لخّصلي

لقد كانت دراسة تطور خطابات إدارة الموظفين مسألة محل اهتمام العديد من المؤلفين. على سبيل المثال، أشار بارلي وكوندا (1992) إلى أن تاريخ الفكر الإداري الأمريكي يبدو أقل تقدمًا من المصارعة المستمرة مع الموضوعات غير المحددة. ووفقا لهم، يمكن تجميع الخطابات الإدارية في مجموعتين متناقضتين من حيث الموضوع: خطاب السيطرة العقلانية وخطاب السيطرة المعيارية. يجادل الأول بأن الأساليب والأنظمة المفصلة يمكنها تحسين عمليات العمل. وقد أيد الأخير فكرة أنه يمكن تحسين الإنتاجية من خلال تشكيل هوية الموظفين وعواطفهم ومواقفهم. هذه الموجات من الخطاب الإداري توازي دورات التوسع الاقتصادي، مما يدل على أن الأداء الاقتصادي للدول يؤثر على الممارسات الإدارية المعتمدة. حدد أبراهامسون (1997) أطروحتين لشرح ظهور وانتشار خطابات إدارة العمل. وتشير فرضية البندول إلى أن الخطاب العقلاني يرتبط بالارتفاعات في موجات طويلة من أنشطة الاقتصاد الكلي، والخطاب المعياري بالانحدارات. ومن منظور مختلف، تنص أطروحة فجوة الأداء على أن الأيديولوجيات الإدارية تتقلب استجابة لانتشار فجوات الكفاءة في المنظمات. على أية حال، فقد تم استخدام الثنائيات الثقافية بشكل متكرر من قبل العلماء لشرح انتشار أفكار إدارة الموارد البشرية. بالإضافة إلى الخطاب الثنائي القطب للسيطرة العقلانية والمعيارية، نشأ خلال الثمانينيات توتر بين النهج الناعم والصلب لإدارة الموارد البشرية. تم الترويج للرؤية الناعمة من قبل مدرسة هارفارد، التي كانت مهتمة بالتأثير على إدارة الموارد البشرية لأصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين. رأى هذا النهج أن إدارة الناس عبارة عن تفاوض تعددي بين المصالح (Beer et al. 1984). وشددت النظرة الصارمة لإدارة الموارد البشرية، التي نشرتها مدرسة ميشيغان، على أهمية التوافق الاستراتيجي وإدارة الأداء (Fombrun et al. 1984). وفي خط مماثل، ميز جودرهام ونوردهاج ورينغدال (1999) بين ممارسات الإدارة الحسابية، التي تهدف إلى الاستخدام الفعال للموارد البشرية، والممارسات التعاونية، التي تهدف إلى تعزيز أهداف كل من الموظفين وأصحاب العمل. شهدت التسعينيات أيضًا معارضة ثنائية نظرية بين وجهات النظر العالمية والطارئة. تركزت النظرة العالمية على فكرة أن هناك ممارسات عامة لإدارة الموارد البشرية تكون فعالة بغض النظر عن السياق. ومع ذلك فإن جمهور العلماء اتبعوا وجهة النظر الطارئة. اعتبرت مناهج الطوارئ أن السياق عامل مهم يتوسط العلاقة بين إدارة الموارد البشرية والأداء. وتوسط هذه الرؤى المنظرون التكوينيون

اشتقت تكوينات متسقة داخليا لممارسات الموارد البشرية (الملاءمة الأفقية)، وربط أنظمة التوظيف هذه بالاستراتيجية. وفي الوقت نفسه، من خلال منظور تكاملي، رأى رودريغيز رويز ومارتينيز لوسيو (2010) ظهور تناقض خطابي من حيث النهج الأمريكية / الصعبة / الشاملة / الأقل توجها نحو العلاقات الصناعية من ناحية ومنظور العلاقات الصناعية الأوروبية / الناعمة / التكوينية / الأكثر من ناحية أخرى. أثبتت كل هذه الرؤى أن المجتمعات تنظم الفكر الاجتماعي في أنماط الأضداد (مايبري لويس وألماغور 1989)، وقد تلعب هذه الثنائيات دورا هاما في تطور الخطاب الإداري.

2.2. تأهير أيديولوجيات إدارة الموارد البشرية في إسبانيا

حددت أعمال بارلي وكوندا (1992) وأبراهاهسون (1997) خمس عصور في الأيديولوجية الإدارية الأمريكية: التحسين الصناعي؛ والإدارة العلمية؛ والعلاقات الإنسانية؛ وعقلانية النظم؛ والثقافة التنظيمية. من الواضح أنه لا يمكن تمديد هذه المراحل دون مشاكل لتشمل أنظمة الأعمال في الدول الأخرى. تم تحليل تطور النموذج الإسباني للإدارة من قبل Guille ́n (1994). وفقا لنهجه، تتكيف هذه الورقة وتوسع الموجات المختلفة في ظهور خطابات أصحاب العمل إلى مجال إدارة الموارد البشرية. من خلال القيام بذلك، يتم تحديد أربع مراحل في تطوير فكر إدارة الموارد البشرية: أيديولوجيات السيطرة العقلانية (1939-1953)؛ أيديولوجيات الرقابة المعيارية (1953-1973)؛ المنافسة بين النهج الصلبة واللينة لإدارة الموارد البشرية (1973-1980)؛ والخطاب العقلاني الجديد لممارسات العمل عالية الأداء (الثمانينيات وما بعدها). أدناه، أشرح الخصائص الرئيسية لهذه المراحل، وتحليل سياق الفترة، وتطوير أيديولوجية إدارة الموظفين وممارسة إدارة الموارد البشرية.

