لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

التجريد
يهـدف هـذا البحـث إلـى كشـف عـن نظريـة المعرفـة مـن حيـث مكانتهـا وأهميتهـا فـي الفكـر الفلسـفي والصوفـي، احتلـت نظريـة المعرفـة مكانـة لهـا أهميتهـا فـي الفكـر الإنسـاني فـا تخلـو أي مدرسـة فكريـة سـواء كانـت فلسـفية أم دينيـة إلا وتكلمـت عنهـا. ففـي مجـال الفلسـفة تعتبـر نظريـة المعرفـة مـن أهـم النظريـات وأبـرز المباحـث الفلسـفية أمـا عنـد الصوفييـن فقـد كانـت نظريـة المعرفـة عندهـم أيضـاً تحتـل مكانـة ذات أهميـة بالغـة، إذ أنهـا تكشـف حقيقـة السـبل التـي يسـلكها المتصوفـة لمعرفـة الله، ومعرفـة الله عنـد هـؤلاء هـي مقيـاس نباهـة الإنسـان وسـر تفوقـه علـى سـائر المخلوقـات الأخـرى، موقف الفيلسوف في نظرية المعرفة
ثـم إن تلـك العاقـة بيـن موقـف الفيلسـوف فـي المعرفـة وبيـن فلسـفته فـي الوجـود تكـون أشـد وضوحـاً فـي الإطـار العـام لاتجـاه الفلسـفي إذ إن المعرفـة - كمـا يقـال فـي الفلسـفة - تتناسـب مـع الوجـود أو هـي صـورة منـه بعبـارة أدق. قاسـم6-7 :-، وهكـذا فعندمـا يتحـدث إنسـان مـا عـن فلسـفة فـان أو يتناولهـا بالبحـث والد ارسـة ، فإننـا نجـد بحثـه فـي الحقيقـة يتكلـم عـن نظريـة المعرفـة، فلـم نبالـغ إذن إذا قلنـا إن كتـب الفلسـفة ليسـت إلا كتبـاً تـؤرخ لنظريـة المعرفـة عنـد الفاسـفة المختلفيـن، وهـذا مـا أكـد بـه زكـي نجيـب محفـوظ حينمـا قـال: «نظريـة المعرفـة عنـد الفيلسـوف هـي أريـه فـي تفسـير المعرفـة أيـاً مـا كانـت الحقيقـة المعروفـة». نجيـب8 :1969 ، ومـن المعـروف أن نظريـة المعرفـة بصفتهـا مبحثـاً فلسـفياً متخصصـاً لـم تعالـج إلا فـي الفلسـفة الحديثـة، إلا أنهـا كانـت تبحـث ضمـن موضوعـات أخـرى مثـل مباحـث «النفـس» و»الميتافيزيقيـا» و»المنطـق» كمـا هـي الحـال فـي الفلسـفة اليونانيـة عنـد أفاطـون وأرسـطو وغيرهمـا.
فقـد كانـت بحـوث أفاطـون وأرسـطو فـي المعرفـة بحوثـاً مسـتقلة لديهمـا وواضحـة
المعالـم.
كمـا أنـه يتعـرض للقضايـا المتعلقـة بالوجـود حيـن يتنـاول نظريـة المعرفـة. زكريـا8 :1962 ، فـي حيـن يـرى آخـرون أن جـون لـوك1632) – 1704م) هـو الواضـع الحقيقـي لنظريـة المعرفـة. 139-117( ونجـد مـن يقـول إن الميـاد الرسـمي لنظريـة المعرفـة كان مـع ظهـور المشـروع الكنطـي لنقـد العقـل. العالـي11 :1986 ،
ورغـم هـذه الاختافـات فإنـه يمكـن القـول بـأن الجميـع اتفقـوا علـى أن منشـأ نظريـةالمعرفـة بصفتـه مبحثـاً متخصصًـا إنمـا كان فـي الفلسـفة الحديثـة، نجيـب5 :1969 ، فهـم الذيـن اسـتطاعوا أن يميـزوا بيـن الـذات والموضـوع، وهـم الذيـن بحثـوا بحثـاً جديـاً العاقـة بيـن الإد ارك والوجـود وهـم الذيـن اهتمـوا بنصيـب الـذات فـي عمليـة الإد ارك. الطويـل، : 88( فقـد تنـاول جـون لـوك مشـكلة الجوهـر ونقـد جـورج باركلـي لهـذا المفهـوم علـى أسـاس مـن تحليلـه للمعرفـة ، وتنـاول كانـت لمفهـوم «الشـيء بذاتـه» وعـدم قابليتـه للمعرفـة. جـودة15 :2006 ،
1- المذهـب العقلـي: ويقـوم هـذا المذهـب علـى القـول بوجـود مبـادئ عقليـة بديهيـة تتميـز بالضـرورة والشـمول. وأن العقـل هـو المصـدر للمعرفـة الحقيقيـة وهـو قـوة فطريـة فـي الإنسـان. 3- المذهـب النقـدي: ويقـوم علـى القـول بـأن مصـدر المعرفـة هـو العقـل والحـس معـاً، فبعـض المعـارف قبليـة سـابقة علـى التجربـة مثـل مفاهيـم الزمـان والمـكان والعليـة، إوان المعرفـة تنتـج عـن اجتمـاع عامليـن أحدهمـا صـوري يرجـع إلـى العقـل والآخـر تجريبـي يرجـع إلـى الحـس. هـذه هـي ثاثـة اتجاهـات رئيسـية فـي نظريـة المعرفـة فـي تاريـخ الفلسـفة فـي العصـر الحديـث، ولكـن توجـد إلـى جانبهـا الاتجاهـات الحدسـية والصوفيـة التـي تنضـوي تحـت مـا اصطلـح عليـه بالمعرفـة المباشـرة أو اللحظيـة المفاجئـة وهـي المعرفـة التـي تنتقـى فيهـا الواسـطة بيـن الـذات العارفـة والموضـوع المعـروف. بيومـي187 :1979 ، إوالـى جانـب الاتجـاه الصوفـي والحدسـي يوجـد اتجـاه الشـكاك وهـو مذهـب فلسـفي يزعـم أنـه لا سـبيل إلـى إد ارك الحقائـق ولا إلـى معرفـة يقينيـة، )بيومـي8 :1979 ، وعلـى الرغـم مـن اختـاف موقـف الفاسـفة الحديثيـن والمعاصريـن فـي نظرياتهـم المعرفيـة ممـا أدى إلـى اختـاف اتجاهاتهـم فـي معالجـة الحقائـق الفلسـفية، أمـا فـي مجـال الفكـر الفلسـفي العربـي الإسـامي فإننـا نجـد أن تلـك الظاهـرة العامـة فـي الفلسـفة الغربيـة هـي نفـس الظاهـرة فـي الفلسـفة العربيـة الإسـامية، أمـا قبـل ذلـك فكانـت أبحـاث نظريـة المعرفـة مختلطـة أشـد الاختـاط بأبحاثهـم فـي الوجـود، هويـدي، )جـودة16 :2006 ، فيعقـوب بـن إسـحاق الكنـدي مثـاً حـاول ضبـط العلـم والمعرفـة فـي مؤلفاتـه منهـا رسـالة فـي حـدود الأشـياء ورسـومها. قميـر، الفا اربـي1987 ، وابـن سـينا تنـاول قضيـة الإد ارك والعلـم واليقيـن فـي كتابـه الإشـا ارت والتنبيهـات وفـي غيرهـا مـن كتبـه). ابـن سـينا، ابـن رشـدي2000 ، وأمـا مبحـث مصـادر الفاسـفة فقـد تنـاول فاسـفة المسـلمين كمـا تنـاول بهـا الفاسـفة الغربيـون فتكلمـوا عـن الحـس والعقـل والوحـي والإلهـام والكشـف والحـدس باعتبارهـا المصـادر للمعرفـة. أمـا فـي مجـال الفكـر الدينـي الإسـامي فإننـا نجـد المتكلميـن والأصولييـن والصوفيين يتناولـون أيضـاً موضـوع نظريـة المعرفـة، فالمتكلمـون يبحثـون تحـت عنـوان «النظـر ، 8 :1984(
ولا شـك أن أول تنـاول لنظريـة المعرفـة تنـاولاً متكامـاً كان علـى يـد أبـي منصـورالماتـردي، فقـد أدرك فـي كتابـه «التوحيـد» أهميـة اسـتعمال الوسـائل والقـوى الإد اركيـة كلهـادون الاعتمـاد علـى وسـيلة أو قـوة معينـة فـي الوصـول إلـى المعرفـة الحقـة، إوانما يؤيد بعضها بعضاً، وأن من ينكر الإد ارك الحسـي لا تصـح معـه المناظـرة لأنـه مكابـر متعنـت وهـو متناقـض مـع نفسـه، وكذلـك مـن ينكـر الخبـر جملـة، فلـو لـم يكـن هنـاك عقـل لمـا ثبتـت ضـرورة الحـس والخبـر. ثـم تنـاول كل المتكلميـن بعـد الماتـردي نظريـة المعرفـة، فالقاضـي عبـد الجبـار المعتزلـي صنـف مجلـداً كبيـ اًرً مـن موسـوعته «المغنـي» سـماه «النظـر والمعـارف» تحـث فيـه بالتفصيـل عـن حـد النظـر والعلـم والمعرفـة وطرقهـا وحقيقتهـا، وتحـدث عـن الدليـل العقلـي والسـمعي، وأول مـا يجـب علـى المكلـف، عبـد الجبـار1962 ، الباقاني، كذلـك يجمـع فيـه آ ارء المـدارس ويناقشـها، الجرجانـي، 8991( والآمـدي فـي «الإحـكام فـي أصـول الأحـكام» الـذي تحـدث فيـه عـن العلـم والكلـي والجزئـي وغيـره مـن المفاهيـم. وكمـا نجدهـا أيضـاً فـي مقـالات الفـرق ككتـاب «مقـالات الإسـاميين» للأشـعري). الأشـعري1980 ، و»الفـرق بيـن الفـرق» للبغـدادي. البغـدادي، محمـود2001 ، وهنـاك عـدد كبيـر مـن علمـاء المسـلمين مـن الأصولييـن والفقهـاء والمتكلميـن وغيرهـم ممـن تنـاول موضوعـاً