خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
يُظهر هذا النص أن فهم ذكاء الطفل يتطلب تجاوز النظرة التقليدية التي تصوره ككيان سلبي يتأثر فقط بالبيئة المحيطة. فبينما تُقدّر أهمية البيئة في التعليم، إلا أن الطفل ليس وعاءً فارغًا يُملأ، بل هو كائن نشط ينتقي المعلومات بناءً على اهتماماته الداخلية، كما أوضح جيمس بقوله أن "أحداً لا يرى الشيء في كليته". يمتلك الطفل منذ عمر مبكر قدرة على الاستنتاج والتفكير الخلاق، وينمو عقله تدريجياً بامتصاص الصور من بيئته، مُظهراً شغفاً خاصاً بالتفاصيل الدقيقة التي قد يغفل عنها الكبار. أمثلة عدة تُبرز ذلك، كطفل لاحظ اختلاف شخصين متشابهين في شكلهم، أو طفل يركز على حشرة صغيرة بدلاً من ألوان زاهية، أو طفل يلاحظ تفاصيل صغيرة في كتاب أغفلها الكبار. يُبرز النص أيضاً خطورة تدخل الكبار في عملية نمو الطفل المعرفي، حيث قد يعيقون تركيزه وتنظيمه الذاتي. تجربة إرضاع الأطفال تُظهر أهمية العوامل النفسية، حيث عانى أطفال في عيادة من نقص تغذية نفسية تعالجت بنزهات وتسلية. يُختتم النص بتأكيد على اختلاف الشخصية النفسية للطفل عن الكبار، حيث يتميز الطفل باهتمامه بالتفاصيل الدقيقة، ما يجعله ينظر للكبار ككائنات غير مكتملة، مؤكداً على ضرورة فهم الطفل واحترام طريقة تفكيره الفريدة.
الذكاء
يظهر لنا الطفل أن الذكاء لا بينى ويتكون ببطء ومن الخارج، كما أسس لذلك علماء النفس الآليين. ومازال هذا سائدا في كل من النظرية والتطبيق التربوي. وطبقا لنظريتهم المعرفية، والانطباعات التي نستقبلها من الموضوعات الخارجية، تبقى كما هي لتفتح بوابات حواسنا. ثم تبقى بداخل المنطقة النفسية. وتدريجيا، تتضافر معا لتبدأ في تنظيم وبناء العقل.
إن المقولة القديمة : «لا يوجد شئ في العقل، تماما مثلما يحدث بصورة أو بأخرى مع بداية الإحساس»، يمكن تطبيقها على هذه العملية. إنها تفترض أن الطفل سلبي نفسيا وتحت رحمة محيطه الخارجي. من هنا، يصبح الطفل موضوعا مطلقا لتحكم الكبار. مفهوم مشابه، هو أن الطفل ليس سلبيا من الناحية العقلية فقط بل هو مثل آنية الزهور الفارغة، وأنه موضوع أو شئ يمكن ملئه وقولبته.
إن خبراتنا - بالتأكيد - لم تقدنا إلى عدم التشديد على أهمية بيئة الطفل في نمو عقله. وكما هو معروف، فإن نظامنا التربوي يقدر بيئة الطفل، وبدرجة هائلة نجعل منها مركزا للتعليم والإرشاد. كما نعطي اهتماما بالغا.
التقدير حواس الطفل وإحساسه، اهتماما يفوق غيرها بين نظم في التعليم. لكن، هناك بين مفهومنا ووجهة النظر الاقدم، فرق في رؤية الطفل ككائن سلبي تقريبا، فللطفل مرحلة حساسة تبقى حتى يبلغ الخامسة تقريبا. وهي ، بيئته بشكل استثنائي. إنه . تمكنه من ا استيعاب الصور من . إنه مراقب - بنشاط - استقبال تلك الصور عبر حواسه، لكن هذا لا يعني أنه يستقبلها كالمرآة. إن هذا المراقب الحقيقي يتصرف وفقا لبنض داخلي. إنه نوع من الشعور أو المذاق الخاص. وهو - بالتالي - انتقائي في اختياره للصور. وقد ساد هذا المفهوم وانتشر بواسطة «جيمس» حين قال أن أحدا لا يرى الشئ - أبدا - في كلية خصوصية. فكل فرد يرى - فقط - جزءا منه، إنه يراه في ضوء وجدانه واهتماماته. وهكذا، فالشئ ذاته يوصف بطرق مختلفة بواسطة أفراد مختلفين. لقد جاءت أمثلة «جيمس» الخاصة بهذه الظاهرة متألقة للغاية. فقد لاحظ أن، «إذا كنت مسرورا - بشدة - بحلة جديدة، فستبدأ في ملاحظة ملابس الآخرين، وقد نتعرض - في سبيل استمرار ملاحظتك - لخطر الموت تحت عجلات سيارة».
