لخّصلي

وكانت السفن الكويتية تعبر المضيق مروراً بعدد من الجزر حتى خروجهم من الخليج العربي، وكانت تتفرّق السفن البحرية حسب اتجاهها، فكانت السفن المتجهة لعُمان تصل حسب الترتيب إلى صحار مطرح مسقط وصور. وقد تتجه السفن مباشرةً إلى بندر مطرح القريب من مسقط (مسكت)، حيث كان يتم في مطرح تصليح الأعطال، وشراء مستلزمات الرحلة، بعدها كان يتم الاتجاه لمسقط. وقد تتوقف السفن في مسقط بحدود ثمانية أيام. وكانت السفن إن لم تجد سوقاً لبضاعتها التمور فإنها كانت تحمل بضائع مختلفة من الموانئ العُمانية، ثم تبحر إلى المواني الصومالية، وأهمها ميناء بربرة»، وهناك من السفن من كانت تبحر شمالاً إلى ميناء «عدن» لصيانة السفينة، وكان يتم بعدها تجهيز السفينة إلى رحلة الساحل الشرقي لإفريقيا. وكان يقوم النوخذة بالإبحار إلى سلطنة «زنجبار «العربية» (جمهورية تنزانيا الاتحادية حالياً، مروراً بالمواني الكينية لامو - ماليندي - مومباسا لتفريغ ما تبقى من الحمولة. وكانت تتم في «زنجبار » صيانة السفينة، تمهيداً للإبحار جنوباً على طول الساحل الشرقي لإفريقيا، حيث كانت الموانيء التنزانية: زنجبار - ثم دار السلام - ثم جزيرة مافيا - وليندي. وكانت تتم عمليات شحن السفينة من ليندي ودار السلام إلى زنجبار وبالعكس، بنظام القطاعي للعديد من التجار بسعر كان يتفق عليه بين النوخذة والوسطاء.
وكانت تكمن أهمية ميناء ليندي، والذي يقع إلى الجنوب من دلتا نهر الروفيجي)، باعتباره من الموانىء التي كان من النادر الوصول إليها بالسفن الكويتية، ويمكن القول بأن السبب وراء ذلك كان بعد المسافة لوقوعه في أقصى الجنوب التنزاني. وكانت السفن الكويتية تبحر من ميناء ليندي إلى زنجبار، بهدف الكسب المادي والرزق الإضافي من حيث تدني الأسعار، قبل هبوب الرياح الجنوبية الغربية للعودة إلى الكويت. وكانت السفن الكويتية تتجه من دار السلام إلى دلتا نهر الروفيجي، المقابلة لجزيرة مافيا التنزانية للحصول على أعمدة الجندل «المنجروف». وكان الجندل من الأخشاب المطلوبة في الكويت حيث كانت تستخدم كعوارض تسقف بها المنازل في الكويت والخليج العربي، وكان يوضع فوقها الباسجيل. وكانت الأعمدة التي تجلب من دلتا نهر الروفيجي؛ يتم تفضيلها، لأنها كانت تعتبر الأجود والرخص سعرها مقارنة بالمعروض على الساحل. وكان يُنظر لدخول الدلتا على أنه من المهمات الصعبة نظراً لصعوبة المرور في الدلتا، وكثرة الخيران وكان من أشهرها خور «سمبارنجا»، لما يتطلبه من مهارة فائقة للدخول إليها، وكما كان يُنظر لهذا المكان لكونه أسوأ مكان من الممكن أن تذهب إليه السفن الكويتية؛ نظراً لصعوبة الوضع في الخيران، وصعوبة التأقلم مع طبيعة المنطقة. وكانت تخرج السفن من المكان (الدلتا) إلى المحيط محملة بآلاف من أعمدة الجندل، وكانت تبحر إلى زنجبار ثانية، حيث كانت تتم عملية صيانة للسفينة، وتجهيزها لرحلة العودة إلى مسقط، ومنها إلى الكويت.
وكان خط العودة لأغلب السفن الكويتية الإبحار مباشرة إلى أحد المواني العُمانية أو على طول الساحل الصومالي الشرقي، ثم على طول الساحل اليمني الجنوبي إلى ميناء مسقط والاستراحة، أو كان إلى ميناء ظفار العُماني لبيع بعض الأعمدة لكسب المال، وكان يتم الإبحار بعدها إلى مطرح والاستراحة لأيام، ثم كانت تتم عملية الانطلاق بالعودة إلى الكويت عبر مضيق هرمز، وكان يمكن التوقف في الجزر المتناثرة في الخليج العربي مثل جزر «لارج» وجزيرة «هرمز»، ومن «جشم» إلى «هنيام»، ومنها إلى الكويت.