لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (59%)

سبق أن أوضحنا أهمية الأخلاق في الإسلام وعظيم أجرها، وأثرها على حياة المرء سعادة في الدنيا ورضا في الآخرة، ومدى ارتباطها بكل جوانب الإسلام وأنظمته، ومكانة الأخلاق المهنية ومنزلتها في تعزيز العمل، وأثرها على الجودة والإتقان. فإذا كانت أخلاقيات المهنة بهذه الأهمية فيجب علينا أن نذكِّر بالمخالفات الشرعية في المهنة؛ تحذيرا من الوقوع فيها، ثم نضع لها العلاجات التي تساهم في محاربتها، فهي كالداء العضال في الحياة الوظيفية والمهنية.فالفساد الإداري بشموله لكل النواحي الوظيفية والمهنية وتشعبه لجوانبها يقف حجر عثرة في طريق التنمية والتطور، ويؤدي إلى إهدار المال العام، والسرقة والرشوة أمراض تفشت لدى ضعيفي الإيمان من الموظفين على كافة المستويات، والغش في أداء الوظيفة على المستوى التنفيذي والإشرافي غير خاف على أكثرنا، والوساطات المذمومة تعطي الحق لمن ليس له بأهل، وتنزع الحقوق من أصحابها، وإفشاء الأسرار المهنية من المخالفات الخطيرة إذ يترتب عليها آثار تضر بمصلحة العمل،
وسخط الآخرة؛عَرَفْتُ الشَّرَّ لا للشَّرِّ ولكنْ لِتَوَقِّيهِ ومَنْ لمْ يَعْرِفْ الخيرَ من الشَّرِّ يَقَعْ فِيهِ.أولًا: الفساد الإداري
تعريف الفساد الإداري: ((المتاجرة بالوظيفة وامتيازاتها واستغلال النفوذ لغير الأغراض القانونية الموجود من أجلها))( ).يعد الفساد الإداري من أشد ما يصيب المؤسسات في أي دولة، فنجاح المؤسسة أو فشلها مرهون بالسياسة الإدارية لها، وإذا ما استشرى الفساد الإداري في أي منشأة، فإن ذلك نذير لسقوطها وانهيارها.ولاشك أن ظاهرة الفساد الإداري وثيقة الصلة بالخلل الأخلاقي والتربوي، وهي دلالة على هبوط القيم الروحية وزيادة القيم المادية بطريقة غير عقلانية( ).ويتعلق بمظاهر الفساد الإداري تلك الانحرافات الإدارية والوظيفية والتنظيمية، والمخالفات التي تصدر عن الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته، في منظومة القوانين والنظم التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدلا من الضغط على صناع القرار لمراجعتها وتحديثها باستمرار( ). وهي:
ومن أهمها:
4ـ عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء.5ـ السلبية.6ـ عدم تحمل المسؤولية.7ـ إفشاء أسرار العمل.ثانيا: الانحرافات السلوكية: ويقصد بها تلك المخالفات الإدارية التي يرتكبها الموظف وتتعلق بمسلكه الشخصي وتصرفه, ومن أهمها:
1ـ عدم المحافظة على كرامة الوظيفة: ومن صور ذلك: ارتكاب الموظف لفعل مخلٍّ بالحياء في العمل كاستعمال المخدرات أو التورط في جرائم أخلاقية.2ـ سوء استعمال السلطة: ومن صور ذلك: تقديم الخدمات الشخصية، وتسهيل الأمور وتجاوز اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب أو معارف المسئولين ما يطلب منهم.3ـ المحسوبية: ويترتب على شيوع ظاهرة المحسوبية شغل الوظائف العامة بأشخاص غير مؤهلين مما يؤثر على انخفاض كفاءة الإدارة في تقديم الخدمات وزيادة الإنتاج.4ـ الوساطة: فيستعمل بعض الموظفين الوساطة شكلا من أشكال تبادل المصالح.ثالثا: الانحرافات المالية: ويقصد بها المخالفات المالية والإدارية التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف,1ـ مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها داخل المنظمة.3ـ الإسراف في استخدام المال العام: ومن صوره: تبديد الأموال العامة في الإنفاق على الأبنية والأثاث، واختلاس المال العام، والتزوير( ).لاحظنا فيما مضى مدى تغلغل الفساد الإداري في كثير من النواحي والاختصاصات الوظيفية والمهنية، والقضاء عليه، ينبغي:
1ـ ترسيخ أخلاقيات المهنة التي سبقت معنا في هذا المقرر فهو أول وأعظم علاج لهذه الظاهرة، فيولى القوي الأمين الإدارة، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ))( ).2ـ التأكيد على قيمة تعظيم الله تعالى، واستحضار مراقبته في التزامنا بهذه الأخلاق، والتذكير بفضل هذه الأخلاق وعظيم ثوابها، وكونها سعادة للمرء في الدنيا والآخرة. ونشر الشفافية والنزاهة،4ـ ومن أهم وسائل علاج الفساد الإداري ما قامت به المملكة العربية السعودية من إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والتي من أهدافها التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري، وكذلك إحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة بالفساد المالي والإداري للجهات الرقابية أو جهات التحقيق إلى غير ذلك من أهداف في هذا الشأن.ثانيًا: السرقة والرِّشوة
تعريف السرقة والرشوة:
السرقة حرام بالاتفاق؛ لأنها اعتداء على ملك الغير، ولا أدل على ذلك من العقوبة المقررة على السارق في القرآن، وهي القطع: قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38]. (ب) الرشوة: ((ما يعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل))( ).والرشوة أم الفساد الإداري، وتزداد خطورتها كلما احتل المرتشي منصبا قياديا كبيرا، لأنه بفساده يفسد من تحته من المرؤوسين.حكمها:
ومن صفات اليهود، قال تعال: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة:42]، ومن تشبه بهم لحقته اللعنة كاليهود،o وهي أكلٌ لأموال الناس بالباطل، قال تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188].علاج السرقة والرشوة في الإسلام:
اعتمدت الشريعة الإسلامية في معالجتها لجريمتي السرقة والرشوة وغيرهما من الجرائم على التدابير الوقائية وسد الذرائع التي تؤدي إلى الوقوع في هذه الجرائم الأخلاقية المنكرة،1ـ الكسب المشروع: والزهد عما فيما أيدي الناس، قال سبحانه: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:23]. وغيرها( ).3- الحرز وصيانة المال ضد السرقة: والاستعانة على ذلك بوسائل المراقبة الحديثة كالكاميرات ونحوها. سواء كان هذا المأخوذ مالا أو عرضا أو أي عين مادية، وأن العامل لا يملكها إلا إن طلبها له الإمام))( ).ب-إعفاؤهم من وظائفهم، وتجريدهم من كل حقوقهم الوظيفية.ج-تنفيذ القوانين عليهم في حالة ثبوت السرقة عليهم أو الرشوة، على الشركاء جميعا من الراشي، والمرتشي، والوسيط بينهما، وعدم تغليب جانب الشفقة والرحمة،تعريف الغش:
لتحقيق منفعة شخصية))( ).الغش محرم بكل صوره، فقد قال  فيما رواه أبو هريرة: ((مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى))( ).والغش من كبائر الذنوب( )؛ ذلك أن الغاش يرتكب عدة جرائم أخلاقية يتعدى ضررها؛ فيضيع الأمانة، ويفقد الثقة بين الناس، ويأكل الخبيث من الكسب، ولأن الغش ينافي النصيحة للمسلمين، فإن المسلم الحق يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويرجو له الخير، والغش فيه إضرار بالآخرين،مظاهر الغش في أداء الوظيفة:
1ـ كتابة التقارير الطبية: حين يكتب الطبيب تقريرا طبيا غير متفق مع الواقع.2ـ المخططات الإنشائية أو الصناعية:حين يصدق المهندس على مخطط غير مستوف للشروط.3ـ الإجازات العادية أو المرضية: حين يقدم الموظف شهادة طبية مزورة تثبت أنه مريض، وهو ليس كذلك. أو تزوير أوراق أو مستندات أو وثائق رسمية،حذر النبي  من الغش في البيع والشراء، والأعمال، فعن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: ((مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي))( ). قال الخطابي: ((معناه ليس على سيرتنا ومذهبنا يريد أن من غش أخاه وترك مناصحته فإنه قد ترك اتباعي والتمسك بسنتي))( ).وعن معقل بن يسار  قال: قال النبي : ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ))( ). وأخذهم به، أو تضييع حقوقهم، أو ترك حماية حوزتهم، ومجاهدة عدوهم ، أو ترك سيرة العدل فيهم، فقد غشهم قال القاضي: وقد نبه  على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة))( ).تعريف الوساطة المذمومة:
((المساعدة للحصول على حق غير مستحق، أو إعفاء من حق يجب عليه الوفاء به، وتحقيق مآربهم، وقد تكون هذه الوساطة أو الشفاعة حسنة للوصول إلى أغراض مشروعة أو ضرورية، وقد تكون سيئة أو ضارة؛ لإلحاقها أذى أو ضررا بمصالح آخرين، ولمساسها بقوانين العدل والإنصاف والمساواة التي ينبغي أن يتعامل الناس بها، سواء في نيل الوظائف أو في تحقيق الخدمات والظفر بها))( ).وفي وضع حد فاصل بين الشفاعة الحسنة والشفاعة السيئة يقول ابن حجر: ((الشفاعة الحسنة وضابطها: ما أذن فيه الشرع دون ما لم يأذن فيه))( ). ونحن هنا إنما نتناول الجانب السلبي المذموم من الوساطة.حكم الوساطة المذمومة:
o أشار القرآن الكريم إلى هذه الظاهرة، بقوله تعالى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء:85]. وكذا الشفاعة في تتميم باطل، ونحو ذلك، فهي حرام)) ( ).o وحذر النبي  في أحاديثَ من الشفاعة السيئة كما في حديث المرأة المخزومية( ).o وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة( ): ما حكم الواسطة، وهل هي حرام؟
والقدرة على تحمل أعبائها والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك- فالشفاعة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانهم من عمل الأكفاء وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشئونها في هذا الجانب على خير حال، ومفسدة للمجتمع.أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعا، ويؤجر عليها الشفيع إن شاء الله،علاج مشكلة الواسطة المذمومة:
o واجه الإسلام هذه الظاهرة بعدد من الأخلاق التي من شأنها أن تضع الأمور في نصابها، والأمانة.o أناط الإسلام بالمسئولين أيا كان موقعهم تحري الدقة في اختيار من تحتهم بعيدا عن المجاملات، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي  قال: ((مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ))( ).خامسًا: إفشاء أسرار العمل وما يتعلق به
تعريف السرِّ:
((هو ما يفضي به الإنسان إلى آخر،فضل حفظ السر وأهميته:
سواء ما يتعلق منها بالأفراد على المستوى الأسري، أو ما يتعلق بالمجتمع والدولة، ولا شك أن أخطر ما يهدد الدول أن تفشى أسرارها لا سيما الإدارية منها والحربية. فقد رتب الله عليه أجرا عظيما، من ذلك ستر الله لصاحبه في الدنيا والآخرة، وستر عيوبه وعوراته، كما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي : ((وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ))( ).ويشمل ما حفَّتْ به قرائن دالة على طلب الكتمان، إذا كان العرف يقضي بكتمانه، كما يشمل خصوصيات الإنسان وعيوبه التي يكره أن يطلع عليها الناس( ).معايير تمييز الأسرار( ):
يمكن معرفة (أمر ما) أنه من قبيل الأسرار أو لا بمعيارين:
1ـ المعيار الشكلي: يتضح من الاصطلاح الذي يتقدم ديباجته، كأن يرد اصطلاح (سري) أو (سري جدا) أو (داخلي).2ـ المعيار الموضوعي: بأن يتناول شأنا من الشئون السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية ذات الصفة المهمة جدا بحيث يخشى من إفشائها استفادة الأعداء منها.علاج مشكلة إفشاء الأسرار:
o دعت الشريعة الإسلامية إلى حفظ الأسرار وكتمانها، وحظرت إفشاءها، فإن ذلك أدوم للألفة، من ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري  عن النبي  أنه قال: ((إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا))( ).o وعن جابر بن عبد الله ، أي: التفت يمينا وشمالا؛o يقول الإمام الماوردي مبينا أهمية العناية بحفظ السر، وبيان خطورة أمره وصعوبته: ((والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار؛ لأن الإنسان قد يذيع سر نفسه ببادرة لسانه، وسقط كلامه، ويشح باليسير من ماله، حفظا له وضنا به، ولا يرى ما أذاع من سره كبيرا في جنب ما حفظه من يسير ماله، مع عظم الضرر الداخل عليه))( ).o وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال قال لي العباس: ((أي بني: إن أمير المؤمنين يدعوك ويقربك ويستشيرك مع أصحاب رسول الله ، فاحفظ عني ثلاث خصال: اتقِ لا يجربن عليك كذبة، ولا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا)) ( ).فينبغي على المرء أن يكون حافظا للأسرار التي اؤتمن عليها من قِبل من أسرَّها إليه، أو تلك التي يعرفها بحكم وظيفته،


