لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

وبقيت قواته تعاني من شح موارد الطاقة لتشغيل الآليات المدرعة والمركبات العسكرية.
يمكن الاستئناس في هذا الصدد برأي باري بوازن حول المرونة التي يمكن أن تنتج عن الوفرة الكافية في الموارد لتطبيق إستراتيجية الأمن القومي،
ولكن كذلك بسبب تعاملها مع الوقائع الثابتة للقدرات بدل التعامل مع شكوك حول نيات الفواعل الأخرى.
تمكن إستراتيجية الأمن القومي مطبقيها من تجنب عبء صعوبة وضع تمايزات حول ما إذا الفواعل الأخرى هي محافظة أو إصلاحية،
من خلال العرض السابق للتحديات الأمنية الإقليمية المطروحة على الأمن القومي الجزائري عبر جبهات ثلاث: الحدود الغربية مع المغرب (تحدي تقليدي)،
بحيث يؤدي في نهاية المطاف إلى انبثاق سياسة إقليمية مشتركة ومتوازنة تكون في مستوى التعامل مع التحديات الأمنية المطروحة عبر إقليمي.
يرجع أصل الفكرة إلى أطروحة الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت الملخصة في شعاره "الجار الصالح"،
وكان يعني بها الانتقال من سياسة الهيمنة إلى بناء علاقات تعاون وتكامل مع الحكومات الصديقة في الجوار الإقليمي،
بهدف تقليص الأعباء الأمنية والاقتصادية على الحكومة الأمريكية الناجمة عن الهجرة السرية،
صحيح أن وضع الولايات المتحدة لا يشبه تماما وضعية الجزائر في محيطها الإقليمي الهش أمنيا واقتصاديا وسياسيا،
على الأقل أدت مقاربة روزفلت إلى تحويل الجوار الإقليمي إلى صديق للولايات المتحدة واحتواء الحركات اليسارية الراديكالية داخل المكسيك.
يكمن مبرر هذه المقاربة في افتراض أنه عندما تكون الدولة غير قادرة على تحمّل أعباء الاستقرار الأمني المحلي وتكاليف السيطرة على النزاعات المحلية،
طرح فكرة إيجاد الجار الراشد في السياسة الخارجية الجزائرية ناجم عن الإدراك الثابت بأن الطرف الأكثر تضررا من ضعف دول الجوار أو انهيارها تماما هو الجزائر،
سواء كطريق عبور نحو أوربا أو كمصدر جذب للمهاجرين غير الشرعيين الفارين من النزاعات والفقر والمجاعة؛
واستمرار عدم الاستقرار في مالي سوف يعرض الاستقرار في الصحراء للتآكل والقابلية للعطب الأمني بواسطة ظهور عدد من التهديدات المتنامية على شاكلة نمو الفطريات في المناطق الرطبة.
أكثر الأمثلة تعبيرا عن هذه التهديدات هو الهجوم الإرهابي على المنشأة النفطية "حياة" في تيغنتورين بعين أمناس ولاية إليزي في 16/01/2013 من قبل جماعة بقيادة المختار بالمختار تسمي نفسها "الموقعون بالدم".
لقد ترافقت عملية الجيش هناك بواسطة مراقبة الأطراف الدولية للعملية ورد الفعل الدولي العنيف ضد عملية الجيش التي عرّضت الرهائن لخطر حقيقي أودى بحياة بعضهم.
لبيان أهمية هذه المقاربة لابد من التساؤل: هل العمل الإقليمي أصبح خيارا أم ضرورة إستراتيجية؟ بمعنى هل هو بديل حتمي لإستراتيجية الجزائر في سياستها الخارجية؟ إذا أخدنا حادثة السيطرة على المنشاة النفطية في تيغنتورين "قاعدة الحياة" بكل معانيها الإستراتيجية،
وحسّنت بنيتها التنظيمية بشكل يجعلها فعّالة في تنفيذ الهجمات النوعية في مناطق متعددة ومتباعدة جغرافيا،
كما أن مصادر التهديد ليست منبثقة من إقليم جزائري أو دولة واحدة فقط،
وإنما من بؤر إقليمية متعددة وتتفاعل في اعتماد متبادل وبواسطة تغذية رجعية أمنية فعالة؛
كما تتميز بخاصية عدم الثبات بحيث أنها تنتشر من نقطة لأخرى وعلى مسافات طويلة.
هناك ندرة في موارد العديد من الدول ووجود عقبات في التنسيق الأمني،
يهدف العمل الإقليمي إلى التأثير على الإدراك الأمني والسياسي بواسطة تصحيح سوء الإدراك لدى الأطراف المحيطة (الجوار).
هناك قابلية عالية للتنسيق بواسطة تبادل المعلومات حول الإرهاب والحدود المفتوحة لتسهيل حركة البضائع والأشخاص،
لديها قابلية للعطب الأمني بواسطة الإرهاب بسبب المتاعب الاقتصادية و الآثار السلبية للتحول الديمقراطي.
بسبب عدم وضوح الوضع النهائي في ليبيا بعد مرور أكثر من ثماني سنوات من سقوط نظام معمر القذافي،
