لخّصلي

وكان من نتائج ازدهار الصناعة في المدن نزوح عدد كبير من الريف إليها وغالباً ما كان يجتمع أرباب كل حرفة في منطقة محددة داخل هذه المدن حيث شجعت الدولة المواطنين للقيام بالإنتاج الخاص، بل أقيمت بعض المصانع الصغيرة في القرى وفي بعض المنازل الخاصة حيث استخدم الأهالي فيها أيد عاملة وكان من أسباب ارتفاع مستوى جودة المنتجات الصناعات المصرية إبان هذا العصر هو وجود مصادر المادة الخام وكفايتها ووفرتها، والبعض الآخر عملوا فى المعابد والكنائس والأديرة بعد الاعتراف بها، أو لدى الدولة في المنشآت العامة وعند أصحاب الضياع الواسعة وعند الأفراد العاديين. ونلاحظ أن الحرفيين والصناع قد انتظموا في اتحادات متخصصة تسمى روابط الحرف ولقد تميزت مصر عن باقي ولايات الإمبراطورية الرومانية في مجال الصناعة أو العمل المهني بعدم اعتمادها بشكل أساسي على العبيد، وإنما كان معظم عمال المصانع من الأحرار ولكن في المصانع الخاصة أو الورش أي أن الصناعة كانت تعتمد على الأحرار والعبيد على حد سواء وهو ما توضحه عقود التدريب والتعليم الحرفي بينما كان التدريب المهني الخاص بمهن العمل العام كالطب فإنها كانت للأحرار فقط كما أن التعليم الحرفي قد شمل النساء أيضاً وغالباً ما كانت شروط عقود التدريب لا تختلف كثيرا بين الرجال والنساء ، وكان التعليم المهني يتم علي يد معلم أو على يد صانع ماهر للحرفة ( أسطى)، وقد كان التدريب الحرفي يشمل معظم مناطق مصر الريفية وعواصم الأقاليم بينما كان التعليم المهني في المدن لاسيما الإسكندرية وكان تدريب العمال على الحرف التي تتطلب مهارة إلى حد كبير وراثيا، ومن خلال ذلك نجد كثيرا من العقود ما بين مالك عبد ومعلمين لتعليم عبيد مثلما نجد أحد أثرياء الإسكندرية وهو يمتلك سنة عبيد ويقوم بتعليمهم وتدريبهم واحداً على الإختزال أو الأعمال الكتابية واثنين على النسيج وطاه وحلاق ومرمم عقود التدريب كانت تشمل ما إذا كان المتدرب حرا أم عبداً يتعهد المعلم بتعليم المتدرب كل فنون الصنعة التي يعرفها حتى يكون مثله يتعهد ولى أمر المتدرب ( الأب أو الأم ( أو صاحب العبد بعدم أخذه أثناء التدريب بينما يتعهد المعلم أن يسمح له بعدم العمل في الإجازات أو الأعياد وجود شرط جزائى لمن يخالف التعاقد. ربما وجدنا مبلغا يتم دفعه مقدماً من المعلم وذلك لمن أتم التدريب وأصبح صانعا بينما اختلفت العقود في الآتي: مدة التدريب : حيث كانت تختلف لعوامل كثيرة أهمها ذكاء المتدرب وعمره وقدرته على استيعاب أصول الحرفة وأيضاً مهارة المعلم. الأجر : حيث اختلف الأجر من حرفة لأخرى، كما أن المتدرب بالتدريب المستمر يصبح بعد فترة على قدر من المعرفة ببعض أصول الحرفة الأمر الذي يجعل الأسطى يستعين به ويعهد له ببعض الأعمال الحرفية ويعطيه مكافأة تشجيعية الإجازة من العمل حيث كانت تذكر جملة إجازة من العمل في أيام الأعياد وربما لأنه مفهوم ضمنيا ما هي أيام الأعياد ونجد أن هناك نوعا آخر من التعليم الحرفي وهو التعليم العالى المهني في مصر منذ العصر اليوناني حتى دخول العرب لمصر يجب أن يحصل فيه المتعلم على قدر كبير من التعليم النظري والعملي مثل مهنة الطب، وكانت الإسكندرية منذ العصر البطلمي هي أهم المراكز التعليمية في مصر حيث كان الطلاب القادرون يسافرون من كل مكان في مصر ليتعلموا الطب على أيدي أشهر الأطباء آنذاك حتى ذاعت شهرة مصر الطبية وبخاصة الإسكندرية. ومن وثيقة تعود للقرن الرابع الميلادي نجد أحد الأطباء يصطحب 2-6) أماكن مزاولة المهنة كان أصحاب الحرف الصناعية