لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (55%)

مقتضى الحد من التجريم أن الضرورة الا تتوافر دائما للالتجاء إلى التجريم 1 والعقاب من أجل مواجهة الانحراف الاجتماعي، على أن يتناسب هذا التدخل بالقدر 3 الذي يجعله مفيدا في الدفاع عن المجتمع، لذا فقد دعا "بيكاريا" المشرعين إلى إلغاء كل ما هو غير ضروري في المجموعة العقابية، مؤكدا أن العقوبة لا تكون نافعة إلا إذا كانت متناسبة مع الضرر الذي أصاب 4 المجتمع من جراء الجريمة. فسلطة المشرع في الحد من التجريم ليست مطلقة، وعلى الخصوص في مجال جرائم الأعمال، إذ عليه أن يراعي حينما يلجأ إلى هذه الألية في مجال قانون الأعمال بعض الضوابط، التي ترسم حدودا لما يمكن أن يستبعد من مجال التجريم مطلقا، ولما يمكن أن يخرج من مجال التجريم من أفعال مع بقائها في دائرة عدم المشروعية 5 القانونية فالبد على المشرع أن لا ينج ّر وراء مطالب بعض جماعات الضغط، بل يجب أن يكون هدفه في ذلك تحقيق مصلحة المجتمع ككل. وذلك في مواجهة المنافسة غير المشروعة التي تمارسها المشروعات الكبرى، فإذا كانت الضرورة تقتضي ترك هامش من الحرية لرجال الأعمال في إدارة نشاطهم وتنمية استثماراتهم، بما يحقق انتعاش الإقتصاد الوطني، الذين قد يستغلون هامش الحرية لممارسة بعض التصرفات المخلة بالأخلاق العامة وأخلاقيات المهنة، وهنا على المشرع أن يجري موازنة دقيقة لتحديد متى يتدخل بآلة التجريم ومتى يتراجع عن ذلك. وهذا ما يفرض على الدولة تجريم وعقاب بعض التصرفات لصالح الجميع، والمساواة بين الدول الأعضاء من حيث شرالمنافسة، إضافة إلى المبادئ التوجيهية الصادرة عن الأمم المتحدة لتنظيم النشاط 10 الإقتصادي بين الدول وداخل كل دولة. وبالتالي فالمشرع يتقيد في تجريمه للفعل أو إلغاء تجريمه بأحكام الإتفاقيات المصادق عليها من قبل أجهزة الدولة، كما هو الشأن بالجزائر، إذ تقضي المادة 132 من دستور 1996 بأن المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية تعد أسمى من القانون الداخلي، وبلغ تأثيرها جميع عناصر السياسة الجزائية، ج- الضوابط الأخلاقية:وتفرض هذه الضوابط على المشرع عدم المساس بصور التجريم التقليدي، إذ إن العقوبة الجزائية تظل مطلوبة في هذا المجال لحماية الأفراد في ذواتهم وأموالهم وحرياتهم، بل يجب المطالبة بتطويره وتدعيمه لتحقيق مصلحة الجميع المالية والتجارية؛ أما الجرائم الماسة بالأخلاق فيفترض أن تبقى بمنأى عن سياسة الحد من التجريم. وذلك لحماية المستهلك من الغش والتدليس والتصرفات العدوانية أو المستفزة، كما أنها تخل بثقة المستهلكين فيما يقدم إليهم من سلع وخدمات، وهو ما 14 قد يعود بالضرر في نهاية الأمر على الإقتصاد الوطني. ثانيا: رسم خطة الحد من التجريم. وهو وذلك 15 ما حاولت اللجنة الأوربية لمشاكل التجريم التعرض إليه من خلال تقريرها، بتقديم بعض الإقتراحات إلى الدول، من أجل التنسيق فيما بينها واتخاذ بعض الإجراءات التي تراها ضرورية لإزالة العقبات في طريق تبني سياسة الحد من التجريم وفي هذا الصدد أوصت اللجنة الأوربية لمشاكل التجريم بضرورة إقامة نوع من التعاون والتشاور الدوليين، وبين وغلق الباب 17 الدول التي لم تنتهج هذه السياسة، أمام المنحرفين لكي لا يستغلوا هذه الثغرات في تنفيذ مخططاتهم، لكن يتعذر الوصول إلى سياسة جزائية موحدة بصدد الحد من التجريم، وذلك لإختلاف القيم والظروف الإجتماعية والإقتصادية والسياسية من دولة إلى وهو ما يعكس خصوصية كل مجتمع، فما يعد مصلحة جديرة بالحماية في 18 أخرى، مجتمع ما قد لا يعتبر كذلك في مجتمع آخر، إلا أن هذه الخصوصية في الحقيقة تأثرت كثيرابالعولمة الثقافية بمختلف وسائلها وأساليبها، وهو ما انعكس على معيار