علينا أن نتساءل، ما الشغف والاهتمام الخاص لأطفال صغار، الذي يجعلهم يلتقطون صورا محددة بأعداد لا تحصى مما يصادفونه. ومن الواضح أنه لا يمكن وجود نبض خارجي يظهر النزوع إلى التفكير، مثلما أوضح «جيمس» في المثال السابق. إن الطفل يبدأ من لا شئ، ثم يتقدم بمفرده.
إنها المراحل الحساسة المتعاقبة. إن عملية التفكير أو الاستنتاج - وهي طبيعية وخلاقة - تنمو تدريجيا مثل شئ حي. ثم تجني قوة تتمثل في الصور التي تستقبلها من البيئة الخارجية المحيطة بها.
فالتفكير بين الطاقة والقوة الأولية التي يبدأ فيها التكوين، والصور المتنوعة تنظم الخدمة التفكير. ويمتص الطفل صوره الأولى ويستوعبها لمساعدة العقل. حتى أنه يمكننا القول أن الطفل شغوف ومتلهف على هذه الصور. وكما سنعرف، فالطفل ينجذب - بقوة - إلى الضوء، الألوان. والأصوات، ويأخذها ببهجة عارمة. وكم نتمنى أن تتناول الظاهرة الداخلية. وهي عملية التفكير، بحسبانها حركة تلقائية. ومع هذا، فهي - هنا - مجرد بداية. من الواضح انه علينا احترام ومساعدة حالة الطفل النفسية. فالطفل يبدأ من لا شئ، ثم ينمي عقله، السمات والخصائص الشخصية الخاصة بالإنسان. وهو يبدأ من هذا المعبر، حتى قبل أن يتمكن من السير على
قدميه الصغيرتين.
إن هذا يمكن إيضاحه - بصورة أفضل - بمثال يبرز المعنى، أكثر من الشرح. إذ يمكنني رواية حالة خاصة لرضيع في الأسبوع الرابع من عمره، والذي لم يتواجد - إطلاقا - خارج المنزل الذي ولد فيه. ذات يوم كانت الممرضة تحمله على ذراعيها، حين رأى الطفل أبيه وعمه معا ) والأخير كان يعيش بينهم في المنزل نفسه. وكان الرجلان - تقريبا - في الطول والعمر ذاتها. وأبدى الطفل دهشة، ثم خوفا من رؤية الرجلين. وقد كانا مطلعين على ما نقوم به، ويشيعون الهدوء لإزالة خوف الطفل. وقد افترقا مع استمرار الرضيع في التحديق فيهما. أحدهما اتجه يمينا والآخر يسارا. استدار الطفل ناظرا إلى أحدهما، وبعد التطلع إليه لبرهة - وبقصدية - استرسل مبتسما.
وفجأة، بدا قلقا متوترا. وبسرعة، أدار رأسه بسرعة لينظر للآخر. ولم
يبتسم له إلا بعد مضي بعض الوقت. لقد كرر هذه الافعال اثنتي عشر مرة، يدير رأسه من جانب إلى آخر. وكان يظهر إشارات واضحة تدل على انشغاله قبل ان يصل إلى إدراك ان هناك - حقيقة - فردان او شخصان. إنها الرجلان الوحيدان اللذان راهما الطفل. وكان كلاهما يلعب معه، في مناسبات مختلفة. يأخذانه بين ذراعيها ويحدثانه ويضحكان معه. ولقد أدرك الطفل أن هناك كائنا مختلفا عن أمه، أو الممرضة، أو أي من السيدات العاملات بالمنزل. لكنه - فقط - لم ير رجلين معا. وعليه أن يستنتج - بوضوح - أن هناك رجلا واحدا فقط. ثم وجد نفسه - فجأة - يواجه باثنين معا، فاصبح مذعورا.