يملكون الورش والمصانع الحرفية حيث يسكن بها الحرفيون وعائلاتهم، ورجالات الكنيسة والأديرة يشرفون وكان يقوم باستئجارها حرفيون أو مزارعون في الضياع، وتكشف لنا عقود الإيجار تبايت فترات الإيجار، فأحيانا كانت محددة المدة وأحيانا غير محددة المدة، إذ وضعت الدولة سياسة أن يبقى طوائف السكان في مواطنهم القانونية الخاصة وألا ينتقلوا منها إلا بإذن من السلطات أو إخطارها بانتقالهم من موطنهم الى موطن آخر وهكذا، فقد كان يحق للحرفيين الانتقال من مواطنهم القانونية الى أماكن أخرى ولكن بعد إخطار السلطات. وثانيها يختص بالتدريب والتعلم وفي نفس الوقت العمل من خلالها، والقسم الأول من العقود هو الأكثر شيوعا وعدد وعلى الرغم من تعدد بنودها وشروطها إلا أنها تتشابه في أن المتدرب لا يحصل في الواقع على أجر بل يتحمل تكاليف تعليمه وتدريبه، ولكن القسم الثاني من العقود على الرغم من أنه يبدأ بالتدريب ولكن يتسلم المتدرب أجرا متدرجا في الزيادة طبقا لما يحققه المتدرب من حذق واتقان لحرفته المدرب عليها، هذا فضلا عن الكساء والغذاء عموما يصل المتدرب في هذا القسم من العقود في نهاية مدة تعليمه وتدريبه الى مرتبة الحرفي المتعاقد وبعد اكتمال تعليمه وتدريبه إما أنه يستمر مع معلمه أو ينفصل عنه. 36) إتحادات وروابط الحرف والاتحاد أو الرابطة لا تعنى نقابة لوجود اختلافات في الوظيفة بينهما، وقد فضلت الدولة التعامل الإدارى والاقتصادى مع تجمعات وهيئات متضامنة في كل مناحي الحياة فحكام المجالس البلدية شكلوا اتحادا أو رابطة أو هيئة يتضامن أعضاؤها فأداء الأعمال المسندة اليهم. ويمكن تقسيم الاتحادات الحرفية الى قسمين: -1- الاتحادات التابعة للدولة وكانت تخضع بصورة مباشرة وكاملة للدولة ومنها الاتحادات المسئولة عن تموين العواصم واتحادات الورش التابعة للدولة، وتعرف منها عنصر الإرغام وربط العامل بحرفته وتوارث المهنة الإجباري لمدة زمنية محددة ومتباينة ومبدأ المسئولية الجماعية، ولعل السبب في هذا الإرغام هو ما مرت به الامبراطورية الرومانية من ظروف صعبة ابتداء من القرن الثالث الى الخامس الميلادي رئيس الاتحاد : وكانت مهامه داخل الرابطة هي توجيه الدعوة لحضور الاجتماع الشهري، أما مهامه مع الأطراف الخارجية هي اتخاذ الاجراءات اللازمة بغرض الحصول على ترخيص بإنشاء الاتحاد الإلتزام بتقديم تقرير مفصل عن عدد أعضاء الاتحاد وأسمائهم مع التعهد بعدم تدريب غرباء يمارسون حرفة الاتحاد حال وجودهم وعن الاعضاء الفارين عن هروبهم وعودتهم الإلتزام بإخطار الادارة بما لدى الاتحاد من مخزون سلعى وكميته، وإخطار الجهات المالية المسئولة عمن يتوفى من أعضاء الاتحاد مع بيان الضرائب المستحقة علي الوفاء بالإلتزامات الاستثنائية مثل مبلغ من المال لصالح خزانة المديرية، وكذلك تنفيذ مطالب الادارة العاجلة بإمداد الجيش بحاجته من النسيج إبان الخروج للحرب القيام بتقديم طلب الى الحكومة لإعفاء أعضاء الاتحاد من بعض الإلتزامات المفروضة في حالة عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم المتعددة نحو الادارة اداء التكليفات والمهام التى كان الحكام البلديون يكلفونه بها مثل تكليفهم لرئيس اتحاد النجارين في أوكسير نخوس لكتابة تقرير عن شجرة لبخ لتحديد جواز قطعها أم لا، الالتزام بأن تكون المكاتبات الصادرة عن الاتحاد صادرة منه، سكرتير الاتحاد وهذا كان للعبادات الوثنية لكن بعد انتشار المسيحية لم يعد له ضرورة حيث أن الكنيسة أصبحت حجر الزاوية في نشاط المواطنين من حرفيين وغير حرفيين.