أو أكثـر مـن موضوعـات المعرفـة فـي كتبـه. والماحـظ مـن خـال اسـتع ارضنا لتاريـخ نشـأة نظريـة المعرفـة عنـد الفاسـفة وعلمـاءالمسـلمين مـن المتكلميـن والأصولييـن نجـد أن المتكلميـن والأصولييـن قـد سـبقوا غيرهـممـن الفاسـفة فـي إفـ ارد بحـث المعرفـة بصـورة مسـتقلة فـي كتبهـم، بينمـا لـم يبـدأ إف اردهـا عنـد الفاسـفة الغربييـنإلا فـي القـرن السـابع عشـر مـع جـون لـوك وغيـره. ويبـرز ذلـك مـن خـال عنايتهـم الفائقـة بالبحـث والتأليـف عنهـا. أمـا عنـد الصوفييـن فقـد كانـت نظريـة المعرفـة عندهـم أيضـاً تحتـل مكانـة ذات أهميـة بالغة، ومعرفة الله عند هـؤلاء هـي مقيـاس نباهـة الإنسـان وسـر تفوقـه علـى سـائر المخلوقـات الأخـرى، ولهـذا كان موضـوع المعرفـة والعرفـان مـن أهـم المسـائل الصوفيـة والهـدف الأصلـي والغـرض الأساسـي للتصـوف. متـاح48 :1974 ، غيـر أن نمـو التصـوف وبالعاقـة المتناقضـة مـع الاتجاهـات المعرفيـة الأخـرى جعـل للمعرفـة الصوفيـة أدلتهـا وحججهـا النظريـة والشـرعية. نيكلسـون104 :1969 ، وهـذا الـذي جعـل عمـوم الباحثيـن اتفقـوا علـى القـول بـأن القـرن الثالـث الهجـري هـو العصـر الذهبـي للتصـوف بصفتـه مذهبـاً فـي المعرفـة حتـى بلـغ درجـة عاليـة مـن الاكتمـال علـى يـد أعامـه المشـهورين بحيـث يمكـن القـول بأنهـم لـم يتركـوا للصوفيـة بعدهـم إلا الإفاضـة والتفسـير.
ومـع أن هـذا القـول لا يخلـوا مـن مبالغـة ظاهـرة، إلا أنـه يؤكـد الحقيقـة الثابتـة عـن دور ذلـك العصـر فـي بنـاء الموقـف الصوفـي فـي المعرفـة. ثـم إن المتصفـح لتـ ارث الصوفيـة المتأمـل فـي أقوالهـم وتجاربهـم ياحـظ حتمـاً أن التنـاول الصوفـي لنظريـة المعرفـة يختلـف اختافـاً كبيـ اًرً عـن المعالجـة الفلسـفية والكاميـة لهـا، فإمـا حسـاً أو عقـاً، )صمـد16 :1984 ،
ثـم إن الفكـر الفلسـفي والكامـي يحـاول تقديـم المعرفـة أو يتناولهـا مـن حيـث إعطـاءتعريـف جامـع ومانـع لماهيتـه المعرفيـة، أمـا تنـاول الصوفـي يختلـف عـن ذلـك حيـث لا ينطلـق تناولـه مـن مجـرد التحليـل المنطقـي، إوانمـا يتنـاول المعرفـة ويعرضهـا مـن خـال أوصـاف العـارف، يقـول القشـيري:
«المعرفـة توجـب غيبـة العبـد عـن نفسـه، لاسـتياء ذكـر الحـق سـبحانه وتعالـي عليـه، فـا يشـهد غيـر الله ولا يرجـع إلـى غيـره، فهـو يعيـش بربـه لا يرجـع إلـى غيـره». 602 :1972
ومـن هنـا نجـد الفـرق بيـن الفكـر الفلسـفي والكامـي والفكـر الصوفـي واضحـاً مـن حيـث إن الفكـر الفلسـفي والكامـي يقدمـان المعرفـة مـن خـال وسـائلها وموضوعاتهـا التـي تتناسـب مـع تلـك الوسـائل فـي نظـر الفاسـفة والمتكلميـن، أمـا الفكـر الصوفـي يعـرض المعرفـة مـن خـال أوصـاف العـارف أو بتعبيـر أدق مـن خـال التجربـة الذوقيـة الروحيـة، وعلـى العلـم بـالله مـن طريـق الـذوق معرفـة، وحـدوا هـذا المقـام بنتائجـه ولوازمـه التـي تظهـر عـن هـذه الصفـة فـي أهلهـا. »)عربـي316:. إوانمـا هـو عبـارة عـن حيـاه يعيشـها الصوفـي حيـث يتعـرض فيهـا للـواردات الإلهيـة بذوقهـا ثـم يأتـي ليصـوغ مـا عـاش ومـا ذاق فـي بعـض العبـا ارت، وهـو وليـد العمـل والمجاهـدة النفسـية أو السـلوك المرسـوم فـي الطريـق الصوفـي، وقـد نبـه الغ ازلـي إلـى هـذه الخاصيـة الأساسـية للمتصوفـة بقولـه: «وظهـر لـي أن أخـص خواصهـم مـا لا يمكـن الوصـول إليـه بالتعلـم، بـل بالـذوق والحـال وتبـدل الصفـات . فعلمـت يقينـاً أنهـم أربـاب أحـوال لا أصحـاب أقـوال، ولـم يبـق إلا مـا لا سـبيل إليـه بالسـماع والعلـم بـل بالـذوق والسـلوك. ») الغ ازلـي27-26 :1993 ، ولكـن هـذا لا يعنـي بالضـرورة إع ارضـاً عـن العقـل إواهمـالاً لـه، فقـد وجدنـا لبعـض المتصوفـة فلسـفة صوفيـة، عفيفـي15 :1863 ، بـل إن لـه معرفـة مـن نـوع خـاص، إنـه يطلـب إد ارك الله مباشـرة مـن طريـق الله ذاتـه. ثـم إن حصـر الاسـتدلال مـن الصنـع علـى الصانـع كمـا فعـل بهـا المتكلمـون يجعـل الطـرق إلـى معرفـة الله ضيقًـا. بديـر50 :. ذلـك أن كل التصـوارت والمفهومـات التـي لدى العقل البشـري إنما تعتمد في أساسـها على المحسوسـات، ولما كان الله لا شـبيه ولا نـد ولا مثيـل لـه وأن مـا خطـر ببالنـا فإنـه سـبحانه بخـاف ذلـك وجـب علـى العقـل والحـس أن يفسـحا المجـال لتقـوم البصيـرة ويقـوم القلـب الصوفـي بدورهمـا فـي إد ارك الـذات الإلهيـة مباشـرة. )بديـر51 :. قـال الكابـاذي: «لقـد أجمعـوا [الصوفيـة] علـى أن الدليـل علـى الله هـو الله وحـده وسـبيل العقـل عندهـم سـبيل العاقـل فـي حاجـة إلـى الدليـل لأنـه محـدث والمحـدث لا يـدل إلا علـى مثلـه. وقـال رجـل للنـوري: «مـا الدليـل علـى الله ؟ قـال: الله، قـال فمـا العقـل؟ قـال: العقـل عاجـز والعاجـز لا يـدل إلا علـى عاجـز مثلـه». وعلـى أي حـال ونحـن بصـدد البحـث عـن الفـرق بيـن طريـق الفاسـفة والمتكلميـن والصوفيـة فـي المعرفـة وجدنـا أن أسـاس الفلسـفة العقـل المحـض، وأن أسـاس علـم الـكام الديـن، أي أن نقطـة انطـاق الفلسـفة العقـل المحـض ونقطـة انطـاق علـم الـكام هـو فهـم المتكلـم علـى النصـوص الدينيـة، أمـا نقطـة انطـاق الصوفـي القلـب )الوجـدان، عيـن البصيـرة، الـذوق، الإلهـام( بمـا فـي ذلـك تزكيتـه ومجاهدتـه، ذلـك أن البرهـان والدليـل لا مجـال لهمـا هنـا، كمـا أن الحـس أيضـاً لا ينبغـي لـه أن يقتحـم ميدانـاً غيـر ميدانـه، وهـذا مـا نبـه بـه الإمـام الغ ازلـي حينمـا بيـن أن الطريـق إلـى معرفـة الله هـو تقديـم المجاهـدة يمحو الصفـات المذمومـة وقطـع العائـق كلهـا والإقبـال بكنـه الهمـة علـى الله تعالـى، الغ ازلـي40 :. الخاتمة
غيـر أنهـم تعـدوا عليهـم بجعـل النصـوص الدينيـة التـي تكلمـت عـن تطهيـر القلـوب وتهذيـب النفـوس منهجـاً سـلوكياً عمليـاً فـي حياتهـم اليوميـة. فالفاسـفة إذن يعتمـدون إمـا علـى الحـس إوامـا علـى العقـل فـي إد اركهـم لعلومهـم ، وقـد يعتمـدون علـى الحـس والعقـل معـاً، أمـا المتكلمـون فـإن كانـت نقطـة انطاقهـم هـي الدنـي فإنهـم أيضـاً فـي فحصهـم النصـوص الدينيـة يعتمـدون الحـس، أمـا الصوفيـون إوان كانـوا اعترفـوا بالعقـل والحـس علـى أنهمـا مـن وسـائل المعرفـة غيـر أنهـم أروا أن ثمـة ملكـة أخـرى لهـا القـدرة علـى الفهـم والإد ارك والإحاطـة، وهـذه الملكـة هـي القلـب أو البصيـرة أو الإلهـام، فتحديـد وسـائل المعرفـة الإنسـانية وحصرهـا فـي مصـدري الحـس والعقـل وحدهمـا تحديـد قاصـر لا يشـمل الناحيـة الروحيـة فـي الإنسـان التـي تعـد البصيـرة جوهرهـا. أمـا الصوفـي فقلبـه، ثـم إن الفيلسـوف والمتكلميـن يميـز دائمـاً بيـن المـدرك والمـدرك ، تهافت التهافت، دار المعارف، أبي منصور البغدادي، الفرق بين الفرق، أسس الفلسفة، بيروت، دار الكتب العلمية، التعرف لمذهب أهل التصوف97. محمود زيدان، نظرية المعرفة، بيروت، محمد علي أبو ريان، دار المعرفة الجامعية،


