لخّصلي

الحلقة الرابعة فلسطين في فترة التنظيمات العثمانية 1878-1839 نمط الجيوش األوروبية. لكن هذا المسعى لم يتكلل بالنجاح في الواقع إال في عهد السلطان محمود الثاني، الذي نجح سنة 1826 في القضاء على فرق من العسكريين األوروبيين لتدريب الجنود العثمانيين، واستقدم عددًا للتدرب في أوروبا. سعى السلطان محمود إلى تعزيز مركزية الحكم من خالل القضاء على األسر الحاكمة شبه ص 39( عرف باسم "التنظيمات"، وذلك في وقت تزايدت فيه صعوبات الدولة العثمانية نتيجة الضغوط التي كانت تمارسها الدول األوروبية عليها، وتنامي النزعات االستقاللية في بعض المناطق األوروبية الواقعة تحت سيطرتها. ففي 3 تشرين الثاني ، 1939 أصدر السلطان عبد المجيد " خط شريف كولخانة "، السكان أمان وبتنظيم جباية األموال، وبالقضاء على الرشوة وبتنظيم عملية الخدمة العسكرية اإللزامية دوماني، إعادة اكتشاف ص 62-61( عن ديانتهم "، ووعد بتنظيم ميزانية الدولة وإجراء إصالحات في المواصالت والتعليم والتجارة. لواء عكا في عهد واستمرت حركة اإلصالحات في عهد السلطان عبد العزيز، 1861 حيث صدر، الذي قضى بإنشاء مجموعة من المجالس اإلدارية في مراكز الواليات واأللوية واألقضية والنواحي، صدر، سنة ، 1867 قانون يسمح ببيع األراضي لألجانب، وهو ما استغله اليهود، خاص، " لشراء مساحات واسعة من األراضي في فلسطين على أساس تبعيتهم للدول األوروبية ال على أساس أنهم يهود، العثماني الذي منع اليهود من شراء األراضي في فلسطين " )غنايم، لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، ص 42( 1978 الذي وتمّث والذي حدد حقوق السلطان العثماني وصالحياته، وبمقتضى نشئ المجلس العمومي )البرلمان( من مجلس األعيان، الدستور، ًا باالنتخاب. وقد جرت أول انتخابات لمجلس المبعوثان في أوائل سنة ، 1877 حيث ضم المجلس المنتخب 118 مبعوث كان من ضمنهم خمسة من والية سورية، وواحد منهم عن متصرفية القدس، وهو يوسف ضياء الخالدي، ابن محمد علي الخالدي رئيس ًا اب المحكمة الشرعية في القدس ونائب القاضي فيها، وكان " من أبرز أعضاء البرلمان وأكثرهم جرأة في كّت انتقاد السلطان عبد الحميد وسياسة حكومته ". لكن الحياة الدستورية والبرلمانية لم تستمر طويًال، روسيا ذريعة لحل البرلمان في 10 شباط ، 1878 لتبدأ منذ الحين مرحلة جديدة في تاريخ الدولة العثمانية )مناع، العثماني، ص 166 و ص 205-199؛ غنايم، لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، 1840 أعادت السلطات العثمانية التقسيمات اإلدارية إلى ما كانت عليه قبل الغزو المصري، حيث ظلت مناطق ُأ وبقي هذا التقسيم اإلداري معموًال به حتى سنة ، 1864 عندما صدر قانون الواليات العثماني الجديد، درجت كل مناطق فلسطين ضمن والية الشام وفي سنة ، 1873 ُفصل لواء القدس عن والية سوريا وارتبط مباشرة باستانبول،

تاريخ فلسطين العثماني
ماهر الشريف
الحلقة الرابعة

فلسطين في فترة التنظيمات العثمانية 1878-1839
بدأت حركة اإلصالحات داخل السلطنة العثمانية في أواخر القرن الثامن عشر بمسعى قام به السلطان سليم الثالث لتحديث الجيش العثماني وإقامته على
نمط الجيوش األوروبية. لكن هذا المسعى لم يتكلل بالنجاح في الواقع إال في عهد السلطان محمود الثاني، الذي نجح سنة 1826 في القضاء على فرق
من العسكريين األوروبيين لتدريب الجنود العثمانيين، كما أرسل بعثات عسكرية

الجنود االنكشارية، ثم قام بإنشاء المدارس العسكرية، واستقدم عددًا
للتدرب في أوروبا. وبالتوازي مع إصالح الجيش وتحديثه، سعى السلطان محمود إلى تعزيز مركزية الحكم من خالل القضاء على األسر الحاكمة شبه
.المستقلة في الواليات )غنايم، لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، ص 39(
عرف باسم "التنظيمات"، في عهد السلطان عبد المجيد، وذلك في وقت تزايدت فيه صعوبات الدولة