. أيديولوجيات السيطرة العقلانية في إسبانيا ما بعد الحرب (1939-1952)

3.1. أصول

خلال الثلث الأول من القرن العشرين، كانت الاضطرابات العمالية واحدة من الاهتمامات الرئيسية للمديرين الإسبان (Guille'n 1994). منذ منتصف القرن العشرين، كان الافتقار إلى التعاون ودوران الدوران من المشاكل المتوطنة. من أجل الحد من المستويات العالية من الصراع الصناعي، عززت الديكتاتورية العسكرية بقيادة ميغيل بريمو دي ريفيرا (1923-1930) استراتيجية "الجزرة والعصا" وأنشأت إطارا مؤسسيا للشركات لإدارة العلاقات الصناعية التي كان مكونها المركزي هو اللجان المشتركة (باريتاريوس الكوميت) (برات ومولينا 2011). ظل هذا النظام المؤسسي قائما، مع تغييرات طفيفة، خلال الجمهورية الثانية. في العقود الثلاثة الأولى من القرن، كان لدى عدد قليل من الشركات إدارات شؤون الموظفين. بالمعنى الدقيق للكلمة، لم يطوروا أنشطة رسمية للموارد البشرية. ما يدل على هذا الوضع هو حقيقة أن عمليات التوظيف تأثرت في كثير من الأحيان بالمحسوبية (مين ̃ana 1924). اعتبر التعامل مع الموظفين جانبا عرضيا من جوانب الإدارة وكان هناك "انتقائية في الأساليب" (Guille ́n 1994, 152)، والتي تضمنت الإدارة العلمية والتوجيه المهني وعلم النفس الصناعي.

3.2 خطاب السيطرة العقلانية

3.2.1. سياق

بعد الحرب الأهلية، فرض نظام فرانكو نموذجا اقتصاديا استبتاركيا يعتمد على تصنيع البلاد. سعت هذه السياسة، المتأثرة بألمانيا النازية والفاشية الإيطالية، إلى خفض كبير في الواردات (Biescas 1989).
أدى الضيق الاقتصادي الشديد الناجم عن الصراع إلى دكتاتورية الجنرال فرانكو إلى "تنفيذ الإدارة العلمية ودعمها أيديولوجيا" (Guille'n 1994، 152). كانت العديد من المؤسسات العامة ضرورية في نشر وتنفيذ مبادئ تايلور. إحدى هذه المؤسسات هي المعهد الوطني للصناعة (Instituto Nacional de Industria، INI)، الذي تم إنشاؤه في عام 1941 على غرار نموذج المعهد الإيطالي لإعادة البناء الصناعي (IRI). تولت INI القيادة في البحث عن الفعالية ووفورات الحجم والمركزية التقنية. في عام 1946، تم إنشاء المعهد الوطني لترشيد العمل (Instituto Nacional de Racionalizacio ́n en el Trabajo، INRT) بهدف تعزيز التوحيد القياسي وعلم النفس الصناعي. بعد سنوات، في عام 1952، تم افتتاح اللجنة الوطنية للإنتاجية الصناعية (Comisio'n Nacional de Productividad، CNPI) مهمتها تطوير آليات التدريب والدعم لتقنيات الإدارة العلمية. خلال هذه الفترة، كان تنظيم العمل استبداديا وتدخليا. تم حظر الأحزاب السياسية والنقابات العمالية وجمعيات أرباب العمل وكانت الإضرابات غير قانونية منذ عام 1936. كانت لوائح العمل (Ordenanzas laborales) هي الجزء الرئيسي من نظام العلاقات الصناعية. استكملت المجموعة الداخلية من القواعد لكل شركة (Reglamento de re'gimen interior) القواعد التي تحكم جميع الحالات التي حدثت داخل الشركة.

فكر إدارة الموارد البشرية

وفقا لبابيانو (1993، 1998) حددت الخطابات الإدارية برنامجا حقيقيا لإدارة القوى العاملة خلال الأربعينيات. برزت الأبوية والعسكرة كنهج أساسي لتأكيد هيمنة أيديولوجية تايلور للسيطرة العقلانية. أبقى وجود ضباط الجيش في الشركات العامة والخاصة الاضطرابات العمالية تحت السيطرة. سيطر على وظيفة الموظفين "القيادة الاستبدادية العسكرية" التي نفذها "قادة الصناعة" (Puchol 1997، 25). على سبيل المثال، جاء المديرون الأوائل لشركة سيات لصناعة السيارات من الجيش. حدثت الحياة الصناعية في بيئة هرمية، وكما ذكر أعلاه، تم حظر حقوق الإضراب والنقابات صراحة. يمثل هذا نموذجا صعبا لإدارة الموارد البشرية يعتمد على قمع القوى العاملة. خلال هذه السنوات، اتبع خطاب أصحاب العمل نهجا عالميا، يدعم الرؤية القائلة بأن إدارة القوى العاملة لا يمكن أن تكون علمية إلا إذا كانت مدعومة بمبادئ المعايير. وبالتالي، كان ينظر إلى تقسيم العمل على أنه عقيدة تسببت في كثير من الأحيان في مشاكل فنية وعدم كفاءة.

ممارسة إدارة الموارد البشرية

بشكل عام، نشأ التماثل القسري من مؤسسات مثل الدولة التي أثارت اعتماد ممارسات تنظيمية جديدة. تم تنفيذ تايلور في جزء مهم ولكنه محدود من الطيف الصناعي، يضم شركات الإنتاج الضخم الصناعية والبنوك وشركات النقل (هيرانز 1991). قدم هيكل هذه الشركات، القائم على السلطة الهرمية، تعريفات دقيقة للوظائف المختلفة لأداء مهام بسيطة نسبيا. وبهذه الطريقة، سهلت البيروقراطية المتزايدة اعتماد نظام سعر القطعة، وأدوات التوقيت وخفض التكاليف من قبل شركات مثل ماركوني وهيسبانو أوليفيتي. قامت بعض الشركات، مثل بيغاسو وجون ديري وباريروس ديزل، بتعيين موظفين متخصصين في الإدارة العلمية لإدارات شؤون الموظفين الخاصة بهم. على الرغم من أن تقنيات مثل دراسات الوقت والحركة أدت إلى تكثيف غير عادي للعمل، إلا أن الأشكال الجديدة لتنظيم العمل كانت مختلة في العديد من الجوانب. وبالمثل، تم إهمال مشكلة القوى العاملة ذات المهارات المنخفضة، مما يجعل من الضروري استخدام تقنيات صارمة للغاية.

