لخّصلي

معلوم أن النظام البيئي يتألف من مكونات حية وأخرى غير حية تتواجد ضمن أي مساحة من الطبيعة ( نسميها البيئة ) وتتفاعل مع بعضها بشكل مستمر ضمن نظام متكامل من التوازن والاستقرار تسود عبره مجموعة من العلاقات والتفاعلات المتبادلة بين مكونات النظام البيئي وأن هذه العمليات المتبادلة تخضع إلى نظام بالغ الدقة والتوازن. ولذلك إذا ما حدثت أية إساءة أو استغلال غير رشيد أو أمعان في استغلال مكونات هذا النظام ) والتي نطلق عليها الموارد البيئية) فسوف ينتج عن ذلك تخريب أو تهديم لهذا النظام أو إضعاف القدرة هذا النظام على الأقل . وغالباً ما تحدث الإساءة جراء تدخل الإنسان بأسلوب يتعارض ومبدأ التوازن للنظام البيئي أما لعدم إدراكه لقوانين البيئة أو جراء استغلاله المفرط لمواردها دون إحساس بالمسئولية . فما التصحر Desertification والتلوث بكل أنواعه المادية وغير المادية ، وما أزمة الغذاء العالمية ومشاكل الازدحام السكاني ، ومشاكل المرور إلا صور الأشكال هذه الإساءة التي يصنعها الإنسان والتي تنم عن جهل غير متعمد تارة
وأنانية مفرطة تارة أخرى .
ومن هنا إذا كانت البيئة Environment ينظر إليها اليوم على إنها المخزون من المصادر الطبيعية والبشرية المتوفرة في مكان ما في أي وقت من اجل تلبية احتياجات الإنسان . فلابد من أن تتحرك الإدارة الإنسانية لإدارة تلك الموارد في ذلك المكان يهدف إبقاء أو إحداث تنمية مستدامة بما يضمن تحسين نوعية حياته وحياة
الأجيال القادمة من مجتمعه ومن هنا كان التخطيط البيئي Environment Planning كواحد من الفعاليات الإدارية الذي بموجبه تتبع الأساليب العلمية للحفاظ على البيئة أو تحسين أدائها من خلال تخليصها من جميع مصادر التلوث والتشويه والأضرار التي تنتج جراء استغلال الثروات الطبيعية أو ممارسة النشاطات البشرية الاقتصادية والعمرانية إيماناً بأن التطورات الاقتصادية والاجتماعية يجب أن لا تجري على حساب البيئة
الإنسانية .
وبعيدا عن أسباب إغفال هذا النوع من التخطيط عبر عشرات السنين بعد اعتماد التخطيط بمختلف مستوياته القومية والإقليمية والمحلية كأسلوب علمي لاستقلال موارد البيئة إلا أن تفاقم المشاكل البيئية جراء الاستخدام المفرط للموارد الطبيعية كالأرض - والموارد المائية - والمعدنية التي تنتج عنها تغيير في معالم شكل الأرض وتكويناتها التي أبرزها اليوم مشكلة التصحر أو مشكلة الكثبان الرملية وشتى صور التلوث للتربة - والماء - والهواء إضافة إلى سوء استخدام الأرض نفسها ومن مختلف البيئي لمقابلة الانفجار السكاني الذي صار هو الآخر اخطر مصادر التلوث من خلال الزحمة السكانية وما تحدثه من مشاكل استنزاف الموارد
البيئة ومشاكل المرور وما ينتج عنها من ضوضاء .
كل هذه المخاطر وسواها حتمت على القائمين من التخطيط سواء على الصعيد الوطني أو من مستويات التخطيط الإقليمي ( المحلي ) بشقيه الحضري Urban Planning أو الريفي Rural Planning وجوب إتباع ذلك التخطيط من التخطيط البيئي الذي يأخذ على عاتقه مواجهة المشاكل البيئية أو التصدي لها عبر
تلك المستويات .لا بل أن تفاقم العاملين البشري المعبر عنه ( بالنمو السكاني المتزايد والسريع والعامل الاقتصادي المعبر عنه ( بندرة الموارد - وعناصر الإنتاج ) وفي ظل التقدم العلمي والتقني أصبحت تدفع بشكل أكثر من ذي قبل للأخذ بالتخطيط البيئي لتحصين استخدام راشد و متوازن الموارد البيئة باعتباره احد مستويات التخطيط الذي يعتمد المنهج البيئي والذي يرى بأن عملية التنمية المكانية لأي بيئة
يجب أن لا تتعدى في طموحاتها الحد الايكولوجي لتلك البيئة .
