لخّصلي

حين بدأت أعي خطواتي عمى الدرب، كنت في ممعب طفولتي عمى شط النيل بمدينة دمياط العريقة، حيث يقوم بيت جدي ألمي )الشيخ ابراىيم الدميوجي الكبير( رحبا إلى غير مدى. شرفة بمعرض البيت، تفضي من ثم تغمرىا مياه الفيضان فل يكاد يبدو منيا غير والمدخل الشمالي لمشرفة، يفتح بباب عمى رصيف عريض ممتد إلى مسافة مرسى لمسفن الشراعية حين تئوب من رحلتيا عبر البحر المتوسط، الشام وقبرص واألناضول، فيشدىا الملحون بسلسل إلى أوتاد حديدية مثبتة عمى الرصيف، ويمضون بعد تفريغ حمولتيا لقضاء أيام مع أىميم بالمدينة وشطوطيا. أما المدخل اآلخر لمشرفة، فكان بابو يفتح عمى منقة الماء قريبة الغور، عندما يجور الماء المالح عمى النيل إلى يبدو النير خلليا كأنو خميج ممتد من البحر المالح. وخمف الشرفة، يقيم فييا معتوقو الجد، وقد بمغوا وما كنت في تمك السنة الغضة أدرك شيئا عن مأساة الرق،

حين بدأت أعي خطواتي عمى الدرب، كنت في ممعب طفولتي عمى شط النيل
بمدينة دمياط العريقة، حيث يقوم بيت جدي ألمي )الشيخ ابراىيم الدميوجي الكبير(
مطًل عمى النير، عتيًقا شام ًخا تضرب أسسو الصخرية في ماء النيل، ويمتد األفق
ً
أمامو، من ناحيتي الشمال والغرب، فسيحا
ً
رحبا إلى غير مدى..
وعمى حافة النير، أمام الدور األرضي، شرفة بمعرض البيت، تفضي من
ً
جانبييا إلى الماء بسللم من حجر، تنكشف درجات منيا تباعا عندما يتخفض مستوى النير في موسم التحاريق، ثم تغمرىا مياه الفيضان فل يكاد يبدو منيا غير
أطرافيا العميا..
والمدخل الشمالي لمشرفة، يفتح بباب عمى رصيف عريض ممتد إلى مسافة
طويمة، مرسى لمسفن الشراعية حين تئوب من رحلتيا عبر البحر المتوسط، إلى بلد
الشام وقبرص واألناضول، فيشدىا الملحون بسلسل إلى أوتاد حديدية مثبتة عمى
الرصيف، ويمضون بعد تفريغ حمولتيا لقضاء أيام مع أىميم بالمدينة وشطوطيا.
أما المدخل اآلخر لمشرفة، فكان بابو يفتح عمى منقة الماء قريبة الغور،
محجوزة بجدران خشبية ساترة، اعتادت سيدات األسرة االستحمام فييا، إذ تتحول في
موسم التحاريق إلى حمام بحر لحريم البيت، عندما يجور الماء المالح عمى النيل إلى
مسافة أميال من المصب، يبدو النير خلليا كأنو خميج ممتد من البحر المالح.
وخمف الشرفة، قاعة كبرى الستقبال الضيوف والتجار المتنقمين ما بين مصر
والشام، تعموىا طبقات ثلث، بينيا ادوار مسحورة، يقيم فييا معتوقو الجد، وقد بمغوا
من الكبر عتيا فما عادوا يستطيعون أن ينفصموا عن البيت الذي أنوا فيو شبابيم، وال
كان في استطاعتيم أن يبدأوا حياة جديدة بعد أن نالوا وثيقة العتق من جد األسرة
قبيل وفاتو.
نما فتحت عيني
وما كنت في تمك السنة الغضة أدرك شيئا عن مأساة الرق، وا
وأنا أرى داده حميمة ترعى أطفال األسرة، والعم مبروك يقوم عمى خدمة الضيوف
ويقضي حاجات البيت الكبير من السوق، حتى مات في شيخوختو العالية فدفن في
جانب منعزل من مقبرة العائمة، خصصتو لمعتوقي جدىا الشيخ، وأخذ ولده مكانو لمدى سنين، ثم خرج إلى الدنيا يمتمس فرصتو، وبقيت داده حميمة ترعانا في
شيخوختيا الواىنة وتسمينا بحايات وعتيا من تاريخ األسرة.