لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (49%)

وهنالك نقد داخلي سلبي يكشف الستار عن مآرب المؤلف وأهوائه ودرجة تدقيقه في الرواية، فيظهر لنا مقدار ما عنده من العدالة والضبط أو ما ينقصه منهما. وأنه لا يزال في العالم العربي من يقول قول فنلون الإفرنسي ويحذو حذوه : فما كتب التاريخ في كل ما روت لقرائها إلا حديث مـلـفـق نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق على ما عرف من جمهور علماء الحديث وعلى ما أنتجه قرائح رجال الغرب في القرنين الأخيرين في هذا السبيل، حتى كاد بعضهم يحشر مسألة معالجة التاريخ من بعض نواحيه بين العلوم الثابتة، ومن الغريب أن ما أورده شاعرنا في سبيل الهزء والسخرية في البيت الثاني، إنما هو قاعدة من القواعد التي يرتكز عليها علم التاريخ. وقالوا: الأصل في التأريخ الاتهام لا براءة الذمة . ويذهبون إلى أنه كثيراً ما يخدع فيخدع . ونظرة إلى ما يقوم به المشعوذون على المسارح لتضليل الجماهير تكفي لإقناع القارئ بما أقول. ثم ضع وسطى أصابع يدك الأخرى فوق السبابة وتناولها بها تشعر بأنها اثنتان، وقد تنقل الحواس الخبر اليقين إلى الدماغ. جلسنا مرة نصغي إلى أستاذنا يلقي محاضرة علينا في هذه الناحية من علم النفس. وبعد أن اطلع على شهادتنا في الأمر ضحك. ثم استدعى صاحب المسدس وسأله أن يرينا مسدسه. ولشد ما كانت دهشتنا حين علمنا أن مسدسه لم يكن سوى ثمرة جافة من أثمار الموز. أرأيتم إلى حد يخدع العقل أحياناً في استناده إلى حواس هذا واذكروا إن الإنسان عرضة للنسيان. وإذن فعلم النفس في هذا الباب، وإذا ما ذكرنا في الوقت نفسه أن الراوي يقول أحياناً فيما لا يفهم، وأنه قد يقصد التحريض وإيقاد نار الفتنة، شك المؤرخ رائد حكمته . فيترتب على المؤرخ، وخالجنا فيه ظن، من أبحاثه في تاريخ أوروبة المعاصر، ليتأكد من صحة ما نقول. أو يدينون بمذهب من المذاهب، أو يقولون قول حزب من الأحزاب، ٢ - هل خضع الراوي لظروف قاهرة أكرهته على التلفيق والنطق بالبطل؟ ومثل هذا يقع أحياناً في بعض المعاملات الرسمية، كأن تتطلب بعض الظروف الحكومية القانونية شروطاً لا تتوفر أحياناً بتمام دقائقها وحذافيرها. فيضطر منظم الضبط أن يقول باكتمالها في حين أنها لم تكتمل. فمن خطأ في تاريخ الاجتماع إلى تأخير في الساعة المعينة للجلسة إلى نقص في عدد الحاضرين وهلم جرا. فئة معينة من الناس حتى اضطر ، ‏Stodium in longum jacens, ومعنى الأولى رغبة في الكلام لا تعرف الشبع » والثانية " بغض مزمن » نقول : عبر المؤرخون القدماء عن هذا الأمر بهاتين العبارتين وتبرأوا من الأخذ بهما منذ مئات السنين فيجدر بالمؤرخ المدقق أن يتبصر في الأمر من هذه الناحية ويدرس الراوي من حيث علاقاته
القومية والحزبية والمذهبية والفلسفية وما شاكل ذلك . بالباطل ويحيد عن الحق؟ وهل أقدم على ما يروي بداعي المفاخرة، أو المنافسة، أو ما شابه ذلك؟ لا بد من تفحص أخبار الراوي من هذه الناحية أيضاً قبل الاعتماد على روايته. وليذكر المؤرخ المستجد أن دوافع الغرور والكبرياء تختلف باختلاف الزمان والمكان، وأن بعض الناس قد يفاخر بما لا يفاخر به البعض الآخر . فالإفرنسيون اليوم ينكرون على أسلافهم قيامهم بمجزرة برتولوميو والملك الإفرنسي شارل التاسع زمنئذ كان يتبجح ويتباهى بأنه هو الذي نظم هذه المذابح . أن نصر على اتهام الراوي بمثل ما تقدم إلى أن نتيقن من براءة ذمته . ه - وهل حاول الراوي أن يتودد إلى جمهور الناس أو أن يتملقهم أو يداريهم؟ فهنالك عقائد دينية وعادات اجتماعية وأمور أخرى، قلما يجرؤ على مخالفتها أو إهمالها فرد من الأفراد. فإنها قد تتضمن الشيء الكثير من عبارات التودد والإخلاص والمحبة لمجرد المجاملة والانقياد للعرف. من ينكر علينا هذا الأمر ولكننا ننسى أو نتناسى هذه الحقيقة الناصعة، عندما نرجع إلى بعض الأصول لتأييد رأي من الآراء. فنقول مثلاً بتواضع المقامات الإكليريكية العالية في العصور الوسطى، لأنهم لدى انتخابهم لتبوء عرش من العروش الكنيسية امتنعوا عن القبول بداعي العجز والتقصير وعدم الاستحقاق . نقول هذا القول وننسى في الوقت نفسه، مرة أخرى قبل الاعتماد على رواية الراوي في مثل هذه الظروف. وعلى كل فإنه يحسن بالمؤرخ المدقق أن يتعرف إلى الراوي ليتأكد من الجمهور الذي يخاطب . ويجدر به أن ينعم النظر في أحوال الجمهور المخاطب، ليقف على عرفهم
٦ - ومما يترقبه المؤرخ المدقق ولا يغفله، طرفة عين، الأسلوب الأدبي في الرواية. وذلك لأن الأدب فن وكفن لا يتطلب صاحبه فيه الحقيقة كما هي بل كما يريدها أن تكون. فمن زيادة بسيطة هنا إلى تقديم أو تأخير هناك وما إلى ذلك من أساليب الفن مما يزعج المؤرخ العالم ويدفعه للتيقظ فيتعقب خطوات الراوي الأديب ويراقب حركاته وسكناته. ثم يسعى ما أمكنه للتعرف إلى أدب العصر الذي عاش فيه الراوي. فيسهل عليه عندئذ أن يتفهم الرواية ويقدرها حق قدرها . وقل اطمئناننا إليه . وما يصح عن النثر في هذا الباب أحياناً ينطبق كل الانطباق على الشعر في غالب الأحيان . وهنالك سلسلة ثانية من الأسئلة العلمية يتذرع بها المؤرخ للتوصل إلى فهم الراوي وإدراك مقدار ضبطه. وهي كالسلسلة الأولى مما أجمع عليه المؤرخون المعاصرون، وأبدع في عرضه والتعبير عنه المؤرخ الإفرنسي الشهير الأستاذ شارل لانجلوا . وإليك أهمها :
1 - هل كان الراوي يتمتع بحواس سليمة وعقل صحيح؟ أم كان عرضة للخطأ من هذا القبيل كما ابنا ذلك في القسم الأول من هذا الباب؟ فقد يشاهد الراوي ما يروي وينوي الصدق والإخلاص ولكن حواسه تخطئ في نقل الخبر إليه، أو عقله يتوهم غير
الواقع، ومما له علاقة بالموضوع نفسه أهواء الراوي وأغراضه. فيتذرع المؤرخ عندئذ ببعض الأسئلة التي أوردناها لإظهار العدالة. ولا سيما وإن السائل في بعض الأحيان يجهل ما يسأل عنه فيبتعد كل البعد عن الحقيقة التي ينشد . ٢ - هل تمتع الراوي بجميع شروط المشاهدة العلمية؟ وهي ما يلي : أولاً: أن يكون الراوي في مكان يتمكن فيه من مشاهدة الحوادث مشاهدة صحيحة. وثانياً: أن يكون الراوي في أثناء المشاهدة بعيداً عن الغرض. وثالثاً : أن يدون ما شاهده في أثناء وقوع الحوادث المروية ورابعاً : أن يوضح بجلاء تام طريقته في المشاهدة والتدوين. فقد يشاهد الراوي ما يروي، ولكنه يكون في مكان أو ظرف لم يتمكن فيه من التدقيق في النظر والسمع. ولكنه يتأخر في التدوين فتخونه الذاكرة، وتؤثر عليه ظروف مستجدة، - وهناك حقائق كان بإمكان الراوي أن يشاهدها ويفهمها لو كلف نفسه مؤونة البحث عنها. فقد يروي لنا تفاصيل لم يشاهدها . ولكنه تكاسلاً أو إهمالاً منه تخيلها أو استنتجها دون أن يتحققها بنفسه . ٤ - وهل روى الراوي ما لا تكتمل معرفته بمجرد المشاهدة الشخصية؟ فقد تتعلق روايته بحقيقة عامة تشمل عدداً كبيراً من النفوس، أو بلاداً واسعة من البلدان، مما لا يتيسر لفرد واحد من الناس أن يدقق فيها، وينقل إلينا الخبر اليقين عنها. وما إلى ذلك من الإجمال في الكلام والتعميم في المعنى، مما يستلفت النظر ويوجب التبصر . إنما هو استنتاج في أساسه لا مشاهدة فينظر عندئذ في عدد الحقائق المفردة التي بنى الراوي استنتاجه عليها، ولا بد من درس الراوي في جميع مؤلفاته للتعرف إلى عاداته في التفكير والاستنتاج. أدركنا إمكانية التوصل إلى نقد الراوي من هذه الناحية وتقدير تدقيقه في