تنوعت الحرف والصناعات فى مصر والولايات في العصر الروماني المتأخر ما بين صناعات الزجاج والفضة والذهب والورق والمنسوجات والفخار والحلى والعقاقير وغيرها العشرات ووجدت منتجات الصناعة المصرية طريقها للخارج فنشطت التجارة الداخلية والخارجية خلال العصر الروماني المتأخر.
وكان من نتائج ازدهار الصناعة في المدن نزوح عدد كبير من الريف إليها وغالباً ما كان يجتمع أرباب كل حرفة في منطقة محددة داخل هذه المدن حيث شجعت الدولة المواطنين للقيام بالإنتاج الخاص، ورغم وجود مصانع حكومية كمصانع النسيج والصباغة فقد سمح للأفراد بمزاولة تلك الحرف، بل أقيمت بعض المصانع الصغيرة في القرى وفي بعض المنازل الخاصة حيث استخدم الأهالي فيها أيد عاملة
وكان من أسباب ارتفاع مستوى جودة المنتجات الصناعات المصرية إبان هذا العصر هو وجود مصادر المادة الخام وكفايتها ووفرتها، ووجود تقاليد عريقة للصناعة ترجع لمئات السنين، ووفرة الأيدى العاملة الماهرة في الريف والحضر، ووفرة الأسواق الدائمة للمنتجات الصناعية في داخل مصر وخارجها
كان من أهم الصناعات المصرية تصنيع المعادن وكان هناك الكثير من الحرفيين في تخصصاتها الكثيره، فهناك صاهر المعادن، والمشرف على طحن وجرش الصخور المحتوية على خامات الذهب والفضة، وصانغي الفضة والذهب والحدادين وصناع النحاس والبرونز، وصانعي الأقفال والمفاتيح، وصانعي المفصلات والحلقات المعدنية.
بعض الحرفيين كانوا يعملون في ورشهم الخاصة، والبعض الآخر عملوا فى المعابد والكنائس والأديرة بعد الاعتراف بها، أو لدى الدولة في المنشآت العامة وعند أصحاب الضياع الواسعة وعند الأفراد العاديين. كذلك نجد كان الحرفي لابد أن يحصل على تصريح مزاولة الحرفة قبل البدأ في حياته المهنية، وذلك كان يدر دخلا لخزاة الدولة، كذلك كان الحرفي لا يمارس حرفته قبل الحصول على التدريب الملائم والكافي، ونلاحظ أن الحرفيين والصناع قد انتظموا في اتحادات متخصصة تسمى روابط الحرف
ولقد تميزت مصر عن باقي ولايات الإمبراطورية الرومانية في مجال الصناعة أو العمل المهني بعدم اعتمادها بشكل أساسي على العبيد، وإنما كان معظم عمال المصانع من الأحرار ولكن في المصانع الخاصة أو الورش أي أن الصناعة كانت تعتمد على الأحرار والعبيد على حد سواء وهو ما توضحه عقود التدريب والتعليم الحرفي بينما كان التدريب المهني الخاص بمهن العمل العام كالطب فإنها كانت للأحرار فقط كما أن التعليم الحرفي قد شمل النساء أيضاً وغالباً ما كانت شروط عقود التدريب لا تختلف كثيرا بين الرجال والنساء ، وكان التعليم المهني يتم علي يد معلم أو على يد صانع ماهر للحرفة ( أسطى)، وقد كان التدريب الحرفي يشمل معظم مناطق مصر الريفية وعواصم الأقاليم بينما كان التعليم المهني في المدن لاسيما الإسكندرية وكان تدريب العمال على الحرف التي تتطلب مهارة إلى حد كبير وراثيا، فنجد تريفون Tryphon يتعلم حرفة النسيج من والده في اكسير نخوس (البهنسا)، وفي المقابل فإن أي غلام أو فتاة حتى الثالثة عشرة من العمر سواء أكان حرا أو عبداً يستطيع أن يرتبط بعقد في نظام تقليدي للتدريب على يد حرفى ماهر خارج نطاق أسرته في إحدى الحرف العديدة مثل النسيج والبناء والحدادة وغيرها من الحرف ، ومن خلال ذلك نجد كثيرا من العقود ما بين مالك عبد ومعلمين لتعليم عبيد مثلما نجد أحد أثرياء الإسكندرية وهو يمتلك سنة عبيد ويقوم بتعليمهم وتدريبهم واحداً على الإختزال أو الأعمال الكتابية واثنين على النسيج وطاه وحلاق ومرمم