النص الأصلي

نظرية المعرفة؛ مكانتها وأهميتها في الفكرين الفلسفي والصوفي
Andi Muhammad Ridwan1, Islamul Haq2 Universitas Al-Azhar Kairo1, STAIN Parepare2
التجريد
يهـدف هـذا البحـث إلـى كشـف عـن نظريـة المعرفـة مـن حيـث مكانتهـا وأهميتهـا فـي الفكـر الفلسـفي والصوفـي، احتلـت نظريـة المعرفـة مكانـة لهـا أهميتهـا فـي الفكـر الإنسـاني فـا تخلـو أي مدرسـة فكريـة سـواء كانـت فلسـفية أم دينيـة إلا وتكلمـت عنهـا. ففـي مجـال الفلسـفة تعتبـر نظريـة المعرفـة مـن أهـم النظريـات وأبـرز المباحـث الفلسـفية أمـا عنـد الصوفييـن فقـد كانـت نظريـة المعرفـة عندهـم أيضـاً تحتـل مكانـة ذات أهميـة بالغـة، إذ أنهـا تكشـف حقيقـة السـبل التـي يسـلكها المتصوفـة لمعرفـة الله، ومعرفـة الله عنـد هـؤلاء هـي مقيـاس نباهـة الإنسـان وسـر تفوقـه علـى سـائر المخلوقـات الأخـرى، فكانـت درجـة المعرفـة التـي بلغهـا أي واحـد المقيـاس مـن الـذي ينبـأ عـن مرتبتـه فـي الحيـاه.
Abstract
The purpose of this research is to uncover the theory of marifah in terms of its place and importance in philosophical and mystical thought. The theory of marifah occupied a place of importance in human thought. There is no school of thoughts, whether philosophical or religious, except for it. In the field of philosophy, the theory of marifah is one of the most important theories and the most prominent philosophical detective, but the mystics have also been the theory of marifah also occupies a position of great importance, as they reveal the truth of the ways the Sufi to know God, and knowledge of God in these are the measure of human wellbeing and the secret of superiority over others Other creatures, the degree of ma`rifah reached by any one of the scale of the news of his salary in life. Keywords: Ma‘rifah, philosophy, mystical thoughts
مقدمة
موقف الفيلسوف في نظرية المعرفة
أن موقـف الفيلسـوف فـي المعرفـة لا ينفصـل عـن مذهبـه فـي الوجـود والطبيعـة ،قـال محمـد غـاب: «يتأسـس أري كل فيلسـوف فـي المعرفـة علـى مذهبـه فـي النفـس تأسسـاً ذاتيـاً، فـإذا كان فيلسـوفا ماديًـا لا يؤمـن البتـه بمـا بعـد الطبيعـة كانـت المعرفـة الحسـية عنـده هـي المصـدر الوحيـد للمعرفـة».( غـاب220 :1966 ،(
ثـم إن تلـك العاقـة بيـن موقـف الفيلسـوف فـي المعرفـة وبيـن فلسـفته فـي الوجـود تكـون أشـد وضوحـاً فـي الإطـار العـام لاتجـاه الفلسـفي إذ إن المعرفـة - كمـا يقـال فـي الفلسـفة - تتناسـب مـع الوجـود أو هـي صـورة منـه بعبـارة أدق.( قاسـم6-7 :-،(
وهكـذا فعندمـا يتحـدث إنسـان مـا عـن فلسـفة فـان أو يتناولهـا بالبحـث والد ارسـة ،فإننـا نجـد بحثـه فـي الحقيقـة يتكلـم عـن نظريـة المعرفـة، فلـم نبالـغ إذن إذا قلنـا إن كتـب الفلسـفة ليسـت إلا كتبـاً تـؤرخ لنظريـة المعرفـة عنـد الفاسـفة المختلفيـن، لأن الاهتمـام بنظريـة المعرفـة هـو الـذي تركـز عليـه الفلسـفة دائمـاً، وهـذا مـا أكـد بـه زكـي نجيـب محفـوظ حينمـا قـال: «نظريـة المعرفـة عنـد الفيلسـوف هـي أريـه فـي تفسـير المعرفـة أيـاً مـا كانـت الحقيقـة المعروفـة».) نجيـب8 :1969 ،(
ومـن المعـروف أن نظريـة المعرفـة بصفتهـا مبحثـاً فلسـفياً متخصصـاً لـم تعالـج إلا فـي الفلسـفة الحديثـة، مـع أن موضوعاتهـا و مباحثهـا واتجاهاتهـا الرئيسـية العامـة قـد بحثـت قديمـاً فـي تاريـخ الفلسـفة، إلا أنهـا كانـت تبحـث ضمـن موضوعـات أخـرى مثـل مباحـث «النفـس» و»الميتافيزيقيـا» و»المنطـق» كمـا هـي الحـال فـي الفلسـفة اليونانيـة عنـد أفاطـون وأرسـطو وغيرهمـا. (بـدوي157 :1984 ،(
فقـد كانـت بحـوث أفاطـون وأرسـطو فـي المعرفـة بحوثـاً مسـتقلة لديهمـا وواضحـة
المعالـم. (النشـار29 :1987 ،(
ثـم إن هنـاك تداخـاً بيـن القضايـا فـي الفلسـفة بحيـث يجعـل الفيلسـوف يتعـرض لنظريـة المعرفـة حيـن يتنـاول موضوعـات تتفـق بالوجـود، كمـا أنـه يتعـرض للقضايـا المتعلقـة بالوجـود حيـن يتنـاول نظريـة المعرفـة. الأمـر الـذي ينفـي أسـبقية فيلسـوف علـى آخـر فـي تنـاول نظريـة المعرفـة. (صمـد8 :1984 ،(
وعلـى أي حـال فـإن معالجـة نظريـة المعرفـة بصفتهـا مبحثـاً فلسـفياً مسـتقاً إنمـا كانـت فـي الفلسـفة الحديثـة. ومـع ذلـك فقـد اختلفـت الآ ارء فـي واضـع أسـس نظريـة المعرفـة فـي تلـك العصـر، فذهـب بعضهـم إلـى أن العصـر الذهبـي لنظريـة المعرفـة يبـدأ مـن ديـكارت1595) – 1650م).( زكريـا8 :1962 ،( فـي حيـن يـرى آخـرون أن جـون لـوك1632) – 1704م) هـو الواضـع الحقيقـي لنظريـة المعرفـة.( أبـو ريـان :1991 ،139-117( ونجـد مـن يقـول إن الميـاد الرسـمي لنظريـة المعرفـة كان مـع ظهـور المشـروع الكنطـي لنقـد العقـل.( العالـي11 :1986 ،(
ورغـم هـذه الاختافـات فإنـه يمكـن القـول بـأن الجميـع اتفقـوا علـى أن منشـأ نظريـةالمعرفـة بصفتـه مبحثـاً متخصصًـا إنمـا كان فـي الفلسـفة الحديثـة، إوان تحليـل المعرفـةالإنسـانية مـن شـتى نواحيهـا يوشـك أن يكـون هـو الشـغل الشـاغل للفلسـفة منـذ القـرن السـابع عشـر حتـى اليـوم.) نجيـب5 :1969 ،( فهـم الذيـن اسـتطاعوا أن يميـزوا بيـن الـذات والموضـوع، وهـم الذيـن بحثـوا بحثـاً جديـاً العاقـة بيـن الإد ارك والوجـود وهـم الذيـن اهتمـوا بنصيـب الـذات فـي عمليـة الإد ارك.
ثـم إن موقـف الفيلسـوف الحديـث أو المعاصـر فـي نظريـة المعرفـة هـو أحـد المعاييـر الرئيسـية لتصنيـف التيـا ارت الفلسـفية فـي الفلسـفة الحديثـة والمعاصـرة، لاسـيما أن الفلسـفة الحديثـة تبحـث فـي الوجـود مـن خـال نظريـة المعرفـة.) الطويـل، : 88( فقـد تنـاول جـون لـوك مشـكلة الجوهـر ونقـد جـورج باركلـي لهـذا المفهـوم علـى أسـاس مـن تحليلـه للمعرفـة ،وبحـث ديفيـد هيـوم فـي مبـدأ السـببية مـن خـال تحليـل المعرفـة الحسـية، وتنـاول كانـت لمفهـوم «الشـيء بذاتـه» وعـدم قابليتـه للمعرفـة.) جـودة15 :2006 ،(