أن نلاحظ أمراً هو من الأهمية بمكان . ويكون على عكس ذلك في بعض أقواله الأخرى. وإذن فيجب على المؤرخ المدقق أن ينظر في كل خبر من أخبار الراوي على حدة فيطبق ما ورد من الأسئلة في أعلاه مراراً متعددة . ومنها أن ما نسميه أصلاً قد لا يخلو أحياناً من الاعتماد على سابق له، ومما نذكر من هذا القبيل أنه لما زار الجنرال اللنبي جامعة بيروت الأميركية عام ۱۹۱۹ أتى بمعيته أركان حربه. واتخذ موضوعاً له موقعة طول كرم الشهيرة. وما كاد يتبسط في أخبار هذه الموقعة، التي خاض غمارها بصفته قائداً عاماً للقوات البريطانية، حتى أخذ يستعين بأركان حربه الجالسين معه على المنبر، يحمل أكبر
وهو أولى من تؤخذ عنه أخبار فتوحاته، ولكنه على ذاك يعتمد على من كان يوجه إليهم الأوامر في تفاصيل روايته. فإذا كان هذا قد شاهد بعينه فشهادته أولية. وإلا فمن الواجب أن نتأثر الرواة الذين تسلسل عنهم هذا الخبر حتى نصل إلى الشاهد العيان وعندئذ نطبق ما مر بنا من الأسئلة للتثبت من العدالة والضبط . وهو أمر وعر المسلك لبعدنا في غالب الأحيان عن زمن الوقائع المروية، ولو تقيد المؤرخون بهذه القاعدة لوفروا على الخلف كثيراً من العناء. ولكفوا أنفسهم مؤونة سرد أخبار لا طائل تحتها. قال الإمام مالك بن أنس (۱۷۹ هـ) : « لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك - لا يؤخذ من سفيه ولا يؤخذ من صاحب هوى، يدعو الناس إلى هواه ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس، وقال إسحاق بن محمد الغروي سئل مالك أيؤخذ العلم ممن ليس له طلب ولا مجالسة ؟ فقال : لا . فقيل : أيؤخذ ممن هو صحيح ثقة غير أنه لا يحفظ ولا يفهم ما يحدث به ؟ فقال : لا يكتب العلم إلا عمن يحفظ ويكون قد طلب وجالس الناس وعمل ويكون معه
ورع. وقال إسماعيل بن أبي أويس وعرف : سمعت خالي مالكاً يقول : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. لقد أدركت سبعين ممن يقول قال رسول الله ﷺ عند هذه الأساطين فما أخذت عنهم شيئاً، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم عند بابه. وقال شعبة بن الحجاج : كان مالك أحد المميزين، ولقد سمعته يقول : ليس كل الناس يكتب عنهم وإن كان لهم فضل في أنفسهم، إنما هي أخبار رسول الله ﷺ فلا تؤخذ إلا من أهلها. وقال ابن كنانة قال مالك: من جعل التمييز رأس ماله عدم الخسران وكان على زيادة . ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس، تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه . فلا ثقة بقول من لا يخاف الله تعالى خوفاً وازعاً عن الكذب. وبالجملة كل ما يدل على ركاكة دينه إلى حد يجترئ على الكذب للأغراض الدنيوية. نحو أكل في الطريق، وصحبة الأرذال، لا يصبر عنه، ولو حمل على شهادة الزور لم يشهد أصلاً، ومما له علاقة بهذا الباب، ولا شك في أنه كما سمعه. إذ الكل مجمعون على أنه لا يحدث إلا بما حقق، ويخشى أن يكون مغتراً فيدخل في وعيد من حدث عنه بالكذب . وقد هاب السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم الحديث بما سمعوه من قلق فيه، ونزل دمشق ودرس الحديث في المدرسة الأشرفية. فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره. واستدركوا عليها، فرأينا نحن أن نقتطف من هذا المؤلف جميع ما ورد في معرفة
وتفصيله أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق، حافظاً إن حدث من حفظه، ضابطاً لكتابه أن حدث من كتابه. ونوضح هذه الجملة بمسائل . وتارة تثبت بالاستفاضة . وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ . ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم، والله أعلم . ولو من حيث المعنى لرواياتهم، والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطاً ثبتاً. على المذهب الصحيح المشهور، فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول : لم يفعل كذا، أو بتركه، وذلك شاق جداً. وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسراً، لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح. فلا بد من بيان سببه، لينظر فيما هو جرح أم لا . وهكذا فعل أبو داود السجستاني وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سبيه، وعقد الخطيب باباً في بعض أخبار من استفسر في جرحه فذكر مالا يصح جارحاً . منها عن شعبة أنه قيل له لم تركت حديث فلان فقال : رأيته يركض على برذون فتركت حديثه. وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب، ونحو ذلك، وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر. وجوابه أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح، بناء على أن ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف . فمنهم من قال : لا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادات. فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل : التعديل أولى. السادسة : لا يجزيء التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل. لم يكتف به فيما ذكره الخطيب الحافظ، وذلك لأنه قد يكون ثقة عنده، أو بالإجماع. السابعة : إذا روى العدل عن رجل، وسماه لم يجعل روايته عنه، تعديلاً منه له، وقال بعض أهل الحديث وبعض أصحاب الشافعي: يجعل ذلك تعديلاً منه له، وهو في غرضنا ههنا أقسام : أحدها : المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعاً، وروايته غير مقبولة عند الجماهير، وهو المستور. ولا نعرف عدالة باطنة. فهذا المجهول يحتج بروايته بعض من رد رواية الأول. وهو قول بعض الشافعين، قال : لأن أمر الإخبار مبني على حسن الظن بالراوي. ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن، فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظاهر . وتفارق الشهادة فإنها تكون عند الحكام، فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن. وتعذرت الخبرة الباطنة بهم، والثالث : المجهول العين. فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة . إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه، وكذلك خرج مسلم حديث قوم لاراو لهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن. وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج من كونه مجهولاً مردوداً، التاسعة: اختلفوا في قبول المبتدع الذي لا يكفر في بدعته، فمنهم من رد روايته مطلقاً،


