ ُ ١
وقال النبي 􏰄: »ما نقصت صدقة من مال« ، وهذا أمٌر ُمشاَهٌد، فإن الموفقين لأداء ما
يجب عليهم في أموالهم يجدون بركةً فيما ينفقونه، وبركة فيما يبقى عندهم، وربما يفتح االله لهم أبواب رزٍق يشاهدوا رأي العين، بسبب إنفاقهم أموالهم في سبيل االله)٤(.
ُ ولهذا كانت الزكاة في الشرع ُملاقية للزكاة في اللغة؛ م ْن حي ُث النماءُ والزيادةُ.
ثم إ ن في الزكاة أي ًضا زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها، فإن الزكاة من
الأعمال الصالحة، والأعماُل الصالحة تزيد في إيمان الرجل؛ لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن
الأعمال الصالحة من الإيمان، وأن الإيمان يزداد بزيادا، وينقص بنـقصها، وهي أيضا تزيد
الإنسان في خلقه، فإا بْذٌل وعطاء، والبذُل والعطاء يدل على الكرم والسخاء، والكرم َُ
والسخاء لا شك أنه ُخلٌُق فاضلكريم، بل إن له آثاًرا بالغةً في انشراح الصدر، ونور القلب
)١( أخرجه مسلم في صحيحه - باب استحباب العفو )٤/ ٢٠٠١( حديث )٢٥٨٨(، وابن ابن خزيمة
في صحيحه - باب ذكر نماء المال بالصدقة منه، وإعطاء الرب - عز وجل - المتصدق الخلف )٢/ ََُ
ً
ُ َْ
١١٦٨(، حديث )٢٤٣٨(، وغيرهما من حديث أَِبي هريـرة رضي االله عنه، وتمامه: »... وما زاد االله
عبدا بِعفٍو، إلا ِعزا، وما تواضع أحد لِله إلا رفـعه االله«. َََُْ َ َ ُ َََُُ ٌََََ  ًََ
)٢( الروم: ٣٩. )٣( سبأ: ٣٩. )٤( فقه العبادات، محمد بن صالح بن محمد العثيمين )المتوفى: ١٤٢١هـ(، اللجنة العلمية في مؤسسة
الشيخ محمد بن صالح العثمين الخيرية، )ص: ١٨٣(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٤
وراحته، وَمن أراد أن يطلع على ذلك فليجر ِب الإنفاق فسيجد الآثار الحميدة التي تح ُصل له ذا الإنفاق، ولاِسيما فيما إذاكان الإنفاُق واجبًا مؤكًداكالزكاة، فإن الزكاة أحد أركان الإسلام وَمبانيه العظام، وهي التي تأتيكث ًيرا َمْقُرونة بالصلاة التي هي َعمود الإسلام، وهي في الحقيقة مح ك تبين كون الإنسان محبا لما عند االله عز وج ل، لأن المال محبوب إلى النفوس، وبذل
ٍِِ
المحبوب لا يمكن أن يكو َن إلا من أجل محبوب يؤمن به الإنسا ُن وبحصوله، ويكون هذا المحبوب
أ ي ًض ا أ ح ب مم ا ب َ ذ ل َ ه ُ ) ١ ( . ُ وَمصالح الزكاة وزيادةُ الإيمان ا وزيادة الأعمال وغير ذلك- أمٌر َمعلوم، يح ُصل بالتأمل
فيه أكثر مما ذَكْرنا، وآثاُرها على اتمع وعلى الاقتصاد الإسلامي ظاهرةٌ أي ًضا؛ فإن فيها من
مواساة الفقراء والقيام بمصالح العامة ما هو معلوم ظاهٌر ِمن َمصارف هذه الزكاة، فإ ن االله
سبحانه وتعالى قال في َمصارف هذه الزكاة: 􏰀tsrqp
(٢)􏰁¢¡~}|{zyxwvu
وهؤلاِء الأصنا ُف الثمانية منهم َمن يأخذها لدفع حاجته، ومنهم َمن يأخذها لحاجة المسلمين
إليه، فالفقراءُ والمساكين والغارمون لأنفسهم هؤلاء يأخذون لحاجتهم، وكذلك ابن السبيل
والرقاب، ومنهم من يأخذ لحاجة الناس إليه، كالغارم لإصلاح ذات البـْين، والعاملين عليها،
وااهدين في سبيل االله.
َ
فإذا عرفنا أن توزيع الزكاة على هذه الأصناف َيحصل به دفع الحاجة الخاصة لمن يعطاها، َُُْ
ويح ُصل به دفْع الحاجة العامة للمسلمين، عَرفنا مدى نفعها للمجتمع، وفي الاقتصاد تتوزع الثروات بين الأغنياء والفقراء؛ بحيث يؤخذ من أموال الأغنياء هذا الق ْدر ليصر َف إلى الفقراء، ففيه توزي ٌع للثروة؛ حتى لا يحد َث التض خم من جانب، والبؤس والفقر من جانب آخر)٣(.
وفيها أي ًضا ِمن صلاح اتمع ائتلا ُف القلوب، فإن الفقراء إذا رأوا ِمن الأغنياء أم
)١( المرجع السابق )ص: ١٨٥(. )٢( التوبة: ٦٠. )٣( المرجع السابق والصفحة نفسها.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٥ يمدوم بالمال، ويتصدقون عليهم ذه الزكاة التي لا يجدون فيها ِمنة عليهم، لأا مفروضة
َُِ ًِ عليهم من قبَل االله- فإم بلا شك يحبون الأغنياء، ويألفوم، ويرجون ما أمرهم االله به من