وسط هذا التشوش الذي يحيط به، قام بعزل أو تنحية رجل من الإثنين. ثم حدث أن واجهه الآخر، فاكتشف خطأه الأول. ففي عمر مبكر جدا - أربعة أسابيع - أدرك القابلية للخطأ لدى العقل البشري، كما كان يناضل ويجاهد في عملية التجسيد.
وإذا لم يدرك الرجلان أو يعيا وجود حياة نفسية للطفل منذ لحظة ميلاده، لم يكن باستطاعتهما أن يساعداه في عملية اكتساب التنبه والتيقظ والوعي.
يمكن أيضا أن نسوق نسوق أمثلة من تجارب وخبرات الأطفال الأكبر عمرا. طفل الستة أشهر جالسا . كان . على الارض يلعب بوسادة.. وكان غطاؤها مزينا بصور الزهور والأطفال. والطفل يشم الزهور ويُقبل الأطفال ببهجة واضحة. ولم تكن الخادمة موثوقا بها في رعايته، فهي - بالكاد - مؤهلة.
لذا، اعتقدت أن الطفل سيكون مبتهجا مسروراً إذا ما اشتم وقبل - بالمثل - أشياء أخرى. وعليه، فقد اجتهدت في إحضار أشياء أخري له وهي تقول : «شم هذه ! قبل هذا!». لكن النتيجة كانت أن عقل الطفل أصبح مشوشا، فهذا العقل كان يمر بعملية ترتيب وتنظيم نفسه، عن طريق إدراك الصور وتخزينها في ذاكرته. لذلك كان يبدو سعينا ومطمئنا وهو يحمل على عاتقه تكوين بنيته الداخلية. لقد تم تخريب جهوده الغامضة لتحقيق التناغم الداخلي. والسبب في ذلك، هذه الكبيرة (الخادمة) التي لم تدرك - بل أخفقت في إدراك - ما كان يحدث.
ويستطيع الكبار أن يعيقوا هذا الكدح الداخلي، عندما يفسدون - ببداءة - ردود الانعكاس لدى الطفل، أو عندما يحاولون صرف انتباهه. فيأخذون يد الطفل الرقيقة ويقبلونها، أو عندما يحاولون معه أن يذهب لينام، دون الأخذ في الاعتبار، نموه النفسي الخاص، ومن خلال جملهم وبسببه، يستطيع الكبار كبح رغبات الطفل الأولية.
من ناحية أخرى، فمن الضروري جدا، أن يستوعب الطفل جميع الصور التي يستقبها، وبكل وضوحها. وأن يختزن في عقله هو، كل العلامات الفارقة التي برزت له أثناء تلك العملية.
لقد تم إجراء تجربة مثيرة - بواسطة طبيب أطفال متخصص - حول إشباع الرضع. وقادته خبرته إلى محصلة مؤداها أن العوامل الفردية لابد من أخذها في الحسبان، عند إشباع الاطفال. وقد وجد أنه لا بديل عن لبن الأم يمكن أن يقدم الجميع الأطفال ( على الأقل حتى يصلوا إلى عمر محدد). نظرا لان ما قد يصلح لطفل، يمكن الا يكون كذلك بالنسبة لاخر. وكانت إجراءاته قد اثبتت نتائج رائعة مع اطفال الستة شهور. لكن بعد ذلك بدا الأطفال في التراجع. وكان هذا مريكا ومحيراً، نظرا لأن إشباعهم - بالرضاعة الصناعية - في هذا العمل كان أسهل بكثير، ورنما في عمر أقل. وداخل العبادة كان الطبيب يقدم الخدمات والأدوية مجانا للأممات الفقيرات غير القادرات على رعاية أطفالهن، ممن يأتين إليه طلبا للنصيحة ثم كيفية إشباع (إرضاع) أطفالهن.
