لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (37%)

معنى الصحة النفسية
تعريف الصحة النفسية :
تخطر ببالنا فكرة الصحة النفسية ، عندما يقف الواحد منا أمام مشكلة بارزة من مشكلات السلوك . لا يصدر عنه السلوك الملائم في أثناء تعامله مع ما يحيط به من الأشخاص والكائنات ، ومعروف أن الكائنات الحية بمختلف صنوفها تتفاعل مع البيئة، وتتكيف لظروفها تكيفا غايته ضمان الحياة واستمرار النمو وبقاء النوع . فاننا نجده يفصح عن سلوك لا يخرج عن كونه نوعا من أنواع التكيف للبيئة . وهذا النوع من التكيف يمكن تسميته ( التكيف النفسى » . فان كان هناك شخص لا يكيف نفسه التكيف النفسى المناسب لبيئته المادية والاجتماعية ، ومن أمثلة التكيف النفسى المناسب خوف الانسان من موقف يضر حياته ، والتكيف النفسي في هذه الحالة هو أن يسلك الانسان طريقة تمنع الخطر عنه ، ونعتبر عادة - كما قلنا - أن حالات التكيف المناسب دالة بوجه عام على الصحة النفسية ، وأما حالات التكيف غير المناسب ، فانها
ومن المفيد أن تقيم بعض الموازنة بين الصحة النفسية والصحة الجسمية
ويزيد نشاطه ، ويتمتع بالشعور بالقوة الحيوية . وهذه المناهج الثلاثة ليست منفصلة تماما عن بعضها ؛ ولكنها متداخلة تداخلا كبيرا . كذلك الصحة النفسية لها ثلاثة مناهج كالسابقة تماما . فهناك المنهج
د من الانحراف في الصحة العقلية حتى يعود الى حالة الاعتدال ولدينا المنهج الوقائي، أو الخيال ، أو الارادة ، أو الشخصية . وهذه المحاولات سواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة من حيث الأساس العلمي الذي تستند عليه الا أنها موجودة للغرض الانشائي . ويقابلها في الناحية الجسمية ما أشرنا اليه من محاولات زيادة الحيوية والقوة عن طريق التغذية
وعلى ضوء ما تقدم يمكن فهم معنى الصحة النفسية فهما تقريبيا . ومع الاحساس
أن يقوم عضو من الجسم بنشاط أكبر أو أقل مما يتطلبه الجسم كله ، فاذا زاد أو قل نشاط غدة من الغدد عما يتطلبه الجسم كله كوحدة أدى ذلك الى حالة مرضية ، فتتحول الى خلايا خبيثة ، لا تقوم بوظيفة ما في الجسم سوى الدمار للخلايا الطبيعية ، وأن يكيف نفسه لتغيرات في التغذية ، بحيث تقع هذه التغيرات في حدود معينة . وهجوم الكرات البيضاء أحيانا على نقطة الاصابة ، وهناك حالات تكون فيها التغيرات
وهنا يصل الى حالة اعتلال أو وفاة . وواقع الأمر أن الجزأين السابقين من التعريف ، وهما : التوافق والقدرة على مواجهة الصعوبات ليسا منفصلين ، وانما هما جزء واحد . فالتوافق بين وظائف الجسم المختلفة هو التعاون بين أعضائه ، لتساعد هذه الأعضاء الجسم على الحياة في البيئة الطبيعية ، وعلى مواجهة الصعوبات الناشئة من
التغيرات الواقعة في حدود معينة . وان صح القياس بين الحياتين الجسمية والنفسية ، أمكن - قياسا على ما تقدم أن نعرف الصحة النفسية بالتعريف نفسه الذي قدمناه للصحة الجسمية مع ابدال كلمة ( النفسية » بكلمة « الجسمية » . مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة
على الانسان ، أو كما يحدث في موقف يتنازع ارادة الشخص فيه أمران : تضحية بنفسه وأولاده لانقاذ الوطن ، هذه حالات واضحة يبدو فيها النزاع الداخلي النفسى . أي أن يكون قادرا على الجسم في مشكلاته بناء على فكرة أو فلسفة معينة . فخلو المرء من النزاع وما يترتب عليه من توتر نفسى وتردد ، ويمكن الوصول اليه عن طريق فلسفة دينية أو اجتماعية أو خلقية أو غير ذلك من
الاتجاهات المحدودة . ووظيفة الحياة النفسية بمختلف عناصرها هي تكيف المرء لظروف بيئته الاجتماعية والمادية . وهذا التغير يثير مشكلات يقابلها الانسان بحالات التفكير والانفعال ومختلف أنواع السلوك . ولكن التغيرات التي تحدث قد تكون شديدة لدرجة خارجة عن الحد الذي يقوى عقل الفرد
لهذا كان لا بد من تعاون الوظائف النفسية المختلفة . وهذا الشعور هو في العادة دليل الفرد على كونه في
حالة جيدة من حيث الصحة النفسية . مؤداه أن الصحة النفسية هي الشرط أو مجموع الشروط اللازم توافرها حتى يتم التكيف بين المرء نفسه وكذلك بينه وبين العالم الخارجي ، تكيفا يؤدى الى أقصى ما يمكن من الكفاية والسعادة لكل من الفرد والمجتمع الذي ينتمى
اليه هذا الفرد . وهذا التعريف لا يختلف كما قلنا - في جوهره عن التعريف السابق غير أنه يؤكد فكرة العلاقة بين الفرد وبيئته توكيدا أشد مما في التعريف السابق . عند الانسان ، واستغلالها الى أقصى حد مستطاع يؤدى الى سعادة الفرد وسعادة غيره . وبهذا نصل الى تطابق تام بين الغايات النهائية للتربية وغايات
الصحة العقلية . يتبين من كل ما تقدم أن الصحة النفسية ليست مجرد الخلو من المرض ، ومعنى هذا أن مراعاة التعامل الاجتماعى واجبة بحيث تؤدى مع تحقيقها الأهداف الاجتماعية الى ضمان تحقيق الأهداف الفردية في الوقت نفسه . فالتكيف الصحيح للمجتمع كثيرا ما يتطلب في الوقت نفسه اعلاء للمجتمع ذاته أى أنه يتطلب ألا يقوم الأفراد بمجرد التلبية للمجتمع كما هو ، الشذوذ والصحة النفسية :
يعتقد بعض الناس أن الشذوذ واختلال الصحة النفسية أمر واحد ، وقد يكون شاذا عن العادى فى فرط ذكائه أو فرط غبائه . فمعروف أن كل شخص عادي تثور شكوكه في مناسبات معينة ، ويغلب كذلك أن يكون به بعض الاضطراب من ناحية الصحة النفسية . وهكذا اذا أخذنا مظاهر الحياة العقلية كلها ، من خوف ، وتدين ، ووحدة ، وكلام ، وميل جنسي ، وضحك ، وأكل ، الا أن العكس ليس صحيحا . وعلى ذلك فالفرد قد يشذ عن العادى - أو ينحرف - بالنسبة لنفسه ، وأحيانا ينحرف أيضا عن العادى بالنسبة لغيره من الناس . نسبية الصحة النفسية :
كذلك لا يوجد حد فاصل بين الصحة النفسية والمرض النفسى . فالتوافق التام بين الوظائف الجسمية المختلفة لا يكاد يكون له وجود . ولكن درجة اختلال هذا التوافق هي
ودرجة اختلال التوافق هي التي تميز حالة الصحة عن غيرها .


