لخّصلي

تتناول القصيدة رحلة أبي سفيان الروحية، متنقلة بين الماضي والحاضر. يصف الماضي بعزة وقوة، من منظورين: المهزوم والقائد. يستحضر ذكرياته كقائد حرب، مدافعاً عن اللات، لا عن نفسه، مُبرّراً هزيمته بهزيمة اللات. يبدأ بقسم جاهلي، مُستخدماً تشبيهاً يُظهر ضياعه قبل الهداية. يُشير اسم الإشارة "هذا" إلى الحاضر، زمن الهداية. يعود للماضي، مُحاولاً التنصل من مسؤولية حربه ضد الرسول، مُلقياً اللوم على من هداه، مُشيراً إلى خوفه من قومه. يُقرّ بهزيمته أمام الرسول، مُقدماً اسم الله على محمد، مُبرراً ذلك بقوة الله. يستخدم أفعال المضارع "أصد، أنأى" ليُثبت جهده في الدفاع عن آلهته، مُبرّراً موقفه لأسرته. يكشف النص عن خلل في نفس أبي سفيان، ناجم عن غروره، مُشيراً لرسوخ اعتقاده الجاهلي. يُظهر الصحابة بضمير الغائب، مُركزاً على أهميتهم. يُنهي القصيدة بـ "أريد"، مُعبّراً عن رغبته في كسب رضاهم، مُعترفاً بقوتهم.

ومن قصد البحر استقل السواقيا

• 
  

  إيقاع النص قوي، ويتراوح بين الماضي والحاضر، فالماضي زمن العزة والقوة لأبي سفيان، ويقدمه من خلال زاويتي نظر مختلفتين، مرة من منظور المهزوم وأخرى من منظور القائد القوي.

  
  


• 
  

  يستدعي الماضي إني أحمل) الذي عاشه، ويصف نفسه أنه قائد قوي، وهو الذي يقود لواء المعركة، وهو الحريص على إحراز النصر، ويصف الواقعة بين اللات ومحمد بأنها كانت دفاعا عن اللات، وليس عن أنفسهم، فحين هزموا لم يهزموا هم، بل اللات هو الذي هزم.

  
  

ويبدأ قصيدته بالقسم بما يحمله القسم من إيقاع صوتي هادر أراد أن يصدقه الرسول، ويقسم بعمره (العمري)، وهو قسم جاهلي، ويستحضر صورة تشبيهية (الكَالمُدلج الخيران أظلم ليله) توضح موقفه القديم في حربه ضد محمد، ولكن بعين الحاضر الذي شهد هزيمته وهزيمة اللات، فقد كان أشبه بإنسان ضل طريقه وتاه بين دروب عديدة لا يعرف المشي بها، ثم أقبل الليل بظلامه فزاده ظلاما وضلالا.

هذا اسم إشارة يشير إلى الحاضر مؤكدًا أنه زمن تلقي الهداية، فقد انزاحت الظلمات، وعرف طريقه.

ثم يعود للماضي فيعرض رؤيته في حربه مع الرسول ﷺ محاولا أن يتنصل من خطبته ويحمل غيره المسؤولية.

هاي هداني التنكير هنا يفيد التعتيم أو الإبهام ويعطي بطنا في الإيقاع، وهنا يعود للماضي فيعرض رؤيته الحريه الرسول صلى الله عليه وسلم بعين جاهلية كانت ترى في قتاله الهداية والرشد، لكنها لم تنبثق منه بل ثمة هاي هداه.

• 
  

  وجاء اسم الفاعل (هادي)، ليدل على أن هذه الهداية لم تكن منه، بل جاءت من إنسان قدم له النصح وزينه له، فشجعه على حرب الإسلام، وأوهمه بالنصر، وهو كان متلقيا فحسب، واستجاب له، بل رأى فيه الهداية، فهو يشير من طرف خفي إلى أن نفسه لم تطاوعه على هذه الحرب، لكنه كان يخشى لوم قومه إذا خالفهم فكان مجبرا.

  
  


• 
  

  ثم يسرد النتيجة التي آل إليها، لقد هزم أمام من سبق وطرده من مكة، ذلك اليتيم المستضعف ولا ينسى أن يذكر الله تعالى الذي وقف مع الرسول فهزماء سويا، وقد قدم اسم الله على محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا التقديم دلالته، فهو يقدم ما يراه سببا للنصر، وهو القوة الإلهية بعظمتها وجبروتها، فهي التي نصرت المسلمين.

  
  

جاءت صيغة الحاضر (أصد، أنأى)، لأنه أراد أن يثبت أنه فعل وسعه في الدفاع عن آلهته، فكان ينوع في هذا الصد ليبرر لنفسه التي ما زال فيها شيء من الشرك أمرا الأسياد عشيرته الذين ما فتتوا على دينهم القديم.

ثمة خلل في نفس المتكلم أفصحت عنه تراكيبه، ونتج عن هذا الخلل أن الغرور يمنع صاحبه رؤية الأشياء على حقيقتها، لأنه يجعله يراها من خلال شخصيته واعتزازه بنفسه، فهو لا يصدق أن ابن عمه يمكن أن يكون نبيا، وهذا الشعور ناجم عن

رسوخ اعتقاده القديم بجاهليته.

• نظهر شخصية الصحابة بضمير الغائب (هم ما هم، هواهم)، تكرار الضمير الغائب يجعله أشبه بالحاضر أمام المتكلم،

حاضرا بشخصه، بفكره، بأخلاقه، وأنه مهتم بهم.

من لم يقل جواهم يأتي المتكلم بتركيب شرطي بعد حجة عقلية، ويجعل اللوم نتيجة، وينسحب الفعل على كل من لم يصرح بحب المسلمين.

وإن كان ذا رأي: جملة اعتراضية تؤكد خفايا النفس، وهذا الاعتراض يؤدي وظيفة جمالية، ويحتل المعنى إذا أسقطناء.

من لم يقل بهواهم الحب شعور قلبي، لكن الشاعر يصر على الإفصاح عنه.

• ثم ينهي قصيدته بالفعل (أريد)، وهو عودة إلى الزمن الحاضر وبقاء فيه، كأنه يقول: إنها إرادتي التي تسعى إلى إرضاء الصحابة من أجل إصلاح الموقف وكسب رضاهم، فهم الأقوى