لخّصلي

لفكرة القائلة إن شيئ
«المعلومات» هو شيء مركزي بالنسبة إلى الرأساملية المعاصرة، هي فكرة مل
ّق بالمجتمع الشبيك. في الحقيقة، ظهرت هذه
تنبثق من الخطاب المتعل
ا، في الخطابات التي تُعلن ميلاد المجتمع «ما بعد ً الفكرة أي ًضا وأساس
الصناعي» أو «مجتمع المعلومات». لكن من الواضح أن هذه الفكرة عاودت
البروز بقوة في التوصيفات الحديثة للمجتمع الشبيك. وتبقى المقولة الأساس
ا منذ نشأتها في الإطار النظري للمجتمع ما بعد ً من دون تغّري نسبي
ا لا من الرأساملية إلى ً ُ أسس الحياة الاقتصادية دراماتيكي ّل الصناعي: تحو
نظام آخر، وإمنا على العكس، من اقتصاد يحرك بفضل استخراج الموارد
ُدار عبر تداول المعرفة وتطبيقها. وهنا تأخذ الخدمات
والتصنيع إلى اقتصاد ي
ا في الاقتصاد، كام تصبح ً ا رئيس ً النوعية المتعّددة التي يصعب تعريفها دور
للمعلومات والمعرفة أهمية جديدة واضحة باعتبارها موارد وسلًعا منتجة.
ويبدو هذا التحول الظاهر نحو اقتصاد جديد، بالنسبة إلى أغلبية الناس،
يا أكرث فأكرث في مستوى تجاربهم في عامل العمل والاستخدام في الوظائف.
جلً
وكام يبّني ماي: «الفكرة واضحة: نعمل في هذا الاقتصاد المعلومايت الجديد
قبل كل شيء بعقولنا عوًضا عن أيدينا، ومن الأحسن فهم هذه الأعامل
ّها أعامل متصلة بالخدمات: توفري المعلومات، استخدام المعرفة... في
على أن
هذا الاقتصاد الجديد الأفكار هي المهمة، والمعرفة هي المورد الأكرث أهمية»
(19) . وسنعود في ما يلي إلى تحليل موضوع طبيعة العمل في الاقتصاد
الجديد.
تُعتبر العلاقة بني تقانة المعلومات والاتصالات الجديدة في الاقتصاد الجديد
علاقة أساسية في أطروحة المجتمع الشبيك، وليس من الممكن ا ّدعاء المبالغة
أدناه أ ّن التقانة الشبكية هي مسألة رئيسة في مستوى ّ فيها. وسوف نبني
المجتمع ُ ا وشركات لامركزية تَ ِسم ً التنسيق بني مشاريع معقدة موزعة إقليمي
الشبيك أكرث فأكرث. لكن، إضافة إلى هذا، يقال إن هذه التقانات أعادت
توجيه الاقتصادات الرأساملية بطريقة أكرث أهمية وشمولية، وفًقا لكاستلز:
َّم حول تقانة المعلومات الجديدة
أ ّدى ظهور أمنوذج تقني جديد ومنظ
القوية والمرنة إلى جعل المعلومات ذاتها نتاج عملية الإنتاج. ولنكون أكرث
دقة، نقول إن منتوجات صناعات تقانة المعلومات الجديدة هي أدوات
معالجة للمعلومات أو معالجة المعلومات في حد ذاتها. وتؤثر تقانة
المعلومات الجديدة، بتغيريها عمليات معالجة المعلومات، في مجالات النشاط
الإنساين كلها، وتجعل من الممكن تأسيس أشكال غري متناهية من الترابط
بني مجالات مختلفة كام بني عناصر هذه الأنشطة وفاعليها. وبذلك يبرز
اً اقتصاد شبيك متبادل الاعتامد على نحو عميق ويغدو على نحو متزايٍد قادر
على تطبيق تقدمه في التقانة والمعرفة والإدارة على التقانة والمعرفة والإدارة
ذاتها (20) .
بهذا المعنى يجب أن تُ ْفَهم الفكرة القائلة إن الاقتصاد الجديد المبني
على أساس المعرفة ليس ببديل ولا مبزيل للمؤسسات والاقتصادات والمهن
الصناعية القامئة على الموارد، بل على العكس من ذلك، هو اقتصاد شامل
لتلك المؤسسات والاقتصادات والمهن في شكل شبكات اقتصادية يكون فيها
تداول المعلومات وانتشارها وتطبيقها عبر الوسائل التقنية علامة مميزة.
وهكذا، تقوم المشاريع الصناعية، من قبيل صناعة السيارات أو التعدين أو
ا في شبكات معقدة داخل المؤسسة ً الأعامل الزراعية، وبقدر ارتباطها تواصلي
وعبر الشركات، بتشغيل ذوي مهارة تقنية، كام تستخدم تقانة معلومات
أّ ا لا يتجز ً معقدة في عملياتها ومعاملاتها، وتبقى هذه المشاريع الصناعية جزء
ًزا منه. ّ ا متمي ً من الاقتصاد الجديد للمجتمع الشبيك لا عنصر
ّسم ما ي
توى المؤشرات. ّع مه ّم في مس الاقتصادات الجديدة» بتنو ُ َس ّمى « يت
وأغلب هذه المؤشرات مرتبط، بطريقة ما، بالدور الاقتصادي المه ّم الذي
تؤديه تقانات المعلومات والاتصال الجديدة. وتضم هذه المؤشرات:
ـ زيادة إنتاجية القطاعات التقنية والصناعات الكثيفة التقانة.
َّعة. َ ـ تنامي أسواق ومنتوجات وخدمات المعلومات/ المعرفة المُس
ل
ـ تنظيم للشركات والأسواق والخدمات عابر للقوميات.
ـ الاعتامد أكرث فأكرث على التقانة في إدارة النشاط التجاري والمالي (مثال
التجارة الإلكترونية).
ـ ازدياد الطلب على اليد العاملة ذات المهارات العالية (عامل المعرفة).
ـ أهمية بارزة لتعليم المهارات والتدريب (مبعنى «التعلم مدى الحياة»).
ـ النمو المتواصل للتشغيل في مجال معالجة المعلومات/ الخدمات.
ـ إعادة هيكلة العمل والتشغيل استجابة لمقتضيات تقانة المعلومات
ومستج ّداتها.
ـ التجديد والبحث والتطوير بوصفها محركات للنمو الاقتصادي والتنافسية.
الإنتاج والإدارة «المرنني». ّ ـ وفرة النامذج الجديدة في ما يخص
ـ ظهور «متايزات رقمية» متنامية بني أولئك الذين يتموقعون في وضعيات
مت ّكنهم من الاستفادة من التقانة الشبكية وأولئك الذين ليس في مقدورهم
فعل ذلك.
ََقد أن هذه الشروط أو المؤشرات تبرز، بنسب متفاوتة، أينام يظهر ُعي
ت
ًا وثيًقا بوفرة
شيء يس ّمى «الاقتصاد الجديد»، وكل واحد منها مرتبط ارتباط
تقانة المعلومات والاتصالات الجديدة وتطوره