لخّصلي

٢ - الجودة في الفكر الإسلامي : رغم أن أدبيات الجودة في أداء العمل تشير إلى أن مفهوم الجودة ظهر حديثا أن المتتبع لهذا المفهوم يجد أن ظهوره لم يكن في النصف الثاني من القرن العشرين كما يشاع ، وإنما إرهاصاته الأولى كانت في الفكر الإسلامي ، وتحت مسميات مرادفة لمصطلح الجودة مثل الإحسان والإتقان ، وهذا واضح في قوله تعالى : إنا نا نضيع أجر من أحسن عملا ( سورة الكهف : 30 ) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان في كل شيء " ( أخرجه ابن ماجة : ۱۰۵۸ / ۲ رقم 3١۷۰ ، وصححه الألباني ) . والإحسـان مفهوم وأسـع وكبير ويحمل كثير من التأويلات ، ولكن إذا أطلقت الكلمة على وضـعها ، فإن المعني بها هو صـنيع حسـن أو فعل حسن ، أي كامل في تمامه ، والحسن كلمة مضادة القبح ، والإحسان : ما يعمله الناس لنفع غيرهم ، بحيث يصبح غيرهم حسنا به . كما أن الإحسان يقتضي من المسلم إتقان العمل الموكل إليه ، فهو على يقين أن الله يراقبه في عمله ، والمسـلم يعلم أنه بالإتقان تقوم الحضـارات وتزدهر ، وترتقي المجتمعات وتنهض ، فالمسلم الحق يتمثل ذلك في نصوص التشريع ، ومن هذه النصوص قول الرسول * : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن ينقنه " ( أخرجه الطبراني و البيهقي ، وصـححه الألباني : سلسلة : ١٠٦ / ٣ رقم ١١١٣ ) . وكلمة العمل هنا تعني أي عمل على إطلاقه ، سواء أكان عمل مادي يخص مجالات الحياة المختلفة ، أم روحية تنصل العبادات . مع التأكيد أن جوهر ما ينادي به الإسلام هو الإتقان في أداء العمل في أفضل صورة وحال مما كان متوقع أو مطلوب ، فإذا ما أديت العبادات بإتقان فإنها سـتؤدي إلى ترقيق النفس وتزكيتها وتطهيرها والبعد بها عن الرذائل ، والخوف من الإخلال بما أسند إليه من أعمال ، فهو على يقين من رقابة الله له ، وإن لم يعلم وخفي هذا النقص على الرقيب البشري يقول صلى الله عليه وسلم " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ( أخرجه الترمذي : ٣٥٦ / ٤ رقم ۱۹۸۷ ، وحسنه الألباني ) . وتعد قيمة إتقان العمل وإجادة صنعه أحد أهم القيم التي حرصـت الشـريعة الإسلامية ، ولم تعذها فقط مصلحة دنيوية ترجو منها النفع ، بل احتسبتها على أنها عبادة يسعى الإنسان إلى تأديتها على أكمل وجه ، حتى يحصد الإنسان رضا الله ومثوبته ، قال تعالى : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ( سورة التوبة : 105 ) . 3- الجودة في المجال التربوي : يقصد بالجود الشاملة في المجال التربوي التعليمي : أداء العمل بأسلوب صحيح متقن وفق مجموعة من المعايير التربوية الضرورية لرفع مستوى جودة المنتج التعليمي بأقل جهد وكلفة محققا الأهداف التربوية التعليمية ، وأهداف المجتمع وسـد حاجة سـوق العمل من الكوادر المؤهلة علميا . ويعرف " رودس " الجودة الشـاملة في التربية بأنها عملية إدارية ترتكز على مجموعة من القيم ، وتستمد طاقة حركتها من المعلومات التي توظف مواهب العاملين ، وتستثمر قدراتهم الفكرية في مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي لضمان تحقيق التحسـن المستمر للمؤسسة ، ويعرفها " العمايري " بأنها " أسلوب تطوير شـامل ومستمر في الأداء يشـمل كافة مجالات العمل التعليمي ، فهي عملية إدارية تحقق أهداف كل من سـوق العمل والطلاب ، أي أنها تشمل جميع وظائف ونشاطات المؤسسة التعليمية ، ليس فقط في إنتاج الخدمة ولكن في توصــيلها ، الأمر الذي ينطوي حثنا على تحقيق رضـا الطلاب وزيادة ثقتهم ، وتحسين مركز المؤسسة التعليمية محليا وعالميا . ( العمايرة ، ٢٠١٦ ، شبكة الانترنت )