عقود التدريب كانت تشمل ما إذا كان المتدرب حرا أم عبداً
مدة التدريب
اسم المتدرب واسم المعلم ( الأسطى ) واسم المهنة التي سيتم التدريب عليها
يتعهد المعلم بتعليم المتدرب كل فنون الصنعة التي يعرفها حتى يكون مثله
يتعهد ولى أمر المتدرب ( الأب أو الأم ( أو صاحب العبد بعدم أخذه أثناء التدريب بينما يتعهد المعلم أن يسمح له بعدم العمل في الإجازات أو الأعياد وجود شرط جزائى لمن يخالف التعاقد. ربما وجدنا مبلغا يتم دفعه مقدماً من المعلم وذلك لمن أتم التدريب وأصبح صانعا
ما هرا وتم توقيع اتفاق جديد للعمل لديه في ورشته
بينما اختلفت العقود في الآتي:
مدة التدريب : حيث كانت تختلف لعوامل كثيرة أهمها ذكاء المتدرب وعمره وقدرته على استيعاب أصول الحرفة وأيضاً مهارة المعلم. لذلك نجد في عقود التدريب جملة على لسان المعلم بأنه سوف يعلم المتدرب على الحرفة كما يعلمها هو نفسه، أو كما هو ملائم لمن في مثل عمره.

الأجر : حيث اختلف الأجر من حرفة لأخرى، كما أن المتدرب بالتدريب المستمر يصبح بعد فترة على قدر من المعرفة ببعض أصول الحرفة الأمر الذي يجعل الأسطى يستعين به ويعهد له ببعض الأعمال الحرفية ويعطيه مكافأة تشجيعية
وربما تعطى مقدماً لتحفيز الصانع على العمل مع الأسطى.
الإجازة من العمل حيث كانت تذكر جملة إجازة من العمل في أيام الأعياد وربما لأنه مفهوم ضمنيا ما هي أيام الأعياد
وان اختلفت بعد انتشار المسيحية عما قبلها.
ونجد أن هناك نوعا آخر من التعليم الحرفي وهو التعليم العالى المهني في مصر منذ العصر اليوناني حتى دخول العرب لمصر يجب أن يحصل فيه المتعلم على قدر كبير من التعليم النظري والعملي مثل مهنة الطب، وإن لم نجد عقود تدريب صريحة لممارسة مهنة مثل الطب فإنه من الطبيعي للتلميذ أن يتعلم أصول المهنة ويتدرب على يد أحد الأطباء.
وكانت الإسكندرية منذ العصر البطلمي هي أهم المراكز التعليمية في مصر حيث كان الطلاب القادرون يسافرون من كل مكان في مصر ليتعلموا الطب على أيدي أشهر الأطباء آنذاك حتى ذاعت شهرة مصر الطبية وبخاصة الإسكندرية.
وقد جذبت الإسكندرية العلماء والطلاب من جميع أنحاء البلدان المتفرقة للدراسة على يد أساتذتها ومن أشهرهم في ذلك العصر الطبيب زبولون ذلك الطبيب الذي عاش في أواخر القرن الرابع الميلادي، وطبيب العيون هيلياس ذائع الصيت بالقرن الخامس ، كما كان هناك طبيب مصري يدعى ثيوتيستوس Theotistus قد أصبح الطبيب الخاص للإمبراطور باسيليسكوس.
ومن وثيقة تعود للقرن الرابع الميلادي نجد أحد الأطباء يصطحب
معه أحد المعاونين ( طبيب تحت التمرين لفحص حالة أحد الأفراد المتوفين
وتقديم تقرير للإدارة عن سبب الوفاة والتصريح بالدفن، حيث كان الأطباء يقومون بعمل تقارير كأطباء شرعيين لتحديد سبب الوفاة أو الإصابات المتعمدة وليس هناك من شك في أن هناك تعليما وتدريبا للمهندسين والمساحين وأمور نظم الري والتي تركز معظمها بالإسكندرية وإن لم نجد لها عقودا للتدريب، فقد وجدنا كثيرا من الوثائق الدالة على هذه المهن.