ِ
الإنفاق والب ْذل، بخلاف ما إذا ش ح الأغنياء بالزكاة، وَبخلوا ا، واستأثروا بالمال، فإن ذلك قد
يولد العداوة والضغينة في قلوب الفقراء، ويشير إلى هذا خْت ُم الآيات الكريمة التي فيها بيان مصارف الزكاة بقوله تعالى: 􏰀£¤¥¦§ ̈©􏰁)١(.
وذا يتضح دورها الفعال في معا َلجة مشكلة الفقر في العهد النبوي، واستجابة الصحابة ُ ُ َ ِ َِْ َ
رضوان االله عليهم لأمر االله ورسوله 􏰄 في دفْعها واضحةً وجليةً في ال سَير. الم َط ْل َب الثالث: الح َث ُّ على الصدقة والتبرع
ا. تعريف الصدقة:
جاء في ُمختار ال صحاح: المتصدق الذي يعطي الصدقة، والصدقة ما تُصدق به على
الفقراء)٢(. ُ ُ
وقد وردت في القرآن الكريم آيا ٌت كثيرة في الح ث على الإنفاق التطوعي، وجزاء المنفقين، ََ
من ذلك قوله تعالى: 􏰀wvutsrqponm .(٣)􏰁fedcba_~}|{zyx وقوله تعالى: 􏰀NMLKJIHGFEDCBA (٤)􏰁\[ZYXWVUTSRQPO وقوله تعالى: 􏰀zyxw{|}~¡ )١( التوبة: ٦٠. )٢( مختار الصحاح، زين الدين أبو عبد االله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي )المتوفى: ٦٦٦هـ(، تحقيق يوسف الشيخ محمد، المكتبة العصرية- الدار النموذجية، بيروت- صيدا، الطبعة: الخامسة، ١٤٢٠هـ/ ١٩٩٩م، )١٧٤/١( )ص د ق(. )٣( البقرة: ٢٦١. )٤( النساء ١١٤.  وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٦ ¢£¤¥¦§ ̈􏰁)١( ووردت أدلةكثيرة عن النبي 􏰄 تـبـين فضل صدقة التطوع وَتح ث عليها. ُِََُ ْ ١ ـ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول االله 􏰄: )إن الصدقة لتُطْفئ غ َضب الر ّب، وتدفع عن ميتة ال سوء()٢(. ٢ ـ عن أبي هريـرة 􏰅 أن النبي 􏰄 قال: )ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان يْنزلان، ََُْ ِ ُ ِ )٣( فيقولأحدهما:اللهمأعطُمنفًقاخلًَفا،ويقولالآخر:اللهمأعطُممسًكاتلًَفا( . ٣ـ عن ابن عُمر رضي االله عنهما قال: قال رسول االله 􏰄: )أح ب الناس إلى االله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى االله عز وج ل سرور تُ ْد ِخلُه على مسلم، أو تك ِشف عنه ُكربة، أو تقضي ٌٍِ عنه دينًا، أو تطُرد عنه جوًعا، ولأ ْن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إ لي من أن أعتك َف شهًرا، وَمن كف غضبه ستر االله عورته، وَمن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ االله قلبَه ر ًضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت االله تعالى قدمه يوم (٤) ُ ِ تزلالأقدام،وإنسوءالخلُقليُفسدالعملكمايفسدالخلالعسل( . وقد ورد ِمن سيرة الصحابة رضوان االله عليهم أروع الأمثلة في الاستجابة لهذه الآيات، َ وغيرها من الآيات والأحاديث الشريفة التي َتح ث على الصدقة، ومن ذلك صدقة أبي بكر 􏰅؛ ُ فعن عمر بن الخطاب قال: أمرنا رسول االله 􏰄 أن نتص دق، فوافق ذلك عندي مالاً، فقل ُت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوًما، قال: فجئ ُت بنصف مالي، فقال رسول االله 􏰄: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: يا أبا بكر، ما أبقي َت لأهلك؟ قال: )١( التغابن: ١٦. )٢( رواه الترمذي في الزكاة، كتاب: الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة )٢/ ٤٥(، رقم الحديث: )٦٦٤(، قال أبو عيسى: »هذا حديث حسن غريب ِمن هذا الوجه. )٣( رواه البخاري في الزكاة برقم )١٤٤٢(، ومسلم في الزكاة أي ًضا برقم )١٦٧٨(. )٤( رواه ابن وهب في الجامع، )ص: ٤٤١(، برقم )٣٢٦(، والطبراني في المعجم الأوسط )١/ ٢٥٩( برقم )٨٥٠(، وح سنه الألباني، صحيح الجامع الصغير )١١٠/١( )١٧٤(، وسلسلة الأحاديث الصحيحة رقم: ٩١٨.  وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٧ أبقي ُت لهم االله ورسوله، قلت: واالله لا أسبقه إلى شيٍء أبًدا()١(، ومن تصدق بماله أو نصفه أو بعضه فهو بكل تأكيد سيذهب ماله في إعادة التوزيع على الفقراء والمعدمين، وهذا ِمن طُرق تخفيف آلام الفقر، والحمد الله رب العالمين. الم َط ْل َب الرابع: الح َث ُّ على العمل لقد دعا الإسلام في البداية إلى ك ْسب المال بالجهد والعمل؛ فقد قال تعالى: 􏰀X fedcba^][ZY `^][ZYXWVUT􏰀 :٢(، وقال تعالى)􏰁g