ومـن خـال تلـك المواقـف للفاسـفة الحديثيـن والمعاصريـن يمكـن تقسـيم الاتجاهـات الرئيسـية فـي نظريـة المعرفـة إلـى ثاثـة مذاهـب وهـي:( الحميـد104 :1986 ،(
1- المذهـب العقلـي: ويقـوم هـذا المذهـب علـى القـول بوجـود مبـادئ عقليـة بديهيـة تتميـز بالضـرورة والشـمول. وأن العقـل هـو المصـدر للمعرفـة الحقيقيـة وهـو قـوة فطريـة فـي الإنسـان.
2- المذهـب التجريبـي: ويقـوم علـى أن العقـل يولـد صفحـة بيضـاء وأن ليـس فـي العقـل شـيء إلا وقـد سـبق إد اركـه بالحـس أولاً.
3- المذهـب النقـدي: ويقـوم علـى القـول بـأن مصـدر المعرفـة هـو العقـل والحـس معـاً، فبعـض المعـارف قبليـة سـابقة علـى التجربـة مثـل مفاهيـم الزمـان والمـكان والعليـة، وبعضهـا لاحقـة علـى التجربـة ،إوان المعرفـة تنتـج عـن اجتمـاع عامليـن أحدهمـا صـوري يرجـع إلـى العقـل والآخـر تجريبـي يرجـع إلـى الحـس.
هـذه هـي ثاثـة اتجاهـات رئيسـية فـي نظريـة المعرفـة فـي تاريـخ الفلسـفة فـي العصـر الحديـث، ولكـن توجـد إلـى جانبهـا الاتجاهـات الحدسـية والصوفيـة التـي تنضـوي تحـت مـا اصطلـح عليـه بالمعرفـة المباشـرة أو اللحظيـة المفاجئـة وهـي المعرفـة التـي تنتقـى فيهـا الواسـطة بيـن الـذات العارفـة والموضـوع المعـروف.) بيومـي187 :1979 ،(
إوالـى جانـب الاتجـاه الصوفـي والحدسـي يوجـد اتجـاه الشـكاك وهـو مذهـب فلسـفي يزعـم أنـه لا سـبيل إلـى إد ارك الحقائـق ولا إلـى معرفـة يقينيـة، وقـد عـرف فـي م ارحـلالتاريـخ عنـد شـكاك اليونـان قديمـاً. )بيومـي8 :1979 ،(
وبهـذا فتكـون الاتجاهـات فـي نظريـة المعرفـة فـي الفلسـفة العربيـة هـي المذهـبالعقلـي والمذهـب التجريبـي والمذهـب النقـدي والمذهـب الصوفـي والمذهـب الحدسـي والمذهـب الشـكي.
وعلـى الرغـم مـن اختـاف موقـف الفاسـفة الحديثيـن والمعاصريـن فـي نظرياتهـم المعرفيـة ممـا أدى إلـى اختـاف اتجاهاتهـم فـي معالجـة الحقائـق الفلسـفية، فـإن الـذي يعنينـا مـن هـذا البحـث هـو أن نظريـة المعرفـة لهـا مكانتهـا وأهميتهـا البـارزة فـي مجـال الفكـر الفلسـفي الغربـي.
أمـا فـي مجـال الفكـر الفلسـفي العربـي الإسـامي فإننـا نجـد أن تلـك الظاهـرة العامـة فـي الفلسـفة الغربيـة هـي نفـس الظاهـرة فـي الفلسـفة العربيـة الإسـامية، إذ أننـا لا نتلقـى ببحـوث جـادة فـي نظريـة المعرفـة إلا عنـد المتأخريـن فـي الفلسـفة الإسـامية وهـو ابـن ملـكا. أمـا قبـل ذلـك فكانـت أبحـاث نظريـة المعرفـة مختلطـة أشـد الاختـاط بأبحاثهـم فـي الوجـود، ولـم تكـن قـد تميـزت الـذات عـن موضوعهـا بعـد،) هويـدي،..:182( وهـم فـي ذلـك متأثريـن بفاسـفة اليونـان حينمـا بحثـوا نظريـة المعرفـة ضمـن مباحثاتهـم فـي النفـس والميتافيزيقـا والمنطـق. )جـودة16 :2006 ،(
فيعقـوب بـن إسـحاق الكنـدي مثـاً حـاول ضبـط العلـم والمعرفـة فـي مؤلفاتـه منهـا رسـالة فـي حـدود الأشـياء ورسـومها.) قميـر، 4591( وأبـو نصـر الفا اربـي تحـدث عـن العلـم وتقسـيماته فـي البرهـان وفـي كتبـه الأخـرى.) الفا اربـي1987 ،( وابـن سـينا تنـاول قضيـة الإد ارك والعلـم واليقيـن فـي كتابـه الإشـا ارت والتنبيهـات وفـي غيرهـا مـن كتبـه). ابـن سـينا، 3891( وابـن رشـد سـعى فـي تهافـت التهافـت فـي تمييـز العلـم الحقيقـي مـن غيـره.) ابـن رشـدي2000 ،( وأمـا مبحـث مصـادر الفاسـفة فقـد تنـاول فاسـفة المسـلمين كمـا تنـاول بهـا الفاسـفة الغربيـون فتكلمـوا عـن الحـس والعقـل والوحـي والإلهـام والكشـف والحـدس باعتبارهـا المصـادر للمعرفـة.
وعلـى أي حـال فـإن نظريـة المعرفـة لهـا أيضـاً مكانتهـا فـي مجـال الفكـر الفلسـفي الإسـامي .
موقف المتكلمين والصوفيين في نظرية المعرفة
أمـا فـي مجـال الفكـر الدينـي الإسـامي فإننـا نجـد المتكلميـن والأصولييـن والصوفيين يتناولـون أيضـاً موضـوع نظريـة المعرفـة، فالمتكلمـون يبحثـون تحـت عنـوان «النظـر ،»ويتحدثـون عـن وسـائل الإد ارك ومـا هـو النظـر الصحيـح المـؤدي إلـى الحقيقـة. )صمـد ،8 :1984(
ولا شـك أن أول تنـاول لنظريـة المعرفـة تنـاولاً متكامـاً كان علـى يـد أبـي منصـورالماتـردي، فقـد أدرك فـي كتابـه «التوحيـد» أهميـة اسـتعمال الوسـائل والقـوى الإد اركيـة كلهـادون الاعتمـاد علـى وسـيلة أو قـوة معينـة فـي الوصـول إلـى المعرفـة الحقـة، وقـد بيـن فيـهأنه لا تناقض بين هذه الوسائل والقوى، إوانما يؤيد بعضها بعضاً، وأن من ينكر الإد ارك الحسـي لا تصـح معـه المناظـرة لأنـه مكابـر متعنـت وهـو متناقـض مـع نفسـه، وكذلـك مـن ينكـر الخبـر جملـة، ذلـك لأن المعرفـة المكتسـبة عـن طريـق الخبـر بمنزلـة المعرفـة الحسـية ضـرورة، وأن إد ارك ضرورتهـا تتـم بالنظـر العقلـي. ذلـك أن مـن ينكـر الخبـر متناقـض مـع نفسـه مـن حيـث أن أنـكاره خبـر، والعقـل هـو الـذي يـدرك هـذا التناقـض، فلـو لـم يكـن هنـاك عقـل لمـا ثبتـت ضـرورة الحـس والخبـر.) الماتريـدي8-7:...(
ثـم تنـاول كل المتكلميـن بعـد الماتـردي نظريـة المعرفـة، حيـث لا نـكاد نجـد بعـده متكلمـاً تخلـوا مؤلفاتـه عنهـا، فمنهـم مـن أفـردوا لهـا مباحـث مسـتقلة تبـوأت مكانـة الصـدارة فـي كتبهـم مثـل الباقانـي )ت 304 هـ(، ومنهـم مـن خصـص مجلـداً ضخمـاً للمعرفـة كالقاضـي عبـد الجبـار )ت 514 هـ(، فالقاضـي عبـد الجبـار المعتزلـي صنـف مجلـداً كبيـ اًرً مـن موسـوعته «المغنـي» سـماه «النظـر والمعـارف» تحـث فيـه بالتفصيـل عـن حـد النظـر والعلـم والمعرفـة وطرقهـا وحقيقتهـا، وطـرق معرفـة صحـة النظـر ودرجـات المعرفـة مـن الشـك علـى الظـن علـى اليقيـن، وتحـدث عـن الدليـل العقلـي والسـمعي، وأول مـا يجـب علـى المكلـف، وطريـق وجـوب المعرفـة.) عبـد الجبـار1962 ،(