بالإضافة إلى هشاشة المؤسسات الأمنية وتخلفها في ظل سيطرة الجماعات العنيفة على الشارع؛
بالرغم من أن لليبيا إمكانيات مادية كبيرة تمكّنها من المساهمة في تحمّل الأعباء الأمنية،
لكنها في نفس الوقت تفتقد الخبرة والمهارة في إدارة الشؤون الأمنية والقابلية للعطب بواسطة التهديدات الداخلية،
سواء تلك المتعلقة بالإرهاب ونفوذ الجماعات المتطرفة أو الصراعات القبلية والاثنية والسياسية.
تعتبر المملكة المغربية أكثر الدول المجاورة للجزائر استقرار وذات ثقل إستراتيجي وأمني إقليمي يضاهي الجزائر،
الهجرة غير الشرعية والاضطرابات السياسية والأمنية كنتيجة للمتاعب الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة واتساع دائرة الفقر.
ومازالت العلاقات الثنائية تعاني من الحرب الكلامية والتراشق الإعلامي من حين لآخر (تصريحات وزير الخارجية الجزائر عبد القادر مساهل عام 2018 ضد المغرب بأنه مجرد مصدر للمخدرات).
فإن أقل ما يقال عنها أنها دول لازالت تعاني من ضعف شديد في البنية التحتية والتخلف في التنمية الاقتصادية والتهديدات الأمنية بواسطة الإرهاب والنزاعات الاثنية والأزمات السياسية.
إن عدم الاستقرار في دول الساحل الصحراوي وخاصة في دولة مالي وتدخل منظمة الايكواس وفرنسا بواسطة التحالف الإقليمي الذي شكله الرئيس الفرنسي بمجرد صعوده إلى الحكم عام 2017،
لأنها تجد نفسها وحدها في مقابل جماعة أمنية (ايكواس) وتحالف إقليمي مدعوم من قبل فرنسا؛
العمل الإقليمي ضروري لإحداث التوازن مع تنامي نفوذ الايكواس أو غرب أفريقيا وفرنسا في منطقة الساحل الصحراوي.
تتضمن المقاربة الثالثة للسياسة الخارجية العمل على تعويض الأعباء الأمنية بواسطة الانخراط في علاقات الاعتماد المتبادل الإقليمي والمشاركة في وضع الترتيبات الأمنية الإقليمية التي تترتب عنها أعباء اقتصادية و أيضا أعباء أمنية.
وإنما كيف يمكن تعويض هذه الأعباء بشكل لا تصبح معيقة لعملية بناء الاستقرار الإقليمي؟ لذلك يطرح المكوّن الاقتصادي كجزء مهم من الأمن الإقليمي في هذه المناطق،
في نفس الوقت يجب ألا يستثنى بناء المؤسسات السياسية والأمنية من العملية التي تشرف على عملية تنمية الاستثمارات الإقليمية وتوفير الأمن عبر الحدود.
خاصة مع فتح الكثير من فروع الشركات الكبرى في الإلكترونيات وصناعة السيارات والأدوات الكهرومنزلية والنسيج.
التي تقوم باحتكار أسباب الأمن والسيطرة على انتشار الأسلحة والأنشطة الإرهابية والجريمة وحتى الجماعات السياسية المسلحة (ليبيا ومالي مثلا).
تتضمن هذه الفكرة المنطق السياسي الذي تقوم عليه الدولة والملخص من قبل ماكس فيبر في احتكار أدوات الإكراه،
فإن الأمن في هده المنطقة لا تقوم له قائمة ولا يستقر إلا بوجود قوة أمنية تستطيع السيطرة على البيئة الإستراتيجية بكل مكوناتها،
والذي عبّر عنه ابن خلدون بأن السلطان عندما لا يستطيع فرض الضرائب على الأقاليم مثلا،
يأخذ ملكه في التلاشي والانحصار من الثغور نحو قلب الدولة حتى ينهار تماما.
تجدر الإشارة إلى أن المنطق الخلدوني ليس خاصا فقط بدول العالم الثالث كمنطقة شمال إفريقيا والساحل الصحراوي،
الذي أصبح بدوره مقاربة محتومة ليس لأي دولة الخيار في التنصل منها أو تجاهلها لسبب بسيط يتعلق بظهور التهديدات الأمنية المشتركة العابرة للحدود؛
إذ حاجج أنصار الواقعية/الواقعية الجديدة بأن الدول إذا لم تدافع عن مصالحها الحيوية فإنه يجب عليها أن تدفع ثمن إهمالها أو تراخيها أو غبائها؛
Kauppi بمثال تناظري جيد من تاريخ العلاقات الدولية القديم في العهد اليوناني والحديث في القرن العشرين،
فقد ذكرا أن بلجيكا دفعت ثمن ضعفها بواسطة غزوها من قبل القوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية،
وهي بذلك تشبه تجربة "شعب جزيرة أجين للميلوسAegean iland of Melos على الشاطئ اليوناني عندما كانوا في نزاع مع أثينا.
لقد أدعى الميلوس أن لهم الحق البقاء على الحياد في الحرب البلوبونيزيةPeloponnesian War (431-404 قبل الميلاد) بين أثينا وسبرطا.


