لخّصلي

مصادر الرق

( عدد يناير - مارس (۲۰۲۲)

كانت مصادر الرق وتجارته متنوعة ومتعددة، ولكن بشكل عام يمكن القول بأن القارة الإفريقية كانت من مصادره الرئيسة سواء إلى أوروبا، أو أمريكا الشمالية، أو منطقة الخليج العربي ومنها الكويت، وكان بيع وشراء الرقيق يمارس كأي تجارة من الناحية الاقتصادية وفي أسواق معروفة، وكان تجار الرقيق قد نشطوا في عملياتهم تحت سمع وبصر الجميع، بل كانوا يعتبرون الرقيق استثماراً يُباع ويشترى كسلعة معروضة لمن يرغب. وكان العبيد يجلبون من المناطق الساحلية أو من ضفاف البحيرات الاستوائية في داخلية شرق إفريقيا، وكانت تجارة الرقيق قد ارتبطت أيضا بتجارة العاج والسلاح. وكانت القوافل تتبع العديد من الطرق للحصول على الأرقاء والعاج، وكان السلاح تجارة رابحة يُباع للقوى المحلية لفرض السيطرة والنفوذ وإثارة المشاحنات بين القبائل الإفريقية ولصيد الفيلة. وتكمن أهمية الموضوع في أن من كان يمول تجارة السلاح ويسوقها كانت بريطانيا لإضعاف القوى المحلية والصراع فيما بينها وكسب المال من بيع السلاح والعاج، كما يمكن تسليط الضوء على من كان يمول القوافل التجارية إلى الداخل وهم الهنود الذين كانت تتعبرهم بريطانيا من رعاياها، وكانت تحرص على حمايتهم والذود عنهم. كما يمكن الإشارة إلى ما ترتب على الصراع بين السلاطين في زنجبار والانجليز للسيطرة على الجالية الهندية وبالذات البانيان الهندوس من كبار المرابين والمسئولين عن إدارة (التزام) الجمارك على طول ساحل شرق إفريقيا. وكان العبيد المخطوفون أو الذين تم شراؤهم كانوا يحملون العاج على أكتافهم سيرا على الأقدام، وكانوا بعد وصولهم إلى الساحل يتم شحنهم باستخدام السفن إلى «زنجبار»، حيث كانت تبدأ عمليات بيعهم لتجار الرقيق. وكان الهنود وبالذات طائفة البانيان) الهندوس" من كبار ممولي قوافل الداخل لجلب الأرقاء، والعاج وغيره من سلع الداخل وهم في نفس الوقت كانوا المشتري الرئيس لهذه السلع، وكانوا يتحكمون بعملية البيع والشراء. وكانت «زنجبار» و «كلوة» تعد من أهم مراكز تجارة الرقيق. وكانت «زنجبار » بمثابة مركز تصدير للخارج، بينما كانت «كلوة» تعد الميناء الأهم لاستيرادهم من الداخل تمهيدا لشحنهم لزنجبار. وقد مارس العرب والهنود والبلوش والأوروبيون والأفارقة الرق وتجارة الرقيق. وكانت تقام في زنجبار و «كلوة»

أسواق لبيع وشراء الأرقاء (۱۸). وكانت السفن العربية والهندية وغيرها تبدأ برحلتها من شواطي الجزيرة العربية والخليج العربي وسواحل الهند بالوصول إلى «زنجبار» مع هبوب رياح المحيط الهندي الموسمية الشمالية الشرقية. وكانت أغلب السفن القادمة من شواطئ الجزيرة العربية والخليج العربي محملة بالعديد من المنتجات لبيعها، والتبادل التجاري مع شواطئ شرق إفريقيا، ومنطقة القرن الإفريقي، أما بالنسبة الأغلب السفن القادمة من الكويت فتكون محملة بالتمور من البصرة لبيعها وشراء ما يحتاجون إليه بأثمانها. وكان العبيد ضمن ما يشتريه بعض التجار وليس كلهم، مع التأكيد بأن الهدف بالنسبة للسفن الكويتية لم يكن بيع وشراء الرقيق بشكل أساسي، وإنما كان

شراء ما تحتاجه أسواق الكويت من مواد كالجندل والسمك المجفف وغير ذلك من البضائع (۱۹).

خط سير السفن الكويتية

كان موسم الرحلات البحرية من الكويت يبدأ تقريباً في شهر أغسطس من كل عام وكان ينتهي الموسم بشكل عام أواخر شهر

مايو من العام الذي يليه، مما يعني أن تلك الرحلات البحرية كانت تستغرق عشرة أشهر. وكان ميناء الكويت يعد بداية الانطلاق للسفن الكويتية، كما كان النوخذة يعتبر هو المسؤول المباشر عن سفينته وركابها وحمولتها، وكان هو المسؤول الأول عن كيفية إدارتها وتوجيهها، معتمداً على ما كان لديه من خبرة وعلم. وكانت السفن الكويتية تبحر من جون الكويت إلى شط العرب، ثم إلى البصرة، وكانت البصرة تعد الميناء الوحيد النشط على خليج البصرة، كما كان يوجد عدد من الموانىء البحرية، كان بعضها مخصص للمسافرين والتجارة، وكان يستخدم بعضها الآخر لأغراض تجارية متنوعة أخرى.

وكان يتم تحميل السفن الكويتية بالتمور من العشار، أو القصبة، أو غيرهما حيث مزارع النخيل. وكانت عملية التحميل قد تستغرق من عشرة أيام إلى ثلاثة أسابيع حسب الكمية والعمالة. وكانت سفينة البوم تستطيع حمل ۲٦۰۰ نصيفية وسبعمائة خصافة تمر. وكانت السفن الكويتية بعدها تبحر باتجاه الجنوب على طول ساحل بلاد (فارس) إيران وحتى مضيق هرمز. وكان النواخذة يحرصون كل الحرص على عبور مضيق هرمز نهارا، وذلك بسبب شدة خطورته ووجود الكثير من العوائق البحرية والتي من

الممكن أن تضر السفينة.

وكانت السفن الكويتية تعبر المضيق مروراً بعدد من الجزر حتى خروجهم من الخليج العربي، وكانت تتفرق السفن البحرية حسب اتجاهها، فكانت السفن المتجهة لعمان تصل حسب الترتيب إلى صحار مطرح مسقط وصور وقد تتجه السفن مباشرة إلى بندر مطرح القريب من مسقط (مسكت)، حيث كان يتم في مطرح تصليح الأعطال، وشراء مستلزمات الرحلة، بعدها كان يتم الاتجاه المسقط. وقد تتوقف السفن في مسقط بحدود ثمانية أيام. وكانت السفن إن لم تجد سوقا لبضاعتها التمور - فإنها كانت تحمل بضائع مختلفة من المواني العمانية، ثم تبحر إلى المواني الصومالية، وأهمها ميناء بربرة»، وهناك من السفن من كانت تبحر شمالاً إلى ميناء «عدن» لصيانة السفينة، وكان يتم بعدها تجهيز السفينة إلى رحلة الساحل الشرقي لإفريقيا. وكان يقوم النوخذة بالإبحار إلى