لخّصلي

في الفترة الماضية، شهدنا توّغل كبير لقوات جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيليّة والوحدات المرافقة لهم، خاصّة في أعقاب استشهاد مقاومين فلسطينيين في جنين في نيسان العام 2022، هذا التوّغل الكبير وانتهاج سياسة التصفيات الميدانيّة، هدفه الأساسي السيطرة على الروح المقاومة، واجتثاث أي فكرة وطنية مقاومة لدى صفوف الشبان. فبتنا نسمع بوحدات خاصة تابعة للجيش والشرطة والاستخبارات، لم يكن لها أي وجود مسبقًا، ما يدّل على أن القادة الإسرائيليين العسكريين قد وضعوا منهجيات خاصة في السيطرة على المقاومة الشعبية لدى الفلسطينيين.

فما هي وحدة تكيلا؟ وما هو عملها الأساسي؟ ولأي جهاز تتبع؟ وهل هي مستحدّثة خاصّة وأنّها وحدة جديدة مستحدثّة؟ نتابع معكم في سلسلة" أجهزة القمع الإسرائيلية" الحديث عن الوحدات الخاصّة التابعة للجيش والشرطة والاستخبارات، والتي أصبح لها دور كبير في عمليات اغتيال الشبان الفلسطينيين.
وحدة تكيلا

هي وحدة خاصة تعمل في جيش الاحتلال، يتمحور عملها في اغتيال المقاومين الفلسطينيين بالضفة الغربيّة وبشكل فوري وسريع بعد كشف أماكن تواجدهم بناءً على معلوماتٍ استخباراتية.

صحيح أنّها تابعة لجيش الاحتلال، إلّا أنّها تقع تحت سيطرة جهاز "الشاباك" (الاستخبارات)، وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى "خمر تاكيلا" الذي يعطي مفعولًا كبيرًا، دلالة على عملية القفز السريعة التي تنفذها ووصولها الخاطف إلى مسرح العملية لاغتيال المقاومين بعد الاستدلال عليهم من خلال العملاء. تتشارك الوحدة كذلك في عملها مع الوحدة الخاصة في الشرطة الإسرائيلية، وتقومان معًا بتنفيذ عمليات الاغتيال.

تعد الوحدة الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة من عمليات قوات جيش الاحتلال في العمل الميداني والاستخباري حتى الإجهاز على المقاومين في الميدان. لا تعمل الوحدة فقط على جلب المعلومات الاستخبارية الأولية ولكن تقوم بتحديدها في الوقت الفعلي، ويكون هناك تواصل فعّال بين منسقي العمليات والعناصر، فهناك عنصرًا يراقب مركبة أو شخصًا ويوجه الرسالة عبر الهاتف لمنسق العمليات.
وحدة سريّة

كشف تحقيقٌ مصوّر بثته القناة 12 الإسرائيلية، عن وحدةٍ سرّية - تكيلا- تتبع جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، كانت وظيفتها "اعتراض منفذي العمليات الاستشهادية خلال الانتفاضة الثانية". تأسيس الوحدة جاء "بعد تشخيص العقيدة القتالية للـ "الشاباك" في مواجهة العمليات "الانتحارية" التي غمرت "إسرائيل" خلال الانتفاضة الثانية بالعجز".

ومما كشف في التحقيق بأنَّ معلومات كانت تصل إلى قائد الوحدة الذي يجلس مع أسرته في حيفا، مفادها: "انتحاريون في طريقهم إلى تل أبيب"، فيسارع قائد الوحدة الذي عمل في السابق مستعربًا في غزة، إلى محطة الحافلات المركزية هناك، ينجح في مهمته، ويلقي القبض على المطلوبين".

إلّا أنّه لم تكن كافة العمليات تكلل بالنجاح، فمثلًا يُذكر في التحقيق أن معلومات الاستخباراتية لا تفي بالغرض، فوردت مرةً حول وجود "انتحاري" على طريق وادي عارة، "فتم نشر الحواجز التي كان يتنكر فيها الجنود بصورة رجال شرطة، لكن ما إن اقترب أحد عناصر الوحدة من الشاب داخل سيارته، حتى فجر نفسه، وأصابه بجراح"، "وهذه المرة أيضًا لم يعترف الشاباك بأن المصاب كان أحد عناصره" تضيف الصحفية التي أعدّت التحقيق.