ثـم نجـد الباقانـي يقـدم لكتابـه «التمهيـد» ببـاب العلـوم فـي «العلـم وأقسـامه وطرقـه.”
) الباقاني،7591( ثم البغدادي )ت 924 هـ( في كتابه «أصول الدين» جعل الأصل الأول من ـه معقـوداً علـى بيـان الحقائـق إواثباتهـا وطـرق تحصيلهـا وأقسـامها.) البغـدادي ،1981( والـ ارزي أيضـاً جعـل الركـن الأول لكتابـه «التحصيـل» فـي العلـم والنظـر).
الـ ارزي1988،(
كمـا أن الإيجـي يجعـل الموقـف الأول فـي كتابـه «المواقـف» فـي العلـم والنظـر ،كذلـك يجمـع فيـه آ ارء المـدارس ويناقشـها،) الجرجانـي، 8991( والآمـدي فـي «الإحـكام فـي أصـول الأحـكام» الـذي تحـدث فيـه عـن العلـم والكلـي والجزئـي وغيـره مـن المفاهيـم.
) الآمـدي1984 ،(
وكمـا نجدهـا أيضـاً فـي مقـالات الفـرق ككتـاب «مقـالات الإسـاميين» للأشـعري). الأشـعري1980 ،( و»الفـرق بيـن الفـرق» للبغـدادي.) البغـدادي، 5002( و”المنقـذ مـن الضـال” للغ ازلـي.) محمـود2001 ،(
وهنـاك عـدد كبيـر مـن علمـاء المسـلمين مـن الأصولييـن والفقهـاء والمتكلميـن وغيرهـم ممـن تنـاول موضوعـاً أو أكثـر مـن موضوعـات المعرفـة فـي كتبـه.
والماحـظ مـن خـال اسـتع ارضنا لتاريـخ نشـأة نظريـة المعرفـة عنـد الفاسـفة وعلمـاءالمسـلمين مـن المتكلميـن والأصولييـن نجـد أن المتكلميـن والأصولييـن قـد سـبقوا غيرهـممـن الفاسـفة فـي إفـ ارد بحـث المعرفـة بصـورة مسـتقلة فـي كتبهـم، وذلـك لأهميـة هـذاالموضـوع بالنسـبة لهـم، وعاقتـه بالوجـود، بينمـا لـم يبـدأ إف اردهـا عنـد الفاسـفة الغربييـنإلا فـي القـرن السـابع عشـر مـع جـون لـوك وغيـره.
وعلـى أي حـال ونحـن بصـدد هـذا البحـث فـإن موضـوع نظريـة المعرفـة إن كانـت لـه اهتمـام بالـغ عنـد الفاسـفة فـإن لـه أيضـاً مكانـة بـارزة عنـد المتكلميـن والأصولييـن ،ويبـرز ذلـك مـن خـال عنايتهـم الفائقـة بالبحـث والتأليـف عنهـا.
أمـا عنـد الصوفييـن فقـد كانـت نظريـة المعرفـة عندهـم أيضـاً تحتـل مكانـة ذات أهميـة بالغة، إذ أنها تكشـف حقيقة السـبل التي يسـلكها المتصوفة لمعرفة الله، ومعرفة الله عند هـؤلاء هـي مقيـاس نباهـة الإنسـان وسـر تفوقـه علـى سـائر المخلوقـات الأخـرى، فكانـت درجـة المعرفـة التـي بلغهـا أي واحـد المقيـاس مـن الـذي ينبـأ عـن مرتبتـه فـي الحيـاه. ولهـذا كان موضـوع المعرفـة والعرفـان مـن أهـم المسـائل الصوفيـة والهـدف الأصلـي والغـرض الأساسـي للتصـوف.
إن المذهـب المعرفـي للمتصوفـة ظهـر فـي بـادئ أمـره علـى شـكل أقـوال متناثـرة مجـردة عنـد الأدلـة عاريـة عـن الحجـج.) متـاح48 :1974 ،( غيـر أن نمـو التصـوف وبالعاقـة المتناقضـة مـع الاتجاهـات المعرفيـة الأخـرى جعـل للمعرفـة الصوفيـة أدلتهـا وحججهـا النظريـة والشـرعية. )جـودة124 :2006 ،(
ولقد كان معروف الكرخي وأبو سليمان الدا ارني )ت 502 هـ( والحارث المحاسبي )ت 342 هـ( وذو النـون المصـري )ت 542 هـ( هـم أول مـن تكلـم فـي المعرفـة، حتـى قيـل إن تصـوف الكرخـي كان فـي جوهـره وسـيلة للمعرفـة.) نيكلسـون104 :1969 ،(
وهـذا الـذي جعـل عمـوم الباحثيـن اتفقـوا علـى القـول بـأن القـرن الثالـث الهجـري هـو العصـر الذهبـي للتصـوف بصفتـه مذهبـاً فـي المعرفـة حتـى بلـغ درجـة عاليـة مـن الاكتمـال علـى يـد أعامـه المشـهورين بحيـث يمكـن القـول بأنهـم لـم يتركـوا للصوفيـة بعدهـم إلا الإفاضـة والتفسـير.) بسـيوني274 :1969 ،(
ومـع أن هـذا القـول لا يخلـوا مـن مبالغـة ظاهـرة، إلا أنـه يؤكـد الحقيقـة الثابتـة عـن دور ذلـك العصـر فـي بنـاء الموقـف الصوفـي فـي المعرفـة.
ثـم إن المتصفـح لتـ ارث الصوفيـة المتأمـل فـي أقوالهـم وتجاربهـم ياحـظ حتمـاً أن التنـاول الصوفـي لنظريـة المعرفـة يختلـف اختافـاً كبيـ اًرً عـن المعالجـة الفلسـفية والكاميـة لهـا، ذلـك لأنـه إذا كان كل مـن البحـث الكامـي و الفلسـفي للمعرفـة قـد انحصـرت موضوعاتهـا وتجمـدت فـي حـدود وسـائل الإد ارك، فإمـا حسـاً أو عقـاً، ومـدى قـدرة تلـك الوسـائل علـى اكتسـاب اليقيـن أو الوصـول إلـى معرفـة موضوعيـة يقينيـة وكيـف يكـون الاسـتدلال الصحيـح، فـإن المجـال الصوفـي للمعرفـة أوسـع مـن ذلـك بكثيـر، فهـو يتنـاولالمعرفـة لا مـن حيـث وسـائل الإد ارك فقـط وكيفيـة الاسـتدلال فحسـب، إوانمـا كل هـذهالأمـور مجتمعـة تتألـف وتتسـق فيمـا بينهـا لتؤلـف بنـاءً إد اركيـاً متسـق الأجـ ازء يتجـه إلـىمصـدر المعرفـة نفسـه وهـو الله سـبحانه وتعالـى. )صمـد16 :1984 ،(
ثـم إن الفكـر الفلسـفي والكامـي يحـاول تقديـم المعرفـة أو يتناولهـا مـن حيـث إعطـاءتعريـف جامـع ومانـع لماهيتـه المعرفيـة، أمـا تنـاول الصوفـي يختلـف عـن ذلـك حيـث لا ينطلـق تناولـه مـن مجـرد التحليـل المنطقـي، إوانمـا يتنـاول المعرفـة ويعرضهـا مـن خـال أوصـاف العـارف،لأن الفكـر الصوفـي يـرى أن المعرفـة تتـم فـي حالـة تكـون الـذات العارفـة مسـتغرقة بكلتيهمـا بـكل قواهـا وظاهرهـا وباطنهـا فـي موضـوع المعرفـة، يقـول القشـيري:
«المعرفـة توجـب غيبـة العبـد عـن نفسـه، لاسـتياء ذكـر الحـق سـبحانه وتعالـي عليـه، فـا يشـهد غيـر الله ولا يرجـع إلـى غيـره، فهـو يعيـش بربـه لا يرجـع إلـى غيـره».) القشـيري ،
)602 :1972
ومـن هنـا نجـد الفـرق بيـن الفكـر الفلسـفي والكامـي والفكـر الصوفـي واضحـاً مـن حيـث إن الفكـر الفلسـفي والكامـي يقدمـان المعرفـة مـن خـال وسـائلها وموضوعاتهـا التـي تتناسـب مـع تلـك الوسـائل فـي نظـر الفاسـفة والمتكلميـن، أمـا الفكـر الصوفـي يعـرض المعرفـة مـن خـال أوصـاف العـارف أو بتعبيـر أدق مـن خـال التجربـة الذوقيـة الروحيـة، وهـذا مـا أكـد عليـه وأفصـح عنـه ابـن عربـي حينمـا يقـول: «إن أصحابنـا مـن أهـل الله قـد أطلقـوا علـى العلمـاء بـالله اسـم العارفيـن، وعلـى العلـم بـالله مـن طريـق الـذوق معرفـة، وحـدوا هـذا المقـام بنتائجـه ولوازمـه التـي تظهـر عـن هـذه الصفـة فـي أهلهـا.»)عربـي316:...،(