النص الأصلي

الشرط الأول، عادة يندرج مفهوم المساعدة الذاتية ضمن ما يعرف بإستراتيجية الأمن القومي، والتي توحي تسميتها وضع خطة وتسخير الموارد الوطنية المطلوبة لتحقيق أهداف محددة، عادة تحمل في مضمونها المصالح الوطنية الحيوية للدولة؛ ترسم مثل هذه الأهداف على بيانات إمبريقية قائمة في البيئة الإستراتيجية المحيطة بالدولة، تتضمن في المقام الأول مجموعة مصادر التهديد المصنفة تحت فئة الخطر العالي. الحقيقة أن حجم الإستراتيجية وفعاليتها متوقف بالدرجة الأولى على الموارد المخصصة لتنفيذها، بحيث كلما كانت الموارد متاحة بوفرة كافية، تكون الإستراتيجية كبيرة وممتدة عبر الزمن، وتكون احتمالات نجاحها عالية، على عكس عندما تكون الموارد شحيحة أو محدودة (أجور متدنية، أدوات قليلة ومتخلفة، تموين لوجستي ضعيف..)، فإن احتمال الفشل يكون عاليا.
الشرط الثاني المطلوب في إستراتيجية الأمن القومي هو أن تكون الموارد تحت تصرف الدولة وليس لدى طرف آخر، لأن ذلك سوف يحرر أمنها القومي من أن يكون رهينة لطرف آخر من جهة، وتكون هناك حرية في استخدام الموارد لتنفيذ الإستراتيجية من جهة ثانية. إحدى أسباب فشل الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفياتي عام 1942، افتقار القوات الألمانية لإمدادات الطاقة من حقول النفط في منطقة القوقاز، التي عمل هتلر على السيطرة عليها لكنه فشل في ذلك، وبقيت قواته تعاني من شح موارد الطاقة لتشغيل الآليات المدرعة والمركبات العسكرية. كما تساعد الموارد على توفير دائرة واسعة من المرونة في تطبيق إستراتيجية الأمن القومي، والتأقلم الفعّال مع سلوك الخصوم وظروف البيئة الدولية؛ بحيث يمكن للإستراتيجية أن تنتقل بسهولة من البحث على الأمن إلى البحث عن القوة أو العكس، بناءً على تصرفات وسلوكيات الخصوم وخاصيات مصادر التهديد ووضعية توازن القوى. يمكن الاستئناس في هذا الصدد برأي باري بوازن حول المرونة التي يمكن أن تنتج عن الوفرة الكافية في الموارد لتطبيق إستراتيجية الأمن القومي، إذ يقول: "هناك تأكيد سار مرتبط بهذه المقاربة، ليس فقط بسبب أن الدولة تحتفظ بالسيطرة الثابتة على مصادر أمنها، ولكن كذلك بسبب تعاملها مع الوقائع الثابتة للقدرات بدل التعامل مع شكوك حول نيات الفواعل الأخرى. لهذا السبب، تمكن إستراتيجية الأمن القومي مطبقيها من تجنب عبء صعوبة وضع تمايزات حول ما إذا الفواعل الأخرى هي محافظة أو إصلاحية، وما إذا مشكلة الأمن تعكس كفاح القوة أو كفاح الأمن".