وتواصلت حركة اإلصالحات، التي صارت ُت
العثمانية نتيجة الضغوط التي كانت تمارسها الدول األوروبية عليها، واألزمة المالية التي كانت تواجهها، وتنامي النزعات االستقاللية في بعض
المناطق األوروبية الواقعة تحت سيطرتها. ففي 3 تشرين الثاني ،1939 أصدر السلطان عبد المجيد " خط شريف كولخانة "، الذي قضى بـ " منح
على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم "، ومنح رعايا الدولة العثمانية من غير المسلمين " ضمانات فيما يتعلق بالملكية والحرية الشخصية".
ًا
السكان أمان
كما وعد بإصالح نظام القضاء، وبتنظيم جباية األموال، وبإلغاء نظام االلتزام، وبالقضاء على الرشوة وبتنظيم عملية الخدمة العسكرية اإللزامية
)غنايم، لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، ص 40-39؛ سّنو، المصالح األلمانية في سوريا وفلسطين،... ص 31-30؛ دوماني، إعادة اكتشاف
.فلسطين،... ص 62-61(
وفي 18 شباط ،1856 أعلن السلطان عبد المجيد "خط شريف همايون"، الذي نص على معاملة جميع سكان السلطنة " معاملة متساوية بغض النظر
عن ديانتهم "، ووعد بتنظيم ميزانية الدولة وإجراء إصالحات في المواصالت والتعليم والتجارة. كما صدر في عهده، سنة ،1858 قانون تملك
بذلك الطريق أمام ظهور فئة كبار مالك األراضي )غنايم، لواء عكا في عهد

األراضي الذي سمح بتمليك األراضي الميري، العائدة للدولة، ممهدًا

.التنظيمات العثمانية، ص 42-41(
واستمرت حركة اإلصالحات في عهد السلطان عبد العزيز، الذي اعتلى العرش سنة ،1861 حيث صدر، في 7 تشرين الثاني ،1864 قانون
الواليات العثماني الجديد، الذي قضى بإنشاء مجموعة من المجالس اإلدارية في مراكز الواليات واأللوية واألقضية والنواحي، يتم اختيار بعض
أعضائها باالنتخاب والبعض اآلخر بالتعيين. وفي عهده، صدر، سنة ،1867 قانون يسمح ببيع األراضي لألجانب، وهو ما استغله اليهود، بوجه
خاص، " لشراء مساحات واسعة من األراضي في فلسطين على أساس تبعيتهم للدول األوروبية ال على أساس أنهم يهود، متجاوزين بذلك القانون
.العثماني الذي منع اليهود من شراء األراضي في فلسطين " )غنايم، لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، ص 42(
لت في صدور الدستور في 19 كانون األول ،1978 الذي

بيد أن الخطوة اإلصالحية األهم تحققت في بداية عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وتمّث
أعلنه الصدر األعظم اإلصالحي مدحت باشا، والذي حدد حقوق السلطان العثماني وصالحياته، ونص على حرية العثمانيين ومساواتهم. وبمقتضى
نشئ المجلس العمومي )البرلمان( من مجلس األعيان، الذي يعّينه السلطان، ومن مجلس المبعوثان )النواب( الذي يتم اختيار أعضائه
ُأ
الدستور،

، بلغ عدد النواب العرب منهم
ًا
باالنتخاب. وقد جرت أول انتخابات لمجلس المبعوثان في أوائل سنة ،1877 حيث ضم المجلس المنتخب 118 مبعوث
، كان من ضمنهم خمسة من والية سورية، وواحد منهم عن متصرفية القدس، وهو يوسف ضياء الخالدي، ابن محمد علي الخالدي رئيس
ًا
16 نائب
اب المحكمة الشرعية في القدس ونائب القاضي فيها، وكان يشغل منصب رئيس بلدية القدس، وكان " من أبرز أعضاء البرلمان وأكثرهم جرأة في
كّت
انتقاد السلطان عبد الحميد وسياسة حكومته ". لكن الحياة الدستورية والبرلمانية لم تستمر طويًال، إذ استغل السلطان عبد الحميد ظروف الحرب مع
روسيا ذريعة لحل البرلمان في 10 شباط ،1878 لتبدأ منذ الحين مرحلة جديدة في تاريخ الدولة العثمانية )مناع، تاريخ فلسطين في أواخر العهد
.العثماني،... ص 166 و ص 205-199؛ غنايم، لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، ص 40(

اإلطار السياسي واإلداري لفلسطين في عهد التنظيمات
بعد استعادتها السيطرة على بالد الشام في سنة ،1840 أعادت السلطات العثمانية التقسيمات اإلدارية إلى ما كانت عليه قبل الغزو المصري، حيث
عيد تقسيم بالد الشام من جديد إلى أربع واليات هي: الشام وطرابلس وحلب وصيدا. وبينما بقي لواءا عكا ونابلس تابعين لوالية صيدا، ظلت مناطق
ُأ
فلسطين األخرى تابعة لوالية الشام )سوريا(. وبقي هذا التقسيم اإلداري معموًال به حتى سنة ،1864 عندما صدر قانون الواليات العثماني الجديد،
درجت كل مناطق فلسطين ضمن والية الشام

ّسمت بموجبه بالد الشام إلى واليتين فقط، هما الشام وحلب، حيث ُأ
.الذي ُق

وفي سنة ،1873 ُفصل لواء القدس عن والية سوريا وارتبط مباشرة باستانبول، وكان يضم كًال من األقضية التالية: يافا، بئر السبع، غزة والخليل.
منذ بداية عهد التنظيمات "، وأصبحت القدس " هي العاصمة الفعلية للبالد،
ًا
وسياسي
ًا
وإداري
ًا
وكانت تلك الخطوة " تتويجًا الرتفاع مكانة القدس ديني
على الرغم من أن نابلس وعكا ظلتا عواصم أللوية منفردة ". وقررت السلطات العثمانية، في سنة ،1887 إنشاء والية ثالثة، هي والية بيروت، التي
ل لواء عكا من أقضية حيفا وطبرية وصفد والناصرة، بينما تألف لواء

ضمت لوائي نابلس وعكا باإلضافة إلى لوائي بيروت وطرابلس. وقد تشّك