لخّصلي

يلعب الأطفال الأدوار محددين شخصياتهم ضمن حدود واضحة (مثل الأم الحازمة أو الطبيب المتسلط أو المريض الرقيق)، مُدركين اختلاف الأدوار وتبادلها (طفلة تصبح طبيبة)، و ضرورة التعاون بينها لاستمرار اللعبة. يُشبه لعب الأدوار الواقع، ليُمثل فرصة تعليمية مهمة لتعلم العلاقات الاجتماعية وتكامل الأدوار. يؤكد الباحثون (الطواب، 1986؛ عبد الجابر والنبابتة، 1983) على شيوعه بين أطفال الروضة، كوسيلة للتعبير عن الذات. له فوائد تربوية ونفسية، كمعالجة اضطرابات نفسية كالانطواء والخجل والعدوانية، واضطرابات النطق كالتأتأة والتلعثم، بإشراك الأطفال في أدوار تمثيلية مُعدّة خصيصاً لذلك. أظهرت دراسة حديثة (صوالحة، 2000) فاعلية لعب الأدوار في معالجة الخجل والشتم والتلعثم لدى ثلاثة أطفال من خلال منهج دراسة الحالة، والملاحظة المباشرة، وإسناد أدوار تمثيلية لكل حالة لمدة فصل دراسي كامل.

على أن ذلك إنما يتم داخل حدود ملامح معينة وواضحة لصاحب الدور، وهذه هي
الخاصية الثانية. فعندما تلعب الطفلة دور الأم، نجد أن صوتها يصبح . حانياً أو حازماً،
وأن اتجاهها يكون إما أمراً وإما ناصحاً، وأن إشارتها إما تدل على العقاب وإما على
التقبل. وعندما يقوم الطفل بدور الطبيب نجد أنه يتسم بالتسلط والتلقين. أما الطفل
الذي يقوم بدور المريض فيتسم بالانصياع أو الاستعطاف والرقة في كل الحالات. وهكذا
نجد أن خاصية الدور تنعكس على ما تفعله الشخصيات التي تمثلها الأدوار بشكل دقيق.
ليس هذا فحسب، بل إن الطفلة التي تقوم بدور الأخرى، لا بد من أن يكون منسجماً
مع ما يتطلبه دور الطفلة.
معنى ذلك أن الطفلة في كل الحالات تتصرف وفي تصورها :
1- أن هناك أدواراً معينةً محدّدةً يختلف الواحد منها عن الآخر.
2- أن هذه الأدوار متبادلة، بمعنى أن التي تلعب الآن دور الطفلة يمكن أن يكون فيما بعد
طبيبة.
3- إن التعاون بين الأم وطفلتها أو الطبيب والمريض، أو غير ذلك من الأدوار، شيء لا بد
منه لكي تستمر اللعبة
إن لعب الأدوار يعتبر صورة مصغرة لما يجري في الحياة، ويؤكد ما ذهب إليه المختصون
في هذا المجال وأكد عليه الباحثون في المجال من أن اللعب إنما هو تمثيل للواقع. ويعتبر
105
لعب الأدوار فرصة في غاية الأهمية للطفل ليتعلم معنى الدور كشيء له وجود ضمن إطار
من العلاقات الاجتماعية ، لا شيء مستقل منفصل عن تلك العلاقات ، كما يتعلم أيضاً
قيمة التكامل بين هذه الأدوار كوسيلة للتوافق في الحالة الاجتماعية فيما بعد.
ويؤكد الباحثون ( الطواب، 1986 ؛ عبد الجابر والنبابتة (1983) أن معظم أطفال
الروضة يمارسون لعب الأدوار، من خلال محاولتهم إخضاع الواقع بحيث يتلاءم وحاجاتهم
الخاصة، وذلك عن طريق استخدامهم الكلمات ليرمزوا بها إلى تصوراتهم وأفكارهم
ومشاعرهم الداخلية.
ومن أهم الفوائد التعليمية والتربوية والنفسية المترتبة على لعب الأدوار معالجة
الاضطرابات النفسية، مثل الانطواء، والخجل والعدوانية. حيث ينطلق الممثل ليقضي
عليها، ويتخلص من مضايقاتها بوساطة التمثيل الذي يستدعيه إلى التعاون والمشاركة
والظهور أمام المشاهدين. كما ويفيد في معالجة عاهات النطق أو اضطراباته، حيث أن
التمثيل علاج للمصابين باضطرابات التأتأة والتلعثم وشرود الفكر وأخطاء النطق، لأن
معظم ذلك ينتج عن الخوف من مجابهة الزملاء والأصدقاء فيلجأون إلى السكوت حتى لا
يكونوا محوراً للسخرية والانتقاد . لذلك يتوجب على المربية الواعية أن تقحم هؤلاء
الأطفال في أدوار تمثيلية يتم إعدادها خصيصاً لمعالجة اضطراباتهم.
وقد أجريت دراسة حديثة ( صوالحة، 2000) في هذا المجال ، هدفت إلى التعرف على
فاعلية لعب الأدوار في معالجة الاضطرابات النفسية التي تمثلت في الخجل، والشتم
والتلعثم لدى عينة من أطفال مرحلة الروضة . وقد تكونت عينة الدراسة من ثلاثة أطفال
يعانون من الاضطرابات النفسية. استخدم الباحث منهج دراسة الحالة في هذه الدراسة.
كما استخدم السجل المدرسي بما يشتمل عليه من معلومات عن الطفل ، وأسرته، وذلك
بهدف التعرف إلى تاريخ الحالة كما ترويها الوثائق الرسمية واستخدم الباحث طريقة
الملاحظة المباشرة من أجل تحديد السلوك بدقة وعناية أثناء اللقاءات الجماعية لمدة
أسبوع كامل للتعرف على معالمه، كما تم إسناد دوراً تمثيلياً لكل حالة بشكل إجرائي عبر
فصل دراسي كامل. بينت نتائج الدراسة أن لعب الأدوار أظهر فاعلية كبيرة في معالجة
الخجل لدى أحد أفراد عينة الدراسة، ومعالجة الطفل الثاني من ممارسة الشتم لزملائه
ومعلماته، أما الطفل الثالث فقد تمت عن طريق لعب الأدوار معالجته من حالة التلعثم التي
كان يعاني منها في كلامه .
106