من خلال العرض السابق للتحديات الأمنية الإقليمية المطروحة على الأمن القومي الجزائري عبر جبهات ثلاث: الحدود الغربية مع المغرب (تحدي تقليدي)، الحدود الشرقية مع كل من تونس وليبيا (تحديات غير تقليدية)، الحدود الجنوبية مع منطقة الساحل (تحديات أمنية مركبة)؛ يمكن تحديد ملامح المقاربة الإقليمية في السياسة الخارجية الجزائرية من خلال مناقشة العناصر التالية:
1)تأهيل الجار الراشد. الدولة الراشدة هي التي تعمل بنفسها من أجل إسعاف نفسها بأن تتحمل أعباءها الأمنية، السياسية والاقتصادية بنفسها، بحيث يؤدي في نهاية المطاف إلى انبثاق سياسة إقليمية مشتركة ومتوازنة تكون في مستوى التعامل مع التحديات الأمنية المطروحة عبر إقليمي. يرجع أصل الفكرة إلى أطروحة الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت الملخصة في شعاره "الجار الصالح"، وكان يعني بها الانتقال من سياسة الهيمنة إلى بناء علاقات تعاون وتكامل مع الحكومات الصديقة في الجوار الإقليمي، بهدف تقليص الأعباء الأمنية والاقتصادية على الحكومة الأمريكية الناجمة عن الهجرة السرية، تجارة المخدرات، الاضطرابات الأمنية وغيرها. صحيح أن وضع الولايات المتحدة لا يشبه تماما وضعية الجزائر في محيطها الإقليمي الهش أمنيا واقتصاديا وسياسيا، ولكن الفكرة تحمل مقاربة جيدة للعمل الإقليمي من خلال اشتراك جميع الأطراف ولو بمستويات مختلفة، من أجل تحمّل الأعباء والاستفادة من الامتيازات المشتركة؛ على الأقل أدت مقاربة روزفلت إلى تحويل الجوار الإقليمي إلى صديق للولايات المتحدة واحتواء الحركات اليسارية الراديكالية داخل المكسيك.
يكمن مبرر هذه المقاربة في افتراض أنه عندما تكون الدولة غير قادرة على تحمّل أعباء الاستقرار الأمني المحلي وتكاليف السيطرة على النزاعات المحلية، فانه بالضرورة تنتقل هذه الأعباء إلى الدول المجاورة، كما أن هذه الأعباء لا تتعلق بالعناصر المادية فحسب وإنما أيضا الثقافة السياسية؛ وهي الغائبة في دول منطقة الساحل. طرح فكرة إيجاد الجار الراشد في السياسة الخارجية الجزائرية ناجم عن الإدراك الثابت بأن الطرف الأكثر تضررا من ضعف دول الجوار أو انهيارها تماما هو الجزائر، بسبب انتقال الآثار الأمنية والاجتماعية نحوها، سواء كطريق عبور نحو أوربا أو كمصدر جذب للمهاجرين غير الشرعيين الفارين من النزاعات والفقر والمجاعة؛ ولأن دول الجوار غير قادرة على تحمل الأعباء.
إن إيجاد الجار الراشد معناه إيجاد طرف يتحمل معنا الأعباء في أزمة مالي، واستمرار عدم الاستقرار في مالي سوف يعرض الاستقرار في الصحراء للتآكل والقابلية للعطب الأمني بواسطة ظهور عدد من التهديدات المتنامية على شاكلة نمو الفطريات في المناطق الرطبة. أكثر الأمثلة تعبيرا عن هذه التهديدات هو الهجوم الإرهابي على المنشأة النفطية "حياة" في تيغنتورين بعين أمناس ولاية إليزي في 16/01/2013 من قبل جماعة بقيادة المختار بالمختار تسمي نفسها "الموقعون بالدم". قامت هذه الجماعة باحتجاز الرهائن الأجانب داخل المنشأة من بينهم أمريكيين وفرنسيين وبريطانيين ونروجيين، مما استدعى تدخل القوات الخاصة الجزائرية يوم 17/01/2013 التي قامت بتحرير الرهائن وإخراج المجموعة من المنشأة، مع وقوع بعض الإصابات في صفوف الرهائن. لقد ترافقت عملية الجيش هناك بواسطة مراقبة الأطراف الدولية للعملية ورد الفعل الدولي العنيف ضد عملية الجيش التي عرّضت الرهائن لخطر حقيقي أودى بحياة بعضهم. بعث الهجوم الإرهابي على المنشأة النفطية برسالة واضحة بأن ما يحدث داخل بيئة محلية لدولة ما سوف ينتقل بسرعة إلى دولة أخرى، وبالطبع ضمن منطقة الصحراء الكبرى، الدولة الوحيدة التي لديها مصالح نفطية حيوية هي الجزائر؛ ولا يمكن إقامة جدار عازل أو سياج كهربائي لمنع المتسللين الغرباء، بسبب الكلفة المالية والحدود الطويلة. النتيجة المهمة أن وجود جار قوي قادر على تأمين حاجاته الأمنية بنفسه والمشاركة في تأمين الحدود، هو الضمانة الجيدة لأي مقاربة فعالة في المحافظة على الأمن القومي؛ خاصة وأن من الناحية التاريخية لا توجد عداوات قديمة أو خلافات حدودية مع دول الجوار ما عدا المملكة المغربية.