لكن هؤلاء الأطفال ذوي الآباء الفقراء، لم يظهروا أي أعراض مزعجة بعد الأشهر الستة، مثل هؤلاء الذين بقوا في العيادة. وبعد الملاحظات المتكررة، توصل البروفيسور إلى محصلة مؤداها أنه لابد من وجود عوامل نفسية خلف هذه الظاهرة. وبدأ يرى أن هؤلاء الأطفال المقيمين - ممن هم فوق الشهور الستة - يعانون من سأم وضجر يعود إلى نقص التغذية النفسية». وحينما وفر وهياً لهم اللهو والتسلية باصطحابهم في نزهات خارج العيادة، ولأماكن جديدة رآها الاطفال لأول مرة، استعادوا صحتهم.
لقد خلصت تجارب عديدة إلى نتائج أوضحت أن الأطفال - في عامهم الأول - يستقبلون تلك الانطباعات عن محيطهم الذي يمكنهم إدراكه، من خلال الصور. وربما هناك ملحوظة أبعد من ذلك، أن تلك الانطباعات بمجرد حدوثها، تفقدهم اهتمامهم بالحياة، إلى أن يتجدد غيرها ... وهكذا .
ومن بداية عامه الثاني، لا يصبح الطفل مأخوذا ومنبهرا بالأشياء المبهرجة والألوان البراقة، للدرجة التي تنتقل معها البهجة إلى خصائص المراحل الحساسة. لكنه يبدأ الاهتمام بالأشياء الدقيقة التي تغيب عن ملاحظتنا، وربما يمكننا القول أنه يهتم ويستثار بما هو غير مرتي، أو - على الأقل - بما يوجد في أطراف الوعي.
وقد لاحظت هذه ا الحساسية - لأول . خمسة عشر شهرًا. سمعت ضحكتها تأتي . مرة - في طفلة صغيرة يبلغ عمرها من داخل الحديقة، وهو أمر غير اعتيادي من طفلة صغيرة كهذه. لقد ذهبت - بمفردها - وكانت تجلس فوق كتلة مستطيلة مضغوطة بداخل الحديقة. وبالجوار، كان هناك سرير رائع لونه أحمر قان، يزهر احمراره ويزيده بريقا أشعة الشمس. لكن الطفلة لم تكن تنظر إلى كل ذلك. لقد وضعت عينها - تماما - على الأرض، حيث لم ييد شيئًا يمكن رؤيته. لقد وقعت أسيرة إحدى هؤلاء الأطفال ممن يمكنهم إرباكنا، ذهبت إليها - ببطء - ونظرت بتمعن إلى هذا المستطيل دون أن أتمكن من العثور على شئ خاص أو ملفت للانتباه. وما لبثت الطفلة أن شرحت لي في لهجة واثقة: «شئ صغير يتحرك هناك». وبمساعدة هذه الإشارة رأيت حشرة صغيرة ميكروسكوبية لها لون المستطيل نفسه. تجري بسرعة فائقة. ما أعظم الدهشة التي أثارتها حقيقة وجود كائن حي بهذا الصغر يمكن السير، بل والجري أيضًا. حتى بهذا الصغر يمكن السير. بل والجري أيضًا. لقد كانت الطفلة الصغيرة سعيدة ومندهشة في آن معا. وقد خرجت هذه المشاعر في صيحتها المبتهجة. صيحة أعلى من المعتاد الطفلة صغيرة كهذه. والبهجة لم يكن مصدرها الشمس، ولا الزهور، ولا ألوانها الزاهية !
وبطريقة مشابهة، أذهلني طفل في العمر ذاته تقريبا. فقد وضعت أمه - له - مجموعة ضخمة من الكروت الملونة ليلعب بها. بدا الطفل سعيداً وحمل إلى تلك المجموعة، وبكلامه الطفلي، قال لي: «بام - بام» ومعناها وتوموبيل». وأدركت أنه أراد أن يجعلني أشاهد صورة «سيارة». كان معه مجموعة كبيرة وجميلة ومتنوعة من الصور. وكان واضحا أن أمه قد جمعتها بغرض إسعاده، وتشكل مهاراته في الوقت ذاته.