تقدير المصالح الجديرة بالحماية، تبعا لتغير القيم 19 داخل المجتمع. ومن جهة أخرى تعمل الشركات متعددة الجنسيات بصورة مباشرة أحيانا، وإجبارها على تعديل منظومتها التشريعية، أو وهو ما يعود في الحقيقة 20 كشرط للحصول على بعض المساعدات والقروض المالية، ورفع الدعم عن المنتوج المحلي. وقد يتعدى الأمر إلى فرض سياسة الحد من التجريم، بإدخال تعديلات على بعض النصوص التجريمية، وبدل أن تقرر حماية 21 المصلحة العامة للمجتمع، تقرر حماية مصالح الشركات متعددة الجنسيات لحماية قيم المجتمع، التي تحاول الإنحراف عن قيم المجتمع خدمة لمصالحها الشخصية تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان وتحقيق المكاسب الإقتصادية. وتنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية، ثم الذوا بالفرار إلى دولة أخرى ألغت تجريم هذه الأفعال. كما أن هذا التعاون سيضمن للدولة التي انتهجت سياسة الحد من تجريم سلوك ما عدم استغلال مزايا ذلك من قِبل رعايا الدول التي لم تنتهج نفس السياسة، 23 وبالتالي تفادي إشكال تفاقم معدل السلوك الذي انحسر عنه التجريم، وما ينجر عن ذلك من آثار سلبية على المصالح الجديرة بالحماية، إذ البد من التصدي لها بطرق أكثر ًء كانت قانونية كنظام القانون المدني أو فاعلية، وبوسائل اجتماعية أخرى، سوا فاألمر ال يتعلق 24 القانون اإلداري، أو غير قانونية كالنظام التربوي أو التهذيبي، بإباحة السلوك من الناحية القانونية، لكنه يهدف إلى تطويع رد الفعل االجتماعي إزاء 25 سلوك يظل غير مشروع قانونا وبلوغ هذا الهدف يكون باتباع ما 26 يلي: أ-التأهيل الإجتماعي والتربوي والأخلاقي، وخلق بيئة اجتماعية نزيهة تساهم على المدى البعيد في تكريس أعراف وتقاليد اجتماعية كفيلة بإحداث رد فعل اجتماعي ضد مظاهر السلوك المنحرف، بما يش ّك اعي الذي ِل آلية فعالة للضبط الأجتم يساهم في الحد من معدل ارتكاب هذا السلوك. فيجب على الدولة أن تعمل على حل المشكلات الإجتماعية عن طريق معالجة أسبابها، بواسطة إصالاح النظام التربوي والثقافي في المجتمع، وتقوية وسائل الإتصال الإعلامي بين الجماهير وضمان فعاليتها، ولضمان تكيف أفراده مع تعاليمه، 27 لمواجهة صور الإنحراف، ولكون الضبط الإجتماعي بالمفهوم السابق ال ينشأ جملة واحدة، فإنه البد أن يتم انحسار التجريم عن سلوك معين بشكل متد ّرج، وبالموازاة مع تطور هذه الوسائل البديلة للنظام الجزائي، 28 حتى تكتمل قدرتها على تحقيق الضبط أو الوقاية من الجريمة وال يقصد بهذا التحليل إقرار الحد من التجريم عن الأفعال المخلة بالقيم الدينية والأخلاقية، نظرا لمخالفتها للفطر السليمة، لا أن تساير أهواء الأكثرية أو بعض الأقليات ذات النفوذ السياسي أو المالي. فالبد من التركيز والتأكيد على ضرورة تحديد نطاق الحد من التجريم في إطار الجرائم التنظيمية، التي ال تمس بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع بأي حال من الأحوال. ب- تطوير آليات أو تقنيات الوقاية من الجريمة، وذلك ليس على مستوى أجهزة الدولة أو ما يعرف بالضبط الإداري فحسب، وإنما يتعدى الأمر إلى إسهام الفرد كمجني عليه محتمل في هذه الوقاية، وذلك بتفعيل وتطوير الدراسات المتعلقة بعلم المجني عليه وإسهامه في الظاهرة الإجرامية، أو التصرفات التي يمكن أن تس ّهل أو تح ّرض على وقوع الجريمة في حقه، ومن الأليات الوقائية إجبار الشخص على أداء واجبات معينة مدنيا أو إداريا، يكون الهدف منها تفادي وقوع المخالفة القانونية، وتتمثل صورتها الغالبة في فرض مجموعة من قواعد السلوك على الأفراد أو المؤسسات، 30 داخلي للمؤسسة، وقد تتم الوقاية عن طريق تطوير تقنيات الرقابة والإنذار، وذلك باستخدام الوسائل التقنية الحديثة،