النص الأصلي

معنى الصحة النفسية


تعريف الصحة النفسية :


تخطر ببالنا فكرة الصحة النفسية ، عندما يقف الواحد منا أمام مشكلة بارزة من مشكلات السلوك . فاذا لاحظنا أن شخصا ما ، لا يصدر عنه السلوك الملائم في أثناء تعامله مع ما يحيط به من الأشخاص والكائنات ، فاننا نلاحظ أن هذا السلوك غير الملائم يكون غالبا مصدرا لمشكلات وصعوبات. وسلوك الفرد في أثناء تعامله مع ما يحيط به من الأشخاص والكائنات لا يخرج عن كونه نوعا مما يسميه علماء الحياة ( تكيف الكائن الحي للبيئة المحيطة به » . ومعروف أن الكائنات الحية بمختلف صنوفها تتفاعل مع البيئة، وتتكيف لظروفها تكيفا غايته ضمان الحياة واستمرار النمو وبقاء النوع . كذلك الانسان عندما يتعامل مع بيئته المادية والاجتماعية ، فاننا نجده يفصح عن سلوك لا يخرج عن كونه نوعا من أنواع التكيف للبيئة . وهذا النوع من التكيف يمكن تسميته ( التكيف النفسى » . فان كان هناك شخص لا يكيف نفسه التكيف النفسى المناسب لبيئته المادية والاجتماعية ، قلنا عادة اننا نشك في صحة حالته النفسية . ومن أمثلة التكيف النفسى المناسب خوف الانسان من موقف يضر حياته ، كوقوعه أمام حيوان مفترس . والتكيف النفسي في هذه الحالة هو أن يسلك الانسان طريقة تمنع الخطر عنه ، فيهرب مثلا من الحيوان ولكن اذا ظهر خوف الانسان البالغ من حيوان عادى نألفه كقط أو أرنب - أو ما شابه ذلك - اعتبرنا مظاهر الخوف تكيفا نفسيا غير مناسب . ونعتبر عادة - كما قلنا - أن حالات التكيف المناسب دالة بوجه عام على الصحة النفسية ، وأما حالات التكيف غير المناسب ، فانها


تفصح عن انحراف في الصحة النفسية .


ومن المفيد أن تقيم بعض الموازنة بين الصحة النفسية والصحة الجسمية


من حيث مناهج كل منهما - حتى تفهم الأولى على ضوء الثانية . فالصحة الجسمية نصل اليها بمناهج ثلاثة : أولها المنهج العلاجي (Remedial) وهو ما يتبعه الفرد العادى للتخلص من مرض أو انحراف . وثانيها المنهج الوقائي (Preventive) وهو ما يتبعه الفرد عادة لكي يتجنب الاصابة بمرض ماء وثالثها المنهج الانشائي أو الايجابي (Positive or Constructive) ، وهو ما يتبعه الفرد العادى حتى تقوى صحته ، ويزيد نشاطه ، ويتمتع بالشعور بالقوة الحيوية . وهذه المناهج الثلاثة ليست منفصلة تماما عن بعضها ؛


ولكنها متداخلة تداخلا كبيرا .


كذلك الصحة النفسية لها ثلاثة مناهج كالسابقة تماما . فهناك المنهج


العلاجي ، وهو ما يتبع لعلاج الفرد. د من الانحراف في الصحة العقلية حتى يعود الى حالة الاعتدال ولدينا المنهج الوقائي، وهو الطريق الذي يسلكه الفرد مع نفسه ومع غيره حتى يقى نفسه وغيره الوقوع في حالة اضطراب نفسى. وهناك المنهج الانشائى ، وهو ما يحتذيه المرء ليزيد شعوره بالسعادة ، وليزيد كفاءته الى أقصى حد مستطاع . ومن أمثلته ما يقوم به بعض الناس من محاولات لتقوية الذاكرة ، أو الخيال ، أو الارادة ، أو الشخصية . وهذه المحاولات سواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة من حيث الأساس العلمي الذي تستند عليه الا أنها موجودة للغرض الانشائي . ويقابلها في الناحية الجسمية ما أشرنا اليه من محاولات زيادة الحيوية والقوة عن طريق التغذية


والرياضة والتمرينات الموضوعة خصيصا لذلك .


