لخّصلي

وقبل ذلك التاريخ كانت العلاقات الاقتصادية الدولية بين أجزاء العالم المختلفة ضعيفة جدا، وإذا تتبعنا المراحل التاريخية لتطور البشرية في انتقالها من نظام الرق إلى النظام الإقطاعي، وقبل وصولها إلى النظام الرأسمالي، ولم يتم التحول إلى الإنتاج السلعي على نطاق واسع وبصفة رئيسية إلاّ مع ظهور النظام الرأسمالي واستكمال سيطرته، إن كانت الرأسمالية التجارية قد أدت إلى التوسع في النشاط التجاري فإن كل ذلك كان له أثره على نمو المبادلات بين الدول منذ بداية القرن التاسع عشر. يمكن تعفي الاقتصاد الدولي في نطاق هذه الدراسة، بأنّه ذلك الكل الذي يحتوي دول العالم أجزاءه المختلفة كأعضاء تتعامل وتتفاعل مع بعضها لبعض من خلال آلية محددة هي آلية السوق، والاقتصاد الدولي هو هيكل للتبادل الدولي يقوم على أساس تقسيم معين للعمل الدولي في إطار السوق الرأسمالية العالمية، لا تعني ظاهرة الاقتصاد الدولي انتفاء الاقتصاد الوطني، ولا تعني على الأخص أن جميع الاقتصاديات الوطنية تشارك على قدم المساواة. فالعالم كله تقوم بين دوله علاقات اقتصادية غير أن هذه العلاقات الاقتصادية لم تكن مثلما هي عليه اليوم، ثانيا: تطور الاقتصاد الدولي: الاقتصاد الدولي بمعناه السابق لم يظهر إلا مع ظهور الرأسمالية وسيطرتها على العالم، منهجية الدراسة استعراض المراحل المختلفة لهذا التطور: كان يسود أوربا في العصور الوسطى ما يعرف بالنظام الإقطاعي، وبفعل قوانين التراكم والتركز أخذت هذه المنافسة تخلي سبيلها للاحتكار وسيطرة المشروعات الإنتاجية الكبرى على الأسواق. لقد واكب هذا التطور تغير مصاحب في دور الدولة في النشاط الاقتصادي،

تعتبر ظاهرة انضمام أجزاء العالم المختلفة في نظام شامل يعرف بالاقتصاد الدولي، ظاهرة حديثة العهد نسبيا، إذ ترجع إلى منتصف القرن التاسع عشر، وقبل ذلك التاريخ كانت العلاقات الاقتصادية الدولية بين أجزاء العالم المختلفة ضعيفة جدا، وكان التبادل يتم بصفة رئيسية داخل كل جزء من هذه الأجزاء وبصفة ثانوية بين الأجزاء بعضها لبعض.
وإذا تتبعنا المراحل التاريخية لتطور البشرية في انتقالها من نظام الرق إلى النظام الإقطاعي، وقبل وصولها إلى النظام الرأسمالي، يلاحظ أن البشرية كانت تنتج بغرض الإشباع المباشر للحاجات أي تنتج منتجات وليس سلعا، ولم يتم التحول إلى الإنتاج السلعي على نطاق واسع وبصفة رئيسية إلاّ
مع ظهور النظام الرأسمالي واستكمال سيطرته، وفي ظل هذه السيطرة أصبح سكان الكرة الأرضية أطرافا في نظام الاقتصاد الدولي من خلال عملية مهمة جدا في تاريخ الإنسانية هي عملية الاندماج الرأسمالي، كل ذلك حدث في فترة وجيزة للغاية لا تتعدى قرنين من الزمان.
فمما تقدم يمكن القول، إن كانت الرأسمالية التجارية قد أدت إلى التوسع في النشاط التجاري
الخارجي، وأدى هذا التوسع إلى ثورة كاملة في طرق الصناعة والمواصلات. فإن كل ذلك كان له أثره على نمو المبادلات بين الدول منذ بداية القرن التاسع عشر. كما أحدث هذا التحول الرأسمالي تطورا مماثلا في العلاقات الدولية وكانت له نتائج لا يزال أغلبها قائما.
