لخّصلي

بين مصر وسوريا والعراق عمت الفرحة كل أرجاء الوطن العربي، حيث جرت الأحداث كالتالي: والموافق ليوم الخميس الثامن عشر من إبريل من سنة 1963م، وكنتُ مع من حضر لمشاهدة تلك الأفراح، فقد طلبت مني عمتي الشيخة ميرة بنت محمد السويدي، أرملة عمي الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، كانت معظم الأغاني وطنية، وهي : الله على سحرها من فوق برج الجزيره كان هناك، يقال له "برج الجزيرة"، ومن فوقه تستطيع أن تشاهد بلدة رأس الخيمة. فزادوا له العطاء. الموافق ليوم الجمعة التاسع عشر من إبريل سنة 1963م، في مساء ذلك اليوم خرجت أقود مظاهرة حاشدة، واتجهت بها إلى ملعب كرة القدم القريب من سور مطار الشارقة، كانت المظاهرة تضم شيبا وشبانًا وأطفالاً ونساء؛ وتلقب "بمنوه حرائق"، كانت تعلق صورة جمال عبدالناصر على صدرها. في هذا اليوم، بصق على صورة عبد الناصر !". ركض جمع من المتظاهرين خلف الرجل الذي بصق على صورة عبد الناصر للإمساك به، لكنه دخل في سيارة بيضاء "صالون" تقف بجوار سور مطار الشارقة، وأشعل النيران فيه، فأخذت السيارة تحترق . وتصوّب خرطوم المياه عليها، لكن المتظاهرين أخذوا يرجمون سيارة المطافئ بالحجارة، مما اضطرها للانسحاب إلى الخلف ابتعادا عن مرمى الحجارة. بعد أن خمدت النيران في السيارة وغدت هيكلا حديديا لم نجد جثة الرجل، السبت الموافق للعشرين من إبريل سنة 1963م، عندما كنت راجعًا من المدرسة الصناعية بالشارقة إلى بيتنا، وكان ضابطًا في قوة ساحل عُمان، واقفًا بلباسه العسكري في انتظاري، وأن الجنود التابعين لقوة ساحل عُمان قد انتشروا في كل مكان،

الوحدة الثلاثية، بين مصر وسوريا والعراق

تمّ التوقيع يوم الأربعاء السابع عشر من إبريل سنة 1963م بين الجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) على إتمام الوحدة بين تلك الدول. عمت الفرحة كل أرجاء الوطن العربي، أما في الإمارات فكانت الفرحة مشوبة بالأحزان، حيث جرت الأحداث كالتالي:

1. في رأس الخيمة في اليوم التالي لتوقيع اتفاقية الوحدة الثلاثية، والموافق ليوم الخميس الثامن عشر من إبريل من سنة 1963م، أقيمت في مسائه أفراح زواج الشيخ خالد بن صقـر بن محمد القاسمي في رأس الخيمة، وكنتُ مع من حضر لمشاهدة تلك الأفراح، فقد طلبت مني عمتي الشيخة ميرة بنت محمد السويدي، أرملة عمي الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، أن أنقلها هي وحشدًا من النساء بسيارتي إلى رأس الخيمة حيث الاحتفال بالزواج. أمام حصن رأس الخيمة، نُصب مسرح بسيط، مبني من سعف النخيل، ليغني منه المطربون إلى جانب الفرق الشعبية. وكان ممن غنى تلك الليلة الأستاذ إبراهيم شومة مدرس الموسيقى بالمدرسة القاسمية بالشارقة. كانت معظم الأغاني وطنية، ومن بينها أغنية حديثة تتحدث عن مدينة القاهرة، وهي : الله على سحرها من فوق برج الجزيره كان هناك، وقبل الوصول إلى مدينة رأس الخيمة، برج بالقرب من مقبرة الجزيرة الحمراء، يقال له "برج الجزيرة"،ومن فوقه تستطيع أن تشاهد بلدة رأس الخيمة. فظن الناس أن الأستاذ إبراهيم شومة يغني لرأس الخيمة، فزادوا له العطاء. تم عتاب الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة من قبل المقيم السياسي البريطاني على ذلك التصرف فيما بعد .


2. في الشارقة في اليوم الثالث لتوقيع اتفاقية الوحدة الثلاثية، الموافق ليوم الجمعة التاسع عشر من إبريل سنة 1963م، كان الشيخ صقر بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة غائبا عن البلاد. في مساء ذلك اليوم خرجت أقود مظاهرة حاشدة، واتجهت بها إلى ملعب كرة القدم القريب من سور مطار الشارقة، والواقع بين النادي الثقافي ومحطة سيارات الأجرة بالشارقة. كانت المظاهرة تضم شيبا وشبانًا وأطفالاً ونساء؛ ومن بين النساء عجوز يقال لها "آمنة بنت علي"، وتلقب "بمنوه حرائق"، كانت تعلق صورة جمال عبدالناصر على صدرها. ليست هذه أول مرة تعلق صورة جمال عبدالناصر على صدرها، فقد كانت تطلب من الجنود الإنجليز عندما كانوا يترددون على سوق الشارقة، أن يحيوا "ناصر" وصورته على صدرها . في هذا اليوم، طلبت من شخص مر بها في المظاهرة أن يحيي جمال عبد الناصر، وبدلا من أن يحييه بصق على صورته . هنا صاحت منوه حرائق : "امسكوه .. اضربوه .. بصق على صورة عبد الناصر !". ركض جمع من المتظاهرين خلف الرجل الذي بصق على صورة عبد الناصر للإمساك به، لكنه دخل في سيارة بيضاء "صالون" تقف بجوار سور مطار الشارقة، وأقفل أبوابها . أخذ المتظاهرون يحركون السيارة البيضاء حتى استطاعوا قلبها، فاستقرت على ظهرها . فتح أحدهم خزان البنزين فسال على الأرض، وأشعل النيران فيه، فأخذت السيارة تحترق .. وإذا بسيارة مطافئ مطار الشارقة تقترب من السيارة التي تحترق، وتصوّب خرطوم المياه عليها، لكن المتظاهرين أخذوا يرجمون سيارة المطافئ بالحجارة، مما اضطرها للانسحاب إلى الخلف ابتعادا عن مرمى الحجارة. بعد أن خمدت النيران في السيارة وغدت هيكلا حديديا لم نجد جثة الرجل، فقد هرب قبل إشعال النار في السيارة. في اليوم التالي، السبت الموافق للعشرين من إبريل سنة 1963م، عندما كنت راجعًا من المدرسة الصناعية بالشارقة إلى بيتنا، وجدت شقيقي الشيخ عبدالعزيز بن محمد القاسمي، وكان ضابطًا في قوة ساحل عُمان، واقفًا بلباسه العسكري في انتظاري، قد جاء محذرًا بعدم قيام أي مظاهرة، وأن الجنود التابعين لقوة ساحل عُمان قد انتشروا في كل مكان، وأن لديهم أوامر بإيقاف أي مظاهرة.