.(٣)􏰁cba وتـبـين لنا السنة النبوية أن العمل أشرف وسائل الَكسب، فها هو النبي 􏰄 يقول: »إن
َُ ُ ِ ِ ْ ِ ِ ِ
أطيب ما أكل الرجل منكْسبه، وإن ولده منكسبه«)٤(، وعنِالمقدام بن معد يَْكرب
الزبيدي، عن رسول االله 􏰄 قال: »ما كسب الرجل كسبًا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل عن نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة«)٥(، وفي الحديث: »ما أكل أحد طعاًما قط خير من أن يأك َل ِمن عمل يده، وإن نبي االله داود عليه السلام كان يأكل ِمن عمل يده«)٦(.
)١( سنن الترمذي كتاب: مناقب أبي بكر الصديق رضي االله عنه، باب )٦/ ٥٦(، برقم: ٣٦٧٥، وقال الترمذي:هذاحديٌثحسٌنصحيح،وحسنهالألبانيفيمشكاةالمصابيح)١٦٩٩/٣(رقم الحديث: ٦٠٣٠.
)٢( سورة الجمعة: ١٠. )٣( سورة الملك: ١٥. )٤( سنن ابن ماجه،كتاب: التجارات، باب الحث على المكاسب، سنن ابن ماجه )٣/ ٢٦٩(، حديث
رقم ٢١٣٧، وقال في الحاشية: إسناده صحيح. ومسند أحمد )٤٠/ ١٧٩( برقم ٢٤١٤٨، وقال في الحاشية: حديث حسن لغيره، وهذا إسناد اختلف فيه على إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي.
)٥( سنن ابن ماجه،كتاب: التجارات، باب الحث على المكاسب، سنن ابن ماجه )٣/ ٢٦٩(، حديث رقم ٢١٣٨.
)٦( صحيح البخاري، كتاب: البيوع، باب كسب الرجل )٣/ ٥٧(، حديث رقم: ٢٠٧٢، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، )١٥٤/٩(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٨
وعن أنس 􏰅، أن رجلاً ِمن الأنصار أتى النبي 􏰄، يسأله، فقال: »أما في بيتك
شيء؟ قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه الماء، قال: آتني ما، فأخذهما رسول االله 􏰄 بيده، وقال: َمن يشتري هذين؟ قال رجل أنا آخذهما بدرهم، فقال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثًا؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياها، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال: اش ِتر بأحدهما طعاًما، فأنبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوًما فأتني به، فأتاه به، فشد فيه رسول االله 􏰄 عوًدا بيده، ثم قال له: اذهب فاحتطب وب ْع، ولا أرينك خمسة عشر يوًما، فاشترى ببعضها ثوبًا، وبعضها طعاًما، فقال رسول االله 􏰄: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصح إلا لثلاثة: لذي
فقٍر مدقع، أو لذي غرم ُمْف ِظع، أو لذي دم ُموجع«)١(. إًذا ح ث الرسول الكريم 􏰄 على العمل وعلى عدم سؤال الناس- فيه دلالةٌ واضحةٌ على
فعالية هذا الأسلوب في القضاء على الفقر، وغرس مفهوم الإنتاجية والاعتماد على النفس بدًلا
الم َط ْل َب الخامس: الوقف
من السؤال.
لغة: الحبس، يقال: »وقَف الأرض للمساكين وقًفا؛ أي: حبسها)٢(، وفي الاصطلاح: تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة)٣(.
وقد حبب االله للإنسان فعل الخير، وندب إلى ذلك، ومن ذلك الوقف بأنواعه؛ إذ هو من الص َدقات التطوعية الجارية المستمرة بعد وفاة الإنسان.
ومن الأدلة على مشروعية الوقف:
عن أبي هريـرة 􏰅 قال: قال 􏰄: »إذا مات الإنسا ُن انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا ََُْ
)١( السنن لأبي داود السجستاني، باب الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة )١٢٠/٢( رقم الحديث: ١٦٤١، وسنن ابن ماجه، أبواب التجارات، باب بيع المزايدة )٣/ ٣١٦(، رقم الحديث: ٢١٩٨.
)٢( لسان العرب، لابن منظور )٩/ ٣٥٩(، مادة: وقف. )٣( المغني، لابن قدامة المقدسي، )٥/ ٥٩٧(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٩ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له«)١(.