النص الأصلي

وهنالك نقد داخلي سلبي يكشف الستار عن مآرب المؤلف وأهوائه ودرجة تدقيقه في الرواية، فيظهر لنا مقدار ما عنده من العدالة والضبط أو ما ينقصه منهما. والمؤرخ العربي في أشد الحاجة إلى مثل هذا النوع من النقد. ولا سيما، وأنه لا يزال في العالم العربي من يقول قول فنلون الإفرنسي ويحذو حذوه : فما كتب التاريخ في كل ما روت لقرائها إلا حديث مـلـفـق نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق على ما عرف من جمهور علماء الحديث وعلى ما أنتجه قرائح رجال الغرب في القرنين الأخيرين في هذا السبيل، حتى كاد بعضهم يحشر مسألة معالجة التاريخ من بعض نواحيه بين العلوم الثابتة، ولكن صاحبنا شاعر والشعراء يتبعهم الغاوون . ومن الغريب أن ما أورده شاعرنا في سبيل الهزء والسخرية في البيت الثاني، إنما هو قاعدة من القواعد التي يرتكز عليها علم التاريخ. وقد قال علماء التاريخ : شك المؤرخ رائد حكمته، وقالوا: الأصل في التأريخ الاتهام لا براءة الذمة .


ودليلهم في هذا مستمد من علم النفس، حيث يتهم رجاله حواس الإنسان، وأحكامه العقلية، وذاكرته، ويذهبون إلى أنه كثيراً ما يخدع فيخدع . ونظرة إلى ما يقوم به المشعوذون على المسارح لتضليل الجماهير تكفي لإقناع القارئ بما أقول. وخذ إذا شئت حصاة صغيرة وضعها في كفك . ثم ضع وسطى أصابع يدك الأخرى فوق السبابة وتناولها بها تشعر بأنها اثنتان، وما يصدق على اللمس يصح على الحواس الأخرى أحياناً.


وقد تنقل الحواس الخبر اليقين إلى الدماغ. ولكن العقل يسيء التفسير فيخطئ فهمها وتعليلها. ويضل في وهمه. ومما نذكر من هذا القبيل، أننا في أثناء التلمذة، جلسنا مرة نصغي إلى أستاذنا يلقي محاضرة علينا في هذه الناحية من علم النفس. وفي أثناء الكلام سمعنا ضجة قوية خارج الغرفة . ثم دخل فجأة علينا رجل مذعور ووراءه اثنان يلحقان به واحدهما يقول له : قف قف، وإلا قتلتك. وبيده مسدس صوبه إليه. فهرب الرجل الأول من باب آخر. وتبعه الرجلان الآخران. فقال لنا أستاذنا اكتبوا ما شاهدتهم من هذه الواقعة. فكتبنا ما ورد في أعلاه. وبعد أن اطلع على شهادتنا في الأمر ضحك. ثم استدعى صاحب المسدس وسأله أن يرينا مسدسه. ولشد ما كانت دهشتنا حين علمنا أن مسدسه لم يكن سوى ثمرة جافة من أثمار الموز. أرأيتم إلى حد يخدع العقل أحياناً في استناده إلى حواس هذا واذكروا إن الإنسان عرضة للنسيان. فقد تخونه الذاكرة أو يخلط بين حادثين. فيضيف وقائع حدثت أو وقعت في الواحد وينسبها إلى الآخر . وإذن فعلم النفس في هذا الباب، يفرض أن نحتاط فلا نخدع. وإذا ما ذكرنا في الوقت نفسه أن الراوي يقول أحياناً فيما لا يفهم، وأنه قد يقصد التحريض وإيقاد نار الفتنة، وقد يتعمد الكذب لغاية في النفس، إذا ما ذكرنا جميع هذه الأمور، قلنا