النص الأصلي

ضوابط الحد من التجريم.
مقتضى الحد من التجريم أن الضرورة الا تتوافر دائما للالتجاء إلى التجريم 1 والعقاب من أجل مواجهة الانحراف الاجتماعي، فأساس تدخل المشرع وتقييده للحريات الفردية هو الضرورة الاجتماعية التي تبرر التجريم أساسا، والتي تتحدد من 2 خلال الهدف الذي يسعى التجريم إلى تحقيقه، على أن يتناسب هذا التدخل بالقدر 3 الذي يجعله مفيدا في الدفاع عن المجتمع، لذا كان لزاما أن يتراجع التدخل الجزائي عن حماية تلك المصالح متى غابت تلك الضرورة واختل التناسب بينهما. فالمشرع ال يمكنه أن يتعسف بسلطته فيقرر تجريم الفعل أو يرفع عنه التجريم متى شاء، بل هو مرتبط بمبدأ الضرورة والتناسب في كال الأمرين، لذا فقد دعا "بيكاريا" المشرعين إلى إلغاء كل ما هو غير ضروري في المجموعة العقابية، مؤكدا أن العقوبة لا تكون نافعة إلا إذا كانت متناسبة مع الضرر الذي أصاب 4 المجتمع من جراء الجريمة. فسلطة المشرع في الحد