خلال هذه الفترة، كان مدير الموارد البشرية عادة ضابطا في الجيش كان مسؤولا عن الانضباط وكشوف المرتبات والضرائب والتأمين الاجتماعي في العمليات اليومية للشركة. كان التوظيف وحفظ السجلات أيضا جزءا من وظائفه. كان ينظر إلى الموظفين في كثير من الأحيان على أنهم سلعة في عملية الإنتاج، وكان الترويج يستند إلى الأقدمية والولاء للإدارة. كان مدير شؤون الموظفين عادة تحت ولاية الإدارة المالية أو الإدارية أو الإنتاجية. منخفض في التسلسل الهرمي للإدارة، تم تصوره على أنه نوع من الوسطاء وغالبا ما كان لديه خلفية في القانون.

نتيجة لهذه الديناميكية، انتهى الأمر برئيس الموارد البشرية إلى التصرف ك "حارس بريتوري" للإدارة، وقمع الاحتجاج العمالي واتخاذ قرارات أبوية حول الترقيات والرواتب والحوافز. تم إهمال الصراع التقليدي بين العمل ورأس المال من قبل رأسمالية مخططة ومكتوبة، بهدف الحفاظ على الانسجام الواضح ولكن القسري.

بشكل عام، يمكن القول أنه حتى منتصف الخمسينيات، لم يكن سوى عدد قليل من الناس مهتمين بمشاكل الموظفين على مستوى أعمق. كان هناك عدد من الشركات التي لديها إدارات لإدارة التوظيف، ولكن رؤساء الموظفين لم يكن لديهم المعرفة والخبرة للقيام بمسؤولياتهم بشكل صحيح (غاركيا رييس 2005). ومع ذلك، في نهاية هذه الفترة، تصبح المراحل الأولى من التدريب المتخصص مرئية. وهكذا، بدأ العمل الاجتماعي الريادي (Acci'n Social Espan ̃ola، ASE)، وهي منظمة كاثوليكية لصاحب العمل، في إدارة دورات حول الرواتب والتوظيف وتقييم الأداء. استكملت هذه المبادرات عمل مدارس العمل الاجتماعي (Escuelas de Trabajo Social)، التي ركزت على الأبعاد الإدارية والقانونية لإدارة الناس.

حصل العامل "البشري" للمؤسسة على درجة معينة من الاهتمام خلال تحرير الاقتصاد الإسباني في نهاية الخمسينيات. كان الوضع الاقتصادي الرهيب في الفترة 1958-1959، الذي تميز بتزايد التضخم وارتفاع العجز الخارجي، يعني نهاية النموذج الأوتارشي للتنمية. تم تصميم التحول نحو الرأسمالية الليبرالية من قبل الخزانات التكنوقراطية التي يسيطر عليها أوبوس داي السري. دخلت البلاد دورة التنمية القائمة على صعود السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر. كانت خطة الاستقرار الاقتصادي لعام 1959 خطوة حاسمة لمرونة العلاقات الصناعية. كان انضمام إسبانيا إلى منظمة العمل الدولية في عام 1951 حدثا حاسما، استتبع التزام النظام الديكتاتوري بإدخال نوع من المفاوضة الجماعية التي تقودها الدولة. أدى إقرار قانون الاتفاق الجماعي (Ley de Convenios Colectivos) في عام 1958 إلى إنشاء لجان مشتركة بين العمال والإدارة. من تلك النقطة فصاعدا، أصبحت الاتفاقات الجماعية التي تفاوضت عليها النقابات الرسمية المنظم الرئيسي لظروف العمل (هيرانز 1991، 179)، على الرغم من أن النظام القمعي ظل قائما. كما يشير دوبين (2002)، حاول النظام الاستبدادي

السيطرة على العمل من خلال تعزيز النقابات التي ترعاها الدولة وإنشاء هياكل الشركات للتمثيل الزائف والمساومة.

من الناحية السياسية، استلزمت الاتفاقيات الموقعة مع الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1953 تبادل المساعدة الاقتصادية والتقنية للتعاون العسكري. كان هذا التعاون ضروريا لظهور شبكة تنظيم المشاريع الموجهة نحو الولايات المتحدة التي عززت تحديث إدارة الأعمال الإسبانية (Puig and Ferna ́ndez 2003).

فكر إدارة الموارد البشرية

سمح تطور النظام السياسي ببعض المناقشات في الدراسات الإدارية واستيراد المعرفة من الخارج، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية (Ferna ́ndez- Rodr ́ıguez and Gantman 2011). وبالتالي، تم تلقي تقنيات العلاقات الإنسانية كنوع من "القرض الثقافي" (كاستيلو 1963). أعرب أحد أوائل الكتب المدرسية لكلية إدارة شؤون الموظفين في ذلك الوقت عن الحاجة إلى دراسة متوازنة "لمشكلة العلاقات الإنسانية بأكملها في المؤسسة" (Cun ̃at 1958, 10). خلال هذا الوقت، زارت مجموعات من كبار المديرين وموظفي الخدمة المدنية والعلماء الإسبان الولايات المتحدة الأمريكية بهدف التعرف على نماذج الإدارة الجديدة. كانت فكرة أمريكا كنقطة مرجعية أساسية لأصول إدارة الموارد البشرية والتفكير الإداري الجديد في إسبانيا.

تم الترحيب بمفهوم العلاقات الإنسانية بحرارة في المجموعات الكاثوليكية الاجتماعية وبين الشخصيات ذات الصلة من الفكر الليبرالي، مثل Ortega y Gasset (Guille'n 1996). كقوة مقابلة للرؤية العسكرية للعمل، كان الصناعيون الكاثوليك المحافظون يميلون إلى اتباع ممارسات الشركات التي يمكن أن تتجنب الصراعات المفتوحة بين أصحاب العمل والعمال (مورينو وساراسا 1992). ظهر برنامج غريب لإدارة القوى العاملة كمزيج من الإنسانية المسيحية وأيديولوجية العلاقات الإنسانية. وهكذا، أصبحت الشركات الكاثوليكية مساهمة إسبانية أصلية في الفكر الإداري. خلال هذه المرحلة، تم دعم إدارة الموارد البشرية من خلال أيديولوجيات الرقابة المعيارية. كان للأفكار الإنسانية لمايو وبارنارد حول التعاون مع الموظفين تأثير كبير في مجال العلاقات الصناعية (غارسيا رويز 2003). عززت النخب التكنوقراطية والإدارية والدينية خطابيا ما أسمته كلية هارفارد فيما بعد النظرة الناعمة أو الإنسانية لإدارة الموارد البشرية (بير وآخرون. عام 1984). ومع ذلك، كانت هناك مفارقة واضحة لخطاب العلاقات الإنسانية في سياق ديكتاتورية بدون نقابية حرة ومستقلة. كان النهج الإنساني أيضا وهما، بالنظر إلى أن إدخال الممارسات التعاونية في إدارة الموارد البشرية يعتمد بشكل كبير على إدارات شؤون الموظفين التي لديها درجة معينة من الوكالة (غودرهام ونوردهاوغ وريندال 1999).