علماء التاريخ، شك المؤرخ رائد حكمته . مع


وينحصر شك المؤرخ في سلسلتين أساسيتين من الأسئلة التي لا بد من الإجابة عنها لإخراج الحقائق التارخية من سترة الريب إلى صحن اليقين والسلسلة الأولى تتعلق برأي الراوي في حقيقة ما يروي لأنه قد يموه الباطل ويزين الخطأ. فيترتب على المؤرخ،


والحالة هذه، أن يتساءل عن أمور عدة منها ما يأتي :


۱ - هل لراوي الرواية مصلحة فيما يروي؟ وهل هو يزين لنا الأمر ويحسنه فيعتمد الكذب ليسوقنا إلى استنتاج معين؟ فإذا ما خامرنا في كلامه شك، وخالجنا فيه ظن، تحرينا غرضه فيما يكتب. ومثل هذا يكثر في المخابرات السياسية الرسمية، ولا سيما فيما تنشره الحكومات عن بعض المشاكل فور ظهورها. فقد تصدق الوزارات فيما تنشر ولكنها لا تنشر كل الحقيقة. وليس على المؤرخ المستجد إلا أن يطلع على بعض ما نشره الأستاذ هارولد تمبرلي، من أبحاثه في تاريخ أوروبة المعاصر، ليتأكد من صحة ما نقول. وعليه أيضاً أن يتعهد بنظره الرواة الذين ينتمون إلى فئة معينة من الناس، أو يدينون بمذهب من المذاهب، أو يقولون قول حزب من الأحزاب، لعلهم يموهون أو ينمقون أو يكذبون .


٢ - هل خضع الراوي لظروف قاهرة أكرهته على التلفيق والنطق بالبطل؟ ومثل هذا يقع أحياناً في بعض المعاملات الرسمية، كأن تتطلب بعض الظروف الحكومية القانونية شروطاً لا تتوفر أحياناً بتمام دقائقها وحذافيرها. فيضطر منظم الضبط أن يقول باكتمالها في حين أنها لم تكتمل. فمن خطأ في تاريخ الاجتماع إلى تأخير في الساعة المعينة للجلسة إلى نقص في عدد الحاضرين وهلم جرا. وعلى الرغم من هذا ترى العامة والخاصة أحياناً تعزو الصدق إلى وثيقة من الوثائق الحكومية الرسمية لمجرد كونها رسمية. وإذن فيجدر بالمؤرخ المدقق أن يتردد في صحة هذا النوع من الوثائق الرسمية أن ينجلي الشك ويشرق نور اليقين .



  • هل شايع الراوي، أو قاوم، فئة معينة من الناس حتى اضطر ، عن قصد أو غير قصد، أن ينظر بعين الرضى إلى الفئة التي انتمى إليها فيناصرها على الأخرى؟ وهو أمر قديم العهد في مهنة التاريخ أشار إليه المؤرخون القدماء وعبروا عنه بالعبارتين اللاتينيتين :


‏Stodium in longum jacens, studium immane loquendi


ومعنى الأولى رغبة في الكلام لا تعرف الشبع » والثانية " بغض مزمن » نقول : عبر المؤرخون القدماء عن هذا الأمر بهاتين العبارتين وتبرأوا من الأخذ بهما منذ مئات السنين فيجدر بالمؤرخ المدقق أن يتبصر في الأمر من هذه الناحية ويدرس الراوي من حيث علاقاته


القومية والحزبية والمذهبية والفلسفية وما شاكل ذلك .


٤ - وهل الدفع الراوي بشيء من الغرور والكبرياء لينطق


بالباطل ويحيد عن الحق؟ وهل أقدم على ما يروي بداعي المفاخرة، أو المنافسة، أو ما شابه ذلك؟ لا بد من تفحص أخبار الراوي من هذه الناحية أيضاً قبل الاعتماد على روايته. وليذكر المؤرخ المستجد أن دوافع الغرور والكبرياء تختلف باختلاف الزمان والمكان، وأن بعض الناس قد يفاخر بما لا يفاخر به البعض الآخر . فالإفرنسيون اليوم ينكرون على أسلافهم قيامهم بمجزرة برتولوميو والملك الإفرنسي شارل التاسع زمنئذ كان يتبجح ويتباهى بأنه هو الذي نظم هذه المذابح . بيد أنه لا بد من الاعتراف أيضاً بنوع من التشرف والتبذخ والاعتزاز، لم يختلف على مدى العصور والأدهار، هو حب الجاه والظهور بمظهر المقدرة والنفوذ والعظمة. فيجدر بنا والحالة هذه، أن نصر على اتهام الراوي بمثل ما تقدم إلى أن نتيقن من براءة ذمته .


ه - وهل حاول الراوي أن يتودد إلى جمهور الناس أو أن يتملقهم أو يداريهم؟ فهنالك عقائد دينية وعادات اجتماعية وأمور أخرى، قلما يجرؤ على مخالفتها أو إهمالها فرد من الأفراد. وهذه مراسلاتنا الشخصية، فإنها قد تتضمن الشيء الكثير من عبارات التودد والإخلاص والمحبة لمجرد المجاملة والانقياد للعرف. وقد لا نجد، حتى بين أفراد العامة، من ينكر علينا هذا الأمر ولكننا ننسى أو نتناسى هذه الحقيقة الناصعة، عندما نرجع إلى بعض الأصول لتأييد رأي من الآراء. فنقول مثلاً بتواضع المقامات الإكليريكية العالية في العصور الوسطى، لأنهم لدى انتخابهم لتبوء عرش من العروش الكنيسية امتنعوا عن القبول بداعي العجز والتقصير وعدم الاستحقاق . نقول هذا القول وننسى في الوقت نفسه، أن العادة والعرف في العصور الوسطى قضيا بمثل هذا التواضع . وإذاً فلا بد من التردد والتبصر، مرة أخرى قبل الاعتماد على رواية الراوي في مثل هذه الظروف. فقد يكون مخلصاً فيما يقول ويفعل وقد لا يكون. وعلى كل فإنه يحسن بالمؤرخ المدقق أن يتعرف إلى الراوي ليتأكد من الجمهور الذي يخاطب . ويجدر به أن ينعم النظر في أحوال الجمهور المخاطب، ليقف على عرفهم


وعوائدهم .