(2-6) أماكن مزاولة المهنة
إن الاختلافات الصغيرة في عدد الحرف بين العصرين الروماني الباكر والروماني المتأخر لا يجعلنا نقول أنه قد حدث تطور كبير في مجال الإنتاج. كان أصحاب الحرف الصناعية يملكون الورش والمصانع الحرفية
وكانت هذه الورش صغيرة وبسيطة في أدواتها في أغلب الأحوال وكان يقوم بإدارتها وتشغيلها أصحابها وأسرهم وصبية يتدربون عندهم وعدد قليل من العمال الأجراء وأحيانا العبيد.
كانت هذه الورش تقع في الغالب في وسط المدينة وبذلك يتمكن الحرفيون من بيع منتجاتهم بسهولة، وكان الحرفيون المتخصصون في حرفة أو فرع من حرفة يتركزون في شارع أو حى كامل، وفي كثير من الأحوال كانت الورش مرتبطة بالمنازل، حيث يسكن بها الحرفيون وعائلاتهم، بينما كان يشرف على الورش والمصانع الكبيرة التابعة للضياع الواسعة المدنية والدينية أدارت تلك الضياع إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فكان أصحاب الضياع الخاصة يشرفون على ورشهم، ورجالات الكنيسة والأديرة يشرفون
على الورش التابعة للكنائس بينما كان رهبان الأديرة هم الذين يشغلونها ..
وأشرفت ادارات الضياع الإمبراطورية على ورشها، واستخدمت تلك الورش في أغلبها حرفيين أجراء وكانت هذه الادارات تستغل ورشها بصورة غير مباشرة.
وذلك بعرضها للإيجار الآخرين بعقود، وذلك تجنبا لكثير من المشاكل في مراحل الانتاج وتوزيعه، خاصة إذا ما كان الانتاج كبير ولا تستوعبه أسواق المنطقة، وكان يقوم باستئجارها حرفيون أو مزارعون في الضياع، على سبيل المثال مخبز ، طاحونة، معصرة زيت، وتكشف لنا عقود الإيجار تبايت فترات الإيجار، فأحيانا كانت محددة المدة وأحيانا غير محددة المدة، أى الى نهاية عمر الصناع، أو وفقا لمشيئة المالك المؤجر، وكان المستأجر يدفع الأجرة إما عينا أو نقدا وإما عينا ونقدا معا، وكانت أجرة الورش تدفع مقدما أو يوميا أو شهريا أو سنويا.

وتكشف لنا الوثائق أن العمال كانوا مثل غيرهم من السكان ليسوا أحرارا في تنقلاتهم، إذ وضعت الدولة سياسة أن يبقى طوائف السكان في مواطنهم القانونية الخاصة وألا ينتقلوا منها إلا بإذن من السلطات أو إخطارها بانتقالهم من موطنهم الى موطن آخر وهكذا، فقد كان يحق للحرفيين الانتقال من مواطنهم القانونية الى أماكن أخرى ولكن بعد إخطار السلطات.
ويمكن تقسيم عقود التدريب على المهن الى قسمين: أولها يختص
بالتدريب على الحرفة وتعلمها، وثانيها يختص بالتدريب والتعلم وفي نفس الوقت العمل من خلالها، والقسم الأول من العقود هو الأكثر شيوعا وعدد وعلى الرغم من تعدد بنودها وشروطها إلا أنها تتشابه في أن المتدرب لا يحصل في الواقع على أجر بل يتحمل تكاليف تعليمه وتدريبه، ولكن القسم الثاني من العقود على الرغم من أنه يبدأ بالتدريب ولكن يتسلم المتدرب أجرا متدرجا في الزيادة طبقا لما يحققه المتدرب من حذق واتقان لحرفته المدرب عليها، هذا فضلا عن الكساء والغذاء عموما يصل المتدرب في هذا القسم من العقود في نهاية مدة تعليمه وتدريبه الى مرتبة الحرفي المتعاقد وبعد اكتمال تعليمه وتدريبه إما أنه يستمر مع معلمه أو ينفصل عنه.
(36) إتحادات وروابط الحرف
كان يشار الى الاتحادات والروابط الحرفية باللاتينية بالكلمات Collegium, Corpus، وباليونانية Kolvov ، والاتحاد أو الرابطة لا تعنى نقابة لوجود اختلافات في الوظيفة بينهما، وقد فضلت الدولة التعامل الإدارى والاقتصادى مع تجمعات وهيئات متضامنة في كل مناحي الحياة فحكام المجالس البلدية شكلوا اتحادا أو رابطة أو هيئة يتضامن أعضاؤها فأداء الأعمال المسندة اليهم.