بذلت الجهود الأولى لتدريب رؤساء الموارد البشرية في أواخر الخمسينيات. ألقت CNPI أولويات مبادراتها التدريبية في الإدارة العلمية وقدمت دورة لمديري الشركات المتخصصة في العلاقات الإنسانية. تم تطبيق هذه الدورة التدريبية، المستوحاة من برامج التدريب داخل الصناعة وتبسيط العمل التي طورها الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، في SEAT، والشركة المصنعة للطائرات CASA، وBanco Popular، وBanco de Vizcaya. في عام 1957، صممت ASE دورة للسكرتاريات الاجتماعية وقدمت حلقات دراسية حول المقابلات المتعمقة واستقصاءات مناخ العمل وصناديق الاقتراحات وغيرها من التقنيات.

خلال الستينيات، أصبح الانقسام بين أقسام الاقتصاد في الجامعات العامة وكليات إدارة الأعمال الخاصة نموذجا أوليا في مجال المعرفة الإدارية الإسبانية (Ferna ́ndez-Rodr ́guez and Gantman 2011). تم تلبية الطلب على تدريب المديرين التنفيذيين للموارد البشرية في وقت واحد من قبل أقسام الاقتصاد وعلم النفس من جهة، وكليات الأعمال على الطراز الأمريكي، من ناحية أخرى. إنشاء كلية علم النفس والتكنولوجيا النفسية (Escuela de Psicolog ́ıa y Psicotecnia) في الجامعة

ساعدت مدريد، وبعد ذلك في جامعة برشلونة، في إنشاء نهج أكثر علمية لتدريب الموارد البشرية، مما منح وضع العبادة للاختبار النفسي. في نهاية الستينيات، قدمت معظم إدارات الاقتصاد مواضيع تتعلق بوظيفة الموظفين، مثل العلاقات الإنسانية، والعوامل البشرية في الإنتاجية والعلاقات الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مجموعة من الأدلة التي تهدف بوضوح إلى المجال المهني. من بينها، كانت كتب كون ̃at (1958) ولوكاس أورتويتا (1960) منتشرة على نطاق واسع.

فشلت الجامعات العامة في توفير التعليم المناسب على مستوى الدراسات العليا (Ferna ́ndez-Rodr ́ıguez and Gantman 2011). احتلت هذه المساحة كليات إدارة الأعمال الخاصة. كانت أول كلية إدارة أعمال هي مدرسة Escuela de Organizacio ́n Industrial (EOI). تم إنشاؤها في عام 1955 من قبل وزارة الصناعة، وكانت لاعبا مهما في تنفيذ دورات العلاقات الإنسانية. في عام 1968، قدمت برنامجها لتحسين الموظفين (Programa para el perfeccionamiento de personal). قدمت EOI مساهمة رئيسية في عملية أمركة الفكر الإداري، واستقبلت بانتظام زوارا من المؤسسات الأمريكية وقدمت منحا دراسية للمحاضرين الإسبان لتلقي التدريب في الجامعات الأمريكية. كما كانت المدارس التي تسيطر عليها الكنيسة الكاثوليكية بمثابة وسائل لنشر اتجاهات إدارة الموارد البشرية الجديدة. درس عدد كبير من كبار المديرين في مؤسسات مثل معهد الدراسات العليا (IESE)، والمعهد الكاتوني للإدارة الإدارية
‏(ICADE) والمدرسة العليا لإدارة الأعمال والإدارة (ESADE). أسست هذه المؤسسة الأخيرة معهد تدريب مديري شؤون الموظفين في عام 1960. في عام 1966، أطلقت ICADE أيضا دورة دراسات عليا في إدارة شؤون الموظفين. تكشف هذه الشبكة من التدريب التنفيذي عن التأثير القوي للإنسانية الكاثوليكية الاجتماعية على التنمية الإسبانية. كافحت بعض المجموعات التي لديها صلات ممتازة مع عالم الأعمال، مثل أوبوس داي أو الاتحاد الصناعي مجموعة موندراغو التعاونية، لتنفيذ جدول أعمال الموارد البشرية مع وجهة نظر خاصة جدا للعدالة الاجتماعية.

خلال هذه الفترة، لعب ظهور جمعيات المديرين المحترفين دورا هاما في تطوير الفكر الإداري. على وجه التحديد، في عام 1956، أسس 10 مديرين تنفيذيين مؤثرين مشبعين بفلسفة حركة العلاقات الإنسانية جمعية تقدم الإدارة (رابطة تقدم المديرية، APD). تهدف هذه المؤسسة، المستوحاة من جمعية الإدارة الأمريكية، إلى إضفاء الطابع المهني على إدارة الأعمال وتسهيل تبادل المعرفة والخبرات بين المديرين. في عام 1965، نشأت الجمعية الإسبانية لإدارة وتنمية الناس (Asociacio ́ n Espan ̃ ola de Direccio ́ n y Desarrolllo de Personas, AEDIPE) كمنظمة محددة لمديري الموارد البشرية. كان الأمر حاسما في إضفاء الشرعية على هؤلاء المهنيين، وتزويدهم بهوية مشتركة، ومجموعة من المعرفة والقواعد المقبولة (فارنديل وبروستر 2005). ظهرت AEDIPE في نفس الوقت مع جمعيات إدارة شؤون الموظفين المماثلة في البلدان الأوروبية الأخرى مثل البرتغال (1964) وهولندا (1965) والنرويج (1967). صممت على غرار الرابطة الأوروبية لإدارة شؤون الموظفين (EAPM)، حيث أنشأت مكاتب في المناطق الثلاث الأكثر تصنيعا في البلاد: مدريد وكاتالونيا وإقليم الباسك (كارتر وآخرون. 2006). ممارسة إدارة الموارد البشرية