٦ - ومما يترقبه المؤرخ المدقق ولا يغفله، طرفة عين، الأسلوب الأدبي في الرواية. وذلك لأن الأدب فن وكفن لا يتطلب صاحبه فيه الحقيقة كما هي بل كما يريدها أن تكون. ولذا فإن الأديب يتعمد مداعبة الألفاظ والتراكيب للتأثير في النفس. وقد يتطلب ذوقه الفني ما لا يتفق مع الحقيقة. فمن زيادة بسيطة هنا إلى تقديم أو تأخير هناك وما إلى ذلك من أساليب الفن مما يزعج المؤرخ العالم ويدفعه للتيقظ فيتعقب خطوات الراوي الأديب ويراقب حركاته وسكناته. ثم يسعى ما أمكنه للتعرف إلى أدب العصر الذي عاش فيه الراوي. فيطلع على بدائعه وروائعه لعله يقف على المثل العليا التي أثرت في أسلوب الراوي. فيسهل عليه عندئذ أن يتفهم الرواية ويقدرها حق قدرها .


ولا نرى بداً في هذه المناسبة من مصارحة المؤرخ المستجد بأن شكنا في عدل الراوي يتناسب أحياناً كثيرة مع تفوقه في الإبداع الفني الأدبي . فكلما ازداد الراوي إبداعاً في أسلوبه الأدبي ازددنا شكاً في عدله ، وقل اطمئناننا إليه . وما يصح عن النثر في هذا الباب أحياناً ينطبق كل الانطباق على الشعر في غالب الأحيان .


وهنالك سلسلة ثانية من الأسئلة العلمية يتذرع بها المؤرخ للتوصل إلى فهم الراوي وإدراك مقدار ضبطه. وهي كالسلسلة الأولى مما أجمع عليه المؤرخون المعاصرون، وأبدع في عرضه والتعبير عنه المؤرخ الإفرنسي الشهير الأستاذ شارل لانجلوا .


وإليك أهمها :


1 - هل كان الراوي يتمتع بحواس سليمة وعقل صحيح؟ أم كان عرضة للخطأ من هذا القبيل كما ابنا ذلك في القسم الأول من هذا الباب؟ فقد يشاهد الراوي ما يروي وينوي الصدق والإخلاص ولكن حواسه تخطئ في نقل الخبر إليه، أو عقله يتوهم غير


الواقع، أو ذاكرته تخونه من حيث لا يدري .


ومما له علاقة بالموضوع نفسه أهواء الراوي وأغراضه. فإنها قد تؤثر عليه من حيث لا يقصد فيظن أنه يروي الحقيقة ويكون بعيداً عنها. فيتذرع المؤرخ عندئذ ببعض الأسئلة التي أوردناها لإظهار العدالة. ويتمكن بها أحياناً كثيرة من اكتشاف أهواء الراوي وأغراضه .


بيد أنه لا بد من الإشارة بهذه المناسبة إلى طريقة السؤال والجواب في نقل بعض المعلومات التاريخية. فقد يستدعي شكل السؤال شكلاً خصوصياً للجواب مما يؤدي أحياناً إلى الضلال والتضليل. ولا سيما وإن السائل في بعض الأحيان يجهل ما يسأل عنه فيبتعد كل البعد عن الحقيقة التي ينشد .


٢ - هل تمتع الراوي بجميع شروط المشاهدة العلمية؟ وهي ما يلي : أولاً: أن يكون الراوي في مكان يتمكن فيه من مشاهدة الحوادث مشاهدة صحيحة. وثانياً: أن يكون الراوي في أثناء المشاهدة بعيداً عن الغرض. وثالثاً : أن يدون ما شاهده في أثناء وقوع الحوادث المروية ورابعاً : أن يوضح بجلاء تام طريقته في المشاهدة والتدوين. فقد يشاهد الراوي ما يروي، ولكنه يكون في مكان أو ظرف لم يتمكن فيه من التدقيق في النظر والسمع. وقد يشاهد ما يروي وينقصه الاستعداد الفني لفهمه. وقد يشاهد أيضاً، ولكنه يتأخر في التدوين فتخونه الذاكرة، وتؤثر عليه ظروف مستجدة، فلا ينقل إلينا الخبر اليقين. وإذاً فالذكريات» التي لا تدون عادة إلا بعد مرور الزمن هي في عرفنا من أضعف الروايات .



  • وهناك حقائق كان بإمكان الراوي أن يشاهدها ويفهمها لو كلف نفسه مؤونة البحث عنها. فقد يروي لنا تفاصيل لم يشاهدها . ولكنه تكاسلاً أو إهمالاً منه تخيلها أو استنتجها دون أن يتحققها بنفسه . ومثال ذلك يروي أحياناً عن تفاصيل حفلة دعي إليها الراوي، ولكنه لسبب ما لم يحضرها . فاكتفى بوقائع الحفلة وتخيل أو استنتج الباقي .


٤ - وهل روى الراوي ما لا تكتمل معرفته بمجرد المشاهدة الشخصية؟ فقد تتعلق روايته بحقيقة عامة تشمل عدداً كبيراً من النفوس، أو بلاداً واسعة من البلدان، مما لا يتيسر لفرد واحد من الناس أن يدقق فيها، وينقل إلينا الخبر اليقين عنها. فمن كلام إجمالي عن عادات قوم من الأقوام، إلى تعميم عن تطور عقيدة أو رأي في عصر من العصور، وما إلى ذلك من الإجمال في الكلام والتعميم في المعنى، مما يستلفت النظر ويوجب التبصر . فيترتب على المؤرخ في هذه الأحوال أن يذكر أن مثل هذا التعميم، إنما هو استنتاج في أساسه لا مشاهدة فينظر عندئذ في عدد الحقائق المفردة التي بنى الراوي استنتاجه عليها، ويلتفت بصورة خاصة إلى مقدرة الراوي في الاستنتاج. ولا بد من درس الراوي في جميع مؤلفاته للتعرف إلى عاداته في التفكير والاستنتاج. وإذا ما ذكرنا بهذه المناسبة أن العقل البشري يتأثر بالعادة في التفكير، أدركنا إمكانية التوصل إلى نقد الراوي من هذه الناحية وتقدير تدقيقه في


التفكير والاستنتاج .