فسلطة المشرع في الحد من التجريم ليست مطلقة، وعلى الخصوص في مجال جرائم الأعمال، إذ عليه أن يراعي حينما يلجأ إلى هذه الألية في مجال قانون الأعمال بعض الضوابط، التي ترسم حدودا لما يمكن أن يستبعد من مجال التجريم مطلقا، ولما يمكن أن يخرج من مجال التجريم من أفعال مع بقائها في دائرة عدم المشروعية 5 القانونية فالبد على المشرع أن لا ينج ّر وراء مطالب بعض جماعات الضغط، التي 6 يكون هدفها تجريم سلوك معين أو إلغاء تجريم سلوك آخر، إرضاء لهذه الطائفة أو 7 تلك، بل يجب أن يكون هدفه في ذلك تحقيق مصلحة المجتمع ككل.
وتتمثل أهم هذه الضوابط فيما يلي: أ- الضوابط الإقتصادية: وتتمثل الضوابط الإقتصادية في حاجة المؤسسات والشركات إلى قدر من الإستقرار القانوني لضمان استمرارية نشاطها في السوق، ويتطلب هذا الإستقرار ضبط النصوص القانونية بصورة واضحة ومنصفة مع تدعيمها أحيانا بالعقوبات الجزائية. إذ يمكن لقانون العقوبات في هذا المجال أن يؤدي دورا حمائيا لنشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك في مواجهة المنافسة غير المشروعة التي تمارسها المشروعات الكبرى، أو لحماية التجار في مواجهة عملائهم الذين قد يتعمدون الإضرار بهم أو الإساءة إليهم. ويضاف إلى ذلك ضرورة ضمان متطلبات المنافسة المشروعة بين المؤسسات، لتفادي استفادة أو تحكم بعض المشروعات على حساب غيرها من المشروعات 9 الأخرى المنافسة. فإذا كانت الضرورة تقتضي ترك هامش من الحرية لرجال الأعمال في إدارة نشاطهم وتنمية استثماراتهم، بما يحقق انتعاش الإقتصاد الوطني، فإنه بالمقابل توجد ضرورة ملحة لتطهير مجال الأعمال من بعض المنحرفين، الذين قد يستغلون هامش الحرية لممارسة بعض التصرفات المخلة بالأخلاق العامة وأخلاقيات المهنة، وهنا على المشرع أن يجري موازنة دقيقة لتحديد متى يتدخل بآلة التجريم ومتى يتراجع عن ذلك. ب- الضوابط القانونية الدولية:حيث تضع الإتفاقيات الدولية التي تنضّم إليها الدولة ضوابط قانونية لتنظيم النشاط الإقتصادي وحماية المنافسة المشروعة، وهذا ما يفرض على الدولة تجريم وعقاب بعض التصرفات لصالح الجميع، لا سيما فيما يتعلق بضمان حرية التجارة الدولية، والمساواة بين الدول الأعضاء من حيث شرالمنافسة، إضافة إلى المبادئ التوجيهية الصادرة عن الأمم المتحدة لتنظيم النشاط 10 الإقتصادي بين الدول وداخل كل دولة. وبالتالي فالمشرع يتقيد في تجريمه للفعل أو إلغاء تجريمه بأحكام الإتفاقيات المصادق عليها من قبل أجهزة الدولة، خاصة إذا كان دستور الدولة يقضي بسمو تلك الإتفاقيات على القوانين الداخلية، كما هو الشأن بالجزائر، إذ تقضي المادة 132 من دستور 1996 بأن المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية تعد أسمى من القانون الداخلي، وهو ما يفرض على المشرع ضرورة تحقيق الإنسجام بين المنظومة الجزائية والإلتزامات الدولية. ولعل هذا القيد بدأ يخترق مفهوم السيادة من خلال السياسة الجزائية التي تأثرت بصورة مباشرة بظاهرة العولمة، وبلغ تأثيرها جميع عناصر السياسة الجزائية، سواء 11 فيما يتعلق بتحديد المصالح الجديرة بالحماية أو التجريم أو العقاب. ج- الضوابط الأخلاقية:وتفرض هذه الضوابط على المشرع عدم المساس بصور التجريم التقليدي، والتي تتعلق بالعقاب على الأفعال القائمة على الغش والتدليس، إذ إن العقوبة الجزائية تظل مطلوبة في هذا المجال لحماية الأفراد في ذواتهم وأموالهم وحرياتهم، بالإضافة إلى حماية الفاعلين في النشاط الإقتصادي داخل الدولة. وفي هذا الإطار يظل أساس القانون الجزائي لألعمال، المتمثل في جرائم خيانة الأمانة والنصب والإحتيال والغش وما يرتبط بها من جرائم التزوير في المستندات المحاسبية والتعدي على أموال المساهمين، قائما لا تجوز المطالبة بالحد من التجريم 12 أو العقاب فيه، بل يجب المطالبة بتطويره وتدعيمه لتحقيق مصلحة الجميع
فالمجال الطبيعي للحد من التجريم هو الجرائم المصطنعة التي استحدثتها بعض وذلك بهدف حماية القوانين والتنظيمات الخاصة بممارسة الأنشطة 13 التشريعات، المالية والتجارية؛ أما الجرائم الماسة بالأخلاق فيفترض أن تبقى بمنأى عن سياسة الحد من التجريم.