كانت الآلية المؤسسية لنشر سياسات إدارة الموارد البشرية الجديدة هي التماثل المعياري. على وجه التحديد، أنشأ التدريب الرسمي والمهني مجموعة من القواعد المشتركة التي دفعت المنظمات إلى اعتماد ابتكارات محدودة. بدأت الشركات في القيام بممارسات الموظفين المختلفة بطريقة أكثر عقلانية. على سبيل المثال،

الإدارة والتاريخ التنظيمي 263

أنشأ Sevillana de Electricidad (1960) وRenault (1965) أنظمة توظيف أكثر احترافا. تم تنفيذ نهج مختلفة لتقييم الوظائف في شركات مثل Union ́n Fenosa وIberduero وAlfa.

في الستينيات، بدأت العديد من الشركات، مثل Cepsa وRenfe وBanco Atla'ntico، في تطبيق أدوات القياس النفسي التي تم تقديمها قبل سنوات. في الواقع، كان تدفق الأفكار من الأوساط الأكاديمية إلى الصناعة مكثفا بشكل خاص خلال هذه الفترة. لعب جيل بارز من علماء النفس والممارسين دورا حاسما في إعداد مديري شؤون الموظفين في الشركات الإسبانية في النصف الثاني من القرن العشرين. في كثير من النواحي، عزز ظهور إدارة الموارد البشرية في كل من الشركات والجامعات المجال كمجال للممارسة الإدارية ومجموعة من المعارف.

وفقا لدراسة استقصائية روجت لها وزارة الصناعة في بداية الستينيات، كانت مشاكل العمل الرئيسية التي تواجه أرباب العمل الإسبان هي انخفاض الأداء وعدم وجود مهنيين مؤهلين (لينز ودي ميغيل 1963أ). بالنظر إلى هذه الظروف، كان جذب وتدريب المرشحين المحتملين من أولويات واضحة. بشكل عام، لم تأخذ دورات كليات إدارة الأعمال حول إدارة شؤون الموظفين في الاعتبار التكوين الحقيقي للقوى العاملة الصناعية الإسبانية، والتي تضم إلى حد كبير الفلاحين المعينين من المناطق الأقل نموا (كاستيلو 1963). تم تجاهل مسائل مثل ارتفاع معدل دوران الموظفين والنساء اللواتي يغادرن القوى العاملة عندما تزوجن تماما.

خلال هذه الفترة، كان الاستثمار الأجنبي المباشر مهما للغاية لدمج أحدث تقنيات إدارة الموارد البشرية ولإنشاء إدارات متخصصة في إدارة الموارد البشرية. أنشأت العديد من الشركات متعددة الجنسيات نفسها في إسبانيا، حيث أحضرت أدلة الموظفين الخاصة بها (Puchol 1997). على سبيل المثال، استخدمت سيترو هيسبانيا اختبارات القياس النفسي التي تم إنشاؤها في مقرها الفرنسي. في مجال الاستشارات، أصبحت الشركة الإسبانية Tecnicos Asociados (TEA) فاعلا مؤثرا في نشر مبادئ مدرسة العلاقات الإنسانية. ومع ذلك، تطورت الاستشارات الإدارية في وقت لاحق، بسبب وجود مكافئات وظيفية مثل INI (Faust and Kordon 2008).

على الرغم من التأثير الواسع النطاق لحركة العلاقات الإنسانية، يبدو أنه لم تكن هناك أفكار واضحة حول إدارة الموارد البشرية في إسبانيا حتى الستينيات (Matute Butraguen ̃o 1975). في بلدان أخرى مثل فرنسا، تم إضفاء الطابع المؤسسي على إدارة شؤون الموظفين على نفس مستوى المبيعات أو المجال المالي قبل 10 سنوات. وفقا لدراسة أجراها لينز ودي ميغيل (1963أ)، لم يكن لدى ربع الشركات الإسبانية سوى مدير لشؤون الموظفين. تصور عدد قليل من الشركات إدارة الموارد البشرية كوظيفة تكنوقراطية طورتها منطقة وظيفية "جديدة" ومستقلة تسمى قسم شؤون الموظفين أو الإدارة الاجتماعية أو قسم قضايا العمل. تم توحيد هذه المنطقة بعد سنوات. في عام 1967، كشفت دراسة مهمة أجرتها EAPM عن ضعف تطور وظيفة الموظفين في الشركات الإسبانية (Frederick and Haberstroh 1969). سلط البحث الضوء على أن خمسة من كل 10 رؤساء موظفين كانوا محامين. علاوة على ذلك، لم يكن لدى سوى 60٪ سوى 10 سنوات من الخبرة في إدارة الموارد البشرية. على الرغم من هذا المعدل الباهت للتنمية، عقد الاجتماع الأول ل EAPM في إسبانيا في عام 1968.

على الرغم من أن التأخير في تطوير إدارة الموارد البشرية كان كبيرا، فقد تم التخلي عن الخطابات الميكانيكية والعقلانية. ربما لهذا السبب، تم ممارسة بعض أشكال "التحسين الصناعي" كجزء مهم من إدارة العمل. تم استخدام مجموعة متنوعة من الخدمات مثل التأمين الصحي ودروس اللغة والمنح وغرف غداء الموظفين والمحلات التجارية التعاونية للشركة "كأجور خفية" (Linz and De Miguel 1963b). كانت نيتهم الرئيسية هي ربط العمال بالشركة - وهي رسالة حاولت مجلات الشركة العديدة في تلك الحقبة نشرها.

