لخّصلي

لعبت مدينة القيروان، أول مدينة إسلامية في أفريقيا، دورًا محوريًا في نشر الإسلام بالمغرب الأقصى والأندلس. عقب تعيين عقبة بن نافع عام 670م، تحولت القيروان لقاعدة عسكرية انطلقت منها الحملات، ثم بسط حسان بن النعمان سيطرته، قائضا على الروم و البربر، مُرسخاً الاستقرار. واصل موسى بن نصير الفتوحات من القيروان، مُسيطراً على المغرب الأقصى، ثم قاد طارق بن زياد فتح الأندلس عام 711م. شهد المجتمع الجديد اندماجًا بين السكان الأصليين (أفارقة وبربر) ووافدين (بيزنطيين، يهود، نصارى، وعجم)، ساهم في ذلك حسان بن النعمان وموسى بن نصير بسياسات إسلامية وتعليمية وإدماج اجتماعي، متجسدة في مشاركة البربر في الفتوحات وزواج العرب منهم، مما أدى إلى حضارة متعايشة سلميًا.

مقدمة : لعبت مدينه القيروان باعتبارها اول مدينه اسلاميه يقع فتحها بافريقيا دورا قاعديا في انتشار الاسلام في بلاد المغرب والاندلس
اول روماني، القيروان قاعده لنشر الاسلام في بلاد المغرب والاندلس:

1. تاسيس القيروان والاستقرار النهائي بافريقيه : افريقيه وتسمى ايضا المغرب الادنى وتشمل اليوم البلاد التونسيه وغرب ليبيا وشرق الجزائر قبل سنه 50 هجري قام المسلمون بحملات استطلاعيه انطلاقا من قاعده الجيش بالفسطاط واكتفوا بجمع الغنائم ثم الانسحاب ومن اهمها حمله العبادي للسبعه في 27 هجري وحملات معاويه ابنه حديج في 34 هجري 41 هجري 45 هجري لكن في 50 هجري 670 ميلادي عين الخليفه الاموي الاول معاويه ابن ابي سفيان عقبه بن نافع قائدا على بلاد المغرب ويعتبر ذلك تحولا في استراتيجيه الفتح الاسلامي اذ مع قدوم عقبه وقع تمصير القيروان التي تحولت الى قاعده عسكريه تنطلق منها مختلف الحملات في اتجاه بلاد المغرب وبالفعل تمكن عقبه خلال ولايته الثانيه على افريقيا 62 هجري 682 ميلادي من التوغل في اتجاه الغرب وهزم الروم البيزنطيين وحلفائهم البربر وتوجه نحو طنجه بالمغرب الاقصى حتى وصل الى المحيط الاطلسي وفي طريق عودته وقع مباغته بحلف بيزنطي بربري فكان استشهاده في موقعة تهودة 64 هجري 684 ميلادي وسيطر البربر من جديد على القيروان بعد عوده العرب الى الشرق
   حله حسان ابن نعمان الوالي الجديد بافريقيه سنه 76 هجري 695 ميلادي واحكم سيطرته على القيروان وتغلب على الروم البيزنطيين بقرطاجنه وطردهم منها وقضى على خطر البربر بعد ان قتل زعيمته ملكين سنه 82 هجري واعاد الاستقرار للمنطقه بفضل السياسه التي سلكها
   باخضاعها افريقيه للسلطه الامويه هيا حسان الظروف المناسبه لاستكمال الانتشار الاسلامي ببلاد المغرب والاندلس.


2. مواصله الانتشار الاسلامي في المغرب الاقصى والاندلس:
   أ)_ التوسع في اتجاه المغرب الاقصى: وصل موسى ابن نصير افريقيا سنه 85 هجري 705 ميلادي واتخذ القيروان قاعده لولايته ومنها تابع عملياته العسكريه في اتجاه المغرب الاقصى فواجه قبائل المغرب الاوسط صنهاجا وكتامه واستولى على اقليم طنجه سنه 90 هجري 709 ميلادي ثم تمكن من السيطره على كامل بلاد المغرب.
   عمل موسى على تنظيم الولايه الجديده وتوجهت انظاره نحو بلاد الاندلس.
   ب)_ فتح الاندلس: بدا الانتشار الحقيقي في الاندلس سنه 92 هجري 711 ميلادي عندما قام طارق ابن زياد بعبور المضيق الذي اصبح يحمل اسمه في جيش يضم 12,000 رجل من العرب والبربر وقد تمكن المسلمون من فتح طليطله في شهر رمضان 93 هجري 712 ميلادي ثم اكمل الحمله موسى ابن نصير في جيش يضم 18,000 ففتح عده مدن مثل اشبيليا وغرناطه ثم انضم الى جيش طارق ابن زياد سنه 94 هجري 713 ميلادي واحكم السيطره على الاندلس وتحصلوا على غنائم واموال طائله.
   اصبح ولاة القيروان يسيطرون على كامل حوض البحر الابيض المتوسط.
   ثاني روماني، اندماج العناصر البشريه المحليه و الوافده في المجتمع الاسلامي الجديد


3. مكونات المجتمع الجديد في بلاد المغرب : ساهمت الفتوحات الاسلاميه بتوافد العديد من العناصر البشريه على المجتمع الاسلامي فاصبح المجتمع في بلاد المغرب منذ النصف الثاني من القرن الاول هجري يضم اخلاص من الناس فبالاضافه الى السكان المحليين الافارقه والبربر عناصر مختلفه من البيزنطيين واهل الذمه من يهود ونصارى ينضاف اليهم العجم من اهل خرسان الذين وفدوا الى المنطقه في العهد العباسي.


4. مظاهر اندماج بلاد المغرب: عمل ولاة القيروان على اسلمتي كل هذه الفئات وادماجها في المجتمع الاسلامي بطرق متنوعه :
   سلك حسان ابن نعمان سياسه ناجحه اذ اشترط على البربل المهزومين اخذ 12,000 منهم ليشركهم في عمليات الانتشار الاسلامي وبالتالي اتاح لهم اعتناق الاسلام واختلاطهم بالمسلمين وقد احسن معاملتهم ومنحهم الاراضي والمساعدات حتى يكسب ثقتهم كما امر موسى بن نصير بتعليم البربر القران ولنفس الغرض ارسل الخليفه الاموي عمر بن عبد العزيز 10 علماء لبلاد المغرب ليعلموا سكان افريقيه شرائع الاسلام.
   اضافه الى زواج العرب من البربر كما ان العديد من السكان فضلوا الانتساب الى اصول عربيه بحث على مكان اجتماعيه افضل وطمعا في غنائم الفتوحات ولعل من مظاهر نجاح عمليه ادماجهم في المجتمع الاسلامي مشاركتهم في المعركه التي خاضها حسان ضد الكاهنه
   كما ان فتح الاندلس كان على يد طارق ابن زياد وهو من اصل بربري.
   خاتمة: لعبت القيروان منذ تاسيسها دورا بالغ الاهميه كقاعده انطلاق الحملات المتعدده وكعاصمه لولايه المغرب وقد ازدادت اهميه هذه المدينه بدخول البربر والعناصر الوافده للدين الاسلامي لتصبح منارة حضاريه احتوت فسيفساء اجتماعيه مندمجه ضمن حضاره واحده متعايشه سلميا فيما بينها.