بعبارة أخرى أن التخطيط البيئي هو ذلك المستوى من التخطيط الذي يهتم بالقدرات أو الحمولة البيئية من المكان المراد تنميته كونه يحدد المدى لاستقلال
الموارد البيئية
وهذا تم من خلال خطط التنمية المكانية ( المعبر عنها بالمشاريع التنموية ) تراعي الأبعاد البيئية فلا تتعدى في مدخلاتها الحدود الايكولوجي للعناصر البيئية المتوفرة من ذلك المكان كي لا تحدث نتائج عكسية تؤدى إلى مشاكل بيئية أو
كوارث ايكولوجية ..
واليوم وقد وقع الكثير من هذا المحذور من خلال إغفال كل تلك الاعتبارات وصارت عملية التصحر تزحف على مساحات واسعة من أوطاننا وعالمنا المتنامي وصارت الكثبان الرملية تزحف نحو مزارعنا وبساتيننا بل ومدننا وشبكات الطرق الواصلة إليها وصارت مظاهر التلوث تغطي أجوائنا وأرضينا وأنهارنا وشوارعنا ( فلا بد لهذا المنهج العلمي واقصد به منهج التخطيط البيئي ) أن يتبادر إلى متابعة جميع هذه المشاكل عبر مختلف البيئي ليستطيع استخلاص شتى الأساليب التقنية والعلمية لمجابهتها وتكوين رؤى مستقبلية لمواجهة المد المتفاقم لهذه المشاكل
بمختلف صورها وأشكالها باعتباره أسلوب علمي وعملي ليس فقط من اجل إعطاء [12:24 ص، 2024/4/28] اللهم صل على محمد🌹♥️: أفضل السبل لاستقلال الموارد الطبيعية والبشرية من أي مكان لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية لمجتمع ذلك المكان دون الإضرار أو الإساءة العناصر البيئة وإنما يؤمن أيضاً لتقديم أفضل السبل لإدارة المشاكل البيئية من جهة وتقديم الأساليب والمعالجات للحد من تفاقم المشاكل البيئية وحمايتها من الأضرار أو التشوهات التي قد تنجم جراء الاستخدام السيئ أو المفرط لمعطيات البيئة الطبيعية والبشرية . وعلى هذا الأساس سوف تتنوع الأساليب التي يقدمها التخطيط السيئ بين أساليب قانونية ملزمة وإجراءات علمية وعملية ، وتوجيهات وممارسات اقتصادية وهندسية من شانها معالجة أو إخفاء مظاهر الاستخدام السيئ لعناصر البيئة ولذلك سيتم التطرق إلى أهم المشاكل البيئية وأساليب معالجتها عبر أربعة
أبواب هي:
الباب الأول: التخطيط البيئي لحماية البيئة الطبيعية ومواجهة مشاكل استنزاف
مواردها الطبيعية . ويتضمن هذا الباب
الفصل الأول: التخطيط البيئي لصيانة الأرض وحمايتها من التدهور .
الفصل الثاني: التخطيط البيئي لمعالجة ظاهرة التصحر .
الفصل الثالث: التخطيط البيئي لمعالجة ظاهرة الكثبان الرملية .
الفصل الرابع: التخطيط البيئي لحماية البيئة البحرية والسواحل ..
الفصل الخامس: التخطيط البيئي لإقامة المحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية
وحمايتها .
الباب الثاني: التخطيط البيئي لحماية البيئة من مظاهر وأخطار التلوث . ويتضمن:
الفصل السادس التخطيط البيئي لحماية البيئة من أخطار التلوث المادي .
الفصل السابع: التخطيط البيئي لحماية البيئة من أخطار التلوث غير المادية .
الباب الثالث: التخطيط البيئي المعالجة أخطار الانفجار السكاني .
الباب الرابع التخطيط لتفعيل دور المعلم والقانون في حماية البيئة .