ومع ذلك، فإن الحجم الصغير للشركات الإسبانية، والعدد الكبير من الشركات العائلية غير المهنية والاستبداد الإداري لم يسهل الانتقال إلى نموذج محدث لإدارة العمل (كاستيلو 1963؛ لينز ودي ميغيل 1963أ). على الرغم من الخطاب والنوايا الحسنة، كان من الواضح أن أقلية صغيرة فقط من الشركات لديها مبادرات تقدمية في مجال إدارة الموارد البشرية. استمرت معظم الشركات في إدارة الناس بطريقة غير منظمة ولم تسمع الغالبية العظمى من القوى العاملة عن الأفكار المتقدمة لمدرسة العلاقات الإنسانية.

5. المنافسة بين السيطرة العقلانية وأيديولوجيات الرقابة المعيارية: فترة العلاقات الصناعية (1973-1980)

أدت الفترة المعروفة باسم "la Transicio'n"، عندما حولت إسبانيا نفسها إلى ديمقراطية، إلى تغيير كبير في علاقات العمل. في السنوات الأخيرة من نظام الجنرال فرانكو، كانت إدارة الموارد البشرية أكثر اهتماما بالحالة العامة للعلاقات بين صاحب العمل والموظف أكثر من اهتمامها بتطوير أدوات وتقنيات جديدة.

5.1. السياق

تسببت الأزمة الدولية لعام 1973 في تغييرات جذرية في نظام التوظيف ووجدت وظيفة الموظفين نفسها في مواجهة مشكلة العمل. منذ الستينيات، تم تهميش النظام الرسمي للعلاقات الصناعية وتفاوض العديد من المديرين بشكل غير رسمي مع ممثلي النقابات السرية (هيرانز 1991). في ذلك الوقت، كان لدى العديد من المديرين التنفيذيين لشؤون الموظفين خبرة مباشرة في التوتر السياسي والضغوط الاجتماعية. بحلول منتصف السبعينيات، كان معدل الإضراب الإسباني، المرتبط بالعمل السياسي، من بين أعلى المعدلات في أوروبا الغربية (هامان ومارتينيز لوسيو 2003). كان أيضا وقتا للشراكة الاجتماعية، تم خلاله، بسبب الفراغ القانوني، إنشاء ظروف العمل بطريقة مركزية من قبل الدولة وأرباب العمل والنقابات. في سياق الاتفاقات الاجتماعية الوطنية واسعة النطاق (Pactos de la Moncloa)، كانت Union'n General de Trabajadores (UGT) وComisiones Obreras (CCOO)، أهم النقابات، آليات مؤسسية حاسمة لاستقرار الاقتصاد. صاغ الدستور الإسباني لعام 1978 مبادئ تأسيس نظام "غربي" لعلاقات العمل، مما يؤكد الحاجة إلى نهج جديدة في إدارة الموارد البشرية؛ ولكن في عام 1980، مع مرور قانون العمال (Estatuto de los Trabajadores)، تم إنشاء الإطار القانوني الرئيسي لأرباب العمل والعمال.

فكر إدارة الموارد البشرية

خلال هذه المرحلة المتوترة في العلاقات الصناعية، تنافست خطابات السيطرة العقلانية وخطابات السيطرة المعيارية على الهيمنة. لم تتماشى أمركة إدارة الموارد البشرية الإنسانية ولكن ذات الميول الإدارية في عهد فرانكو مع نهج إدارة الموارد البشرية الجديدة التي ظهرت مع الأزمة الاقتصادية العالمية. مهدت فترة العلاقات الصناعية في نهاية المطاف الطريق لإعادة ظهور أيديولوجية السيطرة العقلانية. يفسر التأثير القوي لنظام لوائح سوق العمل هيمنة قانون العمل ضمن التقاليد المختلفة لإدارة الموارد البشرية في هذه الفترة. فيما يتعلق بالتدريب، في عام 1974، أطلق معهد Empresa، وهو مدرسة أعمال تم إنشاؤه مؤخرا، برنامج دراسات عليا في العلاقات الصناعية (Programa Superior de Administracio'n de Personas y Relaciones Laborales). من الجدير بالملاحظة أيضا أنه في عام 1977، عقد المؤتمر الأوروبي لإضفاء الطابع الإنساني على العمل في مدريد. سعت هذه المبادرة إلى إثارة أسئلة بشأن الدور الجديد للعمل في المجتمع.

تاريخ الإدارة والتنظيم 265

5.3. ممارسة إدارة الموارد البشرية

خلال هذه المرحلة، أكد مديرو شؤون الموظفين الذين لديهم معرفة عميقة بالقضايا القانونية على دورهم كمستكشفين لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها. في حالات النزاع، غالبا ما تم تقديم المشورة لإدارات شؤون الموظفين من قبل مكاتب محامي العمل (Porret Gelabert 1997). استمر الخلط بين القضايا الإدارية والاستراتيجية في إدارة الموارد البشرية حتى أواخر السبعينيات. ومع ذلك، في تلك المرحلة، تم تشعب قسم شؤون الموظفين إلى منطقة لإدارة الموارد البشرية، مكرسة لتوظيف العمال وتدريبهم وتقييمهم، ومنطقة علاقات العمل التي تتعامل مع القضايا القانونية، والصراع الفردي والجماعي. ثم ظهرت شخصية رئيس العلاقات الصناعية لتمثيل الشركة في هذه الأنواع من النزاعات.

التحكم العقلاني الجديد وممارسات العمل عالية الأداء (من عام 1980 إلى الوقت الحاضر)

في الثمانينيات، انضمت إسبانيا إلى الاتجاهات الدولية الرئيسية في إدارة الموارد البشرية. حدث استقبال ممارسات الموظفين الجديدة في وقت واحد مع ظروف مختلفة مثل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، واستبدال احتكارات الدولة بالمنافسة الشديدة بين الشركات المدرجة، وثورة تكنولوجيا المعلومات. في غضون سنوات قليلة، كانت هناك تغييرات مهمة في تنظيم العمل والتنقل وظروف التعويض التي أشارت إلى نهاية النزعة الأبوية وعودة الإصدارات الأقل إنسانية من إدارة الموارد البشرية.