2)العمل الإقليمي المشترك. لبيان أهمية هذه المقاربة لابد من التساؤل: هل العمل الإقليمي أصبح خيارا أم ضرورة إستراتيجية؟ بمعنى هل هو بديل حتمي لإستراتيجية الجزائر في سياستها الخارجية؟ إذا أخدنا حادثة السيطرة على المنشاة النفطية في تيغنتورين "قاعدة الحياة" بكل معانيها الإستراتيجية، نجد أن هناك عملا متعددا إقليميا في تنفيذ الهجوم، مكون من جنسيات جزائرية مالية، تونسية، كندية، ومغربية. إن خاصية التنفيذ الإقليمي للهجوم على المنشاة النفطية هي جوهر الدافعية نحو العمل الإقليمي المشترك، على افتراض أنه طالما أن التهديد الإرهابي كان متعدد الجنسيات، فإن مقاربة الاحتواء والمعالجة يجب أن تكون كذلك. لقد أخذت الجماعات المسلحة على اختلاف قياداتها تنسق أنشطتها عبر عدد من الدول، وحسّنت بنيتها التنظيمية بشكل يجعلها فعّالة في تنفيذ الهجمات النوعية في مناطق متعددة ومتباعدة جغرافيا، يصعب على قوات الأمن تعقب أثرها أو القبض عليها، أو حتى الاشتباك معها مباشرة.
كما أن مصادر التهديد ليست منبثقة من إقليم جزائري أو دولة واحدة فقط، وإنما من بؤر إقليمية متعددة وتتفاعل في اعتماد متبادل وبواسطة تغذية رجعية أمنية فعالة؛ تعمل الجماعات المسلحة على تطوير استراتيجياتها وأدواتها بشكل دائم، كما تتميز بخاصية عدم الثبات بحيث أنها تنتشر من نقطة لأخرى وعلى مسافات طويلة. في مقابل ذلك، هناك ندرة في موارد العديد من الدول ووجود عقبات في التنسيق الأمني، مثل الحساسية اتجاه السيادة الوطنية، القيود الوطنية للتدخل في شؤون الآخر، والارتباطات مع الأطراف الدولية. يهدف العمل الإقليمي إلى التأثير على الإدراك الأمني والسياسي بواسطة تصحيح سوء الإدراك لدى الأطراف المحيطة (الجوار). فإذا نظرنا إلى الأطراف المحيطة بالجزائر، نجد أنها تتباين في خاصياتها الإستراتيجية، إمكانياتها الأمنية، قابليتها للتعاون الإقليمي وقابليتها للعطب الشديد، بواسطة التهديدات المتعددة الخواص؛ المنبثقة من البيئة الداخلية أو القادمة من الجوار الإقليمي.
هناك صعوبة واضحة تواجهها السياسة الخارجية الجزائرية حول تحقيق العمل الإقليمي المشترك، بسبب ضعف دول الجوار من حيث الموارد والإمكانيات والمتاعب الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الحكومات في تلك الدول. بالنسبة لتونس، هناك قابلية عالية للتنسيق بواسطة تبادل المعلومات حول الإرهاب والحدود المفتوحة لتسهيل حركة البضائع والأشخاص، لكن إمكانياتها المادية قليلة في مقابل وجود خبرة أمنية عالية؛ وفي نفس الوقت، لديها قابلية للعطب الأمني بواسطة الإرهاب بسبب المتاعب الاقتصادية و الآثار السلبية للتحول الديمقراطي. أما بالنسبة لليبيا، فإن الوضع الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي هناك أكثر صعوبة وتعقيدا، بسبب عدم وضوح الوضع النهائي في ليبيا بعد مرور أكثر من ثماني سنوات من سقوط نظام معمر القذافي، استمرار الاضطرابات وعمليات العنف عبر الحدود، بالإضافة إلى هشاشة المؤسسات الأمنية وتخلفها في ظل سيطرة الجماعات العنيفة على الشارع؛ وبذلك تحولت ليبيا إلى مصدر متدفق للتهديدات الأمنية نحو الجوار الإقليمي. بالرغم من أن لليبيا إمكانيات مادية كبيرة تمكّنها من المساهمة في تحمّل الأعباء الأمنية، لكنها في نفس الوقت تفتقد الخبرة والمهارة في إدارة الشؤون الأمنية والقابلية للعطب بواسطة التهديدات الداخلية، سواء تلك المتعلقة بالإرهاب ونفوذ الجماعات المتطرفة أو الصراعات القبلية والاثنية والسياسية.
تعتبر المملكة المغربية أكثر الدول المجاورة للجزائر استقرار وذات ثقل إستراتيجي وأمني إقليمي يضاهي الجزائر، ولديها قدرات مؤسساتية وأمنية وخبرة طويلة تثبيت الاستقرار والسيطرة على الإقليم؛ لكن في نفس الوقت لديها قابلية عالية للعطب بواسطة التهديدات الإرهابية، تجارة المخدرات، الهجرة غير الشرعية والاضطرابات السياسية والأمنية كنتيجة للمتاعب الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة واتساع دائرة الفقر. من ناحية أخرى، لازالت هناك حساسية عالية في العلاقات الثنائية ومثقلة بالنزاعات القديمة على الحدود، وتأثير مشكلة الصحراء الغربية التي لم تجد طريقها للحل لحد الآن. لذلك، هناك عقبات كبيرة أمام أي مبادرة للعمل الإقليمي المشترك، وأولى ضحايا هذه العقبات اتحاد المغرب العربي الذي مازال مجمّدا عن العمل منذ عام 1995. النتيجة الأساسية أن الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر لازالت تقف عائقا أمام انطلاق أي مبادرة للعمل الإقليمي المشترك، ومازالت العلاقات الثنائية تعاني من الحرب الكلامية والتراشق الإعلامي من حين لآخر (تصريحات وزير الخارجية الجزائر عبد القادر مساهل عام 2018 ضد المغرب بأنه مجرد مصدر للمخدرات).