فالتنـاول الصوفـي للمعرفـة إذن متميـز وهـو ليـس فكـ اًرً مثـل الفكـر الفلسـفي والكامـي القائميـن علـى التأمـل الفكـري والنظـر العقلـي المجـرد، إوانمـا هـو عبـارة عـن حيـاه يعيشـها الصوفـي حيـث يتعـرض فيهـا للـواردات الإلهيـة بذوقهـا ثـم يأتـي ليصـوغ مـا عـاش ومـا ذاق فـي بعـض العبـا ارت، وهـو وليـد العمـل والمجاهـدة النفسـية أو السـلوك المرسـوم فـي الطريـق الصوفـي، ولذلـك تميـز الصوفيـة دومـاً بتغليـب الـذوق القلبـي علـى النظـر العقلـي.
وقـد نبـه الغ ازلـي إلـى هـذه الخاصيـة الأساسـية للمتصوفـة بقولـه: «وظهـر لـي أن أخـص خواصهـم مـا لا يمكـن الوصـول إليـه بالتعلـم، بـل بالـذوق والحـال وتبـدل الصفـات ... فعلمـت يقينـاً أنهـم أربـاب أحـوال لا أصحـاب أقـوال، وأن مـا يمكـن تحصيلـه بطريـق العلـم قـد حصلـت، ولـم يبـق إلا مـا لا سـبيل إليـه بالسـماع والعلـم بـل بالـذوق والسـلوك.») الغ ازلـي27-26 :1993 ،(
ولكـن هـذا لا يعنـي بالضـرورة إع ارضـاً عـن العقـل إواهمـالاً لـه، فقـد وجدنـا لبعـض المتصوفـة فلسـفة صوفيـة، ولكنهـا فـي جميـع الأحـوال كانـت تأييـداً لمشـاهداتهم وتجاربهـم وتعضيـداً لهـا ولـم تكـن شـيئاً مسـتقاً عنهـا.) عفيفـي15 :1863 ،(
ومعنـى هـذا أننـا إذا أردنـا أن نعـرف الفـرق بيـن كل مـن الفيلسـوف والمتكلـم مـنجهـة وبيـن الصوفـي مـن جهـة أخـرى فـي موضـوع كمعرفـة الله إواد اركـه مثـاً لقلنـا: إنالمتصـوف رجـل وقـف علـى طريقـة علمـاء الـكام كمـا أنـه أدرك الفلسـفة وعـرف أغوارهـاووقـف علـى أن الفاسـفة قـد يسـتدلون علـى الصانـع مـن الصانـع نفسـه لكـن بطريقـة عقليـة محضـة، أمـا المتكلمـون قـد يسـتدلون مـن الصنـع علـى الصانـع ومـا يسـتتبع ذلـك مـن إد ارك للصفـات الإلهيـة، غيـر أن المتصـوف لا يقتنـع بأدلـة هـؤلاء ولا تشـفي علتـه ولا تـروي ظمـأه، بـل إن لـه معرفـة مـن نـوع خـاص، إنـه يطلـب إد ارك الله مباشـرة مـن طريـق الله ذاتـه.
ثـم إن حصـر الاسـتدلال مـن الصنـع علـى الصانـع كمـا فعـل بهـا المتكلمـون يجعـل الطـرق إلـى معرفـة الله ضيقًـا.) بديـر50 :...،(
وبنـاءً علـى ذلـك أنهـم أروا أن طـرق المتكلميـن إوان أدت إلـى معرفـة الله فإنهـا لا تـؤدي إلـى المعرفـة الكاملـة والحقـة بـه سـبحانه لسـبب بسـيط للغايـة وهـو أن الخالـق أعظـم مـن المخلـوق وأنـه منـزه عـن صفـات المخلوقـات، وعلـى هـذا فـإن خيـر طريـق لمعرفـة الله إنمـا تكمـن فـي معرفتـه إواد اركـه إد اركاً مباشـ اًرً، ذلـك أن كل التصـوارت والمفهومـات التـي لدى العقل البشـري إنما تعتمد في أساسـها على المحسوسـات، ولما كان الله لا شـبيه ولا نـد ولا مثيـل لـه وأن مـا خطـر ببالنـا فإنـه سـبحانه بخـاف ذلـك وجـب علـى العقـل والحـس أن يفسـحا المجـال لتقـوم البصيـرة ويقـوم القلـب الصوفـي بدورهمـا فـي إد ارك الـذات الإلهيـة مباشـرة. )بديـر51 :...،(
قـال الكابـاذي: «لقـد أجمعـوا [الصوفيـة] علـى أن الدليـل علـى الله هـو الله وحـده وسـبيل العقـل عندهـم سـبيل العاقـل فـي حاجـة إلـى الدليـل لأنـه محـدث والمحـدث لا يـدل إلا علـى مثلـه.»
وقـال رجـل للنـوري: «مـا الدليـل علـى الله ؟ قـال: الله، قـال فمـا العقـل؟ قـال: العقـل عاجـز والعاجـز لا يـدل إلا علـى عاجـز مثلـه».) الكابـاذي79-78 :...،(
وعلـى أي حـال ونحـن بصـدد البحـث عـن الفـرق بيـن طريـق الفاسـفة والمتكلميـن والصوفيـة فـي المعرفـة وجدنـا أن أسـاس الفلسـفة العقـل المحـض، وأن أسـاس علـم الـكام الديـن، أي أن نقطـة انطـاق الفلسـفة العقـل المحـض ونقطـة انطـاق علـم الـكام هـو فهـم المتكلـم علـى النصـوص الدينيـة، أمـا نقطـة انطـاق الصوفـي القلـب )الوجـدان، عيـن البصيـرة، الـذوق، الإلهـام( بمـا فـي ذلـك تزكيتـه ومجاهدتـه، ذلـك أن البرهـان والدليـل لا مجـال لهمـا هنـا، كمـا أن الحـس أيضـاً لا ينبغـي لـه أن يقتحـم ميدانـاً غيـر ميدانـه، وهـذا مـا نبـه بـه الإمـام الغ ازلـي حينمـا بيـن أن الطريـق إلـى معرفـة الله هـو تقديـم المجاهـدة يمحو الصفـات المذمومـة وقطـع العائـق كلهـا والإقبـال بكنـه الهمـة علـى الله تعالـى، ومهمـا حصـل ذلـك فاضـت عليـه الرحمـة وانكشـف لـه سـر الملكـوت وظهـرت لـه الحقائـق وليـس عليـه إلا الاسـتعداد بالتصفيـة المجـردة إواحضـار النيـة مـع الإ اردة الصارمـة والتعطـش التـام والترصـد بالانتظـار لمـا يفتحـه الله تعلـى مـن الرحمـة، وهـم فـي هـذا إنمـا يمثلـونبالأنبيـاء والأوليـاء الذيـن انكشـفت لهـم الأمـور وسـعدت نفوسـهم بنيـل كمالهـا الممكـن لهـالا بالتعليـم بـل بالزهـد فـي الدنيـا والإعـ ارض والتبـري عـن عائقهـا.) الغ ازلـي40 :...،(
الخاتمة
ويتبيـن مـن هـذا أن المتصوفيـن أيضـاً إنمـا جعـل نقطـة انطاقهـم الديـن، فأعتقـدوا مثـل مـا اعتقـد بـه المتكلمـون مـن الأشـاعرة، غيـر أنهـم تعـدوا عليهـم بجعـل النصـوص الدينيـة التـي تكلمـت عـن تطهيـر القلـوب وتهذيـب النفـوس منهجـاً سـلوكياً عمليـاً فـي حياتهـم اليوميـة.
فالفاسـفة إذن يعتمـدون إمـا علـى الحـس إوامـا علـى العقـل فـي إد اركهـم لعلومهـم ،وقـد يعتمـدون علـى الحـس والعقـل معـاً، أمـا المتكلمـون فـإن كانـت نقطـة انطاقهـم هـي الدنـي فإنهـم أيضـاً فـي فحصهـم النصـوص الدينيـة يعتمـدون الحـس، أمـا الصوفيـون إوان كانـوا اعترفـوا بالعقـل والحـس علـى أنهمـا مـن وسـائل المعرفـة غيـر أنهـم أروا أن ثمـة ملكـة أخـرى لهـا القـدرة علـى الفهـم والإد ارك والإحاطـة، وهـذه الملكـة هـي القلـب أو البصيـرة أو الإلهـام، فتحديـد وسـائل المعرفـة الإنسـانية وحصرهـا فـي مصـدري الحـس والعقـل وحدهمـا تحديـد قاصـر لا يشـمل الناحيـة الروحيـة فـي الإنسـان التـي تعـد البصيـرة جوهرهـا.