وتزداد أهمية الضابط الأخالاقي في استبعاد الحد من التجريم عن مجال حماية المستهلكين فالتجريم فيه يبقى ضروريا، والعقوبة الجزائية تكون مبررة، وذلك لحماية المستهلك من الغش والتدليس والتصرفات العدوانية أو المستفزة، التي قد تضر أو تعرض للخطر صحة المستهلكين وتخل بالتوازن العادل بين قوى المنتجين والمستهلكين، كما أنها تخل بثقة المستهلكين فيما يقدم إليهم من سلع وخدمات، وهو ما 14 قد يعود بالضرر في نهاية الأمر على الإقتصاد الوطني. وإن كانت هذه الضوابط في مجملها قد تسهم في تالفي عيوب سياسة الحد من التجريم وآثارها السلبية، فإن الدول سواء المطبقة لهذه السياسة أو الممتنعة عن ذلك بحاجة إلى رسم خطة لتجاوز العقبات التي قد تفرزها هذه السياسة، وهو ما يتم توضيحه بالفقرة التالية. ثانيا: رسم خطة الحد من التجريم. رسم خطة الحد من التجريم يجب أن يكون على مستويين: دولي ووطني، وهو وذلك 15 ما حاولت اللجنة الأوربية لمشاكل التجريم التعرض إليه من خلال تقريرها، بتقديم بعض الإقتراحات إلى الدول، من أجل التنسيق فيما بينها واتخاذ بعض الإجراءات التي تراها ضرورية لإزالة العقبات في طريق تبني سياسة الحد من التجريم
وفي هذا الصدد أوصت اللجنة الأوربية لمشاكل التجريم بضرورة إقامة نوع من التعاون والتشاور الدوليين، بين الدول التي تنتهج سياسة الحد من التجريم، وبين وغلق الباب 17 الدول التي لم تنتهج هذه السياسة، وذلك لإيجاد نوع من التنسيق بينها،
أمام المنحرفين لكي لا يستغلوا هذه الثغرات في تنفيذ مخططاتهم، وإلحاق الضرر بالمصالح المحمية في هذه الدول، أو تعريضها للخطر. لكن يتعذر الوصول إلى سياسة جزائية موحدة بصدد الحد من التجريم، وذلك لإختلاف القيم والظروف الإجتماعية والإقتصادية والسياسية من دولة إلى وهو ما يعكس خصوصية كل مجتمع، فما يعد مصلحة جديرة بالحماية في 18 أخرى، مجتمع ما قد لا يعتبر كذلك في مجتمع آخر، وانتفاء الضرورة والتناسب في تجريم سلوك معين بإحدى الدول، لا يقتضي انتفاءهما بباقي الدول. إلا أن هذه الخصوصية في الحقيقة تأثرت كثيرابالعولمة الثقافية بمختلف وسائلها وأساليبها، التي أدت إلى احتواء القيم الإجتماعية للمجتمعات وتعميم قيم بديلة، وهو ما انعكس على معيار تقدير المصالح الجديرة بالحماية، تبعا لتغير القيم 19 داخل المجتمع. ومن جهة أخرى تعمل الشركات متعددة الجنسيات بصورة مباشرة أحيانا، أو عن طريق المنظمات الدولية لممارسة نوع من الضغط على بعض الدول، وخاصة الدول النامية، وإجبارها على تعديل منظومتها التشريعية، مقابل مساعدتها على تنمية اقتصادها، أو استفادتها من امتيازات الإنضمام إلى تلك المنظمات الإقتصادية، أو وهو ما يعود في الحقيقة 20 كشرط للحصول على بعض المساعدات والقروض المالية، بالمنفعة إلى هذه الشركات بالدرجة الأولى، وذلك نتيجة رفع الحواجز عن التجارة والتبادل وحركة رؤوس الأموال، وإلغاء التعريفة الجمركية، ورفع الدعم عن المنتوج المحلي. وقد يتعدى الأمر إلى فرض سياسة الحد من التجريم، بإدخال تعديلات على بعض النصوص التجريمية، كما هو الحال بالنسبة لحركة رؤوس الأموال، وتحديد الأسعار، وبهذا يتغير معيار تحديد المصالح الجديرة بالحماية، وبدل أن تقرر حماية 21 المصلحة العامة للمجتمع، تقرر حماية مصالح الشركات متعددة الجنسيات
لذا فإن الحذر مطلوب من المشرع في عصر العولمة أكثر من أي عصر، لحماية قيم المجتمع، ومصالحه الجماعية والفردية، دون التأثر بالضغوطات الخارجية والداخلية من قِبل بعض الفئات القليلة والشاذة، التي تحاول الإنحراف عن قيم المجتمع خدمة لمصالحها الشخصية تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان وتحقيق المكاسب الإقتصادية. وفي إطار التنسيق والتعاون الدولي دائما، وبغرض إزالة التعارض بين النظم الجزائية للدول المختلفة، ولتالفي استغالله من خربي الذمم في الإفلات من العقاب، وذلك في إطار التعاون 22 أوصت اللجنة الأوربية بضرورة إبرام الإتفاقيات الدولية، القضائي الدولي لتسليم المجرمين، وتنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية، حتى تضمن الدولة التي لم تتبن سياسة الحد من التجريم عدم إفلات مواطنيها أو الأجانب من قبضة العدالة عما اقترفوه من جرائم على إقليمها، ثم الذوا بالفرار إلى دولة أخرى ألغت تجريم هذه الأفعال. كما أن هذا التعاون سيضمن للدولة التي انتهجت سياسة الحد من تجريم سلوك ما عدم استغلال مزايا ذلك من قِبل رعايا الدول التي لم تنتهج نفس السياسة، 23 وبالتالي تفادي إشكال تفاقم معدل السلوك الذي انحسر عنه التجريم، وما ينجر عن ذلك من آثار سلبية على المصالح الجديرة بالحماية، بما يؤدي إلى فشل سياسة الحد من التجريم.