بالنسبة لدور الجوار الصحراوي: موريتانيا، النيجر ومالي، فإن أقل ما يقال عنها أنها دول لازالت تعاني من ضعف شديد في البنية التحتية والتخلف في التنمية الاقتصادية والتهديدات الأمنية بواسطة الإرهاب والنزاعات الاثنية والأزمات السياسية. إن عدم الاستقرار في دول الساحل الصحراوي وخاصة في دولة مالي وتدخل منظمة الايكواس وفرنسا بواسطة التحالف الإقليمي الذي شكله الرئيس الفرنسي بمجرد صعوده إلى الحكم عام 2017، سوف يضعف موقف الجزائر أو ثقلها الإقليمي في المنطقة، لأنها تجد نفسها وحدها في مقابل جماعة أمنية (ايكواس) وتحالف إقليمي مدعوم من قبل فرنسا؛ لذلك، العمل الإقليمي ضروري لإحداث التوازن مع تنامي نفوذ الايكواس أو غرب أفريقيا وفرنسا في منطقة الساحل الصحراوي.
3)تعويض الأعباء الأمنية. تتضمن المقاربة الثالثة للسياسة الخارجية العمل على تعويض الأعباء الأمنية بواسطة الانخراط في علاقات الاعتماد المتبادل الإقليمي والمشاركة في وضع الترتيبات الأمنية الإقليمية التي تترتب عنها أعباء اقتصادية و أيضا أعباء أمنية. التساؤل الجوهري ليس حول طبيعة الأعباء المترتبة عن العمل الإقليمي أو التأثيرات الأمنية المتبادلة، وإنما كيف يمكن تعويض هذه الأعباء بشكل لا تصبح معيقة لعملية بناء الاستقرار الإقليمي؟ لذلك يطرح المكوّن الاقتصادي كجزء مهم من الأمن الإقليمي في هذه المناطق، الذي سوف لا يكون في شكل مساعدات مباشرة وإنما في شكل مشاريع استثمارية، يكون للشركات الوطنية حصة كبيرة في تنفيذها؛ خاصة تلك المتعلقة بإعادة تأهيل البنية التحتية كبناء الجسور، محطات توليد الكهرباء، تأهيل حقول الزراعة، إيجاد مصادر للمياه، وتطوير الاتصالات الهاتفية والإلكترونية وغيرها؛ التي تعمل من جهة على استقرار الجماعات في المدن التي تتوفر على مستوى معين من المعيشة، ومن جهة أخرى توفر تدريجيا فرص ظهور السوق الإقليمية. في نفس الوقت يجب ألا يستثنى بناء المؤسسات السياسية والأمنية من العملية التي تشرف على عملية تنمية الاستثمارات الإقليمية وتوفير الأمن عبر الحدود. يمكن أن يكون للتجارة النصيب الأوفر في تخفيف الأعباء الاقتصادية للعمل الإقليمي، التي تساعد على توفير الحاجات الأساسية لمجتمعات منطقة الساحل وحتى المغرب العربي، وتخلق مناصب الشغل للشباب على الجانبين، وفي نفس الوقت توفر مداخيل وطنية إضافية لتغطية النفقات الأمنية والعسكرية؛ خاصة مع فتح الكثير من فروع الشركات الكبرى في الإلكترونيات وصناعة السيارات والأدوات الكهرومنزلية والنسيج.
لا تشمل عملية تعويض الأعباء الأمنية فقط الجوانب الاقتصادية وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة، وإنما أيضا مشاركة جميع الأطراف في السيطرة الأمنية على الحدود واحتواء التهديدات الأمنية المختلفة وتثبيت الاستقرار داخل المجتمعات نفسها؛ وهذا يقتضي بناء مؤسسات أمنية قوية في دول منطقة الساحل الصحراوي وبعض دول شمال إفريقيا، التي تقوم باحتكار أسباب الأمن والسيطرة على انتشار الأسلحة والأنشطة الإرهابية والجريمة وحتى الجماعات السياسية المسلحة (ليبيا ومالي مثلا). تتضمن هذه الفكرة المنطق السياسي الذي تقوم عليه الدولة والملخص من قبل ماكس فيبر في احتكار أدوات الإكراه، والسلطان القاهر في المفهمة الخلدونية لقيام الملك. بناءً على هذه الفرضية الأساسية، فإن الأمن في هده المنطقة لا تقوم له قائمة ولا يستقر إلا بوجود قوة أمنية تستطيع السيطرة على البيئة الإستراتيجية بكل مكوناتها، وهذا يعني وجود مستوى من الإكراه واحتكار كبير أو تام لأدوات العنف من قبل الدولة، والذي عبّر عنه ابن خلدون بأن السلطان عندما لا يستطيع فرض الضرائب على الأقاليم مثلا، يأخذ ملكه في التلاشي والانحصار من الثغور نحو قلب الدولة حتى ينهار تماما. تجدر الإشارة إلى أن المنطق الخلدوني ليس خاصا فقط بدول العالم الثالث كمنطقة شمال إفريقيا والساحل الصحراوي، وإنما هو خاص بكل كيان سياسي يسمى "الدولة".