وعلى ضوء ما تقدم يمكن فهم معنى الصحة النفسية فهما تقريبيا . ولزيادة الايضاح نعود مرة أخرى الى الصحة الجسمية فنعرفها بالتعريف الآتي: الصحة الجسمية هي التوافق التام بين الوظائف الجسمية المختلفة ، مع القدرة على مواجهة الصعوبات العادية المحيطة بالانسان ، ومع الاحساس


الايجابي بالنشاط والقوة والحيوية .


ونقصد بالتوافق أن تكون الوظائف الجسمية متعاونة تعاونا تاما لصالح الجسم كله ، فلا يجوز في الحالة الصحية ، أن يقوم عضو من الجسم بنشاط أكبر أو أقل مما يتطلبه الجسم كله ، والا نشأت حالة مرضية ، تختلف في شدتها ، ومدة بقائها باختلاف نوعها وظروفها ، فاذا زاد أو قل نشاط غدة من الغدد عما يتطلبه الجسم كله كوحدة أدى ذلك الى حالة مرضية ، فزيادة نشاط الغدة الدرقية مثلا عما يستدعيه الاتزان الكلى لمجموع نشاط الغدد يترتب عليها عادة الحالة المعروفة باسم (Exophthalmic Goitre) وانخفاض نشاط الغدة الدرقية عن الحد الذي يتطلبه اتزان مجموع نشاط الغدد ينتج عنه حالة (Myoedema) كذلك قد تستقل في النمو مجموعة من خلايا الجسم - لسبب ما - عن بقية الأنسجة المحيطة بها ، فتتحول الى خلايا خبيثة ، لا تقوم بوظيفة ما في الجسم سوى الدمار للخلايا الطبيعية ، وتسحب عندئذ كثيرا من نشاط الجسم وغذائه لحسابها الخاص ، وهذه هي الحالة المعروفة بالسرطان (۱) . من هذا كله يتضح المقصود بالتوافق ، وهو أن


تعمل أجزاء الجسم متعاونة لصالح الجسم كله .


واذا عدنا الى التعريف الذي نحن بصدده ، نجد أنه ينص على قدرة الجسم على مواجهة الصعوبات العادية التي تحيط بالانسان ، فيجب أن يكون بحيث يقاوم التغيرات المألوفة في درجة حرارة الجو مثلا ، وأن يكيف نفسه لتغيرات في التغذية ، ومواعيدها وألوانها ، بحيث تقع هذه التغيرات في حدود معينة . وأساليب التكيف الجسمى لهذه التغيرات كثيرة ومعروفة ، منها : ارتفاع درجة الحرارة ، واسراع القلب في أداء عمله . وهجوم الكرات البيضاء أحيانا على نقطة الاصابة ، وغير ذلك . وهناك حالات تكون فيها التغيرات


الطارئة أقوى مما يمكن أن يقاومه الجسم ، مهما تضافرت قواه في هذا الاتجاه . وهنا يصل الى حالة اعتلال أو وفاة .
وواقع الأمر أن الجزأين السابقين من التعريف ، وهما : التوافق والقدرة على مواجهة الصعوبات ليسا منفصلين ، وانما هما جزء واحد . فالتوافق بين وظائف الجسم المختلفة هو التعاون بين أعضائه ، لتساعد هذه الأعضاء الجسم على الحياة في البيئة الطبيعية ، وعلى مواجهة الصعوبات الناشئة من


التغيرات الواقعة في حدود معينة .


أما الجزء الأخير من التعريف وهو الاحساس الايجابي بالنشاط والقوة والحيوية فهو واضح لا يحتاج الى شرح . وله وظيفة ترتبط بالجزأين السابقين ، فوجود هذا الاحساس يدل الفرد على تمتعه بالتوافق ، وغياب


هذا الاحساس يدله على حاجته الى القيام باعادة هذا التوافق .


