لخّصلي

الملك عبدالعزيز آل سعود

مضت 69 عامًا هجريًا على وفاة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله – مؤسس وطننا الكبير المملكة العربية السعودية، لكن ذاكرة الوطن ظلت تختزل تفاصيل شخصية هذا القائد الملهم جيلاً بعد جيل، فهو الذي أفنى عمره – رحمه الله – في مواجهة تحديات الحياة بالجزيرة العربية التي كانت ترزح قبل أكثر من ثمانية عقود تحت وطأة التناحر، والخوف، والهلع، وشظف العيش، ليؤسس بفضل الله تعالى دولة فتية تتمتع بالأمن والاطمئنان والخيرات الوفيرة، ويقف لها العالم احترامًا وتقديرًا منذ ذلك العهد حتى عهدنا الحالي.
فالملك عبد العزيز آل سعود،هوعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود آل مقرن آل مريدي ، وهو ابن الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركى ال سعود اخر حكام الدوله السعوديه الثانية .مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة وأول ملك لها، والحاكم الرابع عشر من أسرة آل سعود. ولد في الرياض
(ذو الحجة 1292هـ/يناير 1876م) في منطقة نجد في وسط الجزيرة العربية .لأسرة آل سعود الحاكمة في نجد، وعندما بلغ السابعة من عمره عهد به والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل إلى القاضي عبد الله الخرجي لتعليمه القرآن الكريم. وفي العاشرة من عمره تلقى تحصيله في الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وكان والده الإمام عبد الرحمن حريصاً على تعليمه ركوب الخيل والفروسية بكل معانيها فتم له ذلك في وقت مبكر. كان الملك عبد العزيز يتمتع منذ صباه بذكاء مفرط. وكانت تلك الفترة المفعمة بالأحداث السياسية المؤسفة، وقد تحالفت فيها الشدائد ضد أسرة آل سعود، كما كان عبد العزيز يرى عمومته يتنازعون السلطة فيما بينهم. ولما بلغ الخامسة عشر من عمره انتقل مع عائلته إلى البحرين ثم إلى الكويت بأمر من الدولة العثمانية واستقبلهم شيخها آنذاك محمد الصباح بعد انتصار محمد بن عبد الله الرشيد حاكم حائل على الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود آخر أئمة الدولة السعودية الثانية. واستغل عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود وجوده فى الكويت فى تعلم السياسه والمجالس وفنون الحرب ومن خلال إقامتة مع ابيه الإمام عبد الرحمن بالكويت، وبعد تولي مبارك الصباح الحكم بعد أخيه محمد الصباح، كانا يراقبان الأحداث من حولهما. وأعينهما على نجد، فقد وصلت للإمام عبد الرحمن مكاتبات من اتباعه في نجد يحثونه على القدوم إليهم
وفي اليوم الخامس من شهر شوال عام 1319هـ 1902م كان الملك عبدالعزيز على موعد مع القدر ليسترد الرياض ويعود بأسرته إلى أرض آبائه وأجداده وليبدأ في كتابة صفحات مشرقة جديدة من تاريخ الدولة السعودية الحديثة،
ويُعد هذا الحدث منعطفًا تاريخيًا مهمًا ونقطة تحول كبرى في تاريخ شبه الجزيرة العربية بأسرها، نظرًا لما تمخض عنه من قيام دولة سعودية حديثة بكل مقوماتها تمكنت من جمع شتات متناثر وبناء كيان متماسك وتأسيس ملك قوي وتحقيق إنجازات حضارية واسعة في شتى المجالات

إنجازات الملك عبد العزيز
شهدت فترة حكم الملك عبد العزيز آل سعود ازدهاراً وإنجازات كثيرة، فأوّل عمل قام به هو ضم أقاليم الجزيرة العربية وتوحيدها تحت مسمى المملكة العربية السعودية، فأصدر مرسومًا ملكيًا بتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351 هـ، يقضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها ) إلى المملكة العربية السعودية، ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351 هـ الموافق الأول من برج الميزان 23 سبتمبر 1932م.