لذلك، أثبتت التجربة مع الأزمة الأمنية في دولة مالي أن ضعف الدولة في السيطرة على الإقليم سوف يؤدي مباشرة إلى ظهور جماعات متعددة تسيطر على المدن والطرق، وتختفي بموجب ذلك ملامح حضور الدولة ومؤسساتها عبر إقليمها؛ لذلك جاء التدخل العسكري الفرنسي في أواخر 2012 لإعادة سيطرة الدولة على الإقليم. ونفس الشيء بالنسبة لسيطرة الجماعة الإرهابية المسلحة على المنشأة النفطية بتيغنتورين في يناير 2013، أظهر الجيش الجزائري مستوى عال من استخدام القوة والتدخل السريع، فقط من أجل تثبيت مفهوم السيطرة الأمنية، أو بتعبير بن خلدون مفهوم "السلطان القاهر".
يجب النظر إلى تعويض الأعباء كمصلحة وطنية حيوية تستحق التركيز عليها في عمل السياسة الخارجية، لارتباطها الوظيفي بالعمل الإقليمي المشترك؛ الذي أصبح بدوره مقاربة محتومة ليس لأي دولة الخيار في التنصل منها أو تجاهلها لسبب بسيط يتعلق بظهور التهديدات الأمنية المشتركة العابرة للحدود؛ بحيث أن العدو إذا لم تذهب إليه فإنه سوف يأتي إليك، وإذا لم تبادره بالحرب فسوف يعلنها ضدك. كما أن شؤون السياسة الدولية مثل الطبيعة لا تقبل الفراغ، بحيث أنه إذا لم تبادر السياسة الخارجية الجزائرية بملأ فراغ الأمن الإقليمي، فإنه سوف يملأ بالضرورة من قبل قوة أخرى عادة تكون قوة عظمى، أو قوة إقليمية مدعومة من قبل قوة عظمى من الخلف.
كما أن السياسة الإقليمية لا تختلف عن السياسة الدولية من حيث سيطرة منطق السياسة الواقعية على سلوك الدول، إذ حاجج أنصار الواقعية/الواقعية الجديدة بأن الدول إذا لم تدافع عن مصالحها الحيوية فإنه يجب عليها أن تدفع ثمن إهمالها أو تراخيها أو غبائها؛ وهو نفس المنطق المطبق في منطقة شمال إفريقيا والساحل الصحراوي. نجد على سبيل المثال كل القوى العظمى (فرنسا، إيطاليا، الولايات المتحدة، بريطانيا، وروسيا) معنية بالأزمة الأمنية في ليبيا ولو بمستويات مختلفة، بالإضافة إلى القوى الإقليمية؛ وإذا لم تكن هناك مقاربة جيدة للعمل الإقليمي المشترك في السياسة الخارجية، فإنه يجب أن تدفع ثمن ضعفك على حساب مصالحك الحيوية أو أمنك القومي. زوّدنا بول فيوتي Paul R. Viotti مارك كوبي Mark V. Kauppi بمثال تناظري جيد من تاريخ العلاقات الدولية القديم في العهد اليوناني والحديث في القرن العشرين، الذي يبيّن كيف أن الضعيف في السياسة الدولية يجب أن يدفع ثمن ضعفه. فقد ذكرا أن بلجيكا دفعت ثمن ضعفها بواسطة غزوها من قبل القوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية، بالرغم من أنها أعلنت سياسة الحياد في النزاع الألماني-الفرنسي. وهي بذلك تشبه تجربة "شعب جزيرة أجين للميلوسAegean iland of Melos على الشاطئ اليوناني عندما كانوا في نزاع مع أثينا. لقد أدعى الميلوس أن لهم الحق البقاء على الحياد في الحرب البلوبونيزيةPeloponnesian War (431-404 قبل الميلاد) بين أثينا وسبرطا... أجابهم الأثينيون بأن في العالم الواقعي 'القوي يفعل ما يريد والضعيف يفعل ما يجب'