أما الصور، فكانت : حيوانات غريبة مثل الدببة، الأسود، القرود .. الح. وهناك صور أخرى لطيور وحيوانات أليفة مما قد يسعد الطفل: أغنام، قطط، حمير، خيول، وأبقار. ومازال هناك بورتريهات لبيوت، وحيوانات، وكائنات حية. لكن المثير للغرابة، أن كل هذه المجموعة، لم يكن بينها صورا - أو حتى صورة واحدة - السيارة. قلت للطفل: «لم أر أية سيارة». نظر إلي ملتقطا كارت، ثم قال بانتصار: «ها هي هنا!». في وسط الصورة يمكن رؤية كلب صيد، وفي ركن من الصورة يمكن رؤية خط قد يكون طريق، وفي هذا الطريق يمكن رؤية بقعة صغيرة سوداء. أشار إليها الطفل بأصبعه وقال: «بام - بام». وفي الحقيقة، ورغم كونها صغيرة لدرجة - غالبا - لا يمكن رؤيتها ، استطعت رؤية النقطة الصغيرة وكنت تصرفت كاني لا أبالي. قلبت الصفحات وبدأت النظر في صورة أخرى. فجأة قال الطفل: «إنه نائم». مع هذا اللغز الطفلي المحير، سألت : «من النائم؟». أجاب الطفل بجدية: «يسوع ... يسوع نائم». وأوما إلي
بإشارة لاعيد الصفحة حتى أرى بنفسي.
نظرت إلى الصورة مرة أخرى، ورأيت أنها تقدم المسيح ينظر لأسفل. وتحته الاطفال وعيناه - بالتالي - كانت كالمغمضة، مثل شخص كان ناتما. لقد انجذب انتباه الطفل إلى تفاصيل ما كان ليلحظها الكبير.
واصلت شرحي للصور، وتوقفت أمام تلك التي تقدم (تعبر عن) تجلي يسوع. قلت : «انظر .. بعث يسوع إلى الأرض، والناس خائفون، أنظر كيف يحرك الولد عينيه، وكيف تمد المرأة ذراعيها ؟». وأدركت كم كنت غير موفقة في اختيار الصورة المناسبة، وكيف أن الشرح لم يكن ملائما لطفل. لكني شغفت بتحققي من الاختلاف من رد فعل طفل صغير، وآخر كبير حيال هذه الصورة المعقدة. وقد أعطى انطباعا ضئيلا كانه يقول : «حسنا، لكن استمري في تقليب الصفحات وتغييرها». ولم يبد وجهه الصغير أيا مما يدل على اهتمام.
بدأت في تقليب الصفحات مرة ثانية، ورأيته يشب برأسه ويمد رقبته في هيئة ارنب. بعد ذلك قال «باني .. إنه في حيرة بسبب شئ صغير .. ثم فجأة، عاد الطفل يحركني كي أعيد الصفحات السابقة. فعلت ذلك، ولاحظت أن هناك - فعلا - أرنب صغير موضوعا على جانب صورة «التجلي». من كان سيلاحظها ؟. واضح أن الصغار والكبار في وضعين مختلفين من ناحية الرؤية العقلية الخارجية. لكن سؤال الكم أو درجة الاختلاف، ليس سهلا.
بناءً على ذلك، فجهد الكبار لملاحظة الأشياء العادية (في عمر ثلاث أو أربع سنوات) يبدو كأنهم لم يروا شيئا قبل ذلك. لكن، لابد أن تأخذ
هذا التأثير ذاته، حين يصرخ طفل الطفل آخر . أصم. وبعد القيام يجهد . عظيم كي ظنا منه أن أن الأخير لاخير طفل : «لكني يسمعه، يسمع المعارض قائلا :
لست أصما تماما !..