يمكن تعفي الاقتصاد الدولي في نطاق هذه الدراسة، بأنّه ذلك الكل الذي يحتوي دول العالم أجزاءه المختلفة كأعضاء تتعامل وتتفاعل مع بعضها لبعض من خلال آلية محددة هي آلية السوق، ولقد أخذ هذا التبادل والتفاعل شكل التبادل الدولي.
والاقتصاد الدولي هو هيكل للتبادل الدولي يقوم على أساس تقسيم معين للعمل الدولي في إطار السوق الرأسمالية العالمية، ويرتبط بهذا الهيكل، هيكل لتوزيع القوى السياسية والاقتصادية، بحيث تنقسم الأجزاء المكونة له إلى طرفين، طرف مسيطر وطرف مسيطر عليه.
لا تعني ظاهرة الاقتصاد الدولي انتفاء الاقتصاد الوطني، ولا تعني على الأخص أن جميع الاقتصاديات الوطنية تشارك على قدم المساواة. فالعالم كله تقوم بين دوله علاقات اقتصادية غير أن هذه العلاقات الاقتصادية لم تكن مثلما هي عليه اليوم، وإنما بدأت تتخذ شكلها الحالي منذ بداية التكوين الاجتماعي الرأسمالي، وبصفة خاصة منذ قيام الثورة الصناعية.
ثانيا: تطور الاقتصاد الدولي:
الاقتصاد الدولي بمعناه السابق لم يظهر إلا مع ظهور الرأسمالية وسيطرتها على العالم، وهنا تتطلب
منهجية الدراسة استعراض المراحل المختلفة لهذا التطور:
-1الانتقال من الإقطاعية إلى الرأسمالية :
كان يسود أوربا في العصور الوسطى ما يعرف بالنظام الإقطاعي، وفي ظل هذا النظام كانت الأرض هي وسيلة الإنتاج الرئيسية وكان النّبلاء يملكون الأراضي ومن عليها من البشر (الأقنان (، وكانت ملكية الأقنان هذه تنتقل مع الأرض من سيد إلى آخر. وكان الإنتاج يتم بالدرجة الأولى لإشباع الحاجات وليس لغرض التبادل، ولقد حدث التطور من النّظام الإقطاعي إلى النّظام الرأسمالي تدريجيا خلال القرنين الخامس والسادس عشر في أوربا، وكان وراء هذا التطور عدة عوامل داخلية وخارجية.
2-الانتقال من الرأسمالية التنافسية إلى الرأسمالية الاحتكارية:
بعد أن حسم الصراع لصالح الطبقات الرأسمالية (التجار وأصحاب رؤوس الأموال)، بدأ النظام الرأسمالي يتطور بموجب تفاعلات داخلية وبالتحديد بفعل قوانين التراكم والتركز، ففي البدء كانت المشاريع الإنتاجية صغيرة الحجم وكثيرة العدد، بحيث تتنافس مع بعضها البعض على تصفيها للمنتجات، وبفعل قوانين التراكم والتركز أخذت هذه المنافسة تخلي سبيلها للاحتكار وسيطرة المشروعات الإنتاجية الكبرى على الأسواق. لقد واكب هذا التطور تغير مصاحب في دور الدولة في النشاط الاقتصادي، ففي البداية كانت الدولة تلعب دورا نشيطا في توجيه الحياة الاقتصادية للحصول على أكبر قدر من المعدن النفيس (الذهب والفضة) وهو وسيلة التراكم الجديدة، ومن هنا سيطر مذهب التجاريين على الإجراءات الاقتصادية من القرن السادس عشر إلى الثامن عشر، وبعد أن قوت الرأسمالية خاصة في بريطانيا لم تعد الرأسمالية في حاجة إلى تدخل الدولة بل أصبحت تريد منازلة غيرها من الرأسماليات الأقل قوة وتطورا، وغزو مواقعها الاحتكارية في العالم الجديد. من هذا المنطلق بدأت السيطرة الفكرية تنعقد في مذهب التقليديين والتي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر (دعه يعمل دعه يمر)، ومن خلال هذا المذهب يلاحظ كيف يقدم مفكروه تبرير نمط تقسيم العمل الدولي، الذي كان سائدا في بريطانيا أو بينها وبين الدول التي تخضع لها في ذلك الوقت.