وقد روى ابن ماجه في سننه عن أبي هريـرة قال: قال رسول االله 􏰄: »إن مما يلحق المؤمن
ََُْ  ِ
من عمله وحسناته بعد موته علًما علمه ون َشره، وولًدا صالحًا تركه، ومصحًفا ورثه، أو مسجًدا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو ًرا أجراه أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته«)٢(.
جاء في المغنى بشأن الوقف ما يأتي: )الأصل فيه ما روى عبد االله بن عمر 􏰅 قال: »أصاب عمر أر ًضا بخيبر فأتى النبي 􏰄
يستأمره فيها، فقال لرسول االله 􏰄: إني أصبت أر ًضا بخيبر لم أص ْب قط ماًلا أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت ا، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث في الفقراء والُقربى والرقاب وفي سبيل االله والضيف وابن السبيل، لا
جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديًقا غير متمول فيه«)٣(. وأكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف؛ قال جابر 􏰅: لم يكن أحد من أصحاب النبي 􏰄 ذا مقدرة إلا وقف، وانتشر ذلك فلم ينكره أحد فكان إجما ًعا()٤(، ومعلوم أن مصارف الوقف عادة ينال منها النصيب الأكبر الفقراء، فكان ْت من
عوامل القضاء على الفقر في الَعْهد النبَوي.
الم َط ْل َب السادس: نموذج أهل الصف َّة
وهو مح ل دراستنا هذه، فلما زاد عدد المهاجرين وأصبحت المدينة موطنًا لكل من يريد
)١( رواه مسلم في الوصية )٧٣/٥( رقم الحديث: )٣٠٨٤(. )٢( مسند أحمد، مسند أبي هريرة رضي االله عنه )١٤/ ٤٣٩( رقم الحديث: ٨٨٤٥، وسنن ابن ماجه
باب ثواب معلم الناس الخير، )١/ ٨٨( رقم الحديث: ٢٤٢، وحسنه الألباني. )٣( رواه البخاري في الوصايا )١٨٤/٢( برقم )٢٧٧٢(، ومسلم في الوصية )٧٤/٥( برقم )٣٠٨٥(. )٤( المغني، لابن قدامة المقدسي )٦/ ٣(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٢٠
اللحاق بالرسول 􏰄، لم يستوع ْب نموذج المُؤاخاة كل تلك الأعداد؛ فعمل رسول االله 􏰄 نموذج ال صفة لاستيعاب من لم يسعه نموذج المُؤاخاة، وتفيد المَصادر التاريخية أن معظم من نزل ال صفة كانوا من فقراء المهاجرين الذين لم يجدوا مكانًا ينزلون فيه، وإن أول من نزلها مهاجرو
مكة)١(. ويختلف عدد من نزل ال صفة باختلاف الأوقات والأحوال، وتفيد الروايات أم كانوا في
أغلب الأحيان بين السبعين والمائة، وقد يزيدون على ذلك أو يقلون بحسب تب دل أحوالهم من زواج، أو عودة لأهل، أو يسر بعد عسر، أو شهادة في سبيل االله، ومجمل من نزل ال صفة نحو ستمائة أو سبعمائة صحابي، وقد ورد في بعض الأحاديث أمكانوا عشرين رجًلا، وسبعين رجًلا، وثمانين رجًلا، وأكثر من مائة رجل)٢(، وقال الحافظ ابن حجر: وكانوا يكثرون ويقلون بحسب من يتزوج منهم، أو يموت، أو يسافر، وقد سرد أسماءهم أبو نـَُعْيم في الحلية، فزادوا على
المائة)٣(. قال الحافظ ابن حجر: »وقد ورد في بعض الأحاديث ذكُر عددهم، وليس المراد حصرهم
في هذا العدد، وإنما هي عدة من كان موجوًدا حين القصة المذكورة، وإلا فمجموعهم أضعاف ذلك«)٤(.
وقال ابن تيمية: )ولم يكن جميع أهل ال صفة يجتمعون في وقت واحد، بل منهم من يتأهل أو ينتقل إلى مكان آخر يتيسر له، ويجيء ناس بعد ناس فكانوا تارة يقلون، وتارة يكثرون، فتارة يكونون عشرة أو أقل، وتارة يكونون عشرين وثلاثين وأكثر، وتارة يكونون ستين وسبعين، وأما جملة من أوى إلى ال صفة مع تفرقهم فقد قيل: كانوا نحو أربعمائة من الصحابة، وقد قيل:
)١(السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، د. أكرم ضياء العمري، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة: السادسة، ١٤١٥ هـ- ١٩٩٤م، )٢٥٩/١(.
)٢(ال صفة تاريخها- أصحاا، دراسة تاريخية توثيقية، محمود محمد حمو، بحث منشور في مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة-العدد )٢٩(.، )ص: ١١(.
)٣( فتح الباري، لابن حجر )٦/ ٥٩٥(. )٤( المرجع السابق )٢٨٧/١١(.

وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٢١ كانوا أكثر من ذلك، ولم يعرفكل واحد منهم)١(.
وتشير المصادر إلى أن جملة من نزل ال صفة بلغوا نحوا من ستمائة أو سبعمائة، إلا أنكتب
َُِ ً
التراجم والسير لم تُشْر إلا لما يقرب من مائة اسم، بل إن الروايات الثابتة لم تذكر إلا عدًدا
يس ًيرا من أسمائهم، وبتتبع أسمائهم وجمعها بلغت مائة وعشرة أسماء)٢(، وكل هذه الأسماء ليس ُمسلًما بأا من أهل ال صفة، بل فيها اعتراض ومناقشةكما قال الحافظ ابن حجر)٣(.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

تفعيلاً للدور ا...

تفعيلاً للدور المجتمعي وتحقيق الأهداف الاستراتيجية والارتقاء بجودة حياة المجتمع والاستباقية في التوع...

Translation nov...

Translation novels: - Translating novels is just as tricky as translating poetry – and can often b...

الكلام المصطلح ...

الكلام المصطلح عليه عند النحاة عبارة عن لفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها فاللفظ جنس يشمل الكلام وا...

‎أديب السويلم ه...

‎أديب السويلم هو أبرز رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية، وهو عضوا مؤسسا لسلسة الاستثمار الكند...

A BRIEF HISTORY...

A BRIEF HISTORY OF NANOTECHNOLOGY Reference is often made to a lecture given by Richard Feynman in ...

الضريبة على الأ...

الضريبة على الأشخاص قديما كانت تسمى الضريبة على الرؤوس أو ضريبة الفردة أي كانت تفرض على الوجود الشخص...

The term nativi...

The term nativist is derived from the fundamental assertion that language acquisition is innately de...

يعتبر الاهتمام ...

يعتبر الاهتمام بسياسة التحفيز في الوقت الراهن عاملا ناجحا ومهما في التقليل من الضغوطات المهنية لدى ا...

Health Educatio...

Health Education Program on Breastfeeding 1. Health Problems Expected for Mothers and Babies Healt...

بحثنا كثيرا عن ...

بحثنا كثيرا عن اصل كلمة مسرح ومفهومها لغويا , وحاولنا ان نعثر على اجابة وافية لغة : لجميع تساؤلاتنا ...

The process of ...

The process of making administrative decisions is considered one of the processes that determine the...

In this project...

In this project we will calculate the Cumulative Distribution Function (CDF) of X1, X2, X3, X4, Arra...