النص الأصلي

الوحدة الحادية عشرة
المخالفات لشرعية في المهنة
عرض ـ وعلاج
سبق أن أوضحنا أهمية الأخلاق في الإسلام وعظيم أجرها، وأثرها على حياة المرء سعادة في الدنيا ورضا في الآخرة، ومدى ارتباطها بكل جوانب الإسلام وأنظمته، ومكانة الأخلاق المهنية ومنزلتها في تعزيز العمل، وأثرها على الجودة والإتقان.
فإذا كانت أخلاقيات المهنة بهذه الأهمية فيجب علينا أن نذكِّر بالمخالفات الشرعية في المهنة؛ تحذيرا من الوقوع فيها، وهي في الحقيقة كثيرة متشعبة، لكن سنكتفي بعرض لخمسة من أهمها؛ بيانا لمعناها، ومظاهرها، ثم نضع لها العلاجات التي تساهم في محاربتها، والتخفيف منها؛ فهي كالداء العضال في الحياة الوظيفية والمهنية.
فالفساد الإداري بشموله لكل النواحي الوظيفية والمهنية وتشعبه لجوانبها يقف حجر عثرة في طريق التنمية والتطور، ويؤدي إلى إهدار المال العام، والسرقة والرشوة أمراض تفشت لدى ضعيفي الإيمان من الموظفين على كافة المستويات، والغش في أداء الوظيفة على المستوى التنفيذي والإشرافي غير خاف على أكثرنا، والوساطات المذمومة تعطي الحق لمن ليس له بأهل، وتنزع الحقوق من أصحابها، وتوسد الأمور لغير أهلها، وإفشاء الأسرار المهنية من المخالفات الخطيرة إذ يترتب عليها آثار تضر بمصلحة العمل، والمؤسسة كلية.

وفوق هذا كله هي مخالفات لأخلاق الإسلام وقيمه الرفيعة، مجلبة لعقوبة الدنيا، وسخط الآخرة؛ ولذا يجدر بنا أن نتمثل قول القائل:
عَرَفْتُ الشَّرَّ لا للشَّرِّ ولكنْ لِتَوَقِّيهِ ومَنْ لمْ يَعْرِفْ الخيرَ من الشَّرِّ يَقَعْ فِيهِ.


أولًا: الفساد الإداري
تعريف الفساد الإداري: ((المتاجرة بالوظيفة وامتيازاتها واستغلال النفوذ لغير الأغراض القانونية الموجود من أجلها))( ).
يعد الفساد الإداري من أشد ما يصيب المؤسسات في أي دولة، فنجاح المؤسسة أو فشلها مرهون بالسياسة الإدارية لها، وإذا ما استشرى الفساد الإداري في أي منشأة، فإن ذلك نذير لسقوطها وانهيارها.
ولاشك أن ظاهرة الفساد الإداري وثيقة الصلة بالخلل الأخلاقي والتربوي، وهي دلالة على هبوط القيم الروحية وزيادة القيم المادية بطريقة غير عقلانية( ).
ويتعلق بمظاهر الفساد الإداري تلك الانحرافات الإدارية والوظيفية والتنظيمية، والمخالفات التي تصدر عن الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته، في منظومة القوانين والنظم التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدلا من الضغط على صناع القرار لمراجعتها وتحديثها باستمرار( ).
أنواع الفساد الإداري:

يقسم الفساد الإداري إلى أربع مجموعات, وهي:
أولا: الانحرافات التنظيمية: ويقصد بها تلك المخالفات التي تصدر عن الموظف في أثناء تأديته لمهمات وظيفته والتي تتعلق بصفة أساسية بالعمل, ومن أهمها:
1ـ عدم احترام العمل.
2ـ امتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منه.
3ـ التراخي.
4ـ عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء.
5ـ السلبية.
6ـ عدم تحمل المسؤولية.
7ـ إفشاء أسرار العمل.