6.1. السياق

في عام 1983، عادت الأزمة الصناعية إلى الظهور، ونتيجة للوضع الحرج، تم تفكيك القطاعات غير التنافسية (إعادة التحول الصناعي). تحكم سلسلة من الاتفاقات محتوى المفاوضة الجماعية، وكان على الشركات أن تتبع نظاما تنظيميا شاملا ومفصلا في مجال إدارة الموارد البشرية (غودرهام، نوردهاوغ، وريندال 1999). تم إدخال مجموعة واسعة من المخططات التعاقدية مع إصلاحات العمل المتعاقبة. لطالما كانت معدلات البطالة المرتفعة عاملا محبطا في النضالات العمالية وعنصرا تأديبيا في المؤسسات (هيرانز 1991). منذ بداية التسعينيات، تم تنفيذ خطط إعادة هيكلة واسعة النطاق في الشركات الوطنية الرئيسية مثل Telefo ́nica و Iberia. ومع ذلك، حدت المساومة النقابية من بعض العواقب السلبية للتغيير التنظيمي (Mar ́ınez Lucio et al. 2001).

6.2. فكر إدارة الموارد البشرية

منذ أوائل الثمانينيات، أكد فكر إدارة الموارد البشرية على الإنتاجية والأداء. نما الاهتمام بالدراسات الإدارية بسبب إعادة الهيكلة الصناعية وإلغاء الضوابط التنظيمية. فتحت هذه الظروف الطريق لخطاب قوي حول فوائد القدرة التنافسية (Ferna ́ndez-Rodr ́ıguez and Gantman 2011). تم استخدام مفاهيم مثل القيادة والجودة والالتزام للاستفادة من الصناعات. تبحث الشركات الإسبانية الكبرى بنشاط عن تفاهم متبادل مع موظفيها المؤهلين لتحديد ثقافة مؤسسية جديدة تتميز بتوجيه العملاء وإعادة الهيكلة الداخلية وخفض التكاليف.

كان تعويذة مرونة القوى العاملة مواتية لنهج استراتيجي في صياغة وتنفيذ إدارة الموارد البشرية في الثمانينيات والتسعينيات. تؤكد إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية على الصلة بين إدارة الموارد البشرية وسياق الأعمال التجارية واستراتيجية الشركة (Festing 2012). أصبح هذا النمط العقلاني الواضح لإدارة الموظفين شائعا بفضل الأعمال الأساسية لمدرسة ميشيغان ونظرتها الصعبة لإدارة الموارد البشرية. كما

266 أو. رودريغيز-رويز

يشير غودرهام ونوردهاوغ وريندال (1999) إلى أن أرباب العمل الإسبان محافظون بشكل أساسي، وبالتالي يميلون إلى دعم هذا الخطاب من ممارسات إدارة الموارد البشرية الحسابية.

أثرت هيمنة إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية على مدى السنوات الثلاثين الماضية تأثيرا عميقا على تكوين إدارة العمل. أصبح دور المفاوضة الجماعية باعتبارها الطريقة الرئيسية لتنظيم العمالة موضع تشكيك متزايد. يكشف هذا التطور أن الاتجاه الدولي نحو "التخارج وإعادة تسويع العمالة" في الثمانينيات والتسعينيات (كوفمان 2008، 305) كان له تأثير واضح على إسبانيا. ومن المفارقات أن الحماس مع إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية يحدث في بلد لا يشارك فيه مديرو الموارد البشرية في صياغة الاستراتيجية. تؤكد البيانات هذا الاتجاه: في عام 1989، اعترف اثنان من كل ثلاثة مديرين للموارد البشرية بأنهم لم يشاركوا في القرارات الاستراتيجية للشركة (Rodr ́ıguez Porras et al. عام 1989).

تمت رعاية النهج الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية من قبل كليات إدارة الأعمال الإسبانية. تركز جوهر التعليم في هذه المؤسسات على وصفات أداء إدارة الموارد البشرية للمعلمين الأمريكيين. ومن المفارقات أن سياسات "النشر أو الهلاك" المعتمدة خلال العقد الماضي في الجامعات العامة الإسبانية قد ساهمت أيضا في ظهور أدبيات إدارة الموارد البشرية الأمريكية للغاية التي نشرها العلماء الإسبان في المجلات الدولية عالية التأثير (Rodr ́ıguez-Ruiz and Mart ́ınez Lucio 2010). أصبحت أفكار إدارة الموظفين في الولايات المتحدة مرة أخرى النموذج الرئيسي للمراقبة والتقليد.

6.3. ممارسة إدارة الموارد البشرية

تم نشر سياسات السيطرة العقلانية الجديدة من خلال تقليد ابتكارات إدارة الموارد البشرية للشركات متعددة الجنسيات (MNCs) والشركات الاستشارية (التماثل المتماثل). حدد التركيز على إعادة التحسين المستمر للقوى العاملة تحولات واضحة في تطور إدارة الموارد البشرية وفي السياسات الوظيفية للمنطقة. تم تعزيز اعتماد إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية من خلال عمل الشركات متعددة الجنسيات والشركات الاستشارية. تمثل ابتكارات العمل مثل "التويتية" والإنتاج الرشيق مساهمة مهمة. دعمت بعض الشركات متعددة الجنسيات إنشاء دوائر الجودة أو بعض متغيراتها. كان هذا هو الحال مع فورد (1979) وويستنغهاوس (1983) وألكاتيل ستاندرد إليكتريكا (1984) وبيجو سيترو ̈en (1986) وسيات (1987) (Pe ́rez-D ́ıaz and Rodr ́ıguez 1994). في موازاة ذلك، دفع التوسع في الشركات الوطنية الكبرى الرئيسية مثل Telefo ́nica وGrupo Santander هذه الشركات إلى اعتماد ممارسات عمل عالية الأداء مستوحاة من التأثيرات الأجنبية. في هذه الفترة، ساهم الاستخدام المتزايد للتحليل المالي لسياسات الموارد البشرية في تكوين تقليص الحجم كاستراتيجية منح.