لقد اطمئن الكبار إلى كون الصغار حساسين - فقط - للأشياء المبهجة. الألوان البراقة، والأصوات العالية، وتعودوا أن يوفروها للأطفال بحسبانها كل ما يشد انتباههم. وكلنا لاحظنا كيف ينجذب الأطفال للأغاني، ولصوت الأجراس، ولتأرجح الأعلام في الربح، وللاضواء اللامعة البراقة .. وهكذا . لكن هذا الانجذاب العنيف، انجذاب خارجي ومؤقت، ويمكن أن يكون تسلية ولهوا، أكثر من كونه نعمة أو هبة. وعلينا أن نجري مقارنة مع أسلوبنا في التصرف. إذا كنا مستغرقين في قراءة كتاب شيق، وفجأة سمعنا صوت فرقة موسيقية تمر بجوار الشارع، فسوف ننهض ونمضي إلى النافذة لنرى ما يحدث. إذا ما رأينا أحدا يفعل هذا، فمن الصعب أن نخلص إلى أن الإنسان ينجذب بشكل خاص إلى الاصوات المرتفعة. ومنذلك، نستنتج هذا بالنسبة للاطفال الصغار.
الحقيقة بأن المثير الخارجي القوي، يخطف انتباه الطفل، هي - تقريبا - موقف عرضي طارئ، وليست حقيقة ثانية علميا. إذ ليس لذلك علاقة
حقيقية بالحياة الداخلية للطفل المسئول عن نموه. ويمكننا أن نعي برهان ودليل حياة الطفل الداخلية، في الطريقة التي يستغرق بها تفكيره - كلية -في أشياء دقيقة وصغيرة جدا، مما لا يشغلنا نحن.. . لكن .. من ينجذب لاصغر الاشياء ويركز انتباهه عليها بهذه الدرجة، ليس لأنها تركت لديه إنطباعًا مدهشا، لكن - ببساطة - لأن استغراقه فيها، انطباع عن حبه للفهم.
بالنسبة للكبار، فإن عقل الطفل لغز لا يمكن سبر أغواره أو فهمه. إنه أمر مربك ومحير لهم. فهم يحكمون عليه من خلال تجلياته الخارجية وما يبديه أمامهم، أكثر مما لديه من طاقات نفسية داخلية، علينا أن نحاول فهم أن هناك سبب يدرك بالعقل فقط، وهو ما وراء نشاطات الطفل. إنه لا يفعل شيئًا دون سبب ما، محرك ماء من السهل القول أن كل رد فعل طفلي لا يتخطى كونه نزوة أو طيشا، لكن هذه النزوة هي شئ أكثر من ذلك. إنها مشكلة لابد من حلها، ولغز لابد من إجابة له. ربما يصعب - في بعض الاوقات - العثور على الإجابة، لكن البحث عنها يمكن أن يتحول إلى متعة لا حدود لها. وإذا ما عثر الكبير على إجابة هذه الألغاز، فلابد له من تبني اتجاه جديد نحو الطفل. وان يعمق إحساسه بالمسئولية تجاهه. عليه أن يصبح دارسا، أكثر . محركا بلا تفكير، أو قاض مستبد. عليه د منه
هنا، أستطيع أن أعيد مناقشة سيدات حول كتب الأطفال. كانت إحدى الأمهات الشابات تقول : «هناك بعض كتب». وهي أم لابن صغير عمره حوالي ثمانية عشر شهرًا، وكان بصحبتها. ثم أضافت: «إن معي أحد هذه الكتب، وهو كتاب سخيف ملئ بالصور الغريبة .. إنه «سامبو الأسود الصغير». و سامبو » هو ولد زنجي صغير، تلقى هدايا متنوعة من والديه في عيد ميلاده منها : قبعة حذاء جوارب، وكنزة صوفية براقة اللون. وبينما يعد والداه وجبة عشاء شهي احتفالا بعيد ميلاده، رغب «سامبو» في التباهي بثيابه الجديدة، فغادر البيت دون أن يلحظه أحد. وفي الطريق التقى كثيراً من الحيوانات البرية. وحتى يأمن شرورهم، كان عليه أن يعطي شيئا لكل منهم. أعطى القبعة للزرافة، وحذاءه للهيب وهكذا. وأخيراً عاد إلى البيت عار وباكيا، لكن القصة تنتهي نهاية سعيدة. فو الداء يسامحانه، ويقدمان له عشاة شهيا، كما يمكنكم أن تقرأوا في الصفحة
الاخيرة من الكتاب».
ودارت السيدة بالكتاب حول الأخريات لرؤيته. لكن الصغير صالح فجأة: «لا - لولا». ودهش الجميع. إذ ما الذي يحاول الصغير قوله وهو
مازال يردد: «لا - لولا»؟.