ثانيا: الانحرافات السلوكية: ويقصد بها تلك المخالفات الإدارية التي يرتكبها الموظف وتتعلق بمسلكه الشخصي وتصرفه, ومن أهمها:
1ـ عدم المحافظة على كرامة الوظيفة: ومن صور ذلك: ارتكاب الموظف لفعل مخلٍّ بالحياء في العمل كاستعمال المخدرات أو التورط في جرائم أخلاقية.
2ـ سوء استعمال السلطة: ومن صور ذلك: تقديم الخدمات الشخصية، وتسهيل الأمور وتجاوز اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب أو معارف المسئولين ما يطلب منهم.
3ـ المحسوبية: ويترتب على شيوع ظاهرة المحسوبية شغل الوظائف العامة بأشخاص غير مؤهلين مما يؤثر على انخفاض كفاءة الإدارة في تقديم الخدمات وزيادة الإنتاج.
4ـ الوساطة: فيستعمل بعض الموظفين الوساطة شكلا من أشكال تبادل المصالح.
ثالثا: الانحرافات المالية: ويقصد بها المخالفات المالية والإدارية التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف, وتتمثل هذه المخالفات فيما يلي:
1ـ مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها داخل المنظمة.
2ـ فرض المغارم: وتعني قيام الموظف بتسخير سلطة وظيفته للانتفاع من الأعمال الموكلة إليه في فرض الإتاوة على بعض الأشخاص، أو استخدام القوة البشرية الحكومية من العمال والموظفين في الأمور الشخصية في غير الأعمال الرسمية المخصصة لهم.
3ـ الإسراف في استخدام المال العام: ومن صوره: تبديد الأموال العامة في الإنفاق على الأبنية والأثاث، والمبالغة في استخدام المقتنيات العامة في الأمور الشخصية، وإقامة الحفلات والدعايات ببذخ.
رابعا: الانحرافات الجنائية: ومن أكثرها: الرشوة، واختلاس المال العام، والتزوير( ).


علاج الفساد الإداري( ):
لاحظنا فيما مضى مدى تغلغل الفساد الإداري في كثير من النواحي والاختصاصات الوظيفية والمهنية، ونحن إذ نبحث عن معالجته، والقضاء عليه، ينبغي:
1ـ ترسيخ أخلاقيات المهنة التي سبقت معنا في هذا المقرر فهو أول وأعظم علاج لهذه الظاهرة، ولعل خلقي الأمانة والقوة من أهم الأخلاقيات في هذا السياق؛ فيولى القوي الأمين الإدارة، قال سبحانه: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26]
وعن أبي هريرة  قال: قال رسول اللَّه :((أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ))( ).
2ـ التأكيد على قيمة تعظيم الله تعالى، واستحضار مراقبته في التزامنا بهذه الأخلاق، والتذكير بفضل هذه الأخلاق وعظيم ثوابها، وكونها سعادة للمرء في الدنيا والآخرة.
3ـ وضع الأنظمة واللوائح والأساليب الموضحة لمجال المراقبة والمحاسبة، والمساءلة، ونشر الشفافية والنزاهة، وكذلك يجب تحديد العقوبات الرادعة لمن يخالف ذلك، وتطبيقها بكل حزم وعدل( ).
4ـ ومن أهم وسائل علاج الفساد الإداري ما قامت به المملكة العربية السعودية من إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والتي من أهدافها التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري، وكذلك إحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة بالفساد المالي والإداري للجهات الرقابية أو جهات التحقيق إلى غير ذلك من أهداف في هذا الشأن.


ثانيًا: السرقة والرِّشوة
تعريف السرقة والرشوة:
(أ) السرقة: ((أخذ العاقل البالغ نصابا محرزا أو ما قيمته نصاب- ملكا للغير- لا شبهة له فيه على وجه الخفية))( ).
حكمها:
السرقة حرام بالاتفاق؛ لأنها اعتداء على ملك الغير، ولا أدل على ذلك من العقوبة المقررة على السارق في القرآن، وهي القطع: قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38].
وقوله  في شأن المرأة المخزومية التي سرقت وجاءوا ليشفعوا لها كما روت عائشة رضي الله عنها: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا))( ).
(ب) الرشوة: ((ما يعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل))( ).
والرشوة أم الفساد الإداري، ومن أعظم الجرائم المتفشية في العالم، وتزداد خطورتها كلما احتل المرتشي منصبا قياديا كبيرا، لأنه بفساده يفسد من تحته من المرؤوسين.
حكمها:
o الرشوة محرمة ومن كبائر الذنوب فهي سحت، ومن صفات اليهود، قال تعال: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة:42]، ومن تشبه بهم لحقته اللعنة كاليهود، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ((لَعَنَ رَسُولُ اللهِ  الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ))( ).
o وهي أكلٌ لأموال الناس بالباطل، قال تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188].
علاج السرقة والرشوة في الإسلام:
اعتمدت الشريعة الإسلامية في معالجتها لجريمتي السرقة والرشوة وغيرهما من الجرائم على التدابير الوقائية وسد الذرائع التي تؤدي إلى الوقوع في هذه الجرائم الأخلاقية المنكرة، منها( ):
1ـ الكسب المشروع: والزهد عما فيما أيدي الناس، قال سبحانه: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:23].
2ـ تأمين حاجات المحتاجين من المسلمين من أموال الزكاة والصدقات، وغيرها( ).
3- الحرز وصيانة المال ضد السرقة: والاستعانة على ذلك بوسائل المراقبة الحديثة كالكاميرات ونحوها.
4ـ وإذا ما ثبتت هذه التهم في حق مرتكبيها فإن الشريعة وضعت تعزيرات وعقوبات وحدود بضوابط معلومة، ومنها:
أ- مصادرة كل ما ثبت أنه سرقة أو رشوة، سواء كان هذا المأخوذ مالا أو عرضا أو أي عين مادية، وجعلها في الأموال العامة، قال ابن بطال: ((هدايا العمال تجعل في بيت المال ، وأن العامل لا يملكها إلا إن طلبها له الإمام))( ).
ب-إعفاؤهم من وظائفهم، وتجريدهم من كل حقوقهم الوظيفية.
ج-تنفيذ القوانين عليهم في حالة ثبوت السرقة عليهم أو الرشوة، على الشركاء جميعا من الراشي، والمرتشي، والوسيط بينهما، وعدم تغليب جانب الشفقة والرحمة، بل حماية المصلحة العامة.