منذ الثمانينيات، زادت إدارات الموارد البشرية في الشركات الإسبانية من طلبها على الخدمات الاستشارية التي توفر المزيد من الحلول الموجهة نحو أصحاب العمل. كانت الشركات الاستشارية مثل Icsa و Tea Cegos رائدة في خدمات التوظيف والتدريب. قدمت مجموعة هاي نهجا جديدا لتقييم الوظائف. خلال التسعينيات، كان الوافدون الجدد في سوق استشارات الموارد البشرية هم شركات خدمات مهنية مثل أندرسن للاستشارات، وبرايس ووترهاوس، وميرسر، وتاورز، وبيرينز. تضمن الدافع للتغيير دمجا واسع النطاق لممارسات الموارد البشرية الأمريكية العالمية.

كان الاستبدال النهائي لإدارات شؤون الموظفين التقليدية من قبل إدارة الموارد البشرية في الإدارة العليا تطورا كبيرا خلال هذه الفترة (Porret Gelabert 1997). في بعض الشركات الصناعية الكبيرة، تم تشكيل قسم الموارد البشرية، الذي دمج وظيفة الموارد البشرية مع الجوانب التنظيمية. بدأ ينظر إلى المدير التنفيذي للموظفين ليس على أنه فني ولكن كمدير. اعتبر من الضروري نقل تدريبه من المجالات الناعمة (القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع) إلى المناطق الصعبة (الاقتصاد والهندسة). على الرغم من أنه كان من المفترض أن يقوم مدير الموارد البشرية بتطوير الأنشطة الاستراتيجية والتكتيكية والتشغيلية، إلا أن وظيفته

الإدارة والتاريخ التنظيمي 267

أصبح أكثر تركيزا على المنطقة الاستراتيجية. كان هذا ميدانيا عرضة للأزياء الإدارية التي تقيم روابط مباشرة بين بعض الممارسات والأداء التنظيمي. كجزء من خطابهم المنتشر والمزخرف حول قيمة رأس المال البشري، ادعى مديرو الموارد البشرية أن واجبهم هو إضافة قيمة من خلال جذب المواهب وتطوير العاملين في مجال المعرفة.

يمكن رؤية العودة إلى السيطرة العقلانية في السياسات الوظيفية المختلفة لإدارة الموارد البشرية. فيما يتعلق بالأجور، عززت الشركات متعددة الجنسيات مخططات الأجر مقابل الأداء التي تم إدخالها في نهاية السبعينيات. تم استخدام المكافآت والمكافآت الموجهة نحو الأهداف والمزايا والامتيازات المشتركة بشكل متزايد كأدوات للاحتفاظ بالعمال المؤهلين وتحفيزهم. في عام 1997، يمكن تفسير إدخال خيارات الأسهم كشكل من أشكال الدفع على أنه علامة أخرى على الأمركة. وكانت النتيجة النهائية زيادة كبيرة في الاختلافات في الرواتب بين الفئات المهنية. وبنفس الطريقة، تم الترويج لسياسات التدريب كاستثمار استراتيجي من قبل الشركات. في سياق التنمية الاقتصادية السريعة، كانت هناك زيادة مذهلة في مبادرات التدريب التي يدعمها ماليا الصندوق الاجتماعي الأوروبي والمؤسسات الوطنية للتدريب الدائم. نادرا ما كانت هذه الإجراءات مرتبطة بتحليل دقيق للاحتياجات التدريبية. زادت بعض البنوك أو شركات الطاقة أو الخدمات مثل Repsol وIberdrola وEl Corte Ingle من جهودها لتدريب الموظفين ذوي الياقات البيضاء باستخدام دورات قصيرة (Pe ́rez-D ́ıaz وRodr ́ıguez عام 1994). وهكذا، استفادت مجموعة مستقرة من العمال الرئيسيين من هذه الإجراءات، مما وسع فرصهم في التطوير المهني. من بين هذه المجموعة، جعلت شريحة طرفية من الموظفين من الممكن المرونة العددية والوظيفية للشركة.

خلال هذه المرحلة الحالية، أصبحت الإدارة المهنية وتقييم الأداء أدوات أساسية وحلت محل نظام الترقية الذي يعتمد تقليديا على الأقدمية. وفي الوقت نفسه، حلت إدارة الكفاءة تدريجيا محل أدوات تقييم الوظائف المستوردة خلال الخمسينيات.

7. إدارة الموارد البشرية في إسبانيا في القرن العشرين: استنتاج عام

تعكس دراسة تطور وظيفة الموارد البشرية في إسبانيا خلال القرن العشرين كيف تأثر تنظيم وممارسة إدارة العمل بالعديد من تيارات الفكر. بعد فترة الانتقائية التي سيطرت خلال العقود الأربعة الأولى من القرن، أصبحت خطابات السيطرة العقلانية مصدر إلهام للشركات والهيئات العامة. ارتبط التركيز على الإدارة العلمية بأسلوب إدارة الموارد البشرية الصعب ونظام العلاقات الصناعية القمعي. في منتصف الخمسينيات، كان تحول إدارة شؤون الموظفين التقليدية في الشركات الإسبانية نتيجة لمزيج غريب من أيديولوجية العلاقات الإنسانية والكاثوليكية الاجتماعية. على الرغم من أن هذا التحول محدود، إلا أنه يمثل نقطة انعطاف أولى صاغ فيها المديرون أيديولوجيات الرقابة المعيارية. في بداية السبعينيات، بدأت مرحلة قانونية في إدارة الموارد البشرية، حيث اشتبكت وجهات النظر الصعبة والناعمة لإدارة العمل. هذه اللحظة، عندما بدأت النهج الأقل إنسانية في التقييم وتضمين نفسها، تشير إلى نقطة انعطاف ثانية. شهدت الثمانينيات توحيد أيديولوجيات السيطرة العقلانية الجديدة وإعادة ظهور الأشكال الصعبة الحديثة للتعامل مع القوى العاملة. سهلت عولمة الأنشطة الاقتصادية إدخال فلسفات تجارية جديدة، وأدى البحث عن المرونة الخارجية والداخلية إلى تغيير نظام العمالة المستقرة، مما أدى إلى تكثيف التقليص والاستعانة بمصادر خارجية. يلخص الجدول 1 الخصائص الرئيسية للفترات المختلفة في تطوير أيديولوجيات إدارة الموظفين.