ومعنـى هـذا أن أرس مـال الفيلسـوف إن صـح التعبيـر عنـه عقلـه أو حسـه أو همـا معـاً، أمـا الصوفـي فقلبـه، ثـم إن الفيلسـوف والمتكلميـن يميـز دائمـاً بيـن المـدرك والمـدرك ،أمـا الصوفـي فهـو يفنـى فـي موضـوع معرفتـه بأحـكام القلـب، ثـم الفاسـفة والمتكلمـون يرفعـون مـن شـأن العقـل علـى حسـاب العاطفـة القلبيـة بينمـا الصوفيـة يرفعـون مـن شـأن العاطفـة علـى حسـاب العقـل، ثـم إن الحقيقـة عنـد الفاسـفة والمتكلميـن موضوعيـة يمكـن لأي فـرد أن يدركهـا ويعبـر عنهـا، وأن يسـتدل عليهـا. أمـا الصوفيـة فنجـد عندهـم أن الحقيقـة شـخصية ذاتيـة لا يمكـن التعبيـر عنهـا أو نقلهـا إلـى الآخريـن لأنهـا تعتمـد علـى تجربـة شـخصية حيـة لا يمكـن أن تنقـل إلـى الآخريـن.
ثـم إن الفاسـفة والمتكلميـن يجعـل بحثـه فـي الألوهيـة فرعـاً مـن فـروع أبحاثهـم المتعـددة، أمـا الصوفيـة فـإن الألوهيـة عندهـم كل مـا فـي الأمـر، وهـي حياتهـم كلهـا ،وبدونهـا يفقـد هـذه الحيـاة، ولهـذا فـإن الصوفـي مؤمـن بموضوعـه يسـعى إلـى الوصـول إليـه ارفضـاً كل مـا عـداه، أمـا الفيلسـوف والمتكلـم فقـد يبرهـن علـى موضـوع معيـن دون أن يجعـل للبرهـان هـذا دخـاً فـي حياتـه، وبعبـارة أوضـح فـإن معرفـة الفيلسـوف والمتكلـم معرفـة نظريـة، أمـا معرفـة الصوفـي فهـي معرفـة عمليـة تتجلـى عليـه فـي كل خطـوة يخطوهـا.
وكل هـذا يؤكـد الحقيقـة التـي قـدم بـه الباحـث سـابقاً مـن أن التنـاول الصوفـي لموضـوع المعرفـة يختلـف تمـام الاختـاف عـن تنـاول الفكـر الفلسـفي والكامـي لهـا.
الم ارجع
إب ارهيم بسيوني، نشأة التصوف الإسامي، القاهرة، دار المعاف بمصر، 1969مإب ارهيم بيومي، المعجم الفلسفي، القاهرة، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1979م.
ابن سينا، الإشا ارت والتنبيهات، القاهرة، دار المعارف، 1983م.
أبو العلا عفيفي، التصوف: الثورة الروحية في الإسلام، الإسكندرية، دار المعارف، 19 3م.
ابن رشدي، تهافت التهافت، القاهرة، دار المعارف، 2000م.
أبي منصور البغدادي، كتاب أصول الدين، بيروت، دار الكتب العلمية، 1981م.
الأشعري، مقالات الإساميين، بيروت، دار صادر، 1980م.
الإمـام أبـو منصـور الماتريـدي، كتـاب التوحيـد، تحقيـق وتقديـم فتـح الله خليفـة، القاهـرة، دار الجامعـات المصريـة، د. ت، ص.
الإمـام القشـيري، الرسـالة القشـيرية، تحقيـق عبـد الحليـم محمـود ومحمـود بـن شـريف، القاهـرة ،دار الكتـب الحديثـة، 1972م.
الإمام الغزالي، ميزان العمل، القاهرة، مكتبة الجندي، د. ت.
الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، بيروت، دار الكتب العربي، 1404هـ.
البغدادي، الفرق بين الفرق، القاهرة، دار ابن حزم، 2005م.
الباقاني، التمهيد، بيروت، المكتبة الشرقية، 1957م.
توفيق الطويل، أسس الفلسفة، القاهرة، دار النهضة العربية، 1979م
توفيـق الطويـل، فلسـفة الأخـاق الصوفيـة عنـد ابـن عربـي (الكتـاب التـذكاري)، القاهـرة، دار الكاتـب العربـي للطباعة والنشـر، 1969م.
ال ارزي، التحصيل من المحصول، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1988م.
رينولـد نيكلسـون، فـي التصـوف الإسـامي وتاريخـه، ترجمـة أبـو العـاء عفيفـي، القاهـرة، لجنـة التأليـف والترجمـة والنشـر، 1969م
زكي نجيب محمود، نظرية المعرفة، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، 1969مالشريف الجرجاني، شرح المواقف، بيروت، دار الكتب العلمية، 1998م.
عبد الحليم محمود، قضية التصوف- المنقذ من الضال، القاهرة، دار المعارف، 2001م.
عبد الرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة، بيروت، المؤسسة العربية للد ارسات والنشر، 1984م.
عبد القادر أحمد عطا، التصوف الإسامي بين الأصالة والاقتباس في عصر النابلسي.
عبدالسـام بنعبد وسـالم يفوت العالي، درس الإبسـتمولوجيا أو نظرية المعرفة، بغداد، دار الشـئون الثقافية،
1986م.
عرفان عبد الحميد، المدخل إلي معاني الفلسفة، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986معرفان عبد الحميد متاح ، نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها، بيروت، المكتب الإسامي، 1974م.الغازلي، المنقذ من الضال، تحقيق سميح دغيم، بيروت، 1993م.
فؤاد زكريا، نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1962م.
الفااربـي، المنظـق عنـد الفااربـي - كتـاب البرهـان وكتـاب شـارئط اليقيـن مـع تعليـق ابـن باجـه علـي البرهـان،
1987م.
فيصل بدير عون، التصوف الإسامي الطريق والرجال.
القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل، القاهرة، دار الكتب، 1962م.
الكاباذي، التعرف لمذهب أهل التصوف97.
محمود زيدان، نظرية المعرفة، بيروت، دار النهضة العربية، 1989م
محمد علي أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي في الفلسفة الحديثة، دار المعرفة الجامعية، 1991ممحمد غاب، المعرفة عند مفكري المسلمين، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والنشر، 1966م
محم ـد ن ـور صم ـد، نظري ـة المعرف ـة عن ـد الجني ـد البغ ـدادي - دارس ـة مقارن ـة، رس ـالة الدكت ـو اره، كلي ـة أص ـول الدي ـن، جامع ـة الأزه ـر، القاه ـرة 1994م
محم ـود قاس ـم، نظري ـة المعرف ـة عن ـد اب ـن رش ـد وتأويله ـا ل ـدي توم ـاس الاكوين ـي، القاه ـرة، مكتب ـة الانجل ـو المصري ـة، د. ت، ص.
مصطفي النشار، نظرية المعرفة عند أرسطو، القاهرة، دار المعرفة، 1987مناجي حسين جودة، المعرفة الصوفية، بيروت، دار الهادي، 2006م.
يحيي هويدي، دارسات في علم الكام والفلسفة الإسامية، القاهرة، دار الثقافة.
يوحنا قمير، فاسفة العرب - الكندي- رسالة في حدود الأشياء ورسومها، بيروت، 1954م.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المبيعات مفهوم ...