ونريد، قبل الفراغ من بحث هذه المسألة، أن نلاحظ أمراً هو من الأهمية بمكان . ذلك أن أمر العدالة والضبط عند الراوي الواحد ليس جامعاً مانعاً كما يقول المناطقة . فلا يجوز مثلاً أن نثبت عدالة الطبري وضبطه، ثم نأخذ بجميع أقواله. إذ قد يجوز أن يكون عادلاً ضابطاً في بعض ما يقول، ويكون على عكس ذلك في بعض أقواله الأخرى. وإذن فيجب على المؤرخ المدقق أن ينظر في كل خبر من أخبار الراوي على حدة فيطبق ما ورد من الأسئلة في أعلاه مراراً متعددة .


وقد تضطرنا الظروف أحياناً إلى الاعتماد على المصادر الثانوية . وذلك لأسباب منها ضياع الأصول أو المصادر الأولية، ومنها أن ما نسميه أصلاً قد لا يخلو أحياناً من الاعتماد على سابق له، فتصبح الرواية فيه مزيجاً من شهادة أولية وشهادة ثانوية مأخوذة عن الغير . ومما نذكر من هذا القبيل أنه لما زار الجنرال اللنبي جامعة بيروت الأميركية عام ۱۹۱۹ أتى بمعيته أركان حربه. وبعد أن رحب به الدكتور هورد بلس رئيس الجامعة آنئذ قام الجنرال ليتكلم. واتخذ موضوعاً له موقعة طول كرم الشهيرة. وما كاد يتبسط في أخبار هذه الموقعة، التي خاض غمارها بصفته قائداً عاماً للقوات البريطانية، حتى أخذ يستعين بأركان حربه الجالسين معه على المنبر، فيقول للجنرال بولفين ألم تفعل كذا في الساحل؟ ويقول لغيره أليس


كذلك؟ فانظروا إلى رجل كان على رأس جيش فاتح، يحمل أكبر


مسؤولية في ساحة القتال، وهو أولى من تؤخذ عنه أخبار فتوحاته، ولكنه على ذاك يعتمد على من كان يوجه إليهم الأوامر في تفاصيل روايته. وإذا فرواية الجنرال اللنبي عن موقعة طول كرم هي مزيج من مشاهداته الشخصية ومشاهدات ثانوية أخذها عن أركان حربه . وهنا يجب على المؤرخ أن يوجه التفاته إلى الشاهد الذي أخذ عنه الخبر . فإذا كان هذا قد شاهد بعينه فشهادته أولية. وإلا فمن الواجب أن نتأثر الرواة الذين تسلسل عنهم هذا الخبر حتى نصل إلى الشاهد العيان وعندئذ نطبق ما مر بنا من الأسئلة للتثبت من العدالة والضبط . وهو أمر وعر المسلك لبعدنا في غالب الأحيان عن زمن الوقائع المروية، فنصبح تجاه أمر واقع وهو النظر في شهادة ليس لها راو معروف وشهادة مثل هذه هي في عرفنا قليلة القيمة. ولو تقيد المؤرخون بهذه القاعدة لوفروا على الخلف كثيراً من العناء. ولكفوا أنفسهم مؤونة سرد أخبار لا طائل تحتها. ولعل كثيراً من التاريخ لو غربل بهذا الغربال لما زاده عن عشرة .


ومما يذكر مع مزيد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب وإليك بعض ما جاء في مصنفاتهم نورده بحروفه وحذافيره تنويهاً بتدقيقهم العلمي واعترافاً بفضلهم على التاريخ .


قال الإمام مالك بن أنس (۱۷۹ هـ) : « لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك - لا يؤخذ من سفيه ولا يؤخذ من صاحب هوى، يدعو الناس إلى هواه ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس، وإن كان لا يتهم على أحاديث رسول الله ﷺ ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به. وقال إسحاق بن محمد الغروي سئل مالك أيؤخذ العلم ممن ليس له طلب ولا مجالسة ؟ فقال : لا . فقيل : أيؤخذ ممن هو صحيح ثقة غير أنه لا يحفظ ولا يفهم ما يحدث به ؟ فقال : لا يكتب العلم إلا عمن يحفظ ويكون قد طلب وجالس الناس وعمل ويكون معه


ورع. وقال إسماعيل بن أبي أويس وعرف : سمعت خالي مالكاً يقول : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. لقد أدركت سبعين ممن يقول قال رسول الله ﷺ عند هذه الأساطين فما أخذت عنهم شيئاً، وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان به أميناً، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم عند بابه. وقال شعبة بن الحجاج : كان مالك أحد المميزين، ولقد سمعته يقول : ليس كل الناس يكتب عنهم وإن كان لهم فضل في أنفسهم، إنما هي أخبار رسول الله ﷺ فلا تؤخذ إلا من أهلها. وقال ابن كنانة قال مالك: من جعل التمييز رأس ماله عدم الخسران وكان على زيادة .


وقال الإمام أبو الحسين مسلم (٢٦١هـ)، « واعلم ـ وفقك الله تعالى - أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات، وسقيمها وثقات الناقلين لها من المهتمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع وقال أيضاً : حدثني محمد بن عبد الله بن مهزاد من أهل مرو، قال: أخبرني علي بن حسين بن واقد قال قال عبد الله بن المبارك. قلت لسفيان الثوري : إن عباد بن كثير من تعرف حاله، وإذا حدث جاء بأمر عظيم فترى أن أقول للناس لا تأخذوا عنه؟ قال سفيان : بل قال عبد الله فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد اثنيت عليه في دينه، وأقول لا تأخذوا عنه . وحدثني محمد ابن أبي عتاب قال حدثني عفان عن محمد بن يحيى بن سعيد القطان عن أبيه قال لم نر في الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث . قال مسلم : يقول يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب. وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد قال : قال أيوب: أن لي جاراً ثم ذكر من فضله، ولو شهد عندي على تمرتين ما رأيت شهادته جائزة .