ثالثًا: الغش
تعريف الغش:
((ما يخلط من الرديء بالجيد؛ بغرض إظهار الشيء على غير حقيقته؛ لتحقيق منفعة شخصية))( ).
حكمه:
الغش محرم بكل صوره، وتوعد النبي  الغاش بالتبرؤ منه؛ فقد قال  فيما رواه أبو هريرة: ((مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى))( ).
والغش من كبائر الذنوب( )؛ ذلك أن الغاش يرتكب عدة جرائم أخلاقية يتعدى ضررها؛ فيضيع الأمانة، ولا يفي بالعقود، ويفقد الثقة بين الناس، ويأكل الخبيث من الكسب، ولأن الغش ينافي النصيحة للمسلمين، فإن المسلم الحق يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويرجو له الخير، والغش فيه إضرار بالآخرين، والضرر محرم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي : ((لَا ضَرَرَ وَلَا إضِرَارَ))( ).
مظاهر الغش في أداء الوظيفة:
1ـ كتابة التقارير الطبية: حين يكتب الطبيب تقريرا طبيا غير متفق مع الواقع.
2ـ المخططات الإنشائية أو الصناعية:حين يصدق المهندس على مخطط غير مستوف للشروط.
3ـ الإجازات العادية أو المرضية: حين يقدم الموظف شهادة طبية مزورة تثبت أنه مريض، وهو ليس كذلك.
4ـ استخراج شهادات مزورة: لأي جهة من الجهات، أو تزوير أوراق أو مستندات أو وثائق رسمية، أو الحصول على شهادات علمية غير حقيقية.
5ـ الغش في الاختبارات:فيحصل على شهادة لا يستحقها، وقد يتبوأ بها منصبا وهو ليس أهلا له.
علاج مشكلة الغش:
حذر النبي  من الغش في البيع والشراء، والأقوال، والأعمال، فعن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: ((مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي))( ). قال الخطابي: ((معناه ليس على سيرتنا ومذهبنا يريد أن من غش أخاه وترك مناصحته فإنه قد ترك اتباعي والتمسك بسنتي))( ).
وعن معقل بن يسار  قال: قال النبي : ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ))( ).
قال النووي رحمه الله: ((معناه بين في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئا من أمرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم ، فإذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصح فيما قلده إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم ، وأخذهم به، وإما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها لكل متصد لإدخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها أو إهمال حدودهم ، أو تضييع حقوقهم، أو ترك حماية حوزتهم، ومجاهدة عدوهم ، أو ترك سيرة العدل فيهم، فقد غشهم قال القاضي: وقد نبه  على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة))( ).