المبيعات مفهوم واسع جدا، لكنه بالأساس يتضمن عاملين أساسين هما (خدمة أو منتج ذا قيمة، ومقابل لهذه الخ...

What Is Marketi...

What Is Marketing? • Marketing, more than any other business function, deals with customers. • The t...

Across the worl...

Across the world, Mawlid al-Nabi, the birthday of the Prophet Muhammad SAWS, on the twelfth day of t...

3. Economic glo...

3. Economic globalisation Countries now easily trade goods and services with each other. This means...

تعتبر فترة ما ق...

تعتبر فترة ما قبل الزواج فترة حاسمة في تحديد نجاح الزواج. حيث تسمح للمقبلين على الزواج فرصة معرفة ال...

One night ,pail...

One night ,pailr was in a deep sleep when she was woken by her cat inti. Inti was meowing wildly out...

مفهوم التدخل في...

مفهوم التدخل في الأزمات وإنما مع التدخل في الأزمات أسلوب من أساليب العلاج القصير الذي ارتكز على أسس ...

في إطار مشروع ت...

في إطار مشروع تطوير التعليم في سلطنة عمان تم تعريف التعليم الأساسي بأنه : تعليم موحد توفره الدولة لج...

تلخيص الفصل الث...

تلخيص الفصل الثاني عشر 1- يسرد الكاتب الفرنسي جيلبير سينويه فكرة إنشاء العاصمة أبوظبي، وكيف تحوّلت ب...

Burton develope...

Burton developed the story despite experiencing a "weird" connection to the original book.[47] He ex...

It is considere...

It is considered the longest river on the continent of Africa and the longest river in the world.Man...

Tongue The tong...

Tongue The tongue in frogs is large, sticky, muscular and protrusible. It is found at the base of th...