. وان صح القياس بين الحياتين الجسمية والنفسية ، أمكن - قياسا على ما تقدم أن نعرف الصحة النفسية بالتعريف نفسه الذي قدمناه للصحة الجسمية مع ابدال كلمة ( النفسية » بكلمة « الجسمية » . وعلى هذا تكون الصحة النفسية هي التوافق التام أو التكامل (۱) بين الوظائف النفسية المختلفة ، مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة


على الانسان ، ومع الاحساس الايجابي بالسعادة والكفاية . ومعنى التوافق التام بين الوظائف النفسية المختلفة هو خلو المرء من


النزاع الداخلي كوقوعه بين اتجاهين مختلفين ، كأن يتردد بين تحقيق كرامته في نظر نفسه ، واشباع جوعه عن طريق السرقة . أو كما يحدث في موقف يتنازع ارادة الشخص فيه أمران : تضحية بنفسه وأولاده لانقاذ الوطن ، أو تضحية بالوطن لانقاذ نفسه وأولاده . هذه حالات واضحة يبدو فيها النزاع الداخلي النفسى . والواجب أن يكون المرء بحيث لا يقع في نزاع نفسى ، أي أن يكون قادرا على الجسم في مشكلاته بناء على فكرة أو فلسفة معينة . فخلو المرء من النزاع وما يترتب عليه من توتر نفسى وتردد ، وقدرته على حسم النزاع حال وقوعه هو الشرط الأول للصحة النفسية . ويمكن الوصول اليه عن طريق فلسفة دينية أو اجتماعية أو خلقية أو غير ذلك من


الاتجاهات المحدودة .


ووظيفة الحياة النفسية بمختلف عناصرها هي تكيف المرء لظروف بيئته الاجتماعية والمادية . وغايتها تحقيق حاجات الانسان ، وهي تتحقق عادة بالتعامل مع البيئة . وهذه البيئة متغيرة ، وهذا التغير يثير مشكلات يقابلها الانسان بحالات التفكير والانفعال ومختلف أنواع السلوك . ولكن التغيرات التي تحدث قد تكون شديدة لدرجة خارجة عن الحد الذي يقوى عقل الفرد


على مقابلته والتكيف له . وهنا تنشأ الحالات المرضية .


لهذا كان لا بد من تعاون الوظائف النفسية المختلفة . ولا بد من تقويتها المقاومة التغيرات العادية . وضرورى فوق ذلك أن يكون هناك شعور ايجابي بالسعادة والكفاية . وهذا الشعور هو في العادة دليل الفرد على كونه في


حالة جيدة من حيث الصحة النفسية .


وهناك تعريف آخر لا يختلف في جوهره عن التعريف السابق ، مؤداه أن الصحة النفسية هي الشرط أو مجموع الشروط اللازم توافرها حتى يتم التكيف بين المرء نفسه وكذلك بينه وبين العالم الخارجي ، تكيفا يؤدى الى أقصى ما يمكن من الكفاية والسعادة لكل من الفرد والمجتمع الذي ينتمى


اليه هذا الفرد .


وهذا التعريف لا يختلف كما قلنا - في جوهره عن التعريف السابق غير أنه يؤكد فكرة العلاقة بين الفرد وبيئته توكيدا أشد مما في التعريف السابق . وهو فوق ذلك يتضمن ضرورة ايقاظ القدرات العقلية الطبيعية. عند الانسان ، واستغلالها الى أقصى حد مستطاع يؤدى الى سعادة الفرد وسعادة غيره . وبهذا نصل الى تطابق تام بين الغايات النهائية للتربية وغايات


الصحة العقلية .