ويمكن تقسيم الاتحادات الحرفية الى قسمين:
-1- الاتحادات التابعة للدولة وكانت تخضع بصورة مباشرة وكاملة للدولة ومنها الاتحادات المسئولة عن تموين العواصم واتحادات الورش التابعة للدولة، وتعرف منها عنصر الإرغام وربط العامل بحرفته وتوارث المهنة الإجباري لمدة زمنية محددة ومتباينة ومبدأ المسئولية الجماعية، ولعل السبب في هذا الإرغام هو ما مرت به الامبراطورية الرومانية من ظروف صعبة ابتداء من القرن الثالث الى الخامس الميلادي
2 الاتحادات المستقلة أو الحرة وهى اتحادات الحرفيين مستقلين وكانوا يقيمون في نفس الحي أو المدينة أو القرية وكان للإتحاد هيكل من القائمين عليه والأعضاء، ويتكون من.
رئيس الاتحاد : وكانت مهامه داخل الرابطة هي توجيه الدعوة لحضور الاجتماع الشهري، والاشراف على شئون الاجتماعات الشهرية بما في ذلك إعداد مجلس النبيذ الشهري النظر والفصل في طلبات الانضمام العضوية الاتحاد، جمع المبالغ المطلوبة من الأعضاء في المناسبات المختلفة مثل حالات الوفاة وسداد رسوم التسجيل للزوجة أو الأطفال أو فرض غرامات على أحد الأعضاء أو جمع الكفالة التي كان أعضاء الاتحاد يلتزمون بدفعها لإخلاء سبيل من تحتجزه السلطات من زملائهم. أما مهامه مع الأطراف الخارجية هي اتخاذ الاجراءات اللازمة بغرض الحصول على ترخيص بإنشاء الاتحاد الإلتزام بتقديم تقرير مفصل عن عدد أعضاء الاتحاد وأسمائهم مع التعهد بعدم تدريب غرباء يمارسون حرفة الاتحاد حال وجودهم وعن الاعضاء الفارين عن هروبهم وعودتهم الإلتزام بإخطار الادارة بما لدى الاتحاد من مخزون سلعى وكميته، القيام بجمع الضرائب المختلفة المستحقة على أعضاء الاتحاد مثل ضريبة مزاولة الحرفة، وإخطار الجهات المالية المسئولة عمن يتوفى من أعضاء الاتحاد مع بيان الضرائب المستحقة علي الوفاء بالإلتزامات الاستثنائية مثل مبلغ من المال لصالح خزانة المديرية، وكذلك تنفيذ مطالب الادارة العاجلة بإمداد الجيش بحاجته من النسيج إبان الخروج للحرب القيام بتقديم طلب الى الحكومة لإعفاء أعضاء الاتحاد من بعض الإلتزامات المفروضة في حالة عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم المتعددة نحو الادارة اداء التكليفات والمهام التى كان الحكام البلديون يكلفونه بها مثل تكليفهم لرئيس اتحاد النجارين في أوكسير نخوس لكتابة تقرير عن شجرة لبخ لتحديد جواز قطعها أم لا، الالتزام بأن تكون المكاتبات الصادرة عن الاتحاد صادرة منه، وموقعة بإسمه مثل الشكاوى التي كانت تقدم الى الادارة
من جراء الظلم الذى يتعرض له اعضاء الاتحاد.
سكرتير الاتحاد
مهامه هي مساعدة رئيس الاتحاد ومباشرة أعماله أثناء غيابه، إذا ما كان الرئيس أمياً كان يتولى هو القيام بالمكاتبا ت كاهن الاتحاد واجباته القيام بأداء الطقوس والمراسم الدينية الواجب أداؤها لأعضاء الاتحاد وأسرهم في المناسبات الدينية، وهذا كان للعبادات الوثنية لكن بعد انتشار المسيحية لم يعد له ضرورة حيث أن الكنيسة أصبحت حجر الزاوية في نشاط المواطنين من حرفيين وغير حرفيين.

أعضاء الاتحاد كانوا يوصفون في الوثائق بأنهم المتضامنون أو الشركاء، وكان رئيس الاتحاد يتحدث اليهم على أنهم زملائه.