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

2- السلم التعلي...

2- السلم التعليمي و المراحل التعليمية في مصر التعليم قبل الجامعي : ( التعليم الأساسي + التعليم الثا...

يشير الانحراف ا...

يشير الانحراف السلوكي (الإساءة) إلى جميع أشكال الإساءة من جانب طرف تجاه الآخر، بما في ذلك جميع أشكال...

. اختبارات أدوا...

. اختبارات أدوات الرقابة لبند الدخل من مصادر أخرى: . يحصل المراجع على عينه من الاستثمارات التي قامت...

“المغفلة” قصة ل...

“المغفلة” قصة للكاتب الروسي انطوان شيخوف ،ملخص القصة أن يوليا فاسيليفنا مربية أطفال تعمل عند أسرة بر...

هو مخطط تنظيمي ...

هو مخطط تنظيمي يستخدم في مرحلة التخطيط للمشروع الريادي من اجل تدارك الاخطار التي يمكن ان تنجم عنه قد...

Ovoid organ (4....

Ovoid organ (4.5 x 3 x 2 cm), it is housed in an external skin sac: the scrotum. The testicle has th...

مفهوم النظم : ...

مفهوم النظم : أن مصلح النظام System يقصد به ذلك الكل المنظم والمركب الذي يجمع ويربط بين أشياء أو أج...

ما أشار إليه ال...

ما أشار إليه الكاتب بين العلاقة التي تكون بين الرجال والنساء، أنه الرجال قادرين على التسلط واستهزاء ...

. Employing tec...

. Employing technology to mediate communication and actions is essential to virtual teamwork. A nece...

معجزة قرآننا ال...

معجزة قرآننا العظيم عندما يخبرنا عن وجود هذه الظاهرة عند الأمم قبل الإسلام، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَ...

يعود الفضل في ا...

يعود الفضل في ابتكار لعبة كرة الطائرة إلى الأمريكي ويليام جورج مورغان، وذلك في عام 1895م في صالةٍ ري...

العوامل الاقتصا...

العوامل الاقتصادية العالمية وتأثيرها على نمو وابتكار الشركات التكنولوجية مثل قوقل العوامل الاقتصادية...