يتبين من كل ما تقدم أن الصحة النفسية ليست مجرد الخلو من المرض ، لأننا نلاحظ أن مجرد الخلو من المرض لا يحتم قدرة المرء على مواجهة الأزمات العادية . ولا يتبعه الشعور الايجابي بالسعادة . ولا يمكننا كذلك أن نعتبر أن الصحة النفسية هي ما تترتب عليه الكفاية والسعادة الفردية . فالنتائج الفردية - اذا كانت هي الغاية الوحيدة - لابد أن تصطدم مع رغبات الآخرين اصطداما قد ينقصها أو يقضى عليها ، الا اذا اعتبرنا أن شرط الكفاية والسعادة الاجتماعية داخل ضمنا لتحقيق النتائج الفردية . ومعنى هذا أن مراعاة التعامل الاجتماعى واجبة بحيث تؤدى مع تحقيقها الأهداف الاجتماعية الى ضمان تحقيق الأهداف الفردية في الوقت نفسه . كذلك لا يمكن أن نعتبر أن الصحة النفسية هي مجرد العمل السعادة المجتمع ، لأن هذا بدوره لا يحتم سعادة الفرد وكفايته . الا اذ اعتبرنا أن النقص في سعادة الأفراد وكفايتهم يترتب عليه حتما نقص في السعادة والكفاية الاجتماعيتين .


ويعترض على فكرة السعادة والكفاية الاجتماعيتين ، والتكيف بين المرء والمجتمع بأن المجتمع نفسه ليس - دائما - مجتمعا صالحا . فالتكيف الصحيح للمجتمع كثيرا ما يتطلب في الوقت نفسه اعلاء للمجتمع ذاته أى أنه يتطلب ألا يقوم الأفراد بمجرد التلبية للمجتمع كما هو ، وانما يحاولون أن يقوموا بأنصبتهم في احداث تغيير في المجتمع ، ينقله الى حالة أحسن مما هو فيها . وبهذا يمكن الوثوق من أن كلا من الأفراد والمجتمع يعمل على رقى نفسه ورقى الآخر رقيا مستمرا مطردا .


لهذا كله لا يمكن أن نعتبر أن الصحة النفسية هي الحالة التي تمكن الفرد من تقدير سلوكه وسلوك غيره على نفس المستوى الذي يقدره عليه بقية المجتمع لأن معنى هذا كما قلنا أن موقفنا ازاء المجتمع سيصير موقفا سلبيا جامدا محافظا لا موقفا ايجابيا مجددا مطرد التقدم .
الشذوذ والصحة النفسية :


يعتقد بعض الناس أن الشذوذ واختلال الصحة النفسية أمر واحد ، ولكن اذا علمنا أن الشذوذ هو الخروج عن المألوف ، كان هناك تفريق
بين الشخص العادي أو المتوسط ، والشخص الصحيح العقل . لنأخذ مثالا من الناحية الجسمية ، فالشخص قد يكون عاديا في طول قامته ، وقد يكون شاذا من حيث قصره أو طوله . وكذلك يكون عاديا في لون بشرته أو شاذا بسبب شدة بياضه أو شدة سواده ؛ ولكن هذه الأنواع من الشذوذ ليس معناها المرض . كذلك في الناحية النفسية قد يكون الشخص عاديا في ذكائه ، وقد يكون شاذا عن العادى فى فرط ذكائه أو فرط غبائه . وهذه الأنواع


من الشذوذ العقلي ليس معناها المرض أيضا .


لهذا لا نعترف أن الشذوذ مرادف لاختلال الصحة النفسية أو الجسمية . ولكن يلاحظ أن الشذوذ في التكوين الجسمى أو التكوين العقلي يعرض صاحبه لصعوبة احداث التكيف بينه وبين المجتمع . فالشخص العبقرى والشخص الضعيف العقل ( القليل الذكاء ) لكل منهما صعوباته في التكيف . ولهذا يخلط الناس عادة بين العبقرية وما يصاحبها من نتائج ثانوية ، وضعف


العقل وما يتسبب عنه بطريق غير مباشر .