وتحدث التحقيق، عن أنه في بعض مراحل الانتفاضة الثانية، كان لدى "الشاباك" معلومات تتضمن أسماء 400 شخص، كانوا مستعدين لتنفيذ عملياتٍ استشهادية، "انتحارية" حسب تعبير معدّته، فيما تخللت بعض مشاهده مقاطع تصوير جوي تمت عبر طائرات استطلاع، لعمليات قالت الصحفية "إنه تم خلالها اعتراض خلايا كانت في طريقها لتنفيذ عمليات داخل الخط الأخضر".

صورة
اغتيال المقاومين الثلاثة في جنين

فجع الشعب الفلسطيني في الثاني من شهر نيسان، باغتيال المقاومين الفلسطينيين الثلاثة، صائب عباهرة 30 عام من بلدة اليامون، وخليل طوالبة 24 عام من جنين، وسيف أبو لبدة 25 عام من مخيم عين شمس طولكرم، بعد نصب كمين لمركبة كانوا يستقلونها على مدخل بلدة عرابة جنوب جنين.

كشفت مصادر صحفيّة عبريّة بأنّ الوحدة المسمّاة "تكيلا" هي من نفذّت عملية استهداف الشهداء الثلاثة، كما كشفت تلك المصادر أنه منذ بداية العام 2022، نفذت الوحدة الخاصّة بالشاباك 14 عملية اغتيال. كما أشارت القناة العبرية الثانية عشرة إلى أنه حتى العمليات التي تنتهي دون وقوع إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي وينسحب منفذوها، تخضع لتحقيقات شاملة من قبل قيادة الجيش.

فعلى سبيل المثال، ذكرت أنه بعد وقوع عملية إطلاق نار في مدينة طولكرم نفذّها فلسطيني على دراجة نارية بإطلاق النار على موقع لجيش الاحتلال وانسحب من المكان، على الفور عرّف جيش الاحتلال نوع الدراجة النارية المستخدمة في العملية، ومتى تم شراؤها.

صورة
صورة للشهداء الثلاثة، وكالات

عملية رعد خازم

كان لعملية رعد خازم صدى كبير في الأوساط الفلسطينية والإسرائيليّة، فقد استطاع اختراق المنظومة الأمنية الإسرائيلية، خاصّة في عمليته في شارع "ديزنكوف في تل أبيب"، إذ قالت القناة 12 "الإسرائيلية": إن منفذ عملية شارع "ديزنكوف في تل أبيب" تجوّل لمدة 9 ساعات ومسافة 3 أميال ونصف، قد خلّف اثنين من القتلى و14 جريحًا، جراح بعضهم خطيرة، ومدينة يدب الرعب فيها. بهدوء تام، انسحب رعد وجلس على كرسي قبل أن يختفي عن الأنظار، لتبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي البحث عن منفذ تلك العملية التي وقعت في أحد أكثر الشوارع حساسية وأهمية في إسرائيل.

بعد مطاردة لساعات، اشتبك الشهيد خازم مع وحدة "تكيلا" التابعة لجهاز "الشاباك" واستشهد على الفور في مدينة يافا بالقرب من مسجدها. واعتبرت وسائل الإعلام العبرية، أن العملية جاءت في وقت حساس وفي ذروة الاستنفار الأمني في ما أطلق عليه العدو عملية (كاسر الأمواج)، وهو ما عده فشلاً كبيراً للمنظومة الأمنية.

صورة
رعد خازم
صورة
الحانة التي نُفذت فيها عملية شارع ديزنغوف (الأناضول)

على الرغم من تطوّر المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة، وإنشاء العديد من الوحدات الخاصّة، المعززة بأحدث الأساليب التكنولوجيّة، والتي لها الدور الأكبر في عمليات التصفيّة والإعدامات الميدانيّة، إلّا أنّ هذه الوحدات فشلت أمام الروح المعنويّة الكبيرة، والإصرار على المقاومة لدى الفلسطينيين، فلم يخافوا من الوعيد والتهديد المتكرر من قادة جيش الاحتلال، بل حاولوا بكل عزم وقوة أن يدافعوا عن تراب وطنهم، حتى لو كلّفهم الأمر حياتهم.