وقال حجه الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي ( ٥٠٥هـ ) : العدالة في الرواية والشهادة عبارة عن استقامة السيرة في الدين . ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس، تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه . فلا ثقة بقول من لا يخاف الله تعالى خوفاً وازعاً عن الكذب. ثم لا خلاف في أنه لا تشترط العصمة من جميع المعاصي. ولا يكفي أيضاً اجتناب الكبائر، بل من الصغائر ما يرد به كسرقة بصلة وتطفيف في حبة قصداً. وبالجملة كل ما يدل على ركاكة دينه إلى حد يجترئ على الكذب للأغراض الدنيوية. كيف وقد شرط في العدالة التوقي عن بعض المباحات القادحة في المروءة، نحو أكل في الطريق، والبول في الشارع، وصحبة الأرذال، والأفراط في المزاح. والضابط في ذلك، فيما جاوز محل الإجماع، أن يرد إلى اجتهاد الحاكم. فما دلّ عنده على جراءته على الكذب رد الشهادة به. وما لا فلا وهذا يختلف بالإضافة إلى المجتهدين وتفصيل ذلك من الفقه لا من الأصول، ورب شخص يعتاد الغيبة، ويعلم الحاكم أن ذلك له طبع، لا يصبر عنه، ولو حمل على شهادة الزور لم يشهد أصلاً، فقبوله شهادته بحكم اجتهاده جائز في حقه. ويختلف ذلك بعادات البلاد، واختلاف أحوال الناس في استعظام بعض الصغائر دون بعض ) .


ومما له علاقة بهذا الباب، وهو من أجود ما قرأنا كلام القاضي عياض بن عياض ( ٥٤٤هـ ) حيث يقول : " الذي ذهب إليه أهل التحقيق من مشايخ الحديث وأئمة الأصوليين والنظار أنه لا يجب أن يحدث المحدث إلا بما حفظه في قلبه أو قيده في كتابه وصانه في خزانته، فيكون صونه كصونه فيه في قلبه حتى لا يدخله ريب، ولا شك في أنه كما سمعه. وكذلك يأتي لو سمع كتاباً وغاب عنه ثم وجده أو عاره ورجع إليه، وحقق أنه بخطه أو الكتاب الذي سمع فيه بنفسه، ولم يرتب فيه حرف منه ولا في ضبط كلمة ولا وجد فيه تغيراً. فمتى كان بخلاف هذا، أو دخله لايب أو شك لم يجز له الحديث بذلك، إذ الكل مجمعون على أنه لا يحدث إلا بما حقق، وإذا ارتاب في شيء فقد حدث بما لم


يحقق أنه من قول النبي . ويخشى أن يكون مغتراً فيدخل في وعيد من حدث عنه بالكذب . وصار حديثه بالظن. والظن أكذب الحديث. وقد هاب السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم الحديث بما سمعوه من قلق فيه، وحفظوه عنه مخافة تجويز النسيان، والوهم والغلط على حفظهم. ولا تأثير في الشرع للتجويزات فكيف بما لا يحقق وبني على الظن وسلامة الظاهر ؟ ولهذا قال مالك - رحمه الله - فيمن يحدث من الكتاب ولا يحفظ حديثه أخاف أن يزاد في كتبه بالليل. وقد قال مثل هذا جماعة من أئمة الحديث وشدّدوا في الأخذ ه .


وقام في القرن السابع للهجرة الحافظ الفقيه ابن الصلاح الشهرزوري (٦٤٣هـ ) . ونزل دمشق ودرس الحديث في المدرسة الأشرفية. فاعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة وجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها ، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره. وعكف الناس عليه وساروا بسيره فنظموا أقواله واختصروها، واستدركوا عليها، واقتصروا وعارضوا وانتصروا . إلى أن قام في أيامنا العلامة الشيخ راغب الطباخ فعني بمصنف ابن الصلاح، ونشره نشراً دقيقاً وعمم فائدته .


فرأينا نحن أن نقتطف من هذا المؤلف جميع ما ورد في معرفة


من تقبل روايته ومن ترد. قال ابن الصلاح : اجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلاً ضابطاً لما يرويه . وتفصيله أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق، وخوارم المروءة، متيقظاً غير مغفل، حافظاً إن حدث من حفظه، ضابطاً لكتابه أن حدث من كتابه. وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالماً بما يحيل المعاني، والله أعلم :


ونوضح هذه الجملة بمسائل . الأولى : عدالة الراوي تارة تثبت بتنصيص المعدلين على عدالته، وتارة تثبت بالاستفاضة . فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل، أو نحوهم من أهل العلم، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة، استغني فيه بذلك عن بيئة شاهدة بعدالته تنصيصاً. وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي، وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه . وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ . ومثل ذلك بمالك وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك .... ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم، وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين، وتوسع ابن عبد البر الحافظ في هذا فقال : كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبداً على العدالة حتى يتبين جرحه لقوله : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله. وفيما قاله اتساع غير مرضي، والله أعلم . والثانية : ويعرف كون الراوي ضابطاً بأن نعتبر رواياته بروايات الثقاة المعروفين بالضبط والإتقان. فإن وجدنا رواياته موافقة، ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطاً ثبتاً. وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه، ولم نحتج بحديثه، والله أعلم.


الثالثة : التعديل مقبول من غير ذكر سببه، على المذهب الصحيح المشهور، لأن أسبابه كثيرة يصعب ذكرها، فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول : لم يفعل كذا، لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا؛ فيعدد جميع ما يفسق بفعله، أو بتركه، وذلك شاق جداً. وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسراً، مبين السبب، لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح. فيطلق أحدهم الجرح بناءً على أمر أعتقده جرحاً، وليس بجرح في نفس الأمر. فلا بد من بيان سببه، لينظر فيما هو جرح أم لا . وهذا ظاهر مقرر في الفقه؟ وأصوله. وذكر الخطيب الحافظ أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده، مثل البخاري ومسلم وغيرهما. ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما - وكإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم. واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم. وهكذا فعل أبو داود السجستاني وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سبيه، ومذاهب النقاد للرجال غامضه مختلفة. وعقد الخطيب باباً في بعض أخبار من استفسر في جرحه فذكر مالا يصح جارحاً . منها عن شعبة أنه قيل له لم تركت حديث فلان فقال : رأيته يركض على برذون فتركت حديثه. ومنها عن مسلم بن ابراهيم أنه سئل عن حديث الصالح المري، فقال : ما يصنع بصالح ذكروه يوماً عند حماد بن سلمة فامتخط حماد، والله أعلم. قلت: ولقائل أن يقول : إنما يعتمد الناس في جرح الرواة، ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح، أو في الجرح والتعديل. وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب، بل يقتصرون على مجرد قولهم : فلان ضعيف، وفلان ليس بشيء، ونحو ذلك، أو هذا حديث ضعيف، وهذا حديث غير ثابت، ونحو ذلك . فاشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك، وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر. وجوابه أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح، والحكم به قد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك، بناء على أن ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف . ثم من انزاحت عنه الريبة فلم يبحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثه، ولم نتوقف كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم. فافهم ذلك فإنه مخلص حسن، والله أعلم .