ووجه الملك عبدالعزيز عند بداية تنظيم الدولة بالاهتمام بالحرمين الشريفين وتوسعتهما، وخدمة الحجاج والمعتمرين، فضلا عن البدء في فتح المدارس، وإنشاء المستشفيات، وبناء القرى، وإصلاح التربة، وتوطين البادية، والتنقيب عن مياه الري من أجل دعم الزراعة، بيد أن هذه الجهود كانت تصطدم بتوفر المال لتنفيذها وهو ما أشغل تفكير الملك عبدالعزيز – رحمه الله – إلى أن شار عليه أحد المستشارين بالبحث عن الثروات المعدنية تحت باطن الأرض.
وتماشيًا مع الرغبة في النهوض بالبلاد، بدأت في خريف عام 1933م عمليات التنقيب عن النفط في بعض أراضي المملكة، لكن مضت أربعة أعوام عجاف لم تثمر أعمالها عن الوصول إلى نتيجة إيجابية مرضية لاكتشاف مكامن النفط، إلى أن قرّر الخبراء التنقيب حول بئر ماء في منطقة تسمى "عين جت" فكانت المفاجأة وجود النفط على عمق 5 آلاف قدم تحت الأرض.

وانتعشت الأرض الصحراوية بخروج الذهب الأسود الذي حوّل الصحراء القاحلة المؤنسة إلى مدينة ديناميكية ممتلئة بالعمال والمهندسين وخبراء النفط، وفي عام 1939م جرت أول عملية ضخ للنفط في احتفال شهده الملك عبدالعزيز – رحمه الله -، ليستهل بعدها مشروعات الدولة التي خطط لها – رحمه الله – وسط تحديات عالمية واجهت المملكة ودول المنطقة بسبب الحرب العالمية الثانية.

وكان اهتمام الملك عبدالعزيز – رحمه الله – بالشأن الخارجي بنفس اهتمامه بالشأن الداخلي للبلاد، ويتعامل مع جميع دول العالم بدبلوماسية عالية المستوى آخذًا بعين الاعتبار حق المملكة في استقلالها واختيار طبيعة علاقاتها مع الدول دون الإخلال بمكانتها: الدينية، والحضارية، والثقافية، وهو ما جعله محبوبًا من مختلف قادة دول العالم،
ومع قدوم عام 1930م أنشأ أول وزارة خارجية في السعودية عُيّن الأمير فيصل بن عبد العزيز وزيراً فيها، وفي السادس من شهر مارس من عام 1946م قررّ الملك عبد العزيز إنشاء وزارة الدفاع في السعودية، وتلتها الداخلية، وعمل على استحداث وزارة المالية وعُيّن الأمير عبد الله بن سليمان الحمدان وزيراً فيها، وأصدر بعدها قراراً ملكياً سامياً يقتضي تشكيل مجلس للشورى في المملكة، ومن ثم توالت الأحداث الآتية:
•عام 1343هـ: شهدت المملكة العربية السعودية أول عملية انتخابية.
•1372هـ: أنشئت وزارة المواصلات.
• 1350هـ: تقررّ إنشاء نظام للمحاكم التجارية.
•1347هـ: شهدت المملكة ظهوراً لنظام المصارف.
•1346هـ: إقرار أول نظام ينظم أمور الحج.
•1360 هـ: استحداث نظام خاص بالطرق والمباني.

استمرّت فترة حكم الملك عبد العزيز بأخذ يد السعودية إلى التطور والازدهار حتى أصبحت مملكةً ذات وزارات في شتّى المجالات الاجتماعية والسياسية والأمنية، ومن ضمنها إقرار نظام الحكم في المملكة وهو ملكي وراثي، وكان آخر القرارات التي اتخذها هي أن يترأس هو نفسه جلسة مجلس الشورى.

وفاة الملك عبد العزيز
انتهت حياة الملك عبد العزيز رحمه الله بعد مرور أعوام من الحكم حافلة بالتطوّرات والازدهار، وعن عمر يناهز سبعة وسبعين عاماً، وكان ذلك في التاسع من شهر نوفمبر من سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وخمسين ميلاديّة، صلي عليه في مدينة الطائف ثم نُقل إلى لرياض ليتم دفنه فيها.