ما على الصعيد الداخلي، فإن سياسة الحد من التجريم قد تعجز في كثير من األحيان عن تحقيق أهدافها إذا ما اقتصرت على إلغاء تجريم السلوك، ودون أن يتم تقرير بديل للحماية الجزائية للمصالح المعتبرة؛إذ البد من التصدي لها بطرق أكثر ًء كانت قانونية كنظام القانون المدني أو فاعلية، وبوسائل اجتماعية أخرى، سوا فاألمر ال يتعلق 24 القانون اإلداري، أو غير قانونية كالنظام التربوي أو التهذيبي، بإباحة السلوك من الناحية القانونية، لكنه يهدف إلى تطويع رد الفعل االجتماعي إزاء 25 سلوك يظل غير مشروع قانونا
وعلى هذا فإن خطة الحد من التجريم على المستوى الداخلي تهدف إلى الحيلولة دون تكرار السلوك الذي لم يعد م ّجرما قانونيا، وبلوغ هذا الهدف يكون باتباع ما 26 يلي: أ-التأهيل الإجتماعي والتربوي والأخلاقي، وخلق بيئة اجتماعية نزيهة تساهم على المدى البعيد في تكريس أعراف وتقاليد اجتماعية كفيلة بإحداث رد فعل اجتماعي ضد مظاهر السلوك المنحرف، بما يش ّك اعي الذي ِل آلية فعالة للضبط الأجتم يساهم في الحد من معدل ارتكاب هذا السلوك. فيجب على الدولة أن تعمل على حل المشكلات الإجتماعية عن طريق معالجة أسبابها، بواسطة إصالاح النظام التربوي والثقافي في المجتمع، وتقوية وسائل الإتصال الإعلامي بين الجماهير وضمان فعاليتها، لتكوين مجتمع متجانس متكامل، ولضمان تكيف أفراده مع تعاليمه، وبالتالي جعل قانون العقوبات آخر الحلول بحسب ما تقتضيه الضرورة والتناسب. 27 لمواجهة صور الإنحراف، ولكون الضبط الإجتماعي بالمفهوم السابق ال ينشأ جملة واحدة، إنما يكون نتاجا للتفاعل المستمر على مدى السنين بين جملة من العوامل والظروف الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والتربوية... وغيرها، فإنه البد أن يتم انحسار التجريم عن سلوك معين بشكل متد ّرج، وبالموازاة مع تطور هذه الوسائل البديلة للنظام الجزائي، 28 حتى تكتمل قدرتها على تحقيق الضبط أو الوقاية من الجريمة
وال يقصد بهذا التحليل إقرار الحد من التجريم عن الأفعال المخلة بالقيم الدينية والأخلاقية، والتي اتفقت على تجريمها جل الشرائع السماوية وحتى الوضعية، نظرا لمخالفتها للفطر السليمة، فهذه المخالفات لا يكفي معها الضبط الاجتماعي فقط، بل البد من ضرورة بقاء تجريمها قانونا، ولو طالبت أغلبية المجتمع برفع التجريم عنها، إذ على البرلمان كسلطة تشريعية يفترض فيها أنها نخبة المجتمع تقرير ما يفترض أن يوافق مصلحة المجتمع، لا أن تساير أهواء الأكثرية أو بعض الأقليات ذات النفوذ السياسي أو المالي.
فالبد من التركيز والتأكيد على ضرورة تحديد نطاق الحد من التجريم في إطار الجرائم التنظيمية، التي ال تمس بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع بأي حال من الأحوال. ب- تطوير آليات أو تقنيات الوقاية من الجريمة، ومقاومتها قبل وقوعها، وذلك ليس على مستوى أجهزة الدولة أو ما يعرف بالضبط الإداري فحسب، وإنما يتعدى الأمر إلى إسهام الفرد كمجني عليه محتمل في هذه الوقاية، وذلك بتفعيل وتطوير الدراسات المتعلقة بعلم المجني عليه وإسهامه في الظاهرة الإجرامية، مع توعية الفرد بالظروف والعوامل التي تمنع تحوله إلى مجني عليه، أو التصرفات التي يمكن أن تس ّهل أو تح ّرض على وقوع الجريمة في حقه، مما يؤدي إلى الوقاية من الجريمة 29 ومقاومتها قبل وقوعها. ومن الأليات الوقائية إجبار الشخص على أداء واجبات معينة مدنيا أو إداريا، يكون الهدف منها تفادي وقوع المخالفة القانونية، فآلية الضبط الإداري الوقائي يكون الهدف منها تالفي السلوك المخالف للقاعدة القانونية، وتتمثل صورتها الغالبة في فرض مجموعة من قواعد السلوك على الأفراد أو المؤسسات، أو الإلزام بسن نظام أو فرض رقابة مالية قبلية أو بعدية على معاملات المؤسسة. 30 داخلي للمؤسسة، وقد تتم الوقاية عن طريق تطوير تقنيات الرقابة والإنذار، وذلك باستخدام الوسائل التقنية الحديثة، التي ساهمت بشكل ملحوظ في الوقاية من الجرائم باستبعادها 31 تماما أو على الأقل بالتخفيف من معدلاتها.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