الرابعة : اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لا بد من اثنين. فمنهم من قال : لا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادات. ومنهم من قال : وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره، أنه يثبت بواحد لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر، فلم يشترط في جرح رواية وتعديله بخلاف الشهادات، والله أعلم .


المته الخامسة : إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل؛ فالجرح مقدم لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل ؛ فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل : التعديل أولى. والصحيح الذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه، والله أعلم .


السادسة : لا يجزيء التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل. فإذا قال : حدثني الثقة أو نحو ذلك مقتصراً عليه، لم يكتف به فيما ذكره الخطيب الحافظ، والصيرفي الفقيه وغيرهما، خلافاً لمن اكتفى بذلك، وذلك لأنه قد يكون ثقة عنده، وغيره قد اطلع على جرحه بما هو جارح عنده، أو بالإجماع. فيحتاج إلى أن يسميه حتى يعرف .


السابعة : إذا روى العدل عن رجل، وسماه لم يجعل روايته عنه، تعديلاً منه له، عند أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم . وقال بعض أهل الحديث وبعض أصحاب الشافعي: يجعل ذلك تعديلاً منه له، لأنه يتضمن التعديل والصحيح هو الأول لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل فلم يتضمن روايته عنه تعديله .


الثامنة في رواية المجهول. وهو في غرضنا ههنا أقسام : أحدها : المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعاً، وروايته غير مقبولة عند الجماهير، على ما نبهنا عليه أولاً. والثاني : المجهول الذي جهلت عدالته الباطنة. وهو عدل في الظاهر، وهو المستور. فقد قال بعض أئمتنا المستور من يكون عدلاً في


الظاهر، ولا نعرف عدالة باطنة. فهذا المجهول يحتج بروايته بعض من رد رواية الأول. وهو قول بعض الشافعين، و به قطع منهم الإمام سليم بن أيوب الرازي . قال : لأن أمر الإخبار مبني على حسن الظن بالراوي. ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن، فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظاهر . وتفارق الشهادة فإنها تكون عند الحكام، ولا يعتذر عليهم ذلك . فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن. قلت: ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة، في غير واحد من الرواة الذين تقادم العهد بهم، وتعذرت الخبرة الباطنة بهم، والله أعلم. والثالث : المجهول العين. وقد يقبل رواية المجهول العدالة من لا يقبل رواية المجهول العين ومن روى عنه عدلان، وعيناه، فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة . ذكر أبو بكر الخطيب البغدادي في أجوبة مسائل سئل عنها: أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه العلماء، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد. وقل ما يرتفع به الجهالة : أن يروي عن الرجل اثنان من المشهورين بالعلم، إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه، قلت : قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس الأسلمي، لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم. وكذلك خرج مسلم حديث قوم لاراو لهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن. وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج من كونه مجهولاً مردوداً، برواية واحد عنه. والخلاف في ذلك متجه في التعديل نحو اتجاه الخلاف المعروف في الاكتفاء بواحد في التعديل على ما قدمناه، والله أعلم .


التاسعة: اختلفوا في قبول المبتدع الذي لا يكفر في بدعته، فمنهم من رد روايته مطلقاً، لأنه فاسق ببدعته. وكما استوى في الكفر المناول. وغير المتاول يستوي في الفسق المتاول وغير المناول. ومنهم من قبل رواية المبتدع، إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، أو لأهل مذهبه، سواء كان داعية إلى بدعته، أو لم يكن. وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله : أقبل شهادة أهل الأهواء، إلا الخطابية من الرافضة، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. وقال قوم: تقبل روايته إذا لم يكن داعية، ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعته. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي - رضي الله عنه ـ خلافاً بين أصحابه في قبول رواية المبتدع، إذا لم يدع إلى بدعته. وقال : أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته، وقال أبو حاتم بن حيان البستي، أحد المصنفين من أئمة الحديث : الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافاً. وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها. والأول بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث . فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة، غير الدعاة. وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول، والله أعلم.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

ومن الواجب أن ن...

ومن الواجب أن نفصل بين المتنبي والفلسفة مرة أخرى ؛ فقد غلا بعض النقاد المحدثين ، وذهب إلى أنه كان في...

منذ عقود، كان س...

منذ عقود، كان سوق العمل في الصين يتميز بالعمالة الرخيصة والعمل الدؤوب، مما جعل المنظمات المحلية واأل...

تسعى كثيرٌ من ا...

تسعى كثيرٌ من الأمم والحضارات الى السّمو بقيمها ومثلها من خلال تطبيق منظومة أخلاقيّة تقوم على أساس ت...

Critical Analys...

Critical Analysis "The Open Window" by H.H. Munro, also known as Saki, is a short story that delves ...

يُعتبرُ التسوّق...

يُعتبرُ التسوّق عبر الإنترنت من أكثر الطُّرق الحديثة تأثيراً على قطاع التّجارة العالميّة؛ إذ ساهم في...

المتاللييين فيي...

المتاللييين فييي ميييادين عييدة كالفلسييفة وعلييم الاجتميياع والتربيييية حييييث تعتبييير القييييم مي...

Ce type de corr...

Ce type de corrosion, appelé aussi bio-corrosion, rassemble tous les phénomènes de corrosion dans l...

INTRODUCTION TO...

INTRODUCTION TO HEAT EXCHANGERS عن المبادلات الحرارية 1-1-2- مقدمة 1- مفهوم المبادلات الحرارية هي ...

Ethical guideli...

Ethical guidelines of the American mathematical Association Society The American Mathematical Soci...

في 22 أكتوبر 20...

في 22 أكتوبر 2013، تم تشغيل المرحلة الأولى من المجمع بقدرة 13 ميجاوات. وتستخدم المحطة أكثر من 152 أل...

أسماء الاستفهام...

أسماء الاستفهام كل الكلمات التي تستعمل في الاستفهام أسماء، فيما عدا كلمتين، هما: هل والهمزة، فهما ح...

Excessive risk-...

Excessive risk-taking in a favourable macroeconomic environment In the years leading up to the GFC, ...