قالت أمه: «لولا هو اسم المربية التي تولت رعايته لبضعة أيام .. لكن بعد قليل بدأ ابنها الصغير في البكاء، «لولا»، وبصوت أعلى، حتى بدا وكانه يدخل في نوبة صراخ. أخيراً، قدمنا له الكتاب ليشاهده، وأشار إلى الصورة الأخيرة. لم تكن بداخل نص القصة، لكن على أحد جانبي الغلاف وتصور الطفل الزنجي المسكين وهو يبكي. بعدها فهمنا ماذا يعني بـ «لولا». إنها طريقته في نطق الاسبانية للوراء»، ومعناها «أنه يبكي . L
والطفل كان محقا. فهذا الغلاف يظهر «سامبو» باكيا، ولا يبدو هناك منظرا سعيدا. ولم يلفت ذلك انتباه أحد. لقد كان اعتراض الطفل منطقيا
حين استمع إلى امه وهي تقول: «كل شئ انتهى بسعادة».
واضح أن الطفل قد نظر - بإمعان - إلى الكتاب مما لم تلحظه أمه. ورأي في النهاية صورة سامبو» وهو يبكي. وظلت تلك هي ملاحظته، ولم يتمكن - بعدها - من متابعة حديث السيدات حول قدرته على التحديد
الدقيق اللافت للنظر.
إن الشخصية النفسية للطفل مختلفة تماما عما نحن عليه. وهو اختلاف نوعي وليس كميا سهل تحديده. فالطفل الذي يتعلق بأدق التفصيلات وأصغرها، ينظر إلينا بدرجة محددة من الازدراء، طالما لم يع التكوين العقلي الذي أصبحنا عليه الآن. تبعا لذلك، سينظر إلينا ككائن عاجر - بصورة أو بأخرى - كافراد لا يجيدون الرؤية. فمن وجهة نظر الطفل، نحن لسنا مكتملين تماما. إنه ينظر إلينا كمتماثلين أغبياء، طالما لسنا شغوفين بالتفاصيل الصغيرة. فإذا تمكن الطفل من التعبير عن نفسه، فسوف يخبرنا - حتما - إنه وفي أعماقه، لا يثق فينا. تماما مثلما لا يحظى منا إلا بثقة قليلة فيه، حيث تتفرق أساليب وطرق تفكيرنا ليصبح كل منها غريبا عن الآخر .. وهذا يفسر لماذا يخفق كل من الصغير الطفل، والكبير البالغ، في فهم كل منهما للآخر.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
هذه العوامل لا تعمل بمعزل عن بعضها، بل تتفاعل لتزيد من الخطر. مثال: طفل يعيش في بيئة فقيرة (عامل اقت...
قال الخبير النفطي والاقتصادي الدكتور علي المسبحي ان الحديث عن التعافي الاقتصادي وعمليات الإصلاح لا ي...
The only comment is that the time of the doctor's availability is up to 430, 5 o'clock only However...
The only comment is that the time of the doctor's availability is up to 430, 5 o'clock only However...
They are serving a very dry steamed chicken breast and not tasty and the fish the should provide th...
A loop of wire that forms a circuit crosses a magnetic field. When the wire is stationary or moved p...
تعد مهارة التواصل من المهارات المهمة التي يعتمد عليها الإنسان، سواء على الصعيد المهني او الشخصي. كما...
The doctor is very brilliant . She told us how to control the sugar , gave advices to my son and tol...
تعتبر وفيات الأطفال واعتلال صحتهم من القضايا الصحية العاجلة التي تتطلب فهمًا عميقًا للعوامل المتعددة...
القطاع الزراعي يعتبر القطاع الزراعي بشقيه الحيواني و النباتي من أهم القطاعات في السودان حيث يضم 80...
يبدو أن نهاية حقبة نتنياهو قد اقتربت فعلا هذه المرة. إدارة ترامب تعتقد أن الضربات الأخيرة على إيران ...
تؤثر الألعاب الإلكترونية بشكل سلبي على المراهقين، خاصة في حال استخدامها بشكل مفرط أو عند اختيار ألعا...