قال مسؤولون أمر...

قال مسؤولون أمريكيون لشبكة "سي إن إن"، إن الحوثيين نجحوا في إسقاط ما لا يقل عن 7 طائرات أمريكية مسير...

Secesión de Pan...

Secesión de Panemá LA GRAN COLOMBIA Panamá se independizó de España en 1821 sin guerras ni enfrent...

أما على الصعيد ...

أما على الصعيد الداخلي، فإن سياسة الحد من التجريم قد تعجز في كثير من الأحيان عن تحقيق أهدافها إذا ما...

قد ظهرت دراسات ...

قد ظهرت دراسات الصمود منذ خمسين عاما، ولكنها نشطت في العشرين عام الأخيرة حيث زاد عدد الباحثين، وزادت...

البعد الأول: ال...

البعد الأول: الضوابط التربوية الإسلامية للعلاقة بين الأقران من المعلمين في الجانب المهني ويقصد بها ت...

والجدير بالذكر ...

والجدير بالذكر أن أنواع القهوة المختلفة تختلف في طرق تحضيرها ومعالجتها. هناك العديد من فوائد القهوة ...

مقدمة تمارس ال...

مقدمة تمارس الولايات المتحدة الامريكية نفوذا عالميا متعدد الاوجه يشمل الميدان التجاري و المالي والث...

Le screening ph...

Le screening phytochimique de la plante Atractylis révèle la présence de plusieurs composés phytochi...

أولا: تعريف عمل...

أولا: تعريف عملية التفاوض يعتبر التفاوض سلوك إنساني مصاحب لجميع أنشطة الحياة التجارية والاقتصادية و...

المقدّمة الحمد...

المقدّمة الحمد لله مُتِمِّ النِّعمِ على عباده، يعيدُ فضلَه عليهم كما يبديه لهم، وينشر لهم رحمته، وي...

يمتلك الزنجبيل ...

يمتلك الزنجبيل العديد من الخصائص العلاجية والتي تجعل منه أحد العلاجات البديلة التي يمكن استخدامها لع...

١- يعتبر التاج ...

١- يعتبر التاج الأحمر هو التاج الرسمى لحاكم مصر السفلى أو الدلتا وأحراشها وقد ظهر التاج الأحمر منقوش...