رابعًا: الوساطة المذمومة
تعريف الوساطة المذمومة:
((المساعدة للحصول على حق غير مستحق، أو إعفاء من حق يجب عليه الوفاء به، أو الحصول على حق لغيره مما يلحق الضرر بهم))( ).
في المجتمعات المتخلفة تشيع الوساطة أو المحسوبيات بين الناس، لقضاء مصالحهم، وتحقيق مآربهم، وقد تكون هذه الوساطة أو الشفاعة حسنة للوصول إلى أغراض مشروعة أو ضرورية، وقد تكون سيئة أو ضارة؛ لإلحاقها أذى أو ضررا بمصالح آخرين، ولمساسها بقوانين العدل والإنصاف والمساواة التي ينبغي أن يتعامل الناس بها، سواء في نيل الوظائف أو في تحقيق الخدمات والظفر بها))( ).
وفي وضع حد فاصل بين الشفاعة الحسنة والشفاعة السيئة يقول ابن حجر: ((الشفاعة الحسنة وضابطها: ما أذن فيه الشرع دون ما لم يأذن فيه))( ). ونحن هنا إنما نتناول الجانب السلبي المذموم من الوساطة.
حكم الوساطة المذمومة:
o أشار القرآن الكريم إلى هذه الظاهرة، بقوله تعالى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء:85]. قال النووي رحمه الله: ((وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في تتميم باطل، أو إبطال حق، ونحو ذلك، فهي حرام)) ( ).
o وحذر النبي  في أحاديثَ من الشفاعة السيئة كما في حديث المرأة المخزومية( ).
o وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة( ): ما حكم الواسطة، وهل هي حرام؟
ج: إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى وأحق بالتعيين فيها من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها، والقدرة على تحمل أعبائها والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك- فالشفاعة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانهم من عمل الأكفاء وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشئونها في هذا الجانب على خير حال، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع.
أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعا، ويؤجر عليها الشفيع إن شاء الله، فقد ثبت عن أبي موسى الأشعري  أن النبي  قال: ((اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ  مَا شَاءَ))( ).
علاج مشكلة الواسطة المذمومة:
o واجه الإسلام هذه الظاهرة بعدد من الأخلاق التي من شأنها أن تضع الأمور في نصابها، وعلى رأسها خلقا العدل، والأمانة.
o أناط الإسلام بالمسئولين أيا كان موقعهم تحري الدقة في اختيار من تحتهم بعيدا عن المجاملات، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي  قال: ((مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ))( ).


خامسًا: إفشاء أسرار العمل وما يتعلق به
تعريف السرِّ:
((هو ما يفضي به الإنسان إلى آخر، مستكتما إياه من قبل أو بعد)).
فضل حفظ السر وأهميته:
اهتمتْ شريعتنا الغراء بحفظ الأسرار وكتمانها، سواء ما يتعلق منها بالأفراد على المستوى الأسري، أو ما يتعلق بالمجتمع والدولة، ولا شك أن أخطر ما يهدد الدول أن تفشى أسرارها لا سيما الإدارية منها والحربية.
ولما كان حفظ السر فضيلة، فقد رتب الله عليه أجرا عظيما، من ذلك ستر الله لصاحبه في الدنيا والآخرة، وستر عيوبه وعوراته، كما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي : ((وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ))( ).
ويشمل ما حفَّتْ به قرائن دالة على طلب الكتمان، إذا كان العرف يقضي بكتمانه، كما يشمل خصوصيات الإنسان وعيوبه التي يكره أن يطلع عليها الناس( ).
معايير تمييز الأسرار( ):
يمكن معرفة (أمر ما) أنه من قبيل الأسرار أو لا بمعيارين:
1ـ المعيار الشكلي: يتضح من الاصطلاح الذي يتقدم ديباجته، أو الملحوظة التي ترد في بدايته، كأن يرد اصطلاح (سري) أو (سري جدا) أو (داخلي)...إلخ.
2ـ المعيار الموضوعي: بأن يتناول شأنا من الشئون السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية ذات الصفة المهمة جدا بحيث يخشى من إفشائها استفادة الأعداء منها.
علاج مشكلة إفشاء الأسرار:
o دعت الشريعة الإسلامية إلى حفظ الأسرار وكتمانها، وحظرت إفشاءها، فإن ذلك أدوم للألفة، وأدوم لحقوق الأفراد والجماعات. من ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري  عن النبي  أنه قال: ((إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا))( ).
o وعن جابر بن عبد الله ، أن النبي  قال: ((إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ))( ). أي: التفت يمينا وشمالا؛ لئلا يسمع أحد كلامه.
o يقول الإمام الماوردي مبينا أهمية العناية بحفظ السر، وبيان خطورة أمره وصعوبته: ((والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار؛ لأن الإنسان قد يذيع سر نفسه ببادرة لسانه، وسقط كلامه، ويشح باليسير من ماله، حفظا له وضنا به، ولا يرى ما أذاع من سره كبيرا في جنب ما حفظه من يسير ماله، مع عظم الضرر الداخل عليه))( ).
o وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال قال لي العباس: ((أي بني: إن أمير المؤمنين يدعوك ويقربك ويستشيرك مع أصحاب رسول الله ، فاحفظ عني ثلاث خصال: اتقِ لا يجربن عليك كذبة، ولا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا)) ( ).
فينبغي على المرء أن يكون حافظا للأسرار التي اؤتمن عليها من قِبل من أسرَّها إليه، أو تلك التي يعرفها بحكم وظيفته، ولا يقتصر حفظ سر العمل فقط أثناء تأدية الخدمة، بل يتعداه إلى ما بعد ترك العمل.
وقد أكد نظام الخدمة المدنية في مادته الثانية عشرة/فقرة هـ على ضرورة الحفاظ على أسرار الوظيفة فجاء فيه:

ــــ ((يحظر على الموظف خاصة إفشاء الأسرار التي يطلع عليها بحكم وظيفته ولو بعد تركه الخدمة)).


وقد نص نظام العمل في المادة الخامسة والستون أنه:
((يجب على العامل أن يحفظ الأسرار الفنية والتجارية والصناعية للمواد التي ينتجها، أو التي أسهم في إنتاجها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وجميع الأسرار المهنية المتعلقة بالعمل أو المنشأة التي من شأن إفشائها الإضرار بمصلحة صاحب العمل)).
وإذا خالف العامل ذلك فأفشى أسرار العمل فلصاحب العمل الحق في فصله، بشرط أن يتيح له الفرصة لكي يبدي أسباب معارضته للفسخ.
ففي المادة الثمانين من نظام العمل: ((لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد بدون مكافأة أو إشعار العامل أو تعويضه إلا في حالات...منها :إذا ثبت أن العامل أفشى الأسرار الصناعية أو التجارية الخاصة بالعمل الذي يعمل فيه)).


أخي الطالب/ أختي الطالبة: للتوسع في موضوع هذه الوحدة ينظر إلى:
ـ التدابير الواقية من جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية، إبراهيم بن صالح الرعوجي.
ـ مظاهر الانحراف الوظيفي، أحمد بن عبد الرحمن الشميمري.
ـ أخلاقيات الوظيفة العامة، د. عبد القادر الشيخلي.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

وقعت هيئة مركز ...

وقعت هيئة مركز قطر للمال، اتفاقية تعاون مع غرفة التجارة والصناعة في قبرص، بهدف تعزيز العلاقات التجار...

تخرجت فى كلية ا...

تخرجت فى كلية التجارة عام 1976جامعة عين شمس شعبة محاسبة. الكتابة بالنسبة لنعمات البحيرى هى بهجة مدفو...

بشرح لكم كيف يو...

بشرح لكم كيف يوثر حجم و شكل الجزيئات على تفاعلات العضويه لو كان حجمه كبير و مجموعاته الكبيره متجمعه ...

"بشكل عام، تعلم...

"بشكل عام، تعلمت أن إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية يتطلب تخطيطًا دقيقًا وجهودًا مستمرة ومت...

شعر الشيخ بالدو...

شعر الشيخ بالدوار و الغثيان , بعد عمل شاق لاصطياد سمكة كبيرة . فك الشيخ حبل الرمح و أنفذه من خياشيم...

يقوم بناء السلا...

يقوم بناء السلام بشكل أساسي على التعامل مع الأسباب الكامنة وراء اقتتال الناس فيما بينهم في المقام ال...

تمتلئ الأسابيع ...

تمتلئ الأسابيع الثلاثة التي تلت حفلا وايت ساندرز بالاستعدادات لمغادرة آن. يأذن "ماثيو" بالدفع مقابل ...

في مساء يوم اال...

في مساء يوم االثنين شعرت ماريال بالضيق ألنها لم ترى مشبك الجمشت وبحثت عنه في كل مكان ولكن لم تعثر عل...

بسم الله الرحمن...

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين بد...

هو امر يتوجب عل...

هو امر يتوجب على الجندي او الشرطي تنفيذه رغم عدم قانونيته ثم عليه ان يشتكي الذي اصدر الامر في هذه ال...

نظريه الشغل-الط...

نظريه الشغل-الطاقه هي ان طاقه النظام تزداد الى بذل على النظام يعني اذا بذل شغل على نظام ما فان طاقته...

Like other drom...

Like other dromedary camels, Saudi Arabian camels are herbivores with a diet consisting mainly of de...