ولكن اذا أخذنا الوظائف النفسية المختلفة يمكن أن تتخذ الشذوذ فيها دليلا مبدئيا لفرض احتمال اعتلال الصحة النفسية ، على شرط ألا تقبل هذا الفرض الا بناء على ما نجريه بعد ذلك من ملاحظات ودراسات ، فاذا أخذنا الغضب مثلا ، فاننا نعلم أن كل شخص لابد أن يغضب في بعض الظروف . وأما الذي لا يغضب اطلاقا أو الذي يغضب لأتفه الأسباب ، فانه لا شك شاذ . ومن الجائز أن يكون عنده بعض الانحراف - القليل أو الكثير - في الصحة النفسية . كذلك اذا أخذنا الشك ، فمعروف أن كل شخص عادي تثور شكوكه في مناسبات معينة ، ولكن الذي لا يستثار عنده الشك بحال من الأحوال ، أو الذي يقضى حياته معذبا بالشك دائما ، فانه أيضا شاذ ، ويغلب كذلك أن يكون به بعض الاضطراب من ناحية الصحة النفسية . وهكذا اذا أخذنا مظاهر الحياة العقلية كلها ، من خوف ، وتدين ، ووحدة ، وكلام ، وميل جنسي ، وضحك ، ونوم ، وأكل ، وميل للظهور ، واتجاه للتملك ، وميل للفرح ، وشغف بالراحة ، وغير ذلك ، وجدنا أن لكل منها مظهرا عاديا ، ولها في الوقت نفسه مظاهر شاذة ، يمكن أن تتخذ دليلا مبدئيا يرجح لدرجة ما وجود اختلال في الصحة النفسية ولكن المقياس العلمي للصحة النفسية هو - كما قلنا التوافق الداخلي المصحوب بحسن التكيف مع البيئة ، بحيث يؤدى الى أقصى درجة ممكنة من الكفاية والسعادة . ولابد لنا أن نستدرك أنه ولو أن الشذوذ ليس مرادفا لاختلال الصحة النفسية بدرجاته المختلفة ، الا أن العكس ليس صحيحا . فالانحراف في الصحة النفسية شذوذ . وعلى ذلك فالفرد قد يشذ عن العادى - أو ينحرف - بالنسبة لنفسه ، أي بالنسبة لما ينتظر منه ، وأحيانا ينحرف أيضا عن العادى بالنسبة لغيره من الناس .


نسبية الصحة النفسية :


واذا أخذنا الصحة النفسية واختلالها وجدنا أن الأمر فيها نسبي كما هو في الشذوذ فكما أنه لا يوجد حد فاصل بين الشاذ والعادي ، كذلك لا يوجد حد فاصل بين الصحة النفسية والمرض النفسى . والصحة النفسية شبيهة في ذلك بالصحة الجسمية ، فالتوافق التام بين الوظائف الجسمية المختلفة لا يكاد يكون له وجود . ولكن درجة اختلال هذا التوافق هي


التي تبرز حالة المرض عن حالة الصحة . كذلك التوافق التام بين الوظائف النفسية المختلفة عند فرد ما - أمر يكاد لا يكون له وجود . ودرجة اختلال التوافق هي التي تميز حالة الصحة عن غيرها . ومن أركان الصحة النفسية التي أثبتناها - الى جانب انعدام النزاع


الداخلي - نجاح التكيف مع البيئة ، ونجاح التكيف هذا أمر نسبي كذلك . فليس هناك حد فاصل ندرك عنده الفرق بين حالتي تحقق التكيف مع البيئة ، وانعدام تحققه .


