لخّصلي

تُبرز النصّ صناعات ليبيا الزخرفية، خاصةً الفخارية والنسيجية، وفن النقوش الصخرية كمصادر هامة لفهم حياة الإنسان الأمازيغي قبل التاريخ. تُغطي النقوش مشاهد متنوعة: حيوانات، احتفالات، حرف. تُصنف اليونسكو مواقعًا أثرية كنقوش الأطلس الصحراوي (عين الصفراء، البيض، أفلو)، طاسيلي ناجر (جانت، وادي جرات، هضبة سفار)، وطاسيلي الهقار (تمنراست، وادي أقينار). تُعدّ تادرارت أكاكوس بليبيا امتدادًا لطاسيلي ناجر، وتُمثل جميعها مواقع تراث عالمي. يُشير النص إلى معتقدات دينية ليبية: عبادة الشمس والقمر (مستمرة حتى العصور الوسطى)، عبادة الحيوانات (كالكبش المرتبط بأمون)، عبادة الكهوف والجبال، عبادة المياه (أنزار، احتفال عروس أنزار)، وعبادة الأسلاف (للغرض من التنبؤ بالمستقبل). تُناقش طرق الدفن: الدفن المنطوي (أقدم طريقة، عصر الحجري الحديث) والدفن الممدد. كما يذكر النصّ عادة صبغ الجثث بالمغرة الحمراء وإرفاقها بأثاث جنائزي، معتقدًا بالحياة الآخرة، بالإضافة إلى عادة الوشم بأشكال هندسية بهدف الزينة أو دفع الشرّ.

1فن الزخرفة باستعمال األلوان واألشكال الهندسية: اشتهرت بها الصناعات الليبية، خاصة منها األواني
الفخارية والنسيجية )أنظر درس المحاضرة 2(.
-2 فن النقوش الحجرية )الفن الصخري(: هو نوع من الفن، ظهر منذ ما قبل التاريخ )العصر الحجري
الحديث Néolithic )ر من خالله اإلنسان على معظم أحاسيسه وأفكاره ومعتقداته والمحيط الذي ي
ّ
، عب عيش فيه،
ّمت لنا معلومات ثمينة عن حياة االنسان األمازيغي من
ويعد هذا الفن من بين المصادر الهامة التي قد ذ فترة ما قبل
التاريخ ، وذلك من خالل مشاهد الصور المتنوعة التي نقشها على الصخور ، ومن بين هذه المشاهد ، نذكر:
مشاهد لمختلف الحيوانات المفترسة أو األليفة، والمتمثلة في الفيلة، الزرافة، الكباش ،الثيران ، الخيول
،الجمال،...مشاهد دينية وأخرى لالحتفاالت ومشاهد لمختلف الحرف كالصيد، الرعي والزراعة)الحرث(. نظرا
ألهمية هذا الفن صنفته المنظمة العالمية »اليونيسكو UNESCO »ضمن التراث العالمي لإلنسان, مناطق انتشار النقوش الحجرية:

• منطقة األطلس الصحراوي : من بين أهم مراكزها األثرية منطقة الجنوب الوهراني التي توجد بها عدة مواقع تزخر بالنقوش

الحجرية ، منها خاصة مواقع منطقة عين الصفراء بوالية النعامة ومواقع البيض وأفلو باألغواط.

• منطقة الطاسيلي Tassili:
  -1 طاسيلي الهقار Hoggar : يقع بتمنراست ، يتكون من 528 نقش حجري ،تتوزع على امتداد 2كلم تقريبا على ضفتي وادي
  ." Lhote. H, 1964 " Aguennar أقينار
  -2 طاسيلي ناجر)آزجر أو األنهار ( Ajjer’N Tassili: يقع بمنطقة جانت بوالية اليزي)جنوب شرق الجزائر( وهي عبار ة عن
  2 هضبة مشكلة من صخور رسوبية رملية ، يصل ارتفاعها إلى أكثر من 1000 م، وتبلغ مساحتها 72ألف كلم
  ، صنفت منذ سنة
  1982 ضمن التراث العالمي لليونسكو ، وتعد من أكبر )9000 سنة( متاحف النقوش الحجرية في العالم ، ومن أهم مواقعها
  األثرية وادي جرات Djerat وهضبة سفار Sefar.
  -3 تادرارت أكاكوس بليبيا : تقع جنوب غرب ليبيا ، وهي توافق منطقة قبائل الغرامنت قديما )الطوارق حاليا( والمعروفة بمنطقة
  فزان حاليا ، يعتبر هذا الموقع امتداد لهضبة الطاسيلي ناجر أو جزء منها ، تفصل بينهما الحدود الليبية الجزائرية، ويعد هذا
  الموقع أيضا من أهم المواقع األثرية التي تزخر بأجمل وأقدم النقوش الحجرية، ولقد تم تصنيفها أيضا ضمن قائمة التراث العالميتشهد بقايا المقابر والنقوش الحجرية على المكانة الهامة للديانة في وسط الليبيين، حيث تبين من خالل هذه المصادر أن سكان بالد
  المغرب عرفوا عبادات مختلفة، تتمثل في الظواهر الطبيعية ومارسوا طقوسا دينية خاصة بهم، كما خصصوا مواقع للعبادة والدفن وتقديم
  القرابين.
  ومن أهم المعتقدات الدينية المرتبطة بالظواهر الطبيعية ، نذكر:
  -عبادة الشمس والقمر: لقد ذكر هيرودوت في إحدى فقرات كتابه« 188 ,IV ,Herodote « أن الليبيين يقدسون الشمس والقمر
  ويقدمون لها القرابين، كما أكدت بعض المصادر الكتابية واألثرية أن هذه العبادة كانت موجودة في عهد الممالك الوطنية واستمرت
  خالل عهد االحتالل الروماني) نص ترتليانوس Tertulien (إلى غاية العصور الوسطى.


• عبادة الحيوانات: نذكر مثال :عبادة الكبش :جسدت في النقوش الحجرية )تادرارت أكاكوس بفزان ،الجنوب الوهراني الطاسيلي
  ناجر، الشرق القسنطيني ( على شكل كبش يحمل بين قرنيه قرص الشمس، كما نقشت صور للكباش فوق النصب، تم الكشف عنها
  في العديد من المواقع األثرية كمعبد الحفرة بمنطقة قسنطينة ، كما دلت بعض مصادر العصور الوسطى)البكري( و األبحاث األثرية
  على استمرار هذه العبادة إلى ما بعد االحتالل الروماني لمنطقة بالد المغرب ، تم ربط هذه العبادة باإلله أمون ، ولقد اختلفت
  الدراسات حول أصول هذه العبادة هل هي مصرية أو ليبية ؟.


• عبادة الكهوف والجبال والمغارات : كانت عبارة عن أماكن العبادة المقدسة عند الليبيين ، استمرت عملية تقديس هذه األماكن إلى ما
  بعد االحتالل الروماني لمنطقة بالد المغرب.


• عبادة المياه )العيون والمطر (: نظرا إلى أهمية عنصر الماء في بالد المغرب، فقد كانت مصادر المياه مقدسة في بالد المغرب،
  ولقد اشتهرت المنطقة بعبادة اله المطر المشهور باسم أنزار Anzar. كانت تعرف طقوس اله المطر باحتفال عروس أنزار n Tislit
  Anzar ، وتعرف أيضا بحفل بوغنجة ،وهي طقوس كانت تقام لغرض الخصوبة في فصل الصيف أو في فصل الربيع )فترة الجفاف( ،
  ولقد استمرت هذه الطقوس إلى يومنا هذا في العديد من المناطق مثل فزان بليبيا ، منطقة الجريد بتونس وبعض المناطق الريفية في
  الجزائر.
  -عبادة األسالف)األموات(:عبد الليبيون أسالفهم ، وقد ذكر« 172 ,IV ,Herodote « أن الليبيين النسامون Nasamons يتجهون
  إلى قبور أسالفهم لتأدية الصلوات ، بعدها ينامون فوقها ، ويعتقدون أن كل ما يأتيهم من األحالم وحيا ، وبذلك كان الغرض من هذه
  الطقوس من أجل التنبؤ بالمستقبل واستطالع الغيب وهي عادة مازالت إلى يومنا هذا في بعض المناطق الصحراوية )الهقار( ،وكما كانوا
  يؤدون القسم بوضع أيديهم فوق قبور أسالفهم الذين اشتهروا بكونهم أكثر الرجال عدال وأحسنهم خلقا
  IIوضعيات وطرق الدفن: انتشرت عملية الدفن
  منذ ما قبل التاريخ، ولقد تعددت طرق الدفن ،
  منها:
  *الدفن المنطوي الذي يعتبر من بين أقدم
  وضعيات الدفن ، يعود استعماله إلى العصر
  الحجري الحديث ، توضع الجثة على جانبها األيمن
  أو األيسر ، تكون األطراف السفلى باتجاه البطن،
  تأخذ الجثة في بعض األحيان وضعية الجنين ،
  حيث يطوى الجسم على نفسه وترفع الركبتين نحو
  األعلى.
  *الدفن الممدد: تمدد الجثة على جانبها األيمن أو
  األيسر أو على الظهر، تعتبر هذه الوضعية قليلة
  االنتشار.
  مارس الليبيون عادة طقوس صبغ جثة الميت
  بالمغرة الحمراء، وتعتبر هذه العادة قديمة جدا تعود
  إلى فترة ما قبل التاريخ. كان الميت يرفق بأثاث
  جنائزي منها األواني الفخارية والحلي واألسلحة،
  وهذا دليل على إيمانهم بالحياة األخرى.شم: يعتبر تزيين بعض أطراف الجسم كالذراعين والساقين والوجه بعالمات الوشم من عادات
  الليبيين التي اتخذت بعض األشكال الهندسية المعروفة لديهم، ويتخذ هذا الوشم للز ينة وممارسة بعض
  الطقوس كدفع السحر واألرواح الشريرة، ومازالت هذه العادة مستمرة إلى يومنا هذا لدى بعض النساء في
  المناطق الريفية..I