ونلاحظ أن التكيف مع البيئة نسبى من ناحية أخرى ، وهي الناحية المتوقعة على النمو . فالطفل الصغير يعتبر في حالة صحية عادية ، اذا رضع ثدى أمه حتى سن الثانية من ولادته ، ولكنه لا يعتبر كذلك اذا استمر يرضع الى سن السادسة . كذلك الأنانية تعتبر حالة عادية من حيث الصحة النفسية في السنوات الخمس الأولى ، ولكنها لا تعتبر كذلك في دور المراهقة . كذلك الميل الجنسي الناضج يعتبر عاديا بعد المراهقة ، وغير


عادي اذا ظهر في الطفولة وهكذا ...


میدان الصحة النفسية :


سبق أن أشرنا إلى أن علم الصحة النفسية يبحث في تكوين الأفراد ، وفي علاجهم وفي وقايتهم من العيوب السلوكية أو النفسية في مراحل نموهم المختلفة . لهذا يتحتم علينا لدراسة هذا العلم أن ندرس الفرد في أسرته ، وفى أثناء تعلمه بالمدرسة ، وفى أثناء اضطلاعه بعمله في الحياة ، وكذلك ندرسه من حيث علاقاته بالمجتمع . وعلينا أن ندرس في كل هذا مجموعة القوى التي تؤثر فيه وتتبين الحال التي يجب أن تكون عليها هذه القوى بحيث ينمو على أحسن نمط ممكن .


ولكن من الأمور الثابتة ، أن هذا النوع من الدراسة ، يكون أقرب منالا اذا قمنا به عن طريق فحص مشكلات السلوك في مراحل النمو المختلفة ، لأن درس هذه المشكلات يجعلنا نصل الى كيفية ظهورها ، وأساليب معالجتها ، وطرق تجنب وقوعها وهذا بدوره يهدينا الى درس العوامل المختلفة التي تؤثر عادة في سلوك الفرد ، ومعرفة الطرق التي يعمل بها ، واستنباط أمثل الوسائل لضبط هذه العوامل وتوجيهها لصالحه وخيره.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

رداً على هذا ال...

رداً على هذا السوال فيوجد عدة اسباب حيث تتكون مهام الهيئة من ستة مهام رئاسية وهم: اولاً: العمل على ب...

أثارت لحظات بكا...

أثارت لحظات بكاء أطفال يسمعون للمرة الأولى في حياتهم، مشاعر الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ...

Caitlin Clark b...

Caitlin Clark broke an Indiana Fever rookie record with half of the WNBA season still to go. The No...

كل شيء تمام الت...

كل شيء تمام التمام ومل شيء يذهب من حيث اتى، وكل شيء يعود من حيث اتى ولا يهمنا التقرب او التواصل مع ا...

من كالوالدين ال...

من كالوالدين اللذين يُقدمان لابنهما الحب والحنان والرعاية، ويمنحانه الثقة والاحترام لنفسه ليكون معين...

وال: أصناف أسئل...

وال: أصناف أسئلة االختبارات الموضوعية تتعدد أصناف األسئلة الموضوعية إلى: - سؤال / اختيار، وهو اختيار...

ينطوي التداول ع...

ينطوي التداول على الهوامش على درجة عالية من المخاطرة برأس المال الخاص بك ، ويمكن أن تخسر أكثر من إيد...

أن أكثر حوادث ا...

أن أكثر حوادث الغرق سببها الإهمال وعدم التقيد بالاشتراطات والانشغال عن الأطفال وعدم التواجد برفقتهم ...

Translation nov...

Translation novels: - Translating novels is just as tricky as translating poetry – and can often b...

الكلام المصطلح ...

الكلام المصطلح عليه عند النحاة عبارة عن لفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها فاللفظ جنس يشمل الكلام وا...

‎أديب السويلم ه...

‎أديب السويلم هو أبرز رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية، وهو عضوا مؤسسا لسلسة الاستثمار الكند...

A BRIEF HISTORY...

A BRIEF HISTORY OF NANOTECHNOLOGY Reference is